-->

رواية عقوق العشاق - بقلم هدى زايد - الفصل السابع والعشرون

رواية عقوق العشاق بقلم هدى زايد


 الفصل السابع و العشرون

بدأت التحركات تكن أكثر سرعة، كاد أن يبكي  من فرط قلقه و حزنه، رغم كل المحالات التي قام بها عابد و اخواته لم ينجح في أيًا منهم، أما امجد فـ كان في عالمًا آخر لا يعرف ماذا يفعل  الآن  يبكي أم يركض ليُنهي احتياجات المشفى أم ماذا يفعل الآن !!  يا ليته لم يضعف أمام رغباتها لماذا القدر يعانده لماذا لايريده أن ينجب تساؤلاتٍ عدة سألها لنفسه و هو يقود سيارته،  كان بجواره فياض ربت على كتفه و قال بإبتسامة خفيفة عله يتسجيب لدعابته 

- متقلقش كدا يا عم سفيان كان كدا و الحمد لله عدت على دا بيحصل لأي طفل أول ما بيتولد، اجمد ميبقاش قلبك خفيف كدا 

- ربنا يسترها يا فياض، قلبي مش مطمن قلبي بيقولي لي إنها ها تعمل زي اا...

- فال الله و لا فالك اهدأ بقى كدا ادينا راجعين و و الدكتور طمنا اهو على الواد ناقص امه و إن شاء الله خير 

- ربنا يسترها يارب يارب أنا مليش غيرك و أنت احن  عليهم مني 


                         ❈-❈-❈

يقوم الطبيب بوصف بعض الأدوية المسكنة للألم، حيث أن العملية قد تكون مؤلمة بعض الشيء.

بمجرد بداية الالتئام والتعافي ويكون الشخص بحاجة لبرنامج من العلاج الطبيعي، هذا البرنامج يساعد في استعادة قوة العضلات ومدى الحركة لمفصل الكتف.

فترة التعافي بعد عملية قطع وتر الكتف قد تستغرق فترة زمنية تتراوح ما بين 3-6 شهور بناء على طبيعة ومدى شدة الإصابة.

فرصة عملية الوتر المقطوع بالكتف في تقليل أو التخلص من ألم الكتف تكون جيدة جدا. لكن, الجراحة قد لا تستعيد كامل قوة المفصل.

العلاج الطبيعي مع الوقت قد يساعد في استعادة قدرة المفصل الوظيفية, لكن قد يكون هناك بعض الضعف أو التصلب أو الألم المزمن.

قد يستغرق الأمر عدة شهور حتى يتمكن الشخص من معاودة ممارسة الرياضة أو ممارسة اي أنشطة تتطلب مدى حركة كامل وقوة كاملة لمفصل الكتف.

   


قرأت رُبى المقال الطبي بعيناها، تحولت فجأة لطبيبة لتعرف كيف تُعالج حبيبها، حزنت على الحالة التي آل إليها في الفترة الأخيرة، قررت أن تتحدث معه لن تتنازل عنه،  ستحاول مرة أخرى معه اوصدت شاشة حاسوبها النقال، و بكت من فرط حزنها كان والدها يستمع لشهقاتها، كاد أن يضع يده على المقبض الحديدي، لكنه تراجع عن فعل ذلك منعًا لإحراجها،  اطبق على جفنيه و هو يعاتب نفسه ولج غرفته و مدد جسده على طرف الفراش بينما حدثته وتين قائلة 

- من يوم اللي حصل و نوح كأنه قاصد يعرفك إنه قد الاختبار و مش هايسيب فرصته الأخيرة تروح منه 

- بنتك هي اللي  ضعفت و شكلها كدا مش ناوية تتنازل عنه 

- ما هو دا اللي قلته لك و أنت ما سمعتش كلامي، رُبى بتحبه فعلا و هو كمان بدليل إنه فضل هنا لأ و بيحاول ينجح و يطور من شغله و نفس الوقت سايب الباب بينه و بين رُبى موارب لا قادر يخذلك و لا قادر يقهرها  طب و الله الواد دا صعبان عليا 

- و أنتِ فاهمة يا تيا إن أنا فرحان باللي عملته مع نوح ؟  بالعكس واجع لي قلبي انا نفسي يتجوزها النهاردا قبل بكرا بس بردو نفسي يكون عاقل و ياخد الأمور بعقل اضمن منين إنه يحافظ عليها مش يقولي لأ انا اتخنقت و مش عاوز دا مافيش مكان بيثبت في شهرين على الأقل  لا شغل بيكمله و لا حياة في مكان بيكملها تفتكري لو اتجوز النهاردا ها يجي لي بكرا يقولي معلش يا عمي بنتك خنقتني !! 


ردت وتين قائلة بإبتسامة واسعة 

- عابد خليك حقاني نوح بيعمل اللي  بيعمله دا عشان هو مش عارف يبقى مع بنتك، سبيهم يقرروا ما تقررش أنت بدلهم 

- بسـ....

- من غير بس أنت ضميرك وجعك و مش عارف تنام و هما مش عاوزين يخونوا الثقة اللي اديتهالهم و يتكلموا لمجرد الكلام من وراك،  العمر بيجري و هما لسه زي ما هما لا في جديد و لا كل واحد عارف يعيش حياته مع غيره 


نظرت له ثم احتوت خده بكفها الرقيق و قالت

- طول عمري بقول عليك حنين و قلبك كبير و بيسامح  و أنت تقولي 


ثم قامت بتقليده و قالت بنبرة تقارب نبرته 

- أنا طول عمري يا تيا من انصار الفرصة التانية لان كل إنسان يستحق يعيش حياته 


اقترب منها و دغدغها لتصدر صوتًا عالِ رغمًا عنها ثم عادت و كتمته بمساعدة كفه و هو يُعيد ذكرياتهما على طريقته الخاصة،  نظرت له و تسألت بأعين مليئة بالتوسل و الرجاء 

- ها تديهم فرصة تانية ؟ 


ضاق عابد حدقته و هو يرفع رأسه المتوسدة صدرها و قال 

- و الله أنا شاكك إنك متفقة مع نوح ضدي هو مين فينا اللي حبيبك بالظبط ؟! 


ردت بإبتسامة واسعة 

- و الله ما اتفقت مع حد على حاجة ثم هو حبيبي عشان هو جوز بنتي 


كاد أن يعتدل من جلسته لتعيدهُ بكفيها و هي تضعهما على كتفيه و قالت بخوفٍ مصطنع

-  و أنت روح قلبي من جوا 

- ايوة كدا اتعدلي و بلاش كلمة حبيبي اللي بتقولي للرايح و الجاي دي  كفاية أنا، على الأقل اللي بفضل معاكِ و هما بيمشوا و يسيبوكِ 

- ما هي دي سُنة الحياة يا حبيبي


رد عابد بجدية مصطنعة و قال  

- لا دول عيال قليلة الأصل ما عرفتش اربيهم، ما عندك أنا اهو مثلا رغم كل  سنين الغربة اتجوزت و خلفت و عايش في بيت ابويا اهو 

- معلش ياروحي الزمن غير الزمن و بعدين أنت عاوز منهم إيه ماتسيب كل واحد على راحته 


قلب عابد شفتاه وقال 

- عاوز العب بعيالهم هما يغورا مش عاوزهم هما متعبين اساسا و زنانين 


ضحكت وتين ضحكة عالية لكنها عادت وكتمتها من جديد ثم قالت بجدية 

- أنت  شكلك رايق النهاردا و أنا يا اخويا تعبانة و عاوزة انام تصبح على خير 


ضمها لحضنه وهو يخفض  الضوء  و مصطنع التذكر و قال 

- أنا كمان افتكرت حاجة مهمة اوي لازم اخد رأيك فيها 


لم تستطع الإنفراد بنفسها وقت النوم، مازال يُقنعها بما يريده لم يتغير فيه شئ، هذا هو عابد الذي تعهدهُ منذ نعومة أظافرها و حتى لحظتها هذه، كان صادقًا في وعوده لها و هذا الذي يريده لبناته رجال تحفظ العهد، رجال أفعال لا أقوال .


               

                         ❈-❈-❈


في صباح اليوم التالي 


كان جالسًا في شرفة الردهة يقرأ جريدة الصباح، ولجت رُبى شاحبة الوجهة مالت بجذعها لتطبع قبلة خفيفة على خده، ابتسم لها و قال 

- صباح الخير يا بابي

- صباح النور يا قلب بابي فطرتي ؟ 

- اه اخدت حاجة سريعة كدا عشان اتأخرت النهاردا  هانزل بقى محتاج حاجة مني قبل ما انزل ؟ 

- لأ يا حبيبتي بس متعمليش حسابك إنك هاتتغدي هنا النهاردا 


نظرت له و قال بنبرة متعجبة 

- اومال هتغدا فين !! عند جدو يعني ؟ 

- لأ 

- ها تعزمنا برا ؟ 


رد عابد ممازحًا و قال 

- ليه قالو ا لك عليا ورثت ؟!! 


وضع جريده على سطح المنضدة و قال بنبرة حانية و هو يحتوي خدها بكفه 

- ياريت القمر  بتاعنا  يبطل  عياط بليل عشان مش حلو عليكِ 

- بابا أنا 

- أنتِ إيه ؟! 

- أنا آسفة 

- ليه ؟ 

- عشان خذلتك  و ضعفت 

- عشان بتعيطي تقصدي ؟ 

- اه 

- و هو أنتِ إنسانة ولا جماد 

- قصد حضرتك إيه ؟! 

- قصدي إن العياط بريح  و أنتِ لازم ترتاحي 


ردت رُبى بنبرة مريرة و قالت 

- إن شاء الله يا بابا عنـ ...


نظر  لها و قال بإبتسامة خفيفة و هو يحاول قراءة تعابير وجهها، حاولت أن تشيح بوجهها للجهة الإخرى  وضع أنامله أسفل ذقنها و لفها له ثم قال 

-  مبروك يا قلب بابي 


نظرات ذاهلة لا تعرف رُبى فرغ فاها لترد عليه لكنه نظر لساعة معصمه و قال بجدية مصطنعة 

- نوح قالي إنه جيبه مليان 


غمز لها و قال بإبتسامة واسعة

- ابقي اطلبي غدا مُعتبر خلي يدفع د م قلبه 

- بابا أنتـ...

-  يلا اتأخرتي على شغلك،  انزلي ها تلاقي السواق في انتظارك يا ربى هانم 


عقدت ما بين حاجبيها و قالت بعدم استيعاب  

- سواق مين ؟ 


قبل أن يرد عليها صدح رنين هاتفها، دست يدها في حقيبتها الجلدية،  اخرجته و قالت 

- دا نوح 


رد عابد بإبتسامة واسعة 

- ماهو دا السواق يا بنتي يلا اتأخرتي على شغلك 


هزت رُبى رأسها بسعادة  ثم خرجت لكن سرعان ما عادت  طبعت قبلتها على خده و هي تقول بسعادة غامرة 

- شكرًا يا بابي، ربنا يخليك ليا 


قبلات و احضان على الصبح كدا الله الله يا سي عابد 


أردفت وتين عبارتها و بين يدها حامل القهوة،  وضعته على سطح المنضدة،  و قالت 

- نقول مبروك و لا لسه شوية 

- الله يبارك فيكِ يا مامي 


توسط عابد زوجته و ابنته،  نظر لهما وقال  بسعادة 

- اهو أنا دلوقتي بس ارتاحت و عرفت يعني راحة 


لم يهدأ رنين هاتفها رد عابد بنبرة مغتاظة قائلا 

- ما كنا قاعدين كان لازم اسمع كلامك و اوفق على سي زفت 


ردت وتين بجدية مصطنعة 

- ما تقلش على جوز بنتي زفت، يلا يا روبي انزلي يا روحي زمانه تعب من القعدة و دا غلط عليه 

- حاضر يا مامي 

- حاضر يا مامي دلوقتي حاضر يا مامي كله منها أنا عارف أنا وافقت ليه 


ردت وتين بغطرسة 

- أنا كلامي مُقنع و بعدين دي مرة من 25 سنة فكرني بعد 25 سنة تاني ابقى اقنعك تجوز حفيدك  عشان صعب عليا 


ضحكت رُبى على عفوية والدتها بينما أشار والدها لها و قال 

- انزلي يا بنتي قبل ما تقنعني ابيع البيت باللي في ما هي بنت الأنصاري و تعملها 


ركضت رُبى تجاه الباب ثم عادت سريعًا  عانقتهما و هي تقول من بين دموعها 

- ربنا يخليكم ليا و دايمًا منورين حياتي 


كادت أن تذهب لكن استوقفها عابد متسائلا بجدية مصطنعة 

- مش وشك من شوية شبه العواجيز إيه اللي حصل له كدا ؟؟

- يا بابا بقى !!


و أخيرًا تكرمت  و هبطت سلالم الدرج، عبرت البوابة الحديدية  ثم فتحت باب السيارة و استقل جوار مقعد القيادة،  نظرت جوارها و جدته يستشيط غضبًا كادت أن تسأله لكنه انفجر قائلًا 

- ما لسه بدري على وصلة الاحضان و البوس و الحنية اللي اشتغلت،  إيه اكتشفتي إنهم اهلك النهاردا و لا إيه عرفيني عشان ابارك لك ؟ 

- إيه يا نوح كنت بفهم من بابا اللي حصل و بعدها قلته شكرًا 

- شكرًا بتاعتك دي مش زي أي شكرًا بتتقال في الكون 


زفر بحنق ثم قال بضيق و قال 

- هنروح فين ؟ 

- الحضانة طبعًا 

- إيه يا بت الثقة دي جايبها منين نفسي افهم 

- قصدك إيه مش فاهمة ؟ 

- الساعة في ايدك كام 

- عشرة 

- متأخرة عن معادك ساعتين كاملين و أنتِ حاطة قوانين في الحضانة إن ممنوع الدخول بعد 8 يعني حضرتك إجازة 

- ايوة بس الكلام دا على الموظفين و الطلابة مش المديرة و بعدين دي مرة في عمر لما بتأخر 


قاد سيارته و قال بهدوء 

- و أنا اصدرت امر مافيش شغل النهاردا 


تابع وهو ينظر لها قائلا بغمزة من عيناه

- هاخدك تشوفي شغل جوزك عامل ازاي 


ردت ربى و قالت بهدوء وهيي تخرج هاتفها من حقيبتها الجلدية 

- طب تمام هابلغ بابا لو وافق يبقى هابلغ السكرتيرة إني مش جاية 


لحظات و هي تنتظر رد والدها،  ردت بصوتٍ سعيد و نبرة تملؤها الفرحة قائلة:

- بابي معلش نوح كان عاوز ياخدني المزرعة اشوفها و...


كادت أن تكمل حديثها لكنه سحب منها الهاتف ثم ضغط على زر السماعة الخارجية و قال 

- مش هنتأخر هناك يا عمي ساعة بالكتير و بعدها نروح نتغدا 

- هاتغدي البت الساعة عشر الصبح يا نوح أنت ها تعملهم عليا ؟ 


ماتسيبوا ياخدها أنت قاعد لهم زي الحكم كدا ليه 


اردفت الجدة عبارتها و هي تستمع لرجاء حفيدها و توسلاته بعد أن رفض بطريقة غير مباشرة،  نظر لوالداته و قال بجدية مصطنعة 

- طبعا ما هو دا الغالي اللي محدش يقدر يجي جنبه 

- واد يا نوح روح يا حبيبي مطرح ما يعجبك و اصرف يا واد متبقاش بخيل يمكن ابوها يسكت 


وضع عابد صحن  حبوب القهوة  بين يدها و في الأخرى المكينة الخاصة بطحنها و قال 

- خُدي يا ولاء حاجتك اهي و هاتي التليفون عشان أنتِ كدا هاتبوظي لي علاقتي بالعيال 

- خد يا اخويا آل يعني هي عدلة من الأول 


حرك عابد رأسه يمينًا و يسارًا ثم حدث نوح كلماتٍ بسيطة محذرة تارة  و مطئنة تارة أخرى،  وضع هاتفه على سطح المنضدة و هو يستمع لسؤال والدته قائلة:

-هو اخوك لسه مخاصم مراته ؟ 


رد عابد بنبرة حائرة قائلا 

- أنا مش عارف ابنك بيكبر و يعقل و لا بيكبر و يتهبل ؟ دا أنا لحقته على آخر لحظة قبل ما يرمي اليمين للمرة التالتة 


ردت ولاء بشماتة ظاهرية 

- احسن تستاهل 


سألها عابد قائلا 

- أنتِ شمتانة فيها يا امي دا بدل ما تعقلي ابنك 


ردت ولاء على سؤاله بسؤالا آخر قائلا

- اسم الله يا اخويا اومال يعني افرح و هي رامية الواد الغلبان آخر بلاد المسلمين و كل شوية ادعي الايام تحري عشلن يرجع ليا بالسلامة ؟! 

-  يا ماما بقى سينا بقت آخر بلاد الملسمين دا بينا وبينها تلت ساعات بالطيارة 

-  بلا طيارة بلا تاكسي بتتدخل هي ليه في شغله تنقله ليه توجع قلوب عليه ليه ؟ دا ابوه اللي يعرف  مناصب تسد عين الشمس ما فكر يعملها تيجي هي تتدوس جوزها وتلغي خالص وتقول لصاحبتها اقر صي ودن ابني 

-  اللي حصل حصل بقى يا ولاء خلاص وبعدين ما هو سبق و مالك طلب نقله لهناك متكلمتيش ليه ؟

-  عشان كان عنده حق عشان عاوز يبعد عن شيطانه و مايقعش في الحرام، انما دا طالب حلال ربنا و عاوز البت مراته مالها هي بقى نا ر واكلة باطنها ليه من ساعة ما ساعد الواد في جوازته ؟!! 


ربت عابد على ظهر يدها المجغدة وقال برجاء 

- بس الله يكرمك يا ماما دي داخلة علينا م عاوزينها تزعل كفاية ضغطها اللي كان عالي امبارح من زعلها ابنها وبنتها 

- بنتها اعذرها لكن ابنها دا مش زعل اسمه مُحـ 


كادت أن تكمل سُبابها لكنه تناول رأسها بين يد يه   و طبع قبلا.... ته المتتالية والسريعة و هو يقول 

- ابو س ايدك  خلاص حقك عليا أنا عشان خاطري 


ولجت سيلا و تحملت من حماتها ما يكفي جبال،  هي على حق بل كل الحق ما الذي فعلته بابنها 

أ تعاقبه لأن يعشق !! تبا لها و ماذا فعلت هي مع أبيه هل هذا ما تعلمته من زوجها هل هذه هي تعاليمه لها يا لها من حمقاء جعلت ابنها فلذة كبدها يُشرد عنها و من ساعده على دذلك هي بنفسها 

             

ولجت رقية و هي تُلقي بتحية السلام، رد الجميع عليها جلست على الأريكة حذاء الجدة سألتها عن حالها و قالت 

- عاملة إيه يا رقية دلوقتي 

- الحمد لله يا تيتا في نعمة و الله 

- طب يا حبيبتي الحمد لله


سألها عابد عن زوجها قائلا بهدوء

-  بيجاد بيكلمك ؟ 


أومأت برأسها علامة الإيجاب بنبرة حزينة قبل أن تتساقط دموعها و قالت 

- اه يا عمي 


ردت الجدة بتساؤل قائلة بتوجس 

- مال صوتك يا رقية هو الواد في حاجة و أنتِ مخبية عليا ؟ 


ارتمت رقية برأسها على صــ ـد ر  الجدة و قالت ببكاء و صوتٍ كاد أن يكون مسموعًا 

- بيجاد تعبان يا تيتا 


سألتها بفزع قائلة

- ماله في إيه ردي خلي عابد يلحق يتصرف 


رفعت رأسها و قالت نافية 

- لأ لأ لأ الحمد لله مش حاجة وحشة هو بس يا حبيبي كان واخد لبس م تقيل اوي فاكر الجو زي هنا و من تغيير الجو اخد دور برد شديد 


تنهدت والدته و الجدة بإرتياح شديد ثم قالت الجدة بنبرة مغتاطة و هي تنظر لـ سيلا 

- منه لله اللي كان السبب في المرمطة دي 


لا بد لـ عابد أن يتتدخل بدلا من أن تشـ تعل الأمور أكثر من ذلك،  تنحنح و قال بفضول 

- هو أنتِ و لا إيه يا رقية ؟ 

- اه يا عمي الدكتور ة طلبت مني كام تحليل و إشعة كدا و لما حجزت قالوا لي معادي الساعة 11 الصبح 

- تحاليل و إشعة إيه معاكِ الروشتة ؟ 

- اه اهم اتفضل 


ردت الجدة و قالت 

- بلاش دا طلع دكتور خايب معرفش مرات ابنه هاتجيب إيه آل إيه لسه بدري بس أنا عرفت من بطنها المدورة دي إنها هاتجيب واد و اهي جابته و من غير لا شهادات و لا غيره


نظر عابدفي الورقة نظر لها و قال بهدوء 

- أنتِ معاكِ تحاليل قبل التحاليل دي ؟ 

- اه يا عمي خير في حاجة ؟ 


رد عابد كاذبًا بإبتسامة متكلفة و قال 

- لا بسأل عادي، قولي لي هو أنتِ في الشهر الكام بالظبط ؟ 

- قربت اخلص التالت يعني يومين و يخلص عمي بالله عليك في حاجة ؟ 

- صد قيني يا بنتي مافيش حاجة أنا بسأل سؤال عادي و بعدين أنتِ قلقانة ليه مش أنتِ رايحة تعملي الإشعة أكيد لو في حاجة كنت هاقل لك عشان مطلعش كادب و لا إيه ؟! 

- طب ليه الدكتور طالبة مني التحاليل و الإشعة قبل ما ادخل في  الرابع ؟


رد كاذبًا و قال 

-  دا إجراء روتيني بنعمله عادي قبل دخول الشهر الجديد و بنطمن على صحة الجنين والأم متقلقيش ربنا يقومك بالسلامة 

-  يارب ياعمي، عن أذنكم بقى احسن يادوب الحق 



بعد خروجها من المنزل سألته والدته بخفوت قائلة 

- أنت عارف حاجة و مخبيها ؟ 


رد عابد بذات النبرة و قال 

- الدكتور شاكة في حاجة و عاوزة تتأكد منها 

- حاجة زي إيه ؟  الواد في حاجة ؟! 

- لسه مش عارف لو جابت الإشعة و التحاليل أكيد هاعرف و أنا مش هاقدر اقل لها هاتيهم لـ تقلق أكتر و دا غلط عليها 

- ربنا معاها يا ابني و يجيب العواقب سليمة 


                         ❈-❈-❈ .


داخل المكان المخصص للنوم لـ بيجاد،  كان يمدد جــ ســده على طرف الفراش يستمع لصديقه المقدم  رضا فايز لصفتي،  اتنقل قبله بعامين،  ظل يخبره عنه و عن حياته و كيف انفصل عن زوجته نجاة و متى عاد و عن ولده زكريا،  كان ثرثار من الدرجة الأولى، و لكن بعد فترة وجيزة تأقلم معه علم أنه ليس ثرثرًا بل يتوق شوقًا لاحتضان والده الذي تجاوزة السادس من عمره،  كان يرتشف قهوته و هو يستند على مقدمة المكتب و قال 

- نجاة دي بقى يا سيدي حب عمري  فضلت شايف الجنة بعيني و بعد جوازنا بشهرين كله ضاع كله طار في غمضة عين بردو يعني الجواز عموما شهرين بس م العمر كله زي مابيقولوا 


تابع من بين ضحكاته التي تؤلمه داخليه و قال بجدية ما أن انتهى من ضحكاته المزيفة 

-بس دا ما يمنعش ابدًا إن في جوازات بتعيش العمر كله هي بتبقى مسألة نصيب مش أكتر أنا بهزر معاك ما تصدقش، المهم  اتجوزنا و فضل الحال بينا  مرة حلو مرة وحش لحد ما جت في يوم و قالت عاوزة اطلق يابنت يهديكِ يا بنت الناس يرضيكِ مافيش فايدة قمت سايب لها البيت عشان تهدأ تسكت هي ابدا و دا يحصل بردو  جابت اخواتها و لموا عفش البيت كله  و بعدها راحت عملت فيا محضر إني ضربتها و بعت عفش البيت 


حجظت أعين بيجاد من فرط دهشته و ذهولة الشد يدان  سأله بعدم استيعاب 

- ازاي يحصل فيك كدا و أنت ظابط يعني  اكيد أنت بتبقى فاهم تصرفات اللي قصادك  و عارف ناوي على إيه ؟ 


رد رضا ضاحكا و قال 

-  هو أنت فاهم إن أنا مكنتش عارف  إن دا ممكن يحصل أساسًا ؟ 

-  طب وبعدين ؟ حصل إيه ؟!!

-  مافيش يا سيدي سيبهم يلفوا الحبل حولين 

  ر قبـ  ـتهم لحد ماقالوا حقي بر قبـ تي 

- ازاي؟! 

- في البوم اللي اتخنقت معاها في وعملت كدا افتكرت اني ناسي محفظتي جوا و سمعتها و هي بتتكلم و بتخطط قلت سيبها يا واد تعمل اللي نفسها في و رجعت القسم  عادي كأن شيئًا لم يكن جه بعدها بحاولي ساعة ظابط صاحبي قالي الحق أنا جالي بلاغ من مراتك ضدك و الحكاية كذا كذا  قلت له امشي في المخضر عادي جدًا  وأنا عندي اثبات يقول إني مش أنا  المهم  محاضر تشيلهم و محاضر تحطهم و موصلوش لحاجة 


عقد بيجاد ما بين حاجيبه و قال 

- ازاي دا مش في قوة بتروح تعاين المكان و تثبت  حالة ؟ 


كتم رضا ضحكاته و قال 

- ما هو راحو فعلا و لقوا عفش انقح من اللي كان موجود و لما الظابط سألني فين العفش القديم ؟ 

- قلت له دا عيد ميلاد مراتي النهاردا و كنت حابب اعمل لها مفاجأة قامت هي اتنازلت عن المحضر و عملت محضر صُلح و الدنيا بقت تمام قمت أنا عامل محضر سب علني و محاولة سرقة شقتي و دخلت أهلها في حوارات جت لي تبو س ايد ي فيها عشان اتنازل عنهم  فـ طلقتها و بعدت عنها و عن وجع دماغها سنة 


تنهد رضا بحر قة و هو يتذكر ولده و قال 

- لحد ما في يوم شفت ابني زكريا بالصدفة في الشارع مبهدل و طالع عينه و مش دا ابني اللي كنت بهتم بي و كان ولا ولاد الذوات لقيته زي ولاد الشوارع بالظبط في الفاظه و ردوده و اخلاقه بقت عبارة عن مستـ نقع من اللا اخلاق  قررت يوم  اخد ابني فرفضت و قالت الواد في حضا نتي  مكنش قدامي غير إن اضحي بروقان دماغي و ارجع لها عشان ابني يتربى في حضني،  طلع عيني و عين اللي جابوني عشان يرجع زكريا اللي ربيته  و فجاة بدون سابق إنذار جالي قرار نقل لـ سينا 


ختم حديثه و هو ينظر لـ بيجاد و قال بإبتسامة باهتة 

- ولادنا الحاجة الوحيدة اللي بتخلينا نتحمل المُر فـ لو الأم هي المُر دا لازم ابلعه م اتحمله عشان ابني يفضل في حضني ابني لو ضاع يبقى أنا ضعت خايف في يوم ربنا يسألني ليه أهملت في تربية ابنك  أنا بعافر و بعد الأيام و الساعات عشان اجري على القاهرة جري اروح له تعبان من غيره  هو علاجي و بتمنى من ربنا ياخد من عمري و يمد في عمره 


نظر له بيجاد و قال بإبتسامة بشوشة

- ربنا يطول في عمرك و عمره و تشوفه احسن  الناس 

- يارب يا يا بيجاد 


تنهد ثم نظر له و قال بفضول 

- قل لي بقى إيه اخبار الجواز معاك ؟ 


رد بيجاد بإبتسامة واسعة  وقال بتحفظ على تفاصيل حياته 

- الحمد لله  ماشي الحال 

- اتجوزتها عن حب  و لا صالونات ؟


ابتسم بيجاد و قال بكذب

-  بص هو أنا مبعرفش افرق في الموضوع و اقول صالونات و لا لأ بس احنا اتقابلنا في و بعدها رحت طلبتها من اهلها و بس كدا 

-  إيه دا مكنش في مغامرات في جوازتك 

-  مغامرات ازاي يعني ؟ 

-   يعني اهلك حابينها و لالا مشاكل في ايام الخطوبة  وإنتوا مع بعض كدا يعني ؟

-   اها لأ مكنش الحمد لله في اي مغامرات بس الخطوبة مكنتش طويلة  اتجوزنا على طول 

-  ربنا يسعدكم 

-  امين يارب 

-  احنا لازم نتغدا سوا في يوم أول ما ننزل القاهرة ونتعرف أكتر على بعض 


رد بيجاد و قال بإبتسامة متكلفة 

- اكيد إن شاء الله 



 دق هاتف بيجاد نظر لشاشة هاتفه وجد زوجته ترسل له رسالة نصية كاتبة  

( عملت التحاليل و الإشعة و الدكتورة قالت إنها هتكون هاتشوفهم لما تيجي عيادتها بكرا عشان النهاردا في العيادة التانبة أنا هاموت من القلق حتى عمك شاف الاشعة و التحاليل سكت شوية ووشه اتغير و بعدها قالي مافي حاجة لما تصحى ابقى كلمني ) 



 تراقص أنامله على لوحة المفاتيح رفع هاتفه على أذنه في انتظار رد عمه، رد بلهفة و قال 

- ازيك يا عمي عامل إيه، رقية قالت لي إنك شفت التحاليل و الأشعة خير فيها إيه ؟ 

أنت بتقول إيه يا عمي أنت متأكد ؟ طب طب أنا هنزل القاهرة لا مش هاينفع تتدخل العلميات لوحدها رقية هتموت لو عرفت دا و فضلت لوحدها مع السلامة 


يتبع...