-->

رواية عقوق العشاق - بقلم هدى زايد - اقتباس الفصل الاخير

 رواية عقوق العشاق 
بقلم هدى زايد



رواية عقوق العشاق

اقتباس الفصل الاخير

❈-❈-❈  

طرق نوح باب غرفة ابنته ثم ولج بهدوء وجدها في سباتٍ عميق، تشوبه والدتها كثيرًا تملك شقاوة و مرح لا يمكله غيرها ربما لأنها أتت بعد أربعة أبناء من الذكور و ربما لأنها الوحيدة لذلك يدللها كثيرًا لا يعرف لماذا تملك بقلبه هذا الكم من العشق، على ما يبدو أن آخر طفل في العائلة دائمًا يدلله باقي أفراد العائلة، ملس على خصلات شعرها، ثم طبع قبلته على جبهتها و همس بخفوت قائلا: 

- ديدا، ديدا حبيبة قلب بابي أنا جيــت 



ردت سيدرا و صوتها مازال به إثر النوم 

- بابي حمد لله على السلامة 

- الله يسلمك يا عمري، عارفة جبت لك إيه معايا النهاردا ؟ 

- تشوكلت ؟ 

- صح و إيه كمان 

- اممم آيس كريم ؟! 

- برافو يا روح قلبي يلا يا روحي البسي و تعالي عشان نفطر 


كاد أن يقف عن حافة الفراش لكنها تشبثت بـ رقبته و قالت بغنج كـ عادتها 

- أنت هاتسرح لي النهاردا و تعملي لي شعري ضفيرة زي اللي ناناه سيلا بتعملها لي 



وضع نوح يده خلف ظهرها و قال باستلام و الإبتسامة لا تفارق شفتاه 

- أمري لله اعملها لك هو أنا عندي كام ديدا ؟! 



ردت سيدرا بسعادة و هي تهتف خارج الغرفة 

- يعيش بابي يعيش  


ردد اخواتها قائلين في آنٍ واحد 

- يعيش يعيش 


توقفت عن الهتاف و قالت بتساؤل بنبرة هامسة 

- هاخد معايا تشوكلت في المدرسة 

- مش الدكتور قال بلاش عشان سنانك ؟ 

- واحدة بس ؟ 

- اوك طالما واحدة بس مافيش مشكلة 


عادت ترفع يدها و تقول بسعادة 

- يعيش نوح المحمدي 


ردد اخواتها بنفس الحماس دون معرفتهم لِمَ كل هذا الهتاف قائلين 

-يعيش نوح المحمدي يعيش يعيش 


وضعها على المقعد الخاص بها و جلس هو الآخر على مقعد و قال 

-ياريت تخلصوا أكل بسرعة عشان الباص قرب يجي 


تابع بفضول و قال 

- فين صفوان ؟ 


رد طلال و قال 

- تقريبا كدا في الحمام أو نايم و احتمال يكون بيلس و جايز يكونـ....


قاطعه نوح قائلا

- بس بس إيه كل دا يلا خلص أكلك يا بيه عشان نشوف موضوع الاستدعاء اللي جالك دا ؟!

- ما خلاص بقى يا بوب أنا مش عاوز اتعبك معايا 

- لا ياحبيبي أنا رايح رايح عشان أشوف اخوك عمل هو كمان في المدرسة، ها خلص اللي ورايا و هاجي على طول 



 انتهى الابناء من تناول وجبة الإفطار، ثم توقفوا صفًا واحد أمام والدهم، ليأخذون المصروف اليومي كانت سيدرا آخرهم كادت أن تقبل يده كما يفعلون أخواتها لكنه قال بحنو وحب 

 - أنا اللي ابـ و سك يا قلب بابي 


تابع بنبرة هادئة

- خلي بالك من نفسك و بلاش شقاوة و ر كزي مع المدرسين في المدرسة 

- حاضر يا بابي 

- عاوزك شطورة و كل ما تبقي شطورة ها يكون ليكِ هدية 


فتحت ذراعيها بالتزامن مع اتساع حدقتها و قالت:

- هدايا كتيــــر اوي 

- كل اللي نفسك في يا عمري أنا، يلا بقى عشان الباص واقف تحت من بدري 



 ركضت خلف اخواتها الأربعة اللذين كانوا يقفون في انتظارها على سلالم الدرج، مال قليلًا طلال ثم حملها على ظهره، و تسلم حقيبتها صفوان و هو يقول بتساؤل 

 - عملتي واجبك و لالا؟ 

 - لا 


رد طلال بنبرة معاتبة قائلا: 

- ليه يا ديدا مش انا عملت لك واجب العربي 

- اه بس في واجب تاني في ال math نسيته خالص 


رد آدم وقال 

- دي مهمتك يا صفوان النهاردا أنا عملته امبارح 

-ماشي مافيش مشكلة بس أنا خطي الميس هتعرفه هحاول على قد ما اقدر اخلي وحش زي خطك 


وصلوا إلى الحافلة جلسوا على الأريكة الخلفية كعادتهم كانت تستند برأسها على صـ ـ ـدر طلال تتئثاب بين الفنية و الأخرى حتى غلبها النعاس، نظرت له و قالت: 

- تيتو 

- نعم يا ديدا ؟ 

- عاوزة انام  



رد باسل و قال 

- لا مش ها ينفع دا احنا خلاص قربنا نوصل المدرسة 


رد طلال و قال 

- سيبها تنام لسه قدمنا ساعة على ما نوصل تكون ارتاحت فيها تعال أنت مكانها و خليها هي تنام في الضل 


وقف صفوان ليفسح المكان حتى تمدد جسـ ـدها بأريحية ثم خلع طلال و آدم معطفيهما ليغطي جسـ ـدها، أشار باسل لأخيه الاكبر و قال 

- صفوان في كرسي في فاضي روح و اكتب هناك 

- لا كدا احسن عشان خطي يبقى وحش و يبان إن هي اللي كتبته .



بعد مرور ساعة تقريبًا 


وصلت الحافلة إلى المدرسة، بدأت الطلاب في النزول و انتظر طلال و اشقائه، حتى يأتي دورهم 

ايقظها قائلا

- يلا يا ديدا وصلنا 



بدأت تهندم ملابسها و شعرها نظرت لأخيها و قالت بحزن 

- شعري باظ يا تيتو !


وضع صفوان الدفتر داخل حقيبتها و قال بإبتسامة واسعة 

-كدا كل الواجب اتكتب خلاص 


تابع بهدوء و هو يصفف شعرها من الجهة الأخرى ليساعد أخيه و قال 

- و ادي كمان شعرك اهو يلا بقى سُكرتي الحلوة 


كاد أن يقف لكنها تشبثت بـ رقبته و قالت بغنج 

- شيلني لحد باب المدرسة يا نانو   



رد باسل و قال بهدوء 

- بلاش يا ديدا عشان المدير زعق المرة اللي فاتت خليها لحد ما ننزل من الباص بس 



ردت بضجر وقالت بتأفف

- اوف ماشي يلا بينا



❈-❈-❈ 


كانت سيدرا جالسة في فصلها انتظرت أخواتها، ضاق صدرها من الإنتظار لاول مرة يحدث هذا، تنهدت بعمق و هي تضع يدها أسفل ذقنها، هرع صفوان نحوها و قال 

- معلش يا ديدا اتأخرنا عليكِ  


ردت بنبرة متحشرجة إثر البكاء و قالت 

- كل دا يا نانو انا خُفت من القعدة لوحدي و صحابي كلهم مشيوا 


طبع قبلة خفيفة على ظهر يدها و قال 

- آسف يا قلب نانو يلا عشان الباص هايطلع 



حملها على كتفه و هو يكتم آلامه إثر حمله لـ طلال بعد أن أتته النوبة الصرعية، سار بخطوات واسعة و سريعة، سألته سيدرا بنبرة متعجبة قائلة

- هو فين تيتو آدم و باسل ؟ 


رد صفوان كاذبًا 

- قلت لهم يركبوا عشان الباص ما يمشيش و يسبنا 



وصل اخيرًا للحافلة دخلها بهدوء، نظر لأخيه ثم عاد ببصره و لـ باسل قائلا

- هو عامل إيه دلوقت ؟ 


رد باسل و قال 

- فاق بس نايم شوية 


جلست سيدرا جوار اخيها و قالت بقلق 

- ماله تيتو 

- ملوش يا ديدا هو بس كان عاوز ينام ابعدي بس عنه عشان يرتاح لحد ما نوصل 




ما إن وصلت الحافلة كان نوح يصف سيارته 

لحسن حظ صفوان الذي ظل يتسأل عن كيفية حمله و الصعود به ثلاثة طوابق، حمله والده بين ذراعيه رغم اعتراض طلال الذي بدأ أن يستعيد وعيه بشكلٍ كامل، لكنه لم يصغى إليه


صعد بهدوء حتى وصل لغرفته، مدد جسدها على حافة الفراش ثم سأل صفوان 

- اخوك ماله ؟ 


رد صفوان و قال 

- جت له النوبة و احنا في الفسحة 


سأله نوح بهدوء قائلا

- ليه و هو بياخد علاجه و ماشي كويس مافيش حاجة ؟ 



رد صفوان بكذب قائلا

- مش عارف بس هو شكله تعب عشان ضغط الامتحانات 



استشعر نوح الكذب في نبرة صفوان، امر ابنائه الثلاثة بمغادرة المكان ثم طلب من ابنه بعقلانية قائلا 

- عارف إنه سره معاك و إنك صاحبه و عارف كل حاجة عنه و لآخر مرة بسألك إيه اللي زعل اخوك ؟ 


رد صفوان و قال بكذب

- مش عارف صدقني يا بابا أنا كنت بلعب مع صحابي و لقيت واحد صاحبه بيقولي اخوك وقع في المسرح و بيترعش جامد، فـ عرفت إن النوبة جت له بعد كدا قلت للدكتورة و هي اتصرفت لما اديتها لها العلاج بتاعه 


أومأ نوح بهدوء قائلا

- ماشي يا صفوان هعمل نفسي مصدقك، بس لو عرفت السبب صدقني مش هرحمك 



كانت آخر محاولات نوح هي التهديد لكن صفوان كان على مبدأهُ ثابتًا، غادر نوح تاركًا ابنه يعاتب أخيه قائلا 

- قلت مليون مرة يا طلال بلاش البت دي و أنت مسمعتش كلامي، عجبك كدا !! اهي ضحكت عليك الشلة كلها 


بلع طلال لعابه و قال بهدوء 

-خلاص يا صفوان مش قادر اتكلم كفاية ارجوك 


رد صفوان بوعيد 

- و الله العظيم ما هاسيبك يا سالي الزفت أنتِ و لا أنت كمان يا سراج ماشي مبقاش صفوان لو ما ضحكتش عليكم المدرسة كلها 



حرك نوح رأسه بعد أن علم ما حدث لابنه 

كان على يقين أن ابنه دخل علاقة غرامية و هو بالصف الثالث الأعدادي تأثر بفراق حبيته أم خدعته لا يعرف على وجه الدقة لكن الأمر بات واضحًا وضوح الشمس، التزم الصمت حتى يعود لابنه كامل صحته ثم يحدثه بعقلانية .