الفصل الخامس عشر - عقوق العشاق
الفصل الخامس عشر
في
منزل " ريان الأنصاري"
انتهت
" شاهيناز" من سرد حكايتها وسر إصرارها لتعلم قراءة وكتابة اللغة العربية، والعودة إلى المانياغدًا بعد أن
شعر والدها بتعلمها القليل من الكلمات العربية وتحديدًا العامية المصرية، طلبت من " ريان" الاحتفاظ بالسر حتى
لا ينهرها والدها، كان بئر أسرارها ومساعدها في شتى الأمور، يخشى "
ادهم" هذا التقرب من جدها لا يعرف ما هي الخسائر التي من الممكن تلاحقه فيما
بعد، جلست على المقعد جوار جديها
تستمع
لصوت " سليم" الذي دوى في المكان، دائمًا يُغني كلمات فنانه المفضل
" عبد الحليم حافظ" رغم أنها بدأت تعرف معاني الكلمات، لكنها تعشق صوته الهادئ واحساسه الذي يصلها انسجمت سريعًا مع أنغام
الموسيقى، وقفت عن مقعدها متجهة إليه على مسرح الالآت الموسيقية
التفت
حوله وهو جالسًا خلف (البيانو) ممررة باطن كفها عليه حتى وصلت إليه، وضعت يدها أسفل
ذقنها، ناظرة له والإبتسامة لاتفارق
شفتاها
اعتدلت
في وقفتها ثم سارت خلفه، واضعة كفيها فوق كتفيه مال معها كلما مالت بجسدها، اختلط
صوتها بصوته الرقيق
-ابقى افتكرني حاول حاول،
لو مريت في طريق مشينا في ، أو عديت بمكان كان لينا ذكرى في، ابقى افتكريني حاول
حاول ابقى افتكرني.
بدأت
" شاهيناز" تتراقص برشاقة على أنغام الموسيقى، خطفت أنظار الجميع على
رأسهم أخيها لن ينكر أنه يقلق بشأنها دائمًا لكنه يحاول تجاهل هذا الشعور، أما
زوجته المستقبلية " تاليا"
لا
تترك لحظة واحدة دون أن تأكد له بأنه سوف يعشق وكأن هذه العداوة لم يكن لها أي أساس
من الصحة .
صفق
" ريان" بحرارة والإبتسامة لاتفارق شفتاه فالصغيرة سلبته عقله وقلبه
بعفويتها وخفة ظلها
تمتلك
ما لا تملكه ابنته أو أحد من احفاده، الوحيدة التي تنافس " جميلة" في
امتلاك جزء اكبر من قلبه، لم تشعر زوجته بالغيرة نهائيًا تجاهها لكنها تمثل هذا وبجدارة
لتخفف عنها حزنها وشعورها بالوحدة الذي تشعر به دائمًا في غياب والدها وتجاهل
أخيها.
انتشر
اسم "شاهيناز الأنصاري" بين الناس عادت أكبر عائلات الطبقة الأستقراطية
وهم يرددون اسم ابنة الأنصاري على آلسنتهم،
تلك تملك مواهب كثيرة كالرقص، العزف، والغناء أيضًا كل هذا وأكصر في فتاة
واحدة من عائلة كعائلة الأنصاري ليس عجيبًا فـ جدها ريان كان يعشق العزف والغناء
في الصغر البعض عرف هذه المعلومة بمحض الصدفة،
والبعض الآخر كان صديقًا للعائلة وعلم بهذه المعلومة منذ تعرفه عليهم .
أنتهى
الحفل على خير عقد القران وتم تأجيل ليلة الزفاف لحين عودة " شاهيناز"
كان هذا الطلب من الجد لم يعترض أحد عدا " أدهم" الذي حاول جاهد أن
يخبرهم أن ابنتهم سوف تُكمل حياتها بشكلٍ طبيعي في المانيا لكن " ريان"
تجاهل هذا الخبر الذي لم يتقبله أحد رغم إصرار والد شاهيناز
على
الجانب الآخر من نفس المكان وتحديدًا في الحديقة الصغيرة المنعزلة عن باقي
المنزل، كان العروسان يتراقصان دون
موسيقى، كان عقلهم يصدر أنغام خاصة بهم، والأعين تبحر في عالم آخر الإبتسامة لا
تفارق شفاهما، مال بوجهه على خدها لثمه
برفق، نظر بيعيناه في خاصتها وقال بصوتٍ هادئ ونبرة تملؤها العشق
- بحبك يا تولي، بحبك ومش
عاوز حاجة من الدنيا غير حبك
- وأنـ....
وضع
" ساجد" سبابته على ثغرها المزين بالحمرة وقال بنبرة ناعمة هادئة
- مش عاوزها تطلع منك
دلوقت، عاوز يوم ما تطلع منك تبقى فعلا طالعة على حق، أنا عشان واثق من حبي ليكِ
قلتها، لكن أنتِ لو رديتي عليا هاتبقى مجرد كلمة اتقالت عشان ترضيني ودي أكتر حاجة
مش حابب اعيشها في الوقت الحالي
اكتفت
" تاليا" بالإبتسامة الواسعة لم تنكر أنها كانت ستخبره بها لترد له
اعترافه، هي سعيدة معه تريده دائمًا ولكن
مرحلة العشق من وجهة نظره لم تصل إليها بعد هو يعلم ذلك لذلك قرر أن تؤجل اعترافها
لحين إشعار آخر، لفها حول نفسها ثم لصق ظهرها بصدره وبدأ يتراقص من جديد، مال بشفتاه على عنقها لثمه بينما هي ارخت
جفنيها مستمتعة برومانسيته التي ظهرها للتو،
تذكرت حديث جدتها عنه وعن طيبة قلبه،
لم تكن تعلم أنه يملك هذا القدر من الرومانسية والغنج الذي ظهر لها فقط،
على مايبدو أنه يظهر وجهه الحقيقي لمن يحب فقط، عذرًا لمن يعشق، يذوب عشقًا وعشقها
ملاذه الوحيد .
استدارت
بجسدها كله له حاوطت عنقه بيدها نظرت بعيناها في خاصته وقالت بنبرة صادقة نابعة من
صميم قلبها ولم يُنكر أنه استشعر صدقها ضاغطة على كل حرف حين قالت:
- ساجد أنا بـــحبــ
بُتر
باقي حديثها بقبلة خاطفة للأنفاسهم، حذره عقله كثيرًا من هذا الإقتراب لكنه ضرب بكل تحذيراته عرض الحائط
عندما استشعر حلاوة اعترافها له، افترس شفتاها ولا عزاء لعقله الذي نهاهُ عن خطوته
تلك، بادلته قبلته وهي تخلل أناملها في
خصلات شعره الطويلة، لو كان الأمر بيده لضرب بتعليمات جده عرض الحائط أيضًا واتمم
زواجهما الآن، فرق قبلاتهم المحمومة لحاجة رئتيهما للهواء، مرر إبهامه على شفتاها
السُفلى وقال باسمًا:
- أول مرة احس نفسي غبي
وأنا بوافق على كلام جدو .
ردت
" تاليا" قائلةبذات النبرة ولكن تخللها الشماتة من بين أنفاسها وصدرها يعلو ويهبط تحت أعين
زوجها
- احسن عشان تبقى تفكر
قبـ ...
اقتحم
شفتاها للمرة الثانية مقاطعًا إياها وهو يلعن شماتتها تلك، اعترضت هذه المرة دافعة إياه بقضبتها في صدره،
قبض على رسغيها عاقدًا إياهم خلف ظهرها برفق
بيد وبالأخرى مملسًا على خدها الأيسر وقال باسمًا:
- احنا كبرنا وبقينا
بنخربش ؟
مالت
بوجهها لتعض على أنامله لكنه باعد يده في اللحظة الحاسمة بينما هي ردت بذات
الإبتسامة قائلة :
- وبعُض كمان تحب تجرب ؟
أجابها
بوقاحة وهو يغمز بجانب عينه، تفاجئت من وقاحته تلك لم تكن تعلم أن خلف قناع الأدب
والأخلاق رجل لا يمتلك ذرة من الأخلاق، من هذا الرجل هل هذا الذي تزوجته أم شخص لا
تعرفه في جسد ابن عمها وزوجها .
كادت
أن تدفعه مرةً أخرى في صدره لكنه ابتعد عنها متجهًا نحو مصدر الصوت الذي بدأ يقترب
شيئًا فشيئًا، علم أن جدته تبحث عنه وعندم علمت بوجودهما هنا أتت على الفور، هندمت
" تاليا"
ملابسها وبدأت تنظم أنفاسها، أما هو هرول ليساعد جدته على الجلوس، جلس جوارها من
جهة اليمين وهي من جهة اليسار، تبادلت "جميلة" النظر بين احفادها ثم
قالت:
- خير يا ولاد في إيه ؟
- مافيش يا تيتا
- لأ في ياتيتا
ردت
" جميلة" بنبرة حائرة قائلة:
- هو في ولا مافيش ؟!
ربت
" ساجد " على ظهر يدها وقال:
- اطمني يا تيتا كله تمام
و...
قاطعته
الجدة قائلة بنبرة ساخرة وهي تمرر يدها بجانب ثغره
- ماطبعًا لازم يبقى كله
تمام يا بشمهندس ساجد ولا اقل لك يا دودي زي ما بتقل لك الهانـ ...
دس
يده في جيب حلته جاذبًا محارم ورقية مسح إثر ما تركته زوجته سريعًا وهو يقول
بتلعثم
-دي تلاقيها شاهيناز لما حبت تبارك لي بعد الكتابة
ردت"
جميلة" وهي تلتقط منه المحرم لتزيل من الجهة الأخرى قائلة:
- وهي من إمتى شاهيناز
بتحط روچ يا ساجد
دفعته
في صدره وقالت بجدية:
- لم نفسك جدك لو شافك مش
هايسيبك حي
ردت
"تاليا" بشماتة قائلة:
- احسن يستاهل عشان هو
قليل الأدب و ...
- ولما هو قليل الأدب
ياختي قعدة معاه ليه لوحدكم
- قالي ياتيتا تعالي
اوريكِ الجنينة بتاعتنا هتعجبك قوي ؟
- وعجبتك ياختي الجنينه
ولا لأ
- قصدك إيه ياتيتا ؟!
فرغ
فاها لتتحدث لكن قاطعها " ساجد" قائلًا بجدية :
- تيتا كلمي جدو يقدم
الفرح ويخلي الأسبوع الجاي
- وليه الاستعجال دا يا
ابني ؟
- أنا شايف إنه ملوش
لازمة
- لأ أنا شايفة إن مهم
ياتيتا عشان يعرفني على حقيقته دا طلع جوا بلاوي ياتيتا ومخبيها ورا قناع الأدب
و...
بلاوي
إيه يا تولي اللي مخبيها ضرفة الباب اللي قاعد جنب جدته وأنتِ اكتشفتيها، احكي
ياحبيبتي أنا جدو حبيبك متخافيش .
أردف "ريان"
عبارته وهو يسير بخطواته الهادئة تجاه احفاده الجالسين جوار جدتهما، طرق على كتف
"ساجد" وقال بجدية مصطنعة:
- ادخل كدا يا واد أما
اشوف عملت إيه في بنتي حبيبتي
لوت
" تاليا" شفتاها بنظراتها الزائغة وهي تحاول أن تجد إجابة منطقية لترد
بها على سؤال جدها، كرر " ريان"
سؤاله لكنها ابتسمت إبتسامة مزيفة وقاالت بتلعثم:
- ماهو أصل يا جدو قصدي يعني يا جدو
رد
"ريان" بعدم فهم قائلا:
- ايوة قصدك إيه عمل إيه سي زفت دا
- معملتش ياجدو هي بس اللي بتحب تكبر المواضيع
- كداب يا جدو دا قليل الادب
- محصلش ياجدو
- لأ حصل ياجدو
- بقل لك ياجدو محصلش صدق ساجد حبيبك
- لأ صدقني أنا ياجدو أنا تولي روح قلبك
يلا
يا ولاد ال....
قاطعته
" جميلة" وهي تحاوط ذراعيه وقالت بهدوء مشيرة بيدها لاحفادها
- يلا مع السلامة كل واحد على أوضته وبعدين نشوف موضوعكم دا
- هو في إية ياجميلة
- مافيش يا ريان بعدين هاقل لك
غادرت
" تاليا" وخلفها "ساجد" كان يركض ليلحق بها لكن كانت خطواتها
سريعة بعد أن خلعت عنها نعليها تاركة لقدماها حرية التحرك، كادت أن تلج غرفتها
لكنه جذبها من ذراعها نظرت حولها وهي تضرب بيدها على خدها وقالت
- اوعى جدو جاي هايشوفنا
يا مجنون
- وإيه يعني أنا ممكن دلوقت حالًا اقل له أنا هتجوزها ونسافر وكدا
كدا الناس كلها عرفت إننا كتابين الكتاب
- عشان خاطري ياساجد سبني
- لأ مش هاسيبك
- وحياتي جدو هايبهدلني لو شافني واقفة معاك
- مش هيقدر يعملها الاول كنا مخطوبين دلوقت مكتوب كتابنا يعني أنتِ
قانونًا مراتي، ونفسي اخليها شرعًا كمان .
توسطت
صدره بكلته يدها مباعدة بينها وبينه قائلة بتحذير وهي تراقب باب المنزل جيدًا
- ســ اجد جدو يا مجنون
رد
" ساجد" بنبرة ناعمة دون أن يكترث لما تقوله هي
- عاوزاني اسيبك ؟
- اها
مال
بخده الأيسر قليلًا وقال وهو مغمض العينين والإبتسامة الخفيفة تزين فاه
- طب هاتي وأنا اسيبك
- اجيب إيه ؟
- بــو ســ....
بُتر
كلمته فجأة بعد أن اصطدم جبينه بالحائط، استغلت أنه مغمض العينين وتملصت من بين
قبضاتاه نظر بعيناه تجاه باب المنزل وجد جديه يعبران البوابة والإبتسامة تزين
ثغرهما، علم أن جدته سردت ما استنتجته، ترك المبقض الحديدي بعد أن أخبرها أنه
يعشقها للمرة المئة بعد الالف .
❈-❈-❈
في
صباح اليوم التالي
كان
يلج غرفتها بخطواتٍ حذرة يلتفت حوله بين الفنية والأخرى، وجدها نائمة وبجوراها صورته، ابتسم لهذا التطور
العظيم الذي وصل إليه في علاقتهما، وضع
وردة الچوري ثم جثا على ركبتيه يتأملها بعشق،
ملس أنامله بخفة تمتم من بين شفتاه قائلا
- بحبك
غادر
سريعًا قبل أن يفعل ما لايحمد عقباه، الوضع لا يحتمل التأخير أكثر من ذلك يجب أن
يخبر جده بأن يعيد النظر في أمر فترة الخطبة التي لا فائدة منها الآن. هبط بخطواته
الواثقة قبل يد جديه ثم جلس على مقعده المقابل لمقعد أبيه والمجاور لشقيقته، تتجاهل كما يفعل هو حتى لا تزعجه، تناول فطوره في صمتٍ تام، أتى موعد المغادرة وقف عن مقعده، نظر لها ثم
اقترب منها وطبع قبلته على خدها وهو يقول بالالمانية :
- لا تسافرين قبل عودتي يا صغيرتي
ردت
" شاهيناز" قائلة بدهشة وذهول شديدان
- ماذا ؟!
كرر
جملته وقال
- لا تسافرين قبل عودتي يا صغيرتي
- لماذا ؟
- لأنني أريد أن اودعك بنفسي
- حسنا
- هل ترغبين في شئ من الخارج ؟
- شكرًا فـ سليم هو مصباحي السحري قبل أن افكر يأتي بما أريده
- حسنا أنا وهو مصباحكِ السحري وقتما تشائين
رفع
بصره لجديه ووالده وقال بجدية باسمًا وهو يضمها له بحنانٍ بالغ
- أنا آسف إني قصرت في حقها وعاملتها معاملة مش كويسة هي في الأول
وفي الآخر أختي وملهاش ذنب.
كانت"
شاهيناز" تستمع لحديث أخيها وتفهم مايقوله لكنها تصطنع عدم المعرفة حتى لا
تثير الشك في قلب والدها، عاد "ساجد" ببصره وقال بإبتسامته المعهودة
قائلًا بالالمانية:
- لقد تأخرت كثيرًا ياصغيرتي عذرًا منكِ سأعود قبل موعد الطائرة
بوقتٍ كافِ، لا تقلقي أنا دائما احفظ عهدي مع الآخرين .
ردت
" شاهيناز" وهي تفتح ذراعيها على مصراعيها ليهبط هو بدوره لمستواها
محتضن إياها بينما قالت هي:
- اصطحبتك السلامة يا أخي العزيز،
أنا في انتظارك دائمًا
خرجت
من حضنه وقالت بإبتسامة واسعة
- لا تقلق بشأني فأنا صبورة لأقصى حد، حفظك الله يا ساجد
- شكرًا لكِ صغيرتي .
غادر
" ساجد" تاركًا الجميع في حالة مزاجية رائعة من هذا التطور الكبير في
علاقته مع شقيقته، اطمئن والده عليها، هذا ما يعلمه جيدًا، سيغضب ويثور ثم يهدأ
وتسير الأمور كما كانت وكأن شيئًا لم يكن،
بعد مرور نصف ساعة تقريبًا استيقظت
" تاليا" من نومها وهي مفعمة بالحيوية والنشاط نظرت
بجانبها وجدت وردة موضوعة بجوارها التقطتها وعلى ثغرها إبتسامة عريضة، اشتمت رائحتها وهي تتذكر ماحدث في ليلة أمس، جذبت هاتفها ترأقصت أنامله على أزارره ثم وضعته
على أذنها في انتظار رده
على
الجانب الآخر كان هو في اجتماعًا هام يضع النقاط على الحروف قبل بدء المشروع
الجديد، ترك كل شئ وتفرغ لها لمدة خمس
دقائق فقط ابتعد عن طاولة الحوار معتذرًا من الجميع قائلًا
- دقيقة وراجع لكم يا جماعة معايا مكالمة مهمة
لم
يعترض أحد فهو له قدره في الشركة، وضعه جده في المكان المناسب، بعد عناء كان يحفر
بأنامله في الصخر، صعد سلالم العمل من تحت الصفر علمه جده كل شئ منذ كان في
الثانوية العامة ثم بعد ذلك تولى أول منصب في الجامعة وعندما انتهى سنحت له الجامعة فرصة التدريس لكنه رفضها بعد
أن عرض عليه جده تولي منصب نائب رئيس مجلس الإدارة، أما الآن هو رئيسها ورئيس كل
شئ، الوحيد الذي يستحق أن يحمل كل شئ دون
قلق هو " ساجد" والذي يعرف كيف يدير العمل هو " ساجد" كان
الرجل المناسب في المكان المناسب .
وقف
عند النافذة وهو يضغط على زر الإجابة وقال بنبرة هامسة والإبتسامة لاتفارق شفتاه
- صباح النور ياقلب حبيبك، آسف بس عندي شغل كتير بحاول اخلصه عشان
افضى لك الفترة الجاية، عندي ليكِ مفاجأة ويارب تعجبك، طب تبقى مفاجأة ازاي ؟ طب
حضري نفسك هنتغدا سوا النهاردا لأ برا، هاسيبك بقى دلوقتي والساعة اتنين تكوني
محضرة نفسك عشان هاخطف ساعة الغدا بتاعتي هنا معاكِ، ماشي ياروحي أنتِ كمان خلي
بالك من نفسك.
عاد
" ساجد" وقدماه تكاد تحلقان في السماء، اعترافها له بالحُب جعله شخصًا
آخر تمامًا، لقد نفعته نصيحة جدته له حين قالت له بأن علي العاشق أن يتحلى
بالصبر، باشر عمله بوجهه الذي اغتاد عليه
الجميع منه، ليس ذاك الشاب الثلاثيني العاشق الولهان .
❈-❈-❈
في
مساء اليوم
كان
والد مهدية جالسًا في شقة ابنته يحدثها بنبرة عالية والغضب والغيظ يتملكان منه وهو
يقول
- زي ما قلت لك يا مهدية يا بنتي شوقية هي السبب في حالة جوزك دي
- ازاي بس يابا ؟!
- زي الناس يا بنتي
زفر
بعمق وهو يشيح بوجهه ثم عاد ببصره وقال بهدوء
- أنا سمعت مهدي وهو بيكلمها بعد ما اتجوزتني بيومين وبيقولها إنه
مهدلها الدنيا عشان تتجوزني عشان هي كمان تساعده ويتجوزك ولما عرضت عليكِ كذا مرة
وأنتِ رأيك زي ماهو قالت له هروح اعملها سحر عند شيخ هي تعرفه كويس وهتحطه لك في
شاي ولا اكل، كلمت بلال وعرفته اللي حصل وكان قالي إنه عاوز يتجوزك بيني وبينك
ملقتش احسن منه ليكِ قلت خلاص لما تتخطبي لبلال الدنيا هتهدأ بس معرفش إني كدا
زودت نا ر الغيرة في مهدي وشوقية، فضلت اعمل مع خناقات وابعدها عنك بس هي مكنتش
بتبعد لحد ما في يوم بزقها بعيد عني وقعت على السلم و....
لطمت
" مهدية"بيدها على صدرها قائلة
بدهشة وذهول شديدان
- عشان كدا بتقوب عليك لكل الناس إنك قتلـ ت اللي بطنها ومش
هاتسيبك في حالك ؟!
- اه يا بنتي بس مكناش متخيل إن بعد ما اطلقها بردو هتلف من ورايا
وتعمل لك سحر زي ما كان في بالها فعلا
ختم
والد مهدية حديثه قائلا بندمٍ شديد
- يارتني كنا حكيت أنا لو اعرف إن بلال هايخبي عليكِ وميرضاش يقل
لك كنت حكيت لك أنا
ردت"
صدفة" بحزن شديد
- ياحبيبي مكنش عاوز ينكدها عليها في أهم ليلة في حياتها قال طالما
معايا محدش هايقرب لها كل اللي عمله إنه حط مهدي في دماغه لحد ماقبض عليه ودخل
السجـ ن في قضية مش اقل من 15 سنة
- مش كفاية يا صدفة يا
اختي دوب عاوزين القتـ ل في ميدان عام دول ناس بيبقي خايفين يبلعوا ريقهم ليموتوا
من السم اللي في .
- ايوة يابا يعني أنا هاسيب بلال كدا مش عارفة اعمل له حاجة ؟!
رد
والدها قائلا بإطمئنان
- متقلقيش يا بنتي بأذن الله هاخده لشيخ بيعالج بالقران والدنيا
هتكون زي الفل أنتِ بس طولي بالك شوية عشان الحاجات بطول شوية .
صمتت
" مهدية" مسلمة أمرها لله بعد
أن سرد لها والدها كل هذا يحدث وهي آخر من يعلم به، الوضع بات غاية في الصعوبة،
كيف تترك زوجها يكاد أن يلفظ أنفاسه الأخيرة بسبب هذا السحر الذي تناوله في كوبًا
من العصير الذي صنعته بنفسها " شوقية" عندما أتت وهي نائمة، لو كانت
تعلم هذا لحذرته ونهاته عن الاقتراب منها وليس التحدث .
❈-❈-❈
بعد
مرور عدة أسابيع
لم
يحدث شيئًا جديد يذكر سوى معرفة الجميع لأمر عودة " رامي وربى" غضب والدها ولم ينصرها بل عاقبوها بالتجنب وعدم
الكلام معها، ولأول مرة يضربها " تيم" الوضع في بيت عابد تحديدًا كان
غاية في الصعوبة، خيرها والدها بينه وبين
عودتها لخطيبها السابق فردت وقالت بجمود أمام الجميع
- هرجع حقي يابابا
فرد
" عابد" علي إجابتها بسؤالا آخر غاضب
- حق إيه اللي عاوزة ترجعي !!
فأجابته
بهدوء وثبات
- رامي حقي وأنا عاوزة ارجعه
هنا
فقط تبرأ منها الجميع نبذتها عائلتها ولم ينصفها أحد، بينما كانت وتين شرسة متمردة
ولأول مرة منذ زواجها على قرارت "عابد" رفضت رامي ورفضت ابنتها بأن تكمل
هذه الزيجة، ولكن امرت بأن تبقى ابنتها في
بيتها، لكن لا حياة لمن تنادي، كانت " ربى" اقوى مما يتخيلها أحد، غادرت
البيت وعادت لجدها الذي رفض وبشدة هذه العودة، أما جدتها "جميلة" فكان
تأيدها هي الصدمة الحقيقة لدى الجميع وعلى رأسهم " ريان" نفسه .
عاد
" رامي" معلنًا عودته لخطيبته في حفل زفاف
" تاليا وساجد" الذي لم يحضره أي فرد عائلة المحمدي رغم
كل هذا الإعتراض تمت الخطبة من جديد ولم تكترث لأحد .
في
منزل عائلة المحمدي
كانت
" صبا" جالسة على المسند الخاص بمقعد أبيها تمسد له ظهر يده بحنو وحب،
مخففة عنه همه الثقيل، رغم كل الذي فعله لابنته كسرته أمام عائلته قبل عائلة رامي
نفسها، ربت على يدها وقال بهدوء ولسانًا
ثقيل
- صبا عاوز فنجان قهوة من فضلك
- بس يا بابا
- صبا عشان خاطري بلاش جدال دلوقتي فنجان واحد مش هيأثر عليا
نهضت لتفعل اه ما يريد
ليستغل غيابها وغياب ابنه، جذب علبة
سجائره والتقط واحدة، نفثها دخانها وقلبه هو الذي يحتر ق، لم يعلق " تيم" على مافعله والده كل
مافعله أنه لعن نفسه حين ترك علبة السجائر علي سطح المنضدة ولم يأتي على باله أن
والده سيعود من جديد للتدخين رغم التحذيرات الواضحة من الأطباء له .
حالة
من الصمت التام احتلت المكان، حتى كسره
" عابد " بسؤاله عن ابن أخيه قائلا
- فين ابن عمك يا تيم ؟
- مين فيهم ؟
- نوح
- قاعد جوا مع تيتا وعماتي
- نادي لي عليه وخلي يجهز عشان هنخرج
- خير يا بابا
- خير متقلقش دا مشوار شغل كنت مأجله بقالي فترة
بعد
مرور عدة دقائق
كان
" نوح" أمام عمه بكامل أناقته،
نظر له عابد وقال بعتذار
- خذلتك للمرة التانية وبنتي خذلتني للمرة اللي تعبت في عدها حقك
عليا يانوح
ابتسم
" نوح" رغم مرارة حلقه وحزنه الذي يكسو قلبه وقال بهدوء
- ولا يهمك ياعمي كل شئ قسمة ونصيب والظاهر إن رُبى مش نصيبي أنت
عمي وهي أختي ومافيش حاجة حصلت .
أتى
" صهيب" بعد أن علم بما حدث، لا يعرف إن كان هذا وقت جيدًا لأخباره بأنه
لا يريد ابنته
"صبا" أم لا
لكنه تفاجئ به يستوقفه قبل أن يلج شقة جدته وقال
- صهيب
استدار
له وقال بإبتسامة عريضة
- نعم يا خالو
هتف
" عابد" على ابنه ليأتي بخاتم الخطبة والهدايا التي أتى لها بها خلال
الشهر الماضي، وضعها بين يده وقال بجدية
مشددًا على كلماته أمام الجميع
- أنا مش عارف اجيبها لك ازاي بس كل شئ قسمة ونصيب والظاهر كدا زي
ما رُبى مش نصيب نوح صبا مش نصيبك يا ابني
نظر
لـ نوح وصهيب وقال باسمًا
- أنتوا هتفضلوا ولادي وأنا هفضل أب ليكم مش خال ولا عم ومش معنى
إن الخطوبة ماتمتش لحد منكم إنكم تبعدوا عني لأ أنتوا ضهري وسندي زيكم زي تيم
بالظبط.
تناول
هداياه وكأن صب عليه زيتًا ساخنًا، لم يكن
يعلم أنه سيحزن عند الفراق، ربنا إن أتت منه هو كان الشعور سيكون افضل من هذا، ولج
شقة الجدة وجلس على الأريكة وهو ينظر لهداياهُ كاد أن يبكِ لماذا لم يعترض لماذا
لا يستمع لنصيحة والده ويختبر البُعد ولو لبضع أسابيع، كيف يحدث ذلك لم يكن يتوقع
هذا نهائيًا، شدت من ازره والدته وهي تضغط
على كتفه، نظر لها وقال بمرارة
- بابا عنده حق يا ماما
تلك
الجملة كانت كفيلة بأن تجذبه لحضنها وتخفف عنه لكنه أبى أن يضعف وقف عن الاريكة
وغادر البيت عاد لمحل عمله الجديد وبدأ في تحضيرات الاحتفال، بهد مرور وقت طويل من
العمل نال منه التعب جلس على الارض مسند برأسه للخلف، نظر لخاتم خطبته الموضوع
ببنصره وابتسم بمرارة
تُرى
هي استمعت لمشاجرته التي نشبت بينه وبين والديه عندما أتت " فيروزته"
وقالت أن أخيها قام بسبها والسبب في ذلك تسلق ابنها على قلب ابنه الملكوم وخطبة
" صبا" رغم تحذيرات" سلطان"
من
فتح هذا الأمر لكن لم تتحمل زوجته وقررت أن تضرب بتعليمات زوجها عرض الحائط
وتتشاجر مع أخيها، فثار " صهيب " وبدأ يطرق بيده علي سطح المنضدة الخشبي
قائلا بغضبٍ جم
- صبا، صبا، صبا كل حاجة
صبا مين قال إني بحب صبا وعاوز اتجوزها، ليه بتتخانقي مع اخوكِ ولا بابا محدش يعمل
موضوع من مافيش
رد"
سلطان" وقال بحدة واضحة في نبرته
- نعم!! دا العيلة كلها عارفة إنك بتحبها دا البنت نفسها فاهمة كدا
- يبقى فهمت غلط يابابا
- غلط في عينك هي قلوب بنات الناس لعبة في ايدك ولا ايه ؟ ولما
رحنا نكلم خالك عابد عشان نخطبها ولما لبسنا الدبل وحددنا معاد الخطوبة ولما أنت
كل يوم تكبمها لحد الفجر كل دا كان غلط ؟!!
- بابا دي حياتي وأنا حر فيها أنا اتعرفت على صبا ولقيتها مش
مناسبة لي ارجوك يابابا كلم خالي وعرفه إن مافيش نصيب بنا وياريت بلاش تتخانق مع
ماما ولا أنتِ ماما تتخانقي مع خالي و...
وقف"
سلطان" وقال بنبرة حازمة
-أنا مش هكلم حد بس خليني اعرفك حاجة واحدة بس، إن خسرت صبا المرة دي لو عشت عمرك كله مش هتعرف
تعوضها، البنت دي خسارة فيك مش أنت لا وبيجاد كمان واي حد مش عارفة إنها جوهرة
للأسف بنات عابد ملهمش حظ في الحب ولا أنت هتعرف تلاقي حد يحبك قد ما هي حبيتك بجد
وبكرا تقول سلطان قال
العلاقة
بين " صهيب وسلطان " لم تكن علاقة أب وابنه بل علاقة اصدقاء من الدرجة
الاولى، الجميع يشهد لوالده بحُسن تربيته
وصدقاته مع ابنه وكم تمنوا أن يكون "
سلطان وفيروز" والديه
عاد
بذاكرته من الماضي على صوت " نوح" الذي جلس جواره يحدثه عن احزانه
العاطفية، نظر له وقال بمرارة
- أنا مش هعرف اعوض صبا تاني يانوح
- متزعلش بكرا ترجعوا لبعض ياما بيحصل بين المخطوبين
- لأ يا نوح صبا مستحيل ترجع لي
- إيه اللي مخليك واثق كدا
- أنا هاحكي لك بس يفضل سر
- هي دي اول مرة يا صهيب يعني !!
نظر
له وبدأ يسرد له ما حدث من البداية وحتى هذه اللحظة، الصمت كان هو الحالة الوحيدة
التي انتابته حين حكى له " صهيب " مط شفتاه وهو يقول بنبرة حائرة
- أنا مش عارف أنت عملت كدا ليه ياصهيب بس بجد ليها حق تسيبك،
واحدة سمعت بودنها أنك مش حاببها ولا عاوزها منتظر منها إيه غير إنها تقولك خد
حاجتك اهي ؟!
- انا شاكك إنها سمعت مش متأكد لأن قبل كنا تمام اوي مش عارف اعمل
إيه اروح واسالها ولا اسيبها خالص لما تهدأ ولا اعمل إيه ؟
- والله يا صهيب أنا زيي زيك مش عارف لو رحت هيبقى رد فعلها إيه،
بس أيًا كان إيه هو هيكون افضل كتير من إنها تعدي المرحلة دي لوحدها ولا أنت إيه
رأيك ؟
- مش عارف يا نوح بجد مش عارف
❈-❈-❈
بعد
مرور اسبوعًا كامل
لم
يحدث شيئًا جديد يذكر سوى تجاوز كل حزين أحزانه
وبدء مرحلة جديدة في حياته، أم
عابد فقرر أن يرتب اوراق السفر ليعود إلى دولة الكويت ليباشر عمله، لكنه لم يستطع فعل ذلك بعد أن تم القبض عليه
بسبب التوقيع الذي وقعه كضامن لابن اخيه
كان " نوح" يعمل بشكلٍ جيد، حتى تعثر في في بعض العقبات كان عمه
يظن أنها مثلها كمثل أي عقبة في بداية اي عمل خاص، لم يسيطر " نوح" على الديون التي لا
يعرف كيف أتت ولا من أين، وقبل أن يكتشف أن والد رامي السبب الرئيسي في حر ق مرزعة
" نوح" التي بالكاد تقف على ساقيها فدمرها له وتركمت الديون من كل جانب،
قرر أن يبتاع الاشياء اللازمة لتقف المزرعة من جديد، لكنه قرر أن يضع عمه في مأزق
وهو لايدري، بعد أن وقع عابد علي الشيكات
تتدمرت المزرعة بالكامل وسقط عابد ونوح ضحية والد رامي، كانت القضية سارية دون أن يعلم أحد بها حتى
ليلة الحكم، إما أن يدفع " نوح"
أو يسجن عابد
بدأت
التحركات من كل حدبًا وصوب، ولم يجمع أكثر من نصف المبلغ، انهارت " وتين"
ما
أن رأت " نوح" أمامها هدرت بصوتها أمام الجميع
مرتاح
كدا يا نوح دخلت عمك السجن وارحت !
يا
مراتي عمي والله حذرته مليون مايمضيش ضامن بس هو مضى من ورايا
من
وراك إيه أنت بتستعبط مافيش حاجة تمت من وراك
كله بعلمك
اقسم
لك ماحصل
يا
جماعة الموضوع سهل وبسيط نوح يدفع المبلغ وعمي يخرج عادي
يخرج
ازاي يا بيجاد اخوك عليه اكتر من 20 مليون جنيه وجوزي أنا اللي هو عمك عشان بيحبه
وفاكره راجل مضى وقال اكيد مش هنوصل لمرحلة زي اللي وصلنها دي ياريته ما نزل مصر
ياريته ما حبك يا نوح اكتر من ولاده
ضيعت
عمك
خلاص
يا وتين اهدي والمووع هايتحل إن شاء الله
هايتحل
ازاي يابابا لما كل اللي عابد يمتكلمه مايكملش نص المبلغ حتى والجلسة بكرا
كدا
كدا عابد لازم يدخل القفص وبعدها نقدر
نطلعه بعد ما ندفع له الفلوس
او
يكمل حسبه يا بابا صح قول ساكت ليه
تنهد
" ريان " بعمق وهو ينظر لابنته ثم قال
- اهدي وإن شاء الله خير و....
قاطعته
بصراخ قائلة
- خير منين وأنا مش عارفة الاقيها منين ولا منين. يابابا بنتي
هتتجوز اللي سجن أبوها وانا متكتفة ومش عارفة اكمل باقي المبلغ وعابد رافض حد
يساعده قل لي اعمل إيه وليه بيحصل معايا كدا ليه !!
رد
" مراد" وقال بهدوء
- اهدي يا مرات خالي الموضوع بسيط والله وأنا خلاص اتفقت مع الضامن
التاني يشيل نص المبلغ يعني خالي بكرا بأمر الله هيكون موجود معانا
❈-❈-❈
في
صباح اليوم التالي
كانت
عائلة المحمدي وعائلة الأنصاري داخل قاعة المحكمة، لأول مرة في حياته يدخل
" عابد" المحبس، رغم إنه إجراءت روتينة إلا إنها كبيرة
على قلب " نوح " تحديدًا، أما
" ربى " كانت
جالسة بشموخ رافعة ذقنها للأعلى قليلًا،
وعلى ثغرها إبتسامة خفيفة
تفاجئ
الجميع برد والد رامي وهو يقول بإنكسار لم يسبق له مثيل
- أنا متنازل عن حقي لأن نوح دفع لي جميع مستحقاتي ودي ورقة مني
بتنازل في الشهر العقاري
نزل
الخبر على الجميع كالصاقعة، تم إنهاء
الإجراءت وخرج " عابد" من
محبسه، عاد الجميع لبيته وعادت " ربى" إلى بيت أبيها، تجاهل تام من
الجميع تجاهها، لكنها لم تكترث لهذا التجاهل،
كانت جالسة على الاريكة جوار جدتها وهي تمد يدها لوالدها قائلة
- دي قسيمة الطلاق بتاعتي أنا ورامي و....
ثاطعها
دخول والد رامي المفاجئ الذي اقتحم المنزل ما أن فتح له " مراد" تجاوزه
ثم جلس أسفل قدم " ربى" قبل يدها لترضى، توسلها وهو ينظر لها
- ارحمي ابني يا رُبى، ابوس ايدك ارحميني، ربى أنا آسف، اقسم ما هتشوفي وشي لا أنا ولا
ابني بس ابوس ايدك ارحمينا وخلي يخرج
رفعت
ذقنها بشموخ وهي تقف عن الاريكة وقالت
- وقتك خلص معايا يا مرتضى بيه،
اتفضل مع السلامة
- ارحمي ضعفي يا ربى يا بنتي ارجوكِ و
رد
" عابد" وقال بدهشة من انكسار والد رامي
-هو إيه اللي بيحصل هما بالظبطط في إيه ؟
أجابه
بمرارة وانكسار
- بنتك يا دكتور عابد،
حبست ابني في مصحة نفسية أنا مش عارف هي جوا مصر ولا برا وابني هناك بيموت
ارجوك يا دكتور عابد خليها ترحم ابني لأن هي الوحيدة اللي تقدر تخرجه منها لأنها
مراته على الورق في الوقت اللي دخلته في .
نظرت"
ربى" له وقالت بإبتسامة واضحة
- آسفة يا مرتضى بيه وقت ابنك معايا خلص من زمان وانا معرفش عنه
حاجة روح شوف هو فين وياريت تنسى إن كنت خطيبة ابنك في يوم من الايام
- هعمل لك اللي أنتِ عاوزاه ياربى بس ابني يرجع لي دا الوحيد
تنهدت
بعمق وهي تنظر إليه لترد فجاة
- حاجة نوح كلها ترجع
- حاضر
- ملكش دعوة بأهلي نهائي
-كأني معرفتش حد منهم صدقيني
- طب ولو لسانك طول وعملت عاملة من بتوعك للصحافة !!
رد
بإنكسار وقال
- ابقي اعملي فينا ما بادلك المهم تخلي فياض يرحمني ويخرج ابني
ابوس ايدك يا ربى خلي فياض يرحمني
يتبع..