-->

عقوق العشاق - الفصل الخامس والعشرون

 



الفصل الخامس والعشرون



بعد مرور شهر كامل


في ستك يا نوح دا كله ؟ 


سألت  فيروز سؤالها و هي تخرج تهبط من الطابق الثاني،  بينما رد نوح بغيظٍ مكتوم وقال 

- بتأمن على غاز البيت والكهربا والميه قال يعني مسافرين !! 


تابع حديثه قائلا بصوتٍ مرتفع  وهو يقف على باب الشقة 

- يلا يا ستي اتأخرناااااا 


خرجت الجدة من المطبخ و هي تنظر حولها لتتأكد من كل شئ بنفسها، وجدت كأس من الماء فارغة موضوعة على سطح المنضدة وقدحًا من القهوة هنا، صحنًا من المعكرونة بالصلصة البيضاء هناك،  لملمت الأشياء وقالت بغضبٍ جم 

- لو واخدين على العفانة في بيتكم إنتوا احرار إنما بيتي لأ يا معفنين 


رد نوح وقال  

- مش أنا و الله يا ستي دا تيم و صهيب هما اللي هما اللي عملوا كدا يلا بقى ولما نرجع نبقى نروق البيت 


تركته يدب قدمه في الارض من فرط غضبه،  ولجت المطبخ لتجلي الاطباق،   ولج خلفها نزعهم من يدها و قال 

- لما نرجع يا ستي هابقى اغسلهم أنا والله بنفسي سبيهم بقى 

-  افرض  مُت  و الناس تعزي يقولوا إيه الله يرحمها معفنة ؟ 

- هايقولوا على طبق وكوبية يا ستي دا الناس كلها بتحلف بنضافتك  حتى اسأليني أنا  يلا بقى 

- مش عارفة أنا مستعجل ليه وراك الديوان يعني ولا وراك الديوان  

- ورايا معاد مع ريان الأنصاري يلا بقى 

- طب استنى امسح المطبخ مطرح ما اتبـهدل 


تناول يدها  ثم طبع على ظهر يدها المجعدة قبلاته لا حصر لها وقال بتوسل 

- ابوس ايدك ابوس ايدك مليون مرة يا ستي سيبي كل حاجة مكانها و انا هخلي حد من عماتي يعملوها  لما يجيوا 

- عماتك !! عماتك المعفنين اللي سابوا الكوبيتن  بتوع الشاي ومشيوا  هايمسحوا المطبخ  دا أنت بتحلم 

- هامسحه انا بس يلا بقى نمشي ياستي 

- نمشي  نمشي اللي ماسكها وقاعد دي ما خلاص ياواد في إيه مستعجل ليه هي الدنيا هاتطير !! 


الظاهر ياستي إن الذوق والدلع مش جايبين معاكِ  نتيجة  ولابد من العافية  والإجبار 


أردف نوح  عبارته وهو يحمل جدته بين ذراعيه خارجًا من المطبخ وصولًا لباب الشقة،   ضحك الجميع على مظهر الجدة،  بينما هي كانت بداخلها رعب من أن تسقط من يده،  هبط نوح اولًا وخلفه باقي العائلة،  حذرته الجدة قائلة 

- عارف لو وقعت نهارك مش هايعدي ياواد أنت 

- متقلقيش يا ستي معاكِ بطل 

- أنا آخر مرة حد شالني فيها كدا كان جدك الله يرحمه  يوم فرحنا و قالي نفس الكلمة وجه عند السلمة الخامسة ووقع وانكسر رجله كان بؤق زيك كدا بردو 


رد عابد بجدية مصطنعة وقال 

- إيه يا أمي هتضحكِ العيال على بابا 

- مش دي الحقيقة ولا اكدب يعني 


وصلا أخيرًا نوح وجدته  للسيارة  كاد أن يضع في المقعد المجاور لمقعد القيادة لكنها رفضت وقالت 

- لأ ياواد دا مكان مرات اخوك 

- ولا يهمك ياتيتا. اقعد انا هقعد مع عمي عابد ومراته 

- اقعدي بقى  ياستي تعبتيني 

- ياواد البت عندها  ذوق نبقى احنا قلالات الذوق رجعني ورا 

- بس دا مكاني أنا و رُبى ياستي !! 

- متخليش البت تقول إني بفرق بينها وبين جوزها هيقولوا على ستك خربة بيوت ياواد  

- لأ ازاي اقعدي ياستي جنبنا 

في النص يا نوح بينك وبين عروستك 

ودا اسمه إيه بقى يا ستي مش خربان بيوت دا 


                    

❈-❈-❈


في منزل ريان الأنصاري 


كان جالسًا يستمع لـ عرض نوح بعد ما طلب والده بشكلٍ عفوي ابنة اخيه لابنه،  نظر ريان لـ جميلة التي حركت رأسها قليلًا علامة النفي عن ما يريدهُ عاد ببصره له و قال بأسف 

- طلبك غالي يا نوح عندي بس أنا آسف يا ابني مش أنا اللي من حقي اقول الرأي الأخير، الرأي رأي ابوها و الشورة شورة ابوها أنا حي الله جدها 


رد نوح بإبتسامة واسعة غير مدرك مغزي حديث الجد 

- أنت الخير و البركة يا جدي و هو بنفسه جاي معايا عشان يعرف رأيك 


نظر ريان لـ عابد ثم عاد ببصره لـ نوح و قال بأسف 

- متزعلش مني يا نوح بس عمك مش موافق اصلًا على الجوازة و حطني أنا في وش المدفع لكن انا عن نفسي عاوزك لـ رُبى النهاردا قبل بكرا 


ردت الجدة ولاء بنبرة محتدة و قالت 

- و لما هو مش موافق جابنا كلنا على ملا وشنا  و مشحطط ولادي وعيالهم ليه ؟! 


وقفت جميلة مخاولة تليطف الاجواء لكنها لم تفلح  ما إن قالت ولاء بصوتٍ مختنق متأثرًا بحفيدها الذي انكسـ ر ت فرحته للتو 

-  متزعليش يا أم عابد الموضوع مش زي ما أنتِ فاهمة هو بس مش عاوز يحصل خلافات بينهم و...


ردت ولاء بنبرة متحشرجة 

- أنتِ يا ام عدنان عارفة كل حاجة عن ابني و أنا أمه معرفش وخلاني ماشية زي الأطراش في الزفة !! 


ختمت حديثها بضربة من عكازها قائلا 

- يلا يا نوح الظاهر إن كنت غلطانة لما فكرت إن عمك اتغير فعلا بس معلش يا ابني حقك عليا أنا 


تحامل نوح على نفسه و غادر المنزل تاركًا عمه مع الجد ريان يتبادلون أطراف الحديث،   عادت العائلة بأكلمها بحالٍ غير الحال،  صعد بيجاد مع زوجته  بعد أن جلس  مالك مع ابنه ليعرف ما لذي حدث،  ولج الشقة و هو يجيب على تساؤلات رقية  

- ليه ماقعدتش مع اخوك ؟ 

- اديكِ شفتِ بابا قاعد و ساكت مش راضي يتكلم فقلت نسيب المكان و يتكلموا براحتهم 

- بس اخوك محتاج لك يا بيجاد 

- هابقى انزله بليل في السهرة هو اصلًا مش هايعرف ينام النهاردا من حر قة الدم اللي حصلت دي 

- أنا مش فاهمة ازاي عمك مش موافق و ازاي اخدنا و رحنا لحماه !! 


حل بيجاد أزرار قميصه و ساعدته هي في نزعه عنه  استدار بجسده تجاهها و قال بإبتسامة ماكرة وهو يحاوط جسدها بين ذراعيه 

- ما تسيبك من كل اللي حصل و اللي لسه  هايحصل و قولي لي على المفاجاة اللي بقالك اسبوع بتمهدي ليها 


كانت تلتوي بين ذراعيها  و هي تقول من بين ضحكاتها  قائلة 

-  لأ يا حبيبي عاوزة حلاوتي الاول ؟ 


جلس على حافة الفراش جاذبًا إياها لتجلس على فخذه و قال باسمًا 

- يا ستي كُلي ملكك  قولي و أنا هاعمل لك اللي عاوزاه 


حاوطت رقبته بذراعيها و هي تضيق حدقتها ناظرة لسقف الغرفة قائلة

-  تقولي و لا ما تقوليش يا بت يا روكا تقولي ولا متقوليش 


رد بيجاد بحماس قائلا 

- قولي بقى شوقتيني اعرف 


تناولت كفه الكبير  ثم وضعته على باطنها و راحت تقول بإبتسامة واسعة 

- اعمل حسابك بعد كدا هاتيجي معايا عند الدكتور عشان نطمن على  بيجاد الصغنن .


والله العظيم ؟ بجد و الله  حامل ؟!!  طب طب و قعدة كدا بتكلميني ازاي كدا و رحتي و جيتي  و بتعملي شغلي البيت  عادي آآآه يا جبارة 


أردف بيجاد عبارته و هو يتحسس باطنها  بسعادة غامرة  رنت ضحكاتها المكان،  ربتت على كتفه بحنانٍ ثم قالت 

- اهدأ يا روحي  أنا الحمد لله مافيش اي حاجة تمنعني من إني امارس يومي بشكل طبيعي،  و بعدين لما نروح بكرا عند الدكتورة  هتأكد لك كلامي .


حملها بين ذراعيه عائدًا للجهة اليمنى من الفراش، وضعها براحة ثم قال 

- يبقى من هنا لحد ما نروح للدكتورة نرتاح خااالص  و متعمليش أي حاجة متعبة 


ردت رقية و قالت بسعادة 

- نرتاح  ما نرتاحش ليه هو حد يلاقي الدلع و يقول لأ 


تابعت بجدية مصطنعة قائلة 

- بيجاد روح المطبخ و حضر العشا 


مال بجسده قليلًا  ثم قال 

- أمرك  مطاع سلطانة رقية 

                     

❈-❈-❈


بعد مرور يومين  


انتشر خبر حمل رقية في منزل العائلة،  لم يتأثر مالك أو سيلا بهذا الخبر الجميل،  بينما سعدت الجدة لهما و دعت من نابع قلبها أن يتمم لها على خير، و لكن كما يقولون دائما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن،  عاد بيجاد و كأن الطير فوق رأسه،  ولج شقة جدته ما أن  علم أن زوجته تجلس معها،  جلس جوار رقية 

صامتًا مداعبًا خاتم زواجه المثبت في بنصره 

سألته زوجته عن سبب حزنه  فقال بهدوء 

- اترقيت 


ردت رقية بسعادة قائلة 

- اخس عليك  يابيجو  بقى دا خبر تزعل منه بردو ؟! 


نظر لوالده ثم عاد ببصره لزوجته وقال 

- أنا مش هاخدم هنا في القاهرة 


سألته جدته بتوجس قائلة

- اومال ها تخدم فين يا حبيبي ؟ 


أجابها بنبرة تلمؤها الحزن 

- سينا يا تيتا 


تابع موضحًا و هو ينظر لأبيه

- بمعنى أصح اتنقلت يا تيتا 


ردت رقية متسائلا بهدوء 

- ليه بتسميها نقل مشـ ...


قاطعها بيجاد بعصبية قائلا 

- الشهر اللي فات يتخصم مرتبي و الشهر دا يقولوا تم ترقيتك بدل ما يقولوا نقلك اشمعنى كل دا حصل لي مرة واحدة  وخصوصا لما اتجوزت لا و إمتى و أنا جاية لي عيل في السكة !! 


شدد نوح على كتف اخيه و قال بحنو و حب .

- سافر يا بيجاد واطمن على  مراتك و ابنك  في عيننا  هي هنا وسط اخواتها و عيلتها


وقف بيجاد عن الاريكة متجهًا نحو باب الشقة و قبل أن يطأ قدمه عاد و قال بصوتٍ مختنق و نبرة تملؤها العتاب 

- متشكر يا بابا قدرت تنجح في اللي عاوز توصل له .


رفع مالك بصره متعجبًا من عتاب ابنه، العجيب أنها لم يتتدخل في نقله بالفعل و لا يعرف من صاحب قرار نقله،  رد مدافعًا عن حاله قائلا 

- مش مضطر ابرر لك على فكرة !  بس انا فعلا معملتش كدا 


تابع بحدة قائلا 

- و تقدر تتأكد من دا من رئيسك،  و بعدين مالك عامل كدا ليه ؟ ما تنشف و تخليك راجل  و بعدين الظابط الشاطر بيثبت نفسه في أي مكان و لا أنت تخصصك القاهرة و بس !!


رد بيجاد و قال بمرارة في حلقه 

- ايوة بس انا لسه متجوز و مراتي حامل و محتاجاني جنبها و محتاجة الراحة مش القلق بين اللحظة و التانية 


وقف والده مقابلته و قال 

- و أنا اتنقلت  وأنا سنك كدا لأ أنا اللي طلبت نقلي من قبل ما اتجوز و اتجوزت و خلفت و الدنيا تمام و مافيش حاجة حصلت لي اهو ! 


ختم مالك حديثه دون قصد 

- انشف   و خليك راجل  و متعملهاش موضوع،  ما في كتير بيخدموا هناك و حياتهم زي الفل و سايبين ستاتهم و عيالهم و لا أنت مش قادر على بُعاد الست هانم بتاعتك .


رمقه بيجاد بنظرة خذلان لاول مرة يرأها مالك في عين ابنه، تمزق بداخله و اشفق عليه لكنه يكابر و يرفض الإنصياع لقلبه،  تفرقوا من جديد كسابق عهدهم في الفترة الأخيرة، خلال يومين على الأكثر يجب عليه السفر،  بدأت رقية تحضر له حقيبته بهدوء حتى لا تنسَ  شئ بينما هو كان شارد الذهن يحسب حساباته 

النقود المتبقية معه لن تكفي للقسمة على اثنان زوجته تريد دواء هام و موعدها عند الطبيبة غدًا و تريد عمل تحاليل طبية قبل الذهاب  لو الأمر بيده لـ بكى من ضيق صدره 

غادر المكان لُيدبر المال و لكن كيف لا يعرف حقا لا يعرف  ! 


داخل شقة الجدة كان نوح جالسًا يشاكس جدته كعادته لكنها لم تحدثه فهي الآن على وضع لا تقترب حتى لا تسقط قتيلًا،  هكذا سمها نوح،  تردد بيجاد بداخله و لا يعرف كيف و من أين يبدأ، انتشله أخيه متسائلا 

- واد يا بيجاد مش عندك علاج عاوز تجيبه و لا تحاليل تعملها ؟ 


رد بيجاد متسائلا بحزنٍ دفين 

- بتسأل ليه ؟ 


أجابه نوح بكذب 

- اصل واحد صاحبي جت له كروت خصومات خمسين في المية على التخاليل و العلاج و بوزعها قلت اسألك يمكن مختاج،  حتى ستك خدت كارت و استخدمته و بتتخانق معايا و عاوز تاخد للجيران قلت لها أما اسأل بيجاد عشان مش معايا غير آخر كارت 


رد بيجاد بلهفة كمن وقع على كنز عمره و قال 

- هو فين دا ؟ 

- معايا  هقوم اجيبه لك اهو 

- ماشي بس  خلص بسرعة عشان عاوز الحق الناس قبل ما تقفل

- متقلقش هما 24 ساعة فاتحين 


وقف نوح عن مقعده  متجهًا نحو غرفته،  جذب هاتفه و بدأ يهاتف المعمل ليخبرهم بأنه يريد أحد الاطباء لأخذ عينة،  خرج من الغرفة و قال بأسف 

- الكارت شكله ضاع يا بيجاد معلش 


رد بيجاد بضيق و قال 

- معلش خيرها في غيرها ها نزل أنا بقى اخلص كام حاجة كدا قبل السفر 

- مسافر إمتى ؟ 

- بعد بكرا الفجر بأمر الله 


غادر بيجاد و جلس نوح مكانه، ضربته جدته في كتفه و قالت 

- لازمتها إيه الكدب و أنت معملتش له حاجة ؟ عجبك يعني كسفته دي ؟!!

- يا ستي افهميني 

- قول يا اخويا 

- أنا لا معايا كارت و لا غيره و سمعت مراته و هي بتكلمه من شوية على معاد الدكتورة و التحاليل و العلاج فقلت اعمل كدا و بعدها اطلب أنا المعمل يجي هنا و أنا احاسبه بحجة إن دا صاحبي عشان مكسفوش قدام مراته 

- طب طمنت قلبي الله يطمن قلبك 


بعد مرور ساعتين 


عاد بيجاد حاملًا بين يده أكياس بلاستيكية بها العديد من الأطعمة و الفاكهة، ولج شقته و هو يعقد ما بين حاجبيه بدهشة،  اتجه نحو المطبخ ثم نادها،  أتت إليه و على ثغرها إبتسامة واسعة، مال قليلا لتطبع قبلتها على خده حرك رأسه تجاه الدواء و قال 

- مين اللي جاب الدوا دا ؟ 


ردت بهدوء و هي ترتب الأشياء حسب حاجتها 

-  نوح كلم صاحبه و صاحبه بعت له دكتور مخصوص لحد هنا،  و قالي ابعت له الروشتة عشان يلحق يستفيد بالخصم 


نظرت له و قالت بفضول 

- جبت فلوس الحاجات دي كلها منين ؟ 


خرج من المطبخ متجهًا للغرفة ليبدل ثيابه وهو يرد على سؤالها و قال 

- بعت الزارير الدهب بتاعت بدلة الفرح  بتاعتي 


ردت رقية بعتابٍ و لوم 

- ليه كدا يا بيجاد ؟ دي هدية حلوة من اخوك 

كدا هايزعل منك لو عرف 

- هايعرف منين و بعدين أنا مبعتهاش عشان العب بيهم أنا محتاج الفلوس و أنتِ أهم عندي و ختى لو نوح عرف مش هايزعل بالعكس هيبقى مبسوط إني ممدتش ايدي لحد 


ختم حديثه قائلا بهدوء و هو يجبرها على الجلوس 

- اقعدي بقى و اسمعيني كويس،  الفلوس دي أنا مش مختاجها كلها أنا هاخد جزء و أنتِ خدي الباقي البيت الحمد لله مش ناقصه حاجة كُلي و اهتمي بصحتك و علاجك و أولا بأمر الله هاقبض  وابعت لك القبض كله 

- تبعت لي !!  ليه هو أنت مش ها تيجي ولا إيه ؟ 

- أول شهر على الأقل هايبقى صعب لازم اثبت لهم إن كفؤ و إني قد المسؤولية،  و طبعًا أولهم بابا .


احتوى خدها بكفه و قال بحنو و حب 

- صحيح مش هكون معاكِ بس هابقى معاكِ طول الوقت على التليفون و لو عاوزة تروحي تقعدي عند أهلك روحي هناك هاطمن عليكِ أكتر 


ختم حديثه بمرارة 

- على الأقل هتلاقي حد يسأل عليكِ و يهتم بيكِ في غيابي 

- مش هاقفل بيتك و هايفضل مفتوح اللي عاوز يسأل يا مرحب و اللي مش عاوز بالسلامة والقلب داعي له.                


❈-❈-❈


قلتِ اللي عندك يا رُبى ؟ 


سألها عابد بنظراتٍ متفحصة حاولت هي الفرار منها بعد أن طلبت منه تفسير واحد لكل ما حدث لكنها فشلت، تنهدت بعمق بينما رد والدها قائلًا 

- طب يا رُبى عشان نقصر على بعض المسافات جواز من نوح مافيش  و لو الدنيا كلها قالت لي اوفق أنا بردو مش هاوفق و مش معنى إنه راح لجدك  ريان يبقى نال شرف موافقتي، عارف إنك بتحبي و هو بيحبك بس فرق بين نحب  و بين نرمي نفسنا في التهلُكة، مراية الحب عامية زي ما بيقولوا  و جايز ماتشوفيش الحقيقة دلوقت بس يكفي إن امنعك من الجوازة دي و اقول إني مش راضي عنها 

- وليه حضرتك وقفت ضهر ابن اخوك  ومشيت في جوازته رغم إن عمو مالك مش موافق لا هو ولا طنط سيلا 

- عشان عمك بيتكلم من منظور تاني وطنطتك سيلا بتتكلم من منظور تالت خالص منظور الاجتماعبة والطبقات والكلام دا و كان نوح مستواه الاجتماعي اقل مننا مكنتش رفضت ابدًا عارفة ليه عشان انازومامتك كان الفرق بينا كان فرق السما والارض هي بتصرف ال2000 جنيه في خروجة مع صحابها  وانا بيطلع عيني وعين اللي جابني عشان ال2000 جنيه دول اقبضهم آخر الشهر فضلت كاتم حبي في قلبي عشان عارف إن م هقدر اعيشها في نفس المستوى ولا ختى  حاجة قريبة من متسواها لحد ما سفرت عشان اقدر اجهز عمتك مليكة وقتها بدأت اشم نفسي و اعمل قرشين على جنب عشان اقدر اوفر لي شقة  جميلة تليق ببنت الأنصاري  و بعد ما بقيت خلاص تكة واحدة و اطلبها للجواز  اتنازلت عن كل دا و قلت لاخويا خد شقتي واتجوز تقريبا نفس اللي حصل مع نوح وبيجاد هو اللي حصل مع اخويا زمان ورحت اتجوزت امك في شقة إيجار وهي عمرها ما اشتكت وفضلت معايا على الحلوة والمُرة لحد ما عملنا الشقة اللي احنا قعدين فيها دي،  مكنش حد مصدق إن علاقتنا دي هتكمل أكتر من سنة  صحابها كانوا بيراهنوا على فشلها و يضحكوا عليها عشان يعني اتجوزتني و أنا اقل منها في كل حاجة بس هي كانت شايفة إن أنا مش هاخذلها و الحمد لله إن ربنا قدرني ووفيت بوعدي ليها 


فرغ فاها لتتحدث لكنه قاطعها قائلا 

- خلاصة القول يا ربى أنتِ مش لـ نوح و نوح ليكِ  إنتوا مع بعض مش هتكملوا  و نوح هايدور على أأقصر طريق للهروب و يهرب و بعد ما يهدأ يرجع و يقل لك سامحيني أنا كنت مش في وعيي ولا عارف كنت بعمل إيه ولا بقول إيه الشخصية دي ماينفعش نرتبط بيها الشخصية دي مذبذبة مترددة وهوائية في مشاعرها، خلينا إنه عمل كدا وأنتِ حامل هيرميكِ باللي في بطنك ؟!  طب لو أنتِ حصل لك موقف زي اللي حصل من فترة هايتصرف نفس التصرف المتهور اللي عمله ،ولا هايقف جنبك و يحتوي تعبك وحزنك، مين اللي المفروض يقوي التاني الست ولا الراجل ؟! طب لما أنتِ بتسعي دلوقتي عشان علاقتكم تكمل هاتعملي إيه مع مشاكل الجواز اوعي تكوني فاهمة. إن الجواز حياة وردية و هتنامي على حب وتصحي على حب اوعي تفتكري لما تتجوزي هايقولك معلش ياحبيبتي اصل أنتِ مضغوطة ولازم اشيل عنك !!  نوح مش النوعية دي يا ربى نوح تركيبة صعبة طيب وعصبي بيطبطب و بيضرب بس ضربته بتكون في مقـ تل،  عارف إنك هاتتوجعي لما تبعدي عنه بس وجعك يبقى مضاعف لما تقربي منه  وتبقي مراته يابنتي، نوح ابن اخويا وابني اللي مخلفتوش بس لو أنتِ مش بنتي هانصحك لوجه الله ماتاخديش الشخص دا،  وأنا نصحتك لوجه الله ابعدي عن نوح و اختاري تحبي بعقلك واوعي قلبك ينتصر عليكِ نوح مش الشخص المناسب ليكِ يا ربى ويارب تكوني فهمتي قصدي 


هي فهمت قصدك وأنا كمان فهمت قصدك يا عمي ، عارف إن مصلحة بنتك تهمك بس ليه القسوة دي علي واحد معملش في حياتهرحاجة ولا شاف نفسه قد ما شافك وشاف ولادك،  دوست على نفسي ورجولتي عشانك عمري ما جيت عليك ولا قلت لك ياعمي اللي بتطلبه دا فوق طاقتي بالعكس كنت ببين لك قد أنا مبسوط وسعيد، دلوقت بقى وحش وماينفعش ينول شرف نسبك ! 


أردف نوح عبارته وهو يلج غرفة الضيوف الخاصة بشقة عابد بعد أن فتحت له زوجة عمه و يلتها لم تفتح له كي لا يسمع لحديثه المؤلم، تابعت ربى بأعين مليئة بالدموع نظرات الخذلان  المتبادلة بين الطرفين  ابتلعت لعابها بمرارة، انتشلها صوت والدها بسؤاله غير المتوقع 

- رُبى قدامك اهي لو هي عاوزة توافق عليك هي حرة بس أنا مش راضي 


تابع عابد متسائلا 

- ها يا روبي عاوزة تكملي مع نوح ولا مش عاوزة 


نظر نوح لها ثم عاد ببصره لعمه الذي لم يبرح نظراته عن ابنته المغلوب على امرها في اختيار قرارٍ كهذا،  هز نوح رأسه و قال بإبتسامة حزينة 

- أنا هاوفر عليكِ الإجابة يا ربى،  هاوفر عليكِ حيرتك في إن تختار بيني و بين أبوكِ اللي عمي  اعتبر اللي حصل كأنه محصلش و دا مش ضعف مني و لا هروب لا اختصار لوجع بنتك و إنها تخسرك. لأني واثق إني لو اتحطيت في أي اختيار تاني كنت أنا بلا منازع اختيارها  


لاحت إبتسامة واسعة على ثغر عابد و قال 

- غروك بنفسك دا يأكد لي إن عندي حق في كل كلمة قلتها عليك يا نوح، بس ياترى المرة دي ها تخطب و لا هتسافر و لا يمكن تنتـ حر ؟! 

- لأ يا عمي ولا حاجة من دول عارف ليه عشان اتعلمت من درسي و اكبر درس اتعلمته من الدنيا دي هي إن مش لازم تتعامل مع الكل بنفس درجة الحب أو تنسى نفسك عشان اللي بتحبه انا قدمت لك كتير و أنت في المقابل عاملتني بأقل من اللي استحقه، لو كنت ابنك زي ما دايما بتقول كنت خدت بإيدي وحذرتني ولا حتى دعمتني، كنا سبت لي فرصة تانية ارجع اللي بيني وبين بنتك أنا مكنش في نيتي الحب و لا فكرت فيه أنت اللي لفت نظري لبنتك زمان علقتني بيها من غير ما احس خلتني اعيش و احلم بيها ولما خلاص نويت احقق الحلم قلت لي قوم أنت مين عشان تحلم بحاجة اكبر منك 


ختم نوح حديثه موجهًا بصره لربى و قال بنبرة صادقة 

- يعلم ربي حبي ليكِ في قلبي ازاي و مش هاتكسف من عمي و أنا بقول الكلام دا،  ماعنديش حاجة اقدر اوعدك بيها غير إن هفضل مستنيكِ لحد العمر ما يخلص  يمكن مانتجوزش ويمكن نتجوز بس الاكيد برضاك يا عمي بس لو عدا العمر ومحصلش نصيب بنا وكل واحد شاف نصيبه مع حد تاني عمري ما هسامحك وهايقضل ذنبنا في رقبتك ليوم الدين و يوم القيام ويجبنا ويسألنا ربنامسامح في حقك هاقل له مش مسامح يارب وخد لي حقي  علي كل حاجة حلوة عملتها له و هو ردها بالوحشة 


غادر نوح بعد أن القى ما جعبته دفعةً واحدة 

لم ترد أيضًا رُبى على حديثه أبيها، قررت أن تغلق الحديث في هذا الأمر حتى إشعار آخر .


في الشقة المقابل 


كانت الجدة تستمع لحديث حفيدها و ما صدر من ابنها تملكها الغيظ و الغضب لكنها رفضت أن تعكس هذا على وجها ردت بهدوء 

- أنا مش عارفة مالك متشعلق بيها ليه و لا أبوها بيتشرط ليه ؟ مش عاوزك ما يلا بالسلامة  أنت الف واحدة تتمناك 


ردت مليكة قائلة بعقلانية 

- يا ماما خليكِ محضر خير البنت عاوزه الواد 


استدارت الجدة نصف استدارة و قالت بغضبٍ

- وابوها مش عاوزه إيه نميل على ايده عشان يرضى و لا يمكن مش قد المقام !! 

- يا ماما يا حبيبتي عابد من حقه يخاف على بنته و نوح بردو دايما قرارته متسرعة متنكريش دا 

- أنا متسرعة يا عمتي !! يعني كنتِ عاوزاني اعمل إيه و أنا شايف بنته متبهدلة قصادي وبدل ما يحبس اللي عمل فيها كدا حبسني أنا وعقابني أنا 

- لأ يا نوح خليك حقاني عابد حبسك عشان أنت ناوي على الشر و الموضوع هو لمه

- لمه !!  لما واحد لي خلافات مع طليقته و يبعت يخطف ابنه من الحضانة و هي متوافقش وتبلغ عنه يقوم يبعت لها بلطجية قال إيه يقرصوا ودنها ويكسـ روا الحضانة فالموضوع يتحول معاهم وتعجبهم بنته وعاوزينها ولولا ستر ربنا كانت راحت فيها كل دا وتقولي لمه !! لمه بإيه بالسـ جن ؟!!

- اومال عاوزه يلموا ازاي يعني يا نوح احنا ياحبيبي مش في غابة و الدنيا دي ليها قانون 


لم يروق له حديثها قاطعها و قال 

- خلاص يا عمتي قفلي على الموضوع اللي بيني وبين ربى خلاص خلص كانت حكاية و خلاص خلصت على كدا.


يتبع....