-->

رواية جديدة نفوس طاغية لشهد السيد - الفصل 6

 

 قراءة رواية بين نفوس طاغية كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية بين نفوس طاغية

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة شهد السيد


الفصل السادس



صدمة ألجمت عقلة للحظات قبل أن ينهض سريعًا يراها ممسكة بقدمها اليُمني تتأوه ألمًا تحـ.ـذره قبل أقترابه منها: 


-"حاسب فيه تعبان". 


تجاهل "عدي" حديثها و أقترب يميل مُمـ ـسكًا بالثعبان بين يـ ـديه يردف ساخطًا: 


-"هذا حبش ". 


أنفعلت من هدوئه البالغ غير مُباليًا بالسم الذى ينتشر الأن بين د_ ماؤها: 


-" حبش مين يا جدع انتَ، التعـ ـبان لدغنى وانتَ واقف تعرفني عليه". 


وضع الثعبان من بين يـ ـديه جانبًا وجثـ ـى على ركبتيه أمامها يمسك بقدمها يقم بسحب الد_ماء أثر لدغة الثعبان بفـ ـمه ويبصقها جانبًا، غافلًا عن الهدوء التام الذى أصابها وهى تراقـ ـبة.. 


تتأمل ملامحة الشرقية عن قرب، تشعر بما لا تعرفه ولا تعرف كيفية التعبير عنه، كـ المغناطيس الذى جذ بها دون رغـ ـبة منه، أفاقها "عدي" من شرودها الذى طال يشير لقدمها الذى عقد حولها شريط قماشي رفيع قام بتمـ ـزيقه من قطعة القماش الكبيرة الذى كان يستخدمها فى أمسـ ـاك البراد الساخن: 


-" لا تخـ ـافين ما راح يصيرلك شى، سم حبش غير

ضـ ـار". 


لم تعلق "زينة" على حديثة و أكتفت بإيماءة بسيطة تتابعه وهو يطفئ النيـ..ـران ومن بعدها جمع متعلقاته وتحرك صوب المنزل لكنها أوقفته بقولها الهادئ: 


-"شكرًا يا عدي". 


زفر بتروي شديد يجيبها قبل أن يتابع سيره: 


-" هذا واجبي يا بيسان ". 


ما قاله للتو كان دلو ماء بارد سكب فوق رأسها بذلك الطقس القارص، لا يجب أن تنجرف وراء ما لأ تعلمه ولا تنسى من هى ومن أين أتت.!! 


❈-❈-❈


وضع رأسه بين يـ ـديه يشعر بضغط هائل وتشوش جميع أفكاره، ما أخفاه لسنوات كيف يعلمه أخر غيرهما وهو الذى حافظ على ذلك بقصاري جهده.!! 


أنتبه لباب المرحاض الذى فُتح للتو ونجلاء التى أقتربت وبيـ ـدها منشفة قطنية تجفف بها خصلات شعرها النار ية تردف برقة بالغة: 


-" انتَ جيت يا حبيبي ". 


حدقها بأعين دامـ..ـية جعلت القلق ينهـ ـش قلبها وتقدمت تتسأل بتوجـ ـس: 


-" مالك يا صفوت". 


نهض يقترب منها متجاهلًا أجابتها وقبـ..ـض على خصلات شعرها رغـ ـمًا عنها ناطقًا من بين أسنانه: 


-"بتبعيني يا نجلاء، أنا اللى داريت عليكِ ورضيت بيكِ يكون ده جزاتي".! 


أرتجفت "نجلاء" بين يـ ـديه قائلة بتعثر من فرط خو..فها: 

-"محصلش صدقني محصلش أنا عمري ما أبيعك، فهمني أنا عملت أى ".؟


أخرج هاتفة يعيد تشغيل تسجيل مكالمته مع الشخص المجهول الذى قال بتحذ..ير صريح: 


-" زاهر باعتلك السلام معايا انتَ ومدام نجلاء، باعتلكم invitation تحفة للجحـ..ـيم". 


أتسعت أعين "نجلاء" برعـ..ـب حقيقي تحاول أبعاد 

يـ ـده عن رأسها تردد بصوت هامـ ـس مرتجف: 


-" محصلش، زاهر أنا مسحته بأستيكة من حياتي من يوم مـ...ـوته، رد عليا يا صفوت مين الواد ده". 


ترك خصلات شعرها عندما شعر بصدق حديثها وجلس بأنهاك شديد يردد بقلة حيلة: 


-"معرفش.. معرفش حاجه يا نجلاء". 


جلست على ركبتيها أمامه تمسك يـ ـده بتحفيز قائلة بعزم: 


-"لازم تعرف، القوي فيه الأقوي منه لازم ندور على حد يجيب الواد ده راكع قدامك، وكل سجلات زاهر و أوراقه تخفيها سامع، أجمد يا صفوت مش عيل زى ده اللى هيـ...ـهدك ". 


حديثها أشعـ ـل النيـ ـران بداخلة وأعطاه دافع للأستمرار وعدم اليأس، أحاطت وجهة بين يـ ـدها تنظر مباشرة لأعينه: 


-" أفتكر كويس كل اللى عديناه سوا، مش صفوت الباشا اللى يقـ ـع كده، فوق يا صفوت متخليش الخـ ـوف يسيطر عليك ". 


أخذ نفس عميق قبل أن يجذب هاتفة ينقر فوقه للحظات قليلة حتى أجابة المتصل وأردف" صفوت " بجمود: 


-" عاوزك تدور على واحد يكون شاطر فـ الألكترونيّات ويعرف يجبلي معلومات عن واحد، ومتقلقش لو جاب اللى عاوزه هديله اللى يطلبه". 


أغلق المكالمة وترك هاتفة جانبًا غير مدركًا بأن الهاتف قد تم أختر..اقه مسبقًا و أن ما يبحث عنه يستمع لحديثة الحالي.!! 


أبتسم بشحوب لـ نجلاء التى طبعت قبـ ـلة فوق كف

يـ ـده تحاول دعمه بشتى الطُرق وهى أشدّ خوفًا منه، كانت تعتقد بأن السر قد دُفـ ـن معه ولكنه عاد للظهور بشكل أخر أصابهما بالتشتت.. 


❈-❈-❈


رغم ألـ ـم قدمها بعد لدغة ثعبان الأمس ووجود بعض الخدوش لكنها لم تُبالي وهبطت لطاولة الفطور تلقى التحية على الجالسين تبحث عنه بأعينها فى صمت حتى أستفاقت على يـ ـد " أيمان" التى حاوطتها بحنو قائلة: 


-" أستعدي عشان هنمشي النهاردة، ورايا شغل ومش هينفع نتأخر". 


اومأت بطاعة و أنتبهت لـ "لطيفة" التى أقتربت منهما قائلة بحسم: 


-"ما عندنا أعذار لحضور الفطور". 


أبتسمت "أيمان" بود وسارت معها نحو طاولة الطعام تتسأل بتعجب: 


-" هو الحج شاهين وعدي مش هيفطروا".؟ 


جلست "لطيفة" تجيبها ضاحكة: 


-" لأ هم سبقوكم ما راح يعودون إلا بعد الغروب". 


علمت "أيمان" أن شاهين لا يحبذ الأختلاط بالنساء كما علمت عن تقاليدهم سابقًا وبالمؤكد أن يكون "عدي" مثل والده، تناولوا الطعام وسط أحاديث "لطيفة" و "أيمان" و قليلًا ما تشاركهم "زينة" الحديث.. 


صعدت للغرفة التى تشاركها مع "أيمان" تقف بالنافذة مُستنده فوق السور العريض تأخذ أكبر قدر ممكن من الهواء تتذكر حديث "أيمان" أمس.. 


-"لما نرجع هنعمل حفلة كبيرة أعرف فيها الناس كلها على بنتي الجميلة اللى رجعت من لندن". 


ماذا لو فعلت شئ خاطئ أمام الحضور.؟ 

"أيمان" تحاول بقصاري جهدها أن تجعلها كـ ماسة لامعة بالمجتمع، عاد حديثهما سويًا أمس لعقلها قبل أن تهبط لـ "عدي" 


عودة لأمـ ـس.. 


كانت "أيمان" جالسة فوق الفراش وبيـ ـدها الفرشاة

تُمشط خصلات شعر "زينة" الجالسة أمامها تشعر بالسلام التام، أوقاتها مع "أيمان" أحب الأشياء لقلبها، تعاملها بحب كبير وتهتم لأبسط تفاصيلها لا تظن أنها لو كانت تمتلك أم لكانت أحبتها كل هذا الحب.! 


زفرت "أيمان" طويلًا قبل أن تتحدث بهدوء شاردة فيما قد مضي: 


-"أنا والدتي توفـ ـت وهى بتولدني، والدي كان بيحلم أنها تجيبله الولد ولى العهد اللى هيورث نجاحه بس للأسف ده محصلش وجيت أنا و لأنه مكانش متقبلني كنت عايشة مع جدتي وهو عايش لوحده لحد ما

أتوفـ ـت هى كمان وروحت أعيش معاه


كان عنده قوانين صار-مة جدًا مكنتش بقدر أتخطاها ومكنتش أعرف حاجة عن العالم الخارجي غير قليل جدًا وعلاقتي بيه كانت سطحية بشكل كبير، كان هو المُتحكم الأول والأخير فى حياتي


بعد ما عمي أتوفـ ـى وسافرت مرات عمي ومعاها رياض كنت أنا أتجوزت لأول مرة كان وقتها عندي عشرين سنة، مكنتش أعرف اى حاجة عن تحمل المسؤولية والحياة الزو جية،  كان سعد أشدّ من والدي ومكنش مُتفهم صغر سني حتى حقه الشرعيّ كان بياخده منى بالأجـ ـبار، وكان دايمًا يمد أيـ ـده عليا ويشـ ـك فيا ولما كنت بلجئ لوالدي كان بيبقي مقتنع تمامًا إن العيب منى أنا."!


أختنق صوت "أيمان" بعدما سقطت دموعها رغمًا عنها و أستدارت لها "زينة" تعانـ ـقها بحزن على حالتها وما مرت به، هدءت "أيمان" مجددًا وعادت تكمل حديثها: 


-" بعد خمس سنين جواز أتوفـ ـى سعد ورجعت لوالدي تانى وورثي من سعد حطيته فى البنك مقربتش منه، كنت كارهة الفلوس لمجرد أنها بتاعته.! 


فات شهور و أتجوزت لـ تاني مرة وبرضوا كان من أختيار والدي، مكنتش لسه تعافيت من تجربتي الأولانية فـ مكنتش قادرة أديله اى مشاعر سواء حب او كره لحد ما بعد سنتين أنفصلنا بكل هدوء وفى يوم كنت مع والدي وشافني عصام أبو المكارم


كان راجل راقي جدًا و لقيت نفسي بدون وعي بنجذب له ولأخباره وكان ساكن قريب مننا فـ كان بيصادف كتير أنى أشوفه ونتكلم وحبيته، والدي شافني فـ مرة وهو واقف معايا قدام العمارة أتحبست فى البيت من تاني كـ نوع من أنواع العقـ ـاب وعرف عصام وجه خطبني واتجوزنا


وبكل صدق أنا مشوفتش راحة بال غير وأنا معاه وعلى ذمته، كان مثال للراجل الشهم اللى عوضني عن كل حاجة وحشة حصلتلي بـ حبه ليا وحنانه عليا وساعدني أكمل تعليمي لحد ما بقى معايا شهادة، كنت بتمني يبقى عندي منه طفل بس للأسف الحمل مكانش بيكمل وعمري ما حسيت أنه مدايق من ده بالعكس كان بيحاول يخفف عني بكل الطرق، قضيت معاه أحلى عشر سنين فى عمري كله و حزينة لحد الآن على وفـ ـاته و بُعده عني ". 


رفعت يـ ـدها اليسرى تبتسم بحنين و أشتياق ظهر بأعينها وهى تشير لخاتم ذهبي خالى من النقوش يتوسط أصبعها قائلة: 


-" ده خاتم جوازنا، مقلعتهوش لحد الآن.. كنت واخده عهد على نفسي مدخلش فى حياتي راجل غيره بس والدي أستخدم كل أساليب الضغط عليا عشان أتجوز رياض اللى أنا اصلًا أكبر منه، رغم حبه الشديد لرياض كان خايف أنه يضيع تعب سنين حياته كلها عشان كده بعد ما مات اتفاجئت بأن الميراث كله كان بأسمي حتى نصيب رياض


وبقيت أنا صاحبة القرار، رياض كان ومازال ميقدرش يكسـ ـر كلمتي مش ضعف منه لأ.. بس خـ ـوف على العز اللى عايش فيه 


عشان كده يا بنتي خليكِ صاحبة القرار فى حياتك، أسمعي لقلبك وحكمي عقلك أوعى تكوني فى يوم أيمان زاهر اللى كان قرارها مش مِلكها، خليكِ ثابتة على رأيك ودافعي عن حقك، انتِ العوض اللى نور حياتي بعد عصام أنا متأكدة لو كان هنا كان هيحبك زى ما أنا حبيتك، أختاري اللى يحبك بدون شروط وقـ ـيود على أى حال كنتِ عليه، أفتكري دايمًا إن ماما أيمان بتحبك وفى ضهرك". 


عودة للوقت الحالي.. 


دموعها تسيل ببطئ فوق وجنتيها والحديث يُعاد بعقلها مرارًا وتكرارًا، وكأنه قد خرج من عقلها للتو و أستقامت بوقفتها عندما فُتحت البوابة الرئيسية ودلف للداخل يمتطي جواد بُني اللون ذو غُرَّة بمنتصف جبهته يعلو صهيله عندما شدّ "عدي" اللجام ليقف الجواد على قدمية الخلفيتين ومن ثم توقف تمامًا، هبط من فوقه بـ مرونه يربت فوق رأس الجواد بـ حُب طابعًا قبـ ـله فوق جبينه قبل أن يعطى اللجام لحارس الأسطبل الذى أتى ليصطحب الجواد.. 


تابع "عدي" مغادرة الجواد مع العامل مُبتسمًا بهدوء ينفض الغبار عن صـ ـدره و نظر بتلقائية نحو أحدى النوافذ الواقفة هى بها تنظر صوبه مُباشرة غير مُبالية بنسمات الهواء التى تعبث بخصلاتها الفحمية المُلفته للنظر، تلك الصبية الحمقاء ذات الصوت المُرتفع صاحبة جراءة لم يراها قبلًا..مهلًا وهل رأى بعد شيئًا.؟ 


تقدم لداخل المنزل ليقابل "أيمان" ووالدته جالستان مُندمجتان لحد كبير بالحديث، حمحم ليلاحظن وجوده ونهضت والدته تعانقة بأشتياق قائلة: 


-"حمدالله على سلامتك يا ضيّ عيني". 


بادل والدته العناق والقى التحية على "أيمان" الجالسة تنظر نحوهما بأبتسامة بشوشة وصعد لغرفته وقبل أن يصل ببضع درجات وجدها تمر من جانبة دون النظر نحوه حتى، يرتسم فوق وجهها الجمود التام.. 


تجاهل الأمر واختفى بداخل غرفته يريح عضلات جسده المنهكة يغمض أعينه لبعض الثوانى التى طالت دون شعور منه حتى كاد يسقط لكنه فاق بتشوش عندما أنتبة للطرق فوق باب الغرفة.. 


نهض بتثاقل يفتح باب الغرفة ليجد والدته هى الفاعلة وقالت: 


-"الحج شاهين عاود ورايدك تنزل يا ولدي". 


زفر طويلًا يحاول الأستفاقة وهبط ليجدهما واقفتان مع والده وتحدثت "أيمان" فور أقتراب "عدي" و "لطيفة": 


-" بعتذر على أزعاجك، كنت حابه أعزمكم على حفلة خيرية هعملها فى البيت عندى آخر الأسبوع وهكون سعيدة بحضوركم". 


أنهت حديثها تعطي "لطيفة" ورقة بيضاء سميكة مدون فوقها أرقام هاتفها، وعدوها بمحاولة الحضور وخرج "عدي" معهما يوصلهم بسيارته حيث مكان وقوف الحافلة التى ستقلهم


رغم تعجبه لصمتها الذى لم يفارقها وأنها لم تلقي عليه نظرة واحدة إلا أنه حاول تجاهل الأمر وظل واقفًا حتى غادرت الحافلة و أختفت عن أعينه، صعد للسيارة يتنهد بحرارة عائدًا للمنزل.. 


❈-❈-❈


هواء النهار النقي المُحمل بالبرودة المُنعشة جعل "فجر" تأخذ أنفاس طويلة تبتسم بسعادة داخلية ورضا تام، أخرجت ما فى الحقائب والذى كان عبارة عن عُلبة عصير وحلوي الشوكلاتة المُفضلة لديها وشطيرة من الدجاج وكتاب عن علم النفس.. قامت هى بشرائهم لنفسها عوضًا عن أن يجلبهم لها أحدهم تحت مُسمي-الأحتفال بعيد الحب-.! 


خُرافة حمقاء للغاية، كل يوم مع مَن تُحب يكون عيدًا ولا يوجد يوم مُحدد للإحتفال بذلك، أحتفل متى شئت حتى لو كان الثالثة فجرًا.. 


لأ يجب أنّ يكون حبيب حولك الكثير من الأحبة المُتمثلين بـ أصدقائك او عائلتك.. هكذا حدث نفسها وهى تنظر حولها حيث حديقة خالية من كل شئ عدا الأشجار الضخمة ومياة البحر الساطعة أسفل أشعة الشمس الضعيفة


فضلت عدم الذهاب للجامعة اليوم وأندمجت سريعًا بقراءة الكتاب الذى بيـ ـدها، لم تشعر سوى بحركة جوارها جعلتها تلتفت نحو اليسار ليرتفع حاجبيها بدهشة من فرط وقـ ـاحة "مهران" الذى أخد الحلوي خاصتها وبدأ بتذوقها بأستمتاع تام جعلها تغلق الكتاب بغيظ وتعقد يديها بضيق ظهر فوق وجهها: 


-"أفندم". 


نظر حوله يتصنع عدم الفهم وأشار لنفسه بتساؤل وهو يعقد ما بين حاجبيه: 


-" أنا ".؟ 


زفرت بضيق وبدأت بجمع متعلقاتها للمغادرة ليردف هو بتسلية لأغاظتها: 


-'واحد وواقف بيتهوي مع مَن يهوي أى يدايق فى كده".؟ 


شعرت بأنعدام الهواء فجأة عندما أستوعبت ما قاله وسقط الكتاب من يـ ـدها وانحني هو يلتقطه واضعًا به شئ لم تلحظه هى وأعاده لها "مهران" مجددًا وأردف مُبتسمًا: 


-"خلاص كملي قعدتك أنا مش هدايقك كنت هسألك بس عندكم شربات ولا لأ ". 


أصابها التشتت بوضوح تام ولم تعلق على حديثة وسارت بخطوات سريعة منعها هو عنها بوقوفه أمامها قائل بجدية: 


-"  أنا مبحبش اللف والدوران بصراحة حابب يبقى فى بينا رابط رسمي بس كنت لازم أعرف ردك الأول قبل ما أتكلم مع عم رضا فـ ممكن تديني أجابة".! 


وضعها بمأزق لا تُحسد عليه أطلاقًا، تشعر بأن كل الحروف قد هربت من عقلها الأن وأجابت بتلعثم:


-"ابقى خدها من بابا". 


وأنصرفت سريعًا بخطوات شبه راكضة وتركته ينظر فى أثرها حتى صعدت لسيارة الأجرة، يشعر بالذنب نحوها.. 


❈-❈-❈


قبل الحفلة بيوم.. مساء


كان قد أتي"عدي" منذ نصف اليوم هو وحده دون أحد من والديه الذين أكتفوا بحضوره هو نيابة عنهما، تجنبت تمامًا الحديث معه وأنعزلت "زينة" بغرفتها بعدما أخبرت السيدة" مريم" بأنها لا تحتاجها بشئ أخر اليوم.. 


"أيمان" لم تعود بعد هى او "رياض" لا يوجد سواها هى وهو والعاملين بالأسفل، أمسكت بالقلم تحاول كتابة الأحرف كما علمتها "مريم" ونطق بعض الجُمل البسيطة


لأ تعلم "زينة" كم مضي من الوقت لكنها أنتبهت بسعادة عندما فُتح باب الغرفة دون سابق أنذار وشعرت بالريبة فور أن أبصرت"رياض" الذى دلف وأغلق الباب من خلفه يرتسم فوق وجهة تعبير خبيـ ـث كفيل ببث الرعـ ـب داخل قلبها


نهضت تحاول التحليّ بالثبات تعقد يديها بضيق تخفى خلفه خـ ـوفها منه: 


-"نعم.. ضايع منك حاجة".؟ 


أقترب منها "رياض" دون الأجابة وهى تراجعت تراقب تقـ ـدمه منها بقلق فشلت فى أخفائه وأردفت بتوجس: 


-"انتَ عاوز أى، لو عملتلي حاجة هصوت و.. ". 


أنقطع حديثها وأطلقت صـ ـرخة متألـ ـمة عندما جذبـ ـها

بعنـ ـف نحوه لترتطم بصـ ـدره وعقد يـ ـده حولها بقوة يردف بنبرة قاسـ ـية: 


-" انتِ مين مسلطك علينا يابت، وكنتِ بتعملي أى فى السيدة زينب من يومين ومين البت اللى جبتيها هنا دى، تعالى معايا دُغري بدل ما أند-مك بقيت عمرك". 


تململت بين يـ ـديه بقوة تشعر بأن يـ ـده كـ جمر من

نـ ـار يحـ ـرق جـ ـسد ها وبكل ما تمتلك من قوة حاولت الفرار تردد بشـ ـراسة وغضـ ـب: 


-"أبعد عني يا راجل يا مُهزق". 


دفعـ ـها بقوة فوق الأريكة من خلفها وصفـ ـعها بقسـ ـوة وغـ ـل بعدما أثـ ـارة تقليلها الدائم من شأنه وسَـ ـبه منذ أن أتت، أستند بركبـ ـته اليسري جوارها فوق الأريكة وحاول تكبيـ ـل يـ ـدها وتحطيم قوتها بعدما ظن أنها ذات صلة بالتهديـ ـدات المُستمرة له والتى بدأت منذ مجيئها: 


-"همـ ـوتك فى أيـ ـدي لو منطقتيش، قولي وهديكِ قرشين حلوين، لو ضحكتي على أيمان بدمعتين فـ أنا محدش يعرف يستغفلني، مُستحيل تكوني بنتها.. أنطقي". 


ركـ ـلته بحركة مفاجأة بمعدته ليتراجع عنها يتـ ـأوه

بألـ ـم وهو يحيط معدته يطلق سَبه نابية وقبل أن يعاود هجـ ـومة عليها مجددًا أنفلتت منه صـ ـرخه 

متألـ ـمة وتفاجئ بطعـ ـنها له بسـ ـكين الفاكهة الموضوعة على الطاولة خلفه، وأستغلت ذلك وركضت سريعًا خارج الغرفة وضـ ـربات قلبها تتزايد بشكل ملحوظ


لم تجد "زينة" مأوي غيره بتلك اللحظة لذلك وبدون تردد طرقت فوق باب الغرفة القابع بها "عدي" وثواني قليلة وفتح باب الغرفة ينظر لها بتعجب من مجيئها لغرفته بذلك الوقت ولم تعطيه فرصة للتساؤل ومرت من جوارة لداخل الغرفة تحاول السيطـ ـرة على رجفة يـ ـدها الظاهرة بوضوح تردف بأرتباك: 


-"ممكن أقعد معاك لحد ما ماما تيجي ". 


شعر بالضيق الشديد من وقاحـ ـتها الشديدة مت وجهة نظرة، كيف لفتاة أن تطرق غرفة رجل بمثل هذا الوقت المتأخر وتطلب منه الجلوس معه وحدهما.!! 


لأ يعلم أنه لأ مُنقذ لها سواه الآن بعد أن علمت أنه لأ يمكن لأحد من العاملين الدفـ ـاع عنها أمام "رياض"


لم يغلق " عدي"باب الغرفة وأشار نحو الخارج

بأقتـ ـضاب شديد يجيبها بضيـ ـق: 


-"لأ مش ممكن، أتفضلي بره يا أنسة بيسان ميصحش كده". 


أتسعت أعينها من المفهوم الخاطئ الذى وصل له من طلبها وقبل أن تهم بتصحيح مفهومة وجدت "رياض" يقف أمام باب الغرفة يردف بأبتسامة سـ ـوداوية: 


-"انتِ هنا ياحبيبتي وأنا بدور عليكِ، كده تزعجي ضيفنا ميصحش، تعالى نقعد مع بعض". 


أرتـ ـجف كامل جسـ ـدها وردت بعدائـ ـية شديدة وتراجعت خطوة للخلف قائلة برفض:


-"لأ، أنا هستني ماما هنا ". 


ضغط "رياض" فوق أسنانة بنفاذ صبر ومـ ـد يـ ـده ينوي جـ ـذبها رغمًا عنها يجيبها بضيق: 


-"قولتلك تعالى يا بيسان وسيبي الضيف يرتاح". 


وقبل أن تصل يـ ـده لها منعتها يـ ـد "عدي" الذى شعر بوجود شئ غير مُريح بنظرات ذلك الرجل الذى لم يستلطفه منذ الوهلة الأولي وأردف هو بهدوء شديد: 


-"هبقى مرتاح أكتر وهى معايا، زى ما انتَ شايف قاعد لوحدي من بدري وحاسس بالملل ممكن تتفضل انتَ". 


كان "رياض" على وشك أن يزفر النيـ ـران من أنفه ونظر نحو "زينة" بتوعد شديد يردف بضيق ظهر بوضوح على وجهة: 


-"تمام زى ما تحب". 


وانهى حديثة يغادر من أمامهم دون أضافة كلمة أخرى، أغلق "عدي" الباب فور رحيلة وساد الصمت للحظات قطـ ـعته "زينة" بعدما تلألأت الدموع بأعينها وتحدثت بسخرية قائلة: 


-"مكنتش جاية أستفرد بيك بس للأسف مكنش قدامي غيرك، عن أذنك ". 


أنهت حديثها وأقتربت من باب الغرفة تنوي المغادرة بالفعل لكن منـ ـعها هو بوضع يـ ـده فوق الباب يجيبها بندم: 


-" ممكن تضلّك موجودة حتى تعاود مدام أيمان". 


ظهر فوق وجهها الأصرار على موقفها و أعاد هو حديثة بلطف لأول مرة يصدر منه: 


-" حتى لأ يعاود لك مرة تانية، ضلّك موجودة بأمانتي حتى تعاود والدتك". 


ظهر الأستسلام على وجهها وتراجعت خطوتين للخلف بصمت تجلس على المقعد الصغير بجوار خزانة الملابس، ودلف هو للشرفة كما كان قبل مجيئها لكنه أسند ظهره لسور الشرفة ينظر نحوها وهى صامتة تمامًا يبدو عليها الشرود.. 


لحظات قليلة ولاحظ "عدي" أزالتها لدموعها التى هبطت دون أرادتها، شعر بالشفقة نحوها و أقترب يحاول التخفيف عنها قائلًا:


-" ما عندي حق التدخل بيناتكم بس كل شئ بينحل بالهدوء". 


اومأت وظلت على صمتها وحاول تخفيف حـ ـدة الأجواء وأكمل"عدي" مُبتسمًا: 


-"راح تضلّك صانة ".؟ 


أزالت بذراع منامتها باقي دموعها وأردفت بتلقائية: 


-" كلمني عربي". 


ضحك كلاهما على جملتها ونهضت تنضم له بشرفة الغرفة وتسألت "زينة" بأبتسامة هادئة: 


-"معندكش صحاب".؟ 


-"معارفي كثيرين لكن ما حدا منهم قريب شوي غير إدريس ولد عمي ". 


اومأت بالفهم وأرتسمت أبتسامة بسيطة فوق وجهة بعد أن مدت يـ ـدها لتصافحه تردف بجدية: 


-" نبقي صحاب".؟ 


أعتدل بوقفته يجيبها بهدوء تام: 


-"ما يصح أصافح العوائل لكن بعتبرك خيتى الصغيرة ونتصاحب". 


ضمّت يـ ـدها ببعض الأحراج واومأت بأبتسامة مُتفهمة و أندمج كلاهما بالحديث لوقت ليس بالطويل قطـ ـعه وصول "أيمان" أسفل المنزل، خرجت "زينة" بخطوات سريعة شبه راكضة تلقي بنفسها بين ذراعي "أيمان" التى دلفت للتو من باب المنزل تهمس بصوت حزين مُتألـ ـم: 


-"ممكن متسبنيش لوحدي تاني، أنا من غيرك ببقى ضايعة يا ماما". 


ضمّتها "أيمان" تربت فوق ظهرها بحنو تحاول أحتواء خـ ـوفها رغم عدم فهمها وتبادلها النظرات مع "عدي"  الواقف فى الأعلي بـ شك.. 


❈-❈-❈


  قبل أن تغلق باب المرحاض تفاجئت به يُدفع و "صلاح" ينضم لـ "سمر" بالداخل يردف بصوت هامـ ـس للغاية: 


-"حطيت الحبوب فى الشاي".؟ 


اومأت "سمر" بتأكيد تجيبه بهمـ ـس مُماثل: 


-"شربته كوبايتين النهاردة خليه يغور من وشي بقى أنا تعبت، أحنا لازم نسيب البيت أنا مش هعيش مع أهلك تاني فاهم". 


وقبل أن يجيبها أتسعت أعينهم سويًا برعـ ـب بعد أن طرق "تامر" فوق باب المرحاض يردف بصوت خشن: 


-"مين جوه".! 



يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة شهد السيد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية




رواياتنا الحصرية كاملة