-->

مجموعة قصصية جديدة طغاة التاريخ لسمر إبراهيم - الفصل 17 ليوبولد الثاني ملك بلجيكا - الثلاثاء 12/8/2025

 

قراءة المجموعة القصصية طغاة التاريخ كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


المجموعة القصصية طغاة التاريخ

 مجموعة قصصية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سمر إبراهيم 


الفصل السابع عشر

ليوبولد الثاني

ملك بلجيكا


تم النشر الثلاثاء 

12/8/2025


هنتكلم المرادي عن واحد من أعتى طغاة التاريخ وهو من أكثر الحكام سيكو باتية وقسوة على مر التاريخ.


الملك "ليوبولد الثاني" ملك بلجيكا.


قام ليوبولد الثاني بعمل مجازر بشعة  ولو فى كلمة أبشع من المجازر كمان فهو عملها قتل أكثر من ١٠ مليون واحد في الكونغو الديمقراطية  لدرجة أنهم أطلقوا عليه لقب "هتلر أفريقيا" من كثرة المذابح التي  قام بها  هناك.


اسمه "ليوبولد لويس فيليب ماري فيكتور"


والده كان الملك ليوبولد الأول أول ملك لبلجيكا.


ولد يوم ٩ أبريل ١٨٣٥م في مدينة بروكسل.



عام  ١٨٤٦م وبعد بلوغه الحادية عشر من عمره أعطى له والده لقب "دوق براباند" وبدأ خدمته في الجيش البلجيكي، وفي ١٨٥٣م تزوج من  "ماريا هينريتا" ابنة الأرشيدوق النمساوي.


في شهر ديسمبر من عام ١٨٦٥م توفي والده وتولى هو حكم بلجيكا  وكان عمره وقتئذ ثلاثون عامًا. 



كان هناك مشاكل كتيرة تواجهه في بداية حكمه مثل الصراع الذي كان دائرًا بين الليبراليين والكاثوليك فكان كل حزب يريد أن  يأخد الأغلبية ويتحكم هو في سياسة البلاد.


لكن ليوبولد لم يكن ليعير ذلك كله أي اهتمام فلقد كان اهتمامه الأساسى منصب على الجيش كان يريد تكوين جيش قوي تخشاه كل البلدان من حوله خاصة بعد نشوب  الحرب بين فرنسا وألمانيا عام ١٨٧٠م و ١٨٧١م.


بسبب موقع بلجيكا كجارة للدولتين كان من الممكن أن تُجَر أرجل ليوبولد للحرب دون أن يشعر خاصة إذا أخذ جانب إحدى البلدين ولكنه كان من الذكاء الذي مكنه من الوقوف على الحياد ولم ينحاز لأي منهما.


ظل الأمر يشغل تفكيره حتى بعد انتهاء الحرب فقام بإرغام البرلمان على الموافقة على تعمير بلدتين على الحدود وهما "لياج، ونامور" من أجل تأمين حدوده كما أنه اصدر قانون التجنيد الإجباري عام ١٨٨٧م ليضمن زيادة عدد الجيش.



عام ١٨٨٤م تجمعت الدول الأوروبية  وقرروا تقسيم  قارة أفريقيا فيما بينهم وكل دولة تأخذ جزء فكانوا يطلقون على القارة الإفريقية لقب "الكعكة الإفريقية" وقرروا الاستفادة بخيرات القارة لأقصى درجة.



تجمع ملوك ورؤساء الدول الأوروبية في مؤتمر في مدينة برلين أطلقوا عليه اسم "مؤتمر برلين" وبدأوا بتقسيم القارة الإفريقية الى مستعمرات وهي العملية التي أصبحت لاحقاً تعرف باسم "التسابق على أفريقيا" على وعد بالقيام بمهمة إنسانية وخيرية من شأنها تحسين حياة الأفارقة.




وكان من نصيب ليوبولد الثاني دولة الكونغو  المعروفة حاليا بإسم دولة "الكونغو الديمقراطية" والتي أطلقوا عليها في ذلك الوقت اسم  دولة "الكونغو الحرة" 


عام ١٨٨٥م قاموا بوضع البلاد التي كانت تبلغ مساحتها في ذلك الوقت مليوني كيلو متر مربع اي أن مساحتها أضعاف مساحة بلجيكا بأكثر من ثمانين مرة تحت نفوذ ليوبولد الثانى لاقامته مستعمرة شخصية له بها حيث كان حراً في فعل ما يحلو له فيها. 


بدأ ليوبولد حكم الكونغو بسياسة المهادنة والتودد فأخذ يتودد للشعب الكونغولي ويوصل إليهم رسالة أنه جاء لتعميرها ليس إلا.


عمل جمعيات خيرية لجمع تبرعات لتعمير البلاد وأرسل بعثات تبشيرية لنشر الدين المسيحي بها وعمل منظمات علمية وخيرية لتطوير القارة الإفريقية.


أنشأ مجموعة من الجمعيات، مثل  الجمعية الإفريقية العالمية، ولجنة دراسة الكونغو العليا، والرابطة الدولية بالكونغو.


هذه الجمعيات  كان هدفها الأول  جمع التبرعات وجذب رؤوس الأموال  ليقوم بتطوير البنية التحتية في   الكونغو والبلاد المجاورة لها.



لكن ما حدث في الحقيقة عكس ذلك تماما كان حكم ليوبولد على الكونغو وبالًا عليها بكل مما تحمله الكلمة من معنى.


نصب ليوبولد نفسه ملك العبيد الأوحد بلا منازع وظل يستنزف موارد البلاد لمدة ثلاثون عامًا  وبدلًا من أن تصبح الكونغو مستعمرة تابعة لحكومة أوروبية مثل  جنوب أفريقيا على سبيل المثال جعلها مستعمرة خاصة به هو يفعل بخيراتها وشعبها ما يشاء فقرر امتصاص دماء شعبها ونهب خيراتها لآخر قطرة.


عين مرتزقة أطلق عليهم اسم  "القوى العامة" كان معظمهم من الكونغوليين ويعملون تحت اشراف البلجيكيين.


كان هؤلاء المرتزقة يقومون بهجمات على المدن والقرى الكونغولية ويأخذون النساء والأطفال رهائن لإرغام رجالها على الذهاب إلى الغابات لجمع عصارة المطاط ومن يرفض تلك الأوامر أو يقصر في عمله يلقى كل ألوان العذاب.


كان لكل عامل حصة معينة من المطاط لابد له من تحصيلها ومن يقل عن الحصة المخصصة له يلقى كل ألوان العذاب فهناك من يجلد بالسياط حتى الموت، وهناك من يقطع طرف من أطرافه يد أو قدم، ومنهم من يتم تشويه أعضائه التناسلية، أو تغتصب زوجته أمام عينية ويقتل أطفاله.


كانت توجد صورة لشخص يجلس وينظر أمامه على يد وقدم طفلته البالغة من العمر خمس سنوات المقطوعتان والملقاة أمامه وذلك لفشله في تحقيق الحصة الخاصة به.



كانوا ياخذون الرجال للسخرة ويتركون النساء والشيوخ والأطفال دون طعام أو شراب ليموتوا جوعا وذلك لعدم فائدتهم بالنسبة للمستعمر.


كل ذلك بالإضافة إلى تفشي الأوبئة في البلاد لعدم توفر الرعاية الصحية والتي راح ضحيتها الملايين وكانت هذه الأوبئة مثل مرض  السل، والجُدري، وأمراض الرئة وغيرهم من الأمراض.


يقال  أن ما بين عامي ١٨٨٥م و ١٩٠٨م وصل عدد المتوفين في الكونغو حوالى ١٠ مليون مواطن هذا  غير عدد مماثل لهم حدثت لهم عاهات كقطع الأيدي والأرجل الذي وصل لدرجة أن أطلقوا على البلاد اسم "أرض مقطوعي الأيدي" نظرا لكثرة أعداد الناس التي قطعت أيديهم على أيدي البلجيك.


قام ليوبولد بعمل متحف فى ساحة قصره في "ترفورين"  أطلق عليه اسم "متحف أفريقيا" كان هذا المتحف عبارة عن حديقة حيوانات بشرية تم عرض فيها أكثر من ٢٦٧ كونغولياً وكأنهم حيوانات أليفة وضعوا فقط من أجل تسلية جلالة الملك.


هذا بالإضافة لمئات الأطفال الذين تم خطفهم وبيعهم في أسواق العبيد في أوروبا والنساء اللائي تم اغتصابهم وعند حملهن كانوا يأخذون الأطفال عنوة ويعرضونهم للتبني.


فى بداية تسعينيات القرن التاسع عشر بدأ الناس في أوروبا وأمريكا يتحدثون عما يحدث في الكونغو حتى الدول الإستعمارية الأخرى استنكرت ما يحدث هناك من أفعال شيطانية لا تمت للإنسانية بصلة.


قامت هذه الدول بعمل ضجة كبيرة لفضح ما يحدث هناك وإن كان معظمهم فعلوا ذلك ليس لحماية شعب الكونغو المسكين وإنما لأنهم كانوا من الدول المنتجة للمطاط ويوجد منافسة بينهم وبين بلجيكا على تلك الصناعة وإذا انقطع المورد الرئيسي لبلجيكا من المطاط سيتغلبون عليها ويحتكرون هم الأسواق.



بدأت  مجموعة من الصحافيين البريطانيين والأميركيين يكتبون عن معاناة شعب الكونغو وينشرون المقالات في الصحف العالمية الكبيرة.


مع بداية عام ١٩٠٤م كان العالم كله يتحدث عن المجازر الوحشية التي تحدث فى الكونغو والعالم كله كان ثائرًا على ليوبولد خصوصا بعد صدور تقرير "كيسمنت" والذي قدمه الدبلوماسي البريطاني "روجر كيسمنت" الذي أكد فيه على الوضع المأساوي لشعب الكونغو والفظائع التي ارتكبها  المرتزقة البلجيكية هناك.


عام ١٩٠٨م  وأمام الضغط والإنتقادات القائمة قررت الحكومة البلجيكية سحب النفوذ على الكونغو من  ليوبولد وجعلتها مستعمرة تابعة لها وحدث هذا بعد تصويت البرلمان البلجيكي على هذا القرار مما  أعطى لدولة الكونغو بعض الحقوق والتي كانت تزيد مع الوقت إلى أن حصلت الكونغو على الإستقلال النهائي في الستينات من القرن العشرين وتحولت لجمهورية الكونغو الديمقراطية  الموجودة حاليًا.


في يوم ١٧ ديسمبر ١٩٠٩م توفي ليوبولد الثاني وبسبب وفاة ابنه الوحيد في حياته خلفه  على العرش ابن شقيقه ألبير الأول.


جدير بالذكر أنه إلى الآن هناك دعوات تقام ضد الحكومة البلجيكية من أجل ما فعلوه في الكونغو وبيطالبون باعتذار عما حدث ويطالبون بتعويض مادي أيضا كما أنهم بيطالبون بإزالة تماثيل ليوبولد من كل ميادين بلجيكا.


وطبعا الأسرة الحاكمة تدافع عنه باستماتة ويقولون أنه لا ذنب له فيما كان يحدث في الكونغو فقال الأمير "لوران: الأخ الأصغر لملك بلجيكا "فيليب" مدافعًا عن جده قائلاً إن ليوبولد الثاني لم يكن مسؤولا عن الفظائع في المستعمرة السابقة "لأنه لم يذهب إلى الكونغو ابداً" وكل ما حدث كان من وراء ظهره.


ولسنوات عديدة، كان ليوبولد الثاني محط تقدير لأنه حافظ على حياد بلجيكا في الحرب الفرنسية-البروسية عامي 1870-1871 ودشن الأشغال العامة المناسبة لدولة حديثة.


وفي عام 2010 وصف وزير الخارجية البلجيكي السابق لويس ميشيل ووالد رئيس الوزراء المستقبلي تشارلز ميشيل، ليوبولد بأنه كان:


"بطلاً صاحب طموحات لبلد صغير مثل بلجيكا".


وقال هيرفي هاسكوين، الرئيس السابق لجامعة "بروكسل الحرة"، في حوار تلفزيوني:


"ثمة جوانب إيجابية للاستعمار"


موضحاً أن بلجيكا هي من جلبت النظام الصحي والبنية التحتية والتعليم الابتدائي إلى وسط أفريقيا.

يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة سمر إبراهيم، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة