رواية جديدة وصمة عار لخديجة السيد - الفصل 33 - 1
قراءة رواية وصمة عار كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية وصحة عار
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الثالث والثلاثون
الجزء الأول
كانت إليزابيث تجلس على الأريكة في غرفة المعيشة بينما أركون جانبها يحـ.ـتضنها بقوه وهو حتي الآن لا يصدق أنها هنا أمامه.. وتسكن أحضانه بجـ.ـسدها الهزيل في فترة غيابها لتدفن وجهها الغارق بدموعها ودموعها تسيل كالشلال..وكان على يمينها لينا ز وجـ.ـه أركون و على شمالها سافانا وكانوا ينظرون إليهما بين الحزن و عدم التصديق.. وهكذا انقضى باقي اليوم في البكاء والدموع وعبارات الاشتياق وعدم التصديق.. بينما ضحك اركون بتحشرج مرددا باشتياق
= اليزابيث حبيبتي ..قد عدتِ اخيرا يا لينا، كنت أعلم أنك بخير وستأتين .. كنت أخبر الجميع بذلك وكنت أراهن على عودتك، ولم اصدق أحد عندما يخبرني بانك قد تكوني فرقتي الحياه.. الحمد لله انكٍ عدتي سالمة .
ابتسمت ابنته سافانا براحه بينما هتفت لينا بفضول شديد
=لكن أين كنتي هذه المده؟ عمك ظل يبحث عنك هو و الشرطه هنا وهناك ولم يجدوكٍ؟ لماذا تأخرتي في العود وأين كنتي.. وكيف عدتٍ بعد وقت طويل.. لمَا لم تتواصلي معنا لنطمئن طالما انكٍ بخير .
تسارعت ضربات قلب اليزابيث وهي تتذكر كل ما حدث لها من بداية نيكولا حتي خـ.ـيانه آدم و ز وجـ.ـه بغيرها.. وكيف عادت ولماذا تأخرت كل هذا .. وهل تستطيع النسيان أصلا ؟! انتبه أركون لها وهو يلاحظ الألم الذي عصف بوجهها وانتفاضتها فقال بقلق
= اليزابيث .. هل أنتِ بخير ؟
مسحت علي عينيها دموعها تجبر نفسها على الهدوء واغتصبت ابتسامة كاذبة وقالت
= أنا بخير .. أنا فقط متعبة جدا
ابتسم لها دون كلام يـ.ـقبل رأسها بهدوء رغم أنه شعر بكذبها عليه لكنه لم يضغط عليها ، ثم أبتسم فقال بتفهم
= لا داعي للتحدث في شيء الآن .. المهم أنها بخير ومعنا فيما بعد تخبرنا بكل شيء حدث .. أليس كذلك يا حبيبتي.
تحشرجت أنفاس إليزابيث لكنها استطاعت القول بخفوت
= حسنا سنتحدث لاحقا في كل شيء !
بعدها أمر أركون زو جـ..ـته وابنته بحزم أن يعدون الطعام لها فلا يوجد نام الا بعد أن تتناول معهما الغداء مثل سابق.. ونهضت لينا وابنتها تعد أصناف من الطعام شهية ولذيذه وسافانا كانت تساعدها بحماس وسعادة.. حتى وضعت الطعام فوق الطاوله و أكلت اليزابيث قليلا بصعوبه والجميع كان يشارك الطعام معها اخيرا بنفس مفتوحه .
ثم حمحمت اليزابيث ببطئ وهي تقول بصوت منخفض
= لقد شبعت شكرا على الطعام.. أعتقد أني بحاجة للراحة والنوم حقا الأن.. بالاذن من الجميع .
نهضت حتي تصعد لغرفتها تغير ملابسها وترتاح، لتجد عمها نهض مـ.ـقبلا رأسها وقال بحب
= تصبحين على خير يا روحي عمك .. أهلا بعودتك للبيت بيننا مجددا حبيبتي
أومأت له دون كلام تغالب دموع سخيفة تهاجمها فاندست بين أحـ.ـضان عمها.. ثم ابتسمت مجيبة إياه بحب وامتنان فإنصرفت تاركة إياه وصعدت متجاهلا نظرات عائلتها السعيده بعودتها.. لتدخل غرفتها القديمه لتستحم وتغير ملابسها لأخرى مريحة من خزانتها التي لم يتغير فيها شيء.. لكنها لم تستطع النوم والراحة.. وهي وحدها تصارع أطياف ذكرياتها التي بدأت رحلتها معها منذ الآن؟؟.
لكنها ضغطت على نفسها ودخلت إلي المرحاض تستحم وبعدها خرجت مدده على سريرها ثم قامت برفع الغطاء على جـ.ـسدها تدثرها جيدا فأغمضت اليزابيث عينيها.. لترتعد بذكريات آدم وهو يفعل ذلك ..فقد كان بكل تصرف له يحفر اسمه أكثر في قلبها فكيف تنساه بسهولة !! فقد إعتادت كل ليلة قبل أن تنام، أن يطمئنها آدم بأحـ.ـضانة وينفي خوفها من الحاضر.. لكنه كان هو ذاته الخوف الذي كانت ترتعد منه .
و أخيرا بكت .. بكت بين وسائدها متسائلة لماذا مكتوب عليها دائما أن يصاب قلبها بالهم والألم .. بكت كثيرا.. ولكن هذه المرة وحدها ليس بين ذراعـ.ـيه !
❈-❈-❈
مرت ساعات الليل بسرعة وها هو آدم بداخل منزله يسير بخطوات متعثرة بأنفاسه المضطربه.. منتظر على إحر من الجمر عوده اليزابيث إليه في اي لحظه؟ فهي منذ أن تركته وذهبت.. كان معتقد بانها سوف تسير في البلاد قليلا حتى عندما تشعر بالتعب ستعود الى مكانها هنا ؟ فهي ليس لها مكان اخر ! لكنه تفاجئ بان عقارب الساعه تسير حتى جاء الليل وهي لم تعود حتى الان .
انتفض من مكانه بعـ.ـنف وبدأ يدور حول نفسه بصـ.ـدر يلهث لعـ.ـنف انفعالاته وكأنه يريد قـ.ـتل أحدهم الآن؟ وهو يتذكر إندفاعه ذلك اليوم في الصباح .. يلوم نفسه بشده إنه فعل ذلك وتـ ـزوج بغيرها أمام عينها.. لكن لم يكن يحدث ذلك بموافقته بالتاكيد بل تعرض الى خطه دنيئه محكمه.. من شـ.ـياطين الانس! ليضع في أصعب مقارنه بين موت حبيبته؟ او الـ.ـز واج بغيرها امام عينيها.. ومع الاسف حدث الاختيار الثاني !.
بينما كان لا يدري أن بجانب الباب كان يقف انطون يستند بيده علي الباب.. وعندما التفت وجده واقفاً أمامه ليعقد آدم حاجبيه بشدة وملامحه مظلمة وخطوط وجهه تشتد .. كمن يعاني الألم..لم يجفل لرؤيته بل ظل يبادله النظرات يشعر بأن ألمه ظاهر جدا وروحه عـ.ـارية أمامه لكنه لم يحاول حتى سـ.ـترها.. ثم تحرك آدم إليه بخشونة وقال بصوت أجش كاتما لإنفعالاته
= لقد تركت إليزابيث أو بطريقه أوضح هي من تركتني! بعدما جرحتها بقـ.ـسوه وتـ.ـزوجت شقيقتك كمان كنت تريد؟ ونفذت كل ما تريد رغم عني! فلما انت هنا الان؟
نظر انطون له بحدة لكنه حاول تمالك أعصابه جعله يتقبض فاقترب منه مبتسماً ابتسامه زائفة وهو يردد بخشونة
= جئت اليك حتى تعود معي الى زو جـ.ـتك؟ ولا تنسي بأنها اصبحت زو جـ.ـتك الان! اسمعني ادم انا اتفاهم حالتك وما تشعر بي الان؟ ما رأيك أن تأتي معي .. أجل تعالى معي فزوجتك تنتظرك .. ستحبها صدقني كثيرا مع الوقت، انا بحياتي لم ارى شخص يحبك مثل اختي.. تعالى معي آدم .. وانا اضمن لك بانك ستنسى هذه العـ.ـاهره للأبد ..واذا كنت لا تريد العيش هناك طول الوقت.. يمكنك أن تأتي في زيارات إذا .. ها .. ما رأيك ؟؟
ظل آدم ينظر له للحظات ثم أجفله وهو يقترب منه بخطوات غاضبة رافع يـ.ـده عاليا على وجهه بملامح وحشية ولكمه بقـ.ـسوة جعل الاخر يتألم وهو يمـ.ـسك فـ.ـكه بصدمه، ثم يـ.ـده تتشبث بملابسه يجذبة وهو يقول بعدم تصديق و حقارة
= انا بحياتي لم ارى عـ.ـاهر مثلك انت واختك الحقيره، إلى أين آتي يا وغد .. ماذا تقول .. أنا لا أستطيع أن أعيش مع اختك اللعينة ومع أحد غير اليزابيث
جز انطون على أسنانه بغضب وهو يبعده عنه بانفعال شديد يدرك أن فعل ما يريد بالفعل، لكن مزال هو متشبث بحبة بعناد فقال بحزم
= هييي ما بك؟ اليزابيث.. اليزابيث أليس يوجد فتاه سواها في هذا العالم.. لما هي بالذات متمسك بها لهذه الدرجه! ما الذي فعلته لك لم تفعله لارا ؟؟.
كأن آدم صـ.ـدره يعلو ويهبط بسرعة أكبر وكأنه في سباق يلهث لكنه تمالك نفسه وهو يرد بتحشرج و يقول بإختناق
=لم تفهم مهما شرحت لك! هولاء من مثلكم ليس يمتلكون عاطفه تجاه الاخرين؟.. و اسمعني انت لا أريد أن أتواصل مع شقيقتك ولا أخوض معها في هذه العـ.ـلاقه، فهذا سيكون تضييعا لعمرينا أكثر .. أنا قلبي ليس ملكي ولم استطيع أعيش في مكان واحد معها ..
هز انطون رأسه بعـ.ـنف نافياً قائلا بكلمات تتقافز من فمه بغضب مكتوم
= يكفي تراهات وأحلام وردية انت الآن رجل مـ.ـتزوج من اختك لارا ويجب أن تكون معها.. و لن تلتقي مجددا بـ اليزابيث ..و لن تري وجههي مرة أخرى .
صمت فجأة بل تجمدت كل خلاياه وهو يلهث ناظرا له بوجه ممتقع ثم ابتعد آدم بعـ.ـنف هامسا بآلم قلبه
= اذهب .. اذهب الآن أرجوك، فكلما ما نظرت الى وجهك اتذكر فعلتي الشنيعه مع إليزابيث.. ارحل أرجووووك لا اتحمل رؤيتك .
ظل انطون عيناه تتحركان على وجهه بغيظ وضيق، ثم التفت إلى الخارج و ركب سيارته منطلقا عائدا لبيته عندما يأس من أن يعود معه.. بينما الاخر تحرك بخطوات متثاقلة وصعد للأعلى بعد أن أغلق الباب خلفه ..
ليدخل آدم لغرفته وأغلق الباب ورائه.. توقف للحظات يستدير ناظرا للغرفة.. فرغم أيامها القليلة فيها إلا إنه شعر بروحها تسكنها.. مسح الغرفة بعينيه بنظرات واهنة.. بينما كان يلوم نفسه بأن لم يستمتع معها اكثر من ذلك واستغل جميع الليالي في صنع ذكريات أكثر يعيش عليها ...
ثم مددا يـ.ـده ببطيء يخرج ملابسها من خزانتها.. ينظر هنا وهناك ويتذكر.. ذلك الفستان الذي اشتراه لها.. وذلك الجاكت الذي ألبسها إياها قبل أيام قليلة؟ وتلك السترة التي كانت تحب ترتديها دائما؟ ثم أخذ أحد الفساتين يقربها من أنفه يشم عطرها فيها.. أبعدها بعد ذلك ليسير بها وهو يحملها بيـ.ـده بعناية ثم تقدم من سـ.ـريره الذي كانت تتشارك معه فيه خلال الشهور الماضية.. ومد يـ.ـده يتحسس ما كانت هنا بالأمس ويشتمه رائحتها لا تزال هنا؟ يشمها بقلبه قبل أنـ.ـفه.. أغمض عينيه وهو ياخد الفستان الخاص بها بأحـ.ـضانه ليقول بهمس موجع بينما ممددا على السـ ـرير
= أرجوكم.. حافظوا على رائحتكم.. للأبد.. لا أعلم متي ستعود؟ آه اشتقت لكٍ اليزابيث .. منذ هذه اللحظة .
وخلال ثواني اختنق صوته لأول مرة بحياته ينفجر باكياً بكاء مرير اهتز له كامل جـ ـسده من شهقات بكاءه التى كانت تمزق صـ.ـدره.. شاعراً بألم فاق ألمه السابق بكثير.. بكاء مشتاقا لها ولم تمضي أيام على فراقها حتى .. كأن مشتاقا لها بجنون حقا .
❈-❈-❈
جلست اليزابيث مـ.ـحـ..ـتضنة ركـ.ـبتيها على الأريكة المنزوية في أخر الغرفة تحت النافذة الزجاجية الكبيرة ،عينيها تنظران إلى الفراغ ، وكأن الحياة قد غادرت جـ.ـسدها ولم يعد هناك روحاً فيها ، إذ أنها تبلدت مشاعرها ، فقط تنظر أمامها .. فالهدوء و الابتسامات الجميلة على وجوه البعض قد تخفي وراءها بركان من الهموم يهز الأعماق ولكن ببساطة يؤثر الكتمان على البوح لانها لاتريد تسول شفقة الآخرين وعطفهم .
لترفع يـ ـدها لتحط بها على الشباك الموجود بالغرفه وهي تنظر من خلاله لوطنها.. الذي شهد أخيراً بعد أشهر من الفراق علي عودتها.. لكن لم تشهد هذه المدينة علي المها، اعتدلت في جلستها تستند على ظـ ـهرها وهي تغمض عينيها المتورمتين بشدة ..لقد ظلت تبكي لوقت طويل.. لا تعرف اكانت هذه الدموع لأجل فراق العشق؟ أم أكانت دموع الندم على العشق نفسه؟ فلم يكُن وداعاً لائقاً بحكايتهم ، لكنه حدث .!
= اليزابيث .!
انتبهت لنداء عمها أركون فالتفتت له مبتسمة بصعوبة ليبادلها الابتسامه وهو يقترب قائلا بتعجب
= حبيبتي ..هل أنتٍ بخير .. لما تظلي تجلسي بمفردك هنا طول الوقت .
تنهدت وهي تعاود النظر من الشرفة تقول بشرود
=لا أعلم .. أنا بخير لا تقلق لكني لا أريد ترك الغرفه واشعر بالراحه عند الجلوس بمفردي
عقد أركون حاجبيه بقلق وهو يقترب منها ليجلس بجوارها مرددا باهتمام
= حبيبتي ..منذ الأمس وأنتٍ شارده ما بكٍ.. اخبريني أرجوكٍ ما الذي حدث في فتره غيابك عننا.. قلتٍ لاحقا سوف تتحدثي بكل شئ، ولم اريد ان اضغط عليكٍ لذلك تركتك تفعلي ما تريدي.. لكن اشعر بان هناك امر مريب تخفي عني؟
التفتت اليزابيث له وهي تضغط على شـ.ـفتيها بألم ثم قالت وهي تبكي وتبتسم في آن واحد
= هل تعرف جهنم يا عمي، انا تمام كنت في قعرها
تطلع أركون فيها بعدم فهم وصدمه لكن أسرع يجذبها بين أحـ.ـضانه يربت علي كـ.ـتفها بحنان.. بينما شهقت تسحب الهواء بعـ.ـنف شاعرة بالاختناق لتحاول ايقاف سيول الدمع الفائضة من بين جفنيها المنتفخين متحدثة وهي ترفع يـ ـدها لقلبها ثم أردفت بنبره يصعب عليه فهمها
= أشعر بي قلبي منفعل .. يتحرك بعـ.ـنف صاخب .. طوال الليل أحلم أحلام متشابكة لا أذكرها .. ولكن أشعر بغصه مؤلمه .. لا أعرف حقا اي الم بدات اشعر به الان؟ فأنا تقريباً عشت جميع الالام في حياتي .
رفع أركون عينه إلي يـ ـدها لمكان قلبها فارتفع حاجباه وهو يشعر بنبضاتها متسارعة بالفعل فقال بخوف
= اليزابيث حبيبتي تحدثي..ما الذي حدث معكٍ بالضبط .. اخبريني أرجوكٍ
ابتسمت اليزابيث بين دموعها مدركا حالة عمها القلقة و زفر أركون وهو ينظر لها بحيرة ثم قال بقلق
= تكلمي يا حبيبتي ما الذي اوجعك لهذا الحد ؟ قولي لي حتى اخفف اوجاعك.. وانتقم من الذى اذاكٍ
همست بصوت لا يكاد يسمع من بين دوامة دموعها تعبر بقولها
= ساتحدث يا عمي.. ساتحدث صدقني لكن ليس الان؟ لاني لا اريد ان افسد فرحتك بعودتي ..لكن أنا الآن بأفضل حال .. ربما تأثير أحلامي لا تهتم .
❈-❈-❈
بعد مرور اسبوع.. كانت لارا تجلس أعلي المقعد أمام التسريحه تمشط شعرها أمام المرآة بعينين ذابلتين منتفختين من بكائها .. وصداع عـ.ـنيف يسكن رأسها كانت تمشطه بعـ.ـنف ولا تشعر بألم حتى.. فكل ما تفكر في أن آدم حتى بعد ان تـ ـزوجها ،تركها بفستان الزفاف و رحل للبحث عن تلك العـ ـاهره ..
لمَ تشعر أن الأمر سيصل إلى ذلك؟ أكثر مما تخيلت .. أثقل وأصعب مما ظنت..فقد ظنت بأنه عندما يـ ـتزوجها وحتى اذا كان رغم عنة وبالاكراه فسوف يظل بجانبها ويستسلم للواقع.. لكن منذ ما حدث وتـ ـزوجها قبل اسبوع ولم تراه .. فبمجرد أن وصلت اليزابيث للزفاف تركها وغادر خلفها.. وهي التزمت بمكانها والصمت معا.. بينما كانت تأمل بانه يعود في اي لحظه لكن لم يعد؟
هاجمها فجأة بأن من الممكن يعود الي إليزابيث وينفصل عنها حتى بعد ان تـ ـزوجها هي ؟؟. لتبتسم بمرارة من حبها اللعين إلي آدم و دُمجت مع خليط دموعها التي تتجمع بطبقات متثاقلة تهبط بصمت وحزن.. مظهرها كان يجلب الغم والحزن أكثر وهو بالخارج يلقي بحفنة التراب الأخيرة على قـ.ـبر حبها .
أغمضت عينيها بقوه وبدأت دموعها تتساقط بألم وخيبة فقد تعبت حقا من ذلك العذاب.. تركت فرشاة الشعر من يدها وتحركت بخطوات ميتة للسرير تتمدد عليه وتغطي نفسها بعد أن أغلقت إضاءة الغرفة لتسبح في الظلام وعيناها شاخصتان للنافذة تنظر إلى الليل المظلم والمطر الغزير خارجا .. تتساءل متى سيأتي الغد ..ريما أن يأتي آدم معه ! وان لم ياتي تنتظر المساء.. حتى ياتي الصباح محمل بامل جديد .
❈-❈-❈
في اليوم التالي، بعد مرور عشر أيام في منزل العم أركون تململت اليزابيث في الفراش وهي تشعر بجـ ـسدها مرتاح أكثر بعد أن نامت ساعات طويلة لتهدئ قليلا كل خلايا
جـ ـسدها المرهق.. لتفتح عينيها ترمش عدة مرات مستقبلة النور من النافذة رغم وجود الستائر الثقيلة الخاصة بالشتاء لكنها لا تحجب نور الشمس كاملا ..نهضت اليزابيث بجذعها جالسة على فراشها متسائلة نفسها هل نامت كل هذا الوقت !! ثم تنهدت بعمق شديد متأوهة وهي تشعر بأن رأسها ينبض بألم الصداع فرفعت يدها تدلك صدغها وجانب رأسها.. فبالطبع سيؤلمها رأسها فلم تمر الليالي سوى بوصلة بكاء لم تستطع مقاومتها بينما قلبها يئن عن حالها ..! وما أقساه من هذا الشعور ! البكاء والحزن علي النفس نفسها .
لتشرد لحظات تفكر في آدم وما حاله الان؟ لكنها سريعا نهرت نفسها فهو تعامل معها بمنتهى الظلم دون التفكير فيها، فيجب أن تمضي في حياتها من دونه ولكن .. هل ستستطيع ؟! هزت رأسها بيأس وهي تضم
ركـ ـبتيها لصـ ـدرها تستند عليها بذقنها بينما تلف ذراعـ.ـيها حولها وهبطت دمعة دون أن تشعر بها بينما تتذكر كل ما مرت به معه من حنين ومرارة؟؟. ومسحت خدها بسرعه ما إن سمعت طرقات خفيفة على الباب جعلتها تنتبه نافضة عنها الذكريات ثم تنحنحت سامحة للطارق بالدخول.. لتدلف سافانا بابتسامه عريضه قائلة
= صباح الخير يا اليزابيث .. على الرغم من أنه ليس صباحا أبدا وقد تجاوزت الساعة الواحدة ظهرا
ابتسمت اليزابيث ابتسامة واسعة وهي تقول باشتياق لهذه الأيام الماضية
= وأنا أتساءل نفسي لماذا لم يزعجني أحد ويأتى يوقظني .. مثل ما كنتي تفعلي من قبل
اقتربت سافانا تجلس بجوار اليزابيث ماطة
شـ ـفتيها بإمتعاض وقالت متمتمة بحشرجة
= حمد لله على سلامتك إليزابيث، تعلمي أننا كنا جميعًا في حالة حزن شديد عليكٍ حتى والدتي كانت تبكي بقلق عليكٍ ،و لا نعرف ما الذي حل بكٍ، و كان والدي يبحث عنك طوال الوقت ، هو والشرطة في كل مكان..وانا ايضا شعرت بالذنب تجاهك لاني انا الذي شجعتك على العمل وانتٍ ليس لديكٍ أي خبرة سابقة
..وعندما اختفيتي ظننت أنه ربما حدث لكٍ شيء سيء بسبب هذه الوظيفة .. حتى والدي لامني أنني لم أخبره منذ البداية ، ولا حتى أعلم اين كنتي تعملي. لأننا كنا نأمل جميعًا أنه ربما إذا عرفنا عنوان عملك ، فسنعرف أين اختفيتي وماذا حدث لكٍ
نظرت اليزابيث إليها بتأثر ثم أومأت برأسها بثبات بينما تحاول ألا تظهر الغصة المسننة التي تثقل في حلقها وهي تردف بصعوبة
= أنا بخير الآن (سافانا). وهذا ليس خطاك فيما حدث لي، ولم تكوني سبب أفعالي، بل أنا من أصريت و اخترت ذلك الطريق .. فلا تلومي نفسك.
هزت سافانا كـ ـتفيها بخفة وقالت بارتياح
= الحمد لله أنكٍ بخير وأنك عدتٍ إلينا من جديد .. ما رأيك أن نخرج ونتجول في الشوارع أنا وأنتٍ؟
سحبت اليزابيث نفسا طويلا ثم قالت بخفوت وهي تهز راسها برفض متماسكة
= شكراً سافانا.. لكني أشعر أنني لا أريد أن أفعل ذلك
اقتربت سافانا وهي تقول برجاء مندفع
= من فضلك إليزابيث ، وافقي ساحتاج اليكٍ خلال هذه الفترة حتى تساعديني في شراء مستلزماتي التي ساحتاجها لـ ـزواجي القريب .. أوه ، صحيح أنتٍ لا تعرفين أنني خطبت قبل شهر.
اتسعت عينا اليزابيث بدهشة ثم هتفت بسعادة حقيقيه
= هذا صحيح ، مبارك لكٍ.. أنا حقًا سعيدة بهذا الخبر. أتمنى لكٍ السعادة معه حبيبتي
ابتسمت ابتسامه محرجه فتنحنحت تقول بصوت خرج متحشرجا
= شكرا لكٍ اليزابيث انه شخص طيب ويحبني ايضا .. رغم اننا لم نعرف بعضنا منذ فترة طويلة لكني احببته .. وسـ ـنـ.ـتزوج نهاية هذا العام قريبا .. لذا أرجوكٍ وافقي أن تخرجي معي اليوم، أريد أن نستمتع معًا ، وأنتٍ تعلمي أن ليس لدي أصدقاء مقربون
ابتسمت اليزابيث وشعرت بأنها حقا افتقدت ذلك الحب العائلي لذا رددت وهي تومأ بإستسلام
= حسنا سأنزل بعد دقائق .. اذهبي انتٍ انتظريني بالاسفل وانا سوف اغير ثيابي والحق بكٍ
أومأت سافانا برأسها قائلة بسعادة
= حسنا اسرعي إذا
ثم نهضت سافانا وهي تخرج بحماس بينما ظلت اليزابيث مكانها وهي تحـ ـتضن ركـ.ـبتيها بصمت متأثرة دون كلام .
❈-❈-❈
بعد نصف ساعة كانت اليزابيث تنزل من غرفتها للأسفل مرتدية بنطال أسود وكنزة شتوية بلون أخضر داكن سادة برقبة عالية بينما تلف نفسها بشال أسود صوفي إتقاءا للبرد في الخارج.. ثم خرجوا هم الاثنين بعد أن استاذنت سافانا من أمها لينا وهي لم تمانع ..
وظلوا يسيرون بالشوارع والمحلات لساعات طويله حتي اقترحت سافانا عليها بأن يرتاحون داخل مطعم قليلا ويتناولون شيء قبل ان يعودون المنزل ...
أومأت اليزابيث دون كلام وجلسوا، لتختار سافانا وجبة عشاء من قائمة الطعام واختارت وجبة خفيفة وعصيرا وكذلك فعلت اليزابيث.. ثم أردفت سافانا متسائلة بفضول كبير
= اعتذر اليزابيث عن فضولي! لكن اريد ان اعرف ما الذي حدث معكٍ بالضبط واين كنتي كل هذه المده؟ صدقيني انا لا أقصد أن ازعجك لكن اريد الاطمئنان عليكٍ حقا.. والامر حقا غريب ومريب؟ بأن تختفي كل هذه المده وتعودي فجاه .
رفعت اليزابيث وجهها إلي سافانا مبتسمة ابتسامة باهتة حزينة لم تلحظها وتحدثت منشغلة عن نظرات إبنته عمها المتفحصة
= انا بخير لا تقلقي علية.. قريبا ستعرفون جميعكم ما الذي حدث معي.. رغم ان ما حدث كان اغرب من الخيال
عقدت سافانا حاجبيها بقلق قائله بحذر
= ماذا تقصدي ؟ هل .. هل تـ.ـعرض لكِ أحد، يا إلهي .. ماذا حدث لكِ يا اليزابيث تكلمي بسرعه
انتبهت اليزابيث لمقصد سافانا ولكن قبل أن تجيب أكملت الأخري وهي تريد أن تطفئ نيران القلق الذي تنهش في صـ.ـدرها
=أخبريني اليزابيث .. هل تـ.ـعرض لكِ أي رجل وأنتِ بمفردك هل اذاكي احدهم
نظرت اليزابيث إليها بسخرية مريرة فهذا قليل على ما تـ.ـعرضت اليه من اذى؟ لتفتح فـ.ـمها تنوي أن تنفي لكن بسرعة لتهاجمها ذكرى ما حدث لها بمنزل شويكار فأغلقت فـ.ـمها تشرد للحظة ثم تغمض عينيها ترتعش بنفور .. وهي تبتلع ريقها بصعوبة لتهتف مغيرة الموضوع
= لا لم يحدث شيء كذلك.. لكن لم تخبريني كيف تعرفتي على خطيبك وكيف الامور تسير بينكم
هزت كـ.ـتفها بخفوت وهي مبتسمه بسعادة بداخلها وهي تأتي للذكرى الأولى للقائها بذلك الرجل فتنحنحت تقول بصوت خجولا
= إنه رجل رائع جدآ يا اليزابيث ونبل وذو أخلاق عالية.. في ذاته ليلة كنت عائده من المستشفى في منتصف الليل وهاجمني فجاه شخص ثمل وهو من أنقذني بنفسه.. وبعدها وجدته دائما يلاحقني و ينتظرني امام المستشفى وأحيانا يوصلني بنفسه بسيارته بحجه أنه خائف عليه.. حتى بعد مرور أسبوعين فقط تفاجات به ينتظرني في منزلي وطلب من والدي أن يـ.ـتـ.ـزوجني.. وقال إنه أحبني من أول نظرة
بينما اكملت سافانا وهي تقول مطرقة الرأس بصوت خرج متحشرجا
= كان رجلا .. شجاعا.. يا الهي لا أعرف كيف وقعت في الحب بهذه السرعة .
اتسعتا عينا اليزابيث بدهشة وتعجب أكبر بينما هتفت بقلق دون إرادتها
= الم تشعري بقلق تجاهه.. بان كل شيء يسير بسرعه هكذا؟ كان يجب ان تفكري جيد وتتاكدي من مشاعرك والاهم من ذلك يجب أن يتاكد والدك بانه فعلا رجلاً يستحقك وليس يخدعك ويتلاعب بكٍ.. سافانا انا لا اريد ان اشعرك بالخوف لكن نصيحه مني لا تثقي باحد بهذه السرعه..فكيف حدث في مدة قصيرة هكذا واحببتوا بعضكم البعض
هزت سافانا كـ ـتفيها بغيظ ترفع وجهها له قائلة ببعض الضيق الشديد
= اووف إليزابيث ارجوكي لا تتحدثي هكذا امام والدي.. لانه هو ايضا كان متردد في الموافقه على هذه الخطبة.. وبالنسبه إلي حبنا.. فأن الحب يأتي دون استئذان، وأنا أثق به .
زفرت اليزابيث بإستسلام وقالت بصوت متحشرج
= حسنا كما تشائين.. لكن انتبهي إلي نفسك جيدا ولا تعطي ثقتك الزائده بأحدهم حتي لا تندمي لاحقا.
ارتفع حاجباها باستخفاف من خوفها الزائد ثم هزت رأسها ببرود بعدم اهتمام.. قبل أن يقاطعهما النادل وهو يرص الطعام.
بعدها بفترة قصيرة انتهوا من تناول الطعام لتنهض إليزابيث وقبل ان تستدير و تغادر إلي المرحاض لغسل يـ ـدها.. تحركت خطوتين تجر قدميها جراً وقد اصبحت الرؤية امامها مشوشة بينما كامل جـ ـسدها يرتجف من شدة الالم الذي شعرت بة فجاه.. توقفت خطواتها بمنتصف المطعم وقد بدأت تشعر بالدوار الشديد حاولت المقاومة و استعادة نفسها لكنها فشلت و سقطت مرتمية علي الارض و هى تستسلم اخيراً.. فاقده للوعي بينما رمقتها سافانا بفزع وخوف وهي تصيح باسمها و تستنجد بأحد يساعدها .
بعد مرور نصف ساعة..
كانت اليزابيث مستلقية فوق فراش المشفى بوجه شاحب وهي تبدأ بفتح عينها تستمع الى حديث الطيب بذهن شارد لا تستوعب شئ من حديثه لها عن ما قام به من اجراءات لازمة لاسعافها حول الذي اصابها.. بينما كانت تتطلع اليه بعيونها الغائرة من مظهرها المرهق و لكنها اجبرت نفسها على النطق قائلة بصوت متحشرج خافت لا يكاد يسمع
= آه ما الذي حدث؟ ما الذي اصابني ايها الطبيب...
اجابها الطبيب قائلاً بهدوء
= حمد لله على سلامتك أولا.. ثانياً انتٍ
تـ ـعرضتٍ إلي حاله اغماء بسبب ارهاقك الزائد.. لكن الحمدلله أن عندما سقطتي لم يحدث نـ.ـزيف كان من المحتمل ان تفقدى الجنين....
اتسعت عينا اليزابيث بعدم تصديق واهتز جسدها بـ ـعـ.ـنف كما لو صاعقة قد ضـ.ـربتها فور سماعها كلماته تلك وهمست بصوت مرتجف و هي تظن انها قد اخطأت في سماعها
=جنين...!! لم افهم عن أي جنين تتحدث عنه...؟!!
ارتسمت ابتسامة على وجه الطبيب الذي اقترب منها وهو يخبرها بأمر حملها
=مبارك لكٍ.. انتٍ حامل في الشهر الأول .
انسحبت انفاسها من داخل صـ.ـدرها فور ما استوعبت حقيقيه الأمر بصدمة بينما يـ ـدها هبطت الي بـ.ـطـ.ـنها تـ.ـتـ.ـحسسها برفق و رهبة و هى تهمس بصوت منخفض مرتجف سعيد
= أنا حامل.. يا الهي سأصبح أم ...؟!
لكن انطفأت سعادتها بسرعه عندما تذكرت ما فعله بها آدم وأنه الآن مـ.ـتزوج من فتاه اخرى ويعيش حياته! و بالتأكيد لا يريد هذا الطفل؟؟. كانت تتمنى لو كانت الامور بينهم لم تصل الى هذا الحد من الالم و الظلم... تتمنى لو كان بجانبها الان يـ.ـحـ.ـتضنها و يطمئنها كما اعتاد دائماّ ان يفعل و ان تفرح معه بخبر حملها بطفله الذي كأن يتمناه بفارغ الصبر، و ليس ان تكون في هذة الحالة من الوحدة و الخوف...
اخفضت عينيها المتسعة بالصدمة الى بـ.ـطـ.ـنها و هى تهز رأسها بعدم تصديق لكن جفت الـ.ـدماء بعروقها من القادم.. بينما الدموع تملئ عينيها بحزن شديد ويأس؟ لاتعرف ماذا ستفعل الآن بعد أن علمت بحملها.. وهي بهذه الظروف الصعبة .
ليرحل الطبيب بعد أن أخبرها بحزم بأن تهتم بصحتها وتتناول طعامها جيدا.. وللحظات تجمدت اليزابيث مكانها بخوف وهي تراه سافانا أمامها؟ فلقد نسيت بأنها كانت معها منذ البداية.. لتراها تتطلع فيها بجمود وهي تقف بجانب الباب ومن الواضح أنها قد استمعت إلى كل شيء وعملت بخبر حملها ؟؟.
زفرت سافانا بعصبية قائله بصوت حازم
= تكلمي لا تصمتي اريد حالا اجوبه لكل اسئلتي التي داخل عقلي.. كنتي قبل قليل تعطيني مواعظ لانني ارتبط بشخص لا أعرفة جيد.. وانتٍ الان حامل؟؟. اريد ان اعرف جواب واحد فقط؟ اين كنتي هذه الفتره وما الذي كنتي تفعليه بالفعل!
همست بصوت مختنق لا يكاد يسمع يملئه الخوف و الارتعاب بينما يـ ـدها لا تزال تـ.ـتحسس بـ.ـطـ.ـنها مرتبكه
= من فضلك لا تنظري إلي بهذه النظرات وتشكو بي .. هذا الشعور يـ.ـقتلني حقا .. الأمر ليس كما تعتقدي.. آآ انا مـ.ـتزوجة سافانا وخلال الفترة التي اختفيت فيها تعرفت على شخص أنقذني وتـ.ـزوجته بعد ذلك؟ لكن هو الآن تركني وذهب إلى فتاه آخري !!.
إتسعت حدقتـاها بصدمه بأنها تـ.ـزوجت..! لتتحدث بضيق وهي تتقدم نحوها خطوة قائلة بجدية
= لا أفهم شيئاً ..ومن من أنقذك؟ ومتى تركك؟ إليزابيث من الواضح أن الأمر صعب للغاية ، وأنتٍ تخفي الكثير من الأسرار المخيفة ، ولا تريدي ان تتحدثي.. ولكن إذا لم تفعلي شيئًا سيئًا فعليكٍ أن تخبري والدي حتى يتمكن من مساعدتك .. ولا تنسى أنكٍ حامل الآن وعليكٍ إخبار الجميع بما حدث معكٍ بأسرع وقت .
هزت رأسها هامسة بنبرة متحشرجة
= حسنا ساتحدث.. لكن اهمليني بعض الوقت ارجوكٍ فالامر ليس سهل كما تظني.. ومن فضلك لا تخبري احد بخبر حملي .. حسنا .
نظرت إليها لحظات مترددة و بعد اقتناع هزت رأسها قائله بنبرة مطمئنة
= حسنا لم اخبر احد ..لكن يجب ان توعديني بأنك قريباً ستقولي الى والدي عن هذا الأمر .