-->

رواية جديدة بين دروب قسو ته لندا حسن - الفصل 8

 

 قراءة رواية بين دروب قسو ته كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية بين دروب قسو ته

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة ندا حسن 

الفصل الثامن



"كيف السبيل للإبتعاد عن روحها الموجودة به"



بدأ "عامر" بالتحرك نحوها، مظهره لا يبشر بالخير أبدًا، لقد غليت الدماء بعروقه بسبب تلك الغيرة التي تنهش داخله بعد رؤيته لها في مثل هذا الوضع القـ ـذر بالنسبة إليه إلا لو كانت معه هو.. فالأمر هنا يختلف.


في لحظة والأخرى بينها خطوة انطفأت الأضواء جميعها وانقطعت أصوات الموسيقى الصاخبة فجأة وكأن هناك عطل قد حدث دون تدخل أحد..


وقف للحظات فقط ثم تدارك ما حدث وأراد أن يخرج هاتفه من جيب جاكيت بدلته ليشعل الضوء الخاص به وقد فعل البعض في المكان مثله ولكنه لم يكن يحتاج لذلك بعد أن عادت الأضواء مرة أخرى وارتفع صوت الموسيقى الصاخبة مرة أخرى تزلزل المكان..


وضع الهاتف بجيبه ثانيةً وشعر بالغليان في رأسه إلى آخره بعد أن اختفت من أمامه.. يقف "هشام" وبيـ ـده هاتف وبجانبه "إيناس" صديقتها الحقـ ـيرة.. استدار برأسه وعيناه في المكان من البداية إلى النهاية.. تحرك خطوات بقدميه لينظر جيدًا ربما تكن تحاول الهرب منه.. 


شعر بالانزعاج الشديد والضيق احتل كل خليه به، الغضب كان أكثر شيء يلازمه مع غيرته العمياء عليها، مؤكد كانت هي، أنه لن يخطئ في حبيبته "سلمى" لن يخطئ، مستحيل لقد كانت هي وهربت عندما علمت بوجوده... لم تحذر أبدًا لن يتركها اليوم..


عاد إلى "جومانا" التي وقفت باستغراب تُبصر ما يفعله بعينيها وتتسائل داخلها ما به أو ما الذي يبحث عنه، أردف بجدية:


-جومانا أنا لازم أمشي 


لم يعطيها الفرصة للرد عليه من الأساس فقد ذهب وتركها تقف تحاول أن تفهم ما الذي فعله الآن لقد أتى بها إلى هنا والآن يتركها ويرحل.. لم يمر عشر دقائق على وصولهم إلى المكان..


خرج من المكان بسرعة كبيرة وبخطى واسعة، صعد إلى سيارته وبدأ في القيادة بسرعة وعجلة من أمره فقط لكي يراها في الطريق قبل أن تعود إلى المنزل أو حتى قبل أن تدلف إلى الداخل.. إنها لن تستطيع أن تصل قبله وهو بهذه السرعة. 


الآن هي على عـ ـلاقة بـ "هشام الصاوي"؟ هل هذا حقًا!.. هل هي على عـ ـلاقة معه، أنه لأول مرة يكون لا يفهم شيء ولكن هناك خيط رفيع يربط الأمور ببعضها.. وقفتها معه اليوم في تلك الوضعية الدنـ ـيئة القـ ـذرة منها تقول إن ذلك الشيك كانت هي من أتت به منه وليست ابنة عمه!..


هذا يدل أيضًا على أنها تعرفه منذ الكثير!.. ولما قد يعطي إليها هذا الشيك للجمعية في ذلك الوقت بالتحديد؟ وما المقابل له، لا يمر عليه أنه تبرع دون مقابل.. لا يمر ذلك على عقله أبدًا..


أيعقل أنها تجعله ذلك المغفل وتدلف وتخرج مع ذلك الحيوان من دون علم أحد بالمنزل! أيعقل أنها على عـ ـلاقة جادة به؟..


ضـ ـرب المقود بيـ ـده بعصبية شديدة وزاد من سرعته ضاغطًا على شفتـ ـيه بغل وحرقة بأسنانه الحادة.. لقد نهش المظهر داخل قلبه وهو يراها تقف في أحضـ ـانه بهذه الطريقة الرخيصة.. كيف لها أن تفعل ذلك.. كيف لها أن تسمح له؟..


لن يجعل هذه الليلة تمر إلا عندما يفهم كل شيء، سيعلم هل هي على علاقة معه حقًا أم لا، هل هي من كانت هناك تقف بين أحضـ ـانه أم لا؟، هي هي هي.. صرخ عقله بتلك الكلمات مؤكدًا أنها هي، لقد كانت خصلات شعرها السوداء القصيرة بالضبط، جـ ـسدها الممشوق المتناسق، وقفتها ومظهرها.. لقد كانت هي..


قبل تلك اللحظات التي مرت وبالتحديد عندما أطفأت الأضواء شكرت الله كثيرًا وارتفع صوتها أمام "هشام" وهي تتمتم بالحمدلله واستغلت الفرصة معه سريعًا وأخذها إلى الطاولة في لحظات خاطفة مُمكسًا بيـ ـدها يجعلها تُسير خلفه إلى الطاولة في تلك العتمة لتأخذ حقيبتها ثم قادها إلى المخرج سريعًا وعاد إلى مكانه مُمسكًا بيـ ـده ابنة عمه في لحظات لا يعلم كيف أنجزته هكذا وقادته بتوفيق وأتم المهمة هذه..


خرجت هي سريعًا تركض على قدميها وجـ ـسدها يرتعش بالكامل وهذه ليست مبالغة أبدًا، وقع قلبها بيت قدميها عندما علمت بوجوده، "عامر" معها بالداخل.. سيكون هناك مذبـ ـحة إذا علم شيء من الذي تفعله.. 


أخذت سيارتها وانطلقت بها في لمح البصر وكانت قد اختفت عن الأبصار وابتعدت عن الطريق.. تعرف كيف يفكر "عامر".. تحفظه عن ظهر قلب، لو كان رآها حقّا وأكتشف الآن أنها اختفت سيعلم أنها هربت منه وسريعًا سيعود إلى المنزل لرؤيتها. عليها أن تكون هناك وقبله.. عليها أن تكون لم تخرج من الأساس من الفيلا..


أخذت الطريق في دقائق معدودة وعقلها لم يتوقف عن التفكير، ماذا لو علم بعلاقتها معه؟ أنها تخفيها وتحاول أن تدبر الأمر حتى عندما يظهر يكون هو وضع أمام الأمر الواقع.. ستحاول بكل الطرق أن تجعله يصمت ويبتعد عنها ولكن بعد رؤيته لها في هذا الوضع لا تضمن النتيجة وحتى إن تركها اليوم وأعتقد أنها لم تكن هي ستظل عينه عليها طيلة الوقت..


يا الله كيف تتخلص من عـ ـذاب حبه وحرقة قلبه، كيف تبتعد عن ذلك الهلاك الموجع لقلبها، كيف السبيل للإبتعاد عن روحها الموجودة به..


وصلت إلى الفيلا، تركت السيارة في مكانها كما كانت وفتحت الباب لتخرج منها ومعها حقيبتها الصغيرة، أغلقتها وذهبت سريعًا إلى الداخل بخطوات واسعة، وقفت أمام البوابة الداخلية وأخرجت المفتاح الخاص بها من الحقيبة بأنفاس لاهثة وهي على عجلة من أمرها وقلبها يدق بعنف، فتحت البوابة ثم دلفت وأغلقتها سريعًا خلفها، قابلت إحدى الخادمات في طريقها إلى الداخل فوقفت للحظة تقول بجدية ولهفة: 


-فايزة أنا مخرجتش من الصبح سامعة؟.. 


قابلتها الأخرى بعدم فهم لقد رأتها للتو تدلف من الخارج كيف لم تخرج إذًا:


-نعم!


صاحت "سلمى" بنفاذ صبر وسارت سريعًا بقلق وخوف إلى الداخل وهي تهتف:


-يعني لو عامر سألك أنا خرجت يبقى لأ مخرجتش 


استدارت وهي على أولى درجات السلم تأكد عليها بعينين قلقة ولكنها حادة لتجعلها توافق على ذلك الكذب:


-سامعة!


أومأت إليها الأخرى برأسها بقوة عدة مرات متتالية وعندما رأتها تصعد على الدرج حركت رأسها يمينّا ويسارًا باستنكار ودهشة...


عندما قاربت على الولوج إلى غرفتها قابلت "هدى" شقيقته في طريقها فصاحت سريعًا تستنجد بها في لحظات الهـ ـلاك القادمة عليها:


-هدى.. هدى أنا مخرجتش ماشي؟


استغربت هيئتها ونظرت إليها باستغراب وذهول ثم أمـ ـسكت بيـ ـدها التي تضعها عليها وتسائلت بجدية: 


-مالك في ايه 


عقبت الأخرى على سؤالها مُجيبة بلهفة وسرعة:


-عامر هيجي دلوقتي لو سألك أنا خرجت قولي لأ مخرجتش وإني قاعدة هنا من زمان وأنك كنتي فوق عندي وأنا هفهمك بعدين ماشي


رأت مظهرها الخائف المُرتبك، وعينيها تتأمل بها الخـ ـضوع لرغبتها وإخراجها من ذلك المأزق التي وقعت به والتي هي لا تعلمه فحركت رأسها إليها بالايجاب فابتسمت الأخرى وتركتها وفرت إلى غرفتها ركضًا..


أغلقت الباب خلفها ودلفت إلى الداخل تركض بحركات هوجاء غريبة، ذهبت إلى الكومود جوار الفراش وفتحت درجه أخرجت منه أوراق كثيرة وقامت برميها على الفـ ـراش، ثم ذهبت إلى طاولة في الغرفة صغيرة عليها حاسوب أخذته هو الآخر وقامت بفتحه ووضعته على الفـ ـراش جوار الأوراق..


أخذت الحقيبة وأخرجت منها الهاتف وتركته معهم ثم انخفضت ودفعتها أسفل الفـ ـراش بما داخلها، رفعت البلوزة التي كانت ترتديها للأعلى تخلعها عن جـ ـسدها بسرعة وتعجل، وهي تسير إلى داخل غرفة الملابس وعلى حين غرة استمعت إلى صوت سيارته في الأسفل فركضت للداخل تلقي البلوزة أسفل الملابس تخفيها وفعلت بالجيب المثل بعد أن خلعتها عن جـ ـسدها وأخذت روب كان معلق أمامها ارتدته سريعًا تحكم غلقه عليها وهي تخرج إلى الغرفة ثم صعدت على الفـ ـراش تجلس عليه براحة تحاول أن تضبط أنفاسها المسلوبة منها، أخذت الحاسوب على قدميها وما كانت أن تجذب السلسال من حول عنقها إلا أن باب الغرفة فُتح بقوة مرة واحدة...


ظهر من خلف الباب بوجهٍ جامد ملامحه حادة قاسـ ـية، رفع بصره عليها وتوقفت عيناه السوداء في تلك اللحظات على خاصتها حتى أنه دلف إلى الغرفة وأغلق الباب من خلفه وعينيه عليها كما هي..


بعد رؤيتها له والنظر إلى مظهرة، ارتفعت وتيرة أنفاسها بقوة وصوتها كان واضح ولأجل أن تخفي ما بها صاحت بقوة وصوتها يرتعش يخرج بغير اتزان:


-قولتلك مليون مرة متدخلش الاوضه كده خضتني 


حرك لسانه داخل جوفه وظهر هذا من الخارج، رفع يـ ـده إلى رأسه من الخلف وحكها بأصابعه وعينيه مازالت عليها بطريقة ثاقبة تجعلها تموت داخلها..


لسانها سليط، عنيدة، شرسة وقوية ولا تهابه ونعلم جميعًا ذلك ولكنها تعلم أن هناك حدود لـ "عامر" إن تخطتها عليها تحمل نتيجة لن تعجبها أبدًا ولأن حظها عثر هي الآن ترتعش بسبب هذه النظرات وعقلها على دراية تامة بذلك لأنها تخطت أول وأكبر حد وضع بينهم.. ولعبت في أمر مرفوض تمامًا وهو الغيرة..


عندما وجدته صامتًا ويقف أمامها بهذه الطريقة لا يتحرك فقط عينه عليها أردفت قائلة بتساؤل وهي تحاول أن تضبط نفسها: 


-في ايه؟


أقترب إلى الفـ ـراش بخطوات ثابتة بطيئة وجـ ـسده صلب شامخ أمامها، تفوه بكلمات خافتة هادئة ولكنها حادة قاسـ ـية: 


-هو أنتي فاكرة إنك لما تخلي فايزة وهدى يقولولي إنك مخرجتيش كده أنا هصدق؟.. 


تصنعت الغباء وعقبت قائلة باستغراب وعينيها عليه:


-مش فاهمه؟ قالولك ايه ومخرجتش فين؟


ارتسمت على شفـ ـتاه ابتسامة ساخرة ومازال يتقدم منها بهدوء، أجابها يتهكم عليها ثم أكمل بجدية:


-لا يا شيخة؟ أنتي لو في وسط مليون واحدة كلهم نفس الشكل والهيئة دي بردو هعرفك 


ابتلعت ما وقف بحلقها وحقًا لا يهمها أي شيء ولكن أن يعلم "عامر" أنها من كانت في أحـ ـضان "هشام" سيقتله ويقتلها إن لم يفعل الأسوأ:


-أنت بتتكلم عن ايه بالظبط


وقف أمامها بالضبط جوار الفـ ـراش وتسائل ببرود بعد أن وضع يـ ـده الاثنين داخل جيوبه:


-تعرفي هشام الصاوي منين؟


رفعت وجهها للأعلى لكي تستطيع النظر إليه بعد أن أصبح أمامها وهي تجلس على الفـ ـراش وقالت بجدية وبعد أن حاولت الهدوء تحلت بالقوة:


-قولتلك معرفوش 


حرك لسانه على شفتـ ـيه يبللها، ووزع بصره على ملامحها المتوترة التي أكدت له منذ أن دلف إليها أن ما فكر به صحيح:


-مش هسألك تاني بعد المرة دي!.. تعرفي هشام الصاوي منين؟


صاحت بقوة هذه المرة أكثر من السابق وعينيها حادة عليه لكي يتراجع:


-قولتلك معرفوش 


رفع قدمه اليمنى ودفع بها قدمها المتدلية من على الفـ ـراش بقوة ألمتها وجعلتها تصرخ بعـ ـنف بعد أن اصطدمت بالكومود، أكمل بعد فعلته ببرود:


-اللي في رجلك ده ايه؟ مش كنتي لبساه وأنتي في حضـ ـنه يا حيوانه


انخفضت وهي جالسة على الفـ ـراش تضع يدها على قدمها التي تناست أن تخلع عنها حذائها ذو الكعب العالي التي كانت به في الخارج، يا لها من غبية، حركت يـ ـدها بقوة على قدمها والألم مرتسم على ملامحها بفعل ضربته القوية عليها..


القادم أسوأ بكثير، لو كانت اقنعته أنها هنا ولم تخرج وهذا مستحيل فالحذاء الخاص بها محى كل ذلك وجعله يتأكد أكثر..


خلعت الحذاء من قدميها الاثنين وألقته على الأرضية ثم وقفت أمامه بوجه جامد حاد مثله بعد أن وجدت أن الكذب لن يفيدها معه: 


-نعم؟


أقترب خطوة واحدة وأصبح لا يفصل بينهم أي شيء ثم حرك شفتـ ـيه يسألها بعمق:


-ايه علاقتك بيه؟


نظرت داخل عينيه بقوة وأجابته بثبات:


-علاقة عادية


ضغط على أسنانه وحرك فكه وشفتـ ـيه بحديث غاضب حاد وعينيه تشتعل بالنيران في الداخل يغطيها ذلك السواد بها:


-علاقة عادية وأنتي واقفة في حضـ ـنه وهو أيـ ـده رايحه جايه عليكي زي أي واحدة زبالة 


رفعت صوتها عليه وهي تُجيبه بحدة وقوة نافية ما يقوله عنها بعد أن أحرقها ذلك التشبيه التي كانت حقًا به:


-احترم نفسك يا عامر أنا مش كده.. أنا كنت هقع وهو كان بيسندني مش أكتر 


ازعجه صوتها وتلك الحدة التي تتحدث بها، أقترب إلى أن التصق بها بغضب وقسـ ـوة يمـ ـسك ذراعها بكف يـ ـده العريض القوي يضغط عليه بحدة وقسـ ـوة ثم أردف بثبات وتأكيد ولم يكن تهديد أبدًا: 


-كدابة.. كدابة وستين كدابة وسنينك الجاية معايا سودة... لو مفكرة إنك ممكن في يوم من الأيام تتجوزي واحد تاني غير عامر القصاص وديني وما أعبد اقتلك فيها وهحصلك بردو مش هسيبك.. 


حاولت جذب يـ ـدها منه بالقوة ولكنها لم تفلح، بقيت عينيها الزيتوني عليه وصاحت بعناد:


-اوعا سيبني كده أنت اتجننت ولا ايه.. أنا وأنت خلاص مافيش الكلام ده بينا كل واحد راح لحاله وأنا هشوف حالي بعيد عنك 


أقترب بوجهه منها وابتسم ابتسامة صغيرة ساخرة يبادلها نفس العناد الذي تتحدث به ولكنه كان واثق أكثر منها وضغط على ذراعها أكثر:


-مش كل شوية هنقول الكلام ده بقى.. حالك هو حالي وأنتي اللي جبتيه لنفسك وبما إنك بتفكري في الموضوع بقى يبقى استعدي للي جاي 


كرمشت ملامح وجهها بانزعاج شديد وضيق لأ تتحمله، لن توافق عليه مهما حدث، الخائن الذي باع كل ما كان بينهم من حب وود، القاتل الذي أودي بحياة عائلتها:


-مش هيحصل مهما عملت يا عامر.. مهما عملت عمرك ما هتلاقيني موافقة عليك من تاني.. أنت أسوأ قدر قابلني في حياتي ووصمة هتفضل ملزماني بذكريات وفقدان بشع 


حرك سواد عينيه عليها وأردف مُعقبًا بتأكيد وثبات واضح:


-قولي مهما تقولي.. أنا لحد النهاردة ولحد اللحظة دي وبعد ما رفضتيني للمرة المليون متأكد مليون المية إنك بتحبيني.. أنتي عنيكي فضحاكي قدامي.... وقدام الكل 


صمتت وهي تستمع إليه، ذلك الغبي يحاول أن يكون الأقوى، يحاول أن يجعلها ضعيفة مرة أخرى أمامه وتستسلم لحبه وتقول ما فات قد مات ودُفن، يحاول أن يؤكد بها أنها مازالت تحبه وهو يعلم ذلك.. ولكن ليفعل مهما يفعل ستكون كما هي..


أمـ ـسك ذراعها الآخر بيـ ـده الأخرى وضغط عليهما معًا بقوة جعلتها تأن بألم وهو يقرب وجهها منه ليردف بقسـ ـوة وعنـ ـف:


-أنا كان ممكن أحاسبك بطريقة وسخـ* فعلًا على العمله دي بس وديني ما هتعدي بالساهل


صرخت بقوة وعنفوان:


-هتعمل ايه ها؟ قول يلا هتعمل ايه 


صدح صوتها وأنفاسها تلوح أمام وجهه ليستنشقها بحب ورغبة، ثم ابتسم وهتف بنبرة واثقة باردة:


-يا خبر بفلوس


نظر إليها مطولًا نظرة ذات مغزى ومن بعدها ترك يـ ـدها الاثنين وتوجه إلى الباب بخطوات واثقة ثابتة على الأرضية، نظرت إليه للحظات وهو يبتعد وعقلها يحاول التفكير ما الذي يقصده، ثم في لحظة صرخت وهي تقترب منه لتجعله يبتعد بعقله عن "هشام": 


-استنى عندك.. أنا وهشام مافيش بينا أي حاجه ده مجرد صديق مش أكتر 


استدار وهو عند باب الغرفة، نظر إليها من الأعلى إلى الأسفل ثم العكس ووقف عند عينيها وهتف بنبرة جادة وعنين قاسـ ـية تنظر إليها:


-منا عارف.. ماينفعش يكون في بينكم أكتر من كده لأنك بتاعتي... بتاعتي لوحدي وقريب أوي هتتأقلمي على الوضع ده وأنا محدش يعرفني قدك يعني لما بقول... بنفذ 


ثم فتح باب الغرفة وخرج منه دون حديث آخر وأغلقه خلفه، لقد كان ما فكر به صحيح وهي من كانت هناك معهم، ولكنها مؤكد ليست في علاقة مع ذلك الغبي فهي تحبه إلى أبعد حد وحتى لو كانوا بعيدين عن بعضهم، هي لا تستطيع أن تحب أحد غيره وقلبها الذي كبر على عشقه من المستحيل أن يفكر في رفيق آخر غيره..


متأكد من ذلك كما أنه متأكد من كونه "عامر القصاص" ولكن عليه أن يلقنها درسًا لتتعلم منه كيفية التصرف حتى وهي بعيدة عنه..


وقفت في الداخل تفكر باستغراب كيف لـ "عامر" بعد أن علم أنها من كانت بين يدي الآخر يتركها هكذا دون أن يفعل شيء؟ كيف له أن يكون هكذا حقًا؟ وما الحديث الذي تفوه به عن القادم منه وكيفية التأقلم عليه؟ إنها من المستحيل أن توافق عليه وهو لن يفعلها بالقوة لو كان يريدها هكذا لما كان يتركها كل ذلك الوقت!..


أشياء كثيرة داخلها تجعلها مُشتتة وأول ما بها معرفته أنها تعرف "هشام الصاوي"...


ولكن حمدًا لله أنه مقتنع أنها لا تحب غيره لذا ستكون نظرته مُبتعدة قليلًا عنه..


تابع قراءة الفصل