-->

الحلقة السادسة عشر (جزيرة الدمى) - سلسلة أماكن مسكونة

 

الحلقة السادسة عشر من سلسلة أماكن مسكونة للكاتبة سمر إبراهيم بعنوان جزيرة الدمى


الحلقة السادسة عشر

جزيرة الدمى



حد فيكم سمع قبل كدا عن جزيرة إسمها جزيرة الدمى؟

لو أول مرة تسمعوا عنها عنها تعالوا أقولكم إيه هي جزيرة الدمى دي؟ وإيه حكايتها؟

جزيرة الدمى أو La Isla de la Munecas 

هي جزيرة صغيرة موجودة في المكسيك في منطقة اسمها زوشميليكو أو سوتيميليكو تقع جنوب العاصمة مكسيكو سيتي تبعد عنها حوالي ١٧ ميل، والجزيرة دي موجود حواليها مجموعة من البحيرات اللي كان ليها دور أساسي في قيام أعظم الحضارات اللي قامت على أرض وادي المكسيك زي حضارة  التولتيك والأزتيك.


طيب كل الكلام ده حلو جدا فين المشكلة بقى؟


المشكلة إنك أول ما هتروح جزيرة الدمى دي هيجيلك ذهول من اللي هتشوفه هناك، الجزيرة دي تم تصنيفها من أكتر الأماكن المرعبة والمثيرة للفزع الموجودة في العالم.


أول ما هتنزل أرض الجزيرة هتشوف العرايس أو الدمى موجودة حواليك في كل مكان.


دمى مرعبة مشنوقة أو مصلوبة أو متعلقة من إيدها أو رجليها في فروع الأشجار أو مرمية على الأرض ومش واحدة ولا اتنين لا دي آلاف الدمى موجودة في كل ركن في الجزيرة.


دمى مشوهة شكلها بشع اللي من غير راس واللي من غير إيد أو رجل أو عين كل ما تتخيله أو متتخيلوش هتلاقيه.


لدرجة إن الجزيرة بقت مصدر جذب للسياح من كل مكان في العالم علشان يشوفوا الدمى المشوهة دي ويعرفوا إيه حكايتها.


❈-❈-❈


الحكاية بدأت في عشرينات القرن العشرين كان فيه مركب صغير معدي من قدام الجزيرة فيه أب وأم وبنتها الصغيرة.


البنت كانت جميلة جدا لابسة فستان أبيض وعليه ورد ملون جميل وماسكة في إديها عروسة صغيرة أبوها جابهالها هدية في عيد ميلادها وكانت فرحانة بيها جدا وبتلعب بيها.


الأب والأم كانوا قاعدين بيتكلموا مع بعض ومش واخدين بالهم من البنت اللي سابت عروستها على القارب وبدأت تمد إديها في المية فيه اللي قال إنها وقعت حاجة وكانت بتحاول تجيبها وفيه اللي قال إنها كانت بتحاول تمسك زنبقة كانت طافية على سطح المية أيًا كانت الأسباب البنت اختل توازنها ووقعت في المية في لحظة.


الأب نط في المية علشان ينقذ البنت بس مكانش ليها أي أثر فضل يدور عليها كتير جدا علشان ينقذها بس للأسف مظهرتش أبدا ولا حتى الغواصين عرفوا يلاقوا جثتها وعايزة أقولكم إن جثة البنت مظهرتش أصلا لحد دلوقتي.


بعد غرق البنت انتشرت أسطورة مرعبة بين السكان المحليين بتحكي عن بنت صغيرة بتخرج من البحر بالليل وبتفضل تتجول بين الجزر تدور على عروستها اللي ضاعت منها ومش لاقياها.


❈-❈-❈




الجزيرة كانت مهجورة محدش ساكن فيها لحد سنة ١٩٥٠م في يوم كان بيزور الجزيرة واحد إسمه "جوليان سانتانا باريرا" وشهرته "دون جوليان"


دون جوليان في الوقت ده كان شاب صغير متجوز وعنده أولاد وعنده وظيفة محترمة في المدينة.


محدش عارف سبب زيارة دون جوليان للجزيرة دي فيه اللي بيقول إنه كان بيزورها من وقت للتاني لأن كان فيه صلة قرابة بينه وبين أصحاب الجزيرة الأصليين.


ورأي تاني بيقول إنه كان رايحها سياحة مش أكتر علشان يشوف الجزيرة المهجورة دي ليه محدش بيسكنها.


أيًا كان سبب زيارته بس اللي حصل بعد كدا شقلب حياته وغيرها ١٨٠ درجة.


اللي حصل إن وهو واقف عالشط قدام الجزيرة بيتأمل المية  شاف بنت صغيرة لابسة فستان أبيض بتغرق وبتبصله وهي بتغرق.


البنت كانت تحت المية مبتطلعش على وش المية زي ما  يكون فيه حاجة ماسكاها ومثبتاها علشان متطلعش وبتبصله زي ما تكون بتستنجد بيه.


في الأول وهو بيبص من بعيد افتكر  إن اللي في المية دي جثة بس لما قرب ودقق النظر ولقاها بتبصله عرف إنها لسة حية وقرر ينقذها فورا.


نط دون جوليان في المية علشان ينقذ البنت وقدر يمسكها بالفعل وخرج بيها برا المية بس الغريب إنه لما خرج لقى نفسه ماسك عروسة بلاستيك مش بنت حقيقية ولا حاجة عروسة جميلة جدا بعيون زرقا وشعر أشقر طويل.


بقى هيتجنن هو متأكد إنه شاف بنت حقيقية مش دمية ولا حاجة.


وهو راجع قابل مزارع ساكن في جزيرة قريبة من الجزيرة دي وحكاله اللي حصل.


المزارع قاله إنه مكانش المفروض يروح المكان اللي كان واقف عنده ده وإن المكان ده هو اللي غرقت فيه البنت الصغيرة من ٣٠ سنة وحكاله حكايتها وقاله إن شبحها لسة بيظهر لحد دلوقتي.


لما سمع الحكاية أيقن إن اللي شافه في المية ده ما هو إلا شبح البنت دي وأدرك كمان إن ظهور الدمية دي في المية علامة ودليل على صدق اللي شافه.


لما روح بيته كان فيه حاجة مش طبيعيه زي ما يكون اتبدل ديما ساكت مبيتكلمش ولا بيهزر مع مراته وأولاده زي عادته وبقى يشوف أحلام مزعجة جدا كلها بتدور حوالين البنت الصغيرة اللي شافها بتغرق.


كان كل ما يغمض عينه يشوف البنت وهي بتبصله من تحت المية زي ما تكون بتتوسله علشان يرجع الجزيرة تاني وينقذها وإنها محتاجاله.


في يوم من الأيام صحي دون جوليان من النوم الصبح وخرج من بيته ومرجعلوش تاني أبدا عارفين أسطورة النداهة أهو ده اللي حصل مع دون جوليان النداهة ندهته.


ساب بيته وأولاده ومراته وشغله وكل حاجة ومشي بلا راجعة.


راح الجزيرة وبنى كوخ علشان يعيش فيه بس برضو فضلت البنت تزوره في المنام ومسابتوش لدرجة إنه كان بيخاف ينام.


في يوم وهو واقف قدام البحر في نفس المكان اللي البنت غرقت فيه لقى دمية جديدة طافية على سطح المية.


خد الدمية وعلقها على فرع شجرة من أشجار الجزيرة ومن وقتها وحس بالراحة كل الهواجس اختفت والأحلام المزعجة وساعتها حس دون جوليان إن العروسة دي هي السبب وإن شبح البنت كان محتاج بس العروسة علشان البنت ترتاح.


تاني يوم الصبح وهو واقف في نفس المكان لقى عروسة تانية ظاهراله من المية وهنا فهم دون جوليان إن عروسة واحدة بس مش كفاية أبدا.


خد العروسة الجديدة وعلقها زي التانية والغريب في الموضوع إنه بقى كل ما يروح نفس المكان كان بيلاقي عروسة جديدة عايمة على وش المية وبرضو ياخدها يعلقها لحد ما بقى عنده هوس بجمع العرايس وتعليقها على أمل إنها تحميه من روح البنت.


كان بيروح المدينة ويدور في صناديق الزباله عن العرايس القديمة المرمية فيه ومحلات الخردة وأي مكان ممكن يلاقي فيه عرايس قديمة لدرجة إنه كان بيقايض على العرايس دي بالفاكهة والخضار اللي كان بيزرعهم في الجزيرة.


مكانش بيهمه أبدا حالة العروسة دي إيه من غير إيد ولا رجل ولا حتى دماغ مش مهم حتى لو العروسة عبارة عن رأس بس أو إيد أو بطن مفيش مشكلة المهم إنه ياخدها يعلقها على فروع الشجر أو يحطها عالأرض تحت الشجر أو في كل أركان الجزيرة لحد الجزيرة ما بقت مليانة بالعرايس دي بقت عبارة عن معرض للدمى بمعنى أصح وبقت الدمى موجودة في كل مكان وعلى كل فرع من فروع الأشجار وفي كل شبر من الجزيرة لحد ما وصل عددها للآلاف.


كانت العرايس بتبص على اللي رايح واللي جاي من ركاب المراكب اللي بتمر بالجزيرة في الريحة والجاية زي ما تكون بتدور على أصحابها اللي كانت موجودة عندهم في يوم من الأيام.


طبعا بمرور الزمن والتراب والمطر وعوامل البيئة العرايس دي بدأت في التحلل وبقى شكلها مرعب جدا ومع ذلك مبطلش دون جوليان يعمل كدا لآخر يوم في عمره.


❈-❈-❈




سنة ٢٠٠١م يعني بعد حوالي ٥٠ سنة من سكن دون جوليان للجزيرة الناس لقت جثته طافية على سطح المية في نفس المكان اللي غرقت فيه البنت ونفس المكان اللي كانت بتظهرله فيه العرايس.


محدش عارف لحد دلوقتي سبب الوفاة ولا هو مات إمتى وفين وإزاي بس اللي الناس كلها عارفاه إنه ساب وراه جزيرة من أغرب الجزر وأكثرها كآبة وإثارة للجدل على مستوى العالم.


معظم الناس اللي مرت بالجزيرة أو اللي ساكنين حواليها  أجمعوا إنهم وهما معديين بمراكبهم من قدام الجزيرة كانت العرايس دي بتبصلهم بطريقة غريبة وفيه منهم اللي بيحلف إنها كان بتتهامس بينها وبين بعضها وفيه اللي قال إنها كانت بتشاورلهم علشان يدخلوا الجزيرة.


فيه بقى اللي عدا ليفيل الوحش وقال إنه شافها بتحرك إديها ورجليها ودماغها وبيخرج منها أصوات مرعبة ومخيفة جدا  خصوصا بالليل.


طبعا فيه ناس كذبت كل الكلام ده وقالت ولا فيه بنت غرقت ولا شبح ولا عرايس بتظهر من المية ولا أي بتنجان وقالوا إن دون جوليان ده كان واحد مختل عقليا وخياله المريض هو اللي صورله الحاجات دي كلها وإن الكلام عن البنت الغرقانة والأشباح دي كلها حاجات من تأليفه وإن الناس اللي شافت الدمي بتتحرك أو بتتكلم دا شيء إيحائي من وحي خيالهم فقط لا غير هما حاطين في دماغهم إنها بتتحرك شافوها بتتحرك متخيلين انها بتهمس فشافوها بتهمس يعني الموضوع كله وهم في وهم مش أكتر.


انتوا بقى رأيكم إيه ومصدقين أي رأي فيهم مستنية رأيكم ويارب قصة الاسبوع ده تعجبكم وإلى لقاء آخر إن شاء مع مكان مسكون جديد من سلسلة أماكن مسكونة.


سمر إبراهيم

 الحلقة التالية