-->

رواية عقوق العشاق- بقلم الكاتبة هدى زايد- اقتباس متقدم

 

رواية عقوق العشاق 

بقلم الكاتبة هدى زايد 




اقتباس متقدم 

رواية

عقوق العشاق 


خُدي يا بت تعالي هنا 


قالها المتمرد وهو جالسًا على المقعد الوثير بجانبه الجرو الأسود الذي لايفارقه حتى وقت النوم، سارت تجاهه بخطواتها الهادئة كالطفلة التي لم تتجاوز العاشرة من عمرها، تشابكت أناملها في بعضهما البعض وقالت بصوتٍ منخفض عن ذي قبل 

- نعم يا مستر (..... )


سألها بهدوء مريب 

- معاكِ منديل ؟ 


أجابته ببراءة وقالت بصوتٍ غاية في الرقة عله يتأثر من نبرتها المدللة تلك 

- لأ تحب اروح اجيب لك ؟ 

 - اه 

- ثواني يا مستر 


كانت تتبختر في مشيتها محاولة إظهار أنوثتها في جلبابها الأسود القصير، بينما هو قال بخفوت 

- بطة بلدي ماشية فاكرة نفسها غزالة !! 


عادت بذات الخطوات الهادئة، وضعت نصب عيناه المحارم الورقية و قالت 

- المنديل يا مستر 


أشار لها المتمرد بسبابته و قال بنبرة ساخرة 

- تعالي بقى امسحي الختم اللي قفايا هنا عشان مش شايفه 


مالت بجذعها قليلًا وهي تضغط على شفتا ها السُفلى و قالت 

- مافيش حاجة !! 


وقف عن المقعد و قال بنبرة هادئ لكنها لا تقبل النقاش و قال 

- خروج من البيت مافيش دا اولًا، ثانيًا بقى هتروحي المطبخ زي البطة كدا وتعملي غدا محترم عاوز محشي بجميع اشكاله وانواعه رقاق بشاميل وكفتة و الحلو بقى


قاطعته قائلة بإبتسامة واسعة 

- حلو وأنت موجود دا يبقى عيب في حقك يا روحي 


رد المتمرد متسائلا 

- أنتِ عارف إني عندي الضغط ولالا ؟ 

- اه عارفة 

- و عارفة إن علاجي خلص من امبارح ولالا ؟ 

- ايوة يا حبيبي ما هو أنا بساعد الضغط إنه يترفع عشان متتعبش ياروحي 

- يا اختي طلعت روحك يا بعيدة هو أنا كنت ناقصك 


عدلت ياقة قميص وقالت بنبرة ناعمة 

-أنا بقى هاعمل لك حلو ياحلو أنت بسبوسة بالمكسرات لأ وكنافة بالقشطة ليك مزاج في حاجة تانية ياروحي ؟ 

- اه 

- إيه هي ؟ 

- تغوري من وشي قبل ما تيجي لي جلطة 

-بعد الشر عنك يا حبيبي 

- استني عندك 

############

ضغطت على اسنانها واطبقت على جفنيها من فرط غيظها قبل أن تستدار له وقالت بإبتسامة متناقضة تمامًا مع غضبها الشديد

-أؤمرني يا روحي 

- أنا واخد إجازة النهاردا من الدروس و المدرسة و عاوز اشوفك و أنتِ بتعملي الأكل عندك مانع ؟ 


كيف تتصرف الآن الأمر على مايبدو أنه خرج عن السيطرة ماذا تفعل هل ستقبل بالمكوث في البيت ليس هذا فحسب بل ومراقبته أيضًا لها 

حسنا على مايبدو أنها ستضطر لإظهار قناع الشراسة عله يتراجع، رفع إصبع الشهادة و قالت بإعتراض 

- لأ لأ لأ مابحبش حد يتفرج عليا و أنا بطبخ 

-أنا بقى بحب 


عادت كالهرة تملس في خده وهي تحاوط رقبته بين ذراعيها كما وصفها أكثر من مرة

- بيبي عشان خاطري روح شغلك هتتأخر على المدرسة 

- لا ما النهاردا إجازة 

- ليه يا روحي دا أنت عمرك ما اخدت اجازات 

- لا النهاردا بالذات مصر كلها واخدة إجازة وأنا مصري ولازم اعمل زيهم 


نزعت يدها المحاوطة لرقبته و قالت بنبرة مغتاظة 

- يعني أنت مصمم ؟ 

- اه 


ردت وهي تدب قدمها أرضًا وقالت 

- طب أنا عاوزة اروح لبابا وماما دلوقتي حالا 


هوى على المقعد ثم وضع ساق فوق الأخرى و قال بهدوء 

- الساعة عشرة و أنا بتغدى الساعة تلاتة وريني بقى جمال خطوتك و ابداعاتك في المطبخ عاملة ازاي ؟! 

- طب و زيارة بابا وماما ؟! 

- لما يجي يوم زيارتك ابقى روحي يومك يوم الخميس من 9 الصبح لـ 5 بعد المغرب 


ردت بنبرة مغتاظة وقالت 

- بس أنا بقوم الساعة 4 

- ظبطي نومك معايا عشان تروحي وقت ماتحبي في المواعيد اللي حددتهالك و دلوقتي اتفضلي 

- اوووف بقى دي مش عيشة دي !! 


رد باسمًا وقال 

- لأ ماهو أنا ناوي امو تك بالبطئ متقلقيش 


غادرت المكان متجهة حيث المطبخ، عادت بعد مرور خمسة دقائق و قالت بنبرة حائرة 

- هو ورق العنب المحشي بيحتاج رز ولا فريك عشان يتعمل 


رد بنبرة مغتاظة وقال وهو يرفع كفه للأعلى قليلًا 

- أنتِ بدأتي الأكل بـ ليفل الوحش !!  


ابتسمت بثقة و غرور و هي تهتز بجسدها كاملت وقالت 

- دا أقل ما عندي أنت ياما لسه هتشوف انبهارات أنا بس اللي مابحبش اتكلم عن نفسي كتير !


عصر قبضتاه و هو يطبق على جفنيه بقوةً، طحن على اسنانه و قال 

- الصبر من عندك يارب 


تنهدت بعمق وقالت بتذكر 

- بالنسبة للرقاق و البشاميل أنا هاعملهم بكرا عشان مش هالحق اعمله لأن يادوب الوقت هيروح مني في المحشي و الحلويات خليها بعد بكرا بص احنا اتنين بس يعني حرام نعمل الأكل دا كله إيه رأيك لما نطلب أكل من ويادوب بتاع الغدا 

- روحي اعملي الأكل عشان دي عزومة 

- عزومة بتهزر صح ؟ وجاي الساعة تسعة الصبح تقولي اعملها 

- متقلقيش الناس جاية الساعة تسعة بليل 

- يا نهار أبيض بردو مش هالحق دي العزومة دي لازم لازم لازم يتجهز لها قبل بأسبوع كل يوم نعمل أكلة شكل 


رد عليها ساخرًا بصوته الغاضب الذي فشل أن يتحكم فيه وقال 

- ايوة يوم العزومة نفسها نجمع ونكسب ؟! المفروض إنك ست بيت وفاهمة في الحاجات دي كويس اومال أنا متجوزك ليه ؟ 

- أنت مش متجوز خدامة 

- هو اللي تطبخ في بيتها تبقى خدامة !! 

- المفروض تساعدني ؟ 

- اساعدك !! 

- إيه عيب ؟! 

 - مش عيب بس أنا مابفهمش في شغل المطبخ ولا العزومات أنا كنت بطبخ لنفسي حلو وحش كنت بأكل وأنا ساكت حتى ريكس مكنش بيرضى يأكل أكلي عاوزاني دلوقتس اطبخ لـ عشرين نفر و المفروض يأكلوا منه طب ازاي ؟!!


عقدت ساعديها وقالت بحزن طفولي وهي تقلب شفتا ها بالتزامن مع رفع كتفيها للأعلى قليلا 

- معرفش بقى ساعدني 


سحبته خلفه متجه به حيث المطبخ، اجلسته على المقعد ثم بدأت في اكتشاف الخضروات وضعت يدها في فمها تفكر ما الأشياء المشتركة بين هذا وذاك، نظرت له وقالت 

- أنت اعمل البتجان و الفلفل و الكوسة وورق العنب  

- وأنتِ دورك إيه بقى إن شاء الله ؟ 

- متقلقش أنا هعمل اكتر منك أنا هعمل الصلصة و احشي المكرونة 


استوقفها متسائلا بنبرة متعجبة قائلا 

- تحشي المكرونة من اي اتجاه مش فاهم ؟! 

- يعني احط المكرونة القلم فيها لحمة و بشاميل  


رد بندمًا للمرة التي فشل في عدها في تاريخه معها وقال 

- دا أنا اللي عاوز خمسين قلم وشي عشان عملت كدا في نفسي !! 


تناولت منه البذنجان و قالت بجدية مصطنعة 

- سيبك من دا وخد قور الفلفل 

- هو الفلفل بيتقور !! 

- اومال يتعمل في إيه ؟ 

- مش عارف 


حك مؤخرة رأسه و قال باقتراح 

- تيجي نجيب وصفات من على النت عن كل أكلة ؟ 

- احسن بردو 


بعد مرور ثلاث ساعات 


من المشاهدة على جميع الوصفات التي تشرح بطريقة غاية في البساطة، نظر لها وقال 

- استني بس هي قالت الزبدة الاول و بعدها الدقيق و لازم الدقيق يحمر ! 

- لأ قالت زبدة و زيت 


تنهد بعمق وقال بضيق 

- هاتي فيديو تاني اسهل وكل خطوة تعملها نوقف الفيديو و نعمل زيها ماشي ؟ 

أناعن نفسي ok المهم أنت متزهقش زي كل فيديو 

- لأ إن شاء الله مافيش زهق شغلي بقى الفيديو وثبتي التليفون 


بحثت عن المقعد الإضافي الذي كان بالمطبخ لكنها لم تجده، فـ فضلت الجلوس على فخذه، نظر لها ومازالت بيده السكـ ين المخصص

 لتقطـ يع الخضروات، رفعت كتفها وقالت بعفوية شديدة 

- الكرسي التاني برا فقلت اقعد عادي مش أنت جوزي ولا إيه ؟! 


عاد ببصره لشاشة الهاتف بينما هي ثبتت يدها خلف مؤخرة رأسه محاولة توازن جسـ ـدها بسبب الساقة المتسمرة تلك، أراح ساقه قليلًا ما إن وجدها تحاول البحث عن وضعية مريحية لها لم تنتبه لهذه الحركة الخفيفة، ترك 

السكـ ين من يده ثم حاوط خا صرها مقاطعًا انسجامها مع شرح المقطع و قال 

- ما تشوفي لنا ازاي نربي بط بلدي في البيت ؟ 


عقدت ما بين حاجيبها وقالت بدهشة 

- أنت عاوز تربي بط بلدي هنا في الشقة !! 


رد بنبرة ساخرة وهو ينظر لها 

- ما البطة موجودة قدامي اهي بس محتاج اعرف بتتربى ازاي ؟!


يتبع