رواية جديدة بين دروب قسو ته لندا حسن - الفصل 11 - 1
قراءة رواية بين دروب قسو ته كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بين دروب قسو ته
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة ندا حسن
الفصل الحادي عشر
الجزء الأول
❈-❈-❈
"اختارت الحُب وهو، دام الحُب ورحل هو"
صرخ بصوت عالي جهوري اهتزت له أرجاء غرفة المكتب وهو يسبها:
-اخرسي يا زبالة يا وسخـ*، ايه فكراها زيك.. مفكراني هصدقك يا حيوانه
ابتسمت بهدوء وقالت بجدية والسعادة تكبر مع كلمة تخرج منها إلى أذنه:
-مجبور تصدق يا عامر علشان ده اللي حصل فعلًا
صرخ مرة أخرى وهو لا يطيق الاستماع إلى هذا الحديث، لا يطيق وضعها في جملة واحدة مع غيره، ماذا عن الذي تتحدث عنه!:
-بقولك اخرسي.. اخرسي همـ ـوتك يا إيناس وديني همـ ـوتك
لوت شفتـ ـيها وأكملت ببرود وابتسامة شامته به وبها وقلبها يرفرف فرحًا وسعادة والحـ ـقد يكبر وبجواره الغل والكـ ـراهية:
-خليك كده مش مصدق عنها أي حاجه.. هشام دلوقتي عندكم في البيت رايح يطلب ايـ ـد سلمى من أبوك وبيعجل في الجـ ـوازة علشان اللي حصل.. بيحطوك قدام الأمر الواقع يا أهبل.. غلط معاها يبقى يشيل الليلة وده اللي هما عايزينه وأنت عبيط لسه عايز تتجـ ـوزها..
ثقلت أنفاسه بسبب ذلك الاهتـ ـياج والكلمات التي يستمع إليها تعصف بكل خلية به، عقله كاد ينفجر ولم يعد يشعر بنفسه حقًا، لكنه أردف بنبرة ثقيلة حادة غاضبة:
-حسابك تقل يا إيناس تقل أوي عندي وأنا مش هحاسبك دلوقتي.. هسيبك للناهية
أغلق الهاتف بوجهها، ونظر إلى شاشته التي أراد تحطيمها ولكن كان الهاتف يحتوي على كنز كبير سيجعل تلك الغبية تصدق حديثه وتبتعد عنها، وضع الهاتف في جيبه وتقدم من المقعد يأخذ جاكيته بسرعة وبحركات غير محسوبة..
وأخذ مفاتيحه من على المكتب ثم أنطلق سريعًا يفتح الباب راكضًا إلى الخارج تحت أعين "جومانا" المُتسائلة ما الذي يحدث..
أخذ السيارة ليعود إلى المنزل ويرى ما الذي تتحدث عنه، هل هو الآن هناك حقًا يود الزو'اج منها؟..
أول شيء لن يصدقها.. مهما حدث لن يصدقها، "سلمى" لا تفعل هذا.. يستحيل أن تترك نفسها لتنحدر في وادي الحـ ـرام وتكن من محبيه وزواره..
لا يعقل، لن يصدق ولن يواجهها بهذا الحديث الآن، لن يزعجها بحديث بغيض مثل ذلك ولن يفتحه أمامها سيفكر في شيء جدي لتلك الحقـ ـيرة ومن هنا سيجعل حبيبته تعلم بكل شيء.. ولكن الأكيد والمؤكد أنها لم تفعل ذلك ولن تفعله.. إلا معه
هناك شيء آخر كيف ذلك الحيوان الآخر في بيتهم يطلب يـ ـدها؟ أخذ منهم ميعاد ولم يقول له أحد؟ هل بقيت في المنزل اليوم لأجل ذلك؟ هل تريده حقًا..
أسئلة تتهاوى على عقله ولا يمتلك لها أي إجابة، يكاد قلبه يتوقف بسبب الذي استمع إليه، تشنج جـ ـسده بقوة وأصبح لا يدري ما الذي يحدث..
ولكن، هو يعرف ثلاثة أشياء فقط ويتأكد منهم كما أنه متأكد أنه "عامر القصاص" ألا وهما، أن "سلمى" لأ تفعل ذلك وأن هذه الزيـ ـجة لن تحدث وهي ستكون زو'جته، وأن إيناس ستحاسب بقسـ ـوة مهما تركها تلهو معهم...
❈-❈-❈
تفهم "هشام" أن "عامر" علم بكل شيء وما كانت تضعه "سلمى" حجه أمامه قد اختفى، فانتهز الفرصة ودون حتى أخبارها بأنه قادم لخطبتها، فجأة قرر ذلك بعد أن أخذ إذن والده أن يقوم بفعلها وحده في البداية..
ثم يستكمل درب الانتـ ـقام معه، والذي سيكون شديد القسـ ـوة على الجميع وعليها هي ومن يرى نفسه رجـ ـل على الجميع..
إنها ستوافق رغمًا عنها بسبب تعليقها له كل هذه الفترة، الأمر الذي يعيق هذه الزيـ ـجة هي موافقة عمها ثم من بعده يضرب "عامر" رأسه في الحائط..
الآن هو جالس في منزلهم يتحاور مع عمها، ويراها تقف في الخارج تكاد تدلف توبخه أمام الجميع على هذه الحركة الصبيانية..
لقد علمت من "هدى" التي صعدت إليها تقول بأن "هشام" ذلك الذي تحدثوا عنه في الأسفل يريد الزو'اج منها، عقلها توقف للحظات عن العمل، كيف أتى دون اخبارها؟.. كيف يقوم بالتقدم لطلبها دون أن توافق من الأساس!..
لما وضعها في هذا الأمر الصعب، يضعها أمام الأمر الواقع وأمام الجميع حتى لا تستطيع أن تضع له حجه بعد اليوم.. ولكنها لا تريد!.. لا تريد الزو'اج منه!..
هذا العقل المشوش والقلب الخـ ـائن لا ينفعوها بشيء، لا ينفعوها بشيء أبدًا، واحدًا منهم يطالب بالزو'اج منه وهو لا يرغبه من الأساس والآخر يطالب بالعودة إلى الخـ ـائن الآخر الذي مثله..
استمعت إلى صوت عمها الجدي الهادئ في نفس الوقت:
-وأنت جاي من غير والدك ليه
رفع "هشام" وجهه المهذب الهادئ إليه وأجاب بصوت عاقل رخيم، الجميع هنا يجيد التمثيل ولديهم خبرة به:
-بصراحة أنا جاي أخد الموافقة المبدئية منك وبعد كده والدي هيجي معايا في الزيارة الجاية إن شاء الله
ضيق "رؤوف" عينيه عليه، وعقله به الكثير من التساؤلات عندما أدرك من هو "هشام الصاوي" لقد كان غافل عن الإسم وما خلفه، لأ يدري كيف لم يفكر في الأمر ولم يخطر على باله سابقًا، هل هذا من أحكام السن؟ أو من كثرة هموم عائلته! ولكنه عندما عرف نفسه إليه أدركه جيدًا وشعر بالخوف للحظات على ابنة شقيقه وهو ينظر في ملامح ذلك الشاب:
-وأنت واثق إنك هتاخد الموافقة؟
ابتسم بثقة وعينيه ثابتة عليه ثم أجابه:
-أنا واثق من رأى سلمى بس فاضل حضرتك طبعًا الرأي الأهم
يتحداه، إنه يعرف هذه النظرة جديًا، يقول شيء وداخله غيره والآن ازداد الخوف أكثر من ناحيته وتذكر أشياء مدفونه من الماضي، يبدو أنها تريد الخروج، تفوه عمها بجدية:
-أنا رأي هيكون على حسب مصلحة بنتي.. سلمى
أومأ إليه الآخر بنفس الابتسامة وهو ينظر إليه بهدوء:
-أكيد طبعًا
كاد أن يتحدث "هشام" مرة أخرى ولكن صمت الجميع وهم يستمعون إلى صوت وقوف سيارة بقوة، يصدر عنها صوت مُرتفع أفزع الجميع لوهلة وجعلهم في حالة صمت..
فتح باب الفيلا ودلف إلى الداخل بهمجية واهتـ ـياج وازداد بعد رؤيته للسيارة في الخارج، وقف في الردهة ونظر إليها بعمق وقوة ضاغطًا على أسنانه بعنف ووالدته تجلس في صالة الفيلا مع شقيقته خلف "سلمى"..
بادلته النظرات، ولكنها خائفة، مُتوترة مُرتبكة من كل ما يحدث ولم تكن تتوقع أن آخر ما ينهي ختام هذه الليلة هو حضور "عامر" وذلك الأبلة في الداخل..
وقف للحظات ينظر إلى عيناها يعيد على عقله وهو يرى تلك النظرة البريئة أنها لا تفعل ما قالته صديقتها، لا تخـ ـونه، لا تخـ ـون عائلتها ونفسها، ليست بلهاء لتقدم نفسها إليه بهذه الطريقة..
أخفض عينيه من عليها وسار إلى الداخل، توجه إلى غرفة الصالون ودلف إليهم ليراه يجلس مع والده، كانت الدمـ ـاء تغلي وتفور داخل عروقه وقلبه ينبض بقوة وجـ ـسده بالكامل يريد أن يتعامل مع البشر بعـ ـنف وهمجية لأجل كل ما استمعه ويراه الآن ليس لأجل شيء واحد..
سار في الغرفة ببطء بعد أن وضع يـ ـده في جيوب بنطاله ثم أردف ببرود تحلى به بعد التفكير قليلًا:
-إحنا عندنا ضيوف ولا ايه
والده يريده الآن، يريده وبشدة، فور أن دلف ونظر إليه شعر أن الخوف الذي انقض عليه لن يجعله يذهب إلا "عامر"، وهو والده دوره أن يسانده في قراره الذي سيتخذه الآن ويرفض ذلك الشاب..
أردف بهدوء وهو يشير بيـ ـده إلى "عامر" الذي كان ينظر إلى الآخر:
-أقعد يا عامر عايز أخد رأيك
نظر عامر إلى والده باستغراب، أولًا بسبب نبرته الغريبة ثانيًا لأنه يريد أن يأخذ رأيه في زوا'جها!.. مستحيل، جلس "عامر" فقط لأجل نظرة والده إليه، فقال مرة أخرى:
-ده هشام الصاوي طبعًا أنت عارفه.. جاي يطلب ايـ ـد سلمى، أنت رأيك ايه يا عامر
نظرة والده ذات مغزى، سؤاله خلفه شيء، ما يحدث ليس طبيعي، نظر إليه بقوة يحاول أن يفهم ما الذي يريد الوصول إليه ولكنه في النهاية أجاب بعد أن نظر عليها في الخارج:
-مش موافق
عاد والده بظهره للخلف ونظر إلى "هشام" الذي كان يريد الفتك بابنه، هتف بهدوء وصوت جدي عاقل:
-عامر ابني هنا الكل في الكل.. مش بقولك إن كلامي مابيمشيش لأ، كلامي بيمشي بس عامر ليه نظره في الناس وفاهم الدنيا والبشر.. وأنا للأسف مش هقدر أخالف كلمته.. طلبك مرفوض
اعتدل "عامر" في جلسته، اتسعت عيناه على والده، حديثه كاذب، كل ما قاله كذب، إنه لا يستمع لأي حديث منه، لما يفعل ذلك؟ لقد قال إنه سيزو'جها لمن تريد وسيقف أمامه إلى الممات ويدافع عن ابنة أخيه، لما جعله يرفضه ووافق هو الآخر..
وهي في الخارج شعرت بالذهول، عمها يتفوه بحديث غريب لم يحدث سابقًا، لم تتوقع من الأساس أن يسأل "عامر" عن رأيه في الزيـ ـجة، أتى الرفض في صالحها لأنها تراجعت عن الزو'اج به ولكن ما الذي يحدث حقًا..
اشتعلت النيران داخل "هشام" وهو يرى ذلك العجوز يقوم بترتيب لعبة لأجله، يحققها مع ابنه الذي لا يطيقه من الأساس، يقفون أمام مخططه هؤلاء الاثنين وهو لن يسمح بذلك..
أردف بقوة ونبرة واضحة مؤكدة أن حديثه صحيح ناظرًا إليه بعينين قوية حادة:
-سلمى اللي هتتـ ـجوز مش عامر.. يعني رفضه مايهمنيش مادام صاحبة الأمر موافقة
كاد أن يتحدث "عامر" ولكن والده سبقه بالحديث بثقة:
-وأنا لو جبت صاحبة الأمر وقولتلها إني رافض مش هتكسر كلامي
ابتسم بسخرية وقال:
-معتقدش
نظر إليه "رؤوف" بتحدي واضح ثم صاح بصوت عالي مناديًا باسمها، أجابته من الخارج ثم دلفت ببطء وارتباك
سألها بوضوح وقوة وعينيه على ذلك الذي لم يرتاح لدلوفه منزلهم منذ النظرة الأولى:
-أنا رافض الجـ ـوازة دي.. عندك مانع يا سلمى ولا اعتراض على رأي.. قولي ومتخافيش أنتي عارفه إن ليكي حرية الإختيار
نظر إليها "هشام" وكان يشعر بالنصر لأنها لن تخذله ولكن عند الاستماع إلى حديثها الجاد الذي خرج من بين شفتـ ـيها بارتجاف:
-لأ يا عمي الرأي الأول والأخير ليك أنت
وقف "عامر" على قدميه وأشار لها بالذهاب ففعلت ثم أشار للآخر قائلًا:
-ورينا عرض كتافك
وقف على قدميه، وعينه مثبتة على "عامر" بقوة وقسـ ـوة، والشراسة تندفع من داخله ناحيته..
لقد أنهى المهمة الخاصة به بكلمتين فقط؟ وتلك الحقـ ـيرة هدمت كل ما بناه هو بالخضوع إلى رأي عمها العجوز!.. تحولت نظرته من الهدوء والاحترام إلى نظرة شرسة عنيـ ـفة وملامحه تغيرت بالكامل تدل على الشر الخالص القابع داخله..
كل هذا رآه "عامر" وكان يعلم سببه جيدًا بينما والده نظرته ابتعدت إلى مناطق أخرى ربما يعلم تفاصيلها أكثر منهم..
سار "هشام" خارجًا من الغرفة بخطوات ثابتة قوية تهتز لها الأرضية، وقف على أعتاب الباب بعد أن خرج منه ينظر إليها على جانبه الأيسر تجلس مع زو'جة عمها وابنته، ابتلعت ريقها ونظرت إليه بتردد وارتباك فبادلها نظرة حادة غريبة ثم استكمل طريقة مُقررًا داخله أنه لن يترك الأمر يفلت من بين يـ ـده..
لن يتركها له بهذه السهولة.. وسيحقق انتـ ـقامه مهما كلفه الأمر..
خرج عمها من الغرفة ومن خلفه ابنه، سار إلى أن وقف أمامها فوقفت هي الأخرى بوجهٍ باهت تطالعه بعينين ذابلة فقال هو بجدية يتخللها الحنان:
-هتكلم مع عامر شوية وأجيلك يا سلمى.. أنا عايزك
أومأت إليه برأسها موافقة على الرغم من استغرابها واستغراب الجميع لما يحدث بين "رؤوف" و "عامر" لأول مرة يطلب التحدث معه ولأول مرة يجعله يتحكم في أمر ما خاص بابنة أخيه.. الأمر داخله شيء مخفي..
سار إلى غرفة مكتبه وخلفه "عامر" الذي لم يكن يقل استغرابه عن أي شخص منهم..
أغلق باب المكتب من خلفه، جلس والده على الأريكة به فدلف إليه "عامر" يشاركه الجلسة..
نظر إليه للحظة ولم يكمل الأخرى إلا وهو يهتف مُتسائلًا باستفهام عاقدًا ما بين حاجبيه:
-ليه عملت كده؟ أنا مش فاهم حاجه
علق نظره بعينيه وهو يجيب على سؤاله بجدية وعقلانية كي يقنعه:
-مش مرتاح للولد ده ومش هرتاحله وخصوصًا إنه من عيلة الصاوي
ضيق "عامر" عينيه على وجه والده ولم يدلف حديثه عقله، أجابه مُعقبًا على حديثه بجدية هو الآخر:
-ما إيناس صاحبتها ومن عيلة الصاوي وياما اعترضت على ده وأنت ساكت والكل كده
أشار والده بيـ ـده وهو على اقتناع تام أن "إيناس" مهما كانت سيئة لن تستطيع أن تفعل لها شيء سيء بينما هو يستطيع أن يفعل كل شيء:
-إيناس غير الولد ده.. كفاية أنها لوحدها يعني مش عايشه معاهم وأهي في الأول ولا الآخر بنت متعرفش تأذي سلمى غير أنها كويسه معاها.. لكن الولد ده لأ
تسائل "عامر" مرة أخرى وهو يريد معرفة كل شيء:
-وأنت ايه اللي يخليك تقول كده؟
لا يريد والده الاستماع إلى كثير من الأسئلة لأنه لن يجيب عليه ولا يريد النبش في أشياء قديمة وهو يعلم عقلية ابنه كيف تكون:
-شكلك رجعت في كلامك، أسألتك بتقول إنك موافق على جـ ـوازها منه
نفى الآخر سريعًا بعـ ـنف فور الاستماع لكلمات والده:
-لأ طبعا أنا مقولتش كده
تسائل والده مرة أخرى:
-اومال ايه الأسئلة دي
اعتدل "عامر" في جلسته ونظر إلى والده بعمق ثم طرح عليه ما يريد معرفته منه وما جعل عقله يشعر بالاستغراب:
-عايز أفهم ليه رفضته، وليه عاملتني قدامه كده مع إنك كان ممكن ترفض من غير أي تدخل مني
أجابه بصدق وجدية يبادله الحديث كي يتفهم الوضع كيف يكون وما الذي يريد والده فعله حتى لا يخطأ ويحدث أمر آخر:
-قلقان منه وعايزاها تبعد عنه بأي طريقة وأنت الوحيد اللي تقدر تعمل كده بعيد عن أي خلاف بينا، وعملت معاك كده علشان اوريله إنك معايا وواقف في ضهري وأنا في ضهرك.. أكيد هو عارف كل حاجه عننا شكل علاقته بسلمى من زمان
هنا علم "عامر" أن والده يعلم جيدًا أنه الوحيد الذي يستطيع إبعاد "سلمى" عنه ويعلم أيضا أن القوة كامنه بيـ ـده هو ومن دونه سيكون الأمر صعب، عاد للخلف مُتسائلًا:
-اعتبر ده موافقة مبدئية على جوازي منها
نفى حديثه بجدية دون خوف منه أو تراجع عما قاله سابقًا هو وابنة أخيه الذي يعتبرها أهم من أبنائه الآن ويريد الحفاظ عليها:
-لأ طبعًا، أنا رفضت الولد ده لمصلحتها وطول ما هي رافضة الجـ ـواز منك أنا كمان رافض واللي هي عايزاه هيحصل بس أكون مطمن عليها..
ابتسم إليه بيقين أنه هو من سيتز'وجها وقريب للغاية، ثم اتسعت ابتسامته وهو يفكر في كل لحظة مرت عليه هو ووالده وهم مُبتعدبن عن بعضهم وهناك فجوة بينهم، ثم الآن الأمر يختلف كُليًا:
-موافقة سلمى عليا جاية جاية.. المهم دلوقتي إني عرفت المعنى بتاع مثل أنا وأخويا على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب
وقف "عامر"على قدميه يود الرحيل بعد أن فهم ما الذي من المُفترض أن يفعله هو ولما فعل والده ذلك، ولكن والده استوقفه وهو يتوجه ناحية الباب قائلًا بصوت خافت حزين:
-عامر.. خد بالك منها وبالراحة عليها.. أنا هعتمد عليك
استدار له "عامر" نظر إليه للحظات وهو يعيد نبرة صوته داخله يستمع إليها مرة واثنان واستنتج أنه خائف، قال بجدية وعينين حادة تتعمق به:
-كلامك مش مريحني
ابتلع والده ما وقف بحلقه ثم عاد إليه بنبرة جادة قائلًا:
-لأ ارتاح.. أنا بس حابب أعتمد على ابني وفي الفترة دي هنسى كل خلاف بينا وأفتكر مصلحة بنت أخويا بس، ياريت تعمل زيي
أومأ إليه بهدوء ثم استدار يستكمل سيرة إلى أن خرج من غرفة المكتب، لم يدلف حديث والده عقله، ما به "هشام الصاوي" يجعله يرفضه هكذا ويريد لها الإبتعاد عنه، إنه كان يعلم بالأمر لما الآن فقط فعل هذا؟ لا يدلف حديثه إلى عقله أبدًا وإلى الآن يفكر ما الذي قد يكون حدث منه ليجعل والده هكذا!..
إنه متيقن أن هناك شيء ما جعله يحتاج إليه ليقف جواره في مثل ذلك الموقف التافهه الذي لو كان قام بدوره فيه وحده لانتهى الأمر قبل بدايته...
سار صاعدًا إلى غرفته في الأعلى وعقله يعمل بجدية على استنتاج أي أمر يجعله يفهم ما الذي يحدث، لأنه يعلم أن والده لن يصارحه بهذه السهولة..