قراءة المجموعة القصصية طغاة التاريخ كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

هنتكلم النهاردة عن أكثر شخصية مثيرة للجدل في القرن العشرين شخص يجمع بين كل حاجة وعكسها  كان راهب، وداعر، ورع، وسكير، ناس قالت عليه أنه قديس، وناس تانية قالت عنه أنه تجسيد للشيطان على الأرض.

كان عنده قدرة على الشفاء وله رؤى مستقبلية وكان في نفس الوقت آلة جنس متنقلة ولا يترك بيوت الدعارة   انه "راسبوتين" يا سادة  أو الراهب الفاجر مثلما قال عنه بعض المؤرخين.

هذا الراجل  كان سبب من أسباب قيام الثورة في روسيا وإنهاء القيصرية إلى الأبد. 

اسمه بالكامل "غريغوري يافيموفيتش راسبوتين" وراسبوتين هو لقب تم إطلاقه عليه وهو في سن المراهقة معناه "الفاجر" بسبب علاقاته الجنسية الفاضحة

ولد راسبوتين يوم ٢١ يناير ١٨٦٩م في قرية صغيرة اسمها "بوكروفسكوي" تابعة لاقليم سيبيريا وكانت عائلته عائلة من الفلاحين فقيرة جدا.

كان راسبوتين جاهل أمي لا يعرف القراءة والكتابة ولكن كان النحس يلاحقه منذ نعومة أظافره.

عندما بلغ الحادية عشر من عمره  حدث حريق ضخم في بيته توفيت والدته على أثره  وبعد ذلك سقط هو وشقيقه في النهر وغرق شقيقه أما هو فدخل في غيبوبة وبعد إفاقته ادعى أنه أصبح يمتلك قدرات خارقة للطبيعة يستطيع من خلالها  أن يرى المستقبل، ويشفي المرضى، إذ كان باستطاعته مثلا أن يبرئ حصانا بمجرد لمسه، ويعلم السارق اذا حدث سرقة.

بعد ذلك توفيت شقيقته هي الأخرى بالإلتهاب الرئوي.

وهو فى سن المراهقة بدأ في رحلته مع السكر والمجون والإقامة في بيوت الدعارة مما دفع والده أن يزوجه وهو فى سن صغير وكان عنده عادة سيئة أخرى فلقد كان يهوى سرقة الخيول.

تزوج راسبوتين وأنجب أربعة أولاد لكن وهو عنده ثلاثون عاما  تم اتهامه بسرقة حصان فقرر أن يهرب  وفعلا ترك زوجته وأولاده وهرب برا البلد وهذه هي نقطة التحول الأولى في حياته.

ذهب راسبوتين  ليتخفى داخل دير من الأديرة وتعلم الرهبنة هناك ومع تأثره بتجاربه الروحانية رحل راسبوتين عن الدير ليصبح مسافرا جوالا في أنحاء روسيا وخارجها، وخلال هذه الرحلات لم يغتسل أو يبدل ملابسة لفترات بلغت عدة أشهر وكان يرتدي قيودا حديدية زادت من المعاناة، وقد شملت هذه الرحلات الدينية الشاقة رحلة إلى جبل آثوس في اليونان وساعدته على اكتساب أنصار ذوي نفوذ مثل «هيرموجن، أسقف ساراتوي».

بعد ذلك انضم لطائفة  دينية متطرفة تدعى "خاليستي" ومعناها "الجلادون" وكانت هذه الطائفة لها فكر غريب يتلخص في ان الإنسان  ليتقرب من الله لابد أن يرتكب اثم عظيم وبعد ذلك يتوب منه فربنا يغفر له.

كانت هذه الطائفة تقوم بعمل حفلات في الغابات وكان هذه الحفلات عبارة عن مجون محض جنس جماعي، ممارسات سادية، جلد وتعذيب، سكر، وعربدة، كل ما هو موجود من الموبقات كانوا يفعلوها ثم بعد ذلك يعلنون توبتهم.

في عام ١٩٠٣م ذهب ليقيم في "سانت بطرسبورغ" ولمع نجمه هناك واشتهر بعلاج الأمراض المستعصية وزادت شهرته وسط النبلاء والطبقة الراقية الذين كانوا بيؤمنون بالسحر والشعوذة وهناك تعرف على راهب ديني هو المسؤول عن اعتراف الإمبراطورة   الروسية "اليكسندرا فيودوروفونا" زوجة قيصر روسيا "نيقولاى الثاني"  وكانت الإمبراطورة تؤمن جدا بالسحر والقوى الخارقة وكان ابنها ولي العهد "أليكسيس نيكوليافبتش" يعاني من مرض مزمن يدعى "الناعور، أو الهيموفيليا" ألا وهو سيولة الدم والذي كان مرض خطير جدا وليس له علاج في ذلك الوقت.

ولقد ورث الأمير هذا المرض عن أمه حفيدة فيكتوريا ملكة بريطانيا العظمى، فلقد كان هذا الأرض منتسر جدا في عائلتها فهو المرض الذي مات به من قبل أخ الملكة واثنان من أبناء الأخوة وخالها، يبدأ بنزيف تحت الجلد ثم يظهر ورم يتصلب يتبعه شلل مصحوبا بآلام شديدة، 

كان ولي العهد معرض للموت في أي لحظة وهذا هو سبب معرفة الأسرة الحاكمة براسبوتين ذهب  لكي يقوم بعلاج  الأمير  وبالفعل استطاع أن  يعالجه بصورة مؤقتة ويوقف النزيف وهذا جعل الامبراطورة تنبهر به ويثير إعجابها حتى أصبح مستشارها الشخصي المؤتمن على أسرارها، يزورها في القصر في موعد أسبوعي محدد

في الغالب استطاع ان يوقف النزيف باستخدام التنويم المغناطيسي حيث أنه استطاع أن  يبطئ النبض ويقلل تدفق الدم ودورانه في الجسم. 

سجل القيصر نيقولا الثاني في مذكراته اللقاء الأول براسبوتين في 14 نوفمبر عام 1905م قائلاً: 

«تعرفنا على غريغوري، رجل الرب، من أبراشية توبولساك»، 

من هنا بدأ نفوذ راسبوتين في القصر الإمبراطوري فكان له الكلمة العليا في القصر ولا يستطيع أحد رفض طلب له وكان القيصر نيقولاى الثاني وزوجته يقدسونه جدا ويقومون بتلبية  كل رغباته.

استغل راسبوتين ثقة الإمبراطور والإمبراطورة به وقام بعمل علاقات مع معظم النساء في القصر ومعظم زوجات رجال الدولة كان يستطيع بسهولة شديدة السيطرة عليهن فيقعن له في وقت قليل كيف كان يفعل ذلك لا احد يعلم.

حتى الإمبراطورة نفسها خرجت إشاعات كتيرة جددا تقول  أنها كانت على علاقة غير شرعية معه لكن لا يوجد أحد أكد تلك الشائعة.

  كل ذلك بالإضافة  لزياراته شبه الدائمة لبيوت الدعارة وحفلات السكر والعربدة والجنس الجماعي.

وبذيوع شهرة راسبوتين نجح في جذب المزيد من الأنظار من جميع الطوائف الاجتماعية، وقد تطوع هؤلاء البلهاء كما كان يطلق عليهم «لارتكاب الخطيئة من أجل التطهر من آثامهم» مع رجل بدوا عاجزين أمام جاذبيته.

نفوذه هذا كان بمثابة تهديد كبير لرجال الدولة وبدأ التفكير من جانبهم في التخلص منه.

كان هناك اثنان من أنصار راسبوتين السابقين راهب يميني متعصب يدعى "ليودور" "وهيرموغين" أسقف ساراتوف، على اقتناع تام بأن راسبوتين ما هو إلا تجسيد للشيطان، أما ليودور فقد كان يدعو إلى تدخّل روسيا في حرب البلقان ضد المسلمين، وشنّ حملة لدى الكنيسة الروسية الأرثوذكسية كي يطرد راسبوتين ويحرمه من الرهبنة.

قدم ليودور دعاوي كثيرة حول تصرّفات جنسية فاحشة من جانب راسبوتين، وأشاع أن المدعي العام متعاطف مع راسبوتين. وطلب ليودور من المجمع الكنسي طرد راسبوتين، وإلاّ سيعتبر نفسه مطروداً. 

وفي عام 1911 م تم استدراجه إلى طابق سفلي حيث اتهماه باستخدام قوى الشيطان للقيام بمعجزاته وضرباه بصليب، وأبلغ راسبوتين الإمبراطورة بالواقعة وادعى أنهما حاولا قتله ومن ثم تم نفي الرجلين، وفي السابع والعشرين من يونيو عام 1914 م عاد راسبوتين إلى قريته في سيبريا. 

عاد ليودور إلى اسمه الأول سيرغي تروفانوف، ووضع رهن الاعتقال المنزلي في قريته جنوب روسيا، وجمع حوله بعض الأتباع المتعصّبين، وكذلك بعض النساء. 

في بداية عام 1913 تآمرت المجموعة لاستدراج راسبوتين إلى منزل في سانت بطرسبرغ تحت إغراء الجنس، حيث يمكن اغتياله، لكن راسبوتين شعر بالمؤامرة، ولم يأتِ في الموعد المحدد إلى ذلك البيت. 

وفي العام التالي 1914م وبينما كان في طريقه لإرسال ردّ لبرقية تلقاها رأى متسولة تعترض طريقه وتطلب منه نقوداً.

مدّ راسبوتين يده إلى جيبه، فأخرجت سكيناً، فهاجمته عاهرة سابقة مشوهة مجدوعة الأنف تدعى "شيونيا جاسيايا" بوحشية، دفعها ليودور لقتل راسبوتين، أصابت الطعنة المعدة، وتمكن راسبوتين من إعاقة المرأة، وسرعان ما تجمع الناس حول المتسولة وجذبوها إلى الوراء.

وبعدما طعنته بالسكين ظلت تصرخ وتقول:

- لقد قتلت الشيطان.

وقالت أنه جعلها تحترف الدعارة وأقنعها أن تعمل بها   وقالت أيضا أنها رأته وهو يغتصب راهبة من الراهبات وتم القبض عليها وقيل إنها مجنونة وتم إيداعها في مصحة عقلية.

  

استغرق الطبيب الجراح 6 ساعات كي يصل إلى راسبوتين المصاب حيث أجرى له عملية إسعافية دون نقله إلى المشفى.

رفض راسبوتين استخدام مادة مخدّرة.. لكنه أصيب بالشحوب الكامل مع بداية العمل الجراحي.

لم يتعاف راسبوتين بسرعة من هذه الإصابة، حيث عاش فترة عصيبة من الألم والمعاناة.

بعد إنقاذ راسبوتين من محاولة قتله وفي نفس العام دخلت روسيا الحرب العالمية الأولى وكان راسبوتين معارض جدا للحرب وكان يتنبأ بزوال حكم القيصر إذا دخل الحرب وبعث برسالة إليه ينهاه فيها عن الحرب وكان مكتوب بها:

[ مرة أخرى أقول: هناك غمامة عاصفة مريعة تسري في سماء روسيا. أرى كارثة، ظلاماً، حزناً .. ولا ضياء. إنه بحر من الدموع والدماء .. ماذا أقول ؟! لا أجد كلمات تصف ذلك الرعب . جميعهم يريدون منك الاندفاع نحو الحرب، لكنهم لا يعلمون أن الدمار ينتظر .

إنك أنت القيصر، والد هذا الشعب، لا تدع المجانين ينتصرون ويدمرونك ويدمرون شعبك .. وإذا هزمنا ألمانيا ماذا سيحدث لروسيا؟ سنغرق جميعاً في الدماء .. والكارثة ستكون كبيرة، ولأسى دون نهاية].

لكن القيصر ضرب بحديثه عرض الحائط ودخل الحرب

وترك الحكم لزوجته الكساندرا وذهب هو لقيادة الجيش في الحرب.

طبعا لم تكن الكساندرا هي من تحكم بل كان راسبوتين بالطبع فلقد كان كان يتحكم في كل شيء سواء داخل القصر أو خارجه.

كان يقوم بتعيين الوزراء وإقالتهم على حسي هواه كمان كان هو من يصدر القرارات وبالطبع آثار ذلك حفيظة الأسرة الحاكمة، ورجال السياسة، ورجال الدين أيضا الذين استاءوا من تصرفاته الماجنة.

كان يتم طرد الأشخاص المعارضين لراسبوتين؛ وبدأ تقريب الموالين له وتعيينهم في أخطر المناصب. 

سرت الشائعات أن راسبوتين يخطط مع زوجة القيصر لعقد اتفاق سلام مع ألمانيا بشكل سري ومنفصل.

وبنفوذه الطاغي على قرارات القيصر السياسية زاد اللوم الموجه لراسبوتين على المشاكل التي عانت منها البلاد حتى أن مدينة سان بطرسبرغ أصبحت تعرف باسم «مدينة إبليس».

ومن هنا قرر بعض الأمراء التخلص منه وقاموا بعمل خطة لقتله.

جدير بالذكر أنه قبل موته بثلاثة أسابيع تنبأ بموته وبعث رسالة للقيصر كتب فيها:

" إذا قتلني أقاربك فلن يبقى أي فرد من عائلتك حيا لأكثر من عامين، وتستطيع أن تقول أي من أولادك أو أقاربك، فسوف يقتلهم الشعب الروسي. 

سأُُقْتَل، لم يعد لي وجود في هذه الحياة. صل أرجوك، صل، وكن قويا، وفكر في عائلتك المصونة" 

شارك في مؤامرة قتله الأمير "فيليكس يوسوبوف" وهو زوج بنت شقيق القيصر وابن عم القيصر الدوق الأكبر "ديمتري" والسياسي عضو البرلمان  "فلاديمير بيرشيكفيتش".

وشنَّ بيرشيكفيتش هجوماً قوياً ضد راسبوتين، ففي يوم 19 من شهر نوفمبر سنة 1916م، حثّ أعضاء الدوما على الذهاب إلى مقر القيصر، وإنقاذ روسيا من راسبوتين.

وفي يوم 16 من شهر ديسمبر سنة 1916م وضعت خطة لاغتيال راسبوتين في تلك الليلة، وتضمّ المجموعة المتآمرة ضابطاً صغيراً يدعى سوخوتين، وطبيباً يدعى الدكتور لازوفيرت

كان الخطة كالآتي:

يتم استدراجه لقصر يوسوبوف ويقومون بوضع السم له وبعد التأكد من موته تحمل جثته بالقطار إلى المناطق التي تشهد المعارك، وترمى هناك.

عُدّلت الخطّة بعد ذلك بحيث تؤخد الجثة إلى ضفة نهر مويكا، وتلقى هناك، وبذلك تأخذ عملية الاغتيال صدى كافياً لتحريك الأوضاع.

وبالفعل يوم ١٦ ديسمبر ١٩١٦م  دعاه يوسوبوف لقصره بحجة التعرف على زوجته الأميرة "إيرينا" والتي كانت من أجمل نساء روسيا بحجة أنها تعبانة ويريد منه أن يشفيها.

قبل راسبوتين الدعوة، وذهب معهم إلى القصر فذهبوا به إلى غرفة جانبية حيث سيكون بانتظاره مائدة عامرة بأنواع الحلويات والفواكه وطلبوا منه الانتظار لأن الأميرة تقوم بالعناية بضيوف آخرين وستحضر إليه حال رحيلهم. 

قاموا بتقديم إليه كعك مليء بسيانيد البوتاسيوم كمان وضعوا له السم في الخمر وفعلا أكل وشرب والسم لم يؤثر به قيد أنملة وهنا أحسوا بالرعب فكيف لم يمت من السم  فكمية السم التي وضعوها تكفي لقتل خمسون رجلًا.

عندما دقّت الساعة 2,30 ليلاً، لم يعد بإمكان الأمير مواصلة الادعاء بأنَّ زوجته لا تزال تتولى العناية بضيوف آخرين، لذلك استأذن منه قليلاً وصعد إلى الطابق العلوي بدعوى أنه سيستدعي إيرينا حالاً.

لم يستطع يوسوبوف السيطرة على نفسه، واتفق الأمير مع المتآمرين على إطلاق النار على الراهب، وهكذا نزل وهو يخفي مسدساً. وعندما انضم إلى الراهب طلب مزيداً من الخمر، وبعد أن شربها، اقترح الخروج لزيارة الغجر لقضاء وقت طيّب..

من الخلف، نزع الأمير مسدسه، وأطلق النيران على راسبوتين الذي التفت فاستقرت الرصاصة في صدره.

اتسعت عينا الراهب بشكل مرعب.. وفتح فمه كما لو كان سيتكلم، سمع المتآمرين صوت الرصاص، واندفعوا إلى الغرفة، وكانت الساعة 3 صباحاً، وهناك شاهدوا راسبوتين متمدداً دون حراك... والدم ينزف فوق السجادة.

بدأ الجميع يتخذون الترتيبات لنقل الجثة وجمع أغراض راسبوتين من معطف وقبعة.. وذلك لإحراقها. 

وبالصدفة فقط، انحنى أحد المتآمرين قريباً من الجثة، وإذ بالرعب يأخذ منه كل مأخذ.. فقد فتح راسبوتين إحدى عينيه.. ثم فتح العين الأخرى.. ثم نهض على قدميه وهو يحاول الانقضاض على ذلك المتآمر الذي صار ينادي مرعوباً: يا فيلكس.. فيلكس..!

تمكّن الرجل من الإفلات، فأسرع هارباً إلى الطابق العلوي لاستدعاء بقية المتآمرين.

هنا انطلق راسبوتين إلى الحديقة وهو يهذي قائلاً: 

- فيلكس.. يافيلكس.. سوف أُخبر زوجة القيصر.

وبصعوبة بالغة ترنح راسبوتين خارجا إلى ساحة القصر.

لحق أحد المتآمرين به في الجوار حيث كان الثلج يغطي المكان، كان بفالوفيتش وبيرشيكفيتش يستعدان للمغادرة، فأطلق يرشيكفيتش النيران ثانية على راسبوتين المترنح، فسقط راسبوتين وضرباه بهراوة وقيداه، وركل المتآمر رأسه الصريع.

لكن في ذلك الوقت كان هناك شرطياً يتجول في المنطقة أقترب من بوابة الحديقة بعد أن سمع صوت إطلاق النار.

فتح الأمير البوابة وقال للشرطي إن ضيوفه يمضون ليلة حافلة بالشرب والعبث والمجون، وأن أحدهم أطلق النار على كلب.

دعا الأمير الشرطي للدخول إلى القصر، وأخبره بأنه قتل راسبوتين فارتبط لسان الشرطي، وظل صامتاً في سبيل مصلحة القيصر والوطن.

بعد تأكدهم من موته قاموا  بلفه وألقوا به في نهر "نيفا" لإخفاء جثته.

الغريب في هذا الأمر أنه عد ظهور جته   وبعد تشريحها وجدوا ماء في الرئة ومعنى ذلك  أنه عند إلقاؤه في الماء كان لازال على قيد الحياة فيكون بذلك قد مات غريق وليس بالرصاص أو السم

هناك من قال أن السبب في عدم تأثره بالسم هو معاقرته الخمر الذي أوقف مفعول السم ولكن كان هناك رأي آخر حيث قيل أنه كان طوال حياته لديه هاجس أنه من الممكن أن يقتله أحد باستخدام السم ولذلك كان ياخذ يوميا جرعات قليلة جدا من السم لمي يكتسب جسده منتعة منه ولا يتأثر بأي نوع من أنواع السموم المختلفة.

بعد وفاته انقسم الناس لقسمين فهناك من حزن عليه حزنًا شديدا ومنهم الإمبراطورة والنساء اللائي كن على علاقة غير شرعية معه، أمّا بالنسبة للفلاّحين الفقراء، فقد صار راسبوتين شهيداً، فهو الإنسان الذي برز من أوساط الشعب.. وقد قتله الأرستقراطيون.

وهناك من فرح جدا بموته مثل العائلة الحاكمة ورجال الدولة الذين اعتبروا أنّ المتآمرين أبطالٌ، 

وضعت القيصرة ألكساندرا المتآمرين قيد الاعتقال المنزلي، واكتشف القيصر أن مؤامرة داخل القصر كانت تنسج خيوطها ولكن الأحداث ستكون أفظع.

استمر التحقيق في الاغتيال أثناء عهد الثورة الشيوعية؛ لأن مقتله أثبت انتشار الفساد حتى على أعلى المستويات، والقيصر لا يسيطر على أمور ومقدرات البلاد.

حسب رأى المؤرخين، لا يقع اللوم كله على القيصر نيقولا الثاني في قيام الثورة، فالضرر تراكم عبر السنين على يد القياصرة من عائلة رومانوف، لذلك لم يبق القياصرة بعد مقتل راسبوتين سوى 18 شهراً.

وظن المتآمرون أن قتل راسبوتين سيحفظ كيان النظام القيصري، وتبيّن أن قتله ضربة قاضية للنظام.

وكانت نهاية راسبوتين علامة على بداية النهاية للقيصر نيقولا والإمبراطورة ألكساندرا، فبعد عشر أسابيع فقط من وفاته أطاحت الثورة الروسية التي اندلعت عام 1917م بآخر جيل من سلالة رومانوف، وبعد مرور أقل من عامين قامت فرقة معزولة بإعدام القيصر نيقولا وعائلته بأكملها في سيبريا، لم يبق راسبوتين في المقبرة طويلاً، فقد قام الناس خلال ثورة فبراير عام 1917 م بإخراج جثة راسبوتين وحرقها على جانب الطريق، على بعد أقل من ميل واحد من غابة بارغولوف.

كانت هناك أقاويل كثيرة تقول  أن المخابرات البريطانية هي المسئولة عن اغتيال راسبوتين، حيث انه حث القيصر على بدء مفاوضات فردية مع الألمان لانسحاب الجيش الروسي مقابل السلام، مما يعرض بريطانيا لخسارة حليف مهم «روسيا» في هذه الحرب، لذلك قامت المخابرات بقتله، وقد وجد بعد 80 عام صور الٌتقطت للجثة بعد العثور عليها أثبتت ان الطلقة المستخدمة في القتل من مسدس بريطانى الصنع لأنها تحتوى على رأس معدنى كان يٌعتبر محرماً استخدامه في روسيا في هذا الوقت وبتوافق مع نوع من المسدسات البريطانية الصنع وكما أثٌبت ان الرصاصة أطلقت على منطقة الجبهة من مسافة قريبة، مما لا يجهض الرواية التي تقول أنه تم قتله من الخلف بعد أن حاول الهروب.

 وقد شاع أيضا ان سبب موته الرئيسي هو اصابته برصاصة في عينه اليمنى.

تلك هي نهاية راسبوتين المأساوية والتي أدت إلى نهاية حكم أسرة رومانوف.