-->

رواية عقوق العشاق - بقلم هدى زايد - الفصل الحادي والثلاثون


رواية عقوق العشاق

 بقلم هدى زايد



 الفصل الحادي و الثلاثون 

رواية 

عقوق العشاق 


لجمت الصدمة لسان الجميع، بينما رد ريان وقال بسرعة بنبرة مرحة

- لا محدش يقول للواد نوح احسن لو عرف هياخدك و انا ولا قادر اروح في حتة ولا قادر اطلع سلم انا ناوي اخطفك اصلا وجوزك على غلاسة مش في حد لما بيصدر يلا السلام 


نظرت لـ والدها الذي فر هاربًا من نظراتها وهو يقول بتلعثم 

- أنا هروح اشوف الدكتور و بعدها الحسابات حضروا نفسكم بقى و نوح كدا كدا مش هايقول حاجة لو رحتِ عندك جدك 


كاد عابد  أن يضع يد ه على المقبض الحديدي 

تفاجئ بجسد نوح يصطدم بهِ وهو يقول بتساؤل 

- أنا سمعت اسمي في قلت خير ؟ 


لو يعلم كم حدث لهما جميعًا بسبب هذه الطلة التي كانت كالثلج على قلوبهم المتأججة مما هو قادم،  لو يعلم كم كان عمه يناجي ربه بأن يأتي في الوقت المناسب قبل خروج ابنته من المشفى.


ابتسم عابد له و قال 

- مبروك ما جالك يا نوح 


احتضـ نه نوح مربتًا على ظهره ثم قال بذات الإبتسامة 

- مبروك عليك أنت ياعمي و عقبال ما تجوزه 


لولا دخول نوح في هذه اللحظة لـ تأكدت ربى  بالفعل أنه لن يعود أبدًا، أن ظنونها تحولت لحقيقة سار تجاهها مال بجذعه مطبعًا قبلـ ـته

على رأسها بينما هي تتدللت عليه و أبت أن ترد عليه حين قال لها 

- حمد لله على سلامتك يا أم طلال 


نظرت له بعتابٍ و لم ترد على مُباركته،  ضمـ ها لحضـ ـنه ثم قال بعتذار كاذب 

- حقك عليا يا ست البنات بس كان لازم اخلص شغلي و افضى لك أنتِ البيه الصغنن 


ردت عابد بإبتسامة آنارت وجهه الحزين وقال 

- انا هروح اشوف الدكتور و اعدي على الحسابات بالمرة 


رد نوح و قال بجدية 

- متتعبش نفسك يا عمي كله تمام 


تابع بنبرة حانية و هو ينظر لزوجته و قال 

- هاسيبك تحضري نفسك على ما اروح اجيب طلال من الحضانة 

- هو هايخرج النهاردا ؟ 

- اه يا روحي الدكتور طمني و الحمد لله اينور بيتنا النهاردا 


خرج نوح برفقة عابد الذي فهم من حديثه المبطن أنه يريده في أمرًا هام،  وقف أمام باب الغرفة و قال 

- طبعًا حضرتك فهمت إني هربت لما غيبت اليومين اللي فاتوا مش كدا ؟ 


فرغ فاه عابد ليرد لكن منعه نوح وقال برجاء

- ارجوك اسمعني عشان مافيش وقت نهائي 


سأله بتوجس 

- في إيه يا نوح ؟ 


أجابه نوح و قال 

- تيتا 

- مالها امي ؟ 

- وقعت مننا و جالها غيوبة السكر من يومين 


اتسعت أعين عابد بذهول و قال بدهشة 

- و ازاي أنا معرفش و إيه اللي حصل عشان منكم ؟! 


تنهد نوح و قال برجاء 

- ارجوك يا عمي اسمعني للنهاية و بعدين اعمل اللي يريحك 

- قول في إيه ؟ 

- مش هاخبي عليك بس من وقت اللي حصل و البيت هناك متكهرب بجد، مشاكل بيني و بين ماما و بين بابا و ماما و آخرهم تيتا لما ما اتحملتش الضغط دا كله و قعت من طولها 

- أنت بتقول إيه و إيه كل المشاكل دي !! و امي عاملة إيه دلوقت ؟ 

- أنا فضلت جنبها لحد ما فاقت و بدأت ترجع لطبيعتها قلت لها إني هاجيب مراتي و ابني و راجع على طول عمي محدش جه هنا عشان مكنش حد قادر يتكلم و كنا في دنيا تانية لو ربى كانت شافتني و لا شافت حد مننا كانت هاتفهم  


ختم نوح عبارته قائلا بنبرة صادقة 

- اقسم لك ما حد قدر يتحرك من مكانه غير لما اطمنا على تيتا و أنت نفسك لو كنت هناك مكنتش هتروح لبنتك غير لما تطمن عليها و....


كاد أن يكمل حديثه لكن قاطعه و هو يقول 

- هات مراتك و مرات عمك و تعال 

- على فين يا عمي ؟ 

- هاطمن على امي

                       

❈-❈-❈


سلامتك الف سلامة يا ست الحبايب، كدا اعرف زيي زي الغريب ؟  


أردف عابد عبارته المعاتبة لوالدته و هو يجلس على حافة الفراش محتضـ ن كفها المجعد بين كفيه طبع على ظهر يد ها قبلاته الحانية،  نظرت له بأعين ذابلة ثم قالت بصوتٍ واهنًا 

- مبروك ما جالك يا عابد 

- يبارك في عمرك يا ست الحبايب، يلا بقى شدي حيلك و اعملي سبوع طلال بنفسك 


سقطت منها دمعة منعتها طويلًا،  لكنها فاض بها الكيل مد عابد يده و مسحها قائلا بعتاب 

- ليه ليه الدموع مين زعلك احكي لي، قومي كدا و علميهم الأدب الظاهر إنك دلعتيهم كتير يا ولاء


ردت ولاء بنبرة متحشرجة وقالت 

- مشيني من هنا  مش عاوزة اقعد هنا مش عاوزة اشوف حد منهم مشيني يا عابد 


نظر عابد لها ثم نظر لكل من وقف في الغرفة،  عاد ببصره و قال بنبرة حانية 

- احكي لي يا امي  مين زعلك و هو اللي يمشي دا بيتك و احنا هنا ضيوف عندك 


ابتسم لها و قال بجدية مصطنعة 

- إيه عاوزة العُقد يفرط منك و لا إيه يا لولو ؟! 


إبتسامة واهنة ارتسمت على ثغرها لـ تجارِ الأجواء 

حالتها النفسية وصلت لذورتها،  شردت قليلًا قبل أن ينتشلها ابنها عابد متسائلا  بإقتراح 

- الواد نوح جاي في السكه هو و ام طلال تحبي تقعد عندك و لا تيجي عندي تنوريني أنتِ و هي ؟ 


ربتات خفيفة على ظهر يد ه تبعها رجاء و هي تقول 

- طلعها شقتها يا عابد خليها تفرح بابنها و جوزها في بيتها 


ابتلعت لعابها بصعوبة  وهي تقول 

- نوح بيحب بنتك و مستعد يعمل اي حاجة غير إنه يتنازل عنها 


ربت على يدها و قال بجدية مصطعنة 

-  لو عاوزاني اخلي رُبى تطلع فوق في شقتها قومي اشربي العصير دا و خُدي الدوا و لما اشوفك قعدة حلوة كدا و منورة المكان افكر يا لولو يا قمر أنتِ


ابتسمت رغمًا عنها و قالت 

- مش ها تتغير هاتفضل طول عمرك استغلالي و عارف إني مش هاقول لأ 

- عارف إن قلبك ابيض من اللبن الحليب عشان كدا  طمعان في كرمك يا اغلى أم في الدنيا كلها 


والله عال يا ستي يعني أنا بقالي يومين بقولك كُلي و اشربي و أنتِ رافضة جه ابنك كلتي و شربتي و شوية و هاتخلصي تموين الشهر كدا يا ستي بقى أنا نوح حبيبك تزعليني انما ابنك لأ 


أردف نوح عبارته و هو يلج غرفة الجدة و بين

ذر اعيه ولده طلال،  وضعه في حضـ ن الجدة و قال باسما 

- سمي و كبري في ودنه يا ستي هو عمي عمل اللازم بس الصراحة مش مقتنع لمستك سحرية بردو 


اعتدلت الجدة و هي تتناول  الجيل الثاني من الأحفاد  انهمرت الدموع على وجنتها،  نظر نوح لـ عمه و قال بجدية مصطنعة 

- هي ستي بتبطل عياط إمتى دي فرح تعيط و زعل تعيط ياستي ابو س ايدك نفسي اشوفك في مناسبة حلوة من غير عياط 


ردت الجدة مقاطعة بتذكر 

- واد يا نوح احلق شعره و اوزنه عند بتاع  الدهب و طلع قصاده دي سُنة يا واد اوعى تنسى 

- ما تقلقيش يا تيتا هعملها بس مستني بس اطمن عليكِ و بعدها اعمل كل حاجة 

- لا الحمد لله بقيت احسن اعمل بقى اللي قلت لك عليه 


غمز نوح عمه و قال 

- طب هاتي يا بقى يا ستي حق السبوع و الذي منه 

- خد ابنك أنا تعبانة و عاوزة ارتاح 


نظر نوح لـ عمه و قال باسمًا 

- أنا هاخد ابني و هاطلع يا عمي هاستناك  نتعشى سوا 


رد عابد بذات الإبتسامة و قال 

- أنا لا طالع و لا نازل أنا قاعد جنب أمي اطلع أنت لـ مراتك 

- هي بقت كدا يعني من لاقى احبابه نسي اصحابه !! 


خرج نوح من الغرفة تاركًا جدته تتحدث مع ابنها للمرة التي فشلت عدها لتجمع العائلة ببعضها البعض  نظرت لابنها ثم قالت بهدوء 

- مرات اخوك زعلانة اوي منك،  و نوح مقاطع أمه  و حلف ما يدخل بيتها 


رد عابد بنبرة حائرة 

- و الله ما بقيت عارف ارضي مين و ازعل مين، ازضي بنتي و جوزها اللي جه و اتعامل كأن مافيش حاجة حصلت و لا ارضي مرات اخويا اللي بتعاتبني على حاجة مليش دخل فيها !! 

- يا ابني هي زعلانة عشان محدش عرفها قبل الجواز  مصدومة يعني 

- طب لو كانت عرفت قبلها مش كانت زعلت و كانت وقفت في الجوازة ؟! مرات اخويا هاتفضل تلغبط في الكلام لحد ما توقعنا في بعض من ورا لسانها 


ردت ولاء قائلة 

- لا يا عابد خليك حقاني مرات اخوك ملهاش في التوقيع و طول عمرها بنت ناس أي نعم ليها طالعات كدا بس في اللي يخصها هي شايفة إن ابنها مظلوم مع بنتك 


رد عابد بغضبٍ مكتوم 

- يعني أنا بنتي مش مظلومة  من الدنيا و من واحدة بتعايرها بمرض راح منها و ملهاش دخل في أساسًا ما تقولي كلمة حق يا أمي أنا بسمع من الكل كلام زي السم و بقول معلش اهو اخواتي لكن لما تيجي عند بنتي لا يا أمي الوضع مبقاش يتسكت عليه 


سكتت ولاء مليًا ما إن استشعرت أن عابد فقد السيطرة على نفسه، تنهدت بعمق ثم قالت بهدوء 

لتهدأ من غضبه قبل أن يصدر حكمًا لا يحمد عقباه 

- أنت مزعل نفسك ليه يا حبيبي بنتك في بيتها مع جوزها و ابنها، و إن كان على مرات اخوك اهي في حالها و بنتنا في حالها و بعدين نوح طالع لك لسانه طويل و مبيسبش حقه يعني اللي ها يبص لمراته بعين ها يدبح ـ ـه هو لو ساكت فهو بيجاري الامور لكن دا لو قلب قلبته و القبر يكفيك شرها 


ختمت حديثها قائلة بتوجس 

- و يكفي شرك ما هو طالع لك و واخد دماغك و برودك اللي بيجي من وراه مصايب

                     

❈-❈-❈

                  

شبهك مش كدا ؟ 


سألت رُبى سؤالها و هي تُطعم ابنها الحليب الدافئ الذي أعدهُ نوح،  ابتسم لها و قال بنبرة هادئة حتى لا يُزعج صغيره 

-  أنا قمر و مسكر كدا بردو ؟ 


انتهت رُبى من اطعام ولدها ثم وضعته في سريره الخاص به،  نظرت لزوجها الذي نادها بهدوء قبل أن تلج المرحاض و قال بتوتر لكنها قررت أن ترفع عنه الحرج و قالت 

- أنا عارفة إن طنط مضايقة و عارفة إنها لسة مصدومة 


تابعت بنبرة تملوها الحزن و القهر 

- بس قل لي يا نوح أنا ذنبي إيه إني اتولدت كدا رغم إن لا بابا و لا ماما عندهم المرض دا و لا حتى اخواتي ربنا اختارني أنا و بابا ماقصرش في حق علاجي و الحمد لله قدرت اتعافى منه و عايشة عادي جدًا اهو 


نظرت له بأعين دامعة و قالت 

- قل لي يا نوح و متخبيش عليا بالله عليك عشت معايا سنة كاملة عمري قصرت في حقك كـ زوج ؟ قصرت في بيتك جيت في مرة اشتكيت مني عشان ناقصك حاجة و أنا معملتهاش  رغم إني بخرج معاك الساعة سبعة الصبح و برجع أربعة العصر قل إن كنت قصرت و لا لأ 


جذبها لحضـ نه ممسدًا على ظهرها بحنانٍ بالغ و قال بنبرة تملؤها الحُب 

-و لو قصرتي إيه يعني و لو قصرتي ها يحصل إيه الدنيا ها تقوم مش هتقعد يعني ؟! 


اخرجها من حضـ نـه و قال 

- أنا متجوزك عشان أنتِ حبيبتي و حلم حياتي اللي كان نفسي يتحقق مش خدامة تكنس و تطبخ بالنهارا و بليل تبقى جارية لـ سيدها ، ربنا قال الجواز مودة و رحمة و من لا يرحم لا يُرحم، قصري براحتك و ادلعي زي ما تحبي و اللي مش عجبه يوريني عرض اكتافه أنا اصلا مش عاوز حد يدخل في حياتي .


عا نقـ تـه بقوةً كأنه يريد الفرار و هي تأبى ذلك تركت العنان لدموعها،  تأواهت من فرط حزنها، تشعر بالقهر و لا تعرف ماذا تفعل لتُرضي جميع الأطراف خرجت من حضـ نـه و قالت بعتذار 

- أنا آسفة يا نوح لو كنت اعرف إن لو ماقلتش عن اللي حصل لي زمان ها يحصل كل دا كنت عرفتك بس و الله يا نوح ما كنـ ....


ششش مش عاوز أي مبرارت ملهاش لازمة بالنسبة لي،  و بعدين هو لو كنت أنا اللي تعبان كنتِ ها تزعلي و لا حتى حد منهم هايتكلم ؟! أنا عاوزك تهتمي بابننا و بيتنا و بس لا ليكِ دعوة بمين قال و لا حتى عمل إيه عشان لو سمعنا لهم مش ها نخلص صدقيني 


أردف نوح عبارته و هو ينظر لها بأعين مليئة بالدموع كان تمنع دموعه قبل أن تنساب على خديه بينما تنحنح و هو يقبل أناملها و قال بشبح إبتسامة 

- عارفة إن بيجاد اخويا كان معاه حق لما عزل مراته عن العيلة  كان دايمًا يقولي عاوز تبقى محبوب و دخلتك على أي حد من  أهلك تفرح القلب كدا،  خليك زي الفاكهة بتظهر من السنة  للسنة،  رغم محايلة بابا له بأنه يخليها تقعد مع ماما طول اليوم إلا إنه رافض تمامًا الاختلاط و دايمًا يقل له خلينا بعيد اشتياقك لينا يزيد .


تابع بجدية قائلا 

- أنتِ كمان يا روبي خليكِ قافلة عليكِ بابك و لا ليكِ بحد و لا احنا لينا دعوة نتجمع عادي بس مرة كل اسبوع و كدا كدا خلاص محدش بقى فاضي لحد كل واحد عنده اللي يشغله و زيادة .

                           

❈-❈-❈


مر اليوم ثم يومان ثم ثلاثة أيام حتى مر ستة أشهر كاملة على ولادة رُبى تحسنت حالتها النفسية بشكلٍ كبير،  عاد نوح لـ عمله بالمزرعة كان يتناوب بينه و بين شاهين الإدارة، حتى يستطيع مساعدة زوجته  و ابنه الذي بدأ يخطف أنظار الجميع بضحكاته و مشاكسته مع والده، كان نوح يحدثه ليلًا نهارًا و كأنه شخصًا بالغ،  احيانًا يتحول لطفلًا أصغر من طلال ذاته،  كان جالسًا على أرضية الردهة يحاول أن يُطعمه لكنه يأبى كل شئ،  يبعد الطعام عنه يبكي كثيرًا و يشعر بالضيق دائمًا تنهد نوح بيأس و هو يحمله عن الارض و قال 

- أنت تروح لأمك بقى عشان أنت شكلك زهقان و عاوز تنام  


ردت رُبى و قال بإبتسامة واسعة 

- تيتو بيسنن عشان كدا مش طايق نفسه


سألها بسعادة قائلا 

- بجد ؟! 


أجابته بسعادة 

- اه و الله النهاردا كان  متابعة مع الدكتورة بتاعته و قالت لي إنه بدأ يسنن و إن لحد ما تظهر الأسنان هايفضل مضايق كدا و مش هايبقى لي مزاج لأي حاجة و قالت لي كمان إنه هايسخن احيانا، يعني  طمنتني عنه الحمد لله 


نظر له و قال بمشاكسة 

- احنا بقينا كبار و عجزنا اهو 


تابع نوح بتذكر قائلا 

- صحيح أنتِ ليه مبتنزليش الحضانة ملاحظ كل شغلك من البيت و مانعة الخروج تمامًا أنتِ تعبانة ؟ 

-  لأ بس شايفة إن الوقت اللي هاضيعه في الشغل ابني و جوزي اولي بي و خصوصًا إن في حد يقوم مكاني بالشغل دا 


تابعت بحزنٍ دفين 

- و كمان تيتو محتاج رعاية خاصة ما ينفعش اسيبه لأي حد مش عارف حالته و لا يعرف يتعامل معاها و الوقت دا بالذات ابني محتاجني أكتر من ولاد الناس التانية على الأقل هما ليهم بديل يتولي رعايتهم في الكام ساعة دول لكن ابني أنا ما ينفعش اسيبه لحد مين ما كان يكون .


رد نوح بهدوء و قال 

- مش هاضغط عليكِ اللي يريحك اعملي و اللي شايفاه مناسب ليكِ نفذي 


تابع بغمزة من طرف عينه و قال 

- اهو على الأقل نلاقي وقت نقضي مع بعض و اقنعك في إننا  نجيب اخت قمر زيك لـ تيتو 


ردت رُبى بنبرة مغتاظة و قالت 

- نوح متهزرش أنا متغاظة منك أصلًا بسبب الوسيلة اللي رفضت إني اخدها و أنت عارف إن تيتو محتاج رعاية خاصة و جاي دلوقتي تقل لي خلفة تاني و هو اصلا مكملش سبع شهور صح أنت 


قاطعها نوح مقلدًا نبرة صوتها و أعاد كلماتها التي يحفظها عن ظهر قلب في ذات اللحظة التي تخبره فيها 

- لا بتحمل و لا تولد و لا بتسهر بليل و أنا اللي بشيل كل دا على دماغي و أنت كل اللي بتعمله تيجي تشيله شوية و تقل لي خدي ابنك شكله زهقان و دلوقت عاوزني اجيب بيبي تاني يا نوح ؟! 


ردت ضاحكة على تقليد نوح لها و قالت من بين ابتسامتها 

- ايوة بتعمل كدا هو أنا يعني بتبلى عليك !! 

- ممكن تبطلي كلمة ابنك محتاج رعاية خاصة عشان دي كلمة مش لطيفة و مش عاوز لسانك ياخد عليها،  ثم ابنك ماشاء الله عليه زيه زي أي طفل طبيعي

- ايوة يا نوح أنا عارفة دا بس الحمل و الولادة هايخلوني اهمل في حق تيتو و يبقى ليه ما ياخد حقه في الرعاية زيه زي اي طفل و بعدها نبقى نجيب ياسيدي بدل العيل عشرة 

- اعتبر دي بُشرة خير ؟ 

-  خلاص يا نوح سبني افكر و اخد وقتي في التفكير !! 

- ها فكرتي ؟! 

                     

❈-❈-❈


في منزل نجاة والدة زكريا 

كانت تعيش حياة رغدة و يرجع هذا بسبب لابنها زكريا الذي يعيش حياة أقل من الحياة العادية،  تبتاع لاخواته أفضل الملابس و له أسوئها،  كل ما يريد أن يعرفه هو لماذا تفعل معه هذا،  و في أحد الأيام جاءت خالته في زيارة لأمه  سألته عن حاله 

فـ رد على سؤالها بسؤالًا آخر و قال 

- ليه يا خالتي ليه جبتيني هنا تاني أنا عمري ما زعلتك و لا زعلت عم وحيد 


تابع بصوته الرقيق 

- دا أنا كنت هالعب مع بدر و الله يا خالتي، أنا لو عملت حاجة وحشة لعم وحيد أنا هروح اقل له أنا آسف حقك عليا 


لم تتحمل دالال تلك النبرة جذبته لحضـ نـها و قالت بندمًا 

- حقك عليا أنا يا ابني و الله غصب عني، ربنا يجازي اللي كان السبب و يهدي أمك عليك 


رفعت ذقنه بأناملها وقالت 

- قل لي يا زيزو بتأكل كويس ؟ و عامل إيه في الدورس ؟ لسه شاطر ؟ 

- أنا بأكل  بس قبل عمي محمد  يجي و ماما خرجتني من الدرس قالت لي كفاية عليك المدرسة 

- و بتأكل ليه لوحدك ؟ 


رفع كتفيه و قال 

- مش عارف بس كل ما يشوفني يقل لي غور و أنت شبه ابوك كدا هو بابا عمل حاجة وحشة يا خالتي ؟ 

- لأ يا حبيبي ابوك كان احسن الناس دا كفاية إنه مات شهيد بيدافع عن أرضه ووطنه 

- اومال عمي ليه بيشتمني دايما بابويا حتى ماما مش طايقاني 


ضمـ ته مرة أخرى و قالت 

- عمك محمد لو مات امك هاتعمل في اخواتك نفس اللي  بتعمله فيك صدقني امك ما بيهماش حد  و لا بتحزن على اللي بتتجوزهم و يروحوا منها،  أمك ملهاش أمان و لا حتى ليها عزيز و لا غالي 

- هتاخديني معاكِ ؟ 


عجزت خالته عن الرد ماذا تفعل بذاك المسكين الذي يريد الفرار من بيته لبيت خالته،  تنهدت بعمق و هي تنظر لسقف الغرفة،  ولجت شقيقتها وضعت حامل القهوة ثم قالت 

- امشي يا واد يا زكريا اطلع برا العب مع العيال 

- حاضر 

- استنى هنا ياواد أنت بكرا عندك امتحان اقعد ذاكر 

- إيه دا هي الامتحانات بدأت ؟

- نهارك ابيض يا نجاة أنتِ مش عارفة ابنك بدأ امتحانات و لا لأ ؟ اومال الواد بيعمل  إيه طول السنة 

- ياختي يعمل و لا مايعملش مش مهم خلينا في موضوعنا و سيبك منه 


تابعت نجاة و قالت بتحذير 

- قلت لك اطلع العب برا و لا لا يا زكريا ؟ 

- حاضر يا ماما 


سألتها نجاة بفضول و قالت 

- ها عملتي إيه مع حماتك لما اخدت منك الجميعة ؟ 


ردت دالال قائلة

- هاعمل إيه يعني خدتها خدتها ها قف اتخانق معاها يعني مثلًا ؟! 

- يا خيبة يعني سبتيها لها فعلا دا  أنا لو منك و الله ما كنت سبتها لها لو روحها فيها مش تقولي تعبانة و مش عارفة إيه دا كله شغل ستات قادرة. بتاخد الكحل من العين و مش هايمشي معاها غير اللي زيي 

- ريحي نفسك يا نجاة أنا مش زيك  و مش قاسية زيك  أنا واحدة بتخاف ربنا، مش امد ايدي على حماتي عشان قرشين ملهمش لازم و بعدين اخد منها دعوة ليا عشان ربنا يبارك لي احسن ما اخد منها دعوة تجيب أجلي و لا تطول ابني !!

                        

❈-❈-❈


بعد مرور عدة اسابيع 


مكنتش متوقعة كدا منك ابدا يا سيلا أنا طول عمري بقول ولادي هما ولادك و ربنا يعلم أنا عمري ما عملت ولادك غير ولادي كلهم عندي نفس المعزة ليه عاوزة تخربي على ابنك ؟ 


أردفت وتين عبارتها المعاتبة و هي تنظر لـ سيلا التي تغيرت تمامًا و كأن تلبتستها روح شاهيناز، كانت فيروز جالسة ترتشف قهوتها في صمتٍ تام حتى فلت من سيلا زمام الأمور و هي تقول بنبرة معاتبة لـ ولاء و لكن خانها التعبير و تملكتها حالة الغضب قائلة: 

- اللي عاوز يخرب على إنتوا يا وتين أنا عن نفسي ر بنا يعلم ربى و ولادك كلهم بعاملهم ازاي،  بس ليا الحق ازعل لما اعرف زيي زي الغريب إن مرات ابني مريضة صرع و لولا مرض ابنها مكنش حد عرف إنتوا خدعتونا يا دكتورة 


ردت الجدة وقالت بكذب

- يا بنتي صدقيني  كلنا اتفاجئنا بالمـ...


هدرت سيبا بنبرة مرتفعة تعلن عن غضبها مقاطعها الجدة وقالت دون قصد 

- كدابة 


اتسعت أعين الجميع من هول المفاجأة بينما هي ردت بعتذار في اللحظة 

- أنا آسفة و الله مش قصدي  أنا بس 


ردت الجدة بهدوء  وعقلانية لتصلح الامر قبل تدهوره 

- حقك أنتِ علينا يا بنتي بسـ...


قاطعتها فيروز قائلة بغضبٍ جم  معارضة والدتها 

- بتعتذري لمين ياما بتعتذزي لمين اللي يغلط تتدي بالجزمة على دماغه و يناولها لك  ويقولك تاني و لو مش قادرة اقوم انا عنك بالمهمة دي و اديها أنا بالجزمة على دماغها عشان نسيت اصلها و بترفع صوتها على اسيادها بنت شوارع المانيا 


ولج مالك بعد أن وصل إلى مسامعه الجزء الأخير من الإهانة لزوجتن و أنها معرضة للضر ب و السحل من تحت رأس شقيقته الصغرى،  لم يحترم أحد و قال بصوتٍ غاضب 

- تضربي مين يا بنت ال.... ليه فاكراها متجوزة واحدة ست  دا اللي يمد ايده على مراتي اقطعها له 


ظنت فيروز أنه استمع للحديث بأكمله و تتدخل حين كادت أن تضربها فقالت بغضبٍ ما لايحمد عقباه لم يتحمل ما قالته في حقه و حثه زوجته من سب و قصف علني أمام العائلة، قام بضر بها لم يكن هذا فحسب، بل قام بطردها من المنزل، وقفت الجدة  و هي تتحامل على نفسها تستمع لشكوى ابنتها التي تركت لدموعها العنان،  كادت أن تتحدث فيروز و تسرد لأخيها ما حدث لكن منعتها ولاء بصفعة مدوية فرغت افواه الجميع من قوتها 

ردت الجدة و قالت بنبرة متحشرجة إثر البكاء 

- مرات اخوكِ صاحبة البيت و أم الرجالة اللي في البيت دا لو هاتيجي تخربي عليها و تمشي يبقى امشي و اياك اشوف وشك تاني تيجي هنا بأدبك و تمشي بأدبك غير كدا مش عاوزة اشوف وشك تاني لحد ما اموت 


سألتها فيروز بنبرة متحشرجة قائلة 

- بتضربيني أنا ياما ؟! أنا اللي عاوزة اخرب البيت مش مرات ابنك 


ردت الجدة بصوتٍ مختنق و نبرة تملؤها الرعشة قائلة : 

- ايوة اضربك و اكسـ ـر عضمك كمان لتكون فاهمة نفسك كبرتي على الضـ ـر ب اللي يدخل البيت دا يدخل بأدبه و يحترم صحابه و مرات ابني صاحبة البيت و أنتِ ضيفة عندها و ضيفة مش مرغوب فيها كمان امشي اطلعي برا 


خرجت فيروز بعصبية تاركة أفراد العائلة بعد أن فشلوا في إصلاح ما افسده مالك دون قصد امرت الجدة الجميع بأن يصعدوا لبيوتهم 

قبل أن يأتي عابد و يعلم بما حدث،  كانت سيلا تبكي من فرط حزنها على بدر منها دون قصد  التزمت الصمت لثلاثة أيام كاملة،  و في اليوم الرابع جاءت ابنتها ملك و علمت بكل شئ عاتبتها و طلبت منها أن تحدث عمتها التي خرجت من البيت و لن تعود له ثانيةً


بعد مرور ساعتين 

كانت رُبى جالسة مع ملك في ردهة شقة عمها

تاركة طلال يلعب مع ( يونس و فهد) الذي يكبرهم بعامين تقريبًا، كانت ملك تحدثها بإبتسامة واسعة و هي تقول 

- و فيها يا روبي ما نوح عنده حق هاتيهم ورا بعض و اهو يتربوا مع بعض 

- قصدك يربوني اما واحد و حاسة إني هايجي لي جنان دا يا دوب نومه اتظبط الأيام 

- يا اختي ما كل العيال كدا و بعدين ما تجبيش العيب في الواد أنتِ و نوح بتحبوا السهر اساسًا إنما تيتو هو اللي علمكم النوم بدري 

- ايوة صح معاكِ حقـ ....


توقفت رُبى عن تكملة حديثها ما إن شعرت بالغثيان و الرغبة في التقيؤ، سألتها ملك بتوتر 

- مالك يا بت في إيه ؟ 

- مش عارفة بس بقالي كام يوم كدا تعبان و حاسة بدوخة 


ردت ملك بسعادة قائلة

- حامل ؟!  مبروك دا نوح ها يفرح اوي ...


قاطعتها سيلا بصدمة قائلة بغضبٍ

- حامل ازاي دي مصيبة ؟!


ردت ملك بإبتسامة مترددة و قالت بعتذار 

- معلش يا روبي ماما مش قصدها و بعدين في إيه يا ماما رزق حد يقول للرزق لأ 


تنهدت سيلا و قالت 

-  محدش طبعًا يقول للرزق لا بس لما يكون ابنها طبيعي مش مريض و مرضه ممكن اخواته ياخدوا ثم أنتِ مستعجلة ليه دا ابنك لسه مكلمش السنة دا بالعافية بيقعد أنتِ مش شايفاه ضعيف ازاي ؟ 


ردت ملك بإبتسامة مترددة و قالت 

- ضعيف إيه بس دا بسم الله ماشاء الله عليه زي العسل اهو و بعدين رُبى واخدة بالها اوي منه هي اصلا ماعندهاش حاجة غيره و هو مدلع على الآخر إن كان من نوح و لا رُبى  يعني واخد اهتمام و رعاية 


ردت سيلا بهدوء 

- روبي يا حبيبتي متزعليش مني بس أنا ببص لـ قدام ابنك لسه صغير و مريض  و كل فترة بتيجي له النوبة و بيبهدلك أنتِ و نوح ها تعملي إيه بقى لما تبقي حامل و مش قادرة تروحي و لا تيجي 


ختمت حديثها قائلة بذعر 

- مصيبة لا البيبي التاني ياخد نفس المرض !! 


انسحبت رُبى بهدوء قائلة بعتذار 

- عن أذنكم أنا هنزل اشوف ماما و راجعة تاني 


خرجت رُبى و دموعها تنساب على وجنتها،  بينما هدرت ملك بصوتها قائلة

- في إيه يا ماما في إيه ؟ مش كدا بجد كل مرة بتتكلمي كلامك بيزعلها منك و مش بس بيزعلها بيزعل كل اللي حواليكِ، و بعدين جوزها و عاوز يخلف منها بدل العيل عشرة نفرح و ندعي ربنا يهدي سرهم  و لا نضايقها بالكلام 


وقفت عن مقعدها و قالت بضيق بعد أن ادركت خطأها 

- اعملي اللي يريحكم انا تعبت و مش عارفة اعمل لكم إيه بالظبط .


                    

❈-❈-❈


في شقة عابد 

انتهت رُبى من سرد حديثها لأمها لم تكن تعلم أن عابد يستمع لكل كلماتها التي آلمتها من زوجة عمها،  لقد اخفت عنه أيضًا الخلاف الذي نتج على إثره طرد فيروز من البيت خرج من الغرفة و قال بنبرة لا تقبل النقاش 

- اقعدي هنا و متطلعيش  فوق و هانشوف آخرة اللي بتعمله دا إيه 


ردت رُبى و قالت بعتذار 

- بابا أنا هاطلع شقتي و...


دفعها في حضـ ن والدتها و قال بنبرة آمرة 

- قلت اقعدي جنب امك 


قفز بين سلالم الدرج بسرعة لا تتناسب مع عمره  وصل أخيرًا لباب شقة مالك، طرق بقوةً انتفض على إثرها يونس النائم في حـ ضن جده  ربت مالك  على ظهر يونس بخفوت حتى يعود للنوم مرة أخري و هو يعتدل بجسده  ثم قال 

- بسم الله الرحمن الرحيم،  متخافش يا حبيبي أنا جنبك


خرج مالك من غرفته و قال بتساؤل 

- في إيه؟!  إيه اللي حصل ؟ 


هدر عابد بنبرة مرتفعة و قال 

- لو مراتك مبطلتش اللي بتعمله دا أنا هزعلك أنا رديت عليك المرة دي المرة الجاي مش هعمل حساب حد 


ردت سيلا بصدمة قائلة

- أنت اتجننت يا عابد بتتهجم عليا و كمان داخل تهددني 

- لمي الدور يا أم نوح أنا ساكت لك لحد دلوقت عشان أنتِ مرات اخويا لما اخويا يلغني و أنتِ  تتدوسي على بنتي يبقى اقفي عندك و الزمي حدودك 

- حدودي أنا عارفاها الزم أنت حدودك و بعدين مالك في إيه ؟! 


رد عابد بصوتٍ جهوري و قال 

- ملكيش دعوة ببنتي فاهمة و لالأ ؟!


خرج بيجاد و هو يغلق ازرار قميصه و قال بتساؤل 

- في إيه يا جماعة خير ؟! 


أشار عابد و قال بتحذير أخير 

- بشهدك على امك قدام أبوك خليها تشيل بنتي من راسها بدل ما احطها أنا في راسي 


رد مالك بعصبية قائلا 

-في إيه يا عابد سألتك و مردتش عليا و سيبتك تقول وتزيد في كلام ملوش لازمة و دلوقتي بتشهد ابني على أمه يا جدع ميصحش  كدا 

- و يصح إن المدام في الطالعة و النازلة تذل بنتي و تعايرها بمرض ابنها و لا لسانك قصر عليها و بيطول عليا و على اختك اللي طردتها عشان ترضي ست الحسن و الجمال 


تجاوز عابد حده يعلم ذلك لكنه فقد سيطرته التامة على اللسان،  تتطورت المشاجرة بينه و بين أخيه إلى أن أتى ابنه و زاد حجم الخلاف 

أمر عابد ابنه بأن يمنع أحد بصعوده لشقة أخته  و على إثر هذه المشاجرة أتى نوح من عمله استوقفته و تين و قالت برجاء 

- بالعقل يا نوح عشان مراتك و ابنك، عمك دلوقت مخه وقف عن التفكير بالعقل لو هو شد ارخي أنت 


ربت نوح على ظهر يدها و قال بنبرة مطمئة 

و هو ينظر لزوجته 

- ما تقلقيش ملك حكت لي كل حاجة 


ولج  نوح ما إن وصل لمسامع عابد صوته يحدث وتين،  جلس على الأريكة و قال بهدوء 

- خير ياعمي ؟ 


رد عابد و قال بهدوء مريب 

-   زي ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف 

- يعني إيه ؟ 

- يعني تطلق رُبى و حلو اوي لحد كدا 

- بس أنا مش عاوز اطلق


جذب عابد السلاح النا ري موجهة فوهة عند رأسه نوح،  دوت صرخات النسوة و الدموع تهبط من أعينهن،  بينما نظر نوح لعمه و قال بتساؤل 

هاتضربني بالنـ ار يا عمي ؟  

- و افصل راسـ ك عن جسمك لو حكمت كمان يا نوح طلق بنتي بالذوق بدل ما اخليها ارملة 

- يبقى خليها أرملة يا عمي 

أنت بتتحداني يا واد أنت 

و اتحدى أي حد خلقه ربنا و انا مليش كبير 

و انا مش عاوزاك يا نوح 

و لا انا طايق ابص في وشك بس اطلقك لما يجي لي مزاجي مش بأمر حد 


دفعه" عابد"  على الأريكة ممسكًا بياقة قميصه موجهًا فوهة سلا حه الناري  وهو يجز على اسنانه و راح يقول بغضبٍ مكتوم،  الوضع تازم بشكلٍ كبير تتدخلات من هنا و هناك تُجبر نوح على الإنفصال و الخروج من هذه الزيجة بأقل الخسائر، لكنه رفض أن يفعل ما يريدهُ الجميع سيفعل ما يريده هو،   كانت رُبى في حالة يرثى لها، تحتضن ابنها بين ذراعيها  و هي تمتم بخفوت كلماتٍ تشدد من أذرها حتى لا تسقط فريسة سهلة بين مرضها الذي يهددها بين الفنية و الأخرى بعودته،  والدها لن يرحم زوجها حتى ينطق باليمين  و العائلة باكملها فشلت في محاولات الصُلح بينهما هدر عابد بوعيد 

-  وحياة ابوك لا انت مطلقها و يا أنا يا أنت يا ابن ال ... 


كظم " نوح " غيظه الشديد و ا بتلع إهانة عمه التي تجاوزت الحدود، بصق الدماء من فمه و قال بعناد 

- وحياة ابويا ما أنا مطلقها و بنتك هتفضل زي البيت الوقف لا طايل سما و لا ارض و اللي عندك اعمله 


اقتربت منه جدته و قالت برجاء 

- طلقها يا نوح طلقها شبابك ها يروح.هدر على ايد خسيـ س زي دا 


رد بإبتسامة واسعة و قال بعناد 

- بردو مش مطلقها 


ترك " عابد "  رقبة " نوح " بعد أن صفعه أمام الجميع،  مسح دمائه بظهر يده و قال بسخرية 

- مقبولة منك دي يا عمي 


كاد أن يذهب و في يده ابنته، استوقفه " نوح " 

و هو يقف عن الأريكة،  وقف مقابل عمه و قال بهدوء حد الاستفزاز ساحبًا إياها جواره 

- الحلوة مش ماشي من هنا 


قبض " عابد" مرةً أخرى على ياقة قمصيه و قال من بين اسنانه 

- ابعد عن وشي احسن لك 


أزاح " نوح " يد عمه وقال بهدوء 

- نزل ايدك بس كدا، بنتك بقت مراتي و أنا مراتي تلزمني عاوز اللي يخدمني 


ختم حديثه و هو يغمز بطرف عينه قائلا 

- يشوفني و يشوف طلباتي ما أنت متجوز و عارف يا عمي مش محتاج اقولك 

   


كاد أن يأخذها عنوة لكن عابد قام بشد أجزاء السلاح ثم رفعه لسقف الردهة قام بإطلاق رصاصتين متتاليتين و قال بهدوء 

- التالتة في قلبك لو ما بعدتش من هنا و طلقت بنتي 


فتح نوح بكل برودة أعصاب ذر اعيه و قال 

- اتفضل يا عمي و بردو مش مطلقها 



تفاجئ نوح بضربة قوية من الخلف استدار ليعرف من المجذ وب الذي تجرأ و ضربه، و قبل أن يأخذ أي ردة فعل قام تيم بلكمه سدد له نوح نفس اللكمات في القوة و العدد، تحولت الشقة لساحة معركة وقف تيم و هو يشير بسبابته تجاه والده و قال 

- عابد المحمدي ما خلفش بنات بس خلف راجل مش زي ابوك 



انتفض نوح من مكانه ما إن ختم ذاك الأخير كلماته اللازع يسب فيها تيم و كل من تسول له نفسه أن يتعدى حدود الأدب مع والده 


 انضم لهما بيجاد و هو ينـ ـزع عنه قميصه قائلًا 

- إيه يا كوكو فاكر إن مالك المحمدي مخلفش رجالة هو كمان و لا إيه ؟؟! 



كان عابد في حالة عجيبة لا أحد يستطيع وصفها هدوء مريب لا يعرفون من أين أتى به 

نفث سحابة دخان كثيفة في سقف الغرفة، فرق بينمها مالك محاولًا السيطرة على الأمر كله تحدث تيم من بين أنفاسه المسموعة و قال 

و وريني بقى يانوح هتدخل الشقة ازاي مش ابوك عامل لي في راجل و عاوز يمسح بـ رُبى بلاط الشقة فرجني هايعملها ازاي و الشقة يا حبيبي من حق الزوجة يعني أنت طلعت من المولد بلاحمص 


دا انا اروح فيك في داهية شقة مين اللي بقت من حق ربى ؟!!


- ايوة من حق رُبى ماهو احنا هناخدها بالذوق أو بالعافية و أنا بقت فاضي لك خلاص وريني بقى يا رجولة ها تعمل إيه و ابنك مش هاتشوفه ما هو مريض ها تعمل بي إيه ؟! مش ربى بنت عابد المحمدي اللي تتكـ سر يا نوح 


ما خلاص يا بقى يا زفت أنت يعني هي كانت بنت زعيم الأمة ما تلم دورك و دخل الواد شقته و لا هي بقت بقت سرقة عيني عينك يعني ما تشوف ابنك يا عابد ؟! بدل ما اقوم اضربه اك قلمين 


ابني لو معملش كدا هقوم انا اللي اضربه و محدش لي عندنا حاجة و ايوة هي سرقة عندك مانع !!! 


     


ابتسم تيم بانتصار و تشفي ما إن نصره والده على عمه رد بنبرة ساخرة استفزت مالك و اولاده 

- بالسلامة بقى عشان مش فاضين يا كوكو و وريني هاتعملوا إيه 



اغتاظ بيجاد من نبرته تلك انقص عليه من الخلف مانعًا إياه من الصعود لشقة أخيه قائلا بذات النبرة 

-ايدينا مش مقطـو عـة يا كوكو و ...



تتطور الأمر و خرج عن السيطرة تحديدًا عندما سحب تيم سلا حه النا ري المرخص 

حاول بيجاد نزعه من يده لكن تيم رفض أن ينتصر عليه ابن عمه تشابك بيجاد مع تيم محاولًا نزع السلاح النـ ارب من يده و اثناء التشابك كان يقف ريان على اعتاب الشقة خرج الرصاصة ودوت صرخات النساء ما إن سقط .... 


يتبع...