رواية عقوق العشاق - بقلم الكاتبة هدى زايد - اقتباس - الفصل الرابع والثلاثون
رواية عقوق العشاق
بقلم الكاتبة هدى زايد
اقتباس
الفصل الرابع والثلاثون
رواية
عقوق العشاق
في أحد الجلسات العائلية السعيدة في منزل الجدة ولاء، كان مالك يشعر بتعبٍ و إجهاد لا يعرف سببه لكن على ما يبدو أن هذا طبيعي لأنه سوف يخضع لـ عملية إزالة المرارة وضعه الصحي تحسن قليلًا ثم عاد للتدهور من جديد
الجميع يعلم أنه خلال أيام سوف يخضع لهذه العملية و بدأ القلق ينتاب أصحاب القلوب الضعيفة.
كان هذه الأيام مالك يمكوث داخل شقته بمنزل العائلة يقرأ الجريدة المسائية لا جديد ما يقرأه اليوم هو ما قرأهُ أمس و ما سيقرأهُ في الغد لكن الأمر بالنسبة له أصبح أكثر روتينًا، كانت سيلا جالسة جواره تشاهد التلفاز
تقضي أكثر الوقت معه و لخدمته، لم تعد تنتظر أحد من لديه متسع من الرقت يأتي و من ليس لا ضرر في ذلك لم يقصر أبناىها في زيارتهم اليومية أو الأسبوعية، تأقلمت على عدم وجودهم كما كان يحدث في السابق رُبما لأنها تُعاني من الوسواس القهري الذي لم تُشفى منه حتى الآن يبتعد عنها ابنائها منعًا لزيادة الضغط العصبي و النفسي لديها، كما أن الحياة لاهية بكل ما تحمله الكلمة من معنى .
قرع ناقوس الباب وقفت عن الأريكة متجهة نحوه فتحت لتجد عابد ماثلًا أمامها و على ثغره إبتسامة خفيفة بادلته ذات الإبتسامة و هو يقول بهدوئه المعتاد.
- صباح الخير بليل مالكم بقيتوا بتناموا كتير ليه ؟ كل ما اسأل عنكم يقولوا نايمين
أشارت سيلا بيدها قائلة بترحاب
- اتفضل يا عابد
تابعت بهدوء
- مالك الفترة العلاج بيناموه كتير
جلس على المقعد و قال بهدوء
- فنجان قهوة بقى مظبوط عشان عندي موضوع مهم مع مالك و القعدة مطولة شوية معلش
ردت بإبتسامة
- حاضر و ياريت تقنعه يأكل أي حاجة من الصباح على لقمة بسيطة من الفطار و قاطع الأكل نهائي .
- روحي أنتِ بس اعملي القهوة و بعدها حضري العشا.
غادرت سيلا تاركة عابد يتحدث مع زوجها الذي نفر من كل شئ حتى تجمع العائلة، كل شئ اصبح ييق صدره منه، نظر عابد له و قال بتساؤل
- أنا عرفت إنك ها تعمل عملية سلامتك
رد مالك بنبرة مقتبضة
- الله يسلمك
دام الصمت لثوانٍ معدودة ثم بترهُ عابد بجديته المصطنعة قائلا:
- يعني بعد كل اللي عملته دا و كمان أنت اللي زعلان مش أنا ؟!
رد مالك بإبتسامة ساخرة و هو ينظر لأخيه
- أنا زعلان ؟! ليه أنا مين عشان ازعل، أنا اقدر ازعل من سيدي و ولي نعمتي !! دا حتى كان ابنه مسح بكرامتي البلاط زي ما عمل قبل كدا
رد عابد بهدوء قائلا:
- ابني هو ابنك يا مالك و أنت عارف كويس إن اللي حصل دا كله سببه مين و..
رد مالك مقاطعًا بهدوئه التام
- لا تعرفني و لا أعرفك يا عابد يا اخويا يا ابن أمي و أبويا دا أنت لو نزلت تحت سألت ام محمد البقالة ها تقل لك ابنك عمل إيه و الحكاية من اولها لآخرها سيبك بقى من شغل أصل كنت متعصب و أنا بدافع عن بنتي و الجو دا عشان مش هيودي و لا ها يجيب
سأله عابد بهدوء
- أنت لسه زعلان ؟!
أجابه مالك قائلًا:
- ايوة لسه زعلان ايوة مش عارف اصفى من اللي حصل أنا اتكسرت قدام ولادي و مراتي، احنا طول عمرنا بنتخانق و صوتنا بيجيب آخر الدنيا بس عمر ما عيل من عيالي رفع صوته عليك، عمر ما قدر واحد من عيالي يهينك و يقلل منك أنا نفسي لسه لحد اللحظة بتكلمي فيها دي بحترمك مش خوف منك لأ عشان أنت اخويا الكبير، بتيجي عليا و على عيالي و بقول عدي و ماله دوست عليا و على ابني عشان خاطر بنتك و قلبت الدنيا بس أنا كمان ممكن اقلب الدنيا عشان ابني و ابن ابني بس قلت لأ طالما الواد عاوز البت هلاص عدي أنت و اخوك هيسكت دلوقت لا أنت سكت و لا ابنك اخترم نفسه أنا اتهرأت قدام حماك و أنت كنت ساكت حماك نفسه بص لي بصة اللي هو معلش امسحها فيا ليه كل دا عشان إيه ؟ أنا اللي هعرفك مراتي بتعاني من إيه مش دي مراتي اللي ياما قلت عليها اختك و زيها زي ميمي و فيروز الاقيك بتكسر عليها باب الشقة و بترفع صوتك و لا غيني طب ليه ؟ عشان إيه ؟ هو لو حماتك و لا مراتك اللي نفس الكلمة مش كنت بلعتها و سكت !! عارف ليه يا عابد أنت بتتمادى في جبروتك عشان ملقتش اللي ياخد منك موقف من الاول لو كنت جت لي بالهدوء وقفلنا علينا بابنا زي ما كنا بنعمل كدا و قلت لي مراتك عملت وعملت و مسكت جزمتك و ضربتني بيها مكنتش هرفع عيني في عينك عارف ليه عشان احنا طول عمرنا بنعمل كدا لكن أنا دلوقتي مش قادر ارفع عيني في عين ابنك ابنك كسـر ني ولادي بقوا بيجيوا زي الضيوف أنا مبقتش متحمل حاجة و لا محتمل حد، أنا سبتك لك البيت و الدنيا كلها و مشيت و برجع بمزاجي لكن متجبرنيش ارجع زي الأول عشان مبقاش ينفع
ارجع أصلًا .
سأله عابد بإبتسامة ساخرة
- كل دا في قلبك من ناحيتي ؟!!
رد مالك بسؤالا آخر على سؤاله
- أنت بقى إيه في اللي في قلبك من ناحيتي على الأقل أنا عمري ماخيبت عنك حاجة بعرفك حياتي ماشية ازاي لكن أنت فين بتعمل إيه و عايز إيه معرفش و مش عايز أعرف أنا اللي كنت أهبل و عبيط بس معلش محدش بيتعلم ببلاش
وقف عابد مقعده و قال بهدوء
- ماشي يا مالك عمومًا أنا جيت لك لحد عندك و قلت أنك هتنسى اللي حصـ...
رد مالك بنبرة غاضبة قائلًا
- ما أنا ياما جيت لك و بوست ع راسك كمان ياما طبطبت و حننت عليك و على عيالك اللي هما عيالي، يا راجل دا أنت مستكبر تقول حقك عليا متزعلش !! دا أنت فاهم إن طلعوك لخد عندي دا تفضل منك مع إنه واجب عليك أصلًا !!
ولج نوح و هو يرَ إنهيار أبيه داخليًا لكن ظاهريًا يرَ جبلًا لا يهتز أبدًا، صافح عمه ثم طلب منه الجلوس مرةً أخرى، تنحنح نوح و قال بهدوء
- بابا كفاية زعل لحد كدا عشان خاطري بلاش عشان خاطري عشان خاطر تيتا اللي بتتعب كل ما بتشوفوكم بُعاد عن بعض كدا عاوزين نتلم تاني و بعدين اللي اتكـ سـر يتصلح
قبض مالك على كأس الماء ليتهشم في باطن يده من فرط غيظه الشديد، نظر لابنه و قال
- رجع لي الكاس دا سليم زي ما كان و أنا ارجع تاني اعرف ارفع راسي وسطكم بعد ما ابن عمك داس عليا و على كرامة مراتي اللي هي كرامتها من كرامتي
وجه ما لك سبابته نصب أعين نوح و قال بغيظٍ مكتوم من ابنه الذي يشوبه في الشباب على ما يبدو أن ابنائه ورثوا طيبة قلبه و هذا سيكون سببًا كافيًا في تد ميرهم في المستقبل كما حدث معه الآن تابع بغيظٍ قائلا:
- و اللي هي أمكــ و عمك صقف له و قال برافو أنا عارف إنك بتحب مراتك يا نوح و دا شئ يسعدني بس اللي يحزني إنك تاخد الجزء اللي في مصلحتك و بس طلعوني برا دايرتكم عشان خلاص مبقاش ليا مكان فيها أنا هنا مجرد ضيف يومين تلاتة و برجع بيتي تاني
و متقلقوش أنا ماشي كمان ساعة ياريت محدش يتعب نفسه و يجي المستشفى عشان مش عاوز حد معايا.
يتبع