رواية عقوق العشاق - بقلم الكاتبة هدى زايد - الفصل الرابع والثلاثون
رواية عقوق العشاق
بقلم الكاتبة هدى زايد
اقتباس
الفصل الرابع والثلاثون
رواية
عقوق العشاق
تفاجأ بـ وحيد يقترب منه حد الالتصاق، بدأ يتحسس جـ سـده و هو يتسأله ثم يملس يده على خصلات شعره الطويلة، كان زكريا يحاول التملص منه و هو يتقزز تلك اللمسات، يرفع كتفه ليُبعد يـ ـد ه عن جـ سـده، دس يده وحيد في جيب سرواله ليخرج قطعة من الشوكولاتة محاولًا إغرائه باعد زكريا الشوكولاتة لتسقط أرضًا، كاد أن يقف الصغير
لكن ماذا يفعل جـ سـده و قوته أمام قوة رجل أريعيني من قوم لوط يحاول بشتى الطرق جذب زكريا لذات الطريق .
حاول زكريا أن يقف لكن منعه وحيد و هو يغمره بالحلوى و النقود إغراء من حدبٍ و صوب لكن الصغير يرفض جميعهم، فر هاربًا من ذاك البغيض تجاه الغرفة هرع نحوه و حاول معه من جديد، لماذا لا تأتي خالته و تنقذه كما فعلت من قبل
حاول أن يصرخ لكن يد وحيد منعته، كمم فمه و حذره من أي حركة مباغتة يفعلها، نزع عنه
بنـ طـاله جرده من ملا بـــ سه ثم فعل معه ما يفعله قوم لوط، لم ينجده الصراخ الذي لم يخرج بسبب تكميم فاه انسابت دموعه و هو يحاول التملص من قبضتاه، جذب وحيد خصلات شعره بقوةً كاد أن يجزم أنها ستقتلع في يـ ـده، ولجت خالته دالال حاملة بين يــ ـد ها أشياء كثيرة تكفي المنزل لمدة أسبوع كاملًا، شعرت بحركة غريبة داخل الغرفة، صرخات مكتومة قدم تركل و تعافر
سقطت الحقائب البلاستيكية من يـ ـدها و هي ترَ بأم عيناها بن اختها يُنـ هـك عرضه، تعرض
للتحر ش و الآن تم الإعتداء الجـ نسـي عليه لطمت بيـ ـدها على صدرها ثم خديها، صرخت و دوت صرخاتها المكان، فر هاربًا قبل أن يراه أحدهم كانت شقيقتها تقفز بين سلالم الدرج وصلت أخيرًا سألتها بلهاثٍ قائلة:
- في إيه ؟! إيه اللي حصل
لم تستطع دلاال تحمل تساؤلات أختها أكثر، وضعت غضبها الشديد منها في ضر بها، لقد طفح بها الكيل من تلك الحمقاء التي لا فائدة منها، تملصت نجاة بأعجوبة من بين براثن أختها ثم هرعت نحو باب الشقة اغلقت الباب خوفًا من تتدخل أحدهم بينهما و يعرف ما حدث.
بعد مرور ساعة
كانت نجاة مع شقيقتها عند الطبيب تُعالج ما فعله وحيد بابنها، كان يتألم من الكشف الطبي يصرخ حتى تهدجت أحباله الصوتية، اقشعر قسمات وجه نجاة على ابنها، انتهى الطبيب من الكشف و عاد يجلس خلفه مكتبه، نظر لهنما و قال
- مين فيكم أمه ؟
ردت نجاة و قالت
- أنا يا دكتور خير ؟
رد الطبيب و قال
- الولد اتعرض للاغتـ صـاب و لازم يتعمل له محضر والنيابة ها تحوله للطب الشرعـ .....
اقتربت نجاة من الطبيب و قالت برجاء
- لا نيابة إيه يا دكتور الواد لسه صغير و ممكن يتفـ ضح بين صحابه و كمان أنا ها يتعمل لي محضر اهمال
ردت دالال بنبرة ذاهلة
- أنتِ إيه جـ نس ملتك إيه !! ابنك بيـ مـوت قصادك و أنتِ ما عندكيش د م !!
- اخرسي خالص كله من تحت راس جوزك أنا الغلطانة اللي سبت ابني معاكِ
وضعت نجاة أمام الطبيب مبلغ مادي و قالت بكذب
- معلش يا دكتور اكتب له على علاج دا أنا بجري على يتامى و مش حِمل مرمطة البو ليس و النيابة دا غير الفضـ يحة
و بين شد و جذب بينها و بين شقيقتها، نجحت في أن تأخذ ابنها من عيادة الطبيب دون بلاغات أو الذهاب للطبيب الشرعي، عادت بهِ لبيتها و رفضت أن يبقى مع خالته رغم بُكائه و توسله لها
قررت أن يبقى معها و لن تتركه حتى لا يتكرر ذات الفعل مرةً أخرى، هي حتى لا تعرف كم الخسائر الوخيمة التي ستلحق بها في المستقبل .
❈-❈-❈
بعد مرور عدة أشهر
في أحد الجلسات العائلية السعيدة في منزل الجدة ولاء، كان مالك يشعر بتعبٍ و إجهاد لا يعرف سببه لكن على ما يبدو أن هذا طبيعي لأنه سوف يخضع لـ عملية إزالة المرارة وضعه الصحي تحسن قليلًا ثم عاد للتدهور من جديد
الجميع يعلم أنه خلال أيام سوف يخضع لهذه العملية و بدأ القلق ينتاب أصحاب القلوب الضعيفة.
كان هذه الأيام مالك يمكوث داخل شقته بمنزل العائلة يقرأ الجريدة المسائية لا جديد ما يقرأه اليوم هو ما قرأهُ أمس و ما سيقرأهُ في الغد لكن الأمر بالنسبة له أصبح أكثر روتينًا، كانت سيلا جالسة جواره تشاهد التلفاز
تقضي أكثر الوقت معه و لخدمته، لم تعد تنتظر أحد من لديه متسع من الرقت يأتي و من ليس لا ضرر في ذلك لم يقصر أبناىها في زيارتهم اليومية أو الأسبوعية، تأقلمت على عدم وجودهم كما كان يحدث في السابق رُبما لأنها تُعاني من الوسواس القهري الذي لم تُشفى منه حتى الآن يبتعد عنها ابنائها منعًا لزيادة الضغط العصبي و النفسي لديها، كما أن الحياة لاهية بكل ما تحمله الكلمة من معنى .
قرع ناقوس الباب وقفت عن الأريكة متجهة نحوه فتحت لتجد عابد ماثلًا أمامها و على ثغره إبتسامة خفيفة بادلته ذات الإبتسامة و هو يقول بهدوئه المعتاد.
- صباح الخير بليل مالكم بقيتوا بتناموا كتير ليه ؟ كل ما اسأل عنكم يقولوا نايمين
أشارت سيلا بيدها قائلة بترحاب
- اتفضل يا عابد
تابعت بهدوء
- مالك الفترة العلاج بيناموه كتير
جلس على المقعد و قال بهدوء
- فنجان قهوة بقى مظبوط عشان عندي موضوع مهم مع مالك و القعدة مطولة شوية معلش
ردت بإبتسامة
- حاضر و ياريت تقنعه يأكل أي حاجة من الصباح على لقمة بسيطة من الفطار و قاطع الأكل نهائي .
- روحي أنتِ بس اعملي القهوة و بعدها حضري العشا.
غادرت سيلا تاركة عابد يتحدث مع زوجها الذي نفر من كل شئ حتى تجمع العائلة، كل شئ اصبح ييق صدره منه، نظر عابد له و قال بتساؤل
- أنا عرفت إنك ها تعمل عملية سلامتك
رد مالك بنبرة مقتبضة
- الله يسلمك
دام الصمت لثوانٍ معدودة ثم بترهُ عابد بجديته المصطنعة قائلا:
- يعني بعد كل اللي عملته دا و كمان أنت اللي زعلان مش أنا ؟!
رد مالك بإبتسامة ساخرة و هو ينظر لأخيه
- أنا زعلان ؟! ليه أنا مين عشان ازعل، أنا اقدر ازعل من سيدي و ولي نعمتي !! دا حتى كان ابنه مسح بكرامتي البلاط زي ما عمل قبل كدا
رد عابد بهدوء قائلا:
- ابني هو ابنك يا مالك و أنت عارف كويس إن اللي حصل دا كله سببه مين و..
رد مالك مقاطعًا بهدوئه التام
- لا تعرفني و لا أعرفك يا عابد يا اخويا يا ابن أمي و أبويا دا أنت لو نزلت تحت سألت ام محمد البقالة ها تقل لك ابنك عمل إيه و الحكاية من اولها لآخرها سيبك بقى من شغل أصل كنت متعصب و أنا بدافع عن بنتي و الجو دا عشان مش هيودي و لا ها يجيب
سأله عابد بهدوء
- أنت لسه زعلان ؟!
أجابه مالك قائلًا:
- ايوة لسه زعلان ايوة مش عارف اصفى من اللي حصل أنا اتكسرت قدام ولادي و مراتي، احنا طول عمرنا بنتخانق و صوتنا بيجيب آخر الدنيا بس عمر ما عيل من عيالي رفع صوته عليك، عمر ما قدر واحد من عيالي يهينك و يقلل منك أنا نفسي لسه لحد اللحظة بتكلمي فيها دي بحترمك مش خوف منك لأ عشان أنت اخويا الكبير، بتيجي عليا و على عيالي و بقول عدي و ماله دوست عليا و على ابني عشان خاطر بنتك و قلبت الدنيا بس أنا كمان ممكن اقلب الدنيا عشان ابني و ابن ابني بس قلت لأ طالما الواد عاوز البت هلاص عدي أنت و اخوك هيسكت دلوقت لا أنت سكت و لا ابنك اخترم نفسه أنا اتهرأت قدام حماك و أنت كنت ساكت حماك نفسه بص لي بصة اللي هو معلش امسحها فيا ليه كل دا عشان إيه ؟ أنا اللي هعرفك مراتي بتعاني من إيه مش دي مراتي اللي ياما قلت عليها اختك و زيها زي ميمي و فيروز الاقيك بتكسر عليها باب الشقة و بترفع صوتك و لا غيني طب ليه ؟ عشان إيه ؟ هو لو حماتك و لا مراتك اللي نفس الكلمة مش كنت بلعتها و سكت !! عارف ليه يا عابد أنت بتتمادى في جبروتك عشان ملقتش اللي ياخد منك موقف من الاول لو كنت جت لي بالهدوء وقفلنا علينا بابنا زي ما كنا بنعمل كدا و قلت لي مراتك عملت وعملت و مسكت جزمتك و ضربتني بيها مكنتش هرفع عيني في عينك عارف ليه عشان احنا طول عمرنا بنعمل كدا لكن أنا دلوقتي مش قادر ارفع عيني في عين ابنك ابنك كسـر ني ولادي بقوا بيجيوا زي الضيوف أنا مبقتش متحمل حاجة و لا محتمل حد، أنا سبتك لك البيت و الدنيا كلها و مشيت و برجع بمزاجي لكن متجبرنيش ارجع زي الأول عشان مبقاش ينفع
ارجع أصلًا .
سأله عابد بإبتسامة ساخرة
- كل دا في قلبك من ناحيتي ؟!!
رد مالك بسؤالا آخر على سؤاله
- أنت بقى إيه في اللي في قلبك من ناحيتي على الأقل أنا عمري ماخيبت عنك حاجة بعرفك حياتي ماشية ازاي لكن أنت فين بتعمل إيه و عايز إيه معرفش و مش عايز أعرف أنا اللي كنت أهبل و عبيط بس معلش محدش بيتعلم ببلاش
وقف عابد مقعده و قال بهدوء
- ماشي يا مالك عمومًا أنا جيت لك لحد عندك و قلت أنك هتنسى اللي حصـ...
رد مالك بنبرة غاضبة قائلًا
- ما أنا ياما جيت لك و بوست ع راسك كمان ياما طبطبت و حننت عليك و على عيالك اللي هما عيالي، يا راجل دا أنت مستكبر تقول حقك عليا متزعلش !! دا أنت فاهم إن طلعوك لخد عندي دا تفضل منك مع إنه واجب عليك أصلًا !!
ولج نوح و هو يرَ إنهيار أبيه داخليًا لكن ظاهريًا يرَ جبلًا لا يهتز أبدًا، صافح عمه ثم طلب منه الجلوس مرةً أخرى، تنحنح نوح و قال بهدوء
- بابا كفاية زعل لحد كدا عشان خاطري بلاش عشان خاطري عشان خاطر تيتا اللي بتتعب كل ما بتشوفوكم بُعاد عن بعض كدا عاوزين نتلم تاني و بعدين اللي اتكـ سـر يتصلح
قبض مالك على كأس الماء ليتهشم في باطن يده من فرط غيظه الشديد، نظر لابنه و قال
- رجع لي الكاس دا سليم زي ما كان و أنا ارجع تاني اعرف ارفع راسي وسطكم بعد ما ابن عمك داس عليا و على كرامة مراتي اللي هي كرامتها من كرامتي
وجه ما لك سبابته نصب أعين نوح و قال بغيظٍ مكتوم من ابنه الذي يشوبه في الشباب على ما يبدو أن ابنائه ورثوا طيبة قلبه و هذا سيكون سببًا كافيًا في تد ميرهم في المستقبل كما حدث معه الآن تابع بغيظٍ قائلا:
- و اللي هي أمكــ و عمك صقف له و قال برافو أنا عارف إنك بتحب مراتك يا نوح و دا شئ يسعدني بس اللي يحزني إنك تاخد الجزء اللي في مصلحتك و بس طلعوني برا دايرتكم عشان خلاص مبقاش ليا مكان فيها أنا هنا مجرد ضيف يومين تلاتة و برجع بيتي تاني
و متقلقوش أنا ماشي كمان ساعة ياريت محدش يتعب نفسه و يجي المستشفى عشان مش عاوز حد معايا
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوع كامل
خضع مالك لـ عملية إستئصال المرارة، مكث في المشفى ما يقارب الثلاثة أيام بعد العملية و يومان قبلها، تردد خلالهما أفراد العائلة و على رأسهم الجدة التي كانت تريد أن تبقى مع ولدها لكنه رفض نظرًا لصحتها رغم اعتراضه على مجيئ الجميع إلا أنهم كـ سـروا تعليماته و ذهبوا بشكلٍ يومي، حاول عابد مصالحة أخيه اكثر من مرة و تيم أتى و قبل رأس عمه أمام العائلة باكملها، تناول يده و قال بنبرة حانية
- حقك عليا و أنا آسف و الله ما كان قصدي شوف يرضيك إيه و أنا هاعمله لك و لو عاوز تتديني بالجز مة مش هاقل لك أنت بتعمل إيه
نظر له مالك نظرة مطولة لا يعرف ماذا يفعل يمرر الأمر بعد إعتذار أخيه و ابنه أم يعتاب و يغضب و يثور لكرامته كما فعل من قبل ؟!
كانت الجدة تختم كلمات الإستغفار، نظرت لابنها و قال بنبرة تغلفها الرجاء قائلة:
- خلاص بقى يا ابو نوح عيل و غلط و عرف غلطه و جه و اعتذر عشان امك بقى ما تحطش في نفسك جرحك يا واد
رد مالك بصوته الضعيف و قال:
- ستك نجدتك مني كنت ناوي اقتـ لك .
عاد تيم يطبع قبلته الحانية على رأس عمه الذي ارخي جفنيه حتى لا تنساب دموعه سرعان ما فتحهما عن آخرهم حين ولج سليم و شاهيناز كانت تحمل باقة من الزهور، و علي ثغرها إبتسامة واسعة، صافحت الجميع و حدثتهما عن حالها قليلًا، نظرت لـ مالك و قالت:
- عامل إيه يا اونكل ؟
رد مالك و قال بإبتسامة واسعة
- الحمد لله يا شاهي أنتِ إيه اخبارك و إيه أخبارك مذاكرتك ؟
ردت مقاطعة بتوسل
- متفكرنيش ارجوك انا ما صدقت هربت من المعسكر اللي ناناه جميلة عملاه هناك
ردت وتين و قالت بجدية مصطنعة
- كدا ماشي اعملي حسابك تنامي في حتة تانية أنا هاقولها
ردت شاهي بخوف مصطنع
- لا لالا بلاش ارجوكِ دا المذاكرة لذيذ جدًا
تابعت بإبتسامة واسعة
- و طبعا معايا مُدرس عبقري بجد مسهل عليا كل حاجة
لكز عابد وتين في مرفقها ما إن رَ تلك النظرات المتبادلة بين شاهي و سليم، تنحنح ذاك الأخير و قال بعتذار
- معلش يا جماعة مضطر ين نمشي شاهي امتحاناتها قربت و محتاجة تراجع كويس
ردت شاهي ببكاء مصطنع
- عجبكم كدا اهو افتكر إني عندي امتحانات
بعد خمسة عشر دقيقة تقريبا غادر كلاهما المشفى أسفل انظار عابد و وتين، التي نظرت لزوجها و قالت:
- تفتكر في حاجة بينهم ؟
نظر عابد لزوجته و قال بإبتسامة واسعة يخبرة رجل يعلم ببواطن الأمور
- أنا هعمل نفسي مش عارف إنك بير أسرار للطرفين و هحلل الموضوع معاكِ من وجهة نظري المتواضع، سليم حاسس بحاجة بس عامل حساب لفرق السن هو صحيح 8 سنين مش كبير اوي بس هو شايف إنها صغيرة لسه و خايفة يشغلها عن مستقبلها و دراستها فـ فضل يحب في صمت زي حالاتي زمان كدا أما شاهي في دي واقعة في عشقه و عايش في عالم تاني و بما إن عاشت عمرها كله برا عارفة إن مافيش حاجة تمنعها عن حب حياتها طالما الطرف التاني بييادل نفس المشاعر و الأحاسيس بس لأنها لسه مش متأكدة. و الموضوع كله مجرد نظرات فـ فضلت هي كمان الصمت لحين إشعار آخر .
ردت وتين بدهشة و ذهول شديدان، لقد فسر ما حدث بالفعل، دفعته في كتفه بخفة و قالت:
- و تقل لي وجهة نظرك متواضعة دا أنت ليئم دا أنا اخاف منك بعد كدا !!
رد باسمًا
- جوزك مش أي حد بردو كان عاشق صامت قديم له خبرة لا بأس بها
سألته بفضول و قالت :
- طب قل لي يا سي عاشق صامت قديم تفتكر النهاية هتكون إيه ؟
أجابها ببساطة شديدة
- نفس نهايتنا يا روحي أكيد مع اختلاف درجة التمسك كل طرف بالتاني
❈-❈-❈
بعد مرور عدة سنوات
تغير فيها الكثير و الكثير و لم يتغير مشاعر شاهيناز تجاه سليم بل يتأكد بشكلٍ يومي حدث ما توقعه عابد بالفعل سليم يحاول التأقلم بدونها لكنه يُعاني من هذا القرار لماذا قرر الإنفصال عن العائلة و يقيم في مكانًا آخر لماذا لا يريد أن يعترف لها و للجميع بأنها حبيبته فارق السن لم يكن طويلًا لهذه الدرجة لكنه يرأه عائقًا، اليوم يوم مميز بالنسبة لها
لقد انتهت رحلتها الدراسية و تخرجت من الجامعة و الفضل يرجع له.
الاوضاع نوعًا ما مستقرة لكن قلبه يُعاني، يريدها و هي تعلم ذلك و يبقى الإعتراف هو الحل الوحيد، حثته جدته جميلة على ان يعترف لها و يطلبها للزاوج بشكلٍ رسمي، لكن التردد يلازمه كظله إلى أن استمع لحديث جده و هو يقول بسعادة
- مبروك يا قلب جدو عقبال ما أشوفك عروسة حلوة كدا و اسلمك بإيدي لعريسك
حاوطت شاهيناز ذراعه بيدها و قالت:
- حبيبي يا جدو فين بقى المفاجأة اللي قلت لي عليها ؟
رد مشاكسًا و قال:
- حذري فزري ؟
كان سليم جالسًا يتابع ما يحدث في صمت، تزين ثغره بإبتسامة خفيفة لحركاتها العفوية و مشاكستها لجدها، بينما هي زاغت نظراتها و هي تقول
- العربية اللي وعدتني بيها
- لا
- يبقى هنسافر نقضي يومين في الاقصر و اسوان ؟
- لا
- يبقى هشتغل مع ساجد في الشركة و....
قاطعها ساجد و قال بجدية مصطنعة
- سيبي ساجد في حاله أنا شايل نفسي بالعافية و الشركة ماشية ببركة ربنا متجيش أنتِ و تخر بيها
ردت شاهيناز بحزنٍ طفولي
- شايف يا جدو هو كدا دايما
- سيبك منه يا قلب جدو و قولي لي إيه رأيك في دكتور مازن التوني ؟
ردت بنبرة متعجبة قائلة:
- رأيي في إيه مش فاهمة ؟
رد ريان و قال بهدوء و نظراته لا تبرح نظرات سليم الذي انصت لهما بجميع حواسه متراقب ردة فعل شاهيناز و هو يخبرها بهدوء قائلًا:
- دكتور مازن طلب ايدك و أنا كنت مأجل الكلام في الموضوع دا لحد ما تخلصي جامعة عشان مافيش حاجة تشغلك
نظرت شاهيناز لـ سليم الذي حاول أن يتحاشى النظر إليها عادت ببصرها لجدها و قالت بحزنٍ دفين
- بس يا جدو أنا مبفكرش في الجواز انا لسه قدامي حاجات كتير و لسه عاوزة اكمل دراستي
رد ريان بعقلانية
- و ماله يا حبيبتي كملي دراستك و أنتِ متجوزة ما ناناه جميلة عملت كدا بردو يعني مافيش حاجة ها تمنعك
رد ساجد و قال
- أنا شايف إن كلام جدو معاه حق و بعدين بابا اكيد رأيه هيكون من نفس رأينا
- دا أنتوا عاوزين تخلصوا مني بقى ؟!
- مين قال كدا بس يا قلب جدو الموضوع و ما في إن دي فرصة حلوة ليكِ و إن أنا لو مش شايف إن الولد له مستقبل مكنتش وافقت زي غيره اللي اتقدم و رفضته من غير ما اعرفك حتى
نظرت شاهيناز لـ سليم و قالت بنب٤خذعهذعدرة مغتاظة من هدوئه
- و أنت رأيك إيه يا سليم ؟!
رد سليم بهدوء ظاهري
- أنا شايف إن دا قرارك أنتِ أولًا و أخيرًا و احنا كلنا مجرد آرارء
ردت شاهيناز بنبرة منفعلة
- أنت شايف كدا ؟! ماشي و أنا موافق يا جدو
غادرت المكان بعد القت قرارها المعلون في وجهه لم يمكوث طويلًا هو أيضًا و قرر الذهاب لشقته قبل أن يصرخ بوجوهم جميعًا.
❈-❈-❈
وقف وسط زملائه و خيبة الأمل و الإحباط يتملكان منه، كاد أن يبكي من فرط حزنه، ظن أنه سيكون ضمن قائمة أفضل عشر طلاب على فصله
لكن خذله مدرسه و لم ينادي باسمه، و هاهو يقف بين الطلاب بعد إنتهاء وقت الراحة بين الدوام وقف يستمع لاسماء افضل عشر مراكز على مستوى المدرسة بأكلمها بدأ العد التنازلي للمراكز و لم يأتي اسمه اللعنة عليهم جميعًا كيف يحدث هذا فـ والدته أكدت له أنه سوف يحصل على الدرجات النهائية في جميع المواد ؟ شعر بالضيق و أشعة الشمس تتداعب عيناه التي اغروقت بالدموع من فرط حزنه، إلى أن هزه رفيقه في الفصل و الذي لايفارقه دائما وقال
- اسمك يا يونس أنت طلعت الاول
صفق له زملائه والمعلمين و المعلمات، الجميع يصفق له و الإبتسامة لا تفارق افواهم، ركض و هو يمسح دموعه من خديه، صافح المدير شخصيًا الذي يسمع عنده دائمًا و عن صرامته هو الآن تخلى عن صرامته وابتسم له صافحه قال له بجدية
- مبروك يا يونس عاوزك شاطر كدا على طول عقبال ما تبقى دكتور
رد يونس بسعادة غامرة
- شكرًا يا مستر اوعدك افضل شاطر كدا على طول
تناول شهادة التقدير و الجائزة و عاد رافعًا رأسه وهو يرَ بأم أعينه فرحة اصدقائه له و التباهي الذي حصلوا عليه وأنه فخر لهم لأنه الاول على المدرسة بأكملها وضع طاهر صديقه يـ ـده على مؤخرة رأسه يونس و قال بإبتسامة واسعة
- مبروك عليك يا صاحبي المركز الأول أنا سبته لك بمزاجي على فكرة
- مبروك أنت كمان يا طاهر و المركز التاني مش وحش على فكرة
- اومال كنت زعلانة وبتعيط ليه قبل ما تعرف النتيجة ؟
- عشان كنت خايف ارجع النهاردا من غير ما افرح ماما و بابا لأني كنت دايما بقولهم إني هكون من العشرة الأوائل
- خلاص السنة الجاية سيب لي المركز الأول
- لأ هنذاكر سوا ونطلع الاول مع بعض
- ماشي نذاكر هو احنا ورانا حاجة غيرها المذاكرة دي
- هو احنا هنروح إمتى
- لسه فاضل اربع حصص مستعجل اوي أنت ها ؟
- اوي اوي يا طاهر نفسي الوقت يعدي بسرعة عشان اروح افرح ماما وافضل سهران لحد ما بابا يجي من السفر و افرحه معايا
- هو أنت هتسافر معاه صح ؟
- اه بس خميس وجمعة بس
داخل الفصل
جلس يونس يكتب ما أمرته بهِ المُعلمة، كان يصب ناظريه في الدفتر، بينما هزه طاهر وقال بهمس
- يونس أنت يا واد يا يونس
- إيه في إيه ؟
- مش دا باباك ؟
نظر يونس نظرة سريعة تجاه الباب ثم نظر لصديقه و قال بسعادة
- ايوة هو
حرك بيجاد رأسه و قال بعتذار
- آسف لو قطعت حضرتك
ردت المُعلمة وقالت بإبتسامة
- لا مافيش مشكلة
تابعت بصوتٍ مرتفع
- يونس تعال
ركض يونس تجاه أبيه احتضـ نه بقوةً و كأنه اضاعه في الزحام، رفع بيجاد ذقنه بأنانله وقال بإبتسامة واسعة
- هات شنطتك عشان هانمشي
ركض يونس تجاه مقعده وهمس لصاحبه بسعادة
- هاشوفك بكرا بقى سلام
- سلام
بدأ يونس في سرد ماحدث له و عن شعوره بالسعادة و ان اليوم تاريخي بالنسبة له، استمع له باهتمام كبير يبتسم حين يبتسم ولده و يحزن حين يتذكر كم كان وحيدًا في لحظة التكريم تلك
ثم عاد لسعادته وهو يقول
- بس انا مبسوط اوي عشان ماما هتفرح إني طلعت الاول على المدرسة كلها مش هي هاتبقى مبسوطة يا بابا ؟
- طبعًا يا قلب بابا هتبقى مبسوطة و انا عن نفسي مبسوط من كل قلبي عشانك
بعد مرور عشر دقائق
وصلا بيجاد و يونس للمنزل و قبل أن يصعد شقته
ولج شقة الجدة ليخبرها بما كان يطلب منها أن يوفقه فيه، اخرج من حقيبة مدرسته شهادة التقدير و الجائزة ثم سرد وهو يتنقل بين الجدة واولادها و راح
- و المدير فضل يقول كل اسماء الولاد و البنات اللي طلعت الأول من المركز العاشر للمركز التاني و اول ما قال المركز الاول يونس بيجاد مالك حسيت إني بحلم لحد ما طاهر صاحبي قالي نادوا اسمك يا يونس جريت على المدير
ختم حديثه بعدم استيعاب و قال
- المدير قالي انازمبسوط منك يا يونس وسلم عليا بنفسه
رد مالك وقال بإبتسامة
- هو أنت قليل أنت يونس المحمدي الاول على المدرسة يسلم عليك المدير و يسلم عليك الوزير كمان أنت مش قليل يا واد أنت
رد عابد وقال
- متخليش الواد يبقى مغرور هو فرحان عشان حاسس إنه عامل حاجة كبيرة تستحق التقدير بلاش تحول فرحته لـ غرور
رد مالك وقال بمشاكسة و هو يعانق حفيده
- من حقه طول ما جميل و مسكر كدا وطالع الأول يبقى يعمل اللي يعجبه
تابع بجدية وقال
- ها يا بطل نفسك في إيه بقى النهاردا جايزتك على حسب مزاجك
نظر يونس لوالده الذي ابتسم له ثم عاد ببصره لجده و قال بنبرة حائرة
- مش عارف
سأله مالك وقال
- مش عارف أنت عاوز إيه ؟
اجابه يونس قائلا
- اصل بابا دايما يجيب لي كل حاجة بطلبها وماماما كمان و انا حاليًا مش عاوز حاجة الحمد لله
ردت الجدة قائلة برضا لـ ذاك الصغير الذي يرضى بالقلة القليلة من هدايا الأهل
- أنت يا واد يا يونس قنوع و بترضى بقليلك زي ابوك بالظبط
- قصدك زي جده زيي أنا كدا
- زيك أنت طب ازاي ؟ دا أنت كنت بتاخد اي فلوس زيادة على المعاش وتقولي اخد اللي فوق المعاش ابص لاقيك خدت اللي فوق و اللي تحت المعاش دا أنت كنت بتشوف الفلوس تتسعر
- يا أمي كنت ثغير بدلع عليكِ ربنا يخليكِ لينا
- وهو يونس اسم الله عليه كبر يعني ما أنت كنت زيه كدا ستة ابتدائي
نظر مالك لحفيده و قال بتساؤل
- ها يا يونس عاوز إيه ؟
ظل يفكر في عرض جده المُغري ثم قال
- عاوز اروح معاك أنت و تيتا لما تسافروا
سأله عابد بإبتسامة واسعة
- عاوز تحج ؟ عاوز تروح تعمل عمرة يا شيخ يونس ؟
رد يونس وقال
- أنا عاوز اروح عند المكان اللي صليت في أنا و جدو في الحلم
- ما هو دا يا حبيبي اسمه مكة المكرمة و المدينة المنورة و احنا بنعمل عمرة في عشان ربنا يغفر لنا ذنوبنا و يتثنا على دينه و نعمل دايما الخير زي ما أنا كدا بعمل خير و مستحمل جدك مالك
❈-❈-❈
خلاص بقى يا ألين ما هو أنا واخد طرد لمدة أسبوع و قاعد في البيت أهو مش لاقي حاجة اعملها
طب ما تذاكر ؟
يعني هما يطردوني و أنا ذاكر ليه هما احسن مني في إيه
يا ابني المذاكرة دي ليك مش للمدرسة
بقلك إيه يا ألين أنا واخد اسبوع إجازة خليني اقضي براحتي قبل ما يخلص
أنت مش قلت مطرود ؟
لأ أنا برقيها شوبة وبقول إجازة المهم قولي لي زعلانة ليه ؟
جدو اتصل بـ مامي وقالها تعالي بقى ألين وحشتني
طب و أنتِ زعلانة ليه عشان هترجعي المانيا ؟
لأ
اومال زعلانة ليه ؟
عشان عيد ميلادي بكرا وكنت حابة اعمله هنا معاكم
بس كدا الحمد لله لقينا حاجة نرقص بسببها
ياعياااال عيد ميلاد لي لي النهاردا هجووووم
استوقفته ألين قائلة بهدوء
- استنى بس
- إيه في إيه ؟
- فهد نايم جوا و كدا عيب نعمله إزعاج
رد صفوان متسائلا بستفسار
- أنتِ عاوزة تعملي عيد ميلادك ولالأ ؟
- اكيد طبعا
- طب تعالي برا و احنا هنعمله
اجتمعت الاطفال عدا فهد الذي مازال يغط في نومه وقف صفوان يتراقص مع ألين ابنة خالته صبا على سطح المائدة الزجاجي و هو يغني لها بينما وقفت الأطفال تردد خلفه وهم يصفقون و الجدة معهم وكأن فرحة الأطفال وجمعتهم حولها محت ما بداخلها من مرض وتقدم العمر وقف نوح على باب الشقة مستندًا بكتفه يتابع ذاك الملعون الذي لا فائدة منه و هو يقول
- يا بنت السلطان حني على الغلبان دا المية في ايدك و محسبوك عطشان وسعيدة ياحلوة سعيدة شاور لي وأنا اجاي ماشي من هنا لمصر الجديدة وعلى كوبري عباس ماشية وماشية الناس ماشية بيصوا عليكِ يا فروتة وأناناس
خرج فهد و بداخله نير ان تكاد تخرج من أذنيه هدر بصوته وقال
- بس بس بس في إيـــه صاحين ليه لحد دلوقتي !! هتناموا إمتى
رد صفوان قائلا
-نوم مين يا عم دا السهرة النهاردا للصبح دا واخد طرد لمدة أسبوع ويادوب المغرب قالت الله اكبر
- ايوة وأنا معاد نوم جه خلاص
- ماتدخل تنام حد ماسكك
- انام ازاي و الفرح دا فوق دماغي !!
- دماغك مين احنا فوق السفرة و بعدين دا احنا بنحتفل بعيد ميلاد بنت خالتي تعال احتفال معانا
تنهد فهد بعمق ثم قال برجاء
- تيتا من فضلك خلي يسكت شوية بجد مش عارف انام
ردت الجدة قائلة بهدوء لتفض النزاع بينهما
- خلاص يا صفوان كفاية كدا انزل خلي ابن عمتك ينام هو متعود ينام بدري و يقوم بدري
اغتاظ صفوان من هادم اللذات هذا وقال
- لسه الاغنية مخلصتش يا ستي اصبري بس
رد فهد بيأس قائلا
- يا صفوان أنا تعبت منك بجد اعملك إيه عشان تقدر إن في بني آدمين معاك في البيت ومحتاجين الراحة
تراقص صفوان وهو يتذكر الأغنية وقال
- اعملك إيه حيرتني. اعملك سهرتني اعمل أيه دوبتني. أنا بحبك وبريدك ابعت لي جواب في بريدك
الله الله يا صفوان باشا هي دي المذاكرة اللي قلت لي عليها هو دا العوض اللي هاتعوضه لا بجد ماشاء الله عليك
قالها نوح وهو يلج بدأ في فك حزام بنطاله، انسحبت الاطفال من على المقاعد الخاصة بالمائدة التفوا حول الجدة ضمتهم في حضنها لم يستطع صفوان الهروب كاد أن يتحدث لكن
دخول جده عابد انقذه من بين براثن أبيه وحين سأل عن السبب قال صفوان وهو مازال فوق سطح المائدة مشيرًا بسبباته تجاه فهد
- أنا رمشي ما دق النوم والبيه عيونه شبعت نوم
هدر والده بصوته الغاضب قائلا
- إيه ؟!
رد بتلعثم وهو ينزل بهدوء عن سطح المائدة
- قصدي إن أنا بعمل عيد ميلاد لبنت خالتي وهو مش عجبه آل إيه عاوز ينام ؟!!
- ماهو بعيد عنك. عنده د م
كاد أن يضربه لكن منعه عابد قائلا
- خلاص يا نوح عيال مع بعض
- يا عمي دا مش سايب حد في حاله وكل يوم مشكلة مع حد شكل دا لو مش لاقي حاجة يعملها يضايق في تيتا و هي خلاص مبقتش بتتحمل مضايقة
- خلاص يا صفوان ملكش دعوة بحد والعبوا مع بعض
خلاص يا جدو احنا مش هنعمل دوشة هنا احنا هنروح شقتك نلعب هناك
- صفوان خد تعال هنا
- نعم يا بابا
- هو بعد اسبوع في إيه ؟
- في امتحانات !!
- و الامتحانات المفروض دي بيعملوا إيه قبلها ؟
- بيذاكروا فيها !!
رفع نوح الحزام ليضربه لكنه فر منه قبل أن يصل إليه، منعه عابد للمرة الثانية وقال
- خلاص يا نوح في إبه هتضربه وانا واقف ؟
- يا عمي الواد مطلع عيني وعين امه أنا خلاص مبقتش قادر عليه دا مابيعملش حاجة في حياته غير إنه يرقص ويرقص اخته طب بالله عليك يا عمي عدا عليك النوع دا قبل كدا ؟
- الصراحة لأ بس بردو متنكرش إن الواد شاطر ودايما بيطلع الاول
- اول ايه وتاني إيه دا أنا تعبت منه والله أنا عاوزه هادي شوية صعب عليـ ...
استرها يارب إيه دا في إيه ؟ إبه صوت الصريخ دا ؟!!
قالها عابد وهو يتجه نحو شرفة الردهة في شقة والدته بينما هرع نوح للخارج وقف في وسط الحارة وجد ابنه يتشاجر مع أطفال الحارة
قبض على ياقة قميصه من الخلف وقال
- أنت إيه حكايتك يالا؟ قل لي إيه حكايتك
رفع صفوان بصره وقال
- معملتش حاجة أنا ماشي في حالي هما اتخانقوا معايا
- لأ يا عمو دا هو بيضايق بنت في الشارع بالكرة قام رفعت قاله اعتبرها اختك قام صفوان قاله وأنت مالك بأختي ومسكه ضربه
يا بابي الحق طلال و فهد مسكوا في بعض
قالتها سيدرا وهي تجذب يد والدها نحوها، نظر لها وقال بتساؤل
- وبيضربوا بعض ليه يا ديدا
رفعت كتفيها وقالت
- ماهو أنت مش هاتصدقني
- ياستي قولي وانا هاصدقك
- فهد قال لـ طلال تعال نلعب طيروا فقـ...
رد نوح بنبرة متعجبة وقال
- يعني إيه طيروا ؟
رد صفوان وهو يتخلص من قبضة والده وقال
- بص يا بابا بتبقى واقف عادي زي كدا وبتقول طيرووووووا
فلت منه كالعادة فلت و استطاع أن يفلت بسبب مساعدة أخته له، نظر نوح لابنته وقال بوعيد
- كله منك يا أنتِ حركة من حركاتك أنتِ و البيه عشان يفلت من عقابه
ردت بثقة و قالت
- اومال اسيب اخويا يضرب و يزعل مني ؟!
- لا خلي اختي أنا يا اختي تزعل مني قدامي يلا نشوف المجاعة اللي فوق دي هتأكل إيه ؟
تشبثت سيدرا بيد نوح و قالت بحماس
- اطلب لنا بيتزا
نزع يده و قال بغيظٍ مكتوم
- متفكريش تاني اركني دماغك دي على جنب لحد ما نشوف لها حاجة نشغلها فيها
- براحتك انا حبيت اريحك من الاكل و عمايله بما إن عليك الدور النهاردا
كمم فمها و قال و هو ينظر حوله
- استري على ابوكِ محدش يعرف النظام دا غيرك
- لأ ما هو عمو بيجاد عرف
-و مين اللي عرفه ؟!
ردت بهدوء قائلة:
- فاكر لما قلت لي روحي هاتي شوية صابون من عند عمك
- اه
- هو بقى سألني هتعملي بي إيه دلوقت فَ قلت له بابا هايغسل المواعين
جذبها من مؤخرة رأسها و قال من بين أسنانه
- تعالي نتحاسب فوق يا ست ابوها عشان شكل حسابنا مطول
بعد مرور عدة ساعات
جلس نوح جوار رُبى و قال بهدوء
- ربى عاوز أأقدم لصفوان في الحضانة
- مافيش مشكلة بس ليه يعني ؟
- الواد طول النهار لعب و واخد طرد من المدرسة فـ يستغل الوقت دا معاكِ و اي حد من المدرسات اللي هناك تذاكر له بدل ما هو مش لاقي حاجة يعملها كدا
- عدي عليا بكرا و أنا هخلي مدرسة شاطرة جدًا عندي تذا كر له حلو
- ما تاخدي معاكِ و خلاص
- لا يا نوح أنت عارف إن أنا مبحبش غل الوسطة والكلام دا تيجي زيك زي أي حد غريب و تاخد معايا معاد و تقدم لـ صفوان استضافة لمدة أسبوعين مثلا
- خلاص مافيش مشكلة
- نيجي بقى للمصاريف هاتدفع كام ؟
- مصاريف إيه يا روبي هو في بينا الكلام دا و بعدين دي استضافة زي ما بتقولي يعني الواد هايروح لك ضيف ساعتين تلاتة و أنا ها فوت اخده منك
- لا يا حبيبي انا ماينفعنيش الشغل دا يا تدفع زيك زي غيرك يا تروح تقدم في أي حضانة تانية عادي جدًا
رد نوح بذات النبرة المرتفعة و قال
- يا سلام و أنتِ لما طلبتي مني اجيب لك حصانين عشان الحفلة ماخدتش عليهم فلوس ليه ؟!
ردت بهدوء و ثبات انفعالي جعله يستشيط غضبًا
- و الله ما حد قالك ما تطلبش فلوس و بعدين مشخا تكلم كتير دي شروطي و ليك حرية الاختيار
وقف نوح و قال بوعيد
- ماشي يا رُبى ماشي مسيرك تحتاجيني و بردو مش هعبرك
تابع حديثه مناديًا ابنه الذي أتى على الفور، أشار بسبابته و قال
- قلمك و كتبك و تعال لي
- حاضر يا بابا
أتى صفوان و ضع حاجاته على سطح المنضدة الزجاجي بينما رفع نوح ساقه ليـ خلع عنه نعليه و ضعه على بجانب أدوات صفوان المدرسبة و قال بتساؤل و هو يشير على الأشياء
- إيه دي يا صفوان ؟
بلع صفوان لعابه و قال بتوجس
- قلم، كرسة، كتاب، و شبشب
رد نوح بوعيد و قال
- هتاخد بي على دماغك لو ما فتحتش مخك معايا و ركزت معايا عشان نخلص المنهج دا النهاردا مفهموم و لالأ
- مفهموم بس أنا عاوز اقول حاجة
- قول
- هو أنت ها تذاكر لي ؟
- اومال جيبك اشاهد جمالك !!
خرج طلال من غرفته و قال بشماتة
- مش معقول يا صفوان ليك عين تتكلم مع البوب و أنت واخد طرد أنا لو منك اذاكر السنة الجاية كمان
نظر صفوان لأخته التي أومات له و قالت
- بابا خد الجواب دا جه لحضرتك الصبح
تناول نوح من ابنته و قال بتساؤل
- جواب إيه دا ؟
تابع بجدية
- دا عشانك يا طلال ؟
فتحه و بدأ قرأته هدر بصوته الجهوري قائلا
- اللهم صلِ على النبي البيه الكبير العاقل جاله استدعاء ولي الأمر كسرت إيه يا باشا أنت التاني
ردت سيدرا بسرعة
- لأ يا بابا دا مكسرش حاجة أصل هو اتخانق مع شادي صاحبه عشان سالـ....
لحق طلال شقيقته قبل أن تفضح أمره أمام والده كمم فمها و قال
- مافيش يا بابا أنا مظلوم صدقني
رد صفوان له الصاع صاعين و قال
- ايوة مظلوم بأمارة سالي اللي واخد عشانها استدعاء لما راح اشترى لها حاجة حلوة و رجع لاقى صاحبه بيعاكسها
سأله نوح و هو يقترب منه بينما يتراجع طلال
خطوة للوارء ساحبًا شقيقته خلفه
- بقى تاخد فلوسي تصرفها على البنات في المدرسة و تكسر المدرسة عشانها و تقل لي بابا دا أنت اللي بابا
رد طلال و قال بخوفٍ
- بابا دا دا كداب صدقني طب طب حتى اسأل ديدا
نظر نوح لابنته وقال
- حبيبة أبوها اللي هاتقول لي كل حاجة و بصراحة تعال يا روحي احكي لي
رفع طلال و صفوان قطعتان من الشوكولاتة الحجم الكبير، حتى لا تتحدث عن ما حدث
احتوت وجه نوح بين كفيها الصغير و قالت بتساؤل
- النهاردا صاحبتي قالت لي دا باباكِ قلت لها اه قالت لي دا شكله حلو اوي أنت عسل كدا ليه بقى ؟
يتبع..