-->

الفصل الرابع عشر - عقوق العشاق

 




الفصل الرابع عشر 


تفرقت العائلة من جديد البعض ذهب لينام والبعض الآخر ينتظر،  وعلى رأسهم " ملك" التي كانت تقف خلف النافذة تشاهد " غفران ووصال"

وهم يترجلون من سيارتهم،  كانت الأصوات عالية الشباب يغنون آخر فقرة في ليلة زفافهم، لم تتحمل رؤيته مع غيرها، هوت على الأرض متخذة وضع القرفصاء، واضع يدها على أذنها تاركة لدموعها العنان،  ظلت تحرك رأسها علامة النفي رافضة الإعتراف بهذا اليوم وهذه الزيجة،  عشق لم ينال معشوقه،  كان قلبه مع غيرها وهذا ما يجب أن تعترف به دا ئمًا وابدا .

 

تجاوزت الساعة الثالثة فجرًا ولم يعود " نوح" حتى الآن بعد أن كذب على الشباب وقال أنه سوف يعود ولكن بعد مرور الوقت، وقفت الجدة المقعد متجهة نحو باب الشقة قامت بفتحه، حاولتا " فيروز ومليكة" إيقافها لكنها هدرت بصوتها ثم صعدت حيث شقة " مالك"  تحاملت على نفسها وصعدت تلتقط أنفاسها بصعوبة بالغة،  تتوقف بين سلالم الدرج وصلت أخيرًا،  قرعت الناقوس ذهب " بيجاد وملك " في ذات اللحظة لكنه اشار بيده وقال بهدوء

- خليكِ يا ملوكة هافتح أنا تلاقي نوح

 

فتح الباب وجد جدته ماثلة أمامه ابتسم ملء شدقيه قوال بسعادة

- اتفضلي يا تيتا نورتي البيت تعالي ادخلي

- منور بأبوك يا خويا هو فين ؟

- هو مين ؟

- اللي غضب الواد وطلع ينام ولا كأنه عمل حاجة يا حبيبي

 

خرج " مالك" على إثر صوت والدته المرتفع قليلًا لم يصدق عيناه وهو يرأها لمرتها الأولى منذ زواجه وحتى هذه اللحظة لم تصعد  شقته واليوم فقط صعدت من أجل حفيدها

تناول يدها ليطبع قبلته لكنها سحبتها سريعًا قبل أن يبدأ وصلة المغازلة المزيفة من وجهة نظرها  لكزته بعكازها قائلة بنبرة آمرة

- ملكش دعوة بنوح يا مالك، والله ماخد طردك من البيت دا غيري أنا، الدنيا كلها في كفة ونوح في الكفة التانية ملكش دعوة بي سمعت وبعدين تعال هنا هو أنا بصرفك من جيبك عشان كدا بتزعق بقلب قوي دا مالي أنا مش مالك لما يبقى مالك وأنا اصرف منه جنيه ابقى تعال حاسبني فاهم ولالأ

 

حاضـ .....

 

تحاملت علي نفسها ووقفت عن الأريكة، مقاطعة إياه بسبابٍ لاذع كعادتها معه  اتجهت نحو باب الشقة، غادرته على أمل أنه يعود بعدقليل لكنه لم يعد، كان تجوب المكان ذهابًا إيابًا حتى الثالثة فجرًا، قررت أن تهبط سلالم الدرج وتجلس خلف الباب الرئيسي للبناية، ليتها قتـ لت والده قبل أن يصفعه ولا يتركها هكذا.

 

مرت أكثر من ساعة ونصف حاول الجميع الوصول إليه ولكن باءت جميع محاولاتهم بالفشل الذريع، أين هو ؟! لا أحد يعرف، طلب " عابد" من والدته الصعود معه ووعدها بأن يعيده إليها لكنها رفضت، أتت ابنتها بوجبة خفيفة مع دوائها فرفضت أيضًا، مرت ساعة ثم ساعتين ثم ثلاثة حتى مرت أكثر من ست ساعات تقريبًا،  مازالت جالسة تمتم كلمات الاستغفار على مسبحتها بخفوت، وأخيرًا وصل حفيدها الغالي ضي عيناها،  نظر لهم جميعًا وهو يقترب من جدته وقال بنبرة متعجبة

- دا الكلام بجد بقى، إيه يا تيتا اللي مقعدك هنا

 

تحاملت على نفسها ووقفت عن المقعد الذي جلست عليه منذ فترة ليست بالقصيرة مما جعل فقرات عمودها الفقري تتوقف تمامًا، لم تتحمل الجلوس اكثر من عشر دقائق متواصلة

ولكن لأجل أعين حفيدها جلست  أكثر من ست ساعات كاملة.

 

حاوطت خصره وهي تضع رأسها عند معدته بسبب فارق الطول الشاسع بينهما،  مسدت على ظهره وقتلت بحنو وحب

- حمد الله على السلامة يا حبيبي

- الله يسلمك يا ستي

 

هبط والده على سلالم الدرج بهدوء متسائلًا بنبرة ذاهلة وقال

- بقى أنا اضرب بسببك أنت !! بقى أنا يتقالي لو مبعدتش عن ابني اللي هو اساسًا ابني أنا هعمل فيك البدع !!!

 

عدل "نوح" ياقة قميصه وقال بغطرسة

 - وأنا بردو مش أي حد أنا نوح المحمدي بردو يابوب ولا إيه ؟

 

انتهى الخلاف بمزاح " نوح ومالك" كعادتهم

 لم تكن هذه المشاجرة الأولى ولن تكون الأخيرة ولكن هذه المرة في نظر الجدة أكبر من تحملها،  ربما بسبب الخلافات التي حدثت بالفترة الأخيرة أصبحت اكثر تحسسًا،  صعدا إلى شقة الجدة تجمعت العائلة من جديد وكان سبب هذا التجمع نوح .

 

--

متقولش لحد إننا مبنكلمش بعض

من إمتى بقول وبعدين ابنك حاسس اننا زعلانين افردي وشك شوية

مفرود اهو

كدا مفرود طب لو مقلوب هيبقى شكله ايه ياروز

 

كانت هذه العبارة بين " سلطان وفيروز"  يحذرون بعضهم البعض رغم خصامهم،  إلا إنهم يحافظون على المظهر العام أمام ابنهم الذي يشعر بكل شئ لكنه لايريد التدخل كي لا يزيد من حدة الموقف.

 

ردت " فيروز" بنبرة صارمة لكنها هادئة حتى تصل إلى مسامع ابنهما وقالت بصرامة مصطنعه 

- متحاولش أنا قسيت قلبي عليك خلاص

-يعني كدا مافيش صباح الخير يا حبيبتي ؟

-ولا حتى صباح النور ياسولي شفت اديني قلتها من فضلك احنا كبرنا على الحاجات وابعد كدا عشان زعلانة منك

-حاضر

قل لي كلت ولالأ ؟

مش أنتِ زعلانة مني بتسألي ليه ؟

لتكون فاكر اني مش عاوزة اكل غير لما تيجي لا ياحبيبي أنا بس بمثل قدامهم اننا عادي لكن أنا اصلا زعلانة

 

قولي لي اخدتي علاجك ولالا ؟

بتسأل ليه مش أنت زعلان مني ؟

 

اوعي تكوني فاهمة اني مهتم بيكِ وبسأل عنك وكدا أنتِ من يوم رجعتي مصر وأنا مريح دماغي على الآخر

 

بابا أنا خارج بقى ماما اهي جنبك ياريت بقى تكلمها هي متتصوريش يا ماما كام مكالمة تليفون في الساعة وكل شوية العلاج عشان امك بتنسى الاكل خلي بالك عشان لما بتشوف الحوادق بتنسى نفسها السكريلت ياصهيب

 

والله هو قال لك كدا ؟

اه وبعدين يعني انا عاوز اعرف ليه كل شوية تقولي كلم ابوك اطمن عليه الاكل تفتكر ابوك نايم ولا صاحي واقولها طب يا ماما كلمي تقولي اصل تليفوني مع صبا وقالت ممنوع تليفون لحد ما نشبع منك 

 

خرج " صهيب " من البيت تاركًا والدته تنظر لزوجها و قالت بإبتسامة واسعة

- يعني كنت بتسأل عليا ها وتقول إنك قاسي عشان تعرف إن وجودي في حياتك نعمة

- ومين قال إن وجوك في حياتي نعمة

- قصدك ايه

- قصدي وجودك نعمة وضحكتك نعمة وجود ابننا في وسطنا نعمة دعوتك ليا كل يوم الصبح أكبر نعمة أنتِ النعمة اللي بدعي ربنا كل يوم إنها تتدوم في حياتي ويدوم لما ابننا ونفرح بي سوا أنتِ الدنيا الحلوة بتاعتنا يا فيروز

 

وضع "سلطان " علبة مخملية من الأزرق القاتم أمام أعين حبيبته تناولتها ثم قامت بفتحها وجدت به خاتم من الذهب الخالص وقال

- كل سنة وحبيبتي وحياتي بخير بسعادة وعقبال مليون سنة واحنا مع بعض ولبعض

 

نظرت له وقالت بتعجب

- أنت مش جبت لي أسورة من يومين

 

تابعت بسخرية قائلة

- إيه بتقدم فروض الولاء والطاعة ؟!

 

صمت لبرهة قبل أن يقول بتلعثم بعد أن قدم ابنه هدية نيابةً عنه لـ يُلطف الاجواء.

- ماهو أنا قلت طالما ماردتيش عليا يبقى لسه زعلانة وبعدين مش أنتِ جبت لي الساعة اللي كان نفسي فيهاو...

 

ردت " فيروز " مقاطعة سلطانها بنبرة متعجبة وقالت:

- ساعة !! ساعة إيه ؟ هو أنتـ ...

 

تنهد " سلطان" وهو يتناول كفها طبع قُبلته الحانية في باطن يدها،  رفع بصره لها وقال بحنو وحب

- كفاية زعل وخصام لأن مش قادر اتحمل بُعدك عني يا روزي

 

ردت " فيروز" بصوتٍ هادئ ونبرة تملؤها العتاب قائلة:

- ياسلام مش أنا اللي بتحب تتنطط كل شوية في مصر وتسيبك زي العيال الصغيرة ؟

- حقك عليا كنت متعصب، بس أنتِ عارفة إن عصبيتي دي مبتطلعش غير لما تقولي عاوزة ترجعي مصر وتقضي 4شهور من ضمنهم شهر كامل بعيدة عني في

 

ردت " فيروز" بنبرة حائرة قائلة:

- ايوة ياسلطان اعمل إيه بس مش أهلي وحقهم عليا يشوفوني ويطمنوا عليا، وكمان صهيب ابنك بيرتب لشغله الجديد ولازم أكون معاه خطوة بخطوة ابنك ولي عليا حق

 

رفع " سلطان" أناملها  وقام بالعدد ثم قال:

- يعني أمي ليها حق فيكِ وأمك ليها حق وابنك لي حق وصحابك هنا في مصر ليهم حق حتى المركز بتاعي أنا واخوكِ لي حق، طب وأنا يا روزي فين من كل دول أنا كمان ليا حق.

 

ردت بنفاذ صبر من نبرته التي تؤثر عليها من الوهلة الأولى وقالت

- يا سلطان أنا ببقى معاك طول الوقت في المانيا ولا بخرج ولا بروح في أي مكان ومهتمة بيك وبس يعني مجتش من الكام شهر اللي بجي فيهم في مصر

- خلاص يا روزة قلبي حني عليا وارجعي لي نعيش سوا في شقتنا

 

ردت بإبتسامة واسعة وقالت

- حاضر ياحبيبي عشان خاطرك هعمل المستحيل

 

تابعت بجدية مصطنعة وهي تترك يده وقالت:

- بس أنت كمان لازم تقدرني أنا عشانك هعمل تنازلات كتيرة

 

رد باسمًا وقال:

- عيوني لقلب السلطان

--

في غرفة رُبى بالمشفى كانت جالسة تستمع لحديث خطيبها السابق، عيناها تتطالعه وهو واقفًا حاملًا باقة من الزهور الچوري،  اعتذر عن مابدر منه ووعدها بعهدًا جديد خاوٍ من المؤامرات والخطط الشيطانية، ابتسمت ملء شدقيها وهي تتناول منه باقة الزهور وقالت:

- وأنا قبلت اعتذارك يا رامي وموافقة ارجع لك تاني

 

سحب مقعد وجلس مقابلتها وقال:

- كنت واثق إنك هترجعي لي،  مبروك ياروحي رجوعنا لبعض بس...

 

ردت " رُبى" مقاطعة بتفهم قائلة:

- من غير بس أنا فاهمة عاوز تقول إيه يا رامي تقصد رد فعل بابا مش كدا ؟

 

هز " رامي" رأسه علامة الإيجاب وقال:

- ايوة بس أكيد هيكون رافض وبشكل قاطع وبعدين...

 

قاطعته " رُبى" قائلة ببساطة شديدة

- بابا كان رافض ارتباطنا من البداية ومع ذلك ارتباطنا رفض إننا نكتب الكتاب وبردو كتبنا تفتكر هيرفض رجوعنا لبعض مرة تانية  ؟

 

سألها بجدية قائلًا

- طب شرعًا احنا مش متجوزين وقانونًا لسه هنعمل إيه في المشكلة دي ؟

 

أجابته " رُبى" بذات الإبتسامة الخفيفة وقالت:

ولا أي حاجة هنفضل مخطوبين عادي ولما بابا يوافق على رجوعنا نبقى نطلق ونرجع نكتب من جديد

- خلاص النهاردا هطلقك عند المأذون وبعدها ارجع اكتب من جديد و....

 

ردت "رُبى" مقاطعة  بجدية قائلة :

- لأ بلاش نتطلق دلوقت خلينا كدا لفترة وبعدها نعرض على بابا الموضوع ولو رفض نخلي جدو يضغط عليه

 

لكل معضلة بالنسبة لـ رامي يجد لديها الحل الواضح والسريع، وأيضًا المنطقي  كان هيمنته عليها أسرع مما يتوقع كان يعرف أنها تتوق شوقًا له أراد كسر أنفها ونجح، ابتعد بمحض إرادته وعاد عندما قرر هذا،  أما هي كانت كالعروس الماريونيت تتحرك حيثما يشاء هو لا تعرف مالذي يحدث بعد موافقتها تلك لكنها واثقة من قرارها فهو أتى بعد صراع طويل بينها وبين حالها .

--

صبا بابا وماما متخانقين

 

كانت هذه الجملة الحزينة لـ صهيب الذي جاهد ليوطدد العلاقات بين والديه، رغم الحرب الباردة التي تسود بيهما إلا أن شعر بها ابنهم فهو يعلم أبيه جيدًا يعشق والدته ويريدها جواره طيلة اليوم وهي تعشقه ولكن عائلتها لها حق فيها أيضًا، بدأت الأمور تهدأ قليلًا بعد اعتذار " سلطان" لكن تغير الأمر فجأة عندما عرضت عليه أن تسافر إلى مدينة شرم الشيخ لقضاء بعض الوقت مع عائلتها، اعترض وقال لها أنه يريدها بجواره هذه الأيام وعندما ينتهي من عمله بالقاهرة يسافران معًا، لكنها رفضت،  بدأت الحرب الباردة حتى لايشعر " صهيب" بذلك لكنه يعلم جيدًا أنهما في حالة طورائ كما قال عنها .

ردت " صبا " بجدية مصطنعة لتخفف من حزنه قائلة:

 

بيدور على عروسة و انا موجودة حسابه معايا بعدين سولي دا

- عروسة إيه اللي بيدور عليها يا صبا ركزي معايا بقول متخانقين زعلانيين بس

- يا ابني ماهو الزعل بعدها هو هايفضل لوحده ولما يفضل لوحده هايبقى محتاج حد يونسه ودا معناه هايتجوز وأنا بوفر عليه التعب وهاتجوزه عادي يعني

صبا اخرسي خالص أنا غلطان إني بتكلم معاكِ اصلا

طب خلاص متزعلش قل لي عاوز تعمل إيه ؟

 

عاوز اصالحهم على بعض عاوز ارتاح قبل ما اسافر

 

وتوجع قلبي ليه ياصهيب بس تصالحهم ليه هو أنا يا ابني زعلتك في حاجة لما تصالح عمتي على جوزها ؟!

طب خلاص متزعلش وما تبصش البصة دي قول عاوز تعمل إيه ؟

 

بفكر اعملهم حفلة عيد جوازهم قرب ودي تبقى مناسبة حلوة لما كل واحد فيهم يفكر إن هو اللي عمل كدا عشان يصالح التاني

 

لأ عندي فكرة تانية احلي ومش هاتكلفك خمسة جنية

قولي يا عبقرية زمانك

 

أنت تاخد عمتي وتطلعوا الساحل

طب وبابا ؟!

 

هاقعد معاه عشان مايحسش إنه لوحده بعد ما مراته وابنه باعوا وراحوا الساحل

 

شاح" صهيب " بوجهه للجهة الأخرى وهو يزفر بحنق،  عاد ببصره لها ثم قال بنبرة تملؤها الحزن

- صبا أنا مضايق عليهم بجد مبحبش اشوفهم كدا أبدًا.

 

 

تنهدت " صبا" وقالت بجدية

- طب خلاص متزعلش كنت بهزر، بص ياسيدي احنا ممكن نجيب هدية لكل واحد فيهم على اساس التاني اللي بدأ الصُلُح وكـ...

 

قاطعها بإحباط قائلًا:

- عملت كل دا وزيادة بس بردو مافيش فايدة

 

كانت " صبا" تجوب ردهة الصالة الرياضية خاصته التي اوشكت على الإنتهاء من لمساتها الأخيرة توقفت فجأة وقالت:

- بس عندي فكرة إنما إيه بمليون جنيه

- قولي يا أم الافكار

- بص يا سيدي أنت تعمل احتفال صغنن كدا صغير بيجمعكم إنتوا التلاتة هنا في المكان بمناسبة إن الافتتاح قرب وأنت تقول لأنك مشغول فـ مش هتعرف تهتم بالناس اللي بتحبهم قررت تعمل احتفال خاص بيهم وتحجزلهم أسبوع في الاقصر واسوان بما إن الجو دي الأيام مناسب، ويكون الأسبوع دا مليان خروجات كتيرة

 

ختمت عبارتها وهي ترفع كتفيها وقالت:

- بس كدا

 

هز" صهيب" رأسه وقال بإقتناع

- هي فكرة مكلفة شوية بس حلوة

 

--

في منزل العروسان " بلال ومهدية"

 

كانت جالسة تتذكر ليلة أمس وحلاوتها،  كيف لهذا أن يتبدل هل كان يشفق عليها ؟! هل تزوجها انتقامًا وليس حبًا، تريد إجابة واحدة تريح بها عقلها، الوضع معه من سئ لأسوء مالذي تفعله معه ابتسم إبتسامة باهتة وهي تتذكره وهو يلقي بعمته خارج المنزل

مبروك ياعروسة، طب واللهِ الواد بلال دا عرف يختار ياختي قمر

 

أنا اسف ياعمتي بس لو ناوية تباتي النهاردا

قولي عشان اعمل حسابي وانام في الاوضة التانية

 

في ايه ياواد يابلال ببارك للعروسة

وباركتي اتفضلي مع السلامة

أنت بتطردني ياقليل الذوق

دا أنا شوية كمان وهطلب لك البوليس ياعمتي أنا مستني اللحظة دي بقالي زمن وأنتِ الحمد لله يارب فضلتي معايا و لحد ما شوية وهتنامي بيني وبين مراتي تحبي اجيب لك لب عشان الليلة اللي مطولة دي !!

ماشية ياقليل الذوق وابقى قابلني لو دخلت لك بيت تاني

 

يا الف نهار ابيض أنا شخصيًا مش فاكر أنتِ مين ياعمتي، وبعدين أنتِ مركزة معايا ليه ما تروحي تودي وصال شقتها اول مرة اشوف عروسة تطلع شقة اخوها يوم فرحها

 

شايفة ياوصال شايفة قليل الذوق دا رماني برا الشقة ازاي

 

ضربته " وصال" في كتفه بخفة وقالت

- بنوصلك عشان مراتك تعرف إن وراك اختك يايتيم أنت انا غلطانة إني سبت غفران لوحده في العربية

 

وقف خلف الباب الموارب وقال بإبتسامة سمجة

- مش عاوزين نشوف وشكم تاني لو سمحت مع السلامة ياعمتي وابقي اقطعي الجوابات قد سنتين تلاتة كدا

 

عاد" بلال" وجلس جوار عروسته محتضن كفيها الباردتين بين كفيه، مال عليهما ليطبع قبلته الأولى،  كانت تنظر له ولرومانسيته الشديدة التي خطفت قلبها من الوهلة الأولى، مسدت على مؤخرة رأسه وهي تقول

- ربنا يخليك ليا ياحبيبي

 

رد عليها بذات النبرة وقال:

- ويخليكِ ليا ياقلب حبيبك

 

قضى ليلتهما الاولى في حالة من العشق والرومانسية  لم يترك ثانية واحدة لم يخبرها فيها عن عشقه الذي ولد داخل قلبه وتوغل بين ثناياه.

 

عادت بذاكرتها للحاضر على إثر صوته الغاضب وهو يأمرها بأن تصنع له قدحًا من القهوة، نفذت له ما طلبه دون نقاش،  استوقفها قائلًا بحدة

-استني عندك راحة فين ؟

- هروح اعمل القهوة

- لا مش عاوز من وشك حاجة امشي من وشي يلا

- امشي اروح فين يابلال أنت اتجننت ولا إيه ؟

- معرفش مش طايق وشك حاسس بخنقه كل ما بشوفك ولا حتى اقرب منك مش طايقك هو بالعافية !!

 

هدرت " مهدية" بصوتها قائلة بغضبٍ جم

- هو إيه هو اللي بالعافية يابلال ؟! أنا والله مابقيت فاهمة حاجـ....

 

قاطعها " بلال" وهو يحاوط خاصرها محاولًا تقبيلها عنوة تجاهل ذاك النفور الذي يشعر به كلما اقترب منها،  كانت تلتوي بين ذراعيه لم تعد تعرف مالذي حدث له كيف تبدل هكذا  كان أمس شخصًا آخر غير الذي يريد مضاجعتها عنوة الوضع غير مفهوم والحياة هكذا لن تستمر،  دفعها بعيدًا عنه متجهًا نحو المرحاض بعد الغثيان والقئ الذي انتابه إثر اقترابها،  كانت روحه تنسحب من جسده لم يعد شئ بمعدته ليفرغه، اقتربت منه لتعرف مالذي حدث له دفعها بعيدًا عنه واتهمها بقتله

لم تتحمل هذا الكم من الاتهمامات المتلاحقة

رفضت أن يُلقي باتهاماته الكاذبة، قررت أن تشرك عمتها في أولى خلافاتهم .

 

مش طايقاها ياعمتي مش طايقاها 

استهدأ بالله. يابلال دا أنت فرحك كان امبارح دا البت لسه بالميك اب بتاع فرحها عاوز ازاي تطلقها !!

 

عمتي أنا مخنوق مش قادر اتكلم وقرفان منها اوي

 

ليه يا ابني  بس عملت لك إيه بس فهمني ولو غلطانة نعرفها غلطها لكن طلاق كدا ع طول لأ ياابني اتقي الله فيها

 

ياعمتي مش قادر ابص لها 

 

خرجت " صدفة " من غرفة " بلال" متجهة لغرفة " مهدية " لتعرف منها مالذي حدث بالضبط، جلست جوارها وقالت بهدوء :

 

احكي لي ياحبيبتي عملتي له إيه بس خلينا نحل الموضوع بنا كدا ونعرف نلمه

 

والله ما عملت حاجة فجأة وبدون أي مقدمات  قالي امشي اطلعي برا

 

ولما اترجيته وقلت هتفضحني بالطريقة دي رد وقالي مش قادر ابص لك قرفان منك  اقسم بالله ماعملت حاجة

 

طب معلش يعني في سؤالي هو يعني خصل حاجة امبارح ولا

 

احنا امبارح كنا مبسوطين ومافي أي مشاكل وضحكنا وهزرنا وكنا نايمين مبسوطين مافيش أي حاجة فجأة الصبح اتقلب بقى واحد تاني خالص  وكله كوم وخروجي من البيت الساعة 9 الصبح  دا كوم تاني  قلت له مش هخرج ولو حصل إيه مش هطلع قبل ما تيجي عمتك تشوف حل معاك

 

بعدها بساعتين قلت يمكن في مضايقاه عملت عصير وقدمته وقلت اضحك واعدي اليوم يمكن يكون حاجة عصبته لاقيته رمى العصير من ايدي وكان عاوز يضربني بالحزم لولا اني جريت وقفلت على نفسي الباب واتصلت بوصال تنجدني كان قتـ لني والله ياعمتي

ليه هو اتجنن ولا إيه ولا هي بنات الناس لعبة في ايده

 

خرجت " صدفة" من حجرة ابنة أخيها بخطوات واسعة وسريعة،  ولجت الغرفة المجاورة دفعته في كتفه بعنفٍ حدثته بنبرة مغتاظة قائلة:

  - جرا لك إيه يا واد أنت ؟ مش دي مهدية اللي كنت هتموت وتتجوزها ! إيه اللي حصل

 

رد" بلال" بضيق وقال:

 -مش طايقها ياعمتي مش طايقها 

- استهدأ بالله يابلال دا أنت فرحك كان امبارح دا ياما بيحصل بين المتجوزين خلافات وبعدها بيفهموا بعض عادي لكن تتجوزها امبارح وتطلقها النهاردا !!

-عمتي أنا مخنوق مش قادر اتكلم وقرفان  منها ومن البيت كله عاوز اهج من هنا 

-ليه يا ابني  بس عملت لك إيه بس فهمني ولو غلطانة نعرفها غلطها لكن طلاق كدا على طول لأ ياابني اتقي الله فيها دي يتيمة وملهاش غيرك بعد ربنا 

-ياعمتي مش قادر ابص لها، مش طايق حتى اسمع صوتها

  - لا حول ولا قوة إلا بالله، ليه بس بلال ياحبيبي

 

ضرب بكفه على الآخر قائلًا بغضبٍ جم:

  - هو كدا يا عمتي وهي طـ

 

كممت "صدفة" فم "بلال" مانعة إياه من القاء يمينه بعد مرور زواجه بعدة ساعات، دفعته في صدره ليسقط على حافة الفراش ثم سألته بنبرة حادة قائلة منادية على ابنة أخيها التي أتت على الفور

  - ولاه الكلام دا مش كلامك إيه اللي حصل بعد ما مشيت هنا ؟

 

فهمت " مهدية" مغزى سؤال عمتها تركتها لثوانٍ معدودة ثم عادت حاملة بين يدها شرشف على إثر ليلتهم الأولى، قبضت على بقعة صغيرة من الد.ماء وهدرت بصوتها قائلة بمرارة

  - أنا شريفة يا عمتي وابنك اخوكِ أول واحد يلمسني ودا دليل شرفي ولو مش مصدقة تعالي معايا عند أي دكتورة تثبت لك إن امبارح أول مرة ...

 

ردت " صدفة" بنبرة حزينة معتذرة لها عن تسرعها وقالت:

  - يابنتي حقك عليا والله ما قصدي أنا بس هاتجنن امبارح كنتوا زي السمن على العسل ودلوقت عاوز يطلقك ومش راضي يقول السبب طب ليـ ....

 

قاطعها " بلال" وهو يتجه نحو المرحاض بعد أن شعر بغثيان، التقيُ  استمر معه منذ صباح اليوم وعلى مايبدو أنه لن يتركه هذه الأيام، كان يلتوي على الأرض، كاد أن يلفظ أنفاسه الأخيرة،  لم تعد تعرف ماذا تفعل ليرضى، فزعت عمته مما حدث لابن اخيها،.

 

يتبع..