-->

رواية طغاة التاريخ - بقلم الكاتبة سمر إبراهيم - الفصل العاشر (هولاكو)

 

رواية طغاة التاريخ

بقلم الكاتبة سمر إبراهيم 




الفصل العاشر

هولاكو

رواية

طغاة التاريخ 



طبعا مينفعش نتكلم عن المغول ومنتكلمش عن هولاكو أكتر واحد احنا عارفينه منهم وأكتر اسم مألوف بالنسبالنا وأكتر واحد أثر في التاريخ العربي والإسلامي.

هو "هولاكو بن طولوي بن جنكيز خان" حفيد الخاقان الأعظم زي ما كانوا بيقولوا عليه.

وهو شقيق كل من الإمبراطور "منكو خان" 
والإمبراطور "قوبلاي خان" والإمبراطور "إريك بوك"

ولد هولاكو سنة ١٢١٧م أبوه طولوي أو تولوي أصغر أبناء جنكيز خان الشرعيين طبعا، أما أمه فكانت من أصل تركي وكان اسمها "سرقويتي بيجي" وكانت مسيحية نسطورية نفس ديانة زوجته الشرعية "طقز خاتون" أو "دوقوز خاتون" يمكن ده اللي ولد عنده حب وتعاطف للمسيحين عكس المسلمين.

ودوقوز خاتون دي تبقى حفيدة وانك خان زعيم الكرايت اللي اتكلمنا عنه إمبارح واحنا بنتكلم عن جنكيز خان وكانت في الأول خليلة أبوه طولوي وبعد وفاة والده تزوجها هولاكوا وجعلها هي زوجته الشرعية بالرغم من إنه تزوج بعدها عدد كبير من النساء إلا أنها كانت هي الأقرب لقلبه.

توفي طولوي سنة ١٢٥١م وتولى الحكم بعده ابنه "مونكو خان" وأول ما تولى الحكم تفرغ فترة لإصلاح السياسة الداخلية وإعادة استتباب الأمن في الإمبراطورية وبعد ذلك بدأ يستأنف فتوحات جده ويضم أراضي جديدة للإمبراطورية.

عمل حملتين ضخمتين للغرض ده، أول حملة بقيادة اخوه "قوبلاي خان" اللي بعته علشان يحتل البلاد الواقعة في غرب الصين أما الحملة الثانية أسند القيادة فيها لأخوه الأصغر هولاكو خان الذي كان يبلغ من العمر ست وثلاثون عامًا في ذلك الوقت.

وضع مونكو خان خط سير لحملة هولاكو لكي يضم جميع الأراضي الموجودة بدايةً من بلاد اللور جنوب إيران مرورا بطائفة الحشاشين والخلافة العباسية في بغداد وصولًا لمصر.

خرج هولاكو على رأس جيش ضخم عدده حوالي ١٢٠ ألف جندي وكان ذلك أكبر جيش تم تكوينه في تاريخ المغول لكي  ينفذ خطة أخوه وده كان سنة ١٢٥٥م ٦٥٣هجرية.

طبعا مونكو خان قبل هولاكو ما يخرج بالحملة أعطى له الوصاية العشر بأنه لابد أن يلتزم بالعادات والتقاليد ويطبّق قوانين جده جنكيز خان، وأن يكون هدفه هو إدخال البلاد من ضفاف نهر «جيحون» حتى مصر في دولة المغول، وأن يعامل من يخضع لسلطانه معاملة طيبة، ويذيق الذل من يبدي المقاومة حتى ولو كان الخليفة العباسي نفسه، فعليه أن يزيحه ويقضي عليه إذا ما اعترض طريقه.

والحقيقة إن هولاكو نفذ أوامر أخوه وخاصة الجزء الأخير منها ٧لى أكمل وجه.

دخل الأول على اللور واحتلها بسهولة واتجه سنة ١٢٥٦م للطائفة الإسماعيلية واتباعها الذين كان يطلق عليهم اسم الحشاشين ودول كانوا شيعة وأول ما جالهم خبر إن المغول جايين عليهم راحوا جري سلموا بلدهم وسلموا قلعة "ألموت" العاصمة بتاعتهم وأدوا فروض الولاء والطاعة لهولاكوا.

طبعا المسلمين السنة أول ما سمعوا اللي حصل فرحوا بقى وقالوا هييييييه ميعرفوش ان الدور جاى عليهم.


❈-❈-❈


بعد كدا بدأ هولاكو في الاستيلاء على قلاع الطائفة الإسماعيلية سنة (654هـ = 1256م) بعد معارك كتيرة جدا واستماتة بذلها أفراد الطائفة في الدفاع عن حصونهم وقلاعهم، بس مقدروش في النهاية يصمدوا قصاد قوة الجيش المغولي.

بعد ذلك اتجه هولاكو إلى بغداد بس وهو في الطريق بعث برسالة تهديد إلى الخليفة العباسي "المستعصم بالله" لكي يستسلم و يسلم البلاد له دون قتال وكتب في الرسالة:

"عندما أقود جيشي الغاضب إلى بغداد, سأقبض عليك سواء اختبأت في الجنة أو في الأرض.
سأحرق مدينتك، وأرضك، و شخصك.
إذا كنت حقا تريد حماية نفسك، و عائلتك الموقرة، اسمع نصيحتي، وإن أبيت ذلك فسترى مشيئة الله فيك"

طبعا الخليفة رفض الكلام ده ومرضاش يستسلم وبعتله رسالة ينذره فيها بعقاب الله إن هاجم خليفة المسلمين.

تحركت جيوش المغول سنة ٦٥٦هجرية ١٢٥٨م في اتجاه بغداد وعمل هولاكو عليها حصار وقسم جيوشه نصين نص حاصر من ناحية الشرق والتاني من ناحية الغرب وبدأوا يقذفوا سور البلد بالمنجانيق لحد ما دخلوا.

طبعا الخليفة قاوم شوية بس هيروح فين قدام قوات المغول كانت جيوشه ضعيفة  وهو أصلا محاولش يقويها أو يعلن التعبئة العامة ويدعوا الشعب للتجنيد علشان يواجه العدو اللي جاي كمان قيادات الجيش مكانتش متحدة وكان فيه خلافات وانقسامات بينهم.

معظم المؤرخين بيرجعوا السبب الأساسي للهزيمة وسقوط بغداد هو خيانة وزير الخليفة "محمد بن العلقمي" اللي سلم البلد على طبق من فضة لهولاكو.

جدير بالذكر أن من الكلام الذي قيل عن ابن العلقمي ده أن أمه كانت يهودية وهو كان من المنافقين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر وهو فى الحقيقة كان يهودي وهؤلاء كانوا منتشرين جدا في الدولة الإسلامية يحاولون  هدم الدولة بكل الطرق طبعا الله أعلم بخبايا النفوس.

دخل هولاكو بغداد بجنوده وعاث فيها فسادا قتل حر ق هدم منازل حتى مكتبة بغداد التي كانت تضم عدد هائل من الكتب وتحتوي على وثائق تاريخية ثمينة وكتب علمية كثيرة تتراوح مواضيعها من الطب لعلم الفلك  لم تسلم منه حرق اللي حرقه والباقي ألقى به في نهر الفرات ومن كثرة الكتب التي تم إلقاؤها في النهر تحول لونه للون الأسود من الحبر الذي كتب به الكتب.

حاول كثير من المواطنين في بغداد الهرب ولكن كان يتم اعتراضهم من قبل قوات المغول والقضاء عليهم فورا

المساجد، القصور، المكتبات العامة، المستشفيات والبنايات الضخمة اللي استغرق بناؤها وقت كبير جدا نهبها المغول وأحرقوها بعد كدا.

أما بالنسبة للخليفة فمصيرة كان سيئ جدا تم أسره وإجباره على مشاهدة دمار المدينة، وبعد كدت لفوه في سجادة ونزلوا فيه ضر ب بالعصيان وداسوا عليه بالخيول لحد ما مات لأنهم كان عندهم اعتقاد أنه لا ينبغي أن يتم إراقة دماء ملكية.

فضل جنود هولاكو اسبوع كامل يحرقوا في البلد وتراوحت أعداد القتلى من مائتي ألف حتى مليون قتيل.

كانت ريحة الموت والحرق في كل مكان في بغداد لدرجة إن هولاكو مقدرش يقعد فيها وخرج بالمعسكر بتاعه بعيد عنها مكانش مستحمل الريحة وفضلت بغداد كذا سنة بعدها غير مأهولة بالسكان لحد ما أعاد المسلمين إعمارها من جديد.


❈-❈-❈

#


طبعا خبر سقوط بغداد وسقوط الخلافة نزل كالصاعقة على باقى المسلمين لدرجة إن الناس كانت مستنية القيامة تقوم مكانوش متخيلين اللي حصل وإنهم أصبحوا من غير خليفة للمرة الأولى ٦فى تاريخ الدولة الإسلامية منذ عهد الرسول "صلى الله عليه وسلم"

لما خلص هولاكو على بغداد بدأ يتجه للشام لكي ينفذ خطة أخوه منكو خان فخرج من أذربيجان في رمضان ٦٥٧هجرية ١٢٥٩م متجها إلى الشام وتحالف مع الصليبيين الموجودين هناك وكانت أول بلد يروحها هي "ميافارقين" ضرب عليها حصار استمر سنتين اتنين لحد ما كل مؤن البلد خلصت وهلك معظم شعبها.

طبعا وهو محاصر ميافارقين مكانش قاعد  مستنى أهلها يستسلموا لا دا كان مواصل الزحف راح "ماردين" ودي سقطت بعد ٨ شهور وفي نفس الوقت استولى على "نصيبين، وحران، والرها، والبيرة"

بعد كدا تقدم هولاكو على رأس قواته علشان يحاصر حلب ونصب المغول عشرين منجنيقا حوالين المدنية وبدأوا يمطرونها بوابل من القذائف لحد ما استسلمت في ٩ صفر ٦٥٨هجرية ٣١ يناير ١٢٦٠م بعد ما اتدمرت على الآخر.

بعد حلب سقطت قلعة "حارم" و"حمص" و"المعرة"، وأصبح طريق الحملة مفتوحا إلى دمشق.

لما وصلت الأنباء باقتراب المغول من دمشق هرب الملك الناصر يوسف الأيوبي مع قواته وساب المدينة هي وحظها بقى نفسي نفسي وطبعا مكانش قدام أهلها بعد هروبه إلا آنهم يستسلموا وخصوصا بعد ما عرفوا باللي حصل لحلب وبالفعل راح مجموعة من الأعيان لهولاكو علشان يقدموله فروض الولاء والطاعة وقدموله هدايا علشان يديهم الأمان وسلموا له المدينة من غير أي مقاومةوطبعا هولاكو ما صدق وقبل الاستسلام ده ودخل المدينة في١٧ صفر ٦٥٨هجرية ٢ فبراير ١٢٦٠م.


❈-❈-❈


بكدا مكانش فيه فاضل قدامه إلا مصر بعث رسالة لمصر التي كانت وقتها تحت حكم المماليك وكان الحاكم الشرعي للبلاد هو "المنصور علي" ابن الملك المعز "عز الدين أيبك" و كان الوصي على العرش هو "المظفر قطز"

كان هولاكو باعت رسالته علشان يدعو ملك مصر  إلى الاستسلام وإلقاء السلاح، وأنه لا جدوى من المقاومة أمام قوة كُتب النصر لها دائما.

رسالة هولاكو لمظفّر الدين قطز:

«من ملك الملوك شرقاً وغرباً الخان الأعظم:

باسمك اللهم، باسط الأرض، ورافع السماء، يعلم الملك المظفر قطز الذي هو من جنس المماليك الذين هربوا من سيوفنا إلى هذا الإقليم، يتنعمون بأنعامه، ويقتلون من كان بسلطانه بعد ذلك، يعلم الملك المظفر قطز وسائر أمراء دولته وأهل مملكته بالديار المصرية وما حولها من الأعمال، إنا نحن جند الله في أرضه، خلقنا من سخطه، وسلطنا على مَن حَلَّ به غضبه، فلكم بجميع البلاد معتبر، وعن عزمنا مزدجر، فاتعظوا بغيركم وأسلموا لنا أمركم. قبل أن ينكشف الغطاء، فتندموا ويعود عليكم الخطأ، فنحن ما نرحم من بكى، ولا نرقّ لمن شكر، وقد سمعتم أننا قد فتحنا البلاد، وطهرنا الأرض من الفساد، وقتلنا معظم العباد، فعليكم بالهرب، وعلينا الطلب، فأي أرض تؤويكم، وأي طريق تنجيكم، وأي بلاد تحميكم؟! فما لكم من سيوفنا خلاص، ولا من مهابتنا مناص، فخيولنا سوابق، وسهامنا خوارق، وسيوفنا صواعق، وقلوبنا كالجبال، وعددنا كالرمال، فالحصون عندنا لا تمنع، والعساكر لقتالنا لا تنفع، ودعاؤكم علينا لا يُسمع، فإنكم أكلتم الحرام، ولا تعفُّون عند كلام، وخنتم العهود والأيمان، وفشا فيكم العقوق والعصيان، فأبشروا بالمذلة والهوان، فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، فمن طلب حربنا ندم، ومن قصد أماننا سلم، فإن أنتم لشرطنا وأمرنا أطعتم، فلكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإن خالفتم هلكتم، فلا تهلكوا نفوسكم بأيديكم، فقد حذّر من أنذر. وقد ثبت عندكم أنا نحن الكفرة، وقد ثبت عندنا أنكم الفجرة، وقد سَلَّطَنا عليكم من له الأمور المقدّرة، والأحكام المدبرة، فكبيركم عندنا قليل، وعزيزكم عندنا ذليل، فلا تطيلوا الخطاب، وأسرعوا برد الجواب، قبل أن تضرم الحرب نارها، وترمي نحوكم شرارها، فلا تجدون منا جاهاً ولا عزًا، ولا كافيًا ولا حرزًا، وتدهون منا بأعظم داهية، وتصبح بلادكم منكم خالية، فقد أنصفناكم إذ راسلناكم، وأيقظناكم إذ حذرناكم، فما بقي لنا مقصد سواكم، والسلام علينا وعليكم، وعلى من أطاع الهدى، وخشي عواقب الردى، وأطاع الملك الأعلى.»

هولاكو كان فاكر إن استسلام مصر أمر مفروغ منه خصوصا إن البلاد وقتها كانت بتمر بحالة من عدم الاستقرار بعد موت السلطان المعز عز الدين أيبك وشجر الدر وكان نزاع على السلطة من قبل المماليك لكن قطز مقبلش رسالة هولاكو ولم يهتز لكلماته وقتل الرسل بتوعه وبعتله رؤوسهم وقرر الحرب ورد قطز على رسالة هولاكو قائلًا:

«قل اللهم على كل شيء قدير والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي، على كتاب ورد فجرا عن الحضرة الخاقانية، والسدة السلطانية نصر الله أسدّها، وجعل الصحيح مقبولا عندها، وبان أنكم مخلوقون من سخطه، مسلطون على من حلّ عليه غضبه، ولا ترقون لشاكٍ، ولا ترحمون عبرة باكٍ، وقد نزع الله الرحمة من قلوبكم، وذلك من أكبر عيوبكم، فهذه صفات الشياطين، لا صفات السلاطين، كفى بهذه الشهادة لكم واعظا، وبما وصفتم به أنفسكم ناهيا وآمرا، قل يا ايها الكافرون لا أعبد ما تعبدون، ففي كل كتاب لعنتم، وبكل قبيح وصفتم، وعلى لسان كل رسول ذكرتم، وعندنا خبركم من حيث خلقتم وأنتم الكفرة كما زعمتم ألا لعنة الله على الكافرين، وقلتم أننا أظهرنا الفساد؛ ولا عَز من أنصار فرعون من تمسك بالفروع ولا يبالي بالأصول، ونحن المؤمنون حقا لا يداخلنا عيب، ولا يصدنا غيب، القران علينا نزل وهو رحيم بنا لم يزل، تحققنا تنزيله وعرفنا تأويله، إنما النار لكم خلقت، ولجلودكم أضرمت، إذا السماء انفطرت. ومن أعجب العجب تهديد الليوث بالرتوت، والسباع بالضباع، والكماة بالكراع، خيولنا برقيه، وسهامنا يمانية، وسيوفنا مضريه، وأكتافها شديدة المضارب، ووصفها في المشارق والمغارب، فرساننا ليوث إذا ركبت، وأفراسنا لواحق إذا طلبت، سيوفنا قواطع إذا ضربت، وليوثنا سواحق إذا نزلت، جلودنا دروعنا وجواشننا صدورنا، لا يصدع قلوبنا شديد، وجمعنا لا يراع بتهديد، بقوة العزيز الحميد، اللطيف لا يهولنا تخويف، ولا يزعجنا ترجيف، إن عصيناكم فتلك طاعة، وإن قتلناكم فنعم البضاعة، وان قُتلنا فبيننا وبين الجنة ساعه، قلتم قلوبنا كالجبال، وعددنا كالرمال؛ فالقضاء لا يهوله كثرة الغنم، وكثرة الحطب يكفيه قليل الضرم، أفيكون من الموت فرارنا وعلى الذل قرارنا ؟ ألا ساء ما يحكمون، الفرار من الدنايا لا من المنايا، فهجوم المنية عندنا غاية الأمنيه، إن عشنا فسعيدا، وإن متنا فشهيدا، ألا إن حزب الله هم الغالبون، أبعد أمير المِؤمنين وخليفة رسول رب العالمين تطلبون منا الطاعة ؟ لا سمعا لكم ولا طاعة ، تطلبون أنا نسلم إليكم أمرنا، قبل أن ينكشف الغطاء ويدخل علينا منكم الخطاء.

هذا كلام في نظمه تركيك وفي سلكه تسليك، ولو كشف الغطاء ونزل القضاء، لبان من أخطأ، أكفر بعد الإيمان ونقض بعد التبيان ؟ قولوا لكاتبكم الذي رصف مقالته، وفخّم رسالته، ما قصرت بما قصدت، وأوجزت وبالغت، والله ما كان عندنا كتابك إلا كصرير باب، أو طنين ذباب، قد عرفنا إظهار بلاغتك، وإعلان فصاحتك، وما أنت إلا كما قال القائل: حفظت شيئا وغابت عنك أشياء.

كتبتَ: سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، لك هذا الخطاب، وسيأتيك الملك الناصر وبكتمر وعلاء الدين القيمري وساير أمراء الشام ينفرون الإيصال إلى جهنم وبئس المهاد، وضرب اللمم بالصماصم الحداد، وقل لهم : إذا كان لكم سماحة، ولديكم هذه الفصاحة؛ فما الحاجة إلى قراءة آيات وتلفيق حكايات، وتصنيف مكاتبات، وها نحن أولاء في أواخر صفر موعدنا الرَسْتَن وألا تعدنا مكان السلم، وقد قلنا ما حضر والسلام.»


❈-❈-❈


خرج قطز ليخطب بالجيش وهو يبكي ويًذْكَر أيضًا أنه كان يبكي في القتال ليحرك مشاعر جيشه الذي كان يقاتل ويبكي أيضا.

في الوقت ده كان وصل الخبر لهولاكو بموت أخوه مونكو خان فكان لازم يسيب كل حاجة ويروح "تبريز" في إيران علشان يبقى قريب وهما بيختاروا خان جديد علشان يناصر أخوه الأكبر منه قوبلاى خان علشان يمسك الحكم بدل مونكو خان.

ترك هولاكو الجيش وكلف صاحبه الانتيم "كتبغا" بالقيادة فى مواجهة قطز.

جمع المظفر قطز الجيش وكان قدامه خيارين يا إما يخرج يقابل جيوش التتار يا إما يستنى على ما يوصلوا هما لمصر بس هو اختار إنه يخرج يقابلهم وبالفعل خرج بالجيش وتقابل مع جيوش التتار في ٢٥ رمضان ٦٥٨هجرية الموافق ٢٤اغسطس ١٢٦٠م في موقعة عين جالوت في فلسطين والتحم الجيشان وكانت معركة عظيمة استبسل فيها الجيش المصرى في القتال اللي استمر من الفجر لمنتصف النهار وكان النصر حليف جيش مصر وتم إبادة جيش المغول عن آخره وكان لحنكة ودهاء الظاهر بيبرس الفضل الأكبر في تحقيق هذا النصر العظيم، الذي كان له بالغ الأثر في تاريخ المنطقة والعالم العربي.

وبهزيمة المغول أصبحت مصر هي الصخرة التي تحطم عليها آمال وطموحات المغول وكمان اتحطم عليها اسطورة جيش المغول الذى لا يقهر.

وأدت المعركة لتعزيز موقع دولة المماليك من مصر كأقوى دولة إسلامية في ذاك الوقت ولمدة قرنين من الزمان أي إلى أن قامت الدولة العثمانية.

كنت هزيمة المغول في عين جالوت ضربة في الصميم  زلزلت كيانهم كمان هزيمة المغول حمت أوروبا اللي أكيد كان الدور عليهم بعد مصر لتحقيق حلم جنكيز خان بغزو العالم.

طبعا حاول هولاكو يحفظ ماء وجهه زي ما بيقولوا وينتقم للهزيمة اللي حصلتله ويعيد للمغول هيبتهم في النفوس فأرسل جيش لحلب وأغار عليها ونهبها ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهى السفن وتعرّض للهزيمة بالقرب من حمص على إيد الظاهر بيبرس في محرم ٦٥٩هـ ديسمبر ١٢٦٠م وطُرد بعدها جيش المغول من دمشق وبغداد التي أصبحت تحت حكم المماليك واضطر هولاكو إنه يرتد إلى ما وراء نهر الفرات ووقعت المنطقة دي كلها تحت حكم المماليك بقيادة الظاهر بيبرس الذي تولى حكم مصر بعد مقتل قظز.


❈-❈-❈


حاول هولاكو إنشاء تحالف مع أوروبا ضد المسلمين، ففي 10 أبريل 1262 أرسل رسالة للملك "لويس" عن طريق "جون الهنغاري" و النسخة الوحيدة المعروفة من الرسالة دي بقيت في فيينا بالنمسا.

قال هولاكو في رسالته إنه ناوي يغزو القدس من أحل البابا وفي المقابل طلب من لويس مهاجمة مصر عن طريق البحر المتوسط بواسطة أسطوله.

الإضطرابات والقلاقل والنزاع على السلطة اللي حصل للمغول خلى هولاكو يصرف نظر عن خوض حرب جديدة مع المماليك خصوصا بعد تقسيم البلاد إلى ٣ خانات وتولى هو حكم بلاد فارس وأسس فيها دولة "إيلخانات" والتي استمرت إلى أن انتهت إلى إيران الحديثة.

من سنة ١٢٦٢م إلى سنة ١٢٦٣م دخل هولاكو في صراع جديد مع ابن عمه "بركة خان" وهو زعيم مملكة التتار الشمالية الغربية في منطقة موسكو والتي عرفت باسم "القبيلة الذهبية" ودخل في الإسلام وتحالف مع الظاهر بيبرس على هولاكو.

وكتب 'بركة خان' برسالة إلى 'بيبرس' يقول له فيها:

- قد علمت محبتي للإسلام وعلمت ما فعل هولاكو بالمسلمين، فاركب أنت من ناحية حتى آتيه أنا من الناحية الأخرى؛ حتى نهزمه أو نخرجه من البلاد، وأعطيك جميع ما كان بيده من البلاد.

وعلشان يؤكد التحالف ده تم تزيج ابنته للظاهر بيبرس.

كان النصر حليف هولاكو في البداية فعبرت قواته نهر "تيريك" متوغلةً في أرض بركة خان لكنها ارتدت بعد كدا وتكبدت خسائر جسيمةً،وغرق في النهر معظم جنوده لما انهار الجليد تحت حوافر الخيول.

وفي 19 من ربيع الأول ٦٦٣هـ 9 من يناير ١٢٦٥م توفي هولاكو بالقرب من "مراغة" وكان عنده ٤٨سنة ودفن في جزيرة "أسلامي" في بحيرة "أورميا" وكانت جنازته هي الجنازة الوحيدة لأحد الخانات التي شهدت التضحية بنفس بشرية.

يقال إنه مات بالصرع سبحان الله وفيه بعض المؤرخين قالوا إنه في أواخر أيامه لما كانت بتجيله نوبة الصرع كان بيعوى زي الكلاب وساب لأبنائه وأحفاده مملكة فسيحة عرفت ب "إيلخانية فارس" ولحقت بيه زوجته طقز خاتون بعد فترة قليلة وحزن لوفاتهما المسيحيون في الشرق جدا واعتبروهم من القديسين وتولى الحكم بعده ابنه "أبقا خان"

وإحقاقا للحق فعلى الرغم مما اشتهر به هولاكو من قوة، وغلظة، وإسراف في القتل، وسفك الدماء، إلا أنه كان يشجع جدا رجال الأدب والعلم وكان يحب الفلسفة والأدب جدا ومن ضمن العلماء الذين حظوا بتقديره المؤرخ الفارسى الجويني اللي اقنعه إنه ميحرقش مكتبة الإسماعيلية وكمان ألف الجويني كتاب سماه "تاريخ جنكيز خان وأخلافه".

كمان من ضمن مواقف هولاكو إنه كلف العالم الرياضي "نصير الدين الطوسي" علشان يقوم ببناء مرصد في مدينة "مراغة" زوده بأدق الأجهزة المعروفة في زمانه.

ويقال بأن المكتبة التي أنشأها الطوسي وألحقها بالمرصد كانت تحتوي على ما يزيد على 400 ألف مجلد.

يقول المؤرِّخ المقريزي عن هذا المرصد في كتابه «السلوك لمعرفة دول الملوك»:

«إلى جانب مهمة المرصد الأساسية، كان هذا المرصد داراً للفقهاء والفلاسفة والأطباء، بها من كتب بغداد شيءٌ كثير وعليها أوقافٌ لخُدَّامها»

أما بالنسبة لديانته فاختلف المؤرخين بين الديانة الشامانية والبوزية وطبعا زيه زي جده كان عنده عدد لا يحصى من الزوجات والمحظيات لكن الزوجة الرئيسية هي طقز خاتون كمان كان عنده أولاد كتير جدا فيه اللي بيقول إنهم كانوا ١٤ ولد و٧ بنات وفيه اللي بيقول أنهم كانوا اكتر من كدا.

دى كانت باختصار قصة حياة هولاكو الذي أرعب المسلمين وأسقط الخلافة العباسية بعد استمرار أكتر من خمس قرون.

يتبع