-->

الفصل الخامس - عقوق العشاق

 




الفصل الخامس 



سقطت دموعها من فرط تأثرها لحديثه وكلماته المعاتبة والحانية أيضا ثم قالت بحنو وهي تكفكف دموعه 

- وحياتي ما تزعل نفسك أنا بخير طول ما أنت بخير 


تابعت بنبرة مرحة قائلة

-ما تخليش مالك يفرح فينا دا ما بيصدق إنك تزعل مني عشان ادلعه 


ابتسم لها وقال بجدية مصطنعة 

- طول عمره استغلالي ابن كلـ ، تقولي إيه ماهو قليل رباية 


رد " مالك" وقال بعتاب 

- ماخلاص بقى ياسي عابد احنا كبرنا على الكلام دا العيال قاعدة مش كدا 


رد" عابد" ساخرًا 

- مهما كبرت هتفضل مالك العيل الصغير اللي كان يدور يفتش في هدومي ويسرقني ويستلف مني وميرجعش الفلوس معروفة يعني !!


قاطعه " مالك " قائلا بجدية مصطنعة

-لأ يا حبيبي كنت برجع لك الفلوس بس على مهلي مش مستعجل الإستعجال وحش 


ابتسم " نوح" وهو ينظر لأخته التي ضحكت وهي تنظر لأخوايها قائلا بمرح 

- دا طلع بيجاد مش طالع لحد غريب يا بابا 


ابتسم " مالك" وقال دون قصد 

- اه طالع لي 


ضحك الجميع ثم تذكر ماذا تقصد تلك الحمقاء 

وقف عن الأريكة المقابلة لأخيه وحاول نزعها من حضن أخيه قائلا بجدية مصطنعة وهو يضربها بخفة

- قومي يا كلبة من هنا بتوقعيني في الكلام 


نزعت يده من فبضة أبيها متشبثة في ذراع عمها وقالت بغنج ممزوج بحزن مصطنع

- يا عمووو خلي يسكت 


دفع " عابد" أخيه قائلا بجدية 

- امشي من هنا يلا مش عاوزين نشوف وشك و 


قاطع هذه المشاجرة الصبانية دخول " مليكة"

التي بالكاد تلتقط أنفاسها وكأنها كانت في سابق للركض، بحثت عن أخيها الأكبر وما إن وقعت عيناها عليه نزعت صبا من حضنه وقالت بسرعة دون توقف 

- أنت كويس؟ فيك حاجة !! حاسس بإيه ؟! رد عليا ساكت ليه يا عابد؟! 


سألها بدهشة قائلا 

- أنا كويس يا بت مالك في إيه ؟! 


وقفت عن الأريكة متجهة حيث ابن اخيه العاق الذي يومًا ما سوف يقضي على آخر ما تبقى من عقلها، رفع سبابته وقال بخوفٍ من تصرفاتها

-وربنا يا عمتي ما كان عندي حل غيره، عمتي أنا آآآه 


لم تتركه ينعم بتلك المقالب اللعينة التي يفعلها دومًا، قامت بضربه في مناطق متفرقة من جسده، استدارت بجسده كله تجاه اخوايه وقالت بغيظٍ

- دا ها يجيب لي جلطة دا، وابقى ارتاح أنت وابنك يا مالك 


عادت مكانها نازعة هذه المرة "ملك" من حضنه قائلة بعصبية

- خمسة بس كدا يا حبيبتي عشان اطمن على اخويا 

- إيه يا عمتو دا مكاني من الأول 

- روحي اطمني على اخوكِ وسيبي لي اخويا أنا اطمن عليه 


❈-❈-❈


بعد مرور نصف ساعة 


وقف " نوح" وقال بجدية مصطنعة

- يلا بقى عشان ستي بتسأل علينا ونعاد السحور جه خلاص يلا كلنا نتلم عندها 


تابع قائلا بتحذير 

- السحور النهاردا على البنات مش عاوز دلع هااا 


رد "عابد" قائلا بإبتسامة 

- اعمل أنت الفول يا نوح بتعمله حلو 

- بعمله حلو ولا مش عاوز تتعب البنات ياعمي ضحكوا عليك بكام حضن وبوسة

- اخرس يا متخلف قلت لك بحب اكله من ايدك 


نظر" نوح" للفتيات وقال بنبرة مرحة 

- بنات عيلة المحمدي على المطبخ يلا وسيبه لي الفول أنا هاعمله 


نظرت " صبا" لتوأمها متوسلة إياها بأن تتولى هذه المهمة بدلًا منها حتى تمرر اليوم مع خطيبها الذي يشعر بالغيرة من تواجدها مع أي شخصًا بالمكان، أومأت لها بالموافقة ونهضت قائلة بمزاح 

- أنا هعمل لكم بيض مسلوق محدش يعرف يعمله غيري 


رد " نوح " ساخرًا من مهاراتها الفذة 

- لأ مش ممكن بيض مسلوق ودا ياترى بيتعمل ازاي دا ؟! 


تابع بجدية كاظمًا غيظه الشديد منها 

- قومي ياصبا معانا يلا 


ردت " رُبى" بسرعة قائلة

- لأ سيب صبا ترتب السفرة وترص الاطباق 


انتبه لوجود أخيه وأنها هذه تعليماته، لم يعقب على حديثها أو يبدى أي اعتراض، ولج المطبخ وخلفه شقيقته وابنة عمه .


كان يستمع لحديث اخته في موضوعات مختلفة يتبادلا أطراف الحديث عن هذا وذاك 

لم تتدخل " رُبى" في هذا الحوار، انتبهت لسؤال " ملك " وهي تقول 

- وأنتِ إيه رأيك يا رُبى ؟ 


ردت " رُبى" بنبرة حائرة 

- مش عارفة بصراحة بس أنا مع نوح في الكلام دا 

- يعني إيه، يعني مش عاوزاه ياخد مني العربية ؟! 


ردت موضحة رأيها 

- مش قصدي طبعًا إنتوا اخوات ومافيش بينكم فرق اكيد بس أنا كنت قصدي إنه فعلا هايضيع معظم مرتبه على بنزين وتصيلح وخلافه

- بس يا على الاقل يا رُبى هايبقي مرتاح من مرمطة الموصلات والقلق اللي بيعمله لنا يوميا بسبب الموتوسيكل بتاعه، وبعدين أنا اخته الكبيرة مش حد غريب 

- أنتِ زعلتي مني أنا مش قصدي يا ملك والله بصي انا آسفة مش 


رد " نوح" مغيرًا دفة الحوار وقال بمرح 

- انتوا عاملين أزمة انا لا هاروح بال ولا الموتوسيكل أنا اترفدت من الشغل وبقيت عاطل عن العمل واتحولت للتحقيق والحمد لله 


استدارت " ملك " بجسدها وقالت 

- ليه يا نوح كنت مرتاح في الشغل مع خالو عاكف وازاي يحولك للتحقيق !! 


كاد أن يتحدث لكن قاطعته صوت عمته قائلة بحنو 

- خد يا نوح تولين عاوزة تكلمك 


طلب منها فتح السماعة الخارجية، ووضع الهاتف على المائدة الرخامية، قام بتقطيع الخضراوت وهو يحدثها قائلا

- اهلًا بالرسامة العظيمة 


صدحها صوتها في المكان قائلة بمرحة 

- اهلا بإبن خالي العيظم، سيبك من المقدمات 

وقل لي بتلف وتدور ليه مش عادتك 

- عاوزك تعملي الشقة أنتِ عارفة تيتا وطلباتها 

- بالأسعار اللي قلت عليها مستحيل 

- توتي متهزريش الأسعار دي اخسن اسعار عندي 

- نونووو 


رد مقاطعا غنجها اللاذع وقال 

- تولين بلاش الاسم دا بيعصبني 

- خلاص متزعلش المهم أنا بكلمك عشان اقل لك إني مستحيل افضى لحد قبل العيد بأسبوع 

- لأ يا تولين مش هاينفع عاوزين نخلص قبل عيد ميلاد تيتا و 

- اسمعني بس الشقة مش هتاخد مني وقت خالص انا بس مشغولة ما بين تحضيرات المعرض بتاعي ومشروع التخرج عشان كدا حرفيا مافيش وقت عشان خاطري سبني لسه شهر رمضان في أوله 


كانت " رُبى" تستمع لصوتها المدلل وهي تغنجه طالبة منه الرحمة بها، ظلت تضغطت على مقبض السكين بقوةً لا تعرف سببها، استدارت بجسدها كله وضعت أمامه صحن الجبن وقالت بإبتسامة عريضة 

- حلوة الجبنة كدا يا نوح ؟ 


رد دون أن ينظر إليه قائلا 

- حلوة تسلم ايدك حطيها عندك يا رُبى 


تابع باهتمام قائلا 

- خلاص يا توتي هاسيبك لاخر الشهر بس عارفة لو خلعتي هاعمل فيكِ إيه ؟! 

-لالا متقلقش هي دي اول مرة يعني، يلا هاسيبك تكمل السحور عشان انا كمان احضر السحور لبابا واخواتي 

- ماشي ومتنسيش تيجي تفطري معانا بكرا، عمتو فيروز جاية بكرا و 


نظر " نوح" لـ تلك الماثلة أمامه، ونيران الغيظ والغضب يكاد ينفجران من عيناها، سألها بنبرة حادة 

- أنتِ متخلفة بتقفلي السكة في وشها ليه 


ردت على سؤاله بتحذير واضح قائلة

- لما اكون بكلمك تبص لي واهتمامك يكون ليا وبس حتى لو اللي بيكلمك دا


تابعت حديثها بإستهزاء 

- ست تولين هانم 


ختمت حديثها وهي تدفع في صدره الخبز ثم خرجت من المطبخ، تمتمت بكلماتٍ لاذعة 

- غبي و متخلف 


لم يكترث لإنفعالها الزائد وتصرفاتها الحادة معه، يعرفها جيدًا متقلبة المزاج، تابع تحضير الطعام وسط ذهول ودهشة شقيقته الكبرى 

بررت بداخلها أن هذه تصرفات تحمل بين طياتها الغيرة لكنها رفضت تصديق الأمر، ضحكت بصوتٍ مسموع سألها " نوح" قائلا 

- طب ضحكيني معاكِ ؟! 

- اصل لولا رُبى مخطوبة لواحد بتحبه كنت قلت إن اللي حصل من شوية دا، غيرة مجنونة 

- هتغير من مين من تولين لأ وعلى مين عليا أنا دي لو تطول تو لع فيا مش هتقصر 


صدحت ضحكاتهما المكان، تابع آخر لمسات الطعام وخرجا سويًا من المطبخ، التفوا جميعًا حول المائدة و شرعوا في تناول وجبة السحور 

بين الضحك و الجدية، كانت " ملك " تحاول جاهدة مواكبة ما يحدث حاولها من أجل عمها 

بداخلها حزنٍ دفين .


❈-❈-❈


 في مساء اليوم التالي 


داخل منزل " بلال" 

كان ينظر لأخته وهو يتناول صحن الحلوى، جلست جواره تستمع لحديث عمتها، ربتت بخفة على كتف أخيها و قالت بتعاطف 

- معلش يا بلال استحملها 

- يا ابني انا عمتك ودي اختك يعني مش حد غريب قل لي البت راسها ناشفة ليه، و ليه مش راضية تتكلم وبتقولي اسألي !! 


تنهد" بلال" بعمقٍ وقال 

- خلاص يا عمتي بقى سيبها أنا هعرف ازاي اخليها توافق بس سيبها يومين كدا 


ردت متسائلة بحدة وهي تنظر له قائلة بغضبٍ 

- ايوة يعني إيه ؟ أنا عاوزة افهم 

- خلاص بقى يا عمتي قلت لك سبيني في حالي دلوقت 

- لا مش هاسيبك 

- يبقى أنا اللي هاسيبك و اسيبك البيت كله سلام 

- خد يا بلال كلمني هنا يا واد 


أشارت بيده لـ شقيقته قائلة بغيظٍ شديد 

- شايفة الواد وعمايله يا وصال !! 

- سبيه يا عمتي هو هيرجع وهيبقى كويس


مهدية اخرجي بصي من البلكونة، وربنا يا مهدية لو ما طلعتي دلوقت لاطلع أنا لمي الد‘ر الناس هتتفرج علينا 


أردف " بلال" عبارته وهو ينظر حوله ثم نظر للأعلى أشار بيده و مازال هاتفه على أذنه  

- اعملي لي فنجان قهوة وانزلي نتكلم 


ردت " مهدية" بعنادٍ قائلة

- مش نازلة واللي عندك اعمله وقهوة مافيش 


هز رأسه علامة الإيجاب وقال 

- ماشي يا مهدية 


صعد سلاالم الدرج بخفة وسرعة، قرع ناقوس باب شقتها، وقفت خلفه وقالت بحدة وصرامة 

- امشي يا بلال بابا مش في البيت 


استند بكتفه على باب البيت وقال 

- مش هامشي يا مهدية وهفضل قاعد هنا لحد ما عمي يرجع 


فتحت النافذة الحديدية ثم قالت بغيظٍ مكتوم 

- عاوزك يا بارد إيه هو الجواز بالعافية ؟ 


رد " بلال" باستعطاف 

- يا مهدية كل اللي طلبته فرصة تانية، وصدقيني آخر فرصة 


كادت أن توافق لكنها تذكرت حديث " شوقية" 

صديقتها وهي تذكرها بإهانته المتكررة لها و حديثه اللاذع فقررت أن تعمل بنصيحتها وقالت 

- ياريته كان ينفع ياحبيبي بس تقول إيه بقى 

اللي سبق 


كور قبضته وقال بنبرة مغتاظة 

- قصدك إيه يعني ؟!!


ردت بهدوء حد الإستفزاز 

- يعني مهدي اتقدم لي وأنا وافقت و 


قاطعها بغيظٍ شذيد وهو يقول 

- بقى مهدي اتقدم لك ؟! 

- اه 

- طب مبروك ياختي ماهو صحيح كل واحد بيدور على اللي شبه 


غادر " بلال" المكان بينما اوصدت " شوقية"

النافذة وهي تقول بحزنٍ مصطنع 

- بقى هو دا اللي قلبك اتنطنط من الفرحة بسببه من امبارح مش قلت لك إن بلال مش من توبك وإنه خلاص ركب الموجه وعدا 


ارتمت بين احضان صديقتها بينما هي مسدت على ظهرها بحنانٍ بالغ قائلة

- معلش يا حبيبتي ولا يهمك بكرا مهدي يتجوزك ويعيشك في السعد والهنا


يتبع