رواية جديدة بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 3 - 2
قراءة رواية بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بدون ضمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الثالث
الجزء الثاني
جلس أيمن على المقعد الوثير الموجود في مكتبة بالشركه متأمل الغرفة بعد رحيل بعض العاملين إلا هو! مزال يجلس مكانة ولا يريد الذهاب والعودة إلى منزله، حتى لا يتقابل مع زوجته ابتسم داخله بمرار وهو يتذكر في بداية زواجه منها كان ينهي عمله باستعجال بسرعه لأجلها ، حتي يعود اليها علي الفور ويتمتع بوقته بين أحضانها..
مد أنامله ليتلمس قلمه الحبري وأوراقه بحذر شديد التي موضوعه أمامه..متأثر من ذلك الفراغ الكبير الذي حدث في حياته.. تحركت أنظاره تدريجياً للأمام حتى وقعت على صورة زواجهما موجودة فوق المكتب ، فتأملها في صمت وقلبه يعتصر آلماً علي حالة.
لا يعلم من منهم المخطئه في فشل هذه العلاقه بينهما؟ يعلم أنها هي من تسببت في ذلك الخراب الآن! لكن لا ينسى أيضا بأن كان بفتره من فترات حياته اهملها وابتعد عنها.
تراجع بظهرة للخلف و أخرج تأوه حارق من صدره وهو يستدير بمقعده المتحرك للخلف ليشرد بتفاصيل حياته كيف كانت من قبل؟ وبالتحديد بعد سنه من زواجهم .
أعدت ليان طاولة الطعام بالمأكولات الشهية ، ونظرت إلى ما وضعته بإعجاب ، فهي دوماً تبدع فيما تطهوه بعد أن تعلمت الطبخ من اجل زوجها، أطلقت تنهيدة متفاخرة من صدرها ، ثم غمغمت بصوت رقيق قائلة
= أيمن يلا انا جهزت الغدا .
انتظرت هي للحظات قبل أن يأتي أيمن إليها
وشمر عن ساعديه، وهو يحدق في صحون الطعام بنظرات إعجاب مردداً
= تسلم ايديك يا حبيبتي، الاكل شكله بيجنن
سحب أيمن مقعده وجلس ليتحدث وهو يدس ملعقته في صحن الأرز
= مش انا خلاص خدت اجازه أسبوع من الشغل و نويت اسافـ..
قاطعة ليان مبتسمة بسعادة وهي تقول بلهفة
شديدة
= بجد يا أيمن أخيرا خدت اجازه وهنقعد مع بعض زي زمان هو أسبوع قليل بس مش مهم المهم اخيرا ان احنا هنقعد مع بعض زي زمان ذي اول جوازنا .. ايه رايك لو نسافر سوا شرم الشيخ؟
تنهد أيمن وقال بإقتضاب وقد اكتست ملامح وجهه بالازعاج
= مش هينفع والله يا ليان انا هسافر مع اصحابي الاسبوع ده اتفقنا بعد ما نخلص الشغل هنطلع سفريه كلنا مع بعض شباب بس يعني.
اختفت ابتسامتها بإحباط وعضت على شفتها السفلى باسى و ملامح وجهها مليئه بالزعل
= طب وليه ما نقضيهوش مع بعض ، انت عارف يا أيمن بالك قد ايه غايب عن البيت ومش بشوفك بسبب الشغل ده ويوم ما تاخد اجازه تطلع مع أصحابك وتسيبني في البيت لوحدي برده .
هز أيمن رأسه وهو ينفخ بضيق بادي علية
= خلاص بقى يا ليان ما تقلبيش بوزك هعوضها لك ان شاء الله .
حاولت ليان أن ترسم ابتسامه زائف رغم ضيقها الذي شعرت به، فهو طول الشهرين السابقين كان منغمس بالعمل ولم يعد يهتم بها مثل سابق ويقضون اسعد اوقاتهم معا، و حاولت حينها ان تعذروا ولم تتحدث معة عما بداخلها على أمل انها فتره مؤقته وسوف تنتهي وسيعود الأمر كما كان .
بعد مرور أسبوع، وقفت ليان أمام المرآة وهي تطلع إلي حالها فقد كانت تشع جمالا و هي تبدو كأنها عروس جديده، لقد زادتها ادوات التجميل جمالا مضاعفها كما ان الفستان التي كانت ترتدي كان يخطف الانفاس فكان اكثر من رائع.. فحاولت ان تنسى انزعاجها من زوجها بسبب انه سافر وتركها بمفردها وقد عزمت النيه على ارجاع الحياه لمجراها كما كانت بينهما.
دلف في ذلك الوقت أيمن من باب المنزل وهو يتقدم بخطوات بطيئه بسبب تعبة طوال رحله السفر، ترك حقيبه من يده لتسقط أرضا دون اهتمام من الإرهاق.. تحركت زوجته نحوه تحضن ذراعية باشتياق و هي تبتسم بسعادة لتقول له بحب
= حمد لله على سلامتك يا حبيبي.. روح خدلك دش بسرعه لحد ما احضرلك الغداء انا جهزت كل حاجه وعلى طول هحط السفره ومش هاخد وقت
زفر أيمن مستاءة من ثرثرتها المزعجه، لذلك هتف بنزق
= أكل ايه بس يا ليان، انا راجع شايف قدامي من الطريق، انا جعان نوم .
تحرك دون أن ينتظر منها رد أو حديث،ليسقط بجسدة فوق الفراش وذهب في ثبات عميق.. بينما وقفت ليان مكانها عدة لحظات محرجة من تعامله الجفاء معها حتى انه لم ينظر إليها بنظره واحده بإعجاب، لتقول لنفسها بهدوء مشحون بالكثير من المشاعر الأليمة
= معلش ما انتٍ برده اللي غلطانه.. لسه راجع من السفر وأكيد هيكون تعبان، ما حبكتش دلوقتي.. بكره ان شاء الله احاول معاه تاني
لم تيأس ليان وحاولت عده محاولات اخرى أن تقترب من زوجها وتعيد حياتهم الجميله والسعادة إليهم من جديد، وفي ليلة فتح أيمن باب منزله ودخل ليتفاجئ بزوجته تقف أمامه تطلع فيها وهو يحبس انفاسه بشده فهي كانت تقف أمامه في أجمل صورة وقد اعطتها ادوات التجميل مظهر رائع، الا يكفيها جمالا؟! تنهد بشده قبل ان يرسم ابتسامه متسعه و هو يقترب منها محتضنا اياها و مقبلا جبينها مما أسعدها بشده و اعطائها الأمل من جديد داخلها، ليقول لها بحب
= ايه القمر ده، شكلك حلو قوي النهاردة .
ابتسمت بشده و هي تحتضنه و تضع رأسها علي صدره قائله بمراوغه
= اخص عليك النهارده بس ؟؟ .
= تؤ انتٍ حلوه وجميله من زمان وكل يوم بتزيدي حلاوه في عيني .
قالها و هو يسير بها ناحيه غرفتهم ما ان دخل حتي ذهب ليبدل ملابسه ثم يعود اليها لكن جذبتة هي برفق لكي تساعده، فتحت ازرار القميص بدلع و هي تتعمد احتكاك اصابعها في صدره.. شعر بالاثاره الشديده و هو يغمض عيناه بتلذذ.. امسك يدها يحثها علي التوقف بينما ينحني يخلع ثيابه.. وبعدها بدأ هو يجردها من ثيابها.. لـ ينهال عليها بالكثير من القبل الطويله و العميقة.. دفعها علي الفراش برفق بينما يعتليها وعيناها كانت تفيض بحب استطاع ان يراه داخل مقلتيها..ثم انحني عليها يلتقط شفتيها في قبله شغوفه .
بعد فترة دفنت وجهها برقبته هي تشتعل خجلا بينما كانت تبتسم بسعاده قائلة له بحب
= انا ما بحبش حد في الدنيا دي قدك يا أيمن.. انا بموت فيكي، هو انت لسه بتحبني يا أيمن؟
اماء برأسه في صمت، عقدت حاجبيها بغيظ من صمته لكنها ابتسمت بشده تميل عليه تحتضن ذراعة وايضا تحتضن كفها بكفه لتردف بابتسامه سعيده
= ايمن ما ترد عليا وتقول انك بتحبني
فكاد ان يغض جفونه ليذهب في النوم لكن انتفض علي اثر كلماتها، لينظر أيمن له شزراً قائلا من بين أسنانة بحدة
= في ايه يا ليان ما انا رديت وهزيت راسي سيبيني انام بقى .. وبعدين ما انتٍ عارفه اجابه السؤال ايه لازمته تساليه و لازم تسمعيها يعني مني
قوست شفتاها بضيق و هي تخبره بحزن
= ايوه يا حبيبي لازم اسمعها منك زي ما انا بعبر عن حبي بالكلام معاك.. ايه يعني لما تقولها لي
اغمض عينية بخمول وهو يربت علي شعرها بعدم اهتمام ، لم يبدُ عليه أي تأثر بما قالته ، ورد عليها بفتور
= تمام اكيد بحبك امال احنا متجوزين ليه .. واللي حصل بينا من شويه ده ايه؟ ما انا اهو لسه معبرلك عن حبي بالفعل!! هتفرق معاكي إيه بقي لو قلتهالك
نظرت له باستنكار و هي تسأله بعدم استيعاب
=إيه اللي انت بتقوله ده يا أيمن؟ معلش مش فاهمه، ايه دخل اللي حصل بينا في انك تعبر عن حبك ليا بكلام حلو ! .. تمام دي حاجه مهمه بين الزوجين مش هنكر أن بحس فيها قد ايه بتحبني.. بس لازم من وقت للتاني نعبر عن حبنا بالكلام لبعض مش كده ؟.
لكنه لم يجب عليها مرة أخرى فقد اغمض عيناه مره ثانيه، تنهدت ليان بعمق وهي تقول بنبرة حزينة
= ايمن انا بكلمك انت ما بتردش عليا ليه؟ هو انت لحقت نمت .
لوي شفتيه بتهكم وغيظ، ثم أضاف بنبرة ساخطة وهو يهز حاجبه
= يعني بذمتك هنام ازاي وانتٍ نازله زن واسئله هايفه ملهاش داعي.. عارفه ان انا بحبك خلاص ايه لازمه السؤال مش فاهم؟ شايفه الساعه كام انا ورايا شغل الصبح نامي أحسن.
نامت هذه الليلة بخيبة أمل كبيرة بعد أن فقدت الامل في عوده حياتهما الزوجية كما كانت بداية زواجهم، لم تعلم أين المشكله بالضبط فقد حاولت مرارا وتكرارا ان تقترب منة ليمطرها بكلماتة المعسوله والاعجاب ويعبر عن حبها كما كان يفعل بدايه زواجهم، فهي أحبت حياتها كذلك وعاشقه للرومانسيه و التعبير عن الحب الدائم بينهما بالحديث..
جلست ليان في المنزل بمفردها وهي تحاول أن تمحي من علي وجهها ملامح ونظرات الساخطة نحو زوجها، فقد ابلغها دون مسبق بالصباح بانه سيسافر الى عمل بالخارج
شعرت حينها شعور رهيب بالحنق والغضب بدأ في التسلل داخل خلاياها بشراسة وهي تراة
مستمر في حياته بين العمل وقضاء ساعات قليله معها دون ان يشعر بالتقصير.. لا تعلم لما اصبح هكذا جاف في التعامل معها وفي مقدمه اولوياته الاولى العمل فقط! وهي! لم يعد يفكر بها، عكس حياتهم قبل الزواج واول سنه في حياتهم كانت مليئه بالمشاعر الجياشه والحب والرومانسيه الزائده.. لكن كل ذلك تبخر خلال أشهر سابقة .
حدقت بالمنزل وهو فارغ بنظرات مشتعلة بالملل والغيظ ، وزاد من غيظها أكثر انه في الصباح انصرف مبتعداً دون إضافة المزيد وكأنها نكرة غير موجودة على الإطلاق ...
يئست هي من كثرة المحاولات معه دونة فائده.. و حاولت أن تشغل نفسها بأي شيء لتتوقف عن التفكير بة ثم أمسكت هاتفها، وضعت السماعة على أذنها ، وضغطت على الأزرار منتظرة بترقب رد من والدتها أو والدها ؟ لكن تفاجات بان الهاتف يغلق بوجهها، وبعد دقائق قد أرسلت إليها رسالة من أحد أفراد أسرتها (بأنهم مشغولين الان وسوف يتحدثون معها بوقت لاحقاً).. لكن هي تعلم جيد بانهم يقولون ذلك ولن يحدث فدائما هي من تبادر بالاول بالاتصال والاطمئنان عليهن.
ابتلعت ليان غصة مريرة في جوفها وهي تضع هاتفها جانبها بصعوبة، فصعب عليها ان تصبح هامش بحياتهم والجميع يتجاهلها دون أن يشعر بها أحد وهي تعاني من الوحده بمفردها.. انتحبت فجاءه دون مقدمات متأثرة فقد اشفقت علي حالها.. وضعت ليان سبابتها على طرف أنفها وهي تشهق بصوت مختنق بعد أن سابت عبراتها الحزينة وأصدرت أنيناً مكلوماً .
هكذا مرت عده أيام واسابيع وحاولت ان تتاقلم مع حياتها بمفردها فالوضع ظل هكذا كما هو عليه، ولم يتغير شيء مطلقاً؟ ولا انتبه حتي زوجها إليها والي معاناتها.. فكانت الحياه بالنسبه إليها تعود عليها بنفس التجربة المره التي عاشتها مع أسرتها بمفردها؟
بعد مرور شهور طويلة، وضعت ليان الطعام فوق الطاولة وهي تنظر حولها بابتسامة عريضة الي ما أنجزته اليوم بالمنزل، وفي تلك اللحظة دلف أيمن وما أن دخل الي المنزل حتي صُدم من منظره، لقد كان المنزل مُزينه بطريقه رائعه جدا، الورود الحمراء متناثره في كل مكان تضيف رائحه عذبه، و الفراش بالداخل مليئ بالزهور الحمراء و البيضاء التي تشكل شكل القلب ، وهناك شموع تُضيئ في كل مكان بالمنزل، بينما تعطي اضاءه رومانسيه حالمه ،، نظر لها بصدمه بينما يخبرها بتساءل
= ايه الي انتٍ عاملاه ده؟ هو النهارده في مناسبه ولا ايه ؟! .
قالت برفق بينما تنظر هي له بحب شديد و عاطفه قويه تهمس له بوله
= آه النهارده عيد جوازنا.. كان نفسي اوي اعمل حاجه افرحك بيها و نعمل احتفال صغير خاص بينا احنا الاتنين بس، يارب يكون عجبك بس؟
ابتلع ايمن ريقة بتوتر فهو قد نسي تاريخ زواجهم رغم أن لم تمر سنوات طويله بينهم، ابتسم بهدوء واقترب يضمها اكثر و هو يقبلها بحب
= آه حلو أوي، بس انا بصراحه نسيت انا النهارده عيد جوازنا معلش يا حبيبتي انتٍ عارفه الشغل قد ايه عليا و واخد وقتي .
ليثير من حنقها ويستفزها أكثر بقوله
= بس ما تقلقيش يا حبيبتي هديتك محفوظه، فكرني بكره اديلك فلوس وانزلي اشتري اللي انتٍ عاوزاه
توقع أيمن بأن تثور بوجة وتقلب اليوم الى خناق بينهما ، لكن تفاجا بها وهي تجيب بكل هدوء مقاطعة بخفوت
= تمام يا حبيبي ولا يهمك .
عقد أيمن حاجبيه باستغراب للحظة لكن لم يعطي الآمر إهتمامة كثير، ثم ابتسم بسعاده و انحني يلثم شفتيها في قبله حنونه شغوفه اخجلت بشده و هي تنظر له بحب.. ثم انحني يحملها وهو يهمس لها في اذنها برغبه
= بس شكلك حلو قوي بالفستان ده.. بقول لك ايه؟ ماتسيبك من جو الاحتفالات دي وتعالي نحتفل جوه مع نفسنا .
رغم ان اليوم صار عكس توقعاتها وما كانت تريدة لم يحدث وقد حدثت عده اشياء اغضبتها لتثير استفزازها، لكنها التزمت بالصمت وحاولت أن تضبط انفعالاتها.. فقد اعتادت على أسلوبة البارد والجفاء .. فما الجديد حتي تغضب منة.
مرت عدة أيام والحال ظل هكذا بينهم، لكن ما زالت "ليان" لم تعتاد على الأمر وحدتها الطويله فكل ليله تنام وهي تبكي بحزن عميق داخلها نحو زوجها أيمن وأسرتها، حتى ذات يوم كانت تجلس بمفردها كالعاده وهي تمسك هاتفها تتفحص مواقع التواصل الاجتماعي لتتفاجئ بدعوه لها إلي جروب "الواتساب" مرسله من جروب دفعتها بالجامعة فكانوا يبحثون عن اصدقاء الجامعة ليجتمعون للدردشة سوا ويتذكرون اوقاتهم الممتعة في الجامعة.. ابتسمت ليان بسعادة و قبلت الدعوه لتدخل علي الفور للجروب وتبدا بالتحدث مع اصدقائها بسرور فاخيرا وجدت شئ تلهي نفسها به.
بدأت ليان كل يوم هكذا في ساعات متواصله تتحدث مع اصدقائها وكل منهم يحكي ويقص عن حياته وانجازاتة التي فعلها بعد التخرج وكيف صارت واصبحت حياتهم الآن.. في البدايه شعرت بالاستمتاع والراحه بالتحدث معهن فلم تشعر بنفسها وحيده بعد الآن، حتى تفاجات ذات مرة بصديق معهم يدعى "طارق" قد ارسل إليها رساله علي الخاص بانه يريدها في أمر هام.
= في ايه يا أيمن؟ انت ناوي تبات هنا ولا ايه في الشركه.. يلا هنقفل.
افاق أيمن من شروده على صوت المدير، لينظر له عدة لحظات بتشتت حتى انتبه الى نفسة لينهض بسرعه وهو يهز رأسه بارهاق.
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوع خرجت فريدة من المستشفى وذهبت بعد يومين إلي القسم هي و والدها و والدتها معها حتي تتعرف على الشخص الذي اعتدى عليها، هل هو ذاته الذي تم القبض عليه ام لا؟ أخفضت فريدة نظراتها حزناً ، وردت إلي الضابط الذي يجلس أمامها علي معقد المكتب لتقول بصوت شبه مختنق
= هو انا كل مرة هاجي هنا هفضل احكي من اول وجديد اللي حصل؟ ما انا حكيت في المستشفى مرة لما حضرتك جيت و استجوبتني ايه لازمته احكي تاني .. ولسه لما اروح المحكمه، انا تعبت .
هز رأسه الضابط بتفهم وقال بهدوء
= معلش يا فريده انا عارف ان الموضوع كله صعب عليكي انك تفتكري كل لحظه عشتيها من تاني وانتٍ بتحكيها بس دي اجراءات ولازم تخلص وبعدين انتٍ لسه في الاول وبتقولي تعبتي؟؟ لازم تبقى قوي عن كده عشان اللي جاي مش هيكون سهل خالص!! وانا مش بقول لك كده عشان اخوفك لا بالعكس.. أنا عاوزك تكوني جامده وتوجهي اللي جاي .
ابتلع عابد والدها ريقة علي مضض وهو يقول بضيق شديد
= الكلام سهل يا ابني بس الفعل هو اللي صعب.. وبعدين هنواجه ايه ولا ايه؟ الفضيحه ولا كلام الناس .
ارتبكت فريدة من نبرة وحديث والدها التي لم تفهم مقصدة جيداً فهل كل ما يفكر بة الآن بالفعل الفضيحه والناس فقط، لكنها أفاقت علي صوت الضابط وهو يتحدث بجدية تامة
= فريده انا عاوزك تركزي كويس وتقولي لي اي واحد من اللي هيدخلوا دلوقتي اعتدى عليكي وضربك .. و حاولي تركزي بهدوء كده .
توجست فريدة من إنهاء الضابط حديثة ثم بعدها أمر العسكري أن يدخل هو وبعض المتهمين الاربعه وكان من ضمنهم بالطبع حسام! الذي أخفض رأسه بسرعه عندما لاحظ وجود تلك الفتاة ليشعر بالقلق والخوف وكان يدعو داخلة بان لا تتعرف عليه! لكنها كانت محاولة يائسة!
حيث نهضت فريدة بخطوات بطيئه جدا وهي تقترب منه وجسدها يرتعش بشدة ، وأصدرت أنيناً خفيض مغلولة .. وهي تقف قبالته و حدقت فيه بقوة متأملة حالته؟ فكان هو الاخر يرتعش من الخوف عكس سابقاً عندما اعتدى عليها كأن يمتلك قوه جبارة واعتدى عليها بالضرب بوحشيه وافقدها عذريته.. كان حسام في حالة رعب رهيب ورأسه مازالت منكسة للأسفل.
وفي ثواني شهق حسام مصدوم حينما جذبتة فريدة من ملابسه بعنف شديد وخفق قلبها بشدة ، وهي تصرخ بلا وعي بنبرة ملتاعة
= يا حيوان .. يا ابن الكـلـ** هو ده يا ماما.. هو ده يا حضره الظابط .. هو ده اللي اعتدى عليا هو ده اللي فضل يضرب فيا عشان اسكت ومصرخ و ما دافعش عن نفسي .. انا فاكره كويس وعمري ما هنساه ولا هنسى اللي عمله ؟؟.
اتسعت عينا حسام بذهول ورعب ولم يستطع النطق أو يفعل شيئا، تعالت شهقاتها أكثر وهي تنتحب بتآلم
= انا اترجيته كتير بس ما سابنيش الحيوان .. فضلت اصرخ عشان حد يجي ينقذني منه بس ما حدش سامعني .. وهو استغل ده ودمرني
أقتربت منها خيرية بسرعه وهي تحاول أن تهديها بينما اردفت بنبرة مجذوعة وهي تحاول استيعاب الأمر
= يا قلبي يا بنتي ما تعمليش في نفسك كده .. وانت حسبي الله ونعم الوكيل فيك.. بس يا حبيبتي اهدي.
وأضافت خيرية وهمست بصوت مختنق بعد أن سابت عبراتها الحزينة
= استفدت ايه لما دمرت مستقبل بنتي وهي ما عملتلكش حاجه ، حسبي الله ونعم الوكيل ربنا ينتقم منك .
استطاعت أخيرا والدتها ان تبعدها عنه، وفي نفس اللحظة وقعت الكلمات على مسامع عابد ذلك الموجزة، تجمدت نظرات عابد لوهلة ، وتحرك بؤبؤي عينيه البنيتين ولم يستطع ان يتمالك نفسه وهو يرى ابنته في تلك الحاله وهي منهاره.. و بحركة عصبية متذكر ما حدث مسبقاً مع أبنته ركض لينهال علي حسام بعدة ضربات عنيف بوجه وهو يتذكر أيضا تلك المهانة التي تلقها من الناس بسببه.
ركض بسرعه الضابط وابعد عابد عنه بصعوبة بالغة وهو يردف بحذر شديد
= أستاذ عابد اهدي وحاول تمسك اعصابك .. وسيب النيابه تاخدلك حق بنتك
تألم حسام بشدة وهو يتحسس وجهه بوجع ثم هتف الضابط بصوت عالٍ
= خدهم يا عسكري و رجعهم الزنزانه يــلا.
اخذ العسكري المتهمين الى الخارج، وأكملت فريدة بكائها الصامت دون أن تضيف أي كلمة
بينما ظلت فريدة تبكي وتعالت شهقاتها المصدومة وأظلمت عيناها، وترنح جسدها من أثر الألم وبحثت عن أقرب مقعد لتلقي بثقل جسدها المنهك عليه.. بينما تنهد بعمق الضابط ، وأضاف بجدية
= تمام تقدروا تتفضلوا دلوقتي وانا من رايي انكم تشوفوا محامي كويس عشان هتحتاجوا في القضيه.. وانا ممكن ارشح لكم كذا حد كويس وشاطر في القضيه اللي زي كده لو تعرفوش
زفر عابد بإستياء وهو يجيبه بنبرة حزينة للغاية
= ماشي يا ابني يكون كثر خيرك احنا ما نعرفش ولا محامين ولا ظباط واول مره نخش اقسام ولا كان لينا في الكلام .. بس هنقول ايه ده؟ الله يجزيه اللي كان السبب !!
رفعت فريدة أعينها الدامعة لتنظر إلي والدها مطولاً !! أصبحت حقا لا تفهم ما الذي يرميه بحديثه ذلك؟ ومن المقصود بذلك الكلام؟ لكن أثار ريبة داخل فريدة للحظات، ثم أسندت كفي يدها على والدتها وهي تتحرك وسـارت مبتعدة عنهم في صمت.
❈-❈-❈
في منزل اعمام حسام، جلست سعاد أمامهم و وجهها، يزداد من اللمحات الحزينة التي تكسو تعابيره، فتوجست متساءلة
= وبعدين يا عاصم محدش منكم هيساعدني ويقوم محامي لابني، الواد هيروح مني وهو بريء وما عملش حاجه .
ضاقت نظرات عاصم شقيق زوجها الأصغر لتصبح مخيفة وهو يضيف باستخفاف متهكم
= انتٍ بتضحكي على مين يا سعاد هو احنا لسه عارفين ابنك امبارح .. ما احنا عارفين تربيتك كويس والمشاكل اللي كل يوم بيعملها ده طوب الارض بيشتكي منه ، بس الحق مش عليكي، الحق علينا ما كانش لازم نسيبهلك تربيه لوحدك وتدلعي فيه لحد ما اخره المتمه الواطي راح يعتدي على بنت .
ضغطت سعاد بقبضتها على ذراعها بقلق وحدقت في وجه كلا منهم بنظرات قلقة مرددة بتوتر ملحوظ
= كذب! كل ده كذب.. و بيتبالوا على ابني المفروض ما حدش منكم يصدق اي حاجه تتقال عليه .. هو صحيح بتاع مشاكل وفي عبر تانيه كتير بس الا انه يعمل كده ده ابني وانا عارفه كويس
أردف عماد شقيق زوجها الأكبر قائلاً بشراسة حادة وهو يتطلع بها باشمئزاز
= ما انتٍ لازم تدافعي عنه حتى لو عمل ايه.. الله يسامحك يا اخويا ويرحمك ، مش عارف عقله كان فين لما ناسب واحده زيك وبلينا بيكي
لمعت عيناها متأثرة بشدة وهي تشعر بالإهانة اثار كلماته تلك لكنها صمتت ولم ترد لانها تعلم جيد انها بحاجه اليهم، بينما حذر عاصم شقيقه بجدية
= مش وقته الكلام ده يا عماد
ثم أضاف وأخرج من صدره زفيرًا قويًا وهو يتابع بنبرة مستاءة
= وانتٍ، أنا سمعت أن البنت اتعرفت عليه وفي شهود بكده ولسه بتاوحي في ايه مش فاهم، قصر الكلام يا سعاد عشان نخلي ذمتنا عاوزه تقوميله محامي هنديكي فلوس بس ما تطلبيش مننا اكتر من كده ..ولو ابنك فعلا الحكومه اثبتت انه اغتصب البنت دي ما تستنيش مننا نساعدك، و انا عن نفسي هتبرى منك ومنه ومن النسب اللي يعر ده .
❈-❈-❈
في مكتب الضابط كان حسام يقف أمامة بوجه مرتعب بينما تجرع الضابط قهوته ببرود مستفز محدقًا في وجه كأنه خصمه بنظرات خالية من الحياة، لم يكن الاخر متقبلًا تلك النظرات بأي شكل، وجاهد ليبدو طبيعيًا رغم اضطراب انفعالاته بداخله... ثم أسند فنجان قهوته أعلي الطاولة مستطردًا حديثه بهدوء مريب
= ها يا حسام.. لسه برده مش ناوي تعترف وتقول أن انت اللي اعتديت على الممرضة فريده ؟؟.
هتف من بين شفتيه بصعوبة
= انا ما اعرفش مين فريده دي اللي بتقول عليها يا حضرة الضابط.. ولا شفتها قبل كده .. وما عملتش حاجه دي بتتبلى عليا
هدر الآخر صارخًا بانفعال كبير بعد أن فشل في التمسك ببقايا عقله
= بقولك ايه يا روح امك بلاش شغل اللوعه
ده لان القضيه لابساك، صحبك اللي كنت بتزوره في المستشفى اعترف انك خرجت وسبته بعد ما الممرضه خرجت بثواني غير أنة اعترف ان سلوكك مش كويس اصلا من الاول ومش هو لوحده إللي قال كده .. كمان باقي صحابك على اهل المنطقه واضح ان الناس كلها بتحبك واما صدقت أنك وقعت، وغير كمان حارس المستشفى اتعرف عليك قال انك جيت سالته الممرضات بتخلص الشيفت بتاعها امتى وتمشي من المستشفى .. عاوزني بقى اكدب كل دول واصدقك انت!!
اتسعت مقلتي حسام بصدمة واضحة، وقفز قلبه في قدميه لمجرد سماع ذلك، ليقول بسرعه بتلعثم وتوتر
= كلهم كدابين يا باشا ما تصدقهمش هم عاوزين يلبسوني في اي حاجة ظلم عشان بيكرهوني او تلاقي البنت دي عاوزه قرشين عشان كده بتتهمني زور .. انا ممكن اثبت لحضرتك و بشهود كمان ان الوقت ده كنت سهران مع ناس بخلص شغل .
توهجت عيناه كجمرتين متقدتين، وكان على وشك الانقضاض عليه، لكن حاول يمنع نفسه من الاقتراب منه الآن حتي، وصرخ فيه بجموح متعصب وهو يلوح بذراعه في الهواء مهددًا
= ما تتعدل يالا بقى وتمشي معايا دغري عشان ما اقلبش علي الوش التاني، انا كل ده بتكلم معاك بالراحه لكن لو عاوز تشوف الوش الثاني يبقى انت اللي جبته لنفسك بقى.. لاخر مره هسالك هتعترف في الحقيقه ولا لاء ؟
بدت تعابير وجهه في خوف للغاية بينما
ازدرد ريقه قائلًا بتوتر خافت
= انا مش هتكلم غير لما المحامي بتاعي يجي... انا عاوز محامي .
❈-❈-❈
فرك أنس جلد عنقه يجذبه تارة ويرخيه تارة أخرى وهو يفكر مليًا فيما بخته نواياه تلك؟
نفث بتريث مهلك دخان السجائر حول وجهه سُحبًا كثيفة.. كل ما أراده هو إخماد إشعال الذي حدث داخله منذ ان رأي تلك الفتاة الصغيرة، لكن هو أمامه عائق واحده وهو فارق العمر الذي بينهما فسيكون ليس قليل بالتاكيد، لكن متى كان يصعب عليه شيء يريده! أبتسم تلك الابتسامه التي يعرفها هو جيد، ثم تجشأ زاهر بحشرجة جلية، و تمتم من بين شفتيه بعد أن حسم أمره
= أنس سيب اللي في ايدك و تعالي هنا عاوزك.
أتاه على عجالة أنس له، وهز رأسه قائلًا بطاعة
= أمرك يا باشا.
أدار رأسه ببطء ناحيته، ثم هتف فيه بصلابة
= عامل ايه في الشغل يا أنس مبسوط
حاول رسم ابتسامه زائف وهتف بخشونة
= في نعمه يا بية طول ما انت راضي عني .. بس مش ناوي بقى تسامحني يا بيه وتعفى عني .
انتظر زاهر لثوانٍ قبل أن يجيبه بغموض مريب
= هسامحك يا انس وهرجع اقبضك زي الاول واحسن كمان قريبا.. الا بالحق هي اختك اللي جاتلك من كام يوم هنا عشان تقول لك على ابنك اللي تعبان بقى عامل ايه دلوقتي
هز رأسه انس وهو يقول بدهشة من اهتمامه
= الحمد لله يا بيه بقى كويس وخرج من يومين من المستشفى .
تحسس زاهر صدره بحركة بطيئة، ثم تابعه بأنظاره القوية هاتفًا بحماس مثير
= هي عندها كام سنه يا أنس؟
عقد حاجبيه باستغراب وقال متسائلا ببلاهه
= هي مين دي يا باشا؟ قصدك ابني يعني ولا مين بالضبط؟
استشاط زاهر من غبائه، قائلاً بضجر كبير
= ما تركز معايا بقى يا انس انا بتكلم على اختك اللي جاتلك عندها عندما كام سنه وهي لسه بتدرس ولا قاعده في البيت زي بقى اخواتك
تطلع فيه بعدم فهم وهو يقول بتوتر شديد
= ها اه قصدك علي اختي مهرة هي عندها ١٤ سنه ولسه في الاعداديه أصلها غاويه علام بقى ودراسه .. بس هو أنت بتسال ليه يا باشا عنها ؟؟.
هتف من بين شفتيه بابتسامة ماجنة قاصدًا الضغط على كل كلمة فيها
= هي اسمها مهرة! اسمها حلو وهي فعلا مهرة.. اسم علي ما يسمى صحيح.. عيبها بس انها صغيره أوي.. بس مش مهم، مش كل حاجه السن في حاجات أهم .
لوي ثغره بابتسامة شيطانية بعد أن اقترب من تحقيق مراده وهو يقول بخبث كالصياد يرمي الطعم الى ضحيتة حتي يقع له بكل سهولة
= بقول لك يا انس بعد الشغل مش عاوزك تمشي.. وعاوزك تجيء لي المكتب عشان عاوزك في موضوع مهم .. ولو وافقت اوعدك اني مش بس هرجع اديك مهيتك واسامحك .. لا كمان هعينك تمسك محل من محلاتي وتبقى الريس عليهم .
اتسعت عينا أنس بعدم تصديق وذهول ليشعر بالفرح والسرور نتيجة حديثه ذلك، ليقول بسرعه مرددا عليه ممتثلًا لطلبة بصوت متلهف
= انت بتتكلم جد يا باشا ؟؟ هتمسكني محل من محلاتك .. وهو ايه الطلب ده؟ اؤمرني يا باشا وانا هنفذ اللي تؤمرني بيه مهما كان إيه .
يتبع...
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية بدون ضمان, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية