-->

الفصل العشرون - عقوق العشاق

 




الفصل العشرون



تجمعت العائلة من جديد في بيت الجدة ولاء

كان جو أسري من الدرجة الاولى، وكانت الجدة قررت من خلاله إعادة الذكرايات مع احفادها سخرت من هذا وذاك حتى اتى الدور على ولدها الكبير وقالت


أنا اعرف واحد دكتور نسا وتوليد كان قد الدنيا قلت له اغسل الطبق والكوبية اللي أكلت فيهم اختك قبل ما تنزل شغلها مخلية المطبخ شمعة منورة رد وقالي ليه فاكراني سوسن وسابني ومشي بس مش المشكلة 

اومال إيه هي المشكلة يا تيتا 

المشكلة إنه راح طبخ لمراته كفتة وعمل سلطة خضرا ونسي يعمل طحينة عارفين لو كان عملها كنت سكت بس اعمل ايه ماهو سوسن بقى 


دا مين دا ياتيتا 

اسألوا عابد وهو يقولكم 


طب ومين بقى ياتيتا اللي دايما تقولي عليه لاقي كرامته في كيس شبيسي ؟! 


ردت فيروز بسرعة دون قصد 

- متقلقش ياسلطان مش هاتجيب سيرتك وتقول إنه أنت 


ضحك الجميع وعلموا لمن هذا كانت جلسة حقًا سعيدة، تنهدت الجدة بإرتياح وهي ترفع كفيها للسماء وقالت 

- الحمد لله إننا اتجمعنا تاني كدا أنا لو مُت مش هابقى زعلانة عليكم وإنتوا متفرقين 


ختمت حديثها قائلة برجاء ممزوجًا بتوسل لابنها عابد أمام الجميع 

- أمانة عليك ودي وصية لو مُت تنفذها يا عابد ماتجرح قلوبهم ولو حد منهم جه وطلب بناتك للجواز من تاني وافق مش هتلاقي احسن منهم لعيالك .


تنحنح عابد وقال بجدية 

- طلب غالي يا أمي ورجائك دا على راسي بس محدش عارف النصيب فين وبناتي اهم قصادك اهم أي واحدة جه لها نصيبها وهي موافقة عليه هتتجوزه ابن عمها ولا ابن عمتها كلهم ولادي وأنا عن نفسي طلبت من نوح يتجوز بنتي قبل كدا ودا مش عيب ولاهو حرام وبكررها تاني في أي وقت قدام الكل يا نوح لو شايف إن ربى هي الزوجة المناسبة ليك وربى موافقة والله ما هعارض لو إيه اللي حصل 


سحب نوح نفسًا عميقًا وهو ينظر لـ عابد ثم تابع ببصره والده الذي كانت نظراته تملؤها الرجاء بأن لا يخذله حتى وإن يرفضها الآن يتوقف عن ذلك في هذا الوقت الحرج، فرغ فاه ليُعلن للجميع برفضه بهذه الزيجة، لكن قاطعه دخول ريان وهو يتحامل على نفسه، وقف " عابد ومالك " احترامًا له جلس على احد المقاعد وقال من بين أنفاسه 

المسموعة مازحًا

- ما ترحموا الناس وتقعدوا في الشارع بدل الدور التاني كدا .


ضحك الجميع على مزاحه بينما قال سلطان بنبرة مرحة 

- اومال الشباب اللي دايمًا تقل لي عليه راح فين ؟ أنت كبرت ولا إيه ؟! 


رد ريان وقال بنبرة مغتاظة 

- كبرت في عينك أنا لسه شباب زي ما أنا دا أنا حتى اصغر منك يجي بعشر سنين ويمكن أكتر 


مازال يغضب عندما يحدثه احدهم عن الشيب الذي غز معظم خصلات شعره الأسود، انتقلت النساء نصفهن إلى المطبخ لصنع العشاء والنصف الآخر في غرفة الجدة، غادر عابد ليخبر زوجته كما أمره ريان الذي نظر لـ نوح وقال بإشارة من إصبعه 

- تعال لي هنا يا واد أنت 


وقف نوح متجهًا نحو الجد، جلس جواره ومال بأذنه قليلًا ليستمع له، رفع بصره وقال بتساؤل 

- حاضر يا جدو


غادر نوح المكان ما إن ولج عمه وزوجته من باب الشقة خرج لشرفة الردهة ينفث سحابة الدخان في الهواء، ربتات خفيفة انتشلته من الماضي للحاضر التفت خلفه وجد تولين تقف أمامه وبيدها صحنًا من الحلوى، تناوله منها وتذوقه نظر لها وقال بإعجاب شديد 

- تسلم ايدك تحفة بجد 


عقدت ساعديها وقالت بإبتسامة واسعة 

- مش صنع ايديا وحياة عينا دي عمايل ايد بنت عمك 

- صبا شاطرة بردو في الحلويات 

- لأ قصدك رُبى، هي اللي عملته وقالت ابعته لك عشان أنت م هتاخد منها حاجة فجبته لك أنا 


صمت مليًا ثم قال بهدوء

- مش بعادتها يعني تتكلم معاكِ


ردت تولين قائلة بسعادة 

- لأ أنا و روبي علاقتنا بقت احسن من الأول بكتير وكمان بقينا اصحاب اوي، تقدر تقول كدا من وقت ما ربى تعافت تمامًا من تعبها وهي فعلا روبي اللي نعرفها كلنا قبل ما الزفت اللي اسمه رامي يدخل حياتها 


تابعت بحزن مصطنع وهي تحدثه عنها 

- بس ياعيني مسكينة مافيش فرحة بتكمل ليها في الآخر 


نظر لها بصمتٍ علها تكمل ما تريده لتفعل ذلك بالفعل ولكن بحنكة وهي تتابع نظراته المعلقة على وجهها ليعرف إن كانت تكذب أم لا، أما هي استطاعت وبجدارة أن تخبره بكل ما حدث بالفعل مع إضافات بسيطة من جانبها، ظل صامتًا تابعت حديثها قائلة 

- الزفت اللي اسمه رامي من ساعة ما خرج من المصحة وهو بيحوم حوليها ومش ساكت أبدًا، دا حتى أنا في مرة هزقته وبهدلته والواد البارد اللي ماعندوش دم فل لازق لها بردو


ختمت حديثها قائلة بحزن مصطنع

- واللي اقول عليه إيه بس راح بهدلها الحضانة بتاعتها وقالها وريني هتكملي مشروعك دا من غيري و...


صمت فجأة وهي تنظر له، جدته يحثها على باقي حديثها بنظراته، تعمدت تجاهل هذه النظرات وقالت بجدية مصطنعة 

- يلا مش مهم بقى الباقي أنا أصلا مش عارفة بحكي لك ليه وأنت دماغك فيها اللي فيها يلا اسيبك بقى تأكل السينابون سلام 


استدارت تولين بجسدها كله وعلى وجهها إبتسامة عريضة كشفت عن نواجزها، أما هو كاد أن يجن بعد ما علم كل شئ، ماذا يفعل يذهب إليها ويسألها عن ما حدث أم يتجاهل الأمر وكأنه لم يكن ؟ 

قضم قطعة من الحلوى وهو يطحن على أسنانه بغيظٍ شديد، خرج من الشرفة ما إن وجدها خرج من المطبخ حاملة بين يدها صحن من الحلوى و صعدت إلى شقيقته ملك، سار بخطوات واسعة وسريعة حتى يلحق بها، قفز بين السلالم ولكنه لم يستطع إيقافها، قام بفتح الباب بهدوء استدارت وهي تتعجب من الذي ولج بهذه الطريقة، لم تتحدث بكلمة واحدة ما إن علمت أنه نوح، ولجت المطبخ بعد أن هتفت ملك حتى تأتي لها، وضعت الحلوى على سطح المنضدة الرخامي وهي تقول بجدية مصطنعة 

- اتفضلي يا ست هانم ياريت تاني مرة تبقي تنزلي بنفسك تاخدي حاجتك 

- روبي هانم بنفسها مطلعة لي الحلويات 

- اياك يطمر فيكِ 

- بيطمر ياختي 

 ❈-❈-❈


بعد مرور نصف ساعة


خرجتا من المطبخ وجلستا في الردهة أمام التلفاز، كان نوح يتابع الفيلم بشرودٍ، أما هي كانت تتحدث مع ملك بعفويتها الشديدة دون أي مجاملات علاقتها مع الجميع تحسنت بشكلٍ كبير 

وبسرعة شديدة لم يتوقعها أحدهم، وقفت ملك فجأة وهي تنظر لأخيها بنظرة ذات مغزى قائلة إبتسامة واسعة 

- أنا هقوم اعمل قهوة لنوح واعملك فشار اياك يطمر فيكِ 


ردت ربى بإيماءة من رأسها علامة الإيجاب قائلة

- بيطمر بيطمر لاتقلقي 


سارت ملك حذاء أخيها احتوت خدها بكفها، رفع بصره لها فحدثته بنظراتها قائلة برجاء أن يفرغ ما بداخله الأمر بات واضحًا الجميع يسعى توطيد العلاقة بينهما، لحظات من الصمت التام تمر عليهما 

هي تتابع الفيلم وهو يتابعها بجانب عينه، صراع بينه وبين حاله، زفر بحنق وهو يقول بضيق 

- حولي الفيلم دا بايخ 


مدت له (الريموت) بتلقائية وقالت 

- خُد هات اللي يعجبك أنا مش عارفة حاجة في التليفزيون بتاعكم و... 


جذب منها ( الريموت) وهو يتأفف مقاطعًا إياها قائلا :

- خلاص خلاص مش موال هو 


ابلعت مرارة حلقها لم تكن تعلم أنه سيعاملها بهذا الجفاء تحملت غلاظته وتابعت حالته المزاجية وهو يقلب في قنوات التلفاز، فجأة وبدون أي مقدمات قال لها 

- لما رامي راح لك الحضانة معرفتنيش ليه ؟ 

- مين قالك ؟ 

- سيبك من اللي قالي يا ربى و ردي على سؤالي متكلمتيش ليه ؟ 

- عشان مش حابة اعمل اي مشاكل تاني ولأن بابا صحيًا مش حِمل أي ضغوطات تاني 

- ايوة و أنا لازمتي إيه ؟!!

- في إيه يا نوح مالك متعصب ليه الموضوع عادي يعني وخلص مش حوار يعني 


خرجت ملك وبين يدها بعض المقرشات والقهوة الساخنة وضعتها على سطح المنضدة الزجاجي وقالت 

- أنا سبتكم خمس دقايق ارجع الاقيكم بتمسكوا في خناق بعض ؟ 

- لا امسك في خناقه و لا يمسك في خناقي ياستي انا هنزل تحت أحسن سـ ....


رد نوح مقاطعًا إياها قبضًا على ذراعها بقوة، تتدخلت ملك على الفور محاولة فك قبضته وهي تقول بتحذير 

- سيب ايدها يانوح احسن، بقلك سيب ايدها احسن والله العظيم انادي بابا يبهدلك 


دفعها تجاه ملك بقوة لتحاوطها بين ذراعيها، بينما ضربته اخته في كتفه وقالت بنبرة مغتاظة 

- ضربة في ايدك، متخلف و خسارة فيك والله العظيم 


لا تدري ملك لماذا قالت هذا الكلام لم تشعر أن هذا التوقيت غير مناسب نهائيًا لهذا الكلام لكنها قالته وانتهى الأمر تابعت بعناد قائلة

- والله لاخلي امجد يمشي في جوازة فياض بالعند فيك ها


خرجت ربى من بين احضان ملك وقالت بصرخ 

- بس بقى كفاية بقى كل حاجة جواز وخطوبة، هي الحياة مافيهاش غير الجواز و والرجالة، وبعدين مين قالك إني عاوزة فياض ولا غيره انا الحمد لله حطيت رجلي على أول الطريق ومش ناوية اتنازل عن حياتي عشان شوية وهم اسمه حب ومشاعر هبلة بتاغت بنت في ثانوية 


كادت أن تغادر الشقة إلا أن دخول عمها في الوقت المناسب كفكفت دموعها سريعًا، تنهدت ملك ما أتى والدها بعد رسالتها التي أرسلتها له، ابتسم وقال بسعادة 

- الله الله روبي هانم جت نورت بيتي المتواضع 


اقترب منها محتوي خديها بين كفيه، طبع قبلة خفيفة على جبينها وهو ينظر في عينها وقال 

- مين زعل القمر بتاعي يا ناس 


تابع حديثه وقال بجدية مصطنعة 

-حد من العيال الوحشة دي كلمك، قولي أنا اصلا بتلكك وعاوز ارميهم برا عشان متعبين 

- مافيش حد يا عمو دي حاجة دخلت في عيني 

- وجالها قلب تتدخل عينك الزرقة الجميلة دي 


ابتسمت اخيرًا بعد مغازلة عمها لها، ربت مرةً أخرى 

على خدها الأيسر بحنانٍ بالغ، نظر لابنه وقال بجدية 

- يعني دخلت بيتنا وردة مفتحة تطفيها بغبائك دا 


ردت ربى كاذبة قائلة بحزنٍ دفين 

- لأ يا عمو نوح متكلمش معايا خالص 


تابعت بعتابٍ قائلة 

- بالعكس كان لطيف معايا اوي و...


قاطعها مالك قائلا بجدية مصطنعة 

- متحاوليش أنا عارفه هو قفل من يومه مش طالع لي كدا لماح و بيفهمها و هي طايرة 


نظر لابنه وقال بتحذير واضح 

- ملكش دعوة بيها 

- أنا متكلمتش معاها يا بابا 


ردد مالك جملة نوح بسخرية وقال 

- متكلمتش معاها يا بابا


تابع حديثه قائلا 

- مش بقلك متخلف، متزعليش يا مرات ابني هو كدا متخلف ابن سبعة بقى 


كادت ترد على جملته لكنه قاطعها وقال 

- مش هتنازل عنك ولازم اناسب اخويا، ماهي لازم اقوي العلاقة بيني وبينه، ولو مش عجبك نوح اتجوزك أنا 


ردت ربى ضاحكة وهي تشدد على عناق عمها وراحت تقول بحنو وحب 

- ايوة أنا ها خطـ فك من سيلا و ابقى ضرتها 


❈-❈-❈


وبعدين يا عمتي وبعدين في ابنك اللي عاوزني اقتله وادخل السجن في عز شبابي دا !! 


أردفت " صبا" تسلؤلاتها دفعة واحدة وهي تضع لعمتها طلاء الأظافر في يد والأخرى تبعدها عن ملابسها قليلًا لتجف، ردت دون أن ترفع بصرها عن اناملها وقالت 

- ماله يابت عمل إيه تاني ؟ 

- أنا قاعدة بكلم نفسي وبقول الواحد زهقان وعاوز حاجة جديدة يجربها يقوم يديني علبة السجاير بتاعته و يقولي جربيها ها تعجبك 


اتسعت إبتسامة فيروز حتى كشفت عن نواجزها وراحت تبرر له قائلة 

- تلاقي بيهزر معاكِ ياصبا متاخديش الكلام بجد كدا 


تابعت بنبرة حادة قائلة 

- وبعدين يا حبيبتي دا شرب السجاير بسببك هو كان يعرف السجاير يعرف طريقها منك لله بسببك الواد شرب سجاير وأنتِ يا جاحدة مش راضية تحني على الواد 

- ماهو دا اللي أنا قلته بردو لنفسي وقلت عمتي مش ها تسيب مجال إلا وها تقول إني السبب


تابعت بنبرة جادة قائلة 

- يا عمتي ركزي معايا ابنك طلع بيقولي إن ال ... 

- ما تنطقي يابت قالك إيه ؟ 

- لا بلاش اصلك مش هتصدقيني 

- لا قولي وهصدقك بس قولي بقى 

- طب هاتي ودنك اقولك 

-اهي قولي 

- أنتِ بتقولي إيه ابني أنا الخلوق اللي بيتكسف يرفع عينه فيا أنا شخصيًا مش حد غريب قالك كدا ؟ 

- اه والله 

- طب يا صهيب لما اشوفك 


- أنا المرة دي جت لك أنتِ واشتكيت لك المرة الجاية هروح لعمي سلطان و صدقيني مش هيعجبه حال ابنه واللي بيعمله معايا أنا عارفاه محترم والعيبة مبتطلعش منه أنا مش عارفة قلة الأدب دي جايبها منين بس 


ربتت فيروز على يد صبا وقالت بجدية قائلة 

- أنتِ تعرفي جوزي في زمانه ؟ 

-لأ 

- سمعتي عن جبروت جوزي وعن أخلاقه اللي بتتغزلي فيها دي زمان !!!

- لأ 

- تبقي تخرسي خالص عشان أنا مش عاوزة اتكلم وستر الله من ستر يا حبيبتي 



ضحك سلطان على تصرفات زوجته وغيرتها الشديدة عليه وعلى ابنه والتي تفشل دائمًا في التحكم بها، تنحنح وهو يلج متظارهًا الجدية و عدم المعرفة فيما استمع إليه منذ قليل، طبع قبلته على رأس فيروزته، ثم صافح حبيبته الصغيرة، وجلس حذائها نظرت له فيروز والغيرة تكاد تقتـ لها وراحت تقول 

- خير يا سلطان قاعد بعيد ليه ألا يكون ضايقتك و لا حاجة ؟! 


حك لحيته وهو يؤمى برأسه علامة الإيجاب ثم وقف عن المقعد و عاد لمحله الطبيعي معتذرًا عن خطائه غير المقصود وقال 

- السماح و الرضا يا فيروز هانم غلطة ومش هاتتكرر 


ردت صبا بنبرة تملؤها الغيرة وهي تقول بحزن مصطنع 

- كدا ياسولي تنصرها عليا وتقعد جنبها مكنش العشم أنا زعلانة منك 


عجز أمامهن لم يعد يعرف يُرضي من، ابتسمتا 

عليه و على قلة حيلته، فتحت فيروز ذراعيها 

لها وقالت بنبرتها الحانية وهي تجلسها بينها وبين زوجها 

- قلبي الطيب دا موديني في داهية 



عناقتها صبا بقوة بينما طبعت فيروز قبلةحانية على جبينها، ثم رفعت بصرها للسماء تناجي ربها بأن يجمع ابنها الوحيد مع حبيبته قبل أن يغادر البلاد مرةً أخرى، أما سلطان فيعرف كيف ومتى يتحدث، يملك من الحكمة والعقل ما لم يملكه ابنه وزوجته ربما لتجارب الحياة التي مر بها أو لأنه تربى على يد عمته وتعلم منها كيف ينتقي كلماته لا يعرف حقا لايعرف، كل ما يعرفه أن علاقته مع عابد أفضل بكثير عن ذي قبل، كلما مر عليها الزمن كلما نضجت اكثر، يثق برأيه كثيرًا و يأخذ به، جاهد ليقنع عابد بأن يعود ابنه لصبا كانت محاولة يائسة لكنها نجحت أخيرًا من قبل عابد و تبقى ابنته، مايفعل عابد هذه الأيام يقبض قلوب الجميع، دائمًا يتحدث عن الموت و الفراق و كأنه يمهد لشيئًا ما، حتى حالته النفسية تتدهورت هذه الفترة، ينكر ما يواجهونه بأنه يُعاني من مرضًا ما لكن الوحيد الذي تأكد بأنه بهِ شيئًا ما هي زوجته 

لكنها محافظة على هذا السر حتى يُعلن هو بنفسه في الوقت المناسب.

 

❈-❈-❈


بعد مرور أسبوع


تقابل نوح وريان بعد انتظار طويل من قِبل ريان لم تكن عادة نوح في أن يتأخر بهذا الشكل لكنه تركه حتى يأتي بنفسه،  جلس في الحديقة في انتظار الجد، بينما الجد كان يرتدي ملابسه بمساعدة زوجته التي تعمل هذه الفترة كالناقوس تحذره و تمنعه وهو لا يُبالي 

- عابد لو عرف هيزعل منك ياريان ويقول بتتحكم في حياة بنته 

- ومين هايقل له بس وبعدين لو عرف حتى إيه المشكلة ؟ أنا جدها ويهمني مصلحتها اللي أبوها مش شايفها نهائي 

- الكلام دا لو محصلش اللي حصل بين نوح وعابد ولا أنت نسيت لما عابد حكى لك على رفض نوح لبنته 

- مش ناسي بس بردو هفضل فاكر إن نوح ابن عمها وهو أولي بيها من الغريب واللي يهمني في الموضوع كله إن فياض مايتجوزش ربى 


تنفست جميلة بعمق وهي تنظر لزوجها بيأس بعدما علمت أنه لن ينفذ إلا ما خطط له، ليس بالجديد عليه  دائما يفعل مايراه مناسبًا له أما الآخرين لايهم ربما يكن دائما لديها بُعد نظر وتضح شيئًا فشيئًا فيما بعد لكنه يكتفي بالصمت،  خرج من الغرفة بعد أن طمئنها وهو يطبع قبلته بين جابيها،  مازال يأثرها بحركاته العفوية إن كان العمر يمر والأشياء تتغير فهو لن يتغير راهن الجميع على فشل علاقتهما لكنها استمرت بفعل الحب،  جلس على المقعد المقابل لنوح وقال بعتذار 

- معلش يا نوح اتأخرت عليك 


تابع بمرح وقال 

- ماهو أنت كمان اتأخرت عليا اسبوع بحاله 


مازال صامتٍ لا يعرف من أين يبدا الحديث، تنحنح نوح وقال بهدوء 

- لسه متعرفش حاجة عن عم أدهم ؟ 

- لأ عرفت الحمد لله هو اليونان وبنته هناك قررت تستقر هناك وهو مش ناوي يرجع 

- ليه بس دي حتى كانت حابة تعيش هنا 

- سيبك منها دي بت مجنونة وأنا هعرف اعالجها هي وأبوها بس لما افوق من اللي أنا في الأول 

- خير ياجدو ؟ 



عمك عابد عنده كانسر في المخ و....



اردف ريان جملته كأنه يخبره أنه يرسل له السلام قالها دون مقدمات أو أي تعقيدات، القى بوجهه الخبر وتركه يغوص داخله ليقضي عليه  اغروقت أعين نوح وهو يتسأل بمرارة في حلقه وقال 

- أنت بتقول إيه يا جدو أنت اكيد بتضحك عليا مش كدا عمي زي الفل دا حتى مسافر عشان يغير جوا هو مراتي عشـ.....



رد ريان مقاطعًا حديث نوح قائلًا بجدية 

- عمك سافر عشان هيعمل العملية ويعرف إن كان الورم حميد ولا خبيث وطبعا مرضاش يعرف حد عشان جدتك 


وقف نوح عن المقعد وقال من بين دموعه 

- هو في اي مستشفى ولا أنهي بلد خليني اسافر له يا جدو 

- اقعد يانوح أنا عاوز اتكلم معاك شوية وبعدها ليك حرية القرار 

- خير ياجدو ؟ 


طالعه ريان لبرهة من الزمن ثم تنفس بعمق وهو يقول 

- أنت ليك غرض تخطب ربى بنت عمك ولا خلاص كل السكك اتقفلت من ناحيتها ؟ 



رد نوح بتلعثم وهو يحاول أن يتحاشى النظر لريان قال بهدوء

- مش وقت الكلام في الموضوع دا دلوقت ياجدو أنا اهم حاجة اطمن على عمي 

- بص يا نوح أنا عارف كويس إنك لسه زعلان ولسه قلبك موجوع بس خليني اعرفك حاجة مهمة  ربى لو كانت جرحتك زمان فدا عشان كانت مريضة واتعالجت،  لكن هي دلوقت إنسانة تانية خالص ليه متدهاش فرصة تانية ؟  والله لو حد قالي إن أنا هعمل كدا في يوم من الأيام ما كنت صدقته ابدًا، أنا عملت كدا عشان عمك عابد ناوي يرمي بنته في النار من غير ما ياخد باله 

- ازاي يا جدو ؟ 

- طبعًا عارف فياض وعارفه ابن مين ما أنت حبيب عمك وسره معاك أكتر من ابنه نفسه، فياض ياسيدي بقى طلب مني ايد ربى. وأنا رفضته فـ راح لأبوها وأبوها قاله الرأي رأي بنتي أولًا وآخرًا  قامت بنته المتخلفة وافقت عشان ترضي أبوها 



فرغ فاه ليتحدث لكنه قاطعه الجد وقال بهدوء 

- عارف هتقول إيه وعارف هتتكلم ازاي، سبني اكمل كلامي للآخر أنا مش طالب منك غير إنك تحكم قلبك وعقلك ولو لسه ليك غرض وتتجوز بنت عمك يبقى على بركة الله ولو مش عاوز مافيش أي مشكلة واحنا أهل زي ما احنا وخليني اعرفك حاجة مهمة عمك عابد ميعرفش اللي حصل دا كله ولا هيعرف 

أنا عملت كدا من وراه، عمك عاوز يطمن على بناته قبل ما يموت هو حاسس إنه داخل العمليات ومش خارج منها، فـأنا مش هرمي بنت بنتي في النا ر وافضل اقول ياتري ضربها النهاردا  ولالأ ياترى عمل زي جدو ما كان بيعمل ولالأ رغم كل اللي الظروف اللي حكى لي عنها عابد عن حياة فياض وإنه تعرض للإعتداء الجنسـ ي من محسن إلا إني مش قادر اتعاطف معاه أبدًا مش شماتة في الواد والعياذ بالله بس أنا كدا ربنا خلقني كدا مقتنع إن الشجرة الخبيثة عمرها ما تطرح ثمرة نضيفة ويمكن اللي زود قلقي أكتر على ربى لو اتجوزت فياض هو اللي حصله زمان من محسن هو اه اتعالج نفسيًا بس بردو قلبي مش مرتاح هو ماديًا مافيش احسن من كدا 

دا غير سُمعته مافيش غبار عليها، بس أنا بقى مش هجوزه البت ويتقفل عليهم باب واتفاجئ بي راميها في اوضة وبيمارس معها القر ف اللي جده كان بيعمله مع الستات ويعالم ربى وقتها هتتصرف ازاي ؟ 



تنهد بعمق وهو ينظر له وقال 

- أنا كدا عملت اللي عليا وحكيت لك كل حاجة مش هقولك دا سر ومش لأني عارف كويس اوي أنا بكلم مين، القرار قرارك يا نوح حتى لو رفضت والله ما زعلان بالعكس هاحس وقتها إن أنا مضغطتش عليك عشان تتجوزها .


❈-❈-❈


في منزل أبو الغالي 


كانت ليلي جالسة أم التلفاز تشاهد أحدى برامج الطبخ التي تتابعها باهتمام بالغ،  تكتب وصفات من هنا وهناك، تجاهلت وجود مراد الذي تخشب في وقفته داخل شرفة جدته كاد أن يفقد عقله بسبب اللامبالاة التي تفتعلها معه كانت جدته تسبح على مسبحتها بخفوت

وعيناها بالكاد تلتقط تحركات حفيدها،  ابتسمت وراحت تقول بنبرة ساخرة 

- واد يا مراد عينك هتطلع من مكانها  يا واد 


رد" مراد" دون أن يلتفت إليها وقال 

- مجنناني يا تيتا مش عارف اعمل إيه عشان توافق ولا فاهمة هي خايفة من إيه !! 



ولج الغرفة بعد أن القى لفافة التبغ المئة الذي نفثها في الشرفة،  جلس على حافة الفراش وقال بيأس وهو ينظر لجدته 

- ليلي مش عاوزاني ياتيتا مع إن قلبي بيقل لي إنها عاوزاني اكتر ما أنا عاوزها 

- يبقى صدق قلبك ياحبيبي 

- طب ورفضها المستمر دا سببه إيه 

- تلاقيها أمك العقربة هي اللي عملت كدا 


تابعت بنبرة مغتاظة وهي تسبها سبابٍ لاذعًا وقالت 

- انا مش عارفة البت دي طالعة لمين أنا مخلفتش عقارب !! 


ختمت الاستغفار على مسبحتها وقالت بجدية 

- والله ما هتعدي السنة دي إلا و أنت بيتك مع ليلي و ابقى قول ولاء قالت 


ولجت فيروز وهي تغمز لابن اختها وقالت بسعادة حقيقة قائلة 

- ابسط ياعم طالما ولاء تولت الموضوع يبقى هايحصل و بعدين ياروحي دا أنت فرحتنا الأولى يعني مستحيل حد يزعلك حتى لو كانت امك نفسها 


ضمته لحضنها مربتة على رأسه بحنانٍ بالغ وقالت بنبرة حانية 

- ربنا يسعد قلبك و ينولك اللي في بالك ياحبيبي 



وضعت الجدة ولاء مسبحتها جنبا ثم حاولت النهوض ما إن ولجت صبا لتخبرهم بأن الغداء جاهز الآن، التفوا جميعًا حول مائدة الطعام،  تبادلوا أطراف الحديث،  قاطعتهم الجدة وهي تخبر العائلة قائلة 

- النهاردا هنروح  أنا  وعابد  نخطب لمراد  ليلي بنت أخو عمكم أبو  الغالي 



ردت مليكة محاولة التحكم في غضبها قائلة 

- بس أنا مش موافقة يا ماما يتجوزها 


تابعت الجدة حديثها بعدم اكتراث لكلام ابنتها بينما قاطعتها ابنتها للمرة الثانية وقالت 

- ايوة يعني هيتجوز غصب عني ولا إيه م فاهمة ؟ وبعدين هتتجوزها فين لتكون فاهم هتجبها عندي في بيتي ؟! 



ردت الجدة بجدية قائلة 

- إن شاء الله عنك ما وافقتي  يا حبيبتي وبعدين بيت مين يا أم بيت وشقة ابوه راحت فين إن شاء الله ؟ 

- مش هياخد شقة ابوه ويوريني هيتجوزها فين ؟ 

-مش بمزاجك يا ماما دي ورثه من أبوه هتاكلوا مال اليتيم كلوا وبردو هيتجوزها وفي شقته اللي في عمارتي لتكوني فاهمة إنه ملوش ضهر يابت يتسند عليه ليه مُت ولا مُت عشان كلـ ب منكم يقهر حفيد من أحفادي 



تحاملت الجدة على نفسها وردت على حديث ابنتها لآخر مرة معلنة للجميع أنها لم ولن ولا تتنازل عن دعم حفيد من احفادها ما دامت على قيد الحياة، نظر لابنائها وزوجات بناتها وقالت 

- والله وبالله اللي هيتعرض لعيل من العيال لانسى اني خلفت من اساسه وبردو هنفذ اللي هما عاوزينه لما ابقى يا حبيبتي اموت  ابقي اتحكمي في ورثي وقولي حقك ومش حقك بس طول ما أنا عايشة لأ  لأ والف لا يا مليكة هانم 

- يا ماما يا خبيبتي أنا مقدرة حبك لمراد بس دي مش مناسبة لي لا اجتماعيًا ولا...


ردت الجدة مقاطعة بنبرة ساخرة كاشفة الاوراق كلها قائلة 

- وانتِ كان اساس أبوكِ إيه ياحبيتي دا أنتِ ابوكِ يا بت كان شغال جرسون في مطعم لتكوني هتتكبري عليا وعلى اللي مني عشان ربنا رزقك بقرشين زيادة وعايشة مرتاحة 


ذهب عابد لوالدته محاولا تهداتها وهو يحتويها بين احضانه قائلا بحنانٍ بالغ 

- مين قال كدا ياست الكل أنتِ واللي من ريحتك تاج على راسنا نمشي نتباهى بي في كل مكان هي بس خانها التعبير مش اكتر ولا إيه ياست مليكة ؟ 


وقفت مليكة عن مقعدها متجهة نحو والدتها وقالت بعتذار 

- أنا آسفة يا ماما والله ما قصدي حاجة أنا بس خايفة على  ابني فيها إيه دي 

- فيها كتير معنى كدا إني مش خايفة على حفيدي طب دا مراد الغالي اول فرحتي يعني اعز  منك  


ردت ربى قائلة بعفويتها وهي تضع يدها في خاصرها 

- الله الله يا ست  تيتا وأنا لما رحت جبت لك المرهم ودعكت لك رجلك وقلتِ يا روبي يا روبي يا أغلى البنات عشت وشفتك يا روبي ست الستات دا كان إيه كان جبر خواطر ولا إيه ؟ 


انضم صهيب لهذا العتاب وقال من بين ضحكاته قائلا 

- أنا تيتا قالت فيا شعر وشوية من كتر حبها كانت هاتعملي تمثال وأنا اللي كنت فاهم إن أنا المفضل عنده !! 


سألته صبا بنبرة ساخرة قائلة

- على اساس إنك الحيلة الدلوعة مثلا؟!  ماهي كانت بتقولي شعر وبتدلعني اكتر منكم كلكم  حتى اسألها كدا.



ردت ملك بنبرة حائرة وقالت 

- استنوا بس ياجماعة انتوا فات عليكم اهم حاجة في الحكاية كلها 


سألها الجميع قائلين 

-إيه هي ؟ 


أجابتهم بحمس  قائلة 

- أنا فرحي كمان اسبوعين وتيتا وعدتني هتفضل تغني وتطبل طول الأسبوعين دول زي افراح زمان كدا الموضوع فركش ولا هيكمل عادي  اكيد هيزيد عشان مراد صح ؟! 



 

جلست فيروز وبيدها طبق من البلاسيتك، بدأت تغني وتطرق بيدها عليه، التفت الفتيات حول عماتهم  بينما غادر عابد ما إن شعر بتعبٍ ودوار خفيف،  كان يناجي ربه بأن لايسقط أمام عائلته انسحبت وتين ما إن بدأت علامات التعب تظهر على وجه زوجها،  هوى بجسده على المقعد  هرولت تجاه خزانة الملابس لتخرج منها الإبرة المسكنة،  وضعتها في الوريد وبدأت تضغط بهدوء شديد حتى فرغت الإبرة نظرت له وقالت بحزنٍ دفين 

- حاسس بإيه ياحبيبي ؟ 

- الحمد لله احسن كتير 



تنفس ببطء نظر لها وضع كفه المرتعش قليلًا ثم قال بإبتسامة باهتة 

- متقلقيش يا حبيبتي أنا بخير طول ما إنتوا بخير وإن شاء الله العملية تكون خير  أنا حاسس بكدا والله 


سقطت الدموع من مقلها وهي تقول بتساؤل 

- احنا ليه بيحصل معانا كدا ليه نقوم من مصيبة نقع في كارثة ؟! 

- استغفري ربنا يا تيا، احنا احسن من غيرنا عشان ربنا فاكرنا وحابب يسمع مننا كلمة يارب 

أنا عارف الحِمل هيبقى كبير عليكِ الفترة الجاية بس أنا سايب بطل صح يا حبيبتي ؟ 



ردت وتين بمرارة في حلقها وقالت 

- أنا اضعف خلق الله يا عابد، أنا لما بكون قوية فدا عشان أنت موجود لكن انا اساسا ضعيفة  


تناولت كفه بين كفيه وقالت برجاء 

- خليك قوي عشاني أنازوولادك وكل اللي بيحبوك يا عابد، وحياتي عندك أوعي تستسلم، هنضيع من غيرك والله كل اللي حولينا دول مش فارقين معايا قد ما أنت نفسك فارق معايا  الحياة من غيرك ملهاش معنى حقيقي 


طبع قبلته الحانية وهو ينظر إليها وقال بإبتسامة جانبية 

- لو اعرف إن المرض هايخليني اسمع الكلام الجميل دا كنت تعبت من زمان .

❈-❈-❈


فين نوح يا بيجاد 


قالها مالك وهو يبحث عن ابنه الذي كاد بسببه أن يفقده عقله،  اعتدل بيجاد في جلسته وقال بجدية مصطنعه 

- دخل اوضته ومعاه داليا يا بابا 

-داليا !!! 

- اه والله معاه داليا دخل عليا وشايلها بقوله مين دي قالي دي حبي الجديد داليا 

دا نهار أبوه مش معدي هي حصلت كمان يجيب بنات في البيت ليه فاكرها وكالة من غير بواب !! 


وقف " مالك" على اعتاب غرفته يميل برأسه قليلًا ليستمع جيدًا حديث ابنه وهو يقول لها 

- حامل طب امتى و ازاي  انا مش عارف بابا هايعمل إيه لما يعرف بالمصيبة دي أنتِ ماتقوليش انك حامل ايوة انا كنت شاكك فيكِ من الأول نوم ع طول و مزاجك مش اللي هو وفي الآخر اكتشف انك حامل  طب انا مرتبي هايكفي إيه ولا ايه  أنتِ ايه يا شيخة ماعندكيش احساس  انا صحتي راحت عليكِ  يلا تعالي في حضني صالحيني عشان زغلان منك 


ولج والده وهو يلف حزام بنطاله على يده و قال بوعيد ما أن رَ " نوح" عارِ الصدر 

- تعال لي أنت يا حبيب أمك عشان واحشتني هي حصلت تجيب ستات في البيت 

- بابا !! ستات مين دي داليا ! 

- و هي داليا مش إنسانة ! 

- لا يابابا دي القطة الجديدة اللي كانت تحت عربيتك وكانت هتموت اخدتها ونضفتها وخلتها شمعة منورة وجبتها هنا عشان تعيش معايا 


رد مالك بنبرة حائرة قائلا

- يا ابني اروح فين من القطط والكلاب اللي بقوا اكتر مننا في البيت دا، يا ابني احترم نفسك بقى هتقلب لي البيت مزرعة حيوانات 

- متقلقش يا بابا قبل ما اسافر هاوديهم لمكان تاني 


تنهد والده وقال بهدوء وهو يغلق الباب 

- عرفت إنك عاوز تخطب ربى الكلام دا ولا دي تهيؤات من عماتك ؟ 


جلس نوح على المقعد وقال بجدية 

- لا صح يا بابا أنا فعلا طلبت ايدها من عمي وطلبت من تيتا تتوسط لي في الموضوع 


عقد ما بين حاجيبه وقال بتساؤل 

- ليه هو عابد اخويا رافض ولا إيه ؟!

- بالعكس عمي مرحب جدًا اللي مش موافق ربى نفسها 

- اشمعنى ؟!!

- يعني فاهمة إني بعمل كدا عشان عمي يرتاح قبل العملية 


نظر والده له وقال بإبتسامة جانبية وقال 

- على اساس إن دا مش حقيقي مثلا ؟! 

- اكدب عليك لو قلت إن فعلا مش فرحان واكدب عليك بردو لو قلت إني بجامل عمي  انا محتار مش عارف  انا عاوز إيه بالظبط أنا مش عارف أنا عاوزها عشان هي دي الإنسانة اللي قلبي دق لها ولا عشان اعمل اللي يريح عمي ولا عشان إيه مش عارف بجد 


رد والده بذات النبرة وقال 

- والله يا نوح مش عارف اقل لك  إيه بالظبط خايف اقلك امشي ورا قلبك وتلاقي قلبك وجعك وخايف اقلك امشي ورا عقلك تلاقيك هتتجن لو معملتش اللي قلبك قالك عليه بس اللي اقدر اقوله هو إن متأذيش نفسية عمك قبل العملية وكمل اللي بدأته للنهاية يمكن البنت نفسها توافق بس خايفة تكون فترة في حياتها ويمكن تكون بتبادلك نفس الشعور بس ولو وافقت هتتجرح لو سبتها 


تنفس بعمق وقال باقتراح 

- إيه رأيك تاخدها وتتعشوا برا سوا النهاردا بعد خطوبة مراد وتتكلموا ؟ 



نظر لوالده وقال بإبتسامة باهتة 

- أنا مش قادر استوعب إن أنا هو نفس الشخص اللي كان ممكن يرمي بنفس في

 النـ ار  عشان عمه وولاده، أنا حتى لما طلبتها من عمي حسيت إن قلبي مكسوف يمكن من كتر الإنتظار فقدت شغفي ناحيتها 

-  جدد شغفك بيها

- ازاي ؟ 

- اقروأ فاتحة ولبس الدبل وسافر كمل شغلك في المانيا عادي يمكن لما تتكلموا وإنتوا بعيد تقدر تقيم العلاقة صح 

- مش عارف حقيقي مش عارف يابابا 

- بص النهاردا بليل على الساعة عشرة هكون حاجز لك تربيزة في مطعم شيك اخرجوا واتعشوا واتكلموا واتخانقوا طلعوا كل اللي في قلوبكم  وشوف بعدها أنت قادر تكمل ولالأ وبكدا تكون عملت آخر محاولة ليك في الغلاقة دي ومتجبرش نفسك بعدها تكمل طالما أنت تعبان عشان صدقني ها تتعب أكتر لو كملت،  و بالنسبة لعمك اكيد مش هيرخص بنته عشان يطمن عليها جدها اتصرف بالشكل العفوي دا عشان عارف أنت بتحبها قد إيه حتى لو أنت مش بتتكلم فهو باين عليك أنت مش صغير يا نوح أنت عندك 28 سنة وهي كمان مش صغيرة وتقدر تقيم العلاقة من وجهة نظرها  انا اتجوزت في سنك وامي كانت بتقول عليا عجزت بس أنا مش مستعجل على جوازك نهائي عاوزك تفكر وتقرر لأن أنت مش بتشتري لبس هتلبسه مرة لو معجبكش هترمي في الدولاب لأ أنت بتبني بيت وأسرة لو فكرت تنسحب معناها ها تهد أسرة وياعالم وقتها هيكون معاك اطفال ولالأ  فكر الف مرة قبل أي خطوة  وبعدها قول أنا قررت اعمل كذا صدقني احسن لك .


    

❈-❈-❈


مش هتتغيري يا شاهيناز هتفضلي طول عمرك شاهيناز اللي أنا عارفاها 



كانت تنظر لصورته المنعكسة في مرآتها، عادت ببصرها مرةً أخرى لتتابع وضع بعض مساحيق الترطيب  خاصتها، بينما هو تابع حديثه وهو يمدد جسده على حافة الفراش قائلًا بتذكر 

- عرفتي إن فياض طلب رُبى للجواز للمرة التانية 


استدارت نصف دائرة وهي تحدثه بإبتسامة واسعة 

- طبعًا ودي حاجة تخفى عني بردو !! 

- مالك مبسوطة اوي كدا 

- ومكنش مبسوطة ليه بيني وبينك فياض مناسب ليها أكتر من نوح 



ابتسم إبتسامة خفيفة  وهو يمرر أنامله على لحيته النامية قليلًا،  عاد بناظريه لها مضيقًا حدقتاه وقال 

- أنا بقول دا تخطيطك  


رفعت كفيها ببراءة وقالت بإبتسامة واسعة 

- صدقني المرة دي مش أنا اللي خططت دي الظروف هي اللي ساعدتني 

- ياسلاااام شاهيناز هانم بتقول ظروف اعتقد إني محتاج اشتري شوية صدق عشان اصدقك 

- واللهِ براحتك دي حاجة ترجع لك بس دي الحقيقة 

- طب ممكن اسألك سؤال ؟ 

- طبعًا 

- ليه رحتي قلتِ لـ نوح مش دي اللي تليق بيك مع إنك عارفة كويسة اوي إن ممكن اقلب الدنيا في حركة زي دي 



 وقفت عن المقعد المقابل للمرآة وهي تفرك كفيها في بعضهما البعض، اتجهت نحوه وتوقفت مقابلته وهي تحدثه بنبرة هادئة كعادته في الأوان الأخيرة 

 - بص يا مالك أنا عارفة إن عابد أخوك ورُبى  بنت اخوك بس متنساش كمان إن نوح ابنك واتضرر كتير من عابد ومتنساش كمان إن عابد مبيفكرش غير في مصلحته وبس وأكبر دليل على كدا إن اخوك كل شوية يوافق ويرفض على حسب رغبات بناته وكأن الواس اللي هترتبط ببناته دول معدومين الشخصية مثلا  أنا م بحب خراب  بين الاخوات وبعضها   لا سامح الله بس لأن  فعلا شايفة إن نوح تليق بي واحدة تانية خالص غير رُبى 


رد " مالك" بصوتٍ هادئ ونبرة تملؤها الحزن 

- طب وعابد دا مهما كان اخويا ماينفعش ابدًا اكسره واكسر بنته دي بنتي بردو يا سيلا و....


ردت سيلا مقاطعة إياه قائلا بنبرة متعجبة 

- و هو نوح مش ابنك !! 

- ابني بس أنا ابني اللي اختار بنفسه طريقه و هو عارف كويس اخرته إيه لكن عابد ورُبى مايعرفوش حقيقة فياض أو فاهمين إن فيا مش هيبقى نسخة تانية من جده محسن 

- مش مهم يعرفوا كفاية أنت عارف  وبعدين احنا هنعمله إيه يعني مش ريان الأنصاري حظره ووقف في وشه مرة يشرب بقى أوعى تعرف ابنك نوح إن رُبى هتتجوز فياض أوعى يامالك ساعتها بس كل حاجة عملنها وبنعملها هتتهدم في ثانية نوح مبيعملش حاجة في حياته غير إنه قاعد تحت رجلين عابد وريان الأنصاري ونسي حاجة إسمها كرامة وياريت في الآخر عجب استاذة رُبى بالعكس رميته بطول دراعها رُبى مش لازم تتجوز نوح لأنها مستاهلش واحد زيه 


رد مالك قائلا بحزنٍ دفين وهو ينظر لها وكأن نظراته توجه لها العتاب واللوم

- ريحي دماغك يا سيلا ربى لا هتتجوز فياض ولا هتتخطب لنوح وبكرا تقولي مالك قال ربى بنت عابد المحمدي وأنا وأنتِ ومصر كلها تعرف مين هو عابد المحمدي، عابد اللي لايمكن يقبل على نفسه يرخص بناته وإنه عنده يفضلوا جنبه ولا يروح يقول لحد اتجوز بنتي اخويا مافيش حاجة مودياه في داهية غير عزة النفس اللي عنده دي، أنا بعمل محاولة أخيرة وبدعي من كل قلبي ابني ميبقاش غبي و يدمر كل حاجة بكلمة منه 


❈-❈-❈


في منزل الجدة ولاء 


كان صهيب جالسًا مع جدته يحدثها بعتابٍ ولوم وهو يدلك لها ساقيها برفق،  وضع لها الدهان المُسكن وهو يقول

- رحتي تخطبي لمراد وأنا لأ،  ماشي خليكِ فاكراها 

- دوس هنا يا واد بس براحة 

- حاضر، ركزي بقى معايا عشان أنا خلاص جبت أخري من صبا 


ضربته في كتفه برفق ثم قالت بشماتة 

- احسن حد قالك تتسحب من لسانك وتروح تتكلم وتقول مش عاوزاها اديك بقالك فوق الست شهور ماشي وراها زي الكلب وهي ولا معبرك 



ضيق حدقتاه وقال بشكٍ 

- يعني دي مش مخططاتك يا لولو ؟! 


وضعت الجدة سبابته على صدرها وتسألت بدهشة وذهول 

- تخطيط مين أنا يا ابني دا أنا مسكينة وعلى نياتي خالص 

- طب ساعديني طب وخليها تحن عليا فاضل على سفري يومين اشمعنى يعني نوح ومارد ولا أنا مش حفيدك !؟ 


أشارت بيدها تجاه الخزانة وقالت بجدية 

- طب قوم هات الصندوق اللي في الدولاب وتعال 


امتثل لأوامرها وعاد وهو يحمل الصندوق،  وضعه بيهنما، بينما هي دست يدها في صدرها لتخرج المفتاح اعطته إياه وقالت 

- افتحه وهات لي منه سلسلة فيها فص أخضر 

- حلوة مغارت علي بابا دي تيتا 

- دي تحويشت العمر 


وضع في كفها قلادة ذو فص أخضر، قربتها من عيناها ثم قالت بجدية 

- ابقى فكرني اغير النضارة 

- حاضر

- خد دي اديها لصبا وقل لها تيتا بتقولك البسيها 


تنهد بعمق وهو ينظر للقلادة وقال 

- يا تيتا بقل لك مش طايقة تشوف وشي خالص 

- طب خلاص لما اشوفها ابقى اكلمها يلا امشي خليني ارتب الصندوق 

- حاضر 


سار صهيب تجاه الباب وقبل أن يضع يده على المقبض الحديدي، استوقفته قائلة بتذكر :

- أنت ياواد يا صهيب هات السلسلة 



ابتسم لها ولعفويتها التي يعشقها وقال 

- اتفضلي يا تيتا بس وحياتي عندك كلميها ها 


خرج من الغرفة  وولج عابد يودع والدته قبل مغادرته للمشفى، لإجراء بعض الفحوصات والتحاليل قبل أن يخضع للعملية الخطيرة التي لا تعرف عنها شيئًا،  طرق الباب وجلس على حافة الفراش،  تناول يدها بين كفيه طبع قبلته عليه ثم قال بمرح 

- أنتِ ورثتي ولا إيه يا ولاء ؟ 


ردت والدته ضاحكة وقالت 

- صندوق العمر دا ياعابد فاكره ؟ 


تأمل الصندوق جيدًا قبل أن يسألها بحنينِ 

- دا أول صندوق عملته بإيدي، دا حتى عليه اسمي لسه محتفظة بي يا أمي 

- أي حاجة من ريحتك بفضل شايلها واحافظ عليها دا أنت الغالي يا واد ابن عمري وفرحتي الأولى 


ابلع عابد لعابه بمرارة وقال بنبرة ممزقة 

- وصيتك ولادي ومراتي فيهم ريحتي يا أمي، حاوطي عليهم بحنانك،  خليكِ معاهم ووجهيهم للطريق الصح 


انقبض قلب والدته من وصيته تلك،  سقطت القلادة من يدها وهي تستمع لحديثه المفزع بالنسبة لها،  سألته بعتابٍ بالغ

- اخس عليك يا عابد، ليه يا ابني تقول كدا ربنا يخليك ليهم ويفضلوا تحت جناحك أنت وتفضل العمر كله ليهم، ويجعل يومي من قبل يومك يا ابني .

- ربنا يطولنا في عمرك يا أمي أنتِ عمود البيت

- والله يا عابد ما حد عمود البيت والعيلة دي غيرك أنت ابني واخويا وابويا وكل ما ليا، عشت في خيرك وعمرك ما اتأخرت عني وقبل ما اقول يا عابد تبقى أنت وولاد تحت رجلي 

- دي نقطة من بحرك يا أمي كل اللي بتقولي لايذكر جنب اللي عملتي عشاني وعشان اخواتي ووالله لو ربنا اداني عمر على العمر ما هوفي جميلك عليا .


تنهد بعمق ثم نظر إليها وقال بكذب

- معلش يا أمي دوشتك هنزل بس اشوف شوية حاجات في شغلي وراجع مش عاوزة حاجة 


ردت الجدة قائلة بتردد في بادئ الأمر 

- اه عاوزة 

- قولي يا حبيبتي ؟ 

- عاوزة عاوزة اغير النضارة 

- بس كدا عيوني حاجة تاني؟ 


سكتت مليًا ثم نظرت له وقالت بخجلًا من حديثها جلس مرة أخرى وقال بهدوء 

- قولي عاوزة إيه ومتتكسفيش أنا ابنك عاوزك فلوس ؟ 

- لا يا حبيبي معايا والحمد لله 

- اومال عاوزة  إيه ؟! 

- صهيب عاوز يرجع لبنتك صبا وأنا بيني وبين صبا كدا سألتها قالت إنها اوقات بتبقى عاوزة ترجع واوقات لأ بس بعدها بفترة ربنا هداها ووافقت وبيني وبينك مرضنش افتح لك سيرة عشان متقولش دا لعب عيال وكدا، واستنيت لحد ما عرفت منها إنها موافقة ترجع الواد هايجي ويطلبها منك متمسرش بخاطره عشان خاطر أمك 


رد عابد بنبرة حانية وقال 

- لأجل عيونك ياما تهون الدنيا  وتبقى كلها تحت رجلك.

- خاجة كمان بقى عشان ادعي لك من جوا قلبي 

- لأ طالما من جوا قلبك يبقى قولي 

- نوح 

- ماله نوح عاوز ربى هو كمان ؟ 


صمت قليلًا خجلًا من الموقف الذي وقعت فيه مع ابنها بسبب حفيدها،  بلعت لعابها وقالت 

- بص هو كل شئ نصيب وكل حاجة بس ربى مش راضية بي، أنا عرفته إنها مش عاوزة بس اخوك مالك حجز لهم في مطعم كدا يتعشوا ويتكلموا يعني يمكن يحصل حاجة وتغير رأيها  وبستأذنك توافق عشان تروح معاه يوم الخميس بعد خطوبة مراد وليلي 


طبع عابد قبلة طويلة عميقة على ظهر يدها وقال بحنانٍ بالغ

- الغالي والطلب رخيص يا أمي، وأيًا كان رأي نوح ولا ربى الاتنين ولادي ووالله ما زعلان منهم أبدًا ربنا يمتب لهم الخير حيث كان 

- امين يارب يا حبيبي 

- ادعي لي يا أمي 

- روح قلبي وربي راضين عنك ليوم الدين ويكتب لك في كل خطوة سلامة وكل سكة نجاة 


جلس عابد من جديد وهو يضع رأسه على صدر والدته وكأنه طفلًا لم يتجاوز الخامسة من عمره اغروقت دموعه في عيناه وهو يقول 

- يااااه يا أمي على الدعوة الحلوة، دعوتك دي بردت نار قلبي وحسستني إني في دنيا غير الدنيا .


وقف وهو يكفكف دموعه قائلا بجدية 

- أنا هامشي بقى احسن وتين بتنادي عليا وشكلها مش هتسكت النهاردا سلام يا غالية 



ردت والدته بقلبٍ منقبض على حال ابنها الذي قبض قلبها بكلماته تلك 

- مع السلام يا حبيبي مع السلامة يا عابد .


❈-❈-❈

مساء يوم خطبة "مراد وليلي "  داخل القاعة كانت تقفعلى اعتاب القاعة في انتظار فتح باب القاعة كانت يدها ترتجف بشكلٍ ملحوظ 

ربت مراد على يدها وقال بإبتسامته البشوشة 

- مبروك يا حبيبتي 


ابتسمت له إبتسامة شديدة التكلف، لاحظها مراد سألها بملامح جادة قائلا 

- في إيه يا ليلي مالك ؟ 


كادت أن تخبره ليلي لكن فتح باب القاعة، ولجا للداخل على أنغام الموسيقى الصاخبة،  بين التصفيق الحار والزغايد، أما الجدة كانت تُلقى الكثير من الملح عليهما لتبعد عنهما أعين الحاسدين والحاقدين،  اتجه العروسان نحوها مصافحينها ثم تبادلوا العناق وغمرتهما بالدعاء والقبلات انتقل إلى عابد الذي كان يجلس على المقعد غير قادرًا على الوقوف، حتى الآن لا تعرف والدته بمرضه، غدًا سوف يخضع للعملية واليوم تحديدًا قرر أن يكون هو يوم خطبة ابن اخته حتى يسعد قبل العملية.

وصلا العروسان إلى المكان المخصص لهما، جلست العروس ثم مراد بعد أن قام بضبط فستانها لوح بيده للجميع والسعادة لأول مرة تعرف قلبه،  أما عروسته مازالت حزينة نظر لها وقال 

- مالك يا لولي ؟ 

- عجبك شكلي وأنا ماشية جنبك يا مراد قلت لك بلاش نعمل فرح ولا هيصه  مسمعتش كلامي  اهي الناس بتقول عليا اتخن منه عشر مرات و عاملة زي أمه ! 

- خلي اللي يقول يقول المهم أنا شايفك ازاي وبعدين مالك ومال الناس والله لو ملكة جمال الكون بردو هايطلعوا عيب فيكِ الناس مش بيعجبها حاجة ولا حد 


ردت ليلي بتحذير واضح وصريح 

- اعمل حسابك مافيش جواز غير لما ارجع تاني لوزني الطبيعي قعدة سنة قعدة عشرة مليش دعوة هعمل دايت يعني هعمل دايت 

- والله وزنك مش فارق معايا في شئ وعمومًا عشان صحتك قبل أي حاجة نزلي وزنك بس بعدين إنما دلوقت خليني نفرح ونبسط دا أنا عامل لك فقرات إنما إيه حكاية ولا الرقصة حكايـ.....


ردت ليلي مقاطعة بسرعة قائلة بغضبٍ واضح 

- راقصة دا أنت ليلتك مش معدية يا مراد راقصة طب مافيش جواري يرقصوا لك على الصفين هي فين 


رد مراد وهو يحتوي كفيها بين يده، نظر حوله سريعًا وقال بتوسل وهو يطبع قبلة على ظهر يدها 

- حقك عليا أنا آسف ابوس ايدك بلاش فضايح 

- فضايح هو أنت لسه شفت فضايح دا أنا هاخرب بيتك على العاملة السودا اللي عملتها دي راقصة في يوم خطوبتنا اومال ليلة الفرح هتجيب إيه مطرب !!


ترك مراد يد ليلي وقال بتساؤل والدهشة والذهول يظهران على ملامح وجهه 

- هو دا سقف افكار عن مجايب  ليلة الدخلة ؟!  اقصى حاجة فكرتي فيها هي المطرب على اساس في الخطوبة ممنوع يجي مثلا ؟! 

- لأ ماهي ليلة العمر هتبقى صارف ومكلف بقى اكل وحاجة ساقعة  ومطرب بذخ 

-  هي دي كل طموحاتك الأكل والحاجة الساقعة ليلي يا حبيبتي سيبي ليلة الدخلة أنا اخطط لها بمعرفتي 



نظرت ليلي قائلة بتحذير 

- مراد الغازية لازم ترحل يا مراد !! 

- اعتبريها رحلت يا روحي ويعوض علينا ربنا في الفلوس اللي دفعنها 


تابع حديثه بخفوت وهو يتوعد لابن خاله وقال 

- ومنك لله يا نوح كانت شورة مهببة ووالله لاخد العربون منك بس تقع تحت ايدي 


❈-❈-❈


في أحد  الغرف بفندق الذي اقيم فيه الحفل 

كانت الرقاصة تقف بين الشباب وتأكل العلكه 

وتنظر لهما ذهبت لصهيب وقالت بغنج 

- ياختي جمال أمه حلو أنت مصري ؟ 


حاول نزع يدها من حول رقبته وقال بتوتر خوفًا من صبا 

- لأ مصري بس اتولدت في المانيا وواخد الجنسية الالمانيا 


دفعه شاهين بعيدًا عنها وقال بغمزة من طرف عينه 

- أنا مصري وتحت الخدمة والطلب واخو العريس أومر ياجميل 


تتدخل نوح محاولا إبعادها عنهما وهو يقول بجدية مصطعنه 

- عيب كدا ياجماعة دي معاملة دي تعالي يابنتي اخبيك في الاوضة 

- بس طويل اوي هاتدخل الاوضة ازاي بطولك دا هنسحف ولا إيه 


رد نوح  باسمًا وقال بغمزة 

- نسحف نمشي المهم نوصل ياجميل 


ضربته في كتفه قائلة من بين ضحكاتها الرقيعة 

- وأنا اللي فاكراك مؤدب طلع منهم 


أتت الفتيات ما إن شاهدن الرقاصة تقف وسط الشباب انتشلتها ملك من بين يد أخيها الذي حاول أن يغادر معها، سحبتها إلى غرفة الفتيات التف حولها " تولين وربى "  في محاولة منهن لاستفسار ما يحدث أمامهن سألتها ربى وهي تنظر لجسدها ثم تعود ببصرها لجسد الرقاصة وتقول 

- معقول دا طبيعي ؟! 

- يوه مالها دي هاتحسدني ولا إيه، ايوة طبيعي والله يا اختي !! 

- اومال أنا مش كدا ليه ؟!! 


بينما سألتها صبا قائلة بفضول 

- هو أنتِ مش ساقعانة دا فاضل لي تي شيرت وابقى لبست الدولاب وأنتِ مش لابسة اصلا  ؟! 


ردت الرقاصة بتعجب 

- دا إيه أصله دا أنا دخلت فرح ولا دخلت القسم 


ردت ملك قائلة بجدية مصطنعة 

- امر وادل يا هانم أنتِ أنتِ في فرح مين عارف أنا ابقى خطيبة مين 

- مين يا عينا ؟! 

- أنااخويا وخطيبي ظباط تحبي اقل لك على التقيلة بابا لوا في الدخلية و...

- الله في يا ست مش إنتوا اللي جبتوني عشان ارقص لكم في الفرح ؟ 

- جبناكِ ترقصي في الفرح اه،  لكن تروحي ترقصي لشباب العيلة لأ


وقفت صبا خلف ملك وسألتها بفضول قائلة 

- صهيب كان منهم ؟ 


اتاها رد ملك بما لا تشتهي وهي تؤكد لها قائلة 

- دا كان أولهم الهانم كان لفة دراعها على رقبته وبتقوله ياختي جمال امه حلو !! 

- هو جوزك ولا إيه ياختي والله ما كنت اعرف 

- ليلتك سودا يا ابن فيروز أنا اصلا مش طايقاك من الأول .



بعد مرور ساعتين 


سار" نوح وربى "  تجاه سيارته فتح لها الباب المجاور لمقعد القيادة،  ثم سار من أمامها استقل السيارة وقادها حيث المطعم الذي حجزه له والده، دام الصمت لدقائق قبل أن يسألها بهدوء 

- تحبي تروحي مكان معين غير اللي عاوزين نروحه ؟ 


أجابته بهدوء 

- لأ خليني زي ما احنا ماشين 



قرابة الخامسة عشر دقيقة وهو يقود سيارته في صمتٍ تام، وصلا أخيرًا إلى المكان المنشود 

صف سيارته ثم ترجلا منها،  ولجت المطعم وقلبها يكاد يخرج من مكانه،  يحاول ترتيب كلماته وينتقيها حتى يخبرها دون أن يجرحها 

سحب المقعد لها ثم جلست عليه، شكرته وعلى ثغرها إبتسامة واسعة، تحاول الإستمتاع قدر المستطاع بهذه اللحظات،  أتى النادل وعرض عليهم قائمة الطعام طلبت منه عصير طازج بينما طلب هو قهوته المفضلة،  ذهب النادل ونظر حوله ثم عاد ببصره وقال 

- بابا مش حاجز تربيزة دا طلع حاجز المطعم كله لينا !! 


ردت بإبتسامة واسعة وقالت 

- عمو مالك طول عمره رومانسي وبيحب الحركات الرومانسية بيفكر عليا تيم وبابا 


سألها بدهشة قائلا 

- عمي عابد رومانسي ؟ 


أجابته ببساط شديدة 

- جدًا على فكرة وأحلى دلع واحلى كلام ممكن تسمعه منه بس بابا كتوم شوية تحسه غامض أكتر بمعنى آخر عارف مين يستاهل إيه وبيطلع له 


عاد الصمت من جديد يعم المكان،  عاد نوح بجسده للوارء ثم عاد من جديد يستند بمرفقه على حافة المنضدة وقال بتوتر 

- هايضايقك لو شربت سيجارة ؟ 

- خالص خليك براحتك وعلى طبيعتك يا نوح 

- متشكر 

- العفو 


رسمية شديدة يتعامل بها مع ابنة عمه أما هي تحاول أن تحلل لغة الجسد خاصته دون أن ينتبه لها،  انتظرته حتى يتحدث لكنه ظلا صامتٍ فقررت أن تتحدث هي قائلة 

اتكلم يا نوح أنا عاوزة اسمعك 

 هاتصدقني لو قلت لك ماعوديش أي كلام يا ربى أنا خلاص مبقا عندي حاجة في قلبي حاسس إني مضغوط عليا من كل ناحية رغم إن الكل منع يكلمني عني بس نظراتهم وتعبيرات وشهم بتتكلم الف لغة ولغة 


اسمعني يا نوح كويس لأني عارفة إن وقتك ضيق وبتحضر لسفرك،  أنا جيت معاك هنا عشان اسمعك وتسمعني عان نتكلم براحتنا نكشف اوراقنا لبعض، أنت ابن عمي وأنا بنت عمك وصاحبك زي ما بتقول دايما لبابا، أنت مش قادر تنسى اللي حصل مني زمان بس انا غصب عني يا ابن عمي كنت مريضة مش عارفة بقول إيه وبعمل إيه ولما قبت لك إني نجمة في سما بعيد بردو غصب عني عشان تبعد عني وابعد عنك الأذى اللي اسمه رامي، مش ندمانة إني بعدته عنك ولا ندمانة على وقفتي معاك حتى ولو بشكل غير مباشر عشان دا مايجيش نقطة في بحر جمايلك الكبيرة معانا،  أنا جيت النهاردا مخصوص وبعفيك تمامًا ونهائيًا من أي ارتباط أو علاقة غير علاقتنا كـ ولاد عم، وأنت هتفضل زي تيم واكتر وأنا زي ملك واكتر سافر بالسلامة ومتقلقش على بابا  وأنا هعرف اظبط الدنيا 


أنتِ شايفة كدا ؟ 

ابقى غبية لو قلت لك غير كدا يا نوح حاجتين ماينفعش الواحد يتغصب عليهم  أنك  لما تلاقي اللي بتحبه مابيحبكش ولا ماينفعش تكمل في علاقة منتهية من قبل تبدأ بالظبط كأنك بالظبط بتمثل دور عارف إنه خيال و منتظر خيالك يتحقق ودا مبيحصلش .


عجز عن الرد قالت ما يريد قوله ولكن ليس بهذه الطريقة لا يريد أن يكون قاسيًا، لكنها قررت أن تضع حدًا لهذه المهزلة، انتهت الجلسة بعد حديثها أما هو قرر أن يصمت كما فعل منذ البداية حتى يسوء الأمر بينهما .


❈-❈-❈


في تمام الساعة السابعة صباحًا 

كان الجميع في الرواق الخاص بالمشفى الخاصة الذي مكث فيها عابد لإجراء عمليته الجراحية قادته الممرضات حيث الغرفة، توقف عند ابنه تيم وقال بحنو وحب 

- خلي بالك من أمك  واخواتك البنات، ومراتك  

حطهم في عينك، لو جرالي حاجة كمل جوازة صبا وافرحوا واوعوا تحزنوا أبدًا 


رد تيم وهو يميل على يد والده مقبلًا إياه ودموعه تنساب على خديه 

- ارجع لي بالسلامة أنا من غيرك مساوش، أنا معرفش عن اخواتي ربع اللي تعرفه أنا مش هعرف اشيل من غيرك، ابوس ايدك متقولش كدا تاني 


نظر لـ وتين وابتسم لها طبعت قبلتها الحانية 

همس بخفوت وقال 

- اشوف وشك بخير يا مراتي يا خياتي يا نصي الحلو وحظي الحلو اللي خدته من الدنيا 

- زي ما اتفقنا جينا سوا وهنمشي سوا أنا من غيرك مليش لازمة .



كان الوداع قبل دخول العمليات بمثابة لقاء الفراق بالنسبة له، الجميع يناجون الله بأن يخرجه منها بسلام، علمت الجدة بمرض ابنها بمحض الصدفة حين سألتها أحدى الجارات 

ما إن رأته يخضع لإشعة المخ والأعصاب،  قررت أن تنتقم منه ولكن بعد خروجه من غرفة العمليات،  انزوت ربى في مكانًا بعيد عن الجميع كانت تفرك أناملها في بعضهما البعض،  تحاول بشتى الطرق منع دموعها لكنها فشلت 

جلس جوارها نوح وقال بخفوت 

- اطمني هايخرج منها  إن شاء الله 


هزت رأسها علامة الإيجاب دون صوت،  كلد أن يحتوي يدها التي اختلطت بالدماء من فرط فركها وضغطتها عليها بأظافرها لكنه عجز عن فعل ذلك،  اعاد يده وهو يقبض على جفنيه بقوةً شديدة،  وقف عن المقعد وغادر المكان .



بعد مرور عدة ساعات داخل العمليات  خرج الطبيب ابتسم لهم وقال بهدوء 

- الحمد لله  العملية نجحت 


رد الجميع في آنٍ واحد 

- الحمد لله 


تابعت وتين من بين دموعها وقالت بنبرة متوترة قائلة 

- دكتور دكتور طب طب الورم نوعه إيه وهو هو 


رد الطبيب وقال بإبتسامة بشوشة 

- اهدي وهاتعرفي كل حاجة بأمر الله يادكتور وإن شاء خير خلينا نقول إننا عدينا اهم خطوة  والباقي سهل بإذن الله.


❈-❈-❈


بعد مرور أسبوع 


كان عابد جالسًا في بيته بعد عناء بينه وبين ابنه ليخرج من المشفى،  خرج اخير‘ا بعد أن استقرت حالته بشكلٍ كبير،  وعلم أنه كان ورم حميد استطاع الطبيب استئصاله،  قدمت وتين استقالتها وتفرغت لزوجها بشكلٍ كامل 

كانت المنبه الخاص به، كل ما هو ممنوع يمنع ولو بالإجبار وكل ماهو مُباح يأخذ ولو بالقوة 

كانت والدته جالسة على الأريكة في نفس الغرفة التي يمكوث بها، منذ خروجه من المشفى وحتى هذه اللحظة لم تتركه لحظه واحدة .


طرقت تولين الباب وبين يدها اختبار حمل منزلي  جلست حذاء جدتها وقالت بإبتسامة واسعة 

- تيتا بصي كدا 


بحثت الجدة عن عويناتها الطبية، ارتدتها ثم قرب الاهتبار وهي تقول 

- إيه يا تولي قلم رسم جديد  ؟ 


رد تولين ضاحكة وهي تخرج صورة جنينها وقالت 

- قلم رسم إيه يا تيتا  طب بصي دا كدا ؟ 

- إيه دا دي صورتك دي ؟ 

- قربتي شوية يا تيتا هي حتة مني على من تيم 


ردت الجدة بسعادة قائلة 

- حامل ؟  يا اختي حلوة هاتي بوسة هاتي 


ضمتها لحضنها داعية لها بأن يتمم أشهر الحمل على خير أتى تيم وقال بسعادة وهو يجلس محل زوجته لتذهب زوجته إلى عابد حتى يرَ الاختبار و أولى صور حفيده الأول، ضمت الجدة حفيدها وقالت 

- عملتها ازاي دي واد عشان تعرف نصايح ستك نفعت ازاي 


رد تيم هامسًا بجانب أذنها قائلا بجدية مصطنعة 

- إيه يا تيتا بابا قاعد مش كدا استري عليا ابوس ايدك 


سألت الجدة ابنها وقالت 

- شوف كدا واد ولا بت يا عابد ؟ 


ضحك عابد وقال بخفوت 

- يا ماما دي  لسه يا دوب في الأسبوع الخامس  وبعدين واد ولا بت كله نعمة 


ردت الجدة باحباط قائلة بسخرية 

- بلا خيبة عامل لي فيها دكتور وهو في ايده الاشعة ومش عارف واد ولا بت 


حرك عابد رأسه يمينًا ويسارًا قائلا بخفوت 

- مش ها تتغيري يا ولاء 


تابع بجدية قائلا 

- وتين عرفت ولا لسه ؟ 

- تيم قالها وأنا جيت قلت لكم 

- اهتمي كويس بصحتك هاكتب لك على شوية فيتامين وشوية حاجات كدا تقويكِ و 


قاطعته والدته وقالت لحفيدتها 

- متسمعيش كلامه يابت دا دكتور خايب إلا ما عرف دا واد ولا بت يبقى هايعرف يكتب مقويات ياختي كان كتب لنفسه اصبري دلوقتي يجي سلطان ويعرف إن كان ولد ولا بت سلطان شاطر 

- ما بلاش عقدة الخواجة دي بقى يا ماما وبعدين ولد ولا بنت هاتفرق في إيه يعني المهم تقوم بالسلامة 



على الجانب الآخر من نفس الشقة كانت ربى مازالت  تقف على اعتابها وتيم يقف كانعًا إياها قائلا بجدية مصطنعة 

- احجزي لنا مكان عندك في الحضانة 


قبل أن تسأله عن مغزى حديثه مد لها يده باختبار الحمل وقال بسعادة 

- تولي حامل 


قفزت للأعلى تاركة الأشياء تسقط من يدها ثم هبطت لتحضن أخيها في عناقًا طويل والدموع تنساب من عيناها،  باركت له ثم احتضنت زوجة اخيها قائلة بتحذير واضح 

- والله لو سمعت ابنك ولا بنتك بيقولوا عمتو العقربة لا قتـ لهم وبالنسبة للحضانة هاعمل لكم خصم خمسين جنيه أول شهر 


رد تيم بامتنان قائلا بنبرة ساخرة 

- أنا مش عارف لولا الخصم الفظيع دا كنت هعمل ايه 

- عشان تعرف يا ابني إن الاخوات لبعض إياك يطمر بس .



صعد نوح على سلالم الدرج وعلى وجهه إبتسامة واسعة ممزوجة بالفضول،  سألهم بفضول قائلا

- خير يا جماعة واقفين كدا ليه ؟ 



التفتت له وقالت بعفوية شديدة ممزوجة بسعادة حقيقية 

- أنا هابقى عمتو 


تابع تيم مكملًا حديثها قائلا 

- العقربة 


ضربته في كتفه وقالت 

- بس يارخم 


تابعت وهي تلج للداخل قائلة 

- والله لأقول لبابا هااا 


ولجت لغرفة أبيها تاركة نوح يبارك لابن عمه ثم طلب منه أن يلج لعمه حتى يطمئن عليه 

دخل صافح الجميع ثم جلس جوار جدته وقال بمرح

- خلاص ياستي ؟ نسيتي نوح ودلع نوح وخروجات نو ح هاا من ساعة ماقعدتي عند ابنك وأنتِ مش سألة فيا أبدًا عمومًا براحتك بكرا تحني لأيام زمان 


نظر لعمه وقال بإبتسامة واسعة 

- عامل إيه دلوقت ياعمي ؟

- في نعمة والله يا نوح أنت إيه اخبارك ؟ 

- الحمد لله اهي ماشية، خلصت الورق بس للأسف لسه هجدد البطاقة عشان انتهت النهاردا 


ردت الجدة بشماتة وقالت 

- احسن عشان مش راضية عن السفر والغربة 

- صراحة ربنا ياولاء أنتِ لما تكوني م راضية عن حاجة عمرها مابتمشي 

- ايوة ماهو أنا الخير والبركة 


ساد الصمت قليلًا في الغرفة ثم سألته جدته عن أخيه ووالده واخبرته أنها تريده اليوم، غادر المكان على وعد بالعودة في المساء ليطمئن عليه،  الوضع هكذا اصبح يؤلمه أكثر من ذي قبل ظن أن رفضه للمرة المئة بعد الالف سيجعله هادئًا لكنه علم أنه يؤلم قليه فقط وأن ما يحدث ليس عقابًا إلا له .


وقف في الشرفة يرتشف قهوته الفرنسية، نظر لصوت الذي صدر من الشرفة المجاورة، القت التحية وعلم أنها ربى، وقفت تنظم الملابس المبللة على الاحبال،  ابتسم بجانب فمه وابع في صمت اقتربت أن تنهي ما تعمله، إن لم يستغل الفرصة الآن لن يحظى بها ثانيةً.

- عاوزة اتكلم معاكِ يا ربى 

- اتفضل 

- لأ مش هنا عاوز مكان يكون هادي عشان نعرف نتكلم 

- خير يا نوح في حاجة ؟ 

- اها في 

- خير قلقاتني ؟! 

- أنا أنا أنا 

- أنت إيه ما تقول ؟ 

-  لأ خلاص مافيش تصبحي على خير 

- نوح 

- نعم قول عاوز تقول إيه ؟ 

- مش  عاوز 

- بتهرب ليه ؟ 

- مش بهرب بس خايفة منك يا ربى خايف اتوجع أنا المفروض ماقلش كلام زي دا عشان كرامتي بس أنا اتوجعت منك يا ربى اتوجعت لدرجة إني خايفة ابدء صفحة جديدة نقطـ عها 

قبل ما نبدأها. 


اقتربت ربى من سور شرفته وضعت يدها على ظهر يده وقالت بإبتسامة واسعة كشفت عن نواجزها 

- اطمن 


يتبع..