رواية عقول العشاق - بقلم الكاتبة هدى زايد - الفصل التاسع والعشرون
رواية عقوق العشاق
بقلم الكاتبة هدى زايد
الفصل التاسع والعشرون
رواية
عقوق العشاق
سألها وهو يضيق حدقتاه قائلا
- فين بقى الخاتم بتاعي أنا بقى ؟
أجابته وهي ترفع كفها و قالت
- اهو يا حبيبي هو أنا اقدر انساك دا أنت الخير و البركة
رد نوح ضاحكًا و هو يربت على كفها المجعد وقال
- الله يبارك فيكِ يا ستي
❈-❈-❈
اطفئت الأضواء و بدأت الموسيقى في العد التنازلي ثم فتح باب القاعة ليظهر العريس و جدته تتشبث في ذراعه، صفق لهما
الجميع لهذا المشهد الجميل، ثم أتى دور العروس التي دخلت وهي تتوسط جدها ريان و أبيها عابد، الاجواء حتى الآن رغم بساطتها إلا إنها خطفت الأنظار من الوهلة الأولى، كانت تريد أن تبارك للعروسان لكنها لا تستطيع الحرك فأتت إليها ( ربى و نوح) وقفت و هي تتحامل على نفسها عا نقتها و باركت لها ابتسمت ربى و قالت بسعادة
- كنت هزعل جدًا لو مجتيش
- مبروك يا عروسة ربنا يتمم لك بخير
ثم نظرت لنوح و قالت
- مبروك ربنا يتمم فرحتك على خير يارب وتكون جوازة العمر
- امين يارب
عاد العروسان لمكانهم المخصص وجلست هي
على مقعدها، رغم شحوب وجهها إلا أن تحاول أن تبتسم لمواكبة الاجواء، بدأت الموسيقى الصاخب في التعالي انسجم سريعًا المدعوين للحفل وعلى رأسهم عابد الذي افتتح الحفل برقصة مع ابنته، نظرت لساعة معصمها وجدتها تجاوزت العاشرة مساءً، الوقت يمر و بيجاد متغيب عن الحفل حتى الآن، يا ليته يأتي لتراه هذه هي أمنيتها الوحيدة، وقف اخيها وقال بهدوء
- يلا نمشي بقى احسن انا عندي شغل الصبح بدري
وقفت معه لكنه تسأل بنبرة متعجبة وقال
- هو أنتِ هاتمشي دلوقتي يارقية؟
ردت بتلعثم قائلة
- اه في حاجة ؟
- لا بس بحسب هاتفضلي مع أهل جوزك في يوم زي دا
ردت بنبرة مختنقة
- مش قادرة يا معرز اقعد اكتر من كدا وكمان الدكتورة قالت لي الراحة في الفترة دي ضروري اوي كفاية كدا بقى و هما هايعذروني
- خلاص مافيش مشكلة يلا بينا
كان معتز يحمل ابنه بين ذراعيه بينما كانت رقية تسير بهدوء مع زوجة اخيه التي تعجبت مما حدث وهي تقول
- أنا مش عارفة جوزك راح فين دا أنا سامعة بودني معتز و هو بيسلم عليه في التليفون
- يعني كنتي بتكدبي عليا وبتقولي مسافر
- ياختي اتنيلي آل يعني أنتِ عينك مكنتش هاتطلع طول الفـ ...
قاطعت حديثها و هي تشير بيدها قائلة
- بيجاد اهو جه بيسلم على اخوكِ
بداخلها فرح عامرة لكنها تظاهرت بالعكس تمامًا أتى إليها و صافح زوجة أخيها و يعتذر منهما قائلا
- أنا آسف اتأخرت غصب عني و الله اتفضلوا جوا
ردت زوجة معتز و قالت
- نتفضل فين بقى دا معتز وقف التاكسي و ركب خلاص مرة تانية بأمر الله
طال النظر بينه و بين قررت أن تقطـ ع هذه النظرات زوجة معتز و هي تقول
- طب عن أذنكم بقى احسن معتز بيشاور لي مبروك لاخوك وعقبال ما تفرح بولادك
ردت رقية وقالت بسرعة
- استني أنا جاية معاكِ
كادت أن تتحدث لكن شارو لها زوجها فقالت سريعًا وكأنه انقذها في اللحظة المناسبة
- طب أنا هامشي لأحسن معتز جاب اخره سلام بقى
رد بيجاد وقال
- لو تعبانة تعالي اروحك بيتنا اقصد بيتك اللي قلتِ إن طول ما أنا غايب عنه هايفضل مفتوح و أنتِ في انتظاري
ردت رقية وقالت بغضبٍ
- أنا مش عبدة ولا جارية عشان ابقى في انتظارك و بعدين الكلام دا كنت بقوله لواحد كنت بحبه وبحترمه
- كنتِ !!
- ايوة كنت و من فضلك يا بيجاد نقفل الكلام في الموضوع دا احنا متفقين على كل حاجة خلاص بس ضيف لاتفقنا إن ابني مش هيتربى بعيد عني و أنت اعمل اللي يعجبك
سألها بحاجب مرفوع وقال
- دا تمامك يعني ؟
اجابته بعدم اكتراث
- ايوة
أومأ لها برأسه علامة الموافقة وقال
- مافيش مشكلة كل واحد يعمل اللي يريحه يارقية و
كادت أن تتحدث لكنها تفاجأت بتعب مفاجئ
وسائل دافئ ينساب على فخذ يها، نظرت لزوجها و قالت
- أنا بنزف يا بيجاد الحقني
هرع تجاه سيارته ثم قام بحملها، وضعها في السيارة. و قال بتساؤل
- هي الدكتورة في عيادتها النهاردا ؟
حركت رأسها علامة النفي وقالت
- الدكتورة مسافرة في مؤتمر طبي
- والعمل ؟
- مش عارفة
بدأ النز يف يظهر على ثيابها، حركها ليوقظها قبل أن تفقد وعيها وقال
- رقية فتحي عينك وكلميني
ما يصل إلى مسامعها مجرد اصوات مشوشة
لا تسطتع تفسيرها، كانت تغلق عيناها ثم تفتحها حتى فقدت الوعي تماما، وصل لأقرب مشفى و بدأت الإسعافات الاولية تتخذ مجراها
وبعد مرور ساعتين كانت في غرفة عادية
ولج و جلس جوارها حتى يعود لها وعيها، دقائق مرت عليه كأنه دهر، هتفت بنبرة خافتة
- بيـ جاد
وقف عن مقعده وجلس بجانب رأسها طبع قبله على رأسها ثم يد ها، رفعت بصرها و قالت بهدوء
- إيه اللي حصل ؟
- تعبتي و الدكتور طلب منك الراحة التام وقال ممنوع الحرك تمام لحد التاسع
ردت بإرتياح قائلة
- الحمد لله
تابعت بحزنٍ
خفت اولد تاخد ابني و تسبني وتمشي
سألها بعتاب قائلا
- تفتكري ممكن اعملها؟
أجابته بذات النبرة
- أنت عملت اللي اصعب من كدا مش جديد عليك القسوة
حذرها قائلا بمشاكسه
- اتقي شري احسن اخليهم يولدوكِ و اخد ابني و امشي و اسيبك بجد و اعرفك يعني إيه قسوة ؟!
- عاوز إيه يا بيجاد
- عاوزك تنوري بيتي ودنيتي من جديد و كفاية بقى بُعد أنا تعبان من غيرك
❈-❈-❈
الغريبة يا بيجاد أنت الوحيد اللي مش عاوز ترد في نوح اللي عمله فيك يوم فرحك اشمعنى !!
اخويا الكبير و ماينفعش ابدًا ابدًا ابدًا اطلعه فوق في يوم زي دا
اومال هتعمل إيه ما هو أنا مش مقتنع الصراحة إنك هاتسيب خقك
لأ ماهو انا قلت ربنا يسامحك و انا مبحبش اجاي على حد
بيجاااااد اخلص ؟ هاتعمل إيه ؟
دي حاجة تتحس ماينفعش تتقال
قصدك إيه. قصدك إنك
ايوة بالظبط كدا وربنا يقدرنا على فعل الخير دايما
حك مؤخرة رأسه و قال بخفوت
- إلا ما سمعت لك صوت يا نوح معقول تكون ؟
خرجت الجدة من غرفتها و جلست وسط احفادها متسائلة
- هي الساعة كام دلوقتي يا ولاد ؟
رد مراد وقال
- تيجي لها اتناشر ونص ياتيتا
عرض شاهين اقتراحًا وقال
- أنا بقول نطلع نتأكد من نوح الساعة كام بالظبط
أيده الجميع قائلين
- ايوة عندك
ردت الجدة و قالت
- اقعد يا واد أنت وهو بلا قلة أدب
سألها تيم قائلا
- ياسلام اومال ماقلتيش الكلام دا لي يا تيتا يوم فرحنا
ردت الجدة وقالت
- والله يا حبيبي لو اعرف كنت قلت
تابعت باقتراح وقالت
- أنا جعانة إيه رايكم اعزمكم على اكلة من اللي بتيجي جاهزة دي ونأكل سوا
رد مراد بحماس و قال .
- الله عليكِ يا لولو أنا موافق هات يابني التليفون نطلب بسرعة
بعد مرور ثلاث ساعات جاء الطعام الذي تأخر كثيرًا نظرًا للكمية الكبير، تناول شاهين الفاتورة من المندوب و قال
- ثواني والفلوس تبقى عندك
ولج الشقة و قال لجدته
- تيتا الحساب 3000 جنيه
نظرت للطعام وبحثت عن الطعام الخاص بالعروسان و التقطته بينما مرر شاهين عبارته قائلا
- تيتا الراجل واقف على الباب عاوز الحساب
- كام الحساب ؟
- 3000 بخدمة التوصيل و الضريبة قولي 3500
ردت الجدة و هي تقف عن المقعد وقالت
- قول أنت و اللي قاعدين دول يا حبيبي ليه هو انا وراثة عشان ادفع 3500 في أكلة أنا طالعة للواد اللي فوق ادي له أكله ابقوا شيلوا الاكل بتاعي لحد ما اجاي
- طب مين هايدفع حق العزومة ياتيتا
- ادفع و إنتوا موجودين دي تبقي عيبة في حقكم
رد مراد وقال
- انا بحب العيب يا ولاء اقسم بالله مافي في جيبي غير 300 جنيه ادفعي يا تيتا ابو س ايدك
تركتهم يهتفون باسمها لكنها لا تبالي لأي نداء
نظر شاهين للجميع و قال
- بالصلاة على النبي كدا احنا ادبسنا في كل واحد يطلع باللي يقدر عليه عشان الراجل يمشي والبنت زي الولد مش كمالة عدد وايوة احنا بنحب الستات تدفع عادي فبالذوق كدا اللي معاه حاجة يطلعها عشان الراجل دا مش بيقبل الفيزا
ردت صبا وقالت
- انا عاملة دايت و جوزي ملوش في الأكل دا الحمد لله
سألها مراد و قال
- لامؤاخذة في السؤال نص الخروف اللي كان في الفرح دا راح فين ؟ بقولكم إيه هاتدفعوا يعني هاتتدفعوا بالذوق و لابالعافية
خرج عابد من شقته و قال بنبرة متعجبة
- في إيه يا ولاد إيه الصوت دا ؟
رد شاهين و قال
- شفت أمك يا يا خالي
- اسمها امك يا قليل الادب
- ياخالي اسمعني تيتا خلتنا نطلب أكل وقالت هتعزمنا والاكل اللي طلبنا طلع ب3000 و بخدمة التوصيل و الضريبة قول 3500
رد عابد بإبتسامة واسعة
- قول أنت يا حبيبي انا مابقلش حاجة بنت خالك خلتني على الحديدة و الحمد لله
- خالي ماتقولش كدا جيب السبع عمره ما يخلى
- يا ابني أنا مش سبع ولا قطة حتى أنا بني آدم وفلوس مش معايا فهمت و لا اقول كمان ؟ اقل لك روح لخالك مالك هو علي قلبه قد كدا مش عارف يوديهم فين
سأله مالك وهو يهبط بهدوء قائلا
- في إيه ياولاد ؟
اجابه شاهين للمرة المئة بعد الالف علي نفس السؤال فأجابه مالك بهدوء
- طب ما تاخد من خالك عابد هو أنا كنت أكلت حاجة عشان احاسب عليها ؟
- هو أنا يعني اللي أكلت ؟
- هو الحساب كام ؟
- 3500
رد مالك وقال بعد تفكير دام لثوانٍ
- مش خسارة فبكم أنا مبسوط النهاردا وهادفع الفاتورة كلها لوحدي بس بشرط
رد شاهين وقال بتوجس من شروطه
- خير ياخالي حكم شروطك ليها العجب
رد بما لا يتوقع احد وهو يقترب من بيجاد وقال
- الفاتورة دي هتبقى عربون لحصان صغير باسم يونس ابن بيجاد بإذن الله
رد بيجاد وقال
- بابا دا كتير و بعدين فين ابني و فين الحصان ؟
- أنا مجبتش لك حاجة في جوازك اغتبرها هدية جوازك وهدية ابنك اللي هاينور الدنيا بالسلامة إن شاء الله
نظر حوله و قال بتساؤل
- هي فين امي ؟
رد بيجاد وقال
- فوق عند نوح
عاد يسأل نفسه من جديد بخفوت
- صوت مش طالع ليه يانوح لحد دلوقت ؟
❈-❈-❈
في شقة نوح
كان جالسًا على الأريكة يحدث حبيبته عن تلك الأيام العصبية التي مرت بدونها تارة و يتراقص معها كما يحلو له تارة أخرى، لفحت أنفا سه الساخنة وجهها همس بجانب شفـ تاها
قائلا بصوتٍ يكاد أن يكون مسموعًا و نبرة تغلفها العشق، بينما هي ارخت جفنيها و هي تقترب منه انتشلها صوت قرع ناقوس الشقة
أشارت بسبابتها تجاه الباب و هي تحاول أن تنبه نوح لكنه لايبالي و يقترب منها ليرتوي من شفـ تاها، مدد يـ ـد ه قابضًا على يد ها التي تشير بها تجاه الباب برفق، بادلته قبلا ته
الناعمة لم يهدأ قرع الناقوس وفشل هو أن يُلهي عقلها عن ذاك الصوت اللعين، ابتعد عنها
رغما عنه زفر بضيق و راح يقول بضجر
- ما أنا قلت لك خلينا في الأوتيل يومين
ردت رُبى باسمة
- من اعمالك يا حبيبي و لا نسيت عملت فيهم إيه ؟!
جذب أسفل ذقنها بأنامله و قال
- أنا شايف إنك متفقة معاهم و لا دي شماتة فيا ؟!
ردت رُبى بذات الإبتسامة و قالت
- الصراحة ايوة شماتة
كاد أن ينتقم لنفسه منها لكنها انفلت من بين يـ ـد ه و هي تحمل فستانها بين كفيها، أما هو قرر أن يذهب لـ يفصل رأس الطارق عن
جـ سـده و يعود لها، فتح الباب و جد جدته
ماثلة أمامه تلوي ثغرها يمينًا و يسارًا متسائلة بنبرتها الساخرة.
- إيه دا يا نوح الساعة تلاتة الفجر و أنت لسه ببدلة الفرح ؟! و هي لسه بالفستان ؟!
أردفت الجدة عبارتها و هي تلج من باب شقته، سارت لأقرب مقعد و جلست عليه، بينما اغتاظ نوح من ضحكات ربى و هي تحاول جاهدة بان لا تظهرها سألها بنيرة مغتاظة قائلا
-بتضحكِ على أنتِ كمان ؟
ردت الجدة و قالت بنبرة ساخرة
- على خيبتك يا عريس بتضحك على خيبتك
- خيبة إيه يا ستي صل على النبي أنا بس اللي طلبت منها نصلي ركعتين و...
قاطعته الجدة وقالت
- دا لو بتصلي الترويح كان زمانك خلصتها دا أنت طالع البيت الساعة اتناشر بليل يا عريـــــس
سألها نوح بنبرة مغتاظة قائلا
- مالك يا ستي في إيه خير إن شاء الله
أجابته بسخرية و هي تجلس بأريحية
- انا يا اخويا الحمد لله تمام تمام اوي، رجعت من الفرح اكلت ونمت وقمت و صليت قيام الليل و أنت لسه ببدلة الفرح يا نوووح دا أنا حتى اخدت دوا الضغط بس شكلي هاخده تاني بعد اللي شفته
- هو في إيه ياستي هو أنتِ لاقدر الله شوفتيني في وضع مش كويس !!
- لاقدر الله !! أنت ياواد كويس و لا إيه حكايتك ؟!
سكت مليا يفكر في سؤالها ثم قال بإبتسامة جانبية قائلا
-لأا اااا دا تمام، تمام اوي يا ولاء أنتِ اللي فاهمة الموضوع غلط و الله أنا بس قلت لها عاوز اتكلم معاكِ كلمتين و كنت عاوز اعمل جو رومانسـ...
قاطعته الجدة قائلة
-و هو الجو الرومانسي ياخويا ماينفعش غير ببدلة الفرح و الفستان ؟
اقتربت منه وهمست له قائلة
- لو حاسس إنك تعبان قل لي و أنا ابعتك للدكتور و متخافش ابوها مش هيعرف هقول لابوك و اخوك بس ياخدوك في السر و لا اقولك عمك سلطان اهو دكتور و بيفهم في الحاجات دي استنى اتصل عليه
كادت أن تدس يدها في جيب جلبابها لكنه لحق بها و قال بتوسل
- ابو س ايدك يا ستي اسمعيني الموضوع مش زي اللي في دماغك انا بس كنت عاوز اعمل جوا و ياريتني ما عملت
ردت الجدة بنبرة ساخرة و قالت
- اومال إيه جوزيني ياستي اشمعنى جوزتي شباب و بنات العيلة كلها إلا أنا هو أنا ابن البطة السودا ياستي و انا هعمل فرح سبع ليالي. و ايشي صواني رايحة وصواني جاية و ليلة و لا الف ليلة وليلة و آخر اليوم نوح لسه ببدلة الفرح !!!
لطم نوح بكفه على خده و قال بغيظٍ شديد
- ستي مش هاتخلص النهاردا !!
هدر بصوته قائلا بغضبٍ موجهًا حديثه لعروسته
- بتضحكِ على إيه أنتِ كمان ؟
ردت الجدة وقالت بتحذير واضح
- إيه هاتحط خيبتك في البت و تزعق لها و الله اخدها وانزلها معايا وابوها يشوفها بفستانها يا نوح فستانها يا ابن ابني يا غالي هتلم دورك و لا اخد البت وامشي ؟
- لا ياستي حقك عليا و ادي راسك ابوسها
ردت ساخرة
- و بوس على راس رُبى ما هي زي اختك بردو
جلس نوح حذاء جدته و قال بكل ما اوتي من صبر و برودة اعصاب
- أنتِ خُدي بعض و امشي يا ستي و بكرا الصبح أنا بنفسي هكون عندك بنفطر سوا
ردت الجدة قائلة بسخرية
- افطر ياخويا مع عروستك وادرى اليومين دول ادي الأكل اهو جبته لك بنفسي اياك يطمر فيك
أشارت بيدها قائلة بتذكر
- خد يا واد يا تعال اقل لك
اقترب منها ليستمع لحديثها الهامس، جحظت عيناه من فرط جرأة الجدة، هدر بصوته المرتفع متسائلا بغضبٍ مكتوم
- هو في إيه يا ستي إيه اللي جرا لدا كله ؟!
قومي ياستي قومي صلي الفجر قرب يأذن قومي ارتاحي و ياريت اللي حصل دا تنسيه
- عيب يا نوح تقول الكلام دا أنا ستك حبيبتك سترك وغطاك اللي هاتداري عليك
تنفس بعمق و هو يحاول كظم غيظه الشديد
أما الجدة وقفت عن الأريكة متجهة حيث باب الشقة سار خلفها نوح وزوجته التفتت لهما و قالت
- كان نفسي اقلك يغلبك بالمال وتغلبيه بالعيال بس بعد اللي شفته مليش عين اقولها معلش يابنتي حقك عليا أنا كسفني
رنت ضحكات رُبى ما إن ختمت الجدة حديثها
اوصد الباب ثم نظر لها و قال بوعيد
- بتضحكِ عليا ها ؟
- لأ يا روحي العفو دا أنا بس مبحبش اكسف تيتا
- بقى تيتا معاها حق هاا ؟
القى بمعطف حلته السوداء أرضًا. و هو يقترب خطوة مقابل الخطوة التي تتراجعها، التفتت نحو باب حجرة النوم و هي تحمل فستانها، اختلطت ضحكاتها بين توسلاتها و تحذيراتها
ولج الغرفة ثم اوصد بابها، و ماهي إلا ثوانٍ
معدودة و خرجت و تبدلت الضحكات لصرخات عالية هرع محاولًا تهدأتها قائلا برجاء
- ابو س ايدك كفاية صريخ البيت كله هايصحى و هايفهمنا غلط كفاية ستي و اللي حصل
وقفت على الأريكة و هي تتوسله و قالت
- ابوس ايدك أنت طلعه برا يا نوح
أشار بيده و قال
- يا دي الليلة اللي مش ها تعدي النهاردا، اهدي يا بت الناس هاتتلم علينا و....
قاطعته بصوتٍ مرتفع
- يابابااا خرج من الاوضة اهوو يا نوح يا مامااا
❈-❈-❈
هبطت الجدة بخطواتها الهادئة، و هي تلتقط أنفاسها بصعوبة جلست على أقرب مقعد و قالت
- فين الأكل بتاعي يا ولاد ؟
وقبل أن ترد ابنتها صدحت صرخات ربى المكان مختلطة بصرخات نوح الذي يتوعد لها
حاولت العائلة تجاهل الصوت وبداخلهم خجل
إلا أن زاد الأمر عن الحد وهي تستنجد بوالديها، هرع الجميع تجاه الطابق الثالث قبل أن يتهور ذاك المجذوب.
طرق عابد بقضبة يد ها على باب الشقة وقال
- افتح يا نوح الباب
ليرد مالك وقال
- اهدأ ياعابد جايز احنا اللي فهمنا غلط دول عرسان ياجدع ما أنت كنت عريس زيه
رد عابد بعصبية وقال
- اهدأ و زفت إيه أنت مش سامع الهجمي اللي جوا دا و هو بيحلف و يتحالف لها هي لو بنتك ها تسكت كدا يا مالك
تابع بغيظ مهدد‘ا إياه قائلا
- اقسم بالله لو مافتحت يا نوح لاكسـ ر الباب فوق دماغك
وصل إلى مسامعه بكاء ابنته مما زاد من غضبه أمر أثنان من الشباب بكسر الباب وقبل أن ينكسر بلحظات فتح لهما الباب و سقط كلا من شاهين و تيم أرصًا، بينما سأل نوح عمه
- و بعدين في بنتك يا عمي اقسم بالله جبت أخري منها مش كدا بجد
رد والده وقال
- روح الله يكسفك زي ما كسفتني قدام الراجل
نظر عمه لـ هيئته غير المهندمة تلك، وجد أزرار قميصه مفتوحة و بيده عصاة مخصصة لتنظيف الأرضيات، بينما ابنته كما هي بفستانها الأبيض عدا وشاحها الأبيض الطويل، سأله بدون قصد
- إنتوا بالبدلة والفستان لحد دلوقت ؟!
هرعت رُبى تجاه والده و هي تبكِ، تشبثت
بيـ ـده وقالت بإصرار
- بابا و حياتي لتاخدني عندك أنا مستحيل اقعد دقيقة واحدة في الشقة دي
سألها عابد بنبرة متعجبة
- مستحيل !! دا أنتِ مبقلكيش فيها ساعتين على بعض ؟!
أحابته بإصرار قائلا
- مش هكمل فيها لحظة واحدة اتصرف بقى ؟!
رد عابد متسائلا بشك
- هو في إيه بالظبط إيه حكايتك يا نوح ؟!
- و الله يا عمي مافي حكاية و لا غيرها هي شافت فار و من ساعتها و هي حالفة يمين عظيم ما تقعد في الشقة .
- فار !!
- بابا اتصرف مستحيل اقعد في الشقة انا والفار دا أنا بقلك اهو
سأله بيجاد بنبرة ماكرة
- والفار دا جه ازاي يعني يا نوح ؟
أجابه نوح و هو يقترب منه و قال
- مش عارف ازاي الصراحة يا بيجاد، تفتكر مين آخر واحد كان في الشقة قبل ما ادخلها
-مش عارف الصراحة و
رد مالك بنبرة جادة و قال
- بس خلاص ادخل يا نوح أنت و مراتك عندي وإنتوا يا شباب مهمتكم تشوفوا الفار دا فين و تتخلصوا منه و ...
قاطعه نوح قائلا
- هو خرج يابابا خلاص هي بس اللي مرضتش تصدقني
- طب يا ابني خد مراتك و ادخل
نظر عابد لابنته و قال بحنو وحب
- خلاص يا حبيبتي ادخلي شقتك ولو حسيتي إن لسه موجود انزلي باتي عندي
- حاضر يا بابا تصبح على خير يا حبيبي
اقترب نوح من أخيه و قال بوعيد
- أنا داخل جوا وعزة جلالة الله لو لمحت أي حيوان تاني خلقه ربنا ما حد هاينجدك من تحت ايدي
احتـ ضن بيجاد أخيه مربتًا على ظهره و قال
- تصبح على خير يا حبيبي يا مشرفنا، متقلقش عليا أنا ربنا يخليني ليك و دايما في ضهرك .
ولج العروسان أخيرًا بعد محايلات من العائلة
لـ ربى التي كانت ترفض راضًا باتًا بأن تمكوث في الشقة مع ذاك الفأر، اوصد نوح الباب بينما نظر والده لأخيه و قال بخجلًا من تصرفات ابنه
- معلش ياعابد عيال بقى سيبهم يدلعوا
رد عابد وقال بضيق
- هو أنا مسكت في ما أنا سايبه اهو
- طب تعال نشرب قهوة تلاقيك مصدع من الصبح
دفعه عابد برفق تجاه شقته و قال
- ادخل يا مالك شقتك مش ناقصاك صدقني ادخل الله يهديك .
ولج شقته و هو يسب ابنه مرة و يلعن نفسه الف مرة، جلس يفكر في ذاك المظهر الذي خرج به ابنه و ابتسم عليه حرك رأسه وقال
- يخرب عقلك يا نوح طول عمرك مجنون
❈-❈-❈
في عصر اليوم التالي
تجمعت العائلة بأكملها عدا العروسان، رغم غيابهما إلا إنهما كانوا حديث السهرة و مابعد الظهيرة لم تترك فيروز مجالًا لم تطرقه حتى تسخر من ابن أخيها، تحولت الجلسة العائلية بين مؤيد و معارض، أما العروسان فكانوا في عالمًا آخر كانت رُبى ساكنة بين احضـ ان نوح
تحدثه عن حبها لم تعد تعرف كم عدد المرات التي اخبرته فيها عن هذا الحُب لكنها تطمئن حين تخبره، ابتسم لها و قال بنبرة حانية وهو يمرر ظهر يدها على بشرتها الناعمة
- نفسي اصدق إن كل اللي بيحصل دا حقيقي
ردت بذات الإبتسامة و قالت
- صدق بدليل إننا من امبارح محذش فينا نام من كتر الفرحة و...
اقترب منها كاد أن يتذوق من رحيق شفتـ اه
لكنها وضعت يد ها على صدره مانعة إياه لم يكترث لحديثها و لايعرف مالذي تريد أن تخبره بهِ سحبها لعالمه و سرعان ما اندمجت، لن يفوت تلك الفرصة من يد ه مرةً أخرى، اصبحت زوجته و هذا الأمر لم يكن سهلًا عليه
جاء بشق الأنفس ولن يتركها إلا بخروج الروح من جـ سده، كان في عشقها عاق و لكنه قرر أن يتوب عن عقوقه يظل بعشقها بار
❈-❈-❈
ايدي وجعتني من كتر الرن والخبط على الباب
و بردو محدش فتح مش طالعة تاني بقى خلاص دي خامس مرة اطلع .
أردفت صبا عبارتها وهي تجلس جوار عمتها فيروز اخذت ابنها من بين ذراعيها و قالت بجدية
- أنا جوعت بجد ياعمتي تعالوا نأكل ياستي وهما لما ينزلوا يبقوا براحتهم
ردت الجدة بجدية قائلة
- خلاص حضروا الأكل زمان الرجالة جاعت هي كمان
تابعت حديثها قائلة بجدية
- خليكِ يا أم نوح عاوزكِ
خرج الجميع و بقت سيلا مع الجدة، نظرت لها وقالت بتساؤل
- و بعدين ؟
- في إيه يا طنط ؟
- مرات ابنك تعبت امبارح و راحت المستشفى و خرجت منها ومحدش كلف خاطره يبص عليها و جوزها يا حبيبي بيروح آخر الدنيا وبيرجع مش عارف يشيل البيت و لا مراته و لا يخلص من مشاكله اللي مكومة في كل حتة دي
- محدش قاله يتجوزها و بيني وبينك مش راضية عن الجوازة دي
- واتجوزها وخلاص يا مرات ابني البت في حالها و هو بيحاول يبعدها عنكم عشان بتكسفوا قدامها وبعدين هنروح بعيد ليه ما أنتِ اهو أنا مكنتش راضية عنك و عشان خاطر عيون ابني رضيت و قلت وماله طالما دي اللي قلبك اختارها
تنهدت الجدة بعمق وقالت بعقلانية
- يا بنت الحلال جوزك تعب مش عارف يرضي مين وبيعمل اللي ربنا يقدره عليه بين عياله بس ماينفعش يعمل دا لوحده دا ابنك لحد النهاردا مش عارف يفرح من قلبه عشانكم
ختمت حديثها قائلة
- أنا قلت اللي عندي وريحت ضميري عاوزة تفضلي غضبانة كدا عليه أنتِ حرة مش عاوزة يبقى اخرجي من هنا و قولي لابنك يجيب مراته وسطنا ابنك طول ما إنتوا هنا بيسيب لكم المكان و بيمشي عشانكم .
نظرت سيلا لحماتها استمعت لنصائحها دون أن تعقب على كلمة واحدة، خرجت من الغرفة
كادت أن تلج المطبخ لكنها قررت أن تصعد لشقتها كادت أن تلج لكنها وجدت ابنها يساعد زوجته في الجلوس على الأريكة بهدوء، شكرته وزوجته وهي تطبع قبلـ تها على خده
ابتسمت بشكلٍ تلقائي ما أن وجدته يبتسم علي مايبدو أنه سعيدًا معها، لماذا يترك باب شقته مواربًا لماذا يتعمد فتح طوال اليوم هل ليرأهم كما قالت لها جدته أم لأنه نسى غلقه
تركت مفتاح شقتها في المزلج، اقتربت من بابه قرعت الناقوس ثم ولجت ما إن سمح لها ابنها نظرت له وجدته يضع الطعام على سطح المنضدة الزجاجي تنحنحت ثم قالت
- جدتك كانت منتظراك على الغدا منتزلتش ليه ؟
- رقية تعبانة فقلت اقعد معها
نظرت لها وقالت بنبرة مقتضبة
- سلامتك
ردت رقية بإبتسامة بشوشة و قالت
- الله يسلمك يا طنط اتفضلي دا حضرتك جيتي في وقتك بيجاد كان نفسه يأكل التشيزكيك اللي حضرتك بتعملي وبيحكي لي عن جماله وبيقول اتحدى لو حد بيعرف يعمله زيها ياريت تقولي لي الطريقة
لم تعقب على حديثها بل تركتها وغادرت البيت كأنها لم تتدخله، نظرت رقية لزوجها وقالت بإبتسامة واسعة
- متزعلش هترجع وفي ايد يها التشيز كيك كمان
رد بيجاد بشبح ابتسامة
- إن شاء الله
تابع بجدية قائلا
- يلا نأكل عشان معاد دواكِ قرب
❈-❈-❈
في مساء نفس اليوم
كانت رُبى يقظة بينما كان نوح في سباتٍ عميق ظلت تنظر له و هو يحاوط خا صر ها
بذراعه و ساقه تشل حركتها، مررت أناملها على وجهه و قالت بخفوت
- كفاية نوم يانوح الساعة عشرة قوم بقى
كررت جملتها ثلاثة مرات حتى تكرم عليها بالرد و قال بصوتٍ شبه نائم
- خمس دقايق بس ياروبي
ردت بضيقٍ قائلا
- يانوح بقالك ساعتين بتقول نفس الكلمة قوم بقى أنا زهقت
جذبها بين احضـ انه وهو مازالزمغمض العينين و قال
- ساعة واحدة كمان و بعدها هننزل سوا
استسلمت لتوسلاته و رجائه بأن تتركه ينعم بالنوم لمدة ساعة أخرى، مرت الساعة وهي مازالت في الفراش يقظة لكن بالنهاية غلبها النعاس من هدوء المكان، بينما استيقظ هو
بدء في إعداد قدحًا من القهوة ثم شرع في تبديل ملا بسه، كانت حركته هادئة لكنها شعرت بهِ رفعت رأسها عن الوسادة وقالت
- هي الساعة كام دلوقت ؟
خلل أنامله في خصلات شعره ليرتبها بعناية فائقة وقال
- 11 ونص لو حاسة نفسك تعبانة ومش عاوزة تنزلي خليكِ أنا مش هتأخر
رفعت رُبى الدثار عن جسـ دها و قالت بكسل
- لأ هنزل عشان اشوف ملك
خرجت من الغرفة ثم عادت بسرعة و جلست على طرف الفراش، عقد ما بين حاجبيه قائلا بفضول
- رجعتي تاني ليه ؟
- روح أنت أنا مش هنزل
- ليه ؟
- أصل مكسوفة من ساعة اللي حصل امبارح
ضحك بصوتٍ مرتفع ثم قال ببإذتسامة واسعة
- ماخلاص بقى تلاقيهم هما نفسهم نسيوا اللي حصل قومي يلا ياروحي خلينا نقعد شوية معاهم
❈-❈-❈
في منزل الجدة
دخلا سويًا من باب الشقة، حيث تجتمع الجدة بعائلتها ما إن رأهم الجميع صدحت ضحكاتهم
المكان دون سابق إنذار، نظرت رُبى لزوجها و بداخلها نير ان متأججة إثر ضحكاتهم التي استفزتها ولج نوح و كأن شيئًا لم يكن، لم يعقب على تلك الضحكات بل تجاهلها تمامًا
يعرف كيف يأخذ حقه، تركته زوجته وولجت المطبخ حيث عماتها و بنات العائلة، بدأت التساؤلات تهبط عليها من حدبًا و صوب، لم تكن تعلم أنها وقعت في اختبار فريد من نوعه
طمئنتها فتيات العائلة أن هذه الأسئلة تقع على كل عروس داخل عائلة المحمدي تحديدًا
لم ترد على سؤالًا واحدًا من هذه الأسئدة المحرجة بالنسبة لها، بل علقت ذاهلة
- عمتو عيب كدا أنا مكنت متوقعة تسأليني سؤال زي دا و أنتِ يا صبا اتغيرتي خالص من ساعة ما اتجوزتي وقعدتي مع عمتو
ردت ملك وقالت بإبتسامة واسعة
-يا بنتي دا أنا اتهريت اسئلة بس على مين ولا عرفوا ياخدوا إجابة واحدة ما أنا زوجة رجل مهم بردو
فرغ فاها رُبى لتتحدث لكنه قاطعه و هو يجمع خصلات شعرها الطويل على احد جانبيها و طبع قبـ لة عميقة على خدها نتج عنها صوتٍ مرتفع، تبدلت ملامح وجهها، التفتت له وقالت من بين أسنانها بذهول
- أنت إيه اللي بتعمله دا !!
تركت له المكان بأكمله قبل أن يطبع الأخرى كاد أن يرتطدم بالمطبخ لكنه حافظ على توازنه حك مؤخرة رأسه وقال بجدية مصطعنه
- مكسوفة بقى و كدا
وقف نوح أمام الموقود يُعد قدح القهوة بنفسه بعد أن رفضت زوجته أن تصنعه له كانت فيروز تقطع الخضراوت لوجبة العشاء
نظرت له ثم عادت ببصرها للصحن، كررت هذه الحركة عدة مرات إلى سألها نوح بنبرة مغتاظة
- مالك يا عمتي في إيه ؟ فيا حاجة غلط ؟ كل شوبة تبصي لي و تضحكِ خير إن شاء الله
لحد تلاتة الفجر بالبدلة ومراتك بالفستان اخس الله يخيبك
طب كنت قل لي و أنا اقول لعمك سلطان
تلاتة الفجر يانوح لأ و فالح بس تقل لي أنا عاوز اعمل ليلة يحكي و يتحاكى بيها الناس اهي سيرتك اللي بتحكى و تتخاكى بيها العيلة
ماخلاص ياعمتي خلاص مكنش يوم دا غلطت و فكرت اعمل حاجة مختلفة
- خاجة إيه دي ياواد
عمتي خليكِ في السلطة اللي بتعمليها دي
-طول ما أنت مستخسر تصارحني ربنا مش هاينسي ستك اللي عملته في بنت اخويا الغلبان
أنا خارج بدل ما ارتكب جنا ية دلوقتي
خد ياواد دا ستك وصت على الكوارع مخصوص عشانك أنت ياواد يانوح
الواد مشي من غير مايقل لي حاجة إيه اللي كان عاوز يعمل شوفتي الواد وعمايله يا ميمي ؟!
❈-❈-❈
داخل منزل نجاة زوجة رضا
انتهت أيام العزاء و لم تنتهي شهور العدة أو يمر حتى الأربعين عليه، و عاشت حياتها كأنه لم يفارق الحياة، بل فعلت ما هو أسوء فتح بيتها لاستقبال شقيقه و معاشرته كـ زوجها
لوث فراش أخيه و انتــ ـھك عرضه، كان في الليل يتسلل لـ يلج بيتها و الصباح الباكر يغادره قبل أن يستيقظ زكريا، ذاك المسكين الذي رَ بأم عينه خيانة والدته لأبيه سوى إن كان على قيد الحياة أو فارقها، لم تبكِ على رحيله و لم تحزن لتركه ابن لم يبلغ السابعة من عمرهِ بعد، كانت تشتهي بيجاد زوجًا لها
راودته عن نفسها بطريقة غير مباشرة أكثر من مرة إلى أن عرضت عليه الزواج، فر هاربًا تاركًا ذاك المسكين يبحث عن أبيه بين الرجال عدا عمه الذي تزوج وانجب و يدعس على شرف أخيه بدمًا بارد، أمن له رضا و غـ ـدر به أخيه
كانت نجاة جالسة تُنهي حياكة القميص للمرة المئة بعد الالف لابنها و هي تحدث صديقتها
- مش عارفة و الله يا بدرية اعمل إيه خلاص مبقاش معايا فلوس و المعاش مش مكفي حاج خالص
نظرت لها بدرية و قالت بنبرة متعجبة
- معاش 3000 جنيه مش بيكفيكِ أنتِ و الواد الصغير دا ليه ؟
القت نجاة القميص في وجه زكريا و قالت
- البس القميص دا يا واد
ثم نظرت لـ صديقتها و هي تلوي ثغرها يمينًا و يسارًا و تابعت
- منين يا اختي هو البيه مخلي حيلتي اللضا !!
- بيه مين يا بت ؟
- محمد يا اختي محمد
ردت بدرية و قالت بدهشة
- مش محمد دا سلفك يا بت ؟
نظرت نجاة لـ زكريا الذي كان يرتدي القميص مخاولًا تجاهل حديثهن خوفًا من نظرات والدته لكن أذنيه أبت الإنصياع لأوامره و قررت أن تسترقان السمع حين قالت والدته
- وطي صوتك ها تجيب لي مصيبة، ايوة يا اختي سلفي عمال على بطال ياخد مني فلوس و أنا كنت بدي له و مقدرش اقول لأ
- ليه بقى إن شاء الله ؟
- اصلي بحبه يا بت بحبه
سألتها بدرية ساخرة
- و لما أنتِ بتحبي جريتي ورا صاحب جوزك ليه ؟
ردت نجاة قائلة بحسرة
- بيجاد آآه ياني و على جماله اهو دا يابت صحيح الراجل اللي يستاهل إن اعيش خدامة تحت رجله قلت رجله خدت على المكان و الواد متعلق بي يبقى هيعمل أي حاجة عشان و خصوصًا لما رضا وصاه عليه
ختمت حديثها بحسرة و نبرة لا تملؤها الغيظ
- بس تقولي الفقر عارف ناسه أنا قلت له تتجوزني من هنا و دا خد بعضه و جري من هنا أنتِ عارفة لو كان وافق كنت وريته هنا ما بعده هنا
- طب و محمد اللي لسه بتقولي إنك بتحبي ؟
- اللي يحبك يفقرك يا بت يا بدرية و أنا عاوزة اللي يطلعني لفوق و أأب على وش الدنيا بس تقولي إيه بختي و أنا عارفاه
- ايوة يعني ها تعملي إية دلوقتي ها تتجوزي محمد دا و لا ها تقعدي تربي ابنك ؟!
- اقعد إيه دا أنا لسه صغيرة و إن كان على ابني اهو معايا ها يروح فين يعني ؟! ادعي أنتِ بس محمد يصدق في كلامه و يتجوزني احسن شكله كدا بيتهرب
- أنتِ مش بتقولي إن مستني العدة تخلص و بعدها يتجوزك
- اه
- طب خلاص كلها شهرين تلاتة و العدة تخلص و نشوف
- و هو أنا لسه ها ستنى العدة
ردت بدرية و قالت بنبرة ساخرة
- أنتِ زعلانة على رضا خالص كدا !!
- يا اختي الحي ابقى من الميـ ت هو أنا هاعيش لي و هو عايش و كمان و ميـ ت ما غار و اللي كان كان خليني اللي في اللي جاي
- اللي هو إيه بقى ؟
- أنا من بكرا ها خلي محمد يعرف الناس كلها إننا هانتجوز عشان يربي ابن اخوه و اليوم اللي تخلص في العدة تاني يوم يكتب عليا
❈-❈-❈
في مساء نفس اليوم
علمت والدة رضا طلب ابنها بكت بحرقة على ما قالته زوجة ابنها المصون، كانت ضامة زكريا لحضـ نها لا تصدق ما قالته تلك العاهرة في نظرها، نظرت لابنها و قالت
- أنت يا محمد عاوز تتجوز ليه يا ابني ما هي مراتك ست زي الورد و الحمد لله مخلفين البنت و الولد و مش مقصرة معاك في حاجة
- ياما أنا عاوز اربي ابن اخويا إيه العيب في كدا
ردت والدته بدهشة و ذهول قائلة:
- العيب يا ابني في اللي أنت بتقوله دا، العيب إن أخوك ابن امك و ابوك لسه يا دوب مكمل شهر امبارح و أنت النهاردا عاوز تتكلم على مراته و تتجوزها
تنهدت نجاة بضيق ثم قالت بضجر
- جرا إيه يا حماتي إيه اللي حصل لـ دا كله فيها إيه يعني مش احسن ما اتجوز حد غريب
- حد غريب !!
- مالك مستغربة ليه ايوة حد غريب انا صغيرة و من حقي اعيش حياتي بالطريقة اللي تعجبني و لا أنتِ فاكرة إني هادفن روحي بالحيا ما هو لو كنت أنا بعد الشر عليا اللي مت كان زمانك بتدوري لابنك على عريس
عجزت والدة رضا عن الرد، ليس لأنها لم تجد كلماتٍ ترد بها عليها بل لأنها تعلم جيدًا أن لا فائدة من اعتراضها هذا.
❈-❈-❈
بعد مرور عدة أشهر
لم يحدث شيئًا جديد يذكر سوى أن الأيام تمر بشكلٍ رتيب على الجميع، عدا زوجة رضا التي كانت تعد الأيام لتمر أشهر العدة و هاهي الآن ترتدي ثوبًا أبيض و كأنها عروس، كانت في أبهى زينتها، نظرت لصورتها المنعكسة في المرآة و السعادة لا تفارق شفتـ اه، على عكس ذاك المسكين المنزوي على حاله في أحد أركان الغرفة امتلئت أعينه بالدموع دون صوت نظرت له والدته، تنهدت بعمق محاولة كظم غيظها من حالته تلك و قالت
- بتعيط ليه يا زفت أنت ؟!
رد بنبرة مرتجفة و قال
- ما فيش
اقتربت منه تحثه على الوقوف جاذبة يده عنوة لكنه مكث بالأرض و بكى، تفقدته بأعين تتأجج منها نيـ ران الغضب
- أنت عملتها على روحك يا واد أنت ؟!!
رد بنبرة مرتجفة و صوتٍ يكاد أن يكون مسموعًا
- غصب عني يا ماما و الله
تركت يده بعنف لير تطدم جسـ ده بالجدار، تأواه رغم عنه، فاجأته أمه بضر با تها بأحد أسلاك الكهرباء صنعتها خصيصًا لـ تعليمه و تهذيبه من وجهة نظرها وقالت
- أنا قلت كام مرة ادخل الحمام و أنت مرضتش أنت اللي بتحب تجيب لنفسك
الضـ ـرب و جاي النهاردا بالذات و تعملها فاضية لك أنا ؟!
ولجت شقيقتها و قالت بحدة
- يا شيخة اتقي الله في الواد شوية مش كدا كل شوية ضر ب ضر ب بحد ما اتعقد و بقى بيعملها على نفسه دا ما عملهاش من و هو عنده سنتين، ابنك خاب بسببك
ردت نجاة بنبرة حادة و قالت
- ابني و بربيه يا ست دلال و بعدين لو كنت سهلة معاه ها يتعوج عليا
تابعت حديثها قائلة
- ها تعرفي الحاجات دي ازاي ما أنت
ما خلفتيش و لا تعرفي يعني إيه تربية
يتبع