-->

عقوق العشاق - الفصل الرابع والعشرون




الفصل الرابع والعشرون





بعد مرور ثلاثة أسابيع على سفر نوح لم يحدث شيئًا جديدًا يذ كر سوى استعادة صحته بشكلٍ  كامل لكن مازال آلم كتفه يزداد عليه،  بعد الكشف الدقيق و الفحوصات تبين له أنه مُصاب بقطـ عفي وتر الكتف،  و يجب  عليه أن يخع لعملية جراحية 

وصل الخبر للجدة و والديه،  قررت الجدة أن يعود مهما كلفه الأمر،  كان حائرًا في هذا القرار يعود أم يبقى  و إن عاد ماذا سيفعل معها، كان يظن أنها ستغلق بابها في وجهه لكن حدث عكس ذلك تماما 

كانت تحدثه يوميًا بالساعات،  ساعدته في الخروج من حالته تلك حولت كتلة النيران المتأججة لأخرى جليدية  ربما كان عليه أن يبتعد حتى يهدأ قليلًا حدثها عن ما بداخله، خوفه،  خذلانه تجاها،  و عدم استطاعته في أن يحافظ عليها من الآخرين

الوضع انعكس تماما هي التي تتطمئنه و ليس العكس يتذكر قولها حين قالت بهدوء 

- نوح أنا مش عاوزة العلاقة دي تفشل أنا مقدرة اللي أنت في عشان كدا بحاول استغل آخر خيط يربطنا ببعض اوعدني إنك هتحاول تعدي اللي حصل عشاني أنا و.....


قاطعتها الجدة و هي تجلس على الأريكة متسائلة بفضول  

- مين اللي بيكلمك دا يا روبي ؟ 


ضاقت حدقتها و قالت بإبتسامة واسعة 

- دا نوح 


اعطت لها رُبى عويناتها الطبية و قالت 

- خُدي يا تيتا النضارة اهي 


نظرت لحفيدها بعد أن ارتداتها ثم مدت يدها أسفل ذقنها و قالت بوعيد 

- بتسيب البلد و تمشي ماشي، اهي لو رجعت لها تاني أنا هوقف لك الجوازة دي ووريني هاتعمل إيه ! 


رد نوح بإبتسامة جانبية و قال بعناد 

- هاخدها منك بردو  يا ستي و بكرا تقولي نوح قال 

- اما نشوف أنا و لا أنت 


رد نوح بجدية مصطنعة قائلا 

- بقلك إيه ياستي اعمل لي الرقاق اللي بحبه و المحشي عشان هتعشى عندك و نقرأ الفاتحة 


تجاهلته الجدة و بدأت تصنع عقدًا جديدًا لحبيبة بيجاد يجب عليها أن تنتهي منه قبل شروق الشمس لأن موعدها معها قبل الظهيرة



❈-❈-❈



تسلم ايدك يا تيتا و الله تحفة، شفت يا بيجاد العقد حلو ازاي ؟ 


أردفت هذه العبارة رقية خطيبة بيجاد،  التقط جزءً من العقد و على ثغره إبتسامة ودودة، نظر لجدته وقال بإمتتان 

- اه يا ياحبيبتي حلو اوي،  تسلم ايدك يا تيتا هدية لذيذة زيك 


وضعت الجدة  يدها على فخذ رقية ثم قالت بنبرتها الحانية 

- المهم تعجب العروسة 

- و الله جميلة اوي على فكرة ها تعلميني. يعني ها تعلميني أنا خلاص وقعت في حبك و حب الاسكسوارت دي 


الحق خطيبتك يا بيجاد تيتا ركنتك على الرف بعُقد  


أردفت رُبى عبارتها و هي تغمز لابن عمها ممازحة خطيبته التي سرعان ما إندمجت مع باقي أفراد العائلة،  نظرت رقية لها و قالت بإبتسامة و اسعة 

-  تيتا دي عسل مكرر 

-  يسلم لسانك يا رقية شايف الكلام اللي يفتح النفس مش زيك 

-  دلوقتي  يا تيتا بقيت وحش و كلامي وحش ؟! 


نظرت الجدة لشقيق رقية و قالت بتساؤل 

- الشقة عجبتكم ؟ 


رد شقيق رقية و قال بإبتسامته البشوشة 

- الرأي راي اختي هي اللي ها تقعد فيها و هي اللي  ها ترتاح فيها أنا مجرد ضيف  فيها 


ابتسمت الجدة لحديثه المنمق الذي يتخلله بعض الجُمل المجاملة  في مغظم المناسبات المشابهة لهذه المواقف ردت بنبرتها الحانية 

- أنت باين عليك ابن حلال مش زي اخوك الكبير دبش و كلامه غبي و ...


تيتا إيه اللي بتقولي دا ؟ 


قالتها رُبى مانعة إياها من تكملة باقي حديثها،  نظرت لـ شقيق رقية و اعتذرت منه و هي تحاول أن تجد مبرر لحديث جدتها 

- معلش  يا أستاذ معتز هي مش قصدها بس هي كدا بتتكلم بطبيعتها مع الناس و....


رد معتز بإبتسامته العذبة و قال 

- با لعكس مبسوط إنها بتتعامل معايا زي ما بتتعامل  معاكم  و بعدين هي يحق لها تعمل اللي يعجبها بعد اللي صفوت عمله 


ردت الجدة بعقلانية 

- يا ابني أنا مش زعلانة منه و الله هو  معاه حق في اللي قاله بس  أحنا ما كدبناش  عليكم  قلنا إن الواد عاوز البت  و لما سألنا على أبوه و أمه قلنا إنهم مش موافقين   بس نقول إيه اخوك طلع قليل الذوق ! 


حركت رُبى رأسها يمينًا و يسارًا غير راضية عن عفوية جدتها التي تتحدث بها دائما مع الغير،  وقفت عن مقعدها متجهة نحو المطبخ لتُنهي وجبة الغداء التي بدأت فيها بمساعدة جدتها في الصباح الباكر،   تفاجأت بوجود رقية جوارها تريد مساعدتها نظرت و قالت بإبتسامة واسعة 

- سايبة عريسك و جاية ليه ؟ روحي و أنا ها خلص و اجاي على طول 

-  تيتا قامت تصلي العصر و بيجاد و معتز  بيتكلموا في مواضيع مليش فيها بصراحة  فقلت اساعدك بقى  و اضيع وقتي.

-  اها عشان كدا طب خُدي بقى حاجة السلطة و اعمليها 


وقفت رقية تقطع الخضروات بينما كانت رُبى تسكب الحساء الخاص بجدتها،  كانت شاردة الذهن تفكر في حديث نوح مبرارته التي قالها و اعتذره عن ما بدر منه طيلة الفترة الماضية،  لا تعرف كيف ستتحدث مع أبيها،  كيف تخبره أنها تريدهُ .


❈-❈-❈


هي جدته جميلة و كلامها عسل بس أنا مش عارف ليه مش مرتاح لوجودك في البيت دا 


أردف معتز عبارته و هو يسير شقيقته، بعد قضاء أكثر من ثلاث ساعات مع عائلة المحمدي،  تأبطت رقية ذراعه بقوة و كأنها تستمد منه قوتها،  تنهدت و هي تقول بعقلانية 

- عارفة إنك قلقان زي صفوت بس هما كانوا واضحين من البداية،  و بعدين بيجاد قال إني هكون في شقتي و مليش دعوة حد نهائي، هو قالي لو مش حابة القعدة في بيت العيلة ينفع ناخد برا بس بصراحة رفضت لأن الظروف معاه اتغيرت تمامًا و مقبتش زي الأول .


نظر لها معتز ثم لا حت على ثغره إبتسامة بشوشة ردت على سؤاله دون أن يطرحه لكنها قرأته من عيناه 

- مش بدافع عنه بس صدقني يا ميزو دي الحقيقة 

- طالما هتبقي مرتاحة معاه خلاص مايهمنيش غير راحتك و على فكرة صفوت من نفس رأيي بس مراته مأثرة عليه حبتين 

- يعني خلاص مافيش اعتراض من ناحية الشقة  و لا بيجاد ؟! 


توقف فجأة معتز ثم نظر لها و قال بحنانٍ بالغ 

- يا بت افهمي أنا لو معترض هروح معاكِ لحد هناك و لا هكمل أصلًا الجوازة ؟!!  أنا معترض بس على خلافاته مع أبوه على جوازكم، هو شايفك قليلة و أنا مش عاوز حد يشوفك أقل منه،  و طالما أنتِ موافقة عليه و عاوزاه يبقى مافيش مشكلة 


ختم حديثه محذرًا إياها 

- بس قسمًا بالله لو عرفت إن حماكِ اتعرض لك بكلمة واحدة لتكون الناهية، أنا لحد دلوقت عامل احترام لست الكبيرة و لخطيبك إنما يتعرض لك بكلمة لا يهمني لوا في الد خلية و لا الوزير نفسه لو فاكر نفسه حاجة و ها يتنطط علينا أنا اكـ ســر له رجله اللي بيتنطط علينا بيها احنا كمان ولاد ناس مش قلة يعني .


❈-❈-❈


في مساء أحد الأيام 

جلس عابد على الأريكة حذاء والدته يستمع إليها في وجود أخيه، كانت الجدة تقلب بين أوراقها مع ابنها تسأله عن هذه و ترمي بتلك في سلة القمامة 

حتى عثرت على حُجة أرض فضاء، كانت إرث عن أمها تناولتها من يد عابد و قالت 

- هي دي اللي بدور عليها بقالي مدة 

- بدوري عليها ليه يا أمي و إيه فكرك بيها ؟ 


تجاهلت سؤال مالك ثم نظرت لـ عابد و قالت بنبرة جادة و هي تشير بيدها تجاه نوح الذي عاد قبل ثلاث أيام لخضوعه لـ عملية بالكتف .

- دي حتة الأرض اللي ورثتها عن امي الله يرحمها 


وضعت العقد في يد عابد ثم قالت 

-  نوح عاوز يعمل مزرعة خيل و شاهين عاوز يعمل مزرعة مواشي 


رد عابد متسائلا 

- أنتِ عاوزة يعني تخلي نوح و شاهين شركا في المزرعة 


ردت موضحة مقصدها قائلة 

- لأ مش نوح و شاهين بس، أنا عاوزة تيم يكون معاهم و الواد مراد يمسك القضايا بتاعتهم بتسميها ايه ياواد ياعابد ؟ 

- الشئوون القانونية يا ماما 

- اسم الله عليك  نيجي بقى لـ صهيب و تيم 

- مالهم دول كمان يا إمي ؟ 


ظلت تنظر حولها عن أحد العقود و هي تقول 

- دور لي على عقد البيت القديم بتاع الناحية الشرقية 


ظل عابد يبحث بين العقود و قال 

- اهو خلاص لقيته 

- طب كويس خُده بقى  و بيعه ملوش لازمة الخمد لله ربنا موسعها علينا 

- خلاص هخلي سمسار يشوف لك مشتري 

- لأ  الواد بيجاد كان بيقول في واحد صاحبه عاوز  يشتري  خلي يجيبه و يتمم البيعة و بعدها اخصم عمولته منه و هات الفلوس اقسمها بين ابنك و صهيب 


رد عابد قائلا بدهشة 

- ايوة يا أمي بس دا كدا كتير 


تنفست الجدة بعمق ثم قالت بنبرة نال منها التعب حقا 

- مش كتير دا حقهم و بعدين يعني هو أنا عملت دا كله لمين مش ليهم 


رد مالك ممازحًا والدته و قال بجدية مصطنعة 

- لا يا أمي أنا اعترض الحاجة دي بعد عمرًا طويل بتاعتي أنا واخواتي 

- الحاجة دي حاجتي اوزعها زي ما احب أنت اتجوزت و خلفت و جوزت عيالك و قربت تبقى جد الدور و الباقي على اللي يادرب يشقوا طريقهم في الدنيا ثم أنت مالك أنت مالي و أنا حرة في لما اوزع من فلوسك ابقى قول زي ما تحب .


حرك رأسه وقال بمشاكسة 

- جبارة أنتِ يا ولاء مش ساهلة أبدًا 


انتهت الجلسة أخيرًا بتوزيع تركة الجدة من الجزء المتبقي لميراثها بعد أن قامت بتوزيعه على ابنائها ثم احفادها و تبقى لها جزءًا صغير من التركة يكفي ما تبقى من عمرها .


في الساعات الأخيرة من الليل كان نوح جالسًا أمام التلفاز يشاهدهُ بملل، بينما بيجاد تابعه بشغفٍ كبير  يفكر كيف يخبر عمه بغرض الزواج من ابنته 

و هل سيوافق أم سيرفض بالطبع سيوافق فـ دائمًا يخبره بأنه يريدهُ لابنته،   نظر لاخيه الذي ترك مشاهدة الفيلم و بدأ يهاتف حبيبته، لم يشعر به و هو يقف من جانبه، السعادة بادية على وجه بيجاد و الإبتسامة لا تفارق شفتاه، كم تمنى أن يحظى بنصف هذه السعادة،  وقف هو الآخر عن الأريكة و ذهب للمطبخ ليُعد قدحان من القهوة،  على الجانب الآخر من الشقة المقابلة وجد عمه يُعد لنفسه قهوة، حدثه قليلًا لكنه استشعر جفاء معاملته بين طيات  حديثه،  خرج من مطبخه فجأة بينما تابع نوح ما يفعله، لو كان الأمر بيده لـ بكى من فرط حزنه و قهره،  لكنه قرر أن يتحلى بالصبر عله يتغير .


خرجت جدته من المرحاض، نظرت لحفيدها و قالت بنبرتها الحانية 

- كتفك عامل إيه دلوقت يا حبيبي ؟ 

- تعبان شوية بس احسن من الأول 

- عشان المسكن صح ؟ 

- اه يا تيتا المسكن قوي شوية و مريحني 

- طب ما تعمل العملية زي ما الدكتور قال 

- ما هو إن شاء الله ناوي اعملها بس لما اخد كام  خطوة كدا في حياتي و بعدها اعمل العملية 

- خطوة إيه ؟ 


قادها حيث الردهة جلست في مكانها المفضل لتقيم الليل،  جلس جوارها نوح و قال بإبتسامة واسعة 

- أنا عاوزك تخطب لي يا ستي 


ردت الجدة بجدية قائلة 

- و ماله يا اخويا اخطب لك اصبر بس عليا افوق من جوازة لخوك و اخطب لك 


رد نوح و هو يتناول يدها بين يده وقال 

- متقلقيش يا ستي مش ها كلفك جنيه  أنا ربنا موسعها عليا و الحمد لله 


فرغ فاها لترد على حفيدها لكن قاطعها دخول عابد و هو ينادي لابن اخيه و قال بسعادة 

- مبروك يا بيجاد العفش بتاعك كله جهز و صاحب المحل بعته و علي بكرا الضهر ها يبقى هنا بأمر الله أنا قلت ابلغك و افرحك قبل ما تنام 


ردت الجدة قائلة بسعادة لحفيدها 

- مبروك يا بيجاد  وعقبالك يا نوح عن قريب إن شاء الله 


رد بإبتسامة واسعة و هو ينظر لعمه و قال 

- عمي يحن عليا بس و يوافق و أنا اتجوز امبارح مش بكرا 

- والله أنا لو من عمك لا بأقدم جزمة في بيتنا و اديك على دماغك هي كانت تحت امرك و لا إيه 


ما تخليكِ محضر خير ياستي الحكاية مش ناقصة


انا طول عمري يا حبيبي محضر خير و إن على ربى جاي لها عريس جزمته برقبتك دور بك بقى ياحبيي على عروسة احنا ماعندناش بنات للجواز 


والله يا ياولاء وقفتي ضدي يعني ؟ 

مش بإيدي يا ابني طلعتوا اخوات في الرضاعة 

ازاي إذا كان بيني وبينها 4 سنين بحالهم 


لا ماهو انا حلمت إنكم اخوات والحلم اتفسر والحمد لله وجواز مافيش واللي عندك اعمله 


ولو ابني المهزأ دا وافق ابقى قابلني 


اقابلك فين يا ولاء ؟  


في نفس المكان اللي هتقعد في سوسن. 

مين سوسن دي دي يا تيتا ؟  


رد عابد بجدية قبل أن يفتح الامر مرة ثانية 

- اسيبكم بقى لأني مامنتش من امبارح   و محتاج ارتاح متنساش يا بيجاد تستقبل الناس بكرا 


غادر عابد و بدأت الجدة الصلاة تاركين نوح يتأكد من ظنونه أما بيجاد فكانت فرحته عارمة و يريد أن يوزعها على الجميع.


❈-❈-❈


بعد مرور عدة أسابيع 


بدأت مراسم حفل زفاف بيجاد ورقية،  كانت هادئة، جميلة، و لكن بدون والديه،كانت فرحته ناقصة لكنه حاول قدر المستطاع أن يظهر عكس ذلك أما نوح فقد طلب منه الطبيب أن يثبت ذراعه على حامل طبي هذه الفترة بعد أن ازاد آلالمه،  كان يقف بين الشباب و الفتيات و على وجهه إبتسامة واسعة خلفه حزن دفين، بسبب ماقالته له رُبى  حاول تجاهل رفض عمه و قرر أن يدخل ريان في هذا الأمر،  غدًا سيعرف إن كانت الأمور بخير أم لا،  أما هي تتجاهله تمامًا و هذا يؤلمه تنصاع لأوامر والدها الذي لم يرأف به ابدًا .


بعد مرور عدة ساعات 


عادت العائلة و العروسين إلى المنزل،  صعدا العروسين بعد صافحا الجميع،  لم يخرج مالك  أو سيلا من شقتهم حتى لرؤيته و هو عريس،  كانت سيلا تبكي بشدة على ابنها فلذة كبدها الذي ضرب بأوامرها عرض الحائط و تزوج ممن يحب.


في شقة الجدة اختلف الأمر كثيرًا،  كان الضحك و السعادة هما الغالبان على هذه الأمسية،  خفة ظل نوح الاكثر ظهور هذه الليلة بسبب ما يفعله مع اخيه الذي كاد أن يفقد عقله،   كانت الجدة في سبات عميق  و بناتها مع ذاك المختل الذي لن يهدأ حتى يُبتر ذراعه من تحت رأس أخيه بيجاد،  تحدثت فيروز من بين ضحكاتها الخافتة 

- و الله ستك لو حسيت باللي بتعمله لـ تبهدلك 

- اصبري لما الأكل اللي قالت لي عليه ستي اشتري يجي هخلي بيجاد ينتـ حر 

- اخس عليك يا نوح و يهون عليك اخوك سيبه يا واد يتهنى بعر وسته 

- بس يا مليكة خلينا نضحك شوية قولي يا واد يا نوح هتعمل إيه تاني 


ردت مليكة بيأس 

- ياسلام لما بتتلمي على نوح بعرف إن المصايب ملهاش آخر معاكم 


خرجت الجدة و هي تتثئاب  

- هي الساعة كام ياولاد ؟ 


ردت فيروز قائلة 

الساعة اتنين بليل يا ماما 


جلست حذاء حفيدها و قالت 

- اشتريت العشا اللي قلت لك عليه لاخوك و عروسته ؟


رد نوح بجدية مصطنعة و قال 

- اه يا تيتا بس الناس هيتأخروا شوية عشان الطلبات عندهم كتيرة 

- طب ليه مطلبتش مستعجل معقول هايطلع له دلوقت ؟ 

- متقلقيش يا تيتا أنا هاطلعه له بنفسي 


لم تتحمل فيروز كلمات نوح و تخيلها لمظهر أخيه  بعد ما يفعله رنت ضحكاتها المكان،  نظرت لابنتها ثم نظرت لنوح الذي فشل في كتم ضحكاته هو الآخر  تحدثت بقلق وقالت 

- نوح و فيروز استرها يارب، أنت متأكد إن الطلبات عندهم كتيرة ؟ 


كاد أن يتحدث لكنه تفاجئ بإتصال المندوب الخاص بالماكولات الجاهزة، وقف ليرد عليه  دفع له المبلغ المطلوب ثم أخذ من الطعام،  وقف على باب الشقة وقال 

- أنا هاطلع اطلع الاكل ياستي 

- خد تعال هنا يا واد اكل إيه دلوقت 

- الأكل هايبرد يا ستي  

- والله ما في بارد غيرك أنت والشيطانة اللي بتضحك دي خد تعال هنا يا واد 


صعد نوح الدرج و على وجهه إبتسامة لعوب،  وقف أمام باب الشقة، قرع الناقوس خرج له بيجاد عارِ الصدر و شعره مشعث،  طالعه نوح من رأسه حتى اخمص قدميه زفر بيجاد بحنق ثم قال بضيق 

- خيـــر و بعدين إيه كل الجرس دا هو أنا في الشارع التاني  ومش سامع ؟!!!

- الحق عليا يا عم حبيت اعبر لك عن سعادتي  و اقل لك مبروك ياحبيبي 

- نعم !! مبروك و على اساس طول الأيام اللي فاتت دي مكفتكش و لا النهاردا اليوم بطوله و عرضه  و مع ذلك الله يبارك فيك متحرمش منك يارب شكرًا مع السلامة 


كاد أن يوصد الباب لكن منعه نوح و هو يضع الحقيبة البلاستيكة و قال 

- مش هاعتابك على حركتك دي نتحاسب عليها بعدين على العموم دا عشا تيتا حلفت لتأكله دلوقتي ومرضتش تخلي يبات ولا يستنى شوية اقولها مش مشكلة خلي شوية كدا قالت لي هايبرد قوم طلعه لاخوك 


جذب بيجاد الطعام و قال بغضبٍ مكتوم 

- طب ياسيدي متشكرين  مردود لك في الأفراح 


رد نوح و قال بجدية مصطنعة 

- حاسس إنها مش من قلبك بس مش مشكلة هاصدقك و اكدب وداني  


غادر نوح و عاد بعد ثوانٍ معدودة 

- خيرررررر 

- نسيت اقل لك حاجة مهمة 

- ياجدع ارحمني ابوس ايدك ارحمني وقول إيه هي الحاجة المهمة 

-  تصبح على خير يا روحي 


كاد أن يخرج بيجاد من الشقة  وهو يقول بغضبٍ جم 

- يا أخي طلعت روحك يا أخي  و...


كمم نوح فم اخيه و هو يعيده للداخل ثم قال 

- الحق عليا أنا اللي غلطان، صحيح اعمل الخير و ارمي البحر .


اوصد نوح  الباب خلفه بينما استدار بيجاد و هو يزفر بضيق  وراح يقول 

- الله يسامحك يا نو...


كاد أن يكمل حديثه لكنه أطل برأسه و قال ممازحًا أخيه 

- سمعت اسمي في وسط موضوع قلت اسمع، ابقى اقفل الباب ياحبيبي 


هذه المرة هبط بالفعل،  قبل أن يفصل بيجاد رأسه عن جسده لينتهي من هذا الصداع المزمن،  عاد و سرد لعمته ماحدث لم تهدا ضحكاتها طوال الليل، بينما ردت الجدة على سخافتهم تلك و قالت 

- اقول إيه بس ياربي دا ابتلاء أنا راضية بي و الحمد لله و لو قدر فاللهم لا اعتراض بس اتنين في نفس البيت و فيهم نفس الغتاتة دا كتير على صحتي 


تابعت حديثها بنبرة مغتاظة و قالت 

- فين جوزك يا اختي يجي ياخدك من هنا ويخلصنا من رخامتك دي ؟ 

- جوزي وراه شغل و قال خلي أهلك يشبعوا منك عشان خلاص هنسافر 

- شبعنا ياختي قومي سافري يلا بالسلامة.



يُتبع..