الفصل السابع عشر - عقوق العشاق
الفصل السابع عشر
القرآن
الكريم يفضل شغال ليل نهار، سوى كنت في البيت أو برا، حصن نفسك كويس بالاذكار
وأنتِ يا بنتي حصني نفسك كويس، ربنا يبعد عنكم الشر ويعمر بيتكم بالذرية الصالحة.
أردف
الشيخ أبو الغالي المعالج بالقران بدون مقابل مادي متطوعًا لوجه الله، كان يوزع
نظراته بين بلال ومهدية، جلست مهدية على حافة المقعد وقالت بنبرة حزينة قائلة
-
هو ليه يا عم الشيخ الناس بتكره الخير لبعض كدا ؟
-
هي دي الدنيا يا بنتي زي الغابة القوي فيها بيأكل الضعيف
ابعدي عن الشر وحصني نفسك وبيتك وجوزك ووظبي على صلاوتك
-
حاضر
رد
" بلال" بصوتٍ متعب إثر القئ الذي كاد أن يمزق معدته
-
هو في حد ممكن يأذيني تاني ولا يأذيها ؟
ابتسم
الشيخ وقال بهدوء وهو يسبح على مسبحته
عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا فَقَالَ:
«يَا
غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ
تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ
فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ
يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ
لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا
بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ
الصُّحُفُ».
ختم
حديثه قائلا
-
أنت فاهم إن دا اللي هما عاوزينه بس في الحقيقة دا اللي ربنا
كتبه لك يا ابني وكان لازم تشوفه وهما كانوا سبب مش أكتر
تنهدت
" مهدية" وقالت بإرتياح شديد ثم عادت تسأله بتوجس
-
الحمد لله، طب يا عم
الشيخ هو كدا خلاص مش هايتعصب تاني ولا يقولي مش عاوزك ولا إنه عاوز يطلقني دي ؟!
رد
الشبخ أبو غالي ممازحا وقال
-
لأ يا ستي مش هايقولها ولو قالها يبقى عاوز يهرب من غسيل
السجاد بتاع العيد
ابتسم
كلاهم على حديث الشيخ، ثم نظر "
بلال" له وقال بامتنان
-
أنا مش عارف اشكرك ازاي، أنت ردت لي روحي من تاني
-
يا ابني أنا كنت سبب في خير لكن رب الأسباب هو اللي نجدك صحيح
مكنتش أنت المقصود بالأذى دا لكن كفاية أنك عشت أيام ربنا وحده كانت هتاخدك على
فين ؟
وقف
عن حافة الأريكة وقال بجدية
-
ربنا يبعد عنكم كل شر يا ولاد، متنسوش الأذكار والتحصين
والصلاة طبعًا، ابعدي عن بيتك أي شيطان
سوى كان من الحن أو الإنس، لأنهم مافيش حاجة عندهم الأذى.
غادر
الشيخ تاركًا بلال ومهدية يتأملون بعضهم البعض طال النظر بينهما، سقطت الدموع من
مقلها كاد أن يذهب من بين يدها وكأنه شيئًا لم يكن، ارتمت في حضنه عناقها بقوة،
أراد أن يدخلها بين أضلعه تأواه بحرقة على ما آل إليه طيلة هذه المدة
لا
يعرف مالذي كان سيحدث إن تجرعت هي كوب العصير الذي صنعته تلك الشيطانة التي تدعى
شوقيه خرجت من حضنه وهو يجفف لها دموعها،
رفع كفها لشفتاه طبع عليه قبلة خفيفة بالكاد تشعر بها قرر أن يخرج من هذه
الاجواء وهو يقول بجدية مصطنعة
-
أنا فاكر من حاولي شهر وزيادة كان يوم فرحنا صح ؟ ومن وقتها
محصلـ ...
لكزته
في كتفه مقاطعة إياه قائلة بنبرة متحشرجة
-
بطل قلة أدب يا بلال أنت في إيه ولا إيه ؟
أعاد
رأسه للخلف لينظر لرأسها المتوسدة على صدره وقال
-
تصدقي إنك أنتِ اللي دماغك مش تمام عشان أنا كان قصدي محصلش
حاجة حلوة تفرحنا !!
-
ياسلام ؟!
-
اه والله
-
يعني أنا ظلمتك !!
-
طبعًا
-
احسن تستاهل
-
دا بدل ماتقولي لي معلش ياحبيبي إني بهدلتك معايا الفترة اللي
فاتت دي كلها !!
-
ليه مش أنت جوزي يبقي لازم تشيل عني كل حاجة وحشة ولا أنت
عندك كلام تاني ؟!
-
أنا اقدر دا أنتِ بت ...
تابع
بتذكر هامسًا بأذنيها سؤالا لم تتوقعه نظرت له وما هي إلا ثوانٍ وركضت وهو خلفها
تجاه غرفتهما
حاولت
أن توصد الباب لكنه دفعه بكتفه واصبح في وسط الغرفة لتبدأ أولى محاولاته في
مصالحتها .
❈-❈-❈
-ازيك
يا نوح
أردفت
" رُبى" جملتها وهي تحاول أن تقرأ نظراته التي لا تتقابل مع نظراتها
تمامًا، عاد ببصره له وقال بنبرة جادة خالية من أي مشاعرة اعتبرها نبرة جليدية
-تمام
الحمد لله
إبتسامة
جانبية لاحت على ثغرها وهي تضع يدها على صدرها لتعرفه بنفسها عله يُحسن من نبرته
تلك
-على
فكرة أنا ربى
-اه
ما انا اخدت بالي
-هو
أنت زعلان مني ؟
-هزعل
منك ليه يعني هو أنتِ عملتي لي حاجة ؟!
لأ
بس أصل كل ما اكلمك بترد عليا بالغافية و...
بصي
يا ربى دي طبيعتي مع الكل مش معاكِ بس بس جايز عشان بتشوفي بتكلم مع ستي بطريقة
مختلفة فكرتي إني هعاملك بنفس الطريقة بس مش مشكلة ممكن اتعامل بالطريقة
دي
معاكِ بردو بس ياريت بلاش منال تعرف لأن هي بتغيير عليا واظن أي وحدة مكانها من
حقها تغيير علي خطيبها ولا أنتِ إيه رأبك ؟
عندك
حق
تمام
محتاجة مني حاجة اصل هخرج أنا وهي نتفسح شوية النهاردا العيد بقى كل سنة وأنتِ
طيبة
وأنت
طيب وآسفة لو ازعجتك أنت أو منال
بالنسبة
لي مافيش مشكلة بتقبل عادي لكن منال صعبة شويتين بس على العموم احنا ولاد عم عادي
اسيبك بقى، اه نسيت اقل لك أنتِ معزومة ع
الغدا النهاردا لازم تيجي منال هتبقي موجودة
حاضر
يانوح
نوح
يا نــــوح
انتشله
صوت ملك شقيقته من بئر ذكرياته بالأيام الماضية وهي تهزه في كتفه، التفت لهادوقال
بشردو
-
إيه يا ملك في إيه ؟
ردت
ملك بسخرية قائلة
-
أنت اللي في إيه كل شوية اشوفك سرحان
تابعت
حديثها بغمزة من جانب عيناها قائلة
-
بتحب جديد ولا إيه يا سي نوح
تنفس
بعمق وهو يعتدل في جلسته وراح يقول بجدية
-
لا جديد ولا قديم قولي لي عاوزة إيه ؟
تنحنحت
ثم قالت برجاء
-
معلش يعني كنت عاوزك تيجي معايا النادي أصل امجد هناك وعازمني
على الغدا وأنت عارف بابا مش هنا وماما يعني ...
رد
نوح مقاطعًا حديثها قائلا بجدية
-
اديني خمس دقايق بس اغير هدومي واجاي معاكِ أنا كمان مخنوق من
القعدة في البيت
بعد
مرور ساعة كاملة وصلا نوح وملك إلى النادي الرياضي، كانت تنظر حولها حتى وجدت سيارة خطيبها أشارت
بيدها تجاه السيارة وهي تقول
-
الظاهر إن امجد وصل قبلنا
رد
نوح ساخرًا
-
خطيبك مواعيده مظبوطة بالثانية متنفعوش مواعيدك دي أبدًا ربنا
يسترها ومتحاوليش تأثري عليه
لكزته
في كتفه معارضة حديثه، عبرا الأثنان
البوابة الرئيسي صم اتجوا نحو ملعب الرماية، سارت بخطواتها الهادئة حتى وصلت إلى الطاولة
التي يضع عليها متعلقاته، وضع السلاح على سطح المنضدة واتجه نحوها، صافح أخيها ثم
صافحها وقبل أن تحدثه عن أدائه سألها بعفوية
-
فين رُبى مش قلتِ هاتيجي معاكِ ؟!
للحظة
كاد أن يفقط عقله نوح لكنه حافظ على ثباته الإنفعالي بأعجوبة، حاول أن لا يُظهر
الغيرة على وجهه وشاح ببصره بعيدًا كأنه يتابع المكان
-
كنا متفقين فعلا نيجي بس طلعت جبانة وهربت في الآخر عشان عمو
عزمها على بيتزا من عمايل ايده
رد
أمجد وهو يشير بيده ليجلسوا وقال
-
أنا اعرف ناس هتزعل اوي
وقبل
أن تسأله عن ماهية الأشخاص أتى بصفته وشخصه صافح الجميع ثم جلس، ثوانٍ معدودة وسأل
عنها قائلا
-
فين رُبى ؟
رد
أمجد قائلا بالنيابة عن زوجته المستقبلية
-
باباها ياسيدي عزمها على بيتزا من صنع ايده فطبيعي تبيع الكل
عشانه
اعترت الحزن الشديد على ملامح فياض، رد بإحباط وقال
-
خسارة كان عندي خبر حلو ليها
خير
يا استاذ فياض خبر ايه اللي حلو قولوا خلينا نعرفها ونفرحها بالنيابة عنك
أردف
نوح عبارته ليعلن عن وجوده أخيرًا، بعد أن
جاهد كثيرًا في كظم غيظه الشديد لكنه فشل،
طالعه فياض كاد يجزم أن لو صمت
لثوانٍ لرَ النيران تخرج من أذنيه، تنحنح
ثم قال بعتذار
-
آسف بس دي حاجة بيني وبينها، واعتقد مش مسموح لي اتكلم فيها
لحد ما هي تطلب بنفسها دا .
ردت
ملك محاولة تخفيف الاجواء بعد أن استشعرت الضغط العصبي والنفسي الذي وقع فيه أخيها.
-
ماتيجوا نتغدا سوا وتبقـ ...
قاطعها
نوح وهو يثب عن المقعد وقال بغضبٍ جم
-
كلوا إنتوا نفسي اتسدت عن أذنكم .
وقفت
ملك وهي تنادي عليه أثر من مرة لكنه لا يستجيب،
هرولت خلفه علها تلحق به قبل أن يغادر المكان، لو كانت تأخرت دقيقة واحدة
لأخذ الطريق سيرًا على الأقدام، استقل سيارتها وهو يتنفس بعنف لم تتحدث بكلمة
واحدة لم تجروأ من الأساس أن تفعلها، على الرغم من أنها الكبرى إلا إنها تضعه في
مكانة شقيقها الأكبر، سألها بصوتٍ مرتفع قائلا بغضب
-
عاوز إيه اللي اسمه فياض دا من ربى ؟!
-
معرفش
-
بقلك فياض عاوز منها
إيه ياملك ؟؟
-
والله يانوح معرفش
-
ازاي وسرها معاكِ !!
-
ايوة سرها معايا بس حقيقي مش عارفة أنا أول مرة اسمع الكلام
دا زيي زيك بالظبط !
❈-❈-❈
دا
آخر كلامي يا بنت الناس أخوكِ يرجع لي فلوسي ترجعي له مترجعش فلوسي خليكِ بقى لما
يبان لك صاحب
أردف
شاهين عبارته وهو يقف أمام فتاة لم تتجاوز الخامسة والعشرون من عمرها، تستمع إليه وبداخلها رعب شديد لكنها نجحت في
إخفائه وظهرت بملامح طبيعية خالية من أي توتر، على مايبدو أنه الضحية الجديدة
لأخيها لاتعرف كم عدده من بين الأعداد المهولة التي قام بالنصب والاختيال عليهم
لكنه يختلف كثيرًا عنهم فهو يعتبر الوخيد الذي تجرأ وقام بخطـ فها، حسنًا لتحاول
رسم الدور بشكل طبيعي حتى يتركها وحدها ولو لدقائق، سألته بهدوء عكس ما بداخلها
-
أنت اسمك إيه ؟
-هو
أنتِ عندك الزهايمر !! ما قلت لك شاهين
-بص
يا شاهين لو عاوز تاخد حقك صح يبقى تبعد عني صدقني يا ابني أنا آخر واحدة ممكن
اخويا يدفع عشانها جنيه
-بقلك
إيه خلافاتك مع اخوكِ دي تحلوها بعدين المهم فلوسي ترجع لي
ردت
بنفاذ صبر قائلة بنبرة صادقة يتخللها بعض السخرية
-
يابني انا اصلا مطرودة من بيته يعني خطفك ليا دا جه عليا
بفايدة يعني اصبر لآخر الشهر اكون قبضت
ولقيت مكان انام في غير هنا.
ماهذه
الفتاة إن أصابته جلطة دماغية أو قلبية قليلًا عليه مالذي فعله بنفسه، على مايبدو
أنه وقع ضحيتها و لايعرف كيف يتخلص منها، خرج من الغرفة ليجد حلًا آخر، ولكن كيف
وهو أخبر أخيها بأنه يحتجزها حتى يُعيد له ماله كاملًا .
❈-❈-❈
جلس
ينفث آخر لفافة تبغ في علبته بغضبٍ جم، كيف لها تنسى مافعله من أجلها، ألهذه
الدرجة لاتشعر به، ألهذه الدرجة قلبها فولاذي، حسنا مالجديد في هذه العلاقة التي
لم يكتب لها السعادة واعتراف الطرفين .
عاد
برأسه لمقدمة الفراش، طرق برأسه عدة مرات
حتى كادت أن تنقسم لنصفين، تذكر عتابه لها
تذكر قسوتها عليه، كل شئ حدث بينهما تذكره ربما ليجد شئ يحفذه علي الكُره .
-
ليه يا ربى بتعملي كدا فينا
-
في مين ؟
-
فينا كلنا اقصد عمي ومرات عمي وكلنا ربى واحد أذاكِ نفسيًا
وذمرك مستعد يعمل قد كدا عشر مرات وأنتِ بردو رجعتي له عادي دا أنا لو دوست على
صباع رجلك الصغير هتاخدي موقف عن كدا
-
بس رامي حقي وأنا اتعلمت ماسبش حقي
-
طب وكرامتك ؟
-مالها
كرامتي ؟! ماهي زي الفل اهي وهو اللي رجع لي بنفسه
-
وأنا ؟
-أنت
إيه مش فاهمة ؟
-
ولا حاجة يا بنت عمي ولا حاجة كنت فاكر إن في حاجة بيني وبينك
و...
-بيني أنا وأنت أنت بتحلم يا نوح أنا كبيرة عليك
انا ابعد من احلامك، لوعرفت توصل للقمر
بسهولة مش هتعرف توصل لي بردو يا نوح فوق لنفسك أنا امنية صعب تحققها.
عاد
من ذكرياته الحزينة لواقع أشدحزنًا، كيف لها أن تكون بهذه القسوة معه، مالذي فعله
مالذنب الذي اقترفه، وثب من فوق الفراش وبداخله صراخ لايعرف إن خرج من صدره ما
الخسائر الوخيمة التي يتسببها، ظل يجوب
الغرفة ذهابًا إيابًا، لم يتحمل صوت ضحكاتها الذي يصل لمسامعه وكأنها حمم بركانية،
اندفع للخارج قائلا بصوته العالِ
-
ممكن تبطلوا مسخرة وقلة أدب بقى مش عارف انام
انزعجت
شقيقته من وصفهن بهذا الوصف، ردت بنبرة حادة قائلة
-
إيه يا نوح الكلام دا ؟! وبعدين نوم إيه اللي يجي لك الساعة
عشرة بليل و.....
رد
مقاطعًا بنبرة حادة
-
وانتِ مالك أنتِ،
أنتِ كمان هتتحكمي في معاد نومي
تتطاول
عليها بالحديث كان كالعاصفة يدمر من حوله بكلامه الغاضب، تركتا الفتيات المكان على إثر صراخ نوح الذي
انتهَ به الحال للطرد، علمت الجدة
بما لم تتحمل مافعله تحاملت على نفسها
وولجت غرفته مندفعة دفعته في كتفه قائلة بحدة وصرامة
-
لما بيتك ولا بيت ابوك ابقى اطرد زي ما تحب إنما دا بيتي وبيت
جوزي الله يرحمه، استقبل في اللي على مزاجي في الوقت اللي يعجبني عاجبك عاجبك مش
عاجبك عندك حيطة اتنين تلاتة والرابعة وراك اللي تريحك اغبط دماغك فيها .
تناول
نوح يد جدته محاولًا الاعتذار لكنها رفضت قائلة بجدية
-
بلا آسف بلا زفت على دماغك إيه كل ما بقول تعبان تعبان الاقيك
زدت فيها واخرها تطرد اختك وبنات عمك من بيتـــي
ختمت
حديثها قائلة بنبرة لاتقبل النقاش
-
لما يبقى لك بيت لوحدك كدا وتلاقيهم عملوا عندك كدا ساعتها
ليك الحق إنك تطردهم لكن طول ما هما في بيت ستهم ملكش عندهم حاجة فاهم ولا لأ
امتص
نوح غضب ولاء وقال بهدوء
-
فاهم يا تيتا حقك عليا
-
لا حق ولا باطل يا حبيبي ماخلاص نجحت بنت القُرني تخليك تقلب
علينا بس معلش كأني ربيت كلب
كبح
ضحكاته وهو يرَ الغيرة من خطيبته تطل من عيناها تنحنح وقال بجدية مصطنعة
-
احنا هنغيير من أولها يا لولو ؟!
-
أغيير من مين ياحبيبي طب حتى استنضف عشان أعرف اغيير كويس .
❈-❈-❈
خلاص
كبرنا ياشاهيناز والشعر الابيض بقى اكتر من ايامنا اللي بنعيشها يلا الحمد لله
أردف
ريان عبارته وهو يتابع بجانب عينه نظرت جميلة وهي تشاهد الموقف ونيران الغيرة
تسيطر عليها ما إن علمت أن إحداهن أرسلت لزوجها سلامًا وقبلات وعناق طويل، كانت
شاهيناز تتخدث وكأنها ولدت في مصر، تتحدث العامية المصرية بطلاقة بعد أشهر عديدة
من التعلم سوى كان قراءة أو كتابة، ابتسمت
له وقالت بهدوء
-
مين قال إنك كبرت يا ريان بالعكس أنت لسه زي ما أنت شباب
والشعر الأبيض دا بقى موضة
مال
سليم برأسه قليلًا على كتف جدته وقال بمرح
-
ازيك يا تيتا عاملة إيه جوزك بيتخطف وأنتِ قاعدة ساكتة يعني
مش عادتك ؟!
-
مين قال كدا أنا بس عارفة اغير من مين وإمتى ولا إيه ريان ؟!
رد
ريان وهو يركل حفيده في منتصف ساقه، حتي لا يكرر فعلته مرةً أخرى قال بإبتسامة متوترة من ردة فعلها
-
طبعا يا حبيبتي، أنا بقول نقوم نتعشى بقى عشان جوعنا
ردت
شاهيناز رافعة كفه للأعلى قليلًا وقالت بثبات
لا تتناسب مع عمرها تمامًا
-
لأ هتنسى ادهم لما يجي وكمان ساجد أنا نفسي اشوفه من زمان
ردت
جميلة قائلة بجدية مصطنعة وهي تشير بيدها تجاه المائدة
-
قومي ياحبيبتي كُلي ساجد مش هايجي دلوقتي اصل عقبال عندك عريس
ومشغول مع عروسته بقى كل يوم والتاني سفر و ...
قاطعتها
شاهيناز قائلة بعدم فهم
-
هو مش اتجوز من حاولي شهرين وزيادة يبقى ازاي عريس وبيسافر
رد
ريان وقال بحزنٍ وكأنها ضغطت على جرح قديم ينزف دون أن يشعر به أحد
-
قولي لها يا شاهي عشان بقولها كدا بتقول سيبه يدلع و الواد
رامي الحِمل عليا وكأن مكتوب عليا اشتغل لحد آخر يوم في عمري
ردت
شاهيناز سريعًا
-
بعد الشر عليك يا ريو لك يؤبرني هالحلو ما يزعل ابدًا
ابتسم
ريان على حديثها بلكنة لبنانية، استشعرت جميلة من خلالها أنها رسالة مبطنة من
إحداهن له
نظرت
له وقالت بجدية محاولة كظم غيظها
-
ماتقوم يا ريو ولا لسه فيها قعدة تاني ؟!!
وصل
إلى مسامعها حديثها الهامس وهي تخبره بجانب أذنه قائلة
-
وبتقولك مش ناوي تتجوز ؟
جذبها
سليم ذراع جدته وقال بإصرار قبل أن تتدمر كل شئ بغيرتها ويُلغى عشاء اليوم
-
أنا بقول يا تيتا تقومي تحضري العشا افضل
-
استنى يا سليم لما نشوف اللي عاوزة تجوز جدك وهو رجل في القبر
ورجل في الدنيا دي !!
بعد
مرور نصف ساعة
كانت
الجلسة جادة من يراهم الآن لايصدق أنهم منذ دقائق كادوا أن يمزقون ريان الأنصاري
لنصفين، تناول ريان الصندوق الصغير الذي لا يتعدى حجمه كف اليد، قام بفتح وجد به
مالم يكن يتوقعه أو يخطر على عقله يومًا من الأيام
نظر
لزوجته التي تبادلت النظر معه ثم عاد ببصره للصغيرة وقال بتساؤل
-
وصلتي للصندوق دا ازاي ؟
-
كان عندي في بيتنا اللي في المانيا
-
أدهم عرف إنه رجع مصر ؟
-
أكيد لا طبعًا يا جميلة دا سؤال تسألي بردو !
-
شاهي في حاجة تاني كانت مع الصندوق ؟!
-
اه
-
إيه هي ؟
-
دي
اتسعت
أعين ريان وهو يرَ ما في يد الصغيرة،
تناولها منها ثم نظر لزوجته وقال
-
مستحيل مستحيل أدهم يكون بالجنون دا وازاي يعمل كدا أصلًا !!
دا موضوع واتقفل عليه من زمان
سألتها
جميلة قائلة بهدوء عكس ما يدور بداخلها
-
شاهيناز يا حبيبتي هو مين قالك على مكان الحاجات دي والورق
والصور دي ازاي وقعوا في ايدك
أتى
سليم حاملًا بين يده صندوقًا من اللون الأسود
وعلامات
الدهشة والذهول على وجهه، نظر له الحد وقال
-
في إيه ياسليم وإيه الصندوق اللي في ايدك دا ؟!
-
مش عارفة والله يا جدو بس هو تقريبا في لبس في الموضوع
-
لبس ازاي يعني مش فاهم ؟!
-
يعني الصندوق بإسم وتين أدهم الأنصاري وجاي من المانيا لما
سألت المندوب قال إن دا العنوان الموجود عند شركة الشحن
-
خلاص سيبه تلاقي عمتك وتين بعتت تشتري حاجة من هناك ولا فيروز
بعتت لها حاجة و...
ردت
شاهيناز قائلة
-
الصندوق دا بتاعي وأنا اللي بعته من المانيا قبل ما اوصل
بأسبوعين
سألها
ريان بعدم استيعاب وقال
-
ازاي وأنتِ اسمك شاهيناز ؟!
ردت
عليه مصححة سوء الفهم وقالت
-
أنا اسمي في المانيا واليونان وتين أدهم الأنصاري لكن لما
بنزل مصر بابا بيناديني شاهيناز وطلب مني احتفظ بالسر دا لنفسي، مكنتش فاهمة
ليه
بس لما نزلت مصر عرفت إن اسمي على اسم حبيبة بابا الأولانية واللي اخدها منه واحد
اسمه
حاولت
تذكر الإسم كاملًا وهي تقول
عابد، اه عابد المحمدي .
يتبع..