-->

رواية جديدة البريئة والوحش لأميرة عمار - الفصل 17 - 2

 

قراءة رواية البريئة والوحش كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية البريئة والوحش 

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أميرة عمار


الفصل السابع عشر

الجزء الثاني

العودة للصفحة السابقة


❈-❈-❈


جلس مازن بتعب على الأريكة الموجودة خلفه وهو يقول بصوت متعب:


-فارس إتجوز مراتي 


نظر له زين بإستنكار رافضاً لحديثه قبل أن يقول:


-مراتك ولا ماشي معاها في الحرام يا مازن


لم يترك له مجال للإجابة بل أكمل حديثه ببعض الحدة:


-إحنا عمرنا ما كنا كده ولا بتوع كده يا مازن... يوم ما تقرر  تبقى وسخ يبقى مع بنت عم أخوك مش صاحبك؟


لم يقوى على الرد عليه فهو لم يجد الدليل الآن حتى يُخرسهم به 

أرجع رأسه للخلف وهو يتذكر لحظة أن ألقى عليها اليمين تحسباً من فارس إذا صدق حديثه وكان متزوجها 


لم يشعر بعجزه سوى في ذلك اليوم المشئوم الذي أخذوها فيه من بين يديه بوضع لم يليق بها


فاق زين من شروده على دخول أمه من باب الغرفة وهي تقول له بإستغراب:


-بقالي كتير واقفة بخبط افتكرتك نايم 


مسح بيده على وجهه حتى يعود إلى إتزانه قبل أن يقول:


-معلش يا ماما كنت سرحان شوية تعالي 


تقدمت "سمر" الخطوات الفاصلة بينهم وجلست جواره على الأريكة وهي تضع يدها على ذراعه قائلة بحنان:


-مالك يا زين في إيه من ساعة ما جيت من بره إمبارح وإنتَ مش عجِبني 


عاد زين برأسه إلى الخلف وهو يتنهد بضيق من الصداع الذي ينهش برأسه قبل أن يقول بهدوء:


-قابلت مازن يا ماما 


فتحت عيناها على وسعيها وهي تقول بتساؤل:


-مازن صاحبكم؟


أماء برأسه إلى الأمام دون أن ينطق بكلمه،فهو يحتاج أن يفرغ تلك الطاقة الموجودة بداخله ولم يجد أفضل من والدته،فهو متأكد مليون المئة أنها هي من ستُريحه وليس أحداً سواها


-وإيه اللي حصل؟


خرجت كلماتها بهدوء وهي تنظر إلى إبنها وحالته السيئة الواضحه على وجهه والتي علمت سببها 


وجه زين نظره لأمه وقال بنبرة ضعيفة مفصحاََ عما بداخله:


-كان واحِشني أوي يا ماما


-طب وإيه اللي مزعلك يا حبيبي،أديك شوفته أهو وهترجعوا زي ما كنتم 


أغمض عينه لبرهه قبل أن يقول بغصه بحلقه:


-نرجع إزاي بس يا ماما...فارس ومازن مستحيل يرجعوا تاني،كل واحد فيهم شايف إن التاني خانه 


أماءت برأسها للأمام متفهمه لحديثه ووجعه الظاهر للعيان...فأردفت بحكمة وجدية:


-أبوك وفارس ألد الأعداء لبعض ورغم محاولات أبوك المستميتة إنك تبعد عنه إنت رفضت وإتمسكت بيه أكتر....فمظنش إنك ممكن تبعد عن صاحبك عشان ليه عداوة مع فارس إنت ملكش دخل فيها 


عض على شفتيه بتوتر وهو يقول:


-بس أنا كده هخسر فارس 


-لو بيحبك بجد هيتفهم ده وهيعرف إن مكانة مازن عندك كبيرة متختلفش عن مكانته عندك


ثم إستكملت حديثها بأخر حتى لا تضغط عليه قائلة بتساؤل:


-عشان كده بقى مزعل رانيا ؟


-هي كلمتك 


-اه كلمتني وبتشتكيلي من اللي إنتَ عملته معاها


قام من على الأريكة وإتجه إلى الطاولة يلتقط هاتفه وهو يقول:


-متقلقيش يا ماما أنا هصالحها 

❈-❈-❈


يجلس على المقاعد الحديدية الموجودة أمام الغرفة المحتجزة بها والدته،التي أصبحت رفيقته مؤخراً من كثرة الجلوس عليها  منتظراً

خروج أي طبيب من تلك الغرفة يطمئنه على والدته 


هبط بعيناه إلى أسفل قدميه وهو يشرد بذلك اللقاء الذي دبره القدر وجعل قلبه يتفتت لمائات الجزيئات 


كانت كما عهدها دائماََ جميلة،مازال حتى الآن يراها أجمل من خُلقت من الفتايات....برغم سفره ورؤيته لعديد والعديد لم تلفت واحده أنظاره سواها


كان يشعر أنها خلقت له من ضلعه هو،هوسه بها دفعه لفعل أشياء كثيرة لم يقبلها عقله ولا مبادئه 


مازال يتذكر أول لقاء بينهم عندما كانت في العشرين من عمرها،كان يقود سيارته بسرعه بالغة معتاد عليها من كثرة السباقات التي يدخلها مع أصدقائه


فجأة ظهرت أمامه تلك الفتاة وهي تمر للجهة 

الأخرى من الطريق....حاول بسرعة أن يوقف السيارة حتى لا تضرر تلك الفتاة والحمد لله إستطاع السيطرة على سرعه السيارة ولكن للأسف أُصيبت بقدميها بشدة جعلتها تجلس على الأرضيه وهي تبكي بوجع 


نزل وقتها من سيارته بسرعة وجلس بجوارها يسألها إذا كانت بخير أم لا...وأخذ يتأسف لها على ما تسببه لها من وجع 

ولكنها كان كل ما يشغلها هو ألم قدمها الذي إشتد عليها فكانت لا تستمع له ولا تفهم ما يقول 


أخذها للمستشفي عندما رأى حالتها وطلب الدكتور منه بعض الأشعة ورأى أن من الأفضل أن يضع الجبيرة عليها 

أخذ رقمها وقتها بحجة الإطمئنان عليها 

وطلب منها أن يوصلها إلا بيتها ولكنها رفضت 

وأخبرته أن صديقتها ستأتي لتأخذها 


ومن بعدها توالت بينهم المكالمات وصدفة أخرى جمعتهم في إحدى المولات 

تعرفوا على بعضهم بشكل أكبر ومن هنا إشتعلت شرارة الحب بينهم،كل هذا ولم يعلم 

أنها تكون إبنة عم رفيقه 


إبتسم إبتسامة ساخرة وهو يتذكر أن تلك المستشفى التى أخذها إليها هي نفسها التي

تقابلوا بها الآن وكأن أقدرهم مرتبط بها 


مشاعره متبلدة لم يشعر بأي شئ سوى شعوره 

بالقرف تجاهها،سمع وقتها صوت قلبه الذي تمزق عندما رأها...رأها بصورة الخائنة التي نقضت وعودهم وتخلت عنه وعن الحرب معه 

لا يعلم حتى الآن من هو المخطئ بقصته 

أهو الذي أحب بصدق وحارب الكل 

أم صديقه الذي تزوج حبيبته 

أم هي الذي وافقت على صديق عمره ولم ترفض

أم والده السبب الرئيسي بذلك


ولكن الآن يريد أن يبكي!!

يبكي على من كانت كل ما له بتلك الحياة 

يبكي على وحدته 

يبكي على أمه الموجودة بين الحياة والموت الآن

ولكن من سيطيب بخاطره إن بكى؟


رفع رأسه بإستغراب عندما شعر بيد أحدهم موضوعة على كتفه

وجده زين!... لم يتحدث أو يعلق بل ظل معلق عيناه عليه منتظراً أن يُفصح عن سبب تواجده 

لم ينسى لقائهم الأول بالمستشفى عندما نعته زين بالخائن لذلك ألتزم الصمت حتى لا يدخل معه في صراع 


أما زين ففهم صمته لذلك بعد يده عنه كتفه 

وجلس بجواره على تلك المقاعد الحديدية

دون أن يتحدث،يحاول ترتيب الحديث بعقله أولاً حتى لا يشتد معه 


حمحم زين بهدوء حتى يخفف من حدة الموقف قبل أن يقول بجدية:


-أنا عمري ما شوفتك خاين يا مازن 


لم يعلق مازن على حديثه وظل ناظراً للأمام 

يستمع إلى تكملة حديثه


-يمكن أكون أكتر واحد مصدقك كمان بس مكنش بإيدي حاجة أعملها ولا أقول لفارس إنتَ غلط لأن بالمنطق والعقل هو كان صح وأي حد مكانه كان هيعمل كده 


لم يرد على حديثه بل قال بتساؤل وهو ينظر إليه:


-إيه اللي جابك يا زين؟


-وحشتني يا صاحبي 


أدار مازن رأسه للجهة الأخرى وهو يحاول التغلب على تلك العاطفة التي انتابته تجاه صديقه


ولكن لم يعطيه زين الفرصة للتغلب عليها بل قال بمزاح: 


-هحضنك يعني هحضنك


فلتت إبتسامة صغيرة من مازن على صديقه 

ونظر إليه بإشتياق بالغ ذروته 

ثواني وكان الإثنين يحضنوا بعضهم البعض بشوق وحنين لأيامهم التي مرت


بعد مازن عنه بضيق مصطنع وهو يقول:


-ابعد شوية إنتَ ماسك فيا كده ليه هتموتني 


قهقه زين بصوت عالٍ وهو يلكزه بكوعه 

قائلاََ:


-همسك فيك على إيه تتك القرف ده حتى ريحتك وحشه


إستكمل حديثه وهو يقول بتساؤل مازح:


-إنتِ مستحمتش من إمتى؟


-هو أنا زيك يا معفن،تلاقيها ريحتك 


ضحك زين مرة أخرى ولكن ما قاله "مازن" ببساطه جعل البسمة تختفي من على وجهه نهائياََ وحل محلها الوجوم والصدمة


-قابلت سارة النهاردة 


قالها مازن وهو ينظر لباب الغرفة القابعة والدته بداخلها كأنه يحتمي بها من نظرات صديقه الذي تغيرت مئة وثمانون درجة 

فماذا يفعل؟...سينفجر إذا لم يخرج ما بجبعته إلى أحد


خرح صوت زين أخيراً وهو يقول بتساؤل:


-قابلتها فين 


-هنا في المستشفى


نظر زين له بخوف أن يكون فعل شئ خطئ يندم عليه فيما بعد فقال حتى يذكره:


-مازن سارة مرات فارس دلوقتي مش بنت عمه....أوعي حبك ليها يعميك عن الحقيقة دي 


كلماته الأولى نزلت على قلبه وكأنها ماء نار 

شعر بإختراق روحه عندما إخترقت تلك الكلمات أذنه...سارة زوجة فارس صديقه!!


أغمض عيناه يحاول الثبات،ولكن الكلمة ضعفته وجعلته يشعر بالخلل داخلياً

يكفي ألم لذلك الحد  هو ليس جبل حتى يتحمل 

بل إنسان من لحم ودم ممزق داخلياً

جسده مليئ بالندوب من أقرب الناس له 


لم يرد عليه بل نزلت دموعه واحده تلو الآخرى

مُجيبة على حديث "زين"....كان يريد أن يبكي وها قد أتته الفرصة على طبق من ذهب فهو يعلم أن "زين" خير من يُخفف عنه


❈-❈-❈


عادت لين إلى المنزل بعد يوم عمل طويل 

تعرفت فيه على طبيعة شغلها وعلى الكثير من زملائها في المهنة،كانت سعيدة للغاية وهي ترى أخيراً ثمرة مجهودها ودراستها التى جعلتها تتعين بمثل تلك المستشفى الراقية 


وجدت والدها يجلس بالبهو وبجواره محمد 

فألقت السلام عليهم 


إبتسم محمد بحب عندما رأها وقال متسائلاً بعدما رد عليها السلام:


-إتبسطي النهاردة يا حبيبتي؟


-جداََ يا جدو...ربنا يخليك ليا يا رب يا حبيبي


إبتسم إبراهيم لسعادة إبنته الطاغية على وجهها ومن ثم قال:


-إطلعي يلا يا حبيبتي غيري هدومك عشان نروح نشوف رقية خطيبة أخوكي...إحنا مستنينك 


-حاضر يا بابا نص ساعة بالظبط وأكون قدام 

حضرتك 


قالتها لين قبل أن تصعد الدرج متوجهة إلى غرفتها


دخلت الغرفة بإرهاق شديد وألقت حقيبتها على السرير ومن ثم جلست عليه لتخلع حذائها 

سمعت صوت رنين هاتفها يدوى بالغرفة 

فمدت يدها لتتناول حقيبتها ومن ثم فتحتها وأخرجت الهاتف وجدت المتصل "يونس"


ألقت الهاتف على السرير دون أن ترد 

فهو منذ ذلك اليوم الذي إعترف لها بحبه 

وكشف مشاعرها لم ترد على إتصالاته التي ظلت تتوالى بعدما هربت من بين يديه يومها


وها هي ستذهب إلى بيته الآن،للحقيقة هي سعيدة للغاية أنها وأخيراً ستراه فهي حقاً إشتاقت له ولصوته 


كانوا من المفترض أن يذهبوا إليهم أمس البارحة وكانت ستحلق في السماء من كثرة الفرحة أنها ستراه بعدما هربت منه ولكن جاء أبيها وهدم أحلامها عندما أخبرهم أنه سيأجل 

الذهاب إليهم إلى أمس بسبب عمله 


وها قد أتى أمس الذي كانت تراه بعيداً وأخيراً سترى من سلب النوم من بين عيونها 

لا تعلم لما هربت منه ذلك اليوم عندما صرح لها بمشاعره ومشاعرها ولكنها شعرت بإحراج كبير عندما علمت أن مشاعرها كُشفت له 


قامت من على فراشها ودخلت الحمام الملحق بغرفتها لتتحمم وتزيل رائحة العرق عنها 

❈-❈-❈



كان الكل مجتمع بالأسفل منتظرين هبوط لين 

وها هي تهبط الدرج بكل روقي وهدوء بملابسها الرقيقة مثلها تماماً

فكانت ترتدي بنطال من اللون الأسود الداكن ويعلوه كنزة باللون الأسود بها بعد النقشات 

البنفسجية وكانت ترتدي غطاء شعرها بنفس لون تلك النقشات 


تسائل محمد بإستغراب موجهاً حديثه للين:


-اومال سارة منزلتش معاكي ليه يا لين 


هبطت أخر درجات السُلم قبل أن تقول له بهدوء:


-طلعتلها يا جدو قالتلي إنها تعبانة ومش قادرة تروح 


تولى إبراهيم الرد عليها بخوف ولهفة على إبنة أخيه وأردف:


-تعبانة مالها يا لين 


-مش عارفه يا بابا والله بس هي قالتلي إنها مرهقة شوية وعاوزة تنام  


أماء لها إبراهيم بهدوء ومن ثم خرج الجميع متجهين إلى الجراچ حتى يستقلوا السيارة 

فركبت لين وسارة مع أحمد 

أما محمد فركب مع إبنه إبراهيم 

وخرجوا من القصر خلف بعضهم متجهين لڤيلا "محمد الشاذلي" والد رقية 


وبعد ساعة من القيادة توقفت السيارتين أمام باب الڤيلا ففتح لهم الأمن البوابة بسرعة كبيرة

فإنطلقوا إلى الداخل حتى أوقفوا السيارتين


هبط الجميع من سيارتهم ودخلوا إلى باب الڤيلا الرئيسي فوجدوا "محمد" بإستقبالهم 

تبادل معه إبراهيم السلام ومن ثم محمد 

وتبادل التحية مع الباقي 


ثم صعدوا لغرفة رقية خلف محمد 

ولكن كانت تنظر حولها كل ثانية والأخرى تنتظر أن يطل عليها ولكن تحطمت أحلامها 

عندما دخلوا غرفة"رقية" ولم تجده بها فالغرفة كانت فارغة سوى من "رقية"


تقدمت سارة نحو رقية،وأخفضت رأسها حتى وصلت لمستواها ثم قبلتها على خديها وهي تقول:


-ألف سلامة عليكي يا حبيبتي 


-الله يسلمك يا طنط 


فعلت لين المثل هي الأخرى وتمنت لها الشفاء العاجل وجلسوا بجوارها على الفراش


أما الرجال فألقوا عليها السلام وداعبها إبراهيم قليلاً ومن ثم إتجهوا إلى الأنترية الموجود بنهاية الغرفة يجلسون عليه ويتحدثون على ظروف العمل والبلاد


إبتسمت لين بحب إلى رقية وقالت بمداعبة:


-إيه يا ست رقية جمدي نفسك كده شوية 


ردت عليها رقية بمزاح وهي تنظر لأحمد:


-أخوكي جاب أجلي


لم يسمع أحمد ماذا قالت نظراً لبعدهم عن بعضهم ولكن إرتسمت إبتسامة لذيذة على وجهه عندما رآها تنظر إليه وعلى ما يبدو أن 

سيرته أتيه الآن 


إستأذن من الرجال وذهب إليهم ساحباً الكرسي المجاور للسرير وجلس عليه وهو يقول:


-جايبين في سيرتي ليه يا ترى 


تبرعت لين بالجواب عليه وهي تقول بضحك:


-تخيل إن رقية محملاك سبب تعبها يا ملاك يا بريئ إنتَ


وجه أحمد أنظاره لرقية بصدمة مصطنعه أتقن رسمها على وجهه وقال بتساؤل صادم:


-معقول يا رقية؟!!....اه يا قلبي على كسرتك 


إنفلتت الضحكات من بين أفواههم على تعابير وجهه المضحكة


أردف سارة وهي تلكز لين بذراعها بمزاح:


-إنتِ بتوقعيهم في بعض يا حقنة إنتِ


نظرت رقية لها بخوف مصنع وهي تقول:


-إوعي تكوني عمتو الحرباية يا لين... أموت فيها والله 


-لاء لاء مسمحلكيش تقولي على أختي حرباية 


إبتست لين بإنتصار من تأييد أخوها لها ولكن إختفت تلك البسمة وحل محلها معالم الشر كله عندما إستكمل حديثه وقال:


-لين أختي تِعبانة متظلمهاش 


ضحكت رقية بشدة على مزحة أحمد وملامح لين التي تبدلت مئة وثمانون درجة 


فقام أحمد من مكانه وهو الأخر يضحك متجهاً للين،أخذاً إياها بأحضانه وهو يقول:


-لاء طبعاً بهزر لين أختي دي مفيش أطيب وأرق منها والله 


بعدت لين عن أحضانه بغضب ومن ثم مسكت 

ذراعه وغرزت أنيابها بلحمه بشدة مما جعل أحمد يطلق أهات منخفضة خوفاً من أن يستمع له حماه العزيز


دخل يونس بتلك اللحظة الغرفة،كان صاعد إلى غرفته فهو للتو أتى من أُمسيته مع أصدقاءه ولكن سمع صوت جلبة أتية من غرفة أخته فدخل ليطمئن عليها 


وجد لين منقضة على أحمد بالمعني الحرفي للجملة وأحمد تحت يدها كتكوت مبلول 


حمحم وهو واقف على الباب حتى يأخذوا بالهم من وجوده،وكانت أول من تدارك الموقف هي لين....رفعت عيناه من على أخيها ناظرة إلى الباب وجدته واقفاً أمامه بكل ثبات 


شعره مصفف إلى الخلف بطريقة فوضوية لذيذة ويرتدي كنزة حمراء ماسكة على صدره 

بطريقة مهلكة وأه من عيناه تلك القناصة التي تعشقها 


بعدت عن أحمد سريعاً بتوتر،وضربات قلبها بدأت أن تتسارع شيئاً فشئ،تتمنى بهذه اللحظة أن تنشق الأرض وتبتلعها بداخلها حتى تختفي من أمامه 


أما أحمد فقام من على الفراش ممسكاً بذراعه 

الذي بدأ يؤلمه من أثر نيابها التي كانت مغروسة به فقال لها بتحذير:


-لينا بيت يلمنا يا لين يا بنت إبراهيم الهواري 


ثم نظر ليونس وقال:


-أهلاً بأبو نسب كنت صايع فين كده 


كان صوت قهقهات سارة ورقية تملئ الغرفة

لم يعدوا قدرين على السيطرة على ضحكاتهم 

فنظر يونس للين وجدها تنظر للأرضية متحاشية النظر إليه 


-بلقط رزقي 


قالها يونس قاصداً  المعنى الحرفي الذي وصل إليها وها هي رفعت رأسها ناظرة له عقب وصول كلمته لها ولكن إصتدمت بعيناه فأخفضتها مرة أخرى سريعاً


تقدم يونس بإحترام مادداً يده لسارة وهو يقول:


-إزي حضرتك 


سلمت عليه سارة وعلى وجهها إرتسامة رقيقة وهي تقول:


-بخير الحمدلله يا حبيبي


ثم إسترسلت متسائلة:


-يونس مش كده؟


أماء لها برأسه وهو يبتسم بهدوء 


وإنتقل بكل هدوء تجاه لين ومد يده لها هي الأخرى قائلاً بجدية:


-إزيك يا أنسة لين 


شحب وجهها وسُحبت الدماء منه عندما سمعت إسمها يخرج من بين شفتيه 


رفعت رأسها بتوتر وجدت يده مازالت متعلقة بالهواء منتظراً أن تسلم عليه


أخذت ثواني معدودة مترددة قبل أن تمد يدها 

الصغيرة وتضعها بين كفه الضخم

شعرت بضغطته القوية على  كف يدها وعدم تركه لها لفترة أكثر من اللزم


نظرت بطرف عيناها وجدت أخيها ذهب مرة أخرى عند مجلس الرجال وأمها ورقية يتجاذبون بحديث لا تعلم ماهيته 


عادت بصرها إليه مرة أخرى وحاولت أن تفلت يدها من بين خاصته ولكنه ظل ماسكاً بها كالطفل الصغير الذي لقى لعبة أحلامه


ولكن ضعف بالأخير وتركها عندما وجد الدموع بدأت بالنمو بعينها


❈-❈-❈


دخل غرفتها بعدما إستأذن من والدها

وجدها نائمة على الفراش واضعة رجلها على شئ عالي موجود على الفراش 

وتمسك بيدها هاتفها وعلى ما يبدو أنها تتصفح به حتى تسلى وقتها 


رفعت عيناها من على هاتفها عندما سمعت صوت الباب يفتح،فوجدت "زين" أمامها 

وضعت الهاتف جوارها بعدما أغلقته وبعدت أنظارها للجهة الأخرى دلالة على حزنها منه 


دخل زين الغرفة وأغلق الباب خلفه بهدوء 

ومن ثم تقدم صوبها حتى وقف أمامها تماماً

قائلاً بجدية:


-عاملة إيه


لم ترد عليه بل ظلت عيناها معلقة على الفراغ خلفه 


بدل ذلك الوجه عندما علم أنه لم يأتي معها بنتيجة إلى وجه الأخر الأكثر رومانسيه 


جلس على الفراش بجوارها وهو يقول بحب:


-حبيبي زعلان مني وبيشتكيني للناس ليه 


نظرت له أخيراً بتحذير قبل أن تقول:


-زين أخرج عشان أنا مش طيقاك 


-من ورا قلبك أنا عارف 


-زين متستفزنيش


صاحت بها رانيا بنبرة حادة 


-سلامتك من الإستفزاز يا حبيبتي


نظرت له بغضب شديد و جهها إحمر بشدة من بروده،فكانت على وشك الإنقضاض عليه 

لكنه لحق نفسه وقال بهدوء:


-هفهمك كل حاجة حصلت بس إوعديني متقوليش لحد 


وبالطبع كلنا نعلم فضول رانيا المُميت الذي جعلها تتنازل عن موقفها التي كانت تأخذه منه وقالت له بكامل تركيزها:


-أوعدك...في إيه؟


قص عليها "زين" كل شئ حكث بالماضي وعن صداقتهم التي إنتهت بسبب ما حدث

وأخبرها أنه في ذلك اليوم قابل صديقه الذي لم يعرف عنه شئ منذ ما حدث لذلك كان غاضب بعض الشئ 

وحكى لها أيضاً ذهابه "لمازن" وعودة العلاقات بينهم مرة أخرى 


كانت أعين رانيا مفتوحة على وسعها من هول ما تسمعه من "زين"

قصة ولا بالأحلام...لم تتخيل يوم أن يكون قد حدث شئ كذلك مع "فارس وسارة" 

فهي على علم بالفطور الموجود بينهم ولكن لم تعلم سببه سوى اليوم 


خرج صوتها بصدمة وهي تسأله كتأكيد على اللي حديثه:


-يعني فارس متجوز سارة عشان متتفضحش؟


نظر زين حوله بحركة تلقائية خوفاً من أن يكون قد إستمع أحداً لجملتها 

ومن ثم نظر إليها بتحذير وهو يقول:


-رانيا انا مش عاوزك تجيبي سيرة الموضوع ده نهائي حتى مابينك وبين نفسك 


ثم إسترسل حديثه قائلاً بقلة حيلة:


-أنا حكيتلك بس  لأني مش عارف اللي عملته ده صح ولا غلط،وخايف فارس يقاطعني فيها....وإنتِ عارفة إني دايماً بحب أخد رأيك 


أماءت له برأسها وقالت بإبتسامة:


-اللي إنتَ عملته ده الصح يا حبيبي...زي ما إنتَ بتقول مازن دلوقتي ملوش حد وعلاقته بأبوه شبه معدومة وأمه بين الحيا والموت 

فطبعاً مش عدل إنك تسيبه في الظروف دي 


-فارس لو عرف إن مازن في مصر مش بعيد يقتله يا رانيا....إنتِ متعرفيش فارس بيحقد عليه قد إيه لأن هو السبب في جوازه من سارة 


-متقلقش فارس ذكي جداً لو كان عاوز يقتله كان قتله وقتها


ثم إسترسلت حديثها متسائلة:


-طب هو ليه فارس مجوزهالوش بدل ما هو اللي يتجوزها 


-علي المنشاوي مكنش عاوزها تدخل عيلته يا رانيا فلعب لعبة ذكية أوي صعب أقولهالك 

❈-❈-❈


راقده على الفراش واضعه رأسها على صدره 

وبيدها تحيط خصره

أما هو فكان يستند برأسها على ظهر فالفراش 

وبيده اليسرى يتخلل خصلات شعرها بحركة تلقائية


ككُل مرة يتأكله التفكير بعدما ينتهي معها من ممارسة حبهم 

يخشى أن يحرمه الله منها ومن تلك السعادة التي يشعر بها في قربها هي فقط 


كلما يأخذ القرار بأنه سيخبرها شئ بداخله يمنعه ويراهنه على أنها ستبعد عنه مدى الحياة 

رغم أنه يعلم أن موقفه سيكون أقوى إذا علمت منه هو ولكنه لا يقوى على مصارحتها 


يتذكر أمس عندما تحدث مع أمه في الهاتف وعندما إستدار وجدها تقف خلفه

سقط قلبه بين قدميه خوفاً وهلعاً من أن تكون إستمعت لحديثهم 


ولكن من كرم الله عليها أنها لم تستمع شئ بل كانت أتيه منذ قليل حتى تخبره أن الطعام أصبح جاهز 

مثلما كرمه أيضاً عندما ألقت "چومانة" جملتها الثعبانية


"أول يوم سنعود فيه إلي مصر سأخبرها بكل شىء "


أخبر فارس بها نفسه مقرراً إنهاء تلك المعضلة التي تخطف النوم من جفونه 


رفعت نغم رأسها إلى أعلى حتى تكون عيناها متحدة مع خاصته قائلة:


-فارس ممكن تكلم أحمد أخوك تخليه يشوفني عملت إيه في النتيجة لأني نسيت خالص 


مسح على شعرها بحب وهو يقول بإبتسامة:


-حبيبي جايب إمتياز وطالع الأول على الدفعة 


إستقامت من مكانها بعدم تصديق وقالت بذهول:


-بتهزر يا فارس؟


هز رأسه بنفي وهو يقول:


-لاء يا حبيبي مش بهزر،أحمد جيبهالي من تاني يوم في جوازنا 


عبس وجهها قليلاً قبل أن تقول بتساؤل:


-وليه مقولتليش؟


-كنا متخانقين وبعدها نسيت أقولك


ثم إسترسل حديثه قائلاً بهدوء وهو يفتح درج الكوميدنو المجاور له وأخرج منه عُلبة مخملية صغيرة الشكل:


-وطبعاً مش ناسي هديتك


جعدت حاجبيها بإستغراب وعلى وجهها إبتسامة هادئة تنتظر منه أن يفصح عن هديته 

وها هو يفتح العُلبة لترى خاتم فخم للغاية 

جماله يخطف الأنظار 


رفعت أنظارها عن الخاتم بصعوبة ووجهت بصرها له قائلة بتساؤل:


-ده ليا يا فارس؟


-الماس للماس يا أجود أنواع الماس


أخرج الخاتم من العلبة بهدوء ومن ثم وضعها العُلبة على الوسادة

وأخذ يدها اليمنى بين خاصته ووضع الخاتم 

بسبابتها ومن بعدها طبع قبلة رقيقة على كفاها قائلاً بخشونة:


-يارب دايماً أشوفك ناجحة ومحققة كل اللي نفسك فيه 


إغرورقت الدموع بعيناها من كم العاطفة التي احتاجتها وثواني وكانت داخل أحضانه

تحتضنه بشدة وكأنه أخر سبب لها بالحياة

أحبت حياتها عندما دخلها،لون حياتها بكل الألوان المنعشة...أصبحت حياتها بدونه بلا معنى 


ضمها إليه هو الأخر وهو يتنفس رائحتها النفاذة،يدعو الله بداخله أن يديم عليهم تلك السعادة...


خرجت من أحضانه على صوت رنين هاتفه

الذي دوى بالغرفة 


مد يده يتناول الهاتف من على الكوميدينو بإستغراب من موعد المكالمة فالساعة تخطت الثانية مساءً  الآن


وجد المتصل ما هو سوى "لين" أخته 

إرتسمت بسمة خفيفه على شفتيه تلقائياً 

ضاغطاً على رز الإستجابة فهو قصر مع أخته 

بتلك الأيام التي قضاها هنا ولكن ما باليد حيلة فتلك الجنية التي بجواره تُنسيه العالم بأكمله 


-كل سنة وإنتَ طيب يا روح قلبي وعقبال مليون سنة 


قالتها لين مباشرةً عندما استشعرت أنه فتح المكالمة 


إتسعت إبتسامته أكثر وهو يقول بهدوء:


-وإنتِ طيبة يا حبيبتي


ثم إسترسل حديثه قائلاً بتساؤل:


-عاملة إيه


-عاملة حاجات كتير أوي بس الظاهر إنك نستني خالص 


-مقدرش أنساكي بس كنت مشغول شوية حقك عليا


قالت لين بصوت مازح:


-خلاص أنا هسامحك المرادي عشان صعبت عليا،لكن صدقني المرة الجاية ..

سكتت قليلاً ومن ثم قالت بمزاح:


-هسمحك برضو


قهقه فارس على مزحتها قبل أن يقول:


-عملتي إيه في الشغل النهاردة


صمتت لين لبرهة مستغربة لمعرفته بأمر عملها 

عادت بذاكرتها للخلف قليلاََ تتذكر إذا كانت أخبرته ولكنها متأكدة أنها لم تخبره 

خرج صوتها أخيراً وهي تقول بإستغراب:


-إنتَ عرفت إزاي 


-يا حبيبتي مش معنى إني مشغول يبقى معرفش أخبارك....دي نقرة ودي نقرة تانية خالص 


ضحكت لين وهي تقول مذكرة نفسها:


-طبعاً ما إنتَ فارس الهواري 


جالسة تأكل أظافرها بضيق....نيران الغيرة تنهش بها من الداخل وهي تستمع إلى تلك المكالمة العاطفية بوجهة نظرها


ترى تلك البسمة المرسومة على وجهه وكلمة "حبيبتي" المتلازمة على فمه منذ بداية المكالمة 

وجهها محتقن بشدة تريد أن تحطم الهاتف برأسه 


لفت نظره حالتها وهو يتحدث مع "لين" بالهاتف...فإتسعت إبتسامته أكثر قبل أن يقول لها بشفتيه دون صوت:


-أختي 


رأيتم تغير حالها للمحال؟

عادت الدماء تجري لوجهها مرة أخرى وهزت رأسها له دون أن تتحدث 


-إفتح الكاميرا يا فارس مالك جمبي وعاوز يكلمك 


إختفت البسمة من وجهه وتهجم قليلاً لا يعرف ما يقول...فمن المستحيل أن يرفض لطفله طلب مثل هذا وبنفس الوقت كيف وهي تجلس جواره وأول كلمة سيقولها مالك له 

هي "بابا"

يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أميرة عمار من رواية البريئة والوحش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة