-->

رواية عقوق العشاق - بقلم هدى زايد - الفصل الثامن والعشرون (الجزء الاول)

 رواية عقوق العشاق بقلم هدى زايد


تعريف الرواية

أنا المتمرد الذي سقط في جوف الظلام، ظن أن عشقك هو ومضة الأمل، لكن وجدته بداية الآم  

الجزء الرابع من سلسلة العشق الأسود

التصنيف 
 رومانسية اجتماعية، قصص رومانسية، عاطفية

سرد الرواية
لغة عربية فصحى 


حوار الرواية 
عامية مصرية، عاميه
 
❈-❈-❈
الفصل الثامن و العشرون 
( الجزء الأول ) 
                    
داخل مزرعة نوح 

كان يتجول مع رُبى في المكان،  يشرح لها كيف كان و كيف أصبح،  ما يريد فعله و ما يملكه من مال  طموحاته تجاوزت سقف توقعاتها،  توقفت
أمام حاجز الجياد تسأله عن هذا و ذاك، مد يده لأحدهم و قال بإبتسامة واسعة و قال 
- عارفة اسمه إيه ؟ 

سألته بفضول 
- إيه ؟! 

أجابها بإبتسامة واسعة وهو يتحسس مقدمة رأسه 
- طلال 

نظرت له ولم تتذكر هذا الاسم سألته بفضول قائلة
- هو حلو اسم طلال بس إيه حكاية طلال معاك عاوز تسمي ابنك طلال و دلوقتي حصان اسمه طلال ؟ 

نظر لها و تسأل بجدية قائلا
- بجد مش عارفة ولا عاملة نفسك مش عارفة ؟ 

ردت بنبرة صادقة و قالت 
- لا و الله مش عارفة  أنا دايما بسمع مراد و شاهين و كل اللي يعرفك بيقول يا ابوطلال  ولما تيتا سألتك قلت إن نفسك تجيب ولد و تسمي طلال بس متوقعتش إن أي حاجة مذكر ها تسمي طلال !! 

حك نوح لحيته النامية قليلا  و قال بإبتسامة متوترة و هو ينظر لها 
- هو المفروض إن اقول الاسم دا جاي ازاي بس خايف منك الصراحة ؟ 
- ليه ؟! 
- خايف من رد فعلك أصل لي علاقة بالماضي و ال...

ردت بمقاطعة و قالت 
- قصدك يعني لما كنت تعبـ ...

قاطعها هو هذه المرة و قال 
- عشان كدا مش عاوز افكرك و لا افكر نفسي بي الحسنة الوحيدة اللي طلعت بيها من الموضوع دا و اللي عايش لسه على ذكراها إنك كنتِ معايا حتى لو مش بشخصيتك اللي الكل يعرفها كفاية كنتِ معايا أنا و بس .

ابتلعت مرارة حلقها و هي تتذكر ايامها داخل المصحة  بالخارج،  نظرت له و قالت من بين دموعها 
- عارف يا نوح في المصحة. كانوا بيعملوا جلسة كدا عشان نبكي و نصر خ فيها، كانوا بيجيبوا لوح كله مسامير و يخلوني اقف عليها و المفروض إن بابا كان بيبقى معايا في الجلسة دي وقفني 
و حضـ ني جامد اوي كأنه بيقل لي أنا اهو معاكِ متخافيش  فضلت ابكي و اطلع كل اللي جوايا قعدت أكتر من ساعة بعيط بطريقة متتوصفش بابا كمان كان بيعيط مكنش عابد اللي الكل شايفه دلوقتي بابا كأنه كان محتاج الجلسة دي اكتر مني  فضلنا كدا لحد ما ارتاحنا و كل اللي جوانا خرج و لما هدينا و كل واحد قدر يمسك نفسه  اعتذرنا لبعض وعدني إني هكون احسن و إني هرجع ربى اللي كل الناس تعرفها وعدني إني هكون بنت كل الناس اللي اتكلمت عليها وفي حقها هترجع و تكون قوية و محد هايقدر يخد عها و لا يكـ سـر ها
تاني و فعلا رجعت تاني احسن من الأول بس كل ما بشوف الجرح اللي بطنه ببقى عاوزة ا قتـ ل نفسي الف مرة عشان فكرت أأذي واحد معملش حاجة في حياته غير إنه كان سندي و ضهري 

نظر لها و قال بإبتسامة واسعة 
- هو دا عمي هو دا عابد المحمدي الراجل الجدع الحنين اللي ...

قاطعه رنين هاتفه دس يد ه في جيب سرواله  ليجد اسمه يضئ شاشته رفع الهاتف و قال بنبرة مغتاظة 
-اللي مابيصدق يلاقيني مبسوط يقوم يقطـ ع عليا انبساطي 
- رد شوفه عاوز إيه ؟ 
- ها يعوز إيه غير إن يقول أنت فين اتأخرت ليه في ردك البت فين لألأ بلاش تقعد كل في المزرعة  و هوب يقوم مديها واحدة بقلك إيه يا نوح تعال و هات ربى و هتأكل من ايدي احلى مكرونة بشاميل و كفتة 
- رد يا نوح متبقاش بايخ 
- أنا بردو اللي بايخ !!

ضغط على زر الإجابة ثم ضغط على زر السماعة و قال 
- اهلا يا عمي ازيك و احشني و الله 
- أنت هاتستعبط هو أنا لحقت اوحشك ؟ 
- ما هو انا بردو مستغرب عشان كدا قلت اسبق أنا،  خير؟ 
- ما بتردش على التليفون ليه ؟ 

غمز نوح ربى و قال بجدية مصطنعة وهو يتجه نحو مكتبه بالمزرعة 
- مافيش بس كنت بفرج ربى على المزرعة و

قاطعه عابد وقال 
- كل دا في المزرعة  يلا امشي يلا متقعدش عندك كل دا بقلك إيه يا واد يا نوح تعال اعزمك على مكرونة بشاميل و كفتة و رقاق من عمايل ايدي ها تاكل صوابعك وراها 

صدحت ضحكات ابنته و هو يكرر نوح كلمات عمه بخفوت،  سألها عابد عن سبب ضحكاتها و فقالت بجدية مصطنعة
- مافيش يا بابا اصل نوح كان بيقولي نفس الكلام  و قالي كمان دا عمي هيفضل ورايا لحد ما يزهقني و يفضل يزن عليا عشان ارجع 

رد عابد بنبرة مغتاظة وقال 
- أنا بزن طب و حياة امي ما أنت رايح في حتة و هات البت و تعال بقى يا فالح بدل ما الغي كل حاجة و اعرفك إن الله حق 

رد نوح وقال بغيظٍ شديد
- ارتاحتي يا بوتجاز هانم اهو قلب التربيزة عليا  سلام يا عمي سنتين و راجعين قصدي ساعتين  

نظر لها و جدها ترفع كتفيها ببراءة و قالت 
- أنا معملتش حاجة هو اصلا ييتلكك  

اقترب  نوح منها و قال بغمزة من عيناه 
- ما تسيبك منه و تيجي انا و أنتِ نبـ .....

دفعته في كتفه المصاب و قالت بجدية 
- مالك في إيـ...

آآآآآه كتفـــي 

أردف نوح جملته و هو يدور حول نفسه من فرط  آلآمه،  لم يكن يعلم أنها ستدفعه بهذه الطريقة الجنونية،  ضحكت بداخلها  و لكن تظاهرت عكس ذلك و هي تتحدث ببراءة 
- يا حرام هو لسه بيشد عليك معلش يا بيبي 

تماسك قدر المستطاع و قال بهدوء مصطنع 
- اتفضلي اتفضلي يا رُبى  اتفضلي عشان نلحق عمي 

رفع بصره و قال بصوتٍ يشوبه البكاء رافعا ناظريه للسما 
- يارب أنت  وحدك اللي قادر على الناس دي، خد لي حقي منهم يا رب 

                    ❈-❈-❈
كانت تقف أمام سيارته في انتظاره، كان يمزح مع حارس المرزعة و ابنه الصغير، دس يده في جيبه و وضع نقودًا نظر الصغير لأبيه قبل أن يأخذها  فأشار والده علامة الموافقة، تناولها بسرعة قبل أن يغير رأيه كما أدعى نوح 
غادر  المكان و هو يلوح بيـ ـده قبل أن يغادر 
فتح لـ رُبى باب السيارة  و قال 
- اتفضلي يا روبي هانم 

استقلت السيارة بإبتسامتها التي لم تغادر شفتاها منذ صباح اليوم، بينما هو كان يدندن بكلمات أغنيته المفضلة،  الأجواء فيما بينهم غاية في اللطافة و الجمال، كم تمنى أن يمر الباقي من عمره  و ينعم بهذا السلام مع  حبيته .

                    ❈-❈-❈
بعد مرور يومين 

في شقة مالك 

كانت ملك جالسة تفكر في ابنها الذي لم تراه حتى الآن تساقطت دموعها على خديها كلما تأتي على بالها فكرة أنه يفارق الحياة،  جلست الجدة على حافة الفراش تربت على كتفها تهون عليها قائلة بحنو و حب 
- خير إن شاء الله ربنا عمره ماجاب حاجة وحشة اصبري بس و هو ها يرضيكِ 

ردت ملك من بين دموعها قائلة
- أنا ماشفتش ابني يا تيتا و لا حتى اعرف شكله خدوا مني و بقالي يومين مش عارفة عنه حاجة 
- يا بت خير و الله جوزك طمني و قالي إنه كويس هو بس عنده الصفرا و ....

ردت ملك بلهفة قائلة 
- حبيبي يا ابني صفرا أنا كان قلبي حاسس 

وضعت سيلا الطعام و قالت بحنو و حب 
- اهدي يا حبيبتي دا طبيعي كل الاطفال بيتولدوا بيها و زي ما تيتا قالت لك كدا حاجة عادية خالص 
- لأ أنا عاوزة اشوف ابني 

ولج مالك وجدها تبكي بحر قة على ولدها، جلس على الطرف الآخر من الفراش، ضمها لحضـ ـنه و قال 
- ما تقلقيش أنا كلمت امجد و هو جاي في السكة عشان خاطري كفاية عياط غلط عليكِ هايجرا لك حاجة كدا 

رفعت بصرها و قالت بمرارة 
- أنا ها موت لو ابني جرا له حاجة يا بابا 

ردت الجدة مقاطعة بغضبٍ قائلة
- بس يابت هبل الملايكة حواليكِ، الواد بخير و بأمر الله هيخرج لك بالسلامة 

تحاملت على نفسها و هي تستند بيـ ـد ها على طرف الفراش سألها مالك بفضول قائلا 
- على فين يا أمي الأكل قرب يخلص خلينا نتغدا سوا 
- ها روح اشوف البت مرات ابنك 
- مرات ابني مين ؟ 
- أنت عندك كام ابن متجوز ؟! مرات بيجاد طبعا 

تابعت بقلق قائلة 
- تعبانة و لو حدها يصعب عليها إننا مبنسألش فيها 

نهض مالك من جانب ابنته متجهًا نحو والدته 
تناول يد ها اقتادها حيث شقة بيجاد،  سألته بهدوء 
- مش هتسأل عليها ؟ 
- لأ 
- يا ابني البت تعبانة و اخوك بيقول لازمها عملية و جوزها مش جنبها خلي ابنك يطمن عليها وسطنا 
- يا أمي كسفتني في اليوم اللي ملك ولدت في و قفلت الباب في وشي 
- لأ قالت لك عن أذنك 
-عرفتي منين 
- منها و قالت بيجاد قالها اهلي مش حابين وجودنا يبقى نعتزلهم 
- و بيقلها كدا ليه الغبي دا 
- عشان شايف معاملتك ليها عاملة ازاي 

تنهدت بعمق ثم قالت 
- سيبك من اللي فات احنا ولاد النهاردا ادخل قلها سلامتك و حسسها  بوجودك حتى لو جوزها مش موجود 

تركها مالك ما إن وجد بيجاد يصعد سلالم الدرج محدثًا جدته بنبرة متعجبة 
- تيتا بابا خير في حاجة ؟ 

رد والده بنبرة مقتضبة 
- هايوكن في إيه يعني جدتك كانت عاوزة تتدخل عندك إيه ممنوع ؟! 
- أكيد لأ طبعا تيتا تنورني في أي وقت و حضرتك اكيد 
- حضرتي هايروح يشوف بنته عن أذنك 

فتح باب الشقة بعد أن صافح جدته، ساعدها في الجلوس على الأريكة ثم عا نق زوجته 
عنا قًا  طويل و كأنه غاب عنها سنوات طويلة
خرجت من حضـ نه محتضـ نة وجهه بين كفيها متسائلة من بين دموعها 
- مال وشك اتقطف ليه كدا يا حبيبي ؟ 

مال بو جهه ليطبع قبـ لة على أناملها ثم قال بحنو و حب 
- أنتِ بس اللي بتحبي تكبري المواضيع 

تابع بجدية قائلا بعتذار بعد أن جلس حذاء جدته  
- أنا آسف يا تيتا كانت وا حشاني 
- ربنا يسعدكم يا حبيبي،  قل لي جيت ازاي  مش قلت كانوا مش عاوزين يجيبوك ؟ 
- عملت كام محاولة كدا لحد ما ربنا كرمني و عرفت اجيب إجازة  3 أيام  بس  
- بس !! 
- حلوين يا روكا دا أنا كنت عشمان في 24 ساعة 

ردت رقية متسائلة 
- أكيد جعان نص ساعة و الأكل يكـ....

قاطعها قائلا 
- مش ها تقومي تعملي أي حاجة خليكِ و هابعت اجيب جاهز 

نظر لجدته و قال 
-تحبي تأكلي إيه تيتا ؟ 

وقفت الجدة و قالت بحنو و حب 
- دايما عامر بحسك يا حبيبي بس أنا هاروح عند ابوك بقى احسن يتقمصو يقل لي بتأكلي عند عابد و أنا لأ 

رد باسما 
-  دا أنا كدا اللي ها تقمص يا تيتا اقعدي و ابقي اتعشي عنده 

مازحته بكلماتها الجريئة التي لم تفشل للحظة أن تحرج بها زوجته، كادت أن تخرج لكنها عادت و قالت بتذكر 
- اختك ولدت 
-بجد ؟!  امتى ؟ 
- من يومين كدا ادخل سلم عليها و بوس على راس ابوك و أمك 
- بس يا تيتا ...
- مافيش بس أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك  مهما عملوا حتى لو خلوك تروح تحا ر ب بردو أمك و أبوك اختك زعلانة و نفسيتها زفت بسبب ابنها اللي محجوز في المستشفى ادخل و طيب بخاطرهم كدا و خد مراتك في ايدك 
- تاني يا تيتا و يقابلوها وحش و يكسفوني !! 
- مش هايعملوا كدا صدقني دول اتعلموا الأدب بس بيكابروا صعبان عليهم ابنهم يخرج عن طوعهم بس معلش  راضيهم عشان ربنا يراضيك دنيا و آخرة 

أومأ بيجاد علامة الإيجاب و قال بهدوء 
- حاضر يا تيتا هروح أنا لوحدي لو حسيت إن في وش حلو هاخد رقية معايا تاني يوم لكن لو هما زي ما هما يبقى شكرًا على كدا .

ساعدها بيجاد لدخول شقة ابنها، جلست على الأريكة تلتقط أنفاسها،  سألت عن ملك فقال لها مالك بسعادة 
- المستشفى كلمت امجد و قالوا إن البيبي اتحسن و الدكاترة قالت لو أمه تقدر تيجي ترضعه تيجي دلوقت 
- طب الحمد لله 

تنحنح بيجاد و قال بهدوء 
- مبروك يا بابا 
- شكرًا 
- هو اسمه إيه ؟ 
- معرفش ابقى اسأل ابوه 

أتت سيلا و هي تحمل بين يد ها القهوة، وجدت ابنها جالسًا شاحب الوجه علامات الإرهاق بادية على وجهه،  و ضعت القهوة على سطح المنضدة ثم قالت بجمود مصطنع و هي تجلس 
- مش تقول يا مالك إن عندنا ضيف كنت عملت حسابه في القهوة 

نظر بيجاد لجدته نظرة ذات مغزى بينما ردت هي قائلة 
- هو فين الضيف يا أم نوح ؟ 
- سيلا مش قصدها حضرتك يا ماما  

تنهدت الجدة و قالت بتساؤل 
- ايوة و بعدبن يعني في شغل التلاقيح دا ما تهدي بقى يا مرات ابني مش كدا،  الواد جاي لحد عندكم و مغلتطش فيكم 

رد مالك وقال بصوتٍ مرتفع 
- لأ غلط لما يقف قصادي يبقى غلط يا أمي 
- و أنت دلوقت بتعمل إيه يا ابن بطني ها ؟ 
- أنا آسف مش قصدي طبعا بس بردو يا أمي مايرضكيش إن هو يمشي كلمته عليا 

رد بيجاد بنبرة تحمل من بين طياتها الكثير و الكثير نفذت طاقته على التحمل،  نظر لوالديه و قال بمرارة
- كلمة إيه يا بابا بس اللي مشيت على حضرتك طول عمري ماشي تحت طوعك و عمري ما قلت لك لأ 
- بس قلت لما 

صمت و لم يكمل حديثه بعدما كاد أن يفقد السيطرة على لسانه في حق زوجة ابنه، تحدث بيجاد بنبرة جعلت الحجر الصوان يلين من فرط حزنه و إنشغاله على زوجته و ابنه الذي لم يرَ النور 
- يا بابا حتى لو أنا غلطان فأنا آسف حقك عليا  بس ارجوك بلاش زعلك مني يطول ابني اللي لسه ماشفش نور الدنيا،  أنا ابني احتمال كبير يروح مني 

ختم حديثه و هو يقف عن الأريكة و قال 
- لو كنت  بتدعي على ابني يروح مني ارجوك ادعي اروح أنا و هو يفضل مكاني مش هاتحمل ابني يـ...

بلع غصته و غادر قبل أن تنساب دموعه و يظنها والده دموع تماسيح كما قال من قبل، نظر مالك لوالدته و قال بحزن دفين على بيجاد
- هو إيه يا أمي ماله ابنه و هايروح ازاي ؟!

وقفت الجدة عن الأريكة و قالت بحزن عن الحال الذي آل إليه عائلتها مؤخرًا
- اسأل اخوك يقل لك،  و ابقى امشي ورا كلام مراتك حلو خلي العُقد يفرط منك و متعرفش تلمه 

                    ❈-❈-❈
داخل قسم الحضانات 

كانت ملك تحمل ابنها بين يد ها ضا مة يد ه
الصغيرة الناعمة في كفها تقبله بين الفنية و الأخرى و هي تقدم اعتذرها للمرة المئة بعد الالف قائلة من بين دموعها 
- حبيبي يا ابني أنت جعان اوي كدا 

نظرت لزوجها الذي لم يبرح بصره عن ابنه، مرر  أنا مله على خصلات شعره الطويلة،  و قالت 
- شبهك يا امجد مش كدا 

رد امجد بإبتسامة عريضة و قال هامسًا  خوفًا من أن يستيقظ  أو يزعجه 
- هو أنا قمر كدا دا مش سايب حاجة منك غير لما خدها 
- ما تشوف الدكتور كدا هايقول إيه خلينا ناخده معانا وحياة يا امجد 
- و الله يا حبيبتي قلت له قالي اصبر كمان ساعتين يكون الدكتور اللي بيشرف على حالته جه و هو يطمنك لو الحالة مستقرة هتاخده اكيد 

تابع بجدية رغم حماسه بأن يأخذه معه 
- و بيني و بينك أنا شايف اهتمام ورعاية على اعلى مستوى الصراحة يعني هو هنا في أمان نستعجل احنا ليه ؟!

تابع بحنو و هو ينظر لابنه و قال 
- شبعي أنتِ بس لحد ما الدكتور يجي بيقولوا الرضاعة الطبيعية احسن و افيد لي بكتير 

عادت ببصرها لابنها و قالت بحنان بالغ 
- أنا لو اطول ادي له عمري مش كفاية عليه مش شوية لبن 

سألته  بشئ من العتاب 
- لسه بردو مش عاوز اطفال بعد ما شفت حتة منك بين ايدك ؟ 

أجابها بحنو و حب و هو يقترب أكثر منها و قال 
- أنتِ كنتي زي ضي في مكان ضلمه كنت بحسب دي طاقة نور طلعت لي دنيا حلوة و فحأة دنيتي  الحلوة كبرت و هتزيد واحد كمان بس قصادها هتروح مني سبب حبي للدنيا تفتكري ابقى عاوز حاجة ؟   

نظر لابنه و قال بحزنٍ 
- لحد اللحظة اللي بكلمك فيها دي أنا لاشيلت ابني و حسيت بوجوده، تعبك ضيع لي طعم أي حاجة حلوة ممكن تحصل لي، النهاردا بس لما خرجتي من المستشفى و شفتك قصادي بتتكلمي بدأت اخد نفسي،  ربنا قالي اصبر لسه هفرحك كمان و قام شفا لي ابني، ابقى طماع لو قلت عاوز حاجة تاني 

مدت ملك كفـ ها محتضـ نة وجهه و قالت بإبتسامة صافية 
- أنا بقى طماعة و عاوزة اجيب منك عشرة مش ها تكفي بواحد بس وافقت و لالأ مش هاخلي ابننا وحيد 

ظاهريًا هي مشفى تُعالج المرضى، داخليًا هي المكان الوحيد الذي شهد على حنان و جنون و رومانسية  امجد التي لم تظهر إلا هنا،  مر الوقت بأعجوبة و سمح الطبيب المعالج بخروج ابنهما من المشفى،  خرج أثنان و عاد ثلاثة هذا الدخول الأول لابنهما في منزل المحمدي طلبت الجدة من ملك أن تبقى في شقتها بعد مشاجرة ابنها و حفيدها،  تجمعت العائلة من جديد،  حمل بيجاد ابن أخته بين يده و ظل يجوب الردهة به ذهابًا إيابًا ثم نظر لاخته و قال 
- دا صغير اوي يا ملك،  هو إنتوا ناوين تسموا إيه ؟! 

ردت ملك بتذكر قائلة
-تصدق نسيت خالص،  صحيح يا امجد هنسمي إيه ؟! 
- فهد ناوي بأمر الله اكتبه فهد 

سألته الجدة قائلة باستفسار 
- و دا معناه إيه يا امجد ؟ 

أجابها بهدوء و قال باسما 
- اسمه بيدل على الذكاء و القوة و كمان من اهم صفات الفهد إنه سريع 

رد نوح ساخرًا 
- سريع مين بس يا عم صل على النبي دا ابنك جه في ست ساعات و كأنه  بيـ حارب مثلا 

ضحك الجميع على مزاح نوح، بينما رفع بيجاد بصره و قال بنبرة غلفها الحزن 
- أنا نفسي اسمي يونس 

حرك رأسه و قال بمرارة 
- دا لو ربنا كاتب له يجي الدنيا يعني 

اتجه نحو أخته و ضع ابنها بين ذراعـ يها و قال 
- ربنا يفرحك بي يا ملوكة و تشوفي احسن الناس 

وقفت رقية على باب الشقة منادية زوجها بعد أن القت التحية على الجميع،  غادرت مع زوجها و بداخلهم رعب يكفي عالم بأسره،  كانت معها جميع التحاليل و الإشعة اللازمة 
استقلت السيارة ثم نظرت لزوجها و قالت 
- أنا عارفة إن في حاجة التخاليل و وجودك دلوقتي أكد لي كلامي 

حرك رأسه و قال بمرارة 
- إن شاء الله خير ربنا يجيب العواقب سليمة 

بعد مرور نصف ساعة 
جلسا أمام الطبيبة  التي تفحص الأوراق بدقة
كانت عيناها معلقتان على تعبيرات وجه الطبيبة سألتها رقية بتوجس
- خير يا دكتورة ؟ 
- خير إن شاء الله، أنا كنت بطلب منك التاحليل بدري عشان لاقدر الله لو في حاجة وحشة نلحق بس الحمد لله مافيش أي حاجة  تخوفنا تماما 

تنهد كلا هما و قبل أن تسأله رقية ردت قائلة
- بس هنعمل عملية صغنن كدا عشان نقدر نكمل حملنا بدون أي خوف 
- هو مش حضرتك قلتِ إن مافيش حاجة يبقى إيه لازمتها بقى ؟ 

ردت الطبيبة شارحة ما تعاني منها هذه الفترة
-  أنتِ عندك حاجة اسمها رحم ذو القرنين 

سأ لها بيجاد و هو ينظر لزوجته و قال 
- معلش يعني إيه ؟ 

أجابته الطبيبة ببساطة شديدة
- الرحم ذو قرنين دا بيكون  عند ستات كتير و بيكون خطر على الحامل لأنه احيانا بتتعرض للولادة المبكرة لكن لما بنعمل عملية اسمها عملية بط لعنق الرحم دا  بيمنع الولادة المبكرة 

سألتها رقية بتوجس 
- طب و العملية دي يا دكتور صعبة يعني نسبة نجاحها كام ؟ 

أجابتها الطبيبة بإبتسامة مطمئنة 
- العملية دي سهلة جدًا بتاخدي فيها بنج كلي أو موضعي نسبة نجاحها من بين ال85 لـ 90%  

سألها هذه المرة بيجاد و قال 
- طب يا دكتورة بعدها هي هتبقى كويسة يعني إن شاء الله و تقدر تتحرك عادي ؟ و لا في خطورة ؟! 

نظرت إليه الطبيبة و قالت 
- هي هتقعد في المستشفي لمدة يومين بالكتير نطمن إن الدنيا تمام و إن مافيش اي مضعاقات بعد العملية، و بعدها تقدر تروح بيتها بس طبعًا مش هنعمل مجهود كبير و نشيل حاجات تقيلة،  هنحاول على قد مانقدر نرتاح في السرير 

تنحنحت ثم ختمت حديثها قائلة
- العلاقة من أسبوعين لـ 6 اسابيع ممنوعة نهائي  

نظرت رقية لزوجها الذي بدأ يستفسر عن كل شئ يأتي بباله قبل أن يغادر و كانت الطبيبة تخبرها بكل شئ ببساطة شديدة دون تعقيدات 
حددت يوم العملية  بأن يكون غدًا  نظرًا لسفره،  عندما سألها إن كان تأخر أم لا فأجابته بأن أفضل وقت لإجراء عملية ربط عنق الرحم هو في الشهر الثالث، و تحديدًا في الأسبوع 12- 14 من الحمل،  و أن افضل وقت هو الآن 
غادر العيادة  علي وعد بـ لقاءً في صباح الغد 
نظر لهاتفه الذي لم يهدأ تمامًا،  وضع العصائر بين يد زوجته و قام بالرد على زميله في العمل قائلا
- الله يسلمك اه الحمد لله الدنيا تمام،  لا والله اعذرني مش هقدر بكرا لأني مشغول جدًا اه هاتتدخل بكرا العمليات الله يسلمك يا رضا باشا تنورني في أي وقت اكيد طبعًا مع السلامة .

سألته رقية بفضول 
- مين رضا دا ؟ أول مرة اعرف إن ليك صاحب اسمه رضا ؟!

أجابها بهدوء و هو يسرد لها حكايته،  كانت تتعجب مما يسرده لم تتوقع ما يقوله ظنت أن زوجها يبالغ في حكايته، لكنه ختم حديثه قائلا 
- بصي أنا عارف إني ممكن اكون ببالغ زي مابتقولي لي بس والله دا اللي اتحكى لي عنها و بعدين مستغربة ليه دا بشوف قضايا تشيب شعر الراس 

غمز بطرف عينه و قال ممازحًا إياها 
- عندك مثلا واحد قتـ ل مراته عشان بتتدلع عليه أو بتسأله رايح فين و جاي منين فـ زهق منها و قال يريح دماغه 

ردت رقية  بذات الإبتسامة وقالت بتساؤل 
- و موقعش في ايدك واحدة قتـ لت جوزها عشان بيقولها عاوز اتجوز و هو لسه عريس ؟ 

رد  بيجاد بجدية مصطنعة قائلا
-  اعوذ بالله محصلتش دا اكيد راجل مش مقدر النعمة اللي معاه 
- طب انصحه بقى يلم الدور قبل ما يضيع عمره بلاش 

رفع كف للأعلى قليلًا و قال بإعتراف 
- هو اتنصح و قال تُبت و ندمت على فعلت و أكد لي إنه مش هايكررها تاني 

صدحت ضحكاتهم في المكان ما إن انتهى من حديثه الساخر، تحسنت حالتها المزاجية لمجرد وجوده بجانبها، اطمئنت اكثر حين علمت أنه سيكون معها في صباح الغد،  الوضع  تغير تمام بالنسبة لها هذا ما تريده زوجها بجوارها  يا ليتها لم تفعل والدته مافعلته  به وبقى معها و لكنها لن تنكر أن البُعد ولد بينهما حالة من العشق و الحب .


                     ❈-❈-❈
في صباح اليوم التالي 

كان بيجاد يجوب المكان ذهابًا إيابًا، يجمع الأشياء المتناثرة هنا وهنك إثر الفوضى التي تسبب بها نوح و باقي العائلة، الساعة الآن السابعة صباحًا و مازالت زوجته في سباتٍ عميق حاول قدر المستطاع أن لايصدر صوتًا 
حتى لا تستيقظ على الرغم من محاولاته إلا إنها استيقظت بالفعل، سارت بهدوء لتساعده 
في جلي الأطباق و هي تقول بنبرة معاتبة 
- أنت واخد إجازة عشان ترتاح و لا تروق الشقة أنا قلت هاعملها قلت لي لأ و قلت مرات اخويا هتيجي تعملها لي 

رد بيجاد وهو ينظف الصحن من بواقي الطعام 
- أنتِ الدكتورة قالت لك الحركة للضرورة و مرات اخوكِ عندها بيتها وعيالها يعني ربنا يعينها أنا عملتها وظبطها يعني هتقعد على الأقل اسبوع مش هاتيجي جنبها و قبل ما امشي هشوف لك واحدة تيجي تروقها كل اسبوع 


جلست رقية على المقعد الموضوع في ركن المطبخ و قالت
- أنا خايفة اوي يا بيجاد 

جفف بيجاد يده في المنشفة و راح يقول بنبرة لا تقل عن نبرتها لكنه حاول أن يخفيها 
- متخافيش ياحبيبتي إن شاء الله خير 

تنهد بعمق و هو يحتـ ضـ نها ثم نظر لها وقال 
- روحي ارتاحي شوية لسه معادنا الساعة تسعة 
- قلقانة و خايفة وحاسة بخنـ قة 
- خير إن شاء الله خير 



بعد مرور ساعتين كاملتين 
كانت تقف أمام سيارته كادت أن تستقلها حتى ناداها معتز أخيها، أتى بخطوات واسعة وسريعة وقف مقابلتها و قال بعتذار 
- معلش يا روكا مش هعرف اجاي معاكِ طلبوني في الشغل بس أنا هاسيب معاكِ ماجدة هي هتبقى معاكِ طول النهار و هتبات في المستشفى كمان 
- مكنش له لازمة تتعب نفسك بيجاد معايا 

نظر له و قال بعتذار 
- معلش يا بيجاد نسيت اسلم عليك أنا هامشي عشان اتأخرت و اكيد هنتقابل بأمر الله 

كاد أن يغادر المكان لكنه تقابل مع 
( نوح و رُبى) الق التحية عليهما ثم تحدث مع ربى بعفوية متسائلا عن الفرع الجديد الذي فتحته للروضة فـ ردت عليه بعملية شديدة 
كظم نوح غيظه حتى غادر ذاك المعتوه الذي تجرأ و مازحها سألته ما إن استقلت السيارة 
- في إيه يانوح مالك ؟ 
- مافيش 
- لأ في، في إيه بجد ؟ 
- في إن حضرتك نازلة ضحك و تريقة مع البيه و انا شفاف بالنسبة لك كأنيدمش موجود 
 
ردت ربى بنبرة ساخرة قائلة
- نوح دا شغلي و أنا اتكلمت مع الراجل بمنتهى الذوق و هو متعداش حدوده معايا بالعكس كان ذرق جدًا والطربقة اللي بتكلم بيها ديذبابا حضرها أمتر من مرة لو كانت غلط أو مُلفتة كان لفت نظري لكن اللي حضرتك بتقوله دا اسمه غيرة و

رد نوح بعصبية و قال 
- ايوة غيرة و المفروض تبقي فرحانة مش زعلانة 

ردت ربى بنفس النبرة و قالت 
- لأ المفروض ازعل عشان دي غيرة مرضية و المفروض إنك اكبر و أعقل من كدا و دا شغل زي مابقابل ستات بقابل رجالة وبتعامل معاهم باسلوب يجبر الحجر يحترم نفسه 

حرك رأسه وقال بغضبٍ مكتوم 
- أنا عارف إن مش هعرف اخد منك لا حق و لا باطل اصلا 


قاد سيارته دون أن يضيف لحديثه كلمة أخرى هذا الخلاف الأول بينهما لأسبابٍ تافهة 
أوصلها لمحل عملها ثم ذهب لـ عمله هو 
اعلنت الخصام رسميًا حتى يعتذر منها 

في مساء نفس اليوم 

كانت " نجاة" زوجة رضا صديق بيجاد في العمل في زيارة لـ عائلة المحمدي، ولجت البيت و بدأت تتفقد بعيناها هنا و هناك، جلست بالبداية في منزل الجدة ولاء حتى تخبر حفيدها بهذه الزيارة، كان بيجاد على علم بذلك لكنه قرر أن يخبر زوجة على عجل بما يريد فعله جلس على حافة الفراش ثم ساعدها على الجلوس بأريحية و قال
- بصي يا حبيبتي أنا عارف إنك بتحبي الناس و مابتحبيش تكسفي حد بس اللي أنا فهمته إن الست دي مش كويسة 

فرغ فاها لترد على حديثه لكنه قاطعها وقال 
- عارف عاوزة تقولي إيه بس ارجوكِ اسمعيني 
رضا مش صاحبي اوي مجرد زملا في مكان واحد و حتى لو أنا محبش حد يشوف مراتي 
بغيير ايوة بغيير مش عيب ولا حرام هو بقى يوريني مراته يبعدها عن الدنيا كلها هو حر في نفسه مراته هتفضل قاعدة معاكِ هنا و هاجيب لك كل حاجة جنبك عشان تضايفها براختك لكن خروج و جو تسلمي على جوزها آسف مش هتلاقي عندي و ايوة أنا جاهل و متخـ لف و رجعي زي ما كل صحابي بيقولوا عليا 

احتوت وجهه بين كفـ ـيها و قالت بإبتسامة واسعة قائلة بتباهي 
- احلى واحد يغيير يا ناس، ربنا يخليك ليا ياروحي و مليحرمنيش منك أبدًا 


بعد مرور ساعة تقريبا 

كانت نجاة جالسة في غرفة (بيجاد و رقية)
تنظر هنا وهناك قادها فضولها لتفتح خزانة الملابس ظلت تخرج ملابسها الحريرية، تعجبت رقية من تصرفاتها الجريئة لكنها لم تعقب منعا للاحراج، اخرجت واحد وقالت بفضول 
- هو دا بتاع الدخلة ؟! 

ردت رقية نافية 
- لأ 
سألتها نجاة بفضول 
- اومال انهي واحد اصل دول كتار اوي هما دول كام واحد ؟ 

اجابتها رقية بإبتسامة مترددة 
- حاولي 50 أو 60 مش فاكرة بصراحة 
-جبتي 60 قميص ؟!!


ماهذا المرأة ألهذه الدرجة لا تخجل، أين زوجها ينجدها من بين براثن أسئلتها، انتشلتها من بئر افكارها و هي تقول 
- أنتِ جايبة كام لانچري في جهازك 

تنحنحت رقية و قالت بخجل 
- في الحقيقة جايبة 30 بس 
- اومال الباقي مين جابهم ؟! 


لامفر لابد أن تنهض بنفسها لتمنعها بطريقتها قبل أن تفتش بباقي مناماتها الحريرية، اتجهت نحوها وتناولت منها حاملة الهدوم و قالت بإبتسامة
- بيجاد هو اللي جابهم لي هدية و كمان جدته واخته، لأ دي أنا بعلقها كدا عنك أنا هرتبهم بنفسي.

سألتها نجاة بفضول  
- و هو أنتِ بقى مين بيعملك شقتك و أنتِ قاعدة لوحدك 
- في واحدة بتساعدني كل اسبوع و اوقات بتبات معايا لو بيجاد مش هنا 
- و هو أنتِ مرتاحة في بيت العيلة، اقصد يعني حماتك كويسة معاكِ ؟! 


يتبع...