-->

الفصل التاسع والعشرون - بنات حورية



الفصل التاسع والعشرون 

هذه يدى وهذه يدكَ .. لا أفلتها أولاً مهما حدث ولكن لا تخذلني ..
جائها اتصال هيا بينما تجلس مع أسيل فأغلقت قائلة ببشاشة فرحة معكرة : رسيل تلد .
تبسمت أسيل مجيبة : ربنا يقومهم بالسلامة ويارب أحمل أولادكم أنتِ وديم .
شخصت لورين ببصرها بعيداً قائلة وهي تقف : سأخبر ديم وأذهب لهم .
ثم رحلت لغرفتها .. تقدم قدم وتؤخر الأخري وهي تستخرج رقمه .. حتي وصلتها تنهج وكأنها كانت تعدو ،، وكأنها ستحدث رجلاً لا تعرفه وبتوتر انتظرت أن يجيبها حتي أجاب بنبرة خُيل لها أنها قلقة وقد كان كذلك بالفعل وقد ظن أن بها شئ ،، رغم الغضب الذى لم يهدأ كلياً بعد إلا أنه استوعب فداحة ما فعله .. استوعب أنه آذاها ليلة أمس وقد عماه غضب غيرته الغير هينة أبداً : ما الأمر لورين .
ابتلعت ريقها بوجل قائلة بهمس : رسيل تلد سأذهب لها .
سمعت تنهديته قبل أن يجيب ببعض الغضب : هل تخبريني أم تستأذنيني .
قطبت جبينها لتجيبه بتساؤل : ماذا تقصد هل تمانع أن أذهب لها .
قال بجمود : انتظريني حتي أتي ثم سنذهب معاً .
اعترضت فقاطع اعتراضها : قلت انتظريني .
أغلق الهاتف لتلقيه علي السرير بغيظ : ويغلق بوجهي أيضاً .
________________________________
لقد وعدته أن تذهب معه اليوم لمقر عمله الجديد ولكن الظروف تأبي الخضوع لهم بسبب ولادة رسيل .. وقف جوارها وهي تداعب الصغير في سريره في غرفة الاستقبال بينما رسيل ترتاح في الغرفة وصهيب ينهي بعض إجراءات المشفي قائلاً بتساؤل : تحبين الأطفال .
ابتسمت مجيبة : نعم أحب عدم نضوجهم .. عقلهم .. فطرتهم النقية .
ثم نظرت له بتفكير : من منا لا يتمني أن يعيش بلا نضج .. عله لا يشعر بالوجع الذى يسببه الأخرين .
توسعت عينيه وابعد بصره عنها بألم ،، لن تضيع فرصة دون أن تذكره كم آذاها وكم هو ندل .. عضت شفتيها ورغم ما فعله بها إلا أن رؤيته نادماً متؤلماً يؤلمها .. رغماً عنها لا تستطيع ان تكرهه .. لا تحقد .. لا تتقبل أن يتألم أمامها ليس هو فقط بل أى شخص .. تلكَ فطرتها ورغم محاربتها إياها .. إلا أن ندمها علي ما تلفظت به لا بد وأنه واضح بعينيها الأن .. ولكنها تعود وتغلف عينيها بجمود فما فعله ليس هين .. مضحكة هي .. لو يخبو ذلك الجزء الخاص بوجعها وكرامتها بعيداً لارتمت بحضنه وبدأت معه من جديد .. ولكن عبثاً لا تستطيع .
نظر لها مجدداً قائلاً بهدوء : أيضاً يغفرون بسهولة لأنهم لا يفكرون كثيراً .. ببسمة وقليل من اللعب يضحكون وينسون .
أيدته موافقة : نعم معكَ حق وهذا أيضاً  .
قال ضاحكاً بعد ذلك : سنحسد الولد هكذا .. كفي حديثاً عن الأطفال .
ضحكت مجيبة : اللهم لا حسد .. ربي يحفظه لأهله .
آمن علي دعوتها ثم شكرها : لم يتنسي لي شكرك لأنكِ أحضرتي أمي .
ابتسمت بتلقائية مجيبة : لا داعي للشكر سفيان فعلت ما كان يجب .
سعل بقوة وقد رشق اسمه بنبرتها التلقائية الناعمة بصدره تماماً .. فسألته وهي تحضر له كوب ماء : هل أنتَ بخير ما الذى حدث .
شرب متأوهاً بآآآآهه لتندهش متسائلة مجدداً فيجيبها بعد أن تناول كفيها بين يديه : سبأ أنا أسف .. أقسم أنني أحبك .. بعد أن أختبرت جنتك يا روحي أقسم أنني أحترق بفراقك .
دخل صهيب حينها لتسحب كفيها منه بتوسع عينيها التي أنزلتهم أرضاً حتي تسيطر علي مشاعرها ليتنهد سفيان بنفاذ صبر و لا أحد يقف معه هو يحارب وحده .. حتي الوقت لا يسمح له بالإنفراد بها .
_________________________________
مساءاً وأمام تلك الشاشة . جلست لورين تهاتف رسيل وتشاهد الصغير ولورين تهتف بحب : 
ما أجمله .
ابتسمت رسيل متسائلة : لما لم تأتي حتي الأن .
أجابتها لورين : أنتظر ديم وسنأتي معاً .
حينها دخل ديم الغرفة فأخبرتها وهي تنهي الاتصال معها حتي لا تلاحظ التوتر الذى ارتسم بوضوح علي تقاسيمها ولكنها رسيل ولغة الجسد لا تخفي عنها : ها قد أتي ساعة وأكون جوار دياب الصغير وسألتهمه .
ضحكت رسيل قائلة : سأخبئ طفلي بسرعة إذاً .
ابتسمت لها وأغلقت الهاتف ونظرت لهذا الواقف بالقرب منها ينزع ثيابه قبل أن يطالعها من أعلى لأسفل .. وللحظة ارتفعت ابتسامة سخرية منتصرة أعلي شفتيه مما ترتديه لتعض شفتيها بقهر بعد أن زاغت عينيها بعيداً عنه ثم وقفت مبتعدة عنه بقول : سأغير ثيابي حالما تنتهي .
التفتت مختضة من تواجده خلفها بعد أن انتقت ثيابها .. يستند علي الباب بجزعه وينظر لها لتنظر له باستفسار فيتحدث بجمود : أريني ماذا سترتدى فلم يعد عندى ثقة بإختياراتك .
جزت أسنانها بضيق لتوليه ظهرها وهي تباشر في خلع ثيابها وارتداء الأخرين قائلة ببرود : حينما أرتديهم ستراهم .
ظل واقفاً حتي انتهي مقيماً إياها بنظرة شاملة وأساساً لم تستطع أن ترتدي إلا ما يخفي كل أجزاء جسدها فكل إنش لم يسلم من علاماته وظهر هذا واضحاً له وهي تبدل ثيابها .. ولم تفهم هل أظلمت ملامحه بغضب من أجل هذا أم لشئ أخر حتي رحل بصمت واستمعت لباب الحمام يغلق بقسوة مرسلاً رعشة لجسدها الذى بدأ يؤلمها مرة أخرى .. لذا انتهت سريعاً قبل أن يخرج وذهبت تطلب من أسيل حبة مسكن أخرى قبل أن تنتطره بالأسفل .
_________________________________
كانت تجوب الغرفة ذهاباً وإياباً بقلق ،، انتهت الحفلة منذ ساعتين وهو لم يصعد حتي الأن ،، وهي لم تخرج من الغرفة منذ أن وضعها بها .. لا تعرف هل أخطأت لتلك الدرجة التي جعلته عاجزا عن التحدث وفقط عينيه من أخبرتها بمقدار غضبه .. عينيه لا تخرج من مخيلتها يا الله لا تريد أن تتكون لديها ذكريات مريرة تغيى من مشاعرها حتي انتفضت والباب يفتح علي مصرعيه بعنف .. يشهد الله أنه حاول بشتي الطرق أن يهدأ من غضبه بعيداً عنها ولكن غضبه آبي إلا وأن تكون هي مكبه كما تكون منفذه .
وقف أمامها بعد أن اقترب بشره في حين لم تعلم هي ما ينتويه فحدثته بهمس متلعثم :
ديم .. آآآآآآه .
صرخت ومع همسها باسمه أطاح بجسدها بصفعة تحمل مقدار غضبه .. فسقطت علي السرير خلفها وارتطم وجهها بخشبه القاسي 
وشهقت وهو يجذبها من مقدمة بيجامتها قائلاً بسخرية صائحاً وهو يطالع ثيابها : هل هذا ما ترتدينه لزوجك .
صرخت من صياحه وعنفه .. لا تتقبل ما يفعله .. ليس بعد أن تحملت جفاءه ستتحمل عنفه وغضبه أيضاً .. ضربته بقبضتيها تحاول ابعاده قائلة بارتجاف : ابتعد .. ابتعد عن..
وقبل أن تكمل صفعها مرة أخرى وكأن نبرتها تفسد أخر ذرات تعقله لتبدأ في البكاء وهي تحمي وجهها منه وهو يصيح ممزقاً ثيابها : تتعرى أمام الجميع وكأن لا رابط لكِ .. واللعنة كيف فعلتيها .. ألم أحذرك .. كيف جعلتي كل هؤلاء أن ينظروا لما هو ملكي فقك .
سحب كفيها عن وجهها وهو يصيح رافعاً يده مرة أخرى : هل استمتعتِ بنظرات الجميع لجسدك .
أمسكت كفه قبل وصوله لوجهها بارتعاش وهمس متقطع : أسفة .. يكفي أرجوك .
جذب شعرها له لتصرخ متفاجأة أمام صراخه الساخر : أسفة .. ويكفي حقاً .. هل فعلت شئ بعد .. لم أريكي غضبي بعد .
كان يهزها وهو يكمل : سأعلمك كيف تسير زوجة ديم نجم الدين أمام الناس .. أقسم لن تنسي هذا العقاب حتي لا تشاورى عقلك مجدداً بعصياني .
شهقت وهو يفترس شفتيها بوحشية أدمتهم ولم يتركها إلا بعد أن باتت تختنق ضاربة جسده لتبعده وانتقل لعنقها وباقي جسدها يعيث به فساداً متملكاً بعنف وهي تترجاه بألم وبكاء :  أرجوك توقف أسفة لن أفعل مجدداً .
ولكنه لم يتوقف بل كان يزداد عنفاً كلما سمع صوتها وهو يزمجر بغضب : أنتِ لى ملكي .. يُحرم علي أى شخص النظر لجسدك غيري .. أنتِ تعلمين هذا أيتها ال ..
ويصمت متابعاً وحشتيه بدلاً من نعتها بأية لفظ خارج حتي أغمضت عينيها حتي لا تحتفظ بملامحه .. لا تحتفظ برؤيا تلكَ اللية في ذاكرتها بعد ذلك .. وكل توسلاتها له لم توقفه حتي تأوهاتها وصراخها المتألم .. ومضي الوقت وهي  أسفله كقطة ضعيفة وحيدة بين فك أعتي الوحوش الشرسة يلتهمها ويمزقها بتلذذ .. وما بات بيديها غير دعائها أن تنتهي تلكَ الليلة وينتهي ألمها . 
حتي ابتعد عنها أخيراً فشهقت كغريق رسي  علي البر أخيراً وانكمشت متكورة على ذاتها بعيداً عنه مديرة ظهرها له .. غطت جسدها وأخذت تبكي بصمت وهي تستمع لصوت أنفاسه العالية بحدة ،، تشعر به جوارها لا يكاد ينهي سيجارة ليشعل غيرها حتي تعبقت الغرفة بالدخان وأصبحت تسعل هي باختناق ورغماً عنها خشيت عليه فبكت أكثر .. سيؤذي نفسه هكذا وحين يأست أن ينتهي من تلكَ السجائر الممرضة حتي اعتدلت له متأوهه من ألم جسدها وجلست لتصبح بمستواه حيث كان جالساً سانداً لظهره علي السرير .. حاولت أخذها من بين شفتيه ليبعدها عن مرمي يديها بعنف فترجته ببكاء : كفي أرجوك ستؤذي نفسك .
نظر لها بشر وهمس بحدة : لا أريد سماع صوتك حتي لا أكمل غضبي بكِ .
لم تكن تريده أن يفعل فجسدها يصرخ ألماً ولكنها عادت تتوسله بنشيج وقد أعاد السجائر لفاهه : حسناً أفرغ غضبك بي ولكن هكذا .. هكذا .. سيحدث لكَ شئ ..
نظرته المرعبة أسكتتها فعلمت أنها لن تتحمل نوبة غضب أخرى له فانزلقت تحت الغطاء مجدداً ببكاء ووضعت يديها علي وجهها بعجز حتي شعرت به يعتليها مجدداً مبعداً كفيها عن وجهها فتوسعت عينيها بخوف هامسة برعب : لا لا لن أحتمل أرجوك .
ولم تعلم كيف قبلها بنعومة هادائاً ورغم جرح شفتها إلا أنها شعرت بهِ كدواء شافي بعد الداء الذى زرعه بداخلها .
شعرت بذراعيه حولها لتفتح عينها بفزع ما إن رأته ضاربة يديه عن جسدها قائلة : ابتعد عني اتركني .
نظرت حولها فعلمت أنها غفت علي الأريكة وهي تتذكر ما حدث ليلة أمس بينهم ،، بعد أن أتوا من عند رسيل .. وبعد رفضه أن تبيت عندها .. لقد تركته بالسيارة ودخلت مباشرةً لإحدى غرف الجلوس بالأسفل ولم تشعر بنفسها إلا وهي تسترجع أحداث الأمس البغيضة و أغمضت عينيها .. لا تعلم إن كانت غفت بالفعل أم لأنه أخرجها من تذكره كوحش عنيف ففزعت منه .
نزلت دمعة من عينيها مسحتها سريعاً رغم أنها تجلس بالظلام وتابعته وهو يجلس جوارها متسائلاً : لقد غفوتِ كنت سأخذك للغرفة .
نفت بشرود بعيداً عنه : لم أكن نائمة .
وقف قائلاً : حسناً هيا لنصعد .
نفت مرة أخرى بتوتر : لا أريد سأشاهد التلفاز .
نظر لها بضيق قائلاً بحدة : شاهديه بغرفتنا هيا .
ارتعشت من نبرته .. باتت ضعيفة ولم تكن ضعيفة يوماً فهتفت بقهر وعلت نبرتها رغماً عنها : لا أريد الصعود أتركنى وشأنى .
زمجر بحدة وهو يحملها بغلظة متجهاً لغرفتهم وما إن أنزلها حتي اتجهت للحمام مبتعدة عنه ووقفت أسفل المياه تخبئ دموعها بين سريان الماء على وجهها .. وقفت أمام المرآة بعد ذلك ترى كدماتها التى أخفتها وقد عادت ظاهرة بوضوح علي وجهها وبعنقها .. غسلت وجهها بماء بارد ومع ذلك لم يختفي إحمرار عينيها الباكية فخرجت بلامبالاة بعد أن دق بابها متسائلاً : لورين هل ستبيتين بالداخل .
خرجت متجاهلة إياه ولكن ذراعه التى أمسكت ذراعها أوقفتها فرفعت وجهها له ورأته متسمراً ناظراً لوجهها المكدوم بصدمة .. بالطبع سيصدم فهو لم يراه إلا الأن .. لم يرى ما اقترفته يداه بالظلام أمس ولا حين أخفتهم اليوم بأكمله عن أعين الجميع .. فتح فاهه ليتحدث ولكنها نفضت يده عنها واتجهت تجهز نفسها للنوم قبل أن تندس تحت أغطية السرير ذاهبة في ثبات مزعج بأحلام مزعجة جعلتها تنادى علي أبيها وعليه ببكاء وجسدها يهتز يريد التحرر من هذا الحلم البشع .
واستيقظ هو جوارها بعد أن غفي منذ قليل وقد جلس جوارها مقبلاً وجهها المكدوم ومرطباً إياه بمرهم معالج .. رغم أنه ليس نادماً علي غضبه ولكنه نادماً علي ما آل إليه غضبه وعلي أذيتها بهذا الشكل .
أشعل الأضواء واستمع لهذيها ورأي دموعها : بابا .. أبي لا تتركني .. ديم .
أحاط وجهها بكفيه يفيقها منادياً : لورين .. لورين استيقظي حبيبتي .
واستيقظت شاهقة ببكاء ليحتضن وجهها وجزعها له بعد أن جلست نصف جلسة ومسد ظهرها بدفئ قائلاً : لا بأس عليكِ إنه حلم يا حلوتي إنه حلم .
شهقت ببكاء واضعة كفيها علي وجهها ومنذ أسبوع وهو يجافيها ولم تسمع كلمة واحدة مثل تلك رغم احتياجها له .. فشرع يقبل رأسها باستمرار ويرفع وجهها له : أنا أسف .. أسف يا حبيبتي ..شششش .. توقفي عن البكاء .
نظرت له واحتضنته بارتعاش قائلة بنشيج خائفة من أجابته : أنا خائفة .. خائفة منك وخائفة مما قد يحدث لنا .. أنا منذ أسبوع وأنا لا أشعر بالأمان .. وكأن هناك ما يهددني .. لماذا لماذا تعاملني هكذا .. ما الذنب الذى ارتكبته أنا كي تجافيني هكذا أم أنكَ مللت مني .
راحت تسأله بشك بعد أن قطب جبينه قائلا 
" اهدئى الأن وسنتحدث لاحقا " : هل لأنني قد لا أنجب لك .. هل فكرت بالأمر وأنه من الممكن أنني لا أنجب لهذا لهذا ... 
نظرت له مكملة بألم وسط بكائها : أنا لم أذهب للطبيبة بعد ..
زجرها بحدة قائلاً : مجدداً لورين مجدداً .. لماذا لا تثقين بي .. من أخبرك أنني أهتم للأطفال.. يمكنني قضاء حياتي بأكملها جوارك دون العالم أجمع ولكن أين ثقتك بي .. لماذا تفكرين أنني بشع هكذا وسأتركك إن لم تنجبي لي .. لم أتزوجك لتنجبي لى تزوجتك لأنني أحببتك وأردتك لى فقط وحدك لم أفكر بأطفال مطلقاً .. كل ما أريده هو أنتِ .
نفت قائلة بصدق : أقسم انني أثق بك ولكن لقد أصابني الخوف حين سألتك وأجبتني بهذا البرود .. لقد ولدت داخلى رعباً وخوفاً ولم أعد أعلم بما تفكر ولما تعاملني هكذا .. لقد كنت أحترق كلما رأيتك مع .. مع ...
وضعت كفيها مجدداً علي وجهها لتبكي منحنية فانحني معها مقبلاً ما ظهر من وجهها ورأسها وكفيها قائلاً وقد ترجم كل شئ بعقله .. لعبه علي أوتار غيرتها جعلتها حساسة بهذا الشكل أو أنها هكذا بالفطرة وتظهر للجميع العكس أو أنها لا تتجمل أمامه الأن فهو زوجها .. لقد تحملته أسبوع ولم يتحمل لعبها علي أوتار غيرته هو بضع ساعات .. وبالنهاية هي الخاسرة المتؤلمة ولكن من قال أنه لا يتألم ،، فهل يختلف الأمر .. لما لم تعاقبه هي علي غيرتها كما عاقبها هو ما إن ثارت غيرته .. هل لأنه رجل .. أم لأنها أنثي .. أنثي بعصمة رجل .. رجل شرقي لا يحتمل رؤيا الغير لما هو ملكه فما البال بالرؤيا والتمتع بمزاجها .. بمزاج من سلمها ثقته وآمنها علي شرفه .. يختلف الأمر نعم يختلف لأنه الأن سيدللها ويذوب بها عشقا وسترضي ولكن هو لن يرضي إلا بعد أن لقنها الدرس كمعلماً محترفاً .
احتضن جزعها واختفت داخل أحضانه وهزها بمرح قائلاً : أسف يا سكرة توقفي عن البكاء .. هل أن غبي لأنظر لغير هذا الجمال أمامى ولكن أن ينظر له غيرى وبرغبتك يا لورين هذا لم يجرحنى فقط بل ذبحنى .
همست ببكائها : أسفة أردت استعادتك فقط كنت قاربت على الانهيار تماماً .
قبلها مشاغباً : سلاماً عليكِ من الإنهيار يا حبيبتي ولكن أليست حالتك تلكَ انهياراً .
ضحكت رافعة كتفيها ليكمل : لا أخبريني لأنه إن كان انهياراً فأنا أعرف كيف سأطرده من دارنا .
نظرت له بابتسامة عذبة متسعة متسائلة ومتنهدة بسلام : كيف .
دغدغ خصرها لتضحك قبل أن يجذب جذعها له بهدوء مقبلاً كدماتها قائلاً : سأريكي كيف يا سكرة .
___________________________________
استيقظت فجراً وبالكاد غفت عينيها وهذا الصغير الذى يشبه والدها والذي أسمته باسمه قد أنار حياتها هي وصهيب .. استمعت لهمهاته وقد كان مستيقظاً وعينينه الزرقاء المشعة تشع بهذا الظلام فتنيره .. كان جميل بدرجة لا توصف فراحت تردد المعوذتين حتي لا تحسده .. لم تشئ أن ترفعه لها فيشعر بها ويبكى حتى توقظ صهيب ومالك ليصليان .. أيقظت مالك أولاً والذى سألها بقلق وسك نعاسه وقد بات قلقاً عليها بشدة : هل أنتِ بخير يا ماما هل تحتاجين لشئ .
ابتسمت لقوله ماما وطوال يوم أمس يناديها هكذا بغيرة واضحة رغم حبه للصغير إلا أنه خائفاً أن يفقد اهتمامها ربما .. فأجابته : سلامتك يا صغيرى ،، صلاة الفجر هيا قم توضأ وتجهز حتى أوقظ أبيك .
أومأ لها وقبل أن تخرج كان واقفاً مقبلاً وجنتها متجهاً ليتوضأ فابتسمت وهي تتجه لغرفتها مجدداً .. أيقظت صهيب برفق : حبيبي .
همهم لها لتجيبه : صلاة الفجر هيا قم .
فرد ذراعيه متمطعاً قبل أن يقبل جبينها قائلاً : باركَ الله لى فيكِ يا بدرى .. استيقظت .
ثم وقف ونظر لصغيره المستيقظ متحدثاً له ولرسيل : صباح الخير يا بطلى أراكَ مستيقظاً ونشيطاً مثل والدتك .
ابتسمت رسيل وتناولته من عربته تهدهده فبدأ يزمجر وقد شعر بدفئها .. فأبى أن تتركه مجدداً حين أراد صهيب حمله فضحك قائلاً : حسناً ابقي مع والدتك حتي أتي لكم .
تسائل قبل أن يخرج من المنزل : سأحضر الفطور لنا جميعاً هل تحتاجون لشئ أخر .
نفت قائلة : لا يا حبيبي أنا سأرى ماما بالتأكيد هي مستيقظة .
أومأ لها ورحل واتجهت هي لغرفة والدتها وهيا .. دقت الباب وفتحته لتجد والدتها تنهي صلاتها فقالت بمرح : هل نأتي يا جدتنا .
ضحكت حورية وهي تمد ذراعيها لحفيدها الغالي المستيقظ فقالت رسيل : لقد بكى حين حاول صهيب أخذه .
أخذته حورية ببسمة واعية ولم يبكي فقالت : لأن حضنه قاسي وصلب ولكن هنا سيجد كل الدفئ .
قطبت رسيل حاجبيها قائلة : ولكنه والده وسيشعر بذلك عما قريب .
أومأت حورية : نعم قريباً حين ينمو ويراه كل يوم وبكل وقت ويعتاد عليه ولكن الأن هو يشعر بأحضانك أنتِ فقط وبدفئك وبحليبك .
عبست رسيل لأنه لم يستقبل صدرها وسينمو علي الحليب الصناعي فقالت بضيق : أنه عنيد من بدايتها كوالده لا أعرف ما الذى أعجبه بالحليب الصناعي هذا .
ضحكت حورية من قلبها علي صغيرتها المتأففة وقالت : قضاء الله يا حبيبتي لا اعتراض علي قضاءه .
أومأت رسيل برضا : اللهم لا اعتراض فقط أخشي علي مناعته من هذا الحليب .
دعت حورية : بإذن الله لا يصيبه مكروه .
آمنت رسيل قائلة : سأحاول أن أنيمه وصهيب سيحضر الفطور لنفطر سوياً .
أخذته بعد ذلك وخرجت .. هدهدته بحنان بين يديها حتي غفي فوضعته جوارها وغفت معه .. وذهبت لأحلامها هي الأخرى .. وذلك الحلم الذى زاراها زلزل كيانها .. حلم فهمت معناه جيداً فاستيقظت ولم تغفو غير ربع ساعة ناظرة لطفلها بزوغان عينيها .. تعلم أن كل روح هي لخالقها بالنهاية ولكن طفلها لم تبث روحه فيها إلا أمس فلماذا رأت والدها يأخذه منها ويذهب بهِ بعيداً .. تعلم أنه حلم وقد لا يتحقق وقد يتحقق ولكنها لا تعلم له وقت .. فالكل في طريقٍ إلي موته وقد يكون يومها قبل يومه .. عند هذه النقطة تنهدت بخوف وسلمت أمرها لربها وراحت تقبل صغيرها بدفئ متناسية بإرادتها هذا الحلم .. فمتي ذهب والدها هكذا فجأة ولم تكن مستعدة أبداً .. لذا لن توهم نفسها بشئ وليحدث ما كتبه الله لها .. ومن بقدرها يؤمن بما كتبه الله وبحسن تدبيره لكل شئ .
________________________________
لماذا أدفع الثمن . 
لماذا أكون أنا مكب ذنبوكم .
انتفضت صارخة ما إن شعرت بأحدٍ يحملها رافعاً إياها عن الأرض .. ففزع هو الاخر تاركاً إياها برد فعل تلقائي فلم تتحملها قدميها من المفاجأة فسقطت أرضاً وأدمعت عينيها قبل أن تنظر له ملتقطة أنفاسها باطمئنان واقفة .. دافنة نفسها بين أضلعه بهمس : أسفة .
تنهد وهو يغمرها بين ذراعيه بدفئه قائلاً بضحك : ستظلين طفلة للأبد لقد فقدت الأمل بنضجك .
رفعت وجهها له وهي تزم شفتيها كطفلة بالفعل متسائلة : وهل هذا يعجبك أم لا .
قبل ثغرها الحبيب علي قلبه برقة لم يتعلمها غير معها لأنها هي الرقة بحد ذاتها وكم يخشي عليها الطير الطائر قائلاً بنزق كاذب : يعجبني بالفعل يعجبني هل استطيع قول غير ذلك .
ضربته بقبضتها بمعدته علي حين غرة مفاجأة إياه ليبتعد عنها ناظراً لها بأعين متوسعة بذهول وهي تهتف بنبرة على مشارف البكاء وقد نالت استعطافه و أثارت ضحكه : أنتَ تكذب وتسايرني كالأطفال صحيح ولكن أنا سأظل هكذا ولن أتغير ،، وهذا نصيبك ركان بيه .
ضحك بشدة ... يعشق راما تلك التي أصبحت كياناً واحداً معه بلا حدود بعد أن أصبحت زوجته قولاً وفعلاً .. جذبها له مجدداً قائلاً بصدق : أجمل نصيب هذا أنتِ رزق في صورة بهجة حياتي يا طفلتي والله لا أكذب ولا أريد تغيير إنش صغير بكِ .. ولكن أحيانا أشعر بكِ ما زلتِ في الثامنة وليست التاسعة عشر .
أنهي كلامه ضاحكاً مجدداً ،، لتحتضنه قائلة وقد لانت شفتيها : لأنني أشعر بكَ كوالدى هكذا تشعر بي أنت .
احتضنها لتفعل هي بالمثل ولكن بقوة أكثر منه بقوة دائماً تخبره كم هي موجوعة داخلياً وكم يخفف هو هذا الوجع بوجوده ويعلم أنها بالفعل تعتبره والدها الذى حرمت منه مبكرا وحل هو مكانه .. أبعدها برفق يخبرها : هيا تجهزى لنذهب لعائلتك .
أومأت باسمة وهرولت للداخل ثم للأعلي لتتجهز لتذهب معه لسبوع الصغير دياب .
_______________________________
بمنزل رسيل .. تركت لورين أخواتها يعدون لسبوع الصغير وتوجهت للغرفة التي تقيم بها حورية .. كانت تحتاج للحديث معها بشدة ،، دقت الباب ودخلت علي مهل قائلة : هل تسمعينني قليلاً يا قمرى .
ابتسمت حورية مطبطة علي السرير جوارها وهي تعتدل : تعالي يا حبيبتي .
جلست أمامها علي السرير لتهتف حورية : أخبريني أسمعك ..
رفعت لورين كفيها لوجهها بسعادة قائلة : ماما أنا حامل .
توسعت عيني حورية للحظات بتفاجأ قبل أن تضحك بسعادة لطفلتها محتضنة إياها بدعاء متسائلة : ولما كنت أراكي حزينة هكذا .
ابتعدت لورين مجيبة وهي تضحك : لم أخبر ديم بعد .. نعم كنت حزينة لأنني ظننت أنه ربما لا أنجب وتحدثت مع ديم في هذا وتشاجرنا قليلاً .. لقد كنت متوترة وقلقة وخائفة ولكن اليوم تأكدت أنني حامل مازلت بأول أيامي .. لم أصدق هذا ولكنني سعيدة سعيدة للغاية .. أمي أنا أحب ديم جداً .. منذ أسبوع واحد كنت خائفة وأخبرته بذلك وهو لم ينفك طوال هذا الاسبوع أن يشعرني بالأمان واليوم لم أصدق أذناي حين أخبرتني الطبيبة أنني حامل .
راقبت حورية صغيرتها بذهول ضاحك .. بدت كمن فقد عقله وهي تتحدث بكل تلك السعادة والإنفعال .. وكأنها كانت تنتظر حلماً وتحقق أخيراً .. لتتمسك بكفيها الطائرين مع حديثها قائلة بضحك : لورين يا ابنتي اهدأى تحملين طفلاً بأحشائكِ الأن .
ضحكت لورين مقبلة كفي والدتها هامسة : حاضر .
قالت حورية مجدداً : ما كل هذا الجنون .. كل شئ بأمر الله .. أكنت أراكي حزينة بسبب اعتقادات في عقلك فقط .. كيف تعامل ديم معكِ أعانه الله .
مطت لورين شفتيها بطفولة قائلة : ديم يحتاج لقرصة أذن فهو لم يعرف كيف يتعامل معي في بادئ الأمر حتي انهرت أمامه ونلت استعطافه .
ضحكت لورين بنهاية كلامها فضحكت حورية وجذبتها لحضنها نافية برأسها قائلة : حقيقي أعانه الله عليكِ .
تذمرت لورين : يا ماما .. أنا ابنتك وليس هو .
ضحكت حورية وابتسمت لورين بين أحضانها وكم اشتاقت لضحكة حورية وتتمني أن يكون أبيها سعيد الأن لأنها أضحكتها حتي سمعتها : مبارك عليكما وانتبهي لصحتك جيداً وقللي من الملابس الضيقة قليلاً من أجل راحتك .
ضحكت لورين مجدداً قائلة مما أسعد حورية بعد أن أذهلها : لا تقلقي لقد تكفل ديم بإعادة تدوير ملابسي بأكملها .. ألا تريني .
ثم وقفت دائرة حول نفسها بهذا الفستان الواسع ليدور ويرتفع معها قبل أن تجلس بعد تأنيب حورية لها محتضنة إياها مجدداً بقول : أحبك يا أمي يا إلهي كم أنا سعيدة .
ولم يكن بيدي حورية إلا أن تكون سعيدة للسعادة الحقيقية التي تشع من عيني صغيرتها .
_______________________________
ركبت راما السيارة جواره متحدثة ببهجة : يا الله كم أن دياب جميل وناعم للغاية أرأيته .
ابتسم مجيباً : قولى ما شاء الله يا صغيرتي ،، وعقبال صغارنا .
ارتبكت قليلاً وقالت : ما شاء الله بالفعل ،، لم أكن أود تركه أشعر بالاشتياق له من الأن .
ضحك مجيباً بعبث : اجلبي واحداً يخصك إذاً .
سايرته مغتاظة بوقاحة : ومن أين اشتريه .
رفع حاجبهِ قليلاً قبل أن يوقف السيارة جانباً فهتفت بتراجع قلقة : لماذا توقفت .
أطفأ المحرك كلياً ثم جذبها بخفة وبثوانٍ أصبحت على قدميه ليخبرها مستنشقاً عبيرها : ولماذا تشترى وأنا موجود أنتِ فقط قولى وأنا بالخدمة .
عضت وجنتها من الداخل مبتلعة ريقها وقد اقشعر جسدها ببرودة من اقترابه المقترن بحديثه الوقح لتعلو وتيرة تنفسها كما العادة وترفرف بجفونها فلم يتمالك نفسه أمام كل تلكَ البراءة ليلتهم ثغرها الحبيب ووجهها بأكمله ولكنه توقف حين تأوهت ساندة وجهها أعلي صدره ليتسائل بقلق : ما بكِ حبيبتي .
أغلقت عينيها بشدة وقد داهمها دوار عنيف كان ملازماً لها منذ يومان قائلة بأنفاس لاهثة : أشعر بالدوار .
قبل رأسها معتذراً : أسف يا صغيرتي لقد انفعلت قليلاً .
نفت قائلة وهي تمسد بين عينيها : لا ليس كذلك منذ يومين وهو يلازمني لا أعلم لماذا .
زجرها وهو يبعدها عنه يريد النظر لوجهها : ولماذا لم تخبريني .
أغمضت عينيها وتحريكه لها رج رأسها مجدداً فأغمضت عينيها أكثر وامتعضت ملامحها وهي تتمسك بقميصه ليخبرها بقلق وهو يساعدها لتجلس جواره مجدداً : سأخذك للمشفي .
استندت برأسها علي الكرسي هاتفة بنفي : لا لا إنه مجرد دوار ما إن أنام سأرتاح لنعد للمنزل فقط .
ضيق ملامحه بعدم اقتناع لتضغط علي يديه برفق هامسة : صدقني أنا بخير لا داعي .
أومأ لها متجهاً للمنزل قائلاً بتنهيدة : حسناً .
وعلى القرب من منزلهم وقف أمام صيدلية ليخبرها برفق : تعالي لنرى الطبيب بتلكَ الصيدلية يقيس ضغطك أو يفعل أى شئ ليطمئنني .
دخلت معه وأجلسها علي كرسي مخبراً الطبيب المناوب بتلكَ الصيدلية بحالتها ليفحصها الأخر ظاهرياً قائلاً : ضغطها عالٍ قليلاً بالفعل ولكن لا يمكنني وصف دواء لها فقد يكون مؤقتاً ،، ليس معكِ الضغط صحيح .
نفت قائلة : لا لست مريضة ضغط .
قاطع راكان قائلاً : ولكن الدوار هذا معها منذ ثلاثة أيام تقريباً .
طمأنه الطبيب الشاب وقد ابتسم لكل هذا القلق المرتسم على وجهه من مجرد دوار بسيط أصابها ليخبره : لا تقلق قد يكون ارهاق بسيط ابنتك بخير يا سيد .
زمجر راكان بصدمة قبل أن يهتف بحدة وهو يحاوط كتفها : إنها زوجتي .
أخفت ابتسامتها بوهن فزجرها بعينيه قبل أن يستمع للطبيب الذى ابتسم بهدوء متابعاً : إذا قد تكون تلك بوادر أعراض الحمل .
ثم اختفي وعاد مناولاً إياه : هذا اختبار حمل إن ثبت أن المدام حامل لا بد أن تتابع مع طبيب مختص حينها .
أومأ راكان بجمود ودفع حسابه ثم خرجا معاً ،، ركب جوارها ليقول بحدة : هل أبدو كبير لتلكَ الدرجة ليظنني والدك .
رغم ارتباكها من موضوع الحمل إلا أنها ابتسمت تجيبه بطفولة : لا لست كذلك أنا الذى أبدو صغيرة .
لم يتمالك ذاته فضحك مؤيداً : نعم معكِ حق تبدين كذلك .
ثم استدرك متابعا بلوعة : يا الهي لا تعلمين كم سعادتي لأنكِ لم تكوني قاصر ذلكَ اليوم لكنت اشتعل بنيران انتظارى حتي الأن .
ابتسمت متمسكة بكفه لتقول وهي تنظر لعينيه باحتياج : أحب حبك لي جداً لا تتوقف عنه أبداً أرجوك .
قبل كفيها قائلاً بصدق : لن أفعل ما حييت .
تنهدت بابتسامة متسعة : هل تعدني .
أجاب بكل تملك محب : أعدك .
_______________________________
صعدا لغرفتهما فوضع يديه بجيب جاكيته ليخرج هاتفه فالتقطت يداه اختبار الحمل ،، لقد نسيا الأمر وهما يتسامران .. نظر له ثم نظر لها بين ذراعيه لتسأله : لماذا توقفت .
أخذ يفكر ،، هل يعقل أن تكون صغيرته حامل ،، رفعه أمام عينيها لتبتلع ريقها بتوتر قائلة : أنا .. أنا .. لا زال الوقت مبكراً لأكون ..
صمت متنفسة بعمق ليحثها وهو يناولها إياه : هيا لتطمئنيني عليكِ ،، علي الأقل لنعرف ما سبب تعبك هذا .
التقطته منه واتجهت للحمام ،، وقبل أن تغلق الباب عليها نظرت له لتقول بهمس : لا أعرف كيف استخدمه .
اخرج صوتاً ضاحكاً يخبرها : بالتأكيد ستجدي طريقة استخدامه عليه .
أومأت هامسة قبل أن تدير ظهرها له وتغلق الباب عليها : حسناً .
ثوانٍ وخرجت له تناوله إياه بنفس التوتر ليسألها بلهفة : ما النتيجة .
رفعت كتفيها بنفي وهي تهز قدميها بتوتر وتدق بأصابعه كفهة علي كفها الأخر : لا أعلم .
لم تكن النتيجة ظهرت بعد فأمسكه وجذبها له يخبرها بدفئ : حسناً اهدأى ما كل هذا التوتر .
لم تهدأ بل زاد اهتزاز جسدها حتي ظهرت نتيجته وقد أضاء الوجه الضاحك علي هذا اللوح الأبيض بدلاً من الوجه العبوس بنهاية اللوح فقال راكان بصدمة سعادته : أنتِ حامل .
توقفت عن توترها بصدمة هي الأخرى ونظرت لعينيه بصمت وهي تتابع تغير ملامحه اللحظي من صدمته حتي سعادته وتوسع ملامحه وبسمته بضحك حتي واجهها بجسده بانفعال يريد حملها فأحست بخطواته لتقل بسرعة : مهلك هل نسيت أشعر بالدوار .
تنهد ضاحكاً وحملها برفق عكس ما كان يريد وأراح جسدها علي السرير ليحاوط وجهها قائلاً وقلبه يدق بسعادة لا يستطيع وصفها : الأن فقط أشعر بسعادة والدك رحمه الله حين كان يتلقف كل واحدة منكن علي يديه غير آبهاً إن كان صبي أو فتاة .. سعادتي لا توصف لكونك ستصبحين أنتِ أم أولادى .. وأنا أريد صغيرات مثلك يشبهونك .. سأحبك وأحبهن للأبد لا أريد صبياً يشاركني بكِ أريد فتيات .. يا إلهي يا راما الله وهبني سعادةً لا توصف الأن أنتِ وصغارك ستكونون بهجة حياتي .. فالحمد لله .
توقف قلبها مدركة لتقول بتقطع : لأننا قطعة من والدتي لهذا أبي لم يكن ليحزنه أبداً الأمر ،، ولأن حبكَ مشابهاً لحبه .
قبلها بشغف خاطفاً أنفاسها المتبقية ليهمس : لأنكِ روحي وهم سيكونون قطعة من روحك ،، لأنني أحبك أنتِ لا غيرك من يسكن داخلى .
نزلت دموعها تأثراً وتجاهلت خوفها الطبيعي هامسة بقلب رقيق : وأنا سأحبهم لأنني أحبك وأرغب بهم لأنكَ معي .
مسح دموعها جاذباً رأسها لصدره حيث مكانها التي تستكين بهِ حتي هدأت ثورة مشاعرهم وعادت لطفولتها لتبتعد عنه قائلة بتحذير خائفة : أنتَ ستكون معي كل الوقت قد لا أستطيع الاعتناء بهم وحدى وأنتَ السبب أساساً أنتَ من تريد أطفال الأن .. ها أنا أخبرك .
ضحك ملئ فاهه علي عينيها المتوسعة وهي تهدده بهذا الإصبع الصغير ليومئ لها مؤيداً وعلي قدر عقلها الطفولى الذى يعرف التعامل معه علي قدر كم سعادته بتواجدها هنا بين ذراعيه وسيعتبرها دائماً وأبداً طفلة ضمن أطفالهم القادمين .
تماماً كما كانت حورية الابنة الأولى لدياب .
_______________________________

لا تعلم أين هو ،، أخبرها أن تصعد وسيلحق بها بعد قليل ولكنه لم يفعل فغيرت ثيابها ونزلت تبحث عنه في هذا القصر الذى لم تأتي بأخره حتي الأن خاصةً وهي تكتشف الأن غرفة رياضية كبيرة غير تلكَ التي يمارس رياضته بها فتلك كانت تحتوى علي طاولة بلياردو ومسبح أخر غير مسبحه الخاص وعدة أرائك في جلسة مواجهة لبعضها فتعجبت لتواجد تلكَ الغرفة التي لم ترها من قبل وفضلت الخروج حتي لا تكون تتعدى علي خصوصيات أحد من أفراد عائلته فقد تكون لفهد أو لعمه الذى كان يقطن هنا مسبقاً قبل استقلاله عن أخيه .. أغلقت الباب والتفتت لترى ديم يمر أمام ذلك الممر الذى به تلكَ الغرفة فنادته ليعود لها قاطباً جبينه مستفسرا وهو يراها بمنامتها : ماذا تفعلين هنا .
استندت علي الحائط فبدت مغرية لأبعد حد وهي تتحدث بكل هدوء : كنت أبحث عنك لقد تأخرت .
اقترب منها مستمعاً لها وهي تكمل : وجدت غرفة بها طاولة بلباردو لمن هي .
رفع كتفيه بتلقائية قائلاً : لنا .
ثم أمسك بكفها عائداً للغرفة التي خرجت منها : تعالي هل تحبين أن نلعب .
تحمست للفكرة موافقة : لم أجرب من قبل .
ضحك ليخبرها : ليست صعبة ولكن اللعب معي له عواقبه .
ابتلعت ريقها بعبث متسائلة وهي تستند على الطاولة جواره تراقبه وهو يرتب أجزائها : ماذا تقصد .
انتهي ليقف أمامها متمسكاً بعصا لها وأخرى له فناولها واحدة واقترب بوجهه منها قائلاً : اللعب معي ليس مجانا فماذا ستعطينني .
ثم أكمل بتلاعب : أو ماذا سأطلب منكِ .
زفرت بغيظ من ثقته : تتحدث وكأنك ضمنت خسارتي .
ضحك ليداعب أنفها متحدثاً قبل أن يبتعد ويديرها لتقف أمامه قائلاً من خلفها : أنتِ خاسرة لا محالة ولكن دعيني أعلمك أولاً .
إنه يستهين بها ولكن لا بأس بالنسبة لها فلديها ما ستعطيه إياه إن خسرت .. علمها طريقة اللعب وكيف تتحكم بالعصا ولم يكف عن الالتصاق بها مشتتاً إياها ولكن هي قادرة علي لعب تلكَ اللعبة الماكرة معه .. وبالفعل بدأو باللهو .. وبدوره وقفت أمامه تماماً فاتحة أزرار قميص بيجامتها مدعية شعورها بالحر .. ليستقر نظره عند عظام رقبتها وصدرها النابض فتخطئ ضربته .. زم شفتيه بابتسامة مرحة موقناً عبثها معه .
وعند ضربته القادمة وقفت جواره لتتلمس بأصابعها الرقيقة عروق رقبته النافرة فاخطأها للمرة للثانية فوقف بضيق قائلاً : العبي بشرف لورين .
لعبت دورها فأصابته كما أصابت الاثنين من قبله لتجيبه ببراءة : وماذا أفعل .
اقتربت منه لتقبل وجنته قائلة : هيا يا عزيزى .
انحني يجهز خطوته القادمة فانحنت معه لتستند علي الطاولة جوار ذراعيه تماماً لينظر لها ضاحكاً : ماذا تفعلين حباً بالله .
هزت كتفيها قائلة بعبث طفولى : استغل قدراتي .
ترجاها حينها قائلاً : استغليها بعد انتهاء الدور وإلا سأنهيه وأخذكِ لغرفتنا الأن .
عبست مبتعدة عنه : حسناً ابتعدت تفضل .
أكملا لعباً ورغم عبثها البدائي إلا أنه فاز بالنهاية لتذم شفتيها بضيق وهو يضحك ويعيد كل شئ لمكانه وما ان انتهي رفعها ليجلسها علي تلك الطاولة متسائلاً بعبث : أطلب أم ستعطيني .
همست بفضول : ماذا تريد .
قرب وجه من عنقها فصاحت حين عضها ببعض القسوة لتبعده بتألم متسائلة : ماذا هل تريد امتصاص دمائى .
ضحك ليخبرها قائلاً : لقد أصبح لسانك أطول منكِ .
أجابته بتلقائية : لأننى زوجتك .
قرص خصرها متفاجئاً لتشهق متأوهه مجدداً : ماذا تقصدين وهل أنا لسانى أطول منى .
عبست لتقل : قصدت أننى زوجتك .. زوجة دين نجم الدين استمد منك قوتى فأفعل ما يحلو لى ،، ما بالك أصبحت عنيف هكذا .
جذبها ليقبلها بخشونة قاطعاً أنفاسها مجيباً إياها : لأنكِ اصبحت بتصرفاتك مؤخراً تثيرين عنفى .
أجابته لاهثة : حسناً لقد أختبرت ذلكَ مرة لا أريد اختباره مجدداً والأن دعنى أعطيك ما لدى .
تسائل بعبث : وماذا لديك .
أمسكت كفيه تضعهم مكان صغيرهم الذى ينبت بداخلها ناظرة له بفرحة وعينيها تلمع وكأنها حصلت علي كنزها الذى رغبت بهِ بشدة وأن كل ما مرت بهِ كان وهم .. لينظر لها بهدوء متسائل جامداً لا يتحدث لتومئ له برأسها لتوضح أن تفكيره صحيح .. ومع ذلك لم تتغير ملامحه لتتسائل بقلق : أنا حامل ألا يسعدك هذا .
تأوه وهو يحتضنها بضيق : لن أشبع منكِ وحدك بعد لم أكن لأريد طفلاً يشاركني بكِ الأن ،، سيشغلكِ وستتباعدين عني وسيكون هو بالمقام الأول عندك .
لم تعرف بما تجيبه ،، ذهلها تفكيره الطفولي الحانق هذا ،، ديم نعم كان حانق علي الأمر كطفل ،، غيور من نطفة مازالت لم تكتمل بداخلها ،، حاوطته هي الأخرى لتخبره : ديم لا أصدق ما تقوله لم أكن أعلم بهذا الطفل بداخلك ،، سيكون ابنك او ابنتك وسيأخذ جزء من وقتك أنتَ أيضاً وأنا لن أتذمر حينها أو ربما سأتذمر .
نظر لها بغيظ ،، تسايره كطفل فضحكت بعمق : لا أصدقك يا ديم هل أنتِ جدى أخبرك أنني حامل وأنت تتذمر كالأطفال .. أيها الغيور .
حملها متجهاً لإحدى الآرائك الموجودة قائلاً : سأريكِ الغيور الأن ماذا سيفعل بكِ .
رفرفرت بقدميها لتجعله ينزلها قسرا وفرت من أمامه وهي تقول بتسلية ما جعله يزفر بغضب : لا لا .. يجب أن نذهب للطبيبة معاً لتخبرك ما ستلتزم به .
__________________________________
منذ ساعات بسبوع الصغير دياب ،، جلست متشحة بالسواد في وسط المجلس لا يعيرها أحداً اهتمام تقريباً هي وتلك الجالسة جوارها تشبهها قلباً وقالباً ،، وكم كانا مثالاً للنقطة السوداء بصفحة بيضاء ناصعة .. مرح وغناء وأصوات متعالية وأناس كثيرون وكل هذا من أجل الاحتفال بصغير يمقتانه هو ووالدته .. بدون سبب راسخ عاقل وسببهم أساسه تحجر القلب وعدم الرحمة .. 
هتفت أخت صهيب بغل : ترين يا أماه ،، لا أحد يعيرنا انتباه حتي ابنك .
هتفت والدة صهيب بقسوة : تلكَ الفتاة وعائلتها غسلوا رأسه جيداً .
أجابتها الأخرى بتساؤل حاقد : وهل ستتركين الأمور هكذا .
همست الوالدة بغضب : وماذا أفعل لقد حاولنا من قبل التخلص منها لعل ولدى يعود لنا وأجوزه من واحدة تكون تحت طوعي وليست تلكَ بنت مصر .
تذكرت الأخرى لحظة تسميمهم لطعامها وهي حامل وقد بات الأمر بالفشل الذريع لذا هتفت أخته بتقرير : نعيد الأمر يا أماه ونتخلص منها هي وابنها ذاك إنها تربط صهيب بها كل مدى وأكثر وهذا الطفل سيكون عائقاً كبيراً .
هل نفكر أن تشعر الجدة بقليل من المشاعر بعد ما قالته ابنتها من دمار وخراب وقتل .. لا أبدا لم تهتز جفونها حتي إلا موافقةً وتفكيراً كيف يتم الأمر بدون شبهة لهم ،، نظرت لابنتها موافقة لتبتسم الأخرى بشر وشرعو بالتنفيذ وكأنهم هكذا لن يدمرو ابنهم صهيب قبل أى شخص .. وكأنها لن تقتل حفيداً لها من صلب ابنها وتظل العادات التي لا يقبل البعض تغيريها مع العقلية القاسية الغبية وكأنها ديناً لا يجوز الخروج عنه وقد كانت رسيل وابنها أعداء ذلك الدين ... ومكب تلك الاعتقادات والآثام .
وفي خضم انشغال الجميع كان السم يقبع بداخل حليب الصغير الذى لم يقبل حليب أمه .. ولو تعرف رسيل أن حلمها سيتحقق قريباً للغاية لما كانت تركت صغيرها ثانيةً واحدة ولكن يظل ما عند الله خيراً وأبقي .
______________________________
يتبع