الفصل الثاني- عقوق العشاق
الفصل الثاني
اقترب منها " مالك " و عانقها بادلته ذات العناق، انتحبت داخل صدره، ربت على ظهرها محاولًا تخفيف حزنها، ترك لعيناه العنان سقطت دموعه لاول مرة منذ مدة ليست بالقصيرة، ظل يخفي سوء التفاهم حتى تضخمت الأزمة، هبط " عابد"
سلالم الدرج بخطواتٍ ثابتة، تجاوز ابنته التي تقف جوار حبيبها تخفف عنه همه، وقف مقابلة أخته سحبها من حضن " مالك " اعتذر لها وهو يطبع قبلة حانية فوق رأسها، تعالت شهقاتها ونحيبها عاتبته علي ما فعله بابنة أخيه، لم يعترض على حديثها لم يكلف نفسه يبرر لها ما حدث فضل الصمت منذ صباح اليوم وهو يشعر بتعبٍ وإجهاد ولكنه يتحامل على نفسه ليمر اليوم، من البداية وهو يعرف أن المواجهة هي أفضل طرق العلاج حذر " مالك" كثيرًا عن هذه الخطوة لكنه لايبالي
تركه وسط المعركة و فر هاربًا، نظر " بيجاد" لبيبته نظرة حزنٍ و قهر، مسدت على كتفه والإبتسامة لا تفارق شفتاها، انضم لعناق عمته محدثًا إياها كلماتٍ مرحة عله تبتسم وسط حزنها
- خلاص يا عمتو بكرا تفرحي بيا لو حابة دلوقتي ماعنديش مانع اقنعي عمي وبابا وأنا موافق
لكزته في كتفه بخفة هي تكفكفت دموعها وقالت بنبرة متحشرجة ممزوج بشبح إبتسامة
- طول عمرك استغلالي زي ابوك عاوز تخطف البت وتجري
ردت " صبا " مؤيدة لحديث عمتها قائلة بإبتسامة عريضة
- الحمد لله إن في حد نصرني قولي لي يا عمتو احسن خلاص حاسة اني بكلم نفسي .
- الله الله شوف ازاي يعني بقت أنا دلوقت الوحش الاستغلالي اللي عاوز اخفطك واجري مش عمي اللي بيجي كل سنتين تلاتة مرة ؟
فرغ"عابد" فاه ليتحدث لكن قاطعه " نوح" وهو يقف على اعتاب شقة جدته مناديًا بصوتٍ مرتفع
- يلا يا جماعة ستي كلت دماغي
صعد الجميع وبدأ يتبادلون أطراف الحديث حول ما حدث، سرد " عابد" ما قاله لابنة أخيه ليته لم يحدثهم ليته لم يسرد لهم من البداية، واكتفى بالصمت، اعترض " مالك " على حديثه وصفه بالإهانة لكرامتها، ايدته " مليكة " لكنها لم تخبر أحدًا بهذا حتى لا تزداد الامور بين اشقائها تعقيدًا
ثار " مالك" لكرامة ابنته ندم أنه وضعها في موقفًا كهذا، ظل " عابد" يستمع إليه دون ان يعقب على حديثه بكلمة واحدة
- أنت غلطان يا عابد مكنش لازم تجبها لها بالطريقة دي ابدا
- دلوقتي بقت أنا الغلطان يا مالك ؟ مش قلت لك قلها انت و تريحني من الموضوع دا
حصل بس انا متوقعتش ابدا انك تجرح بنتي بالاسلوب دا أنت دمرتها هي لو بنتك كنت قبلت عليها كلام زي دا
وقفت "رُبى " عن الأريكة متجه نحو عمها لتجلس جواره قائلة بهدوء حد الاستفزاز
-عمو بعد أذن حضرتك أنا بنته اهو ومش معبرني بابا بقى غريب لا عاوز يسمع لحد ولا يبسط حد
عاوزني قعدة جنبه وعاوز صبا جنبه بردو بحجة إن بيجاد لسه طالب في كلية الشرطة متخيل هايعمل ايه مع ملك اللي هي اصلا بنت اخو
رُبى عيب كدا
قالتها " مليكة " مقاطعة تلك المجذوبة التي تجاوزت الحدود و تتطاولت على أبيها و اتهمته بالغيرة والحقد ردت " رُبى" بنبرة مغتاظة وهي تقف عن المعقد المجاور لمعقد عمها وقالت بصوتها المرتفع
- لأ مش عيب يا عمتو العيب إنكم كلكم مغمضين عينكم عن الحقيقة وبتكبروا في بابا و هو مش شايف مصلحة حد غير نفسه و بس
رد " نوح " بنبرة لا تقل حدة وغيظ عن نبرتها وقال ساخرًا
- و عمي مصلحته إيه بقى يارُبى هانم غيران مثلا ؟
-نوح أنت بالذات متتدخلش في اللي ملكش في
- لا ليا و لو مش عجبك غوري من هنا خالص
- أنت قليل الأدب
- وأنتِ عاوزة كسـ ر رقبتك
رد " مالك " مقاطعًا هذه المشدة الكلامية التي نشبت بينهما، لكنه تفاجئ بردك فعل ابنه وهو يقول بحدة
-نوح بس كفاية
-لأ مش كفاية كلكم خلاص بقيتوا جلادين من غير ما تفكروا عمي عمل كدا ليه. ؟ عمي همل كدا وقل اقطـ ع عرق و اسيح دمه يعني انا اوجع بنتي مرة بدل ما تتوجع هي الف مرة
وبردو مكنتش هتتجوز غفران انا بالنسبة لك يا ست رُبى هانم الدلوعة حيلة مامي اللي بيخاف على ضوافره تتكسـ ر دا مش راجل اصلا فهو لو راجل صحيح مايحطش خطيبته ف وش المدفع و يقولها حلي لي مشاكلي يا بيبي
فاهمتي يا بيبي
ختم حديثه قائلا بإبتسامة مزيفة قائلا
- بلاش تستغلي الظروف لمصلحتك وخلي الننوس حيلة بابا وماما يبقى راجل ويظهر مرة
تتدخل " بيجاد" بينها وبين أخيه محتضن " نوح"
هامسًا بجانب أذنه قائلا
- لم الدور عمي مش متحمل
كاد أن يكمل حديثه لكنها فجأته بضحكتها الساخرة وهي ترد غيبة خطيبها مخاولة كتم غيظها الشديد منه
- و أنت بقى المحامي اللي بابا أجره لي ولا ليك مصلحة ماهو محدش في البيت بيدافع لبابا كدا غير لما ياخد منه اللي يقدر عليه يعني خيره عليكم ليكم حق تتدافعوا لـ ولي النعم آآه
ختمت حديثها متأواهة على إثر صفعة مدوية أتت من والدها لتهشم كبريائها وقضى على ما تبقى من كرامتها، احتقنت الدماء في عروقها، كاد أن يجزم أن وصل إلى مسامعه صوت سحق أسنانها من فرط غيظها، دبت قدماها أرضًا ثم غادرت المكان دون أن ترد على إهانتها تلك .
❈-❈-❈
تفرقت العائلة لعدة ساعات قبل تناول وجبة السحور الأولى في الشهر الفضيل، كل هذا علمت به " وتين " فور وصولها من بيت والديها برفقة ابنها الأكبر " تيم" ترك والده و ذهب لجدته ليعرف ما حدث لوالده بعد أن رفضت والدته تحكي له وبررت له أن الوضع طبيعي .
طرق باب الحجرة ثم ولج، طبع على يدها قبلة ناعمة وجلس على حافة الفراش متسائلا بفضول
- هو بابا ماله يا تيتا؟
- ماله يا حبيبي ؟
- زعلان و قافل على نفسه ولما ماما دخلت خرجت وشها متغير ومرضتش تقول
استمعت " ولاء" لحديث حفيدها وعلمت أن ابنها وزوجته لم يخبران ابنهما ما حدث خوفًا من ردة فعله، فقررت أن تشارك معهم هذة الاكذوبة ليمر اليوم الذي لايريد أن يمر
- تلاقي مضايق بس عشان السجاير من الصبح عاوز يشرب واحنا مقفلين عليه وتلاقي امك اخدت اللي في النصيب زي كل مرة
لم يرتاح " تيم " لهذه العبارة يشعر بالكذب في كل حرف من حروفها، حاول أن يرسم إبتسامة شديدة التكلف على شفتاه، تركها مع ابن عمه يتحدثان حول تفاصيل اليوم، عاد إلى شقتهم يبحث عن أخته كانت " صبا " واقفة أمام الموقد تُعد قدحًا من القهوة، ولج بندفاع وقال
- فين رُبى يا صبا ؟
اتسعت عيناها ما إن وصل إلى مسامعها صوت اخيها الغاضب، تنحنحت وهي تستدار بجسدها كله قائلة
- أنا رُبى صبا هي اللي خرجت تشتري حاجات من الصيدلية
سألها بنبرة غاضبة
- ناوي تبطلي اللي بتعملي دا إمتى يا ست هانم البيه خطيبك ماشي مع كل واحدة شوية وأنتِ منكدة علينا و
قاطعته " صبا" محاولة تقمص دور اختها بالوصف الدقيق، حذرت أخيها وتحدثت كما تفعل " رُبى"
لم يشك اخيها لحظةً واحدة في أنها " صبا" وليست " رُبى" لم تكن مرتها الأولى التي تتقمص دورها لتنجدها من مأزق ولن تكون الأخيرة .
فهي تشوبها حد التطابق، غادر المطبخ بعد مشاجرة طويلة نشبت بينهما كالعادة، ولجت " "رُبى" وقبل أن تستفسر اخبرتها وهي تنظر لها قائلة
- تعالي يا ست صبا شوفي البيه اخوكِ بيقول ايه
ولاها ظهره متسائلا بحدة قائلا
- كنتِ فين يا هانم
نظرت " رُبى" لها فتمتمت قائلة من بين شفتاها بهمس
- في الصيدلية
ردت بسرعة ما إن جمعت حروف كلماتها، كادت أن يُكمل تساؤلاته لكنه لبى نداء والده مسرعًا، اقتربت منها وقالت غيظٍ شديد
- كنتِ فين هو أنا كل مرة هاشيل مصايبك
- معلش يا صولا أنتِ أختي وتوأمي و حياتي كلها
- يا سلام ولما نتكشف بقى هاجيب منين
- ياستي متخافيش محدش يقدر يكشفنا طول ما احنا في ضهر بعض
ردت " صبا " وهي تربت على صدرها قائلة بتوسل
- عشان خاطري يا رُبى وحياتي عندك بلاش نكد بكرا اول يوم رمضان ادخلي قولي لبابا كل سنة وأنت طيب خلينا نستقبل رمضان بخير
ردت باسمة قائلة
- حاضر يا صولا ماهو ماينفعش اعمل غير كدا اصلا
تناولت منها القهوة وولجت غرفة والديها، وضعتها على سطح المنضدة الزجاجية، سألها " عابد" وهو ينفث سحابة دخان كثيفة رغم أنف الجميع
- متخليش رُبى تنام من غير سحور ولو مش عاوزة تتسحر معانا دخلي لها الاكل في الأوضة
لا تنكر مدى سعادتها بحديثه واهتمامه بها، جلست على ركبتيها و تناول منه لفافة التبغ ثم قالت بسعادة
- دا أنا يزيدني شرف إني اقعد على السفرة جنب الدكتور العظيم عابد المحمدي
تبدلت ملامحه ما إن علم أنها تلك المحتالة وليست تلك المسكينة التي تتدفع ثمن اخطائها، مازال لا يعرفهم جيدًا مازال يتخبط في التفرقة بينهم، اختضن خديه بين كفيها ثم طبعت قبلة عميقة طويلة، حاول التخلص منها لكنها لا تبالي لهذه المحالاوت البائسة الفاشلة، تركته أخيرًا وهي تقول بصوتها الحاني
- كل سنة وحبيبي وكبيرنا منور حياتنا ورمضان كريم والسنة الجاية نقولك يا حاج عابد مش يا دكتور
ابتسم رغم عنه فطرته واشتياقه لهذا العناق والقليل من القبلات التي حرمته منها، اشتاق لها واشتاق لحديثها اشتاق أن يدللها يصفف لها خصلات شعرها الطويل، يشكلها على هيئة جدائل
اشتاق لكل كان يفعله لها، تحسس خدها الأيمن وقال بحنو وحب
- و أنتِ طيبة يا ابوكِ
عادت تفعل معه ما فعلته منذ قليل ولكن هذه المرة ابتعد وهو يقول بجدية مصطنعة
- امك ها تفتكرني متجوز عليها
- والله يا دوك تبقى مفاجأة الموسم وياسلام بقى لما يبقى لي اخ يطلع عين سي تيم دا أنا أول واحدة ها قل لك مبروك مبروك ياحياة قلبي مبروك
تعالت الضحكات وتبدل الحزن لفرح في ثوانٍ معدودة، خرجت " وتين " على إثر ضحكاتهم ظنت إن الماثلة أمامها هي "صبا" وليست " رُبى"
جففت يدها في المنشفة وقالت
- صولا خلي رُبى تقعد عشان تتسحر ولو مرضتش تيجي دخلي الأكل و
قاطعتها صوت ضحكاتهم، تركت المنشفة من يدها وتسألت بنبرة متعجبة
- بتضحكوا على إيه ضحكوني معاكم احسن قربت انسى الضحك شكله إيه ؟
- عشان دي رُبى مش صبا
- لأ بقى أنا كل ما اخفظكم ارجع اتلغبط فيكم تاني
- معلش يا مامي اصل إحنا بنحب الاختلاف والتجديد
- عارف جدك ريان وعمي عدنان الله يرحمه كانوا كدا كانوا يعملوا مصايب الدنيا كلها وكل واحد يرمي على التاني التهمة
- وجدو ريان كان بيضرب
- جدك كان يعمل كل مصيبة والتانية ويخرج منها زي الشعرة من العجينة تقريبا زي كدا اللي كان بياخد على عينه عمي واللي تقريبا كدا زي صبا
داعب رأس ابنته وهو يقف عن المقعد، وقال بجدية محاولا إخفاء تعبه
- أنا هاروح اشوف ستك عشان بعتت لي من شوية
تابع بتحذير واضح قائلا
- شوية كدا وهانتجمع كلنا عندها ملكيش دعوة بنوح خالص اعملي نفسك مش شايفاه خلينا نعدي الشهر دا على
- حاضر بس خلي هو كمان ملوش دعوة بيا
- حاضر
ترك " وتين " تحدثها بعقلانية تخبرها عن تجارب الحياة التي عاشتها قبل وبعد الزواج من والدها، نظرت " رُبى" لوالدتها وقالت بحزن دفين
- أنا كمان ببقى زعلانة اني بكلم بابا كدا أوا بحبه وهو مابيحبنيش
- هاتي لي واحد كدا مابيحبش ولاده ؟
- بابا
-يا مفترية بقى بابا مش طيب ولا بيحبك
- مين قال كدا بابا حنية الدنيا كلها في وبيحب كل الناس إلا أنا
رفعت ذقنها لتتقابل نظراتها الحزينة بأخرى ذاهلة متسائلة بنبرة حائرة
- ليه ياحبيبتي بتقولي كدا، بابا عمره ما فرق بينك وبين اخواتك وكلكم عنده نفس الغلاوة والمعزة، يمكن بيحبك أنتِ اكتر كمان
- اومال لو. بيكرهني كان عمل إيه يا ماما
- مالك يا حبيبتي احكي لي إيه اللي تعبك من بابا ؟
- كل ما اقل له رامي عاوز نقدم معاد الفرح يقولي لأ ودلوقت سايب نوح يبهدل فيا وفي رامي وبيتريقوا عليه ودايما مقللين منه ليه كلكم شايفينه وحش، مع انه بيعمل المستحيل عشان يثبت لكم إنه كويس ويستحقني
استمعت " وتين " لابنتها حتى انتهت من سرد حكايتها القت كل ما يجيش في صدرها، بدأت تلتقط طرف الخيط بينها وبين زوجها تلك الحلقة المفقودة التي تسببت في تلك الفجوة، ربتت على ظهر يدها وقالت بهدوء شديد
- يمكن معاكِ حق في شوية حاجات بس بردو في حاجات كتير أنتِ مش صح فيها، التسرع في قرار مصيري زي دا لازم التأني في ويا حبيبتي أنتِ لسه صغيرة دا أنتِ عندك عشرين سنة مستعجلة ليه ؟ وبعدين متزعليش مني أنا ماما ومش هضرك بس رامي عاوز يتجوز ازاي وهو مأخدتش خطوة في اللي قال عليه لحد دلوقت فضل يزن على الخطوبة وعملنها وكتب الكتاب وحصل وقال إنه هيستعجل عشان يخلص الفيلا
تابعت ببساطة شديدة
- ياستي مش عاوزين فيلا كفاية شقة زي ما كلنا اتجوزنا عندك بابا مثلا أول ما اتجوزنا اخدنا شقة إيجار بعدها رجعنا عملنا شقة هنا
وعندك جدو ريان اول ما اتجوز اتجوز في شقة رغم إن عنده فيلا بتاعت العيلة لكن تيتا نادية الله يرحمها كانت مصممة إن بنتها تتجوز بعيد عن بيت العيلة والمشاكل
ردت " رُبى" بفضول والإبتسامة لا تفارق شفتاها قائلة
- وهو عمل إيه ؟
- وافق طبعا وقال سعادة مراتي حبيبتي بالدنيا كلها و فضل عايش اسعد أيام حياته يمكن اكتر من انه عايش دلوقت في الفيلا
ختمت حديثها بحنو وحب
- المقصود من كلامي يا حبيبتي إن اللي بيحب بجد بيدور على راحة حبيبه أنا مش عاوزة اضغط عليكِ وازود عليكِ المشاكل بس رامي مزودها اوي وبابا مش عاوز يتكلم عشانك وكمان احنا غلطنا واستعجلنا وكتبنا الكتاب كان المفروض نصبر شوية
- هو ليه يا ماما أنا حاسة إن في نبرة ندم في صوتك
- اكدب عليكِ واقول لأ ايوة ندمنا وربنا يسترها وتعدي على ورامي يرفع راسك قدمنا
ترددت إبتسامة " رُبى" على شفتاها لم تجد أي كلمة جديدة تتضيفها بعد حديث والدتها
على حق بل كل الحق، لكنها تنكر ذلك .
❈-❈-❈
في مكان و تحديدًا في منزل " بلال" استمع لحديث " غفران "وهو ينفث سحابة دخان كثيفة، نظر إليه وقال بندمًا شديد
- مش عارف أنا اتسرعت لما رحت ولا كنت صح مش عارف بجد ؟
رد " بلال" على سؤاله بسؤالا آخر وقال
- طب هو أبوها قالك إيه
- الراجل من كسوفه بقى مش عارف لا يصد ولا يرد بقى كل اللي عليه حصل خير حصل خير
تابع " غفران " بغيظٍ شديد قائلا
- كله منك يا بيه لما أنت متنيل على عينك وعاوز بنت عمك ما عرفتنيش ليه بدل اللي حصل دا واشيل ذنب البنت في رقبتي
ارتشف " بلال" رشفات سريعة ومتتالية من قدح قهوته وقال بإبتسامة واسعة
- واللهِ يا صاحبي أنا نفسي معرفش ازاي وإمتى وفين حصل دا أنا فجأة كدا لقيتها مستحوذة على تفكيري، و الغيرة تشعلل في قلبي لو حد قرب لها، يمكن كلام حدي عنها يمكن دعواته اللي فضل يدعي لها معرفش بس كل اللي اعرفه إني عاوز اتجوزها
رد " غفران " متسائلا بغيظٍ شديد
- ومستني إيه ما تروح تطلب من أبوها
رد " بلال"بنبرة لا تقل عن نبرة صديقه قائلا
- اروح فين دي لما بتشوفني بيبقى هاين عليها تحطني في اكياس وتوزع على القطط والكلاب
-ليه عملت لها إيه يا متخلف أنت عكيت الدنيا ولا إيه ؟
رد " بلال"بهدوءٍ متجاهلًا سؤال صهره وقال
- سيبك انت أنا عملت لها إيه تفتكر هي هترضى ولالأ ؟
-لو هببتها يبقى اتعب شوية
- طب لو كانت ضلمة
- يبقى روح قدم الكفن ارحم لك
تركه وولج للداخل وجد مجموعة من النساء والرجال يتحدثون في آحاديث جانبية، أما هي كانت جالسة على الأريكة جوار العروس، جلس وهو يحاول إبعاد شقيقته قائلا دون أن تبرح عيناه تلك الجميلة الشقية
- قومي كلمي غفران
ردت " مهدية " متسائلة بنبرة متعجبة قائلة
- أنا عاوزني ليه ؟
تبدلت ملامحه وقال بغيظٍ شديد
- ليه شايفة سوسن قدامك أنا بقول للعروسة
- اها بحسب أنا
-مهدية
- نعم إيه الفستان لسه مش عجبك بردو أنا ظبطه لها خمس مرات بسببك وترجع تقولي متأخرين هاا
- لا فستان إيه انا عاوزك في موضوع مهم
- خير
غمز بطرف عينه وقال بإبتسامة واسعة
-فاكرة زمان لما قلتِ لي إمتى احط همومي على همومك وغسالتي تغسل همومك
ردت " مهدية " بجدية مصطنعه مخاولة إخفاء ابتسامتها وقالت بعناد
- لأ مش فاكرة
- بس أنا فاكر .
- عاوز إيه يعني مش فاهمة ؟
- عاوز اعرف أنا اللي هاجيب الغسالة. ولا أنتِ
ردت " مهدية " بصوتٍ مرتفع
- نعـــم
التفت من حولهم على إثر صوتها المرتفع، ذهبت إليهم " صدفة " متسائلة عن السبب بينما هو ابتسامة إبتسامة مزيفة وقال ممازحا
-لا مافيش حاجة بنتفق على الغسالة بس
- في إيه يا مهدية ؟
- تعالي شوفي ابن اخوكِ يا عمتي عشان شكله شارب حاجة
- في إيه يا بلال ؟
- بقولها مين فينا ها يجيب الغسالة قام معجبهاش الكلام غلطان أنا ياعمتي ؟
- غسالة إيه يا واد اللي تجبها انا مش فاهمة حاجة قصدك يعني على وصال ماهو غفران اللي هايجيب الاجهزة ؟
- لأ ياعمتي دا حوار كدا بيني وبيها
- ايوة وإيه دخل الغسالة بالموضوع ؟
- ماهي دي اللي ها تغسل الهدوم بعد ما نحط الهموم على بعض
- هموم مين يا واد غلبتني معاك
- عمتي ابن اخوكِ شكل دماغه لسعت على الآخر عن أذنكم
وثبت " مهدية " من مكانها قبل أن يتوقف نبضات قلبها من فرط سعادتها، ختم حديثه وقال بصوتٍ مرتفع
- طب تعالي نجبها بالقسط
نجحت في أن تخفي هذه العلامات وهي تركض تجاه المرحاض لتضع لمسات جديدة من مساحيق التجميل، بينما جلست عمتها "صدفة" محلها وهي تضرب " بلال"على فخذيه وقالت من بين أسنانها
- غسالة إيه دي اللي تجبها بالقسط فهمني
تابعت بتحذير واضح وصريح
-واياك تقولي هافهمك بعدين اديني بقل لك اهو
بدون أي مقدمات أو تجمل في الحديث قال بهدوء حد البساطة
- عمتي أنا عاوز مهدية
- عاوزها ازاي يعني ؟
- إيه اللي عاوزها ازاي دي يا عمتي عاوز اتجوزها
بسطت ذراعيها وقالت بسعادة تفوق سعادتها بأخته وقالت
- يا اخي حمد لله على السلامة، بركة إنك وصلت بالسلامة دا كنت خلاص فقدت الأمل في إنك تقولها
-طب أنا قلتها هي بقى سايقة الدلال ليه
- يحق لها يا حبيبي بنت زي باقي البنات و من حقها تتدلع
- طب هنتجوزيني إمتى ؟
- اصبر لما ناخد رأيها الأول وناخد رأي أبوها و
- لأ يا عمتي أنا بنام بدري ومليش أنا في الرغي الكتير هي كلمتين ورد غطاهم يا مهدية بلال بيقولك الغسالة عليكِ ولا عليه
- غسالة إيه دي يا واد اللي شغال دماغك بيها أكتر من موافقتها
- ملكيش دعوة أنتِ، أنتِ بس قولي لها الكلمتين دول وهي هاتفهم، ومتنسيش تشكري فيا قدامها كتير
- ليه هي اول مرة تعرفك يعني، دا أنت ابن عمها اللي هايصونها و يحميها، واللي عمره ما يجرحها بكلمة كدا ولا كدا
ضحك " بلال" ضحكة بلهاء ثم عقب على حديث عمته وهو يحرك سبابته قائلا
- ابوس ايدك الطاهرة دي ماتقولي الجملة دي قدامها احسن هي ناقص تقلبني شمعة
وتو....لع
يتبع