رواية جديدة بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 17 - 2
قراءة رواية بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بدون ضمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل السابع عشر
الجزء الثاني
❈-❈-❈
الأفاعي التي تزداد سُمًا، للثعالب التي تزداد مكرًا .
تمدد حسام على الأريكة العريضة بمنزل والدته السابق ، وأمسك بثمار الفاكهة يتناولها واحدة تلو الأخرى بهدوء عجيب وهو يشاهد التلفاز ..
وكأنه لم يتسبب في قتل ابنه واصابه زوجته الذي أدى الى استئصال رحمها، كانت على الجانب الآخر تجلس سعاد وتراقبه بغيظ من تصرفاته البارده! نظرت أمه إليه شزراً ، ومطت شفتيها وهي تتحدث بضيق
= هو انت هتفضل قاعد لي كده ومش هتروح تشوف مراتك اللي في المستشفى؟ يا ابني انت مش دريان بالمصيبه اللي عملتها البنت شالت الرحم، عارف اهلها لو عرفوا هيعملوا فيك ايه؟
تنهد في إنهـاك وهو يجيبها بهدوء مستفز
= مش هيعملوا حاجه ريحي انتٍ بس دماغك وبطلي كل شويه زن عليا ، قلت لك هي اللي المستفزه وعصبتني انتٍ ما تعرفيش عملت ايه ومش المره دي وبس؟ ده انا من ساعه ما اتجوزتها وهي مطلعه عيني وكل شويه تقلي ادبها عليا وتقول اني مش راجل واخره المتامه الهانم عاوزه تقرطسني وبتخرج من ورايا وبتقابل رجاله؟ عايزاني اعمل لها ايه لما اعرف حاجه زي كده .
لم تقتنع سعاد برده، فهتفت قائله بإصرار
= هو انت اتاكدت من حاجه زي كده الاول ولا على طول ضربتها وخلاص؟ ما كنت مسكت اعصابك شويه ما انا عارفه انها لسانها طويل .. بس نعمل ايه قلنا نستحمل عشان نلم المصيبه اللي انت عملتها تقوم تخربها اكثر ، يا ابني انا مش قادرة اتلم على اعصابي من ساعه ما رجعت من المستشفى دي انت عدمتها العافيه، لا ومالي قلبك أوي ومفكر الموضوع هيعدي زي المره اللي فاتت.. دي جنايه يا روح امك ولو عملت فيك محضر هتتسجن تاني
لم يظهر الخوف علي ملامحه في حين أجابها حسام بنبرة تحمل السخرية
=طب ما تعمل محضر ولا اثنين ولا ثلاثه حتى حد ماسكها؟ هتعمل زي المره اللي فاتت تطلع تطلع وتنزل على ما فيش و ارهنك ان اهلها لما يعرفوا اللي حصل هيقعدوا يبعبعوا شويه بكلمتين وهيرجعوها تاني غصب عنها.. ما هو بالعقل كده اذا كان المره اللي فاتت لما اعتديت عليها وكانت خلاص رفعت القضيه وكل حاجه كانت ضدي ! بس جم في الآخر واتنزلوا عشان خافوا من كلام الناس !. و اجبروها هي كمان تتنازل صح ولا لأ؟
زفرت في إنزعاج ، ولوت فمها في إستنكار وقبل أن تعقب أضاف وهو يحدثها باستهزاء
=يبقى المره دي بعد ما خلاص بقت مراتي قدام الناس كلها، هيجوا هم يطلقوها مني و هيستحملوا كلام الناس وهي راجعه ليهم بعد أربع شهور جواز ومن غير رحم !!.
وأضاف بنظرات قاسية قائلا بجحود
= و زي ما، ما قدروش يستحملوا كلام الناس اولاني؟ مش هيقدروا يستحملوا تاني .
نظرت له بحنق وهي تردف بخوف شديد
= ايوه بس المره دي صعبه دي البنت شالت الرحم والعيل إللي في بطنها مات؟ ولو اهلها سكتوا هي مش هتسكت اكيد! انت زودت العيار معاها اوي المرة ده كفايه جسمها اللي اتكسر بسببك .
إبتلع حبات العنب الطازجة ببرود ناظر أمامه بعينيه القاسيتين وهو يهتف بنبرة غير مهتمة بصحتها
= شهرين والموضوع يلم ومش هيبقى فيه اثر لحاجة، واسمعي مني المفيد؟ اللي خلاهم يتنازلوا عن حق بنتهم وهي مغتصبة و شرفها ضاع ! هيجوا دلوقتي يرجعوا في كلامهم و يطالبوا بالحق عشان تقعد جنبهم مطلقه وكلام الناس يزيد اكتر؟. خصوصا بعد ما بقت عاقر ومش بتخلف ! صدقني ما حدش فيهم هيقدر يفتح بقه عشان ما يخربوش بيت بنتهم.. و بكره هترجع هنا سواء بالغصب أو برضاها .
صمتت للحظة واحدة تفكر بحديثه وبدأت تقتنع، فبالفعل قد تنازله سابقآ عن حق ابنتهم فبالتاكيد ستتغاضى عائلتها للمره ثانيه ببساطه، فلما لا؟ فعائله فريده تخشى أحاديث الآخرين بشدة وتلك هي النقطه التي يجب ان تلعب عليها لتربح عليهم الجوله الثانيه، تطلعت سعاد نحو ابنها وهي تقول بخبث
= ده انت داهيه بس معاك حق بدأت اقتنع بكلامك، اذا كان صحيح اتنزلوا عن حق شرف بنتهم .. مش هيسكتوا على ضربها كمان.
نظر حسام لها بمكر ثم حدق في نقطة من الفراغ أمامه ، وتوعد قائلا بجدية
=عاوزك انتٍ بس لما الموضوع يتفتح نقول على كل قله ادبها معانا وانها هي اللي غلطانه و ما كانش ينفع تقول عليا مش راجل وتنزل من غير أذني، عشان نقلب الترابيزه عليها .
❈-❈-❈
بعد مرور عدة أيام .
كانت خيرية تضرب بيدها بعنف علي باب منزل حسام وحينما لم يفتح أحد لها؟ جعلها ذلك الهدوء يخبر قلبها بأن هناك أمر سئ قد حدث لإبنتها حتما ، فصاحت بقلق
= هو محدش بيفتح ليه؟ لا انا كده بقيت متاكده ان في حاجه حصلت للبنت يا عابد اتصرف وهاتلي بنتي .
تنهد عابد هو الآخر بقلق أشد وهو يخبرها بسأم
= اهدي بس يا خيريه ممكن يكونوا خرجوا ولا حاجه بلاش تقلقي نفسك وخلاص.. تعالي نقعد شويه حتى تحت ونستناهم، ان شاء الله هيكونوا كويسين وهيرجعوا وهتشوفي بنتك
إزدادت نبرة صوتها حدة وهي تعنفه قائلة
= انت لسه برده مطمن حتى بعد ما جينا هنا ما لقيناش حد، بقيلنا اسبوعين بنتصل بيها ومش بترد قلنا في البدايه ممكن لسه واخده علي خاطرها مننا؟ بس لا الوضع زاد كده!
حتى الهانم امه ما بتردش عليك ولما حاولت تتصل بعمه اللي جاء معاهم الفرح قال لك ما يعرفش حاجه عنهم.. ودلوقتي جينا بنفسنا وبنخبط على الباب وما فتحش حد منهم خالص، يبقي ده معناه ايه ؟.
هـز رأسه في إمتعاض ثم أردف بخوف
= كل غايب ولي حجه يا خيريه وما تفتكريش ان انا مش قلقان زيك بس لو ما اتمسكتش وعملت زيك كده يبقى مش هنعرف نحل و نعرف البنت فين؟ وبعدين عندك حل تاني غير أن احنا نستناهم تحت؟ اقول لك حاجه احسن تعالي نروح لامه هي قالت لنا قبل كده انها ساكنه قريبة من البيت تعالي نسال عليها ونروح اكيد هي اللي هتجيب لنا الناهيه وتطمننا عليها .
انتبهت زوجته الى حديثه لتقول بلهفه شديد
= ايوه معاك حق، صح تعالي نروح نسالها .
وقبل ان يتحركان تفاجئوا بالباب الآخر الذي امامهم يفتح وتطل منه هذه السيده العجوزه
وتتفحص ملامحهم باهتمام وقالت
= هو مين اللي كان بيخبط؟ خير انتم عاوزين مين؟
أسرعت خيرية بالاقتراب منها وعينيها تلتمع بالامل قليلا وهي تتحدث بتوتر شديد
= معلش لو قلقناكٍ يا حجه ، بس اصل عماله اخبط على الباب ما حدش بيفتح و كنت عاوزه اطمن على بنتي هي متجوزه هنا قصادك في الشقه دي من حوالي أربع شهور كده .
عقدت حاجبيها بتعجب متسائلة
= هو انتم ما عرفتوش اللي حصل لها ولا ايه؟
نظروا الإثنين الى بعض بعدم فهم وخوف على ابنتهم فالحديث القادم يوحي بالخطر، لتكمل السيدة حديثها قائلة
= دي البنت مرميه في المستشفى يجي اكتر من أسبوعين واكتر، و محدش بيسال فيها
والمحروس جوزها هج ولا حد عارف له طريق.. بس اكيد هرب بعد عملته السوده ما هو الموضوع مش أنها اجهضت الجنين و بس ده انا سمعت انها شالت الرحم كمان
لتتذكر السيدة العجوزه حالتها البائسه وهي تضيف بعطف شديد عليها
= ده ابني والجيران شلناه من فوق منها بالعافيه وكانت خلاص خلصانه وبتموت بعد ما عدمها العافيه واديها علقه ترقدها اكتر من شهرين في المستشفى !!.
❈-❈-❈
رتبت هيئتها لتنظر لنفسها بالمرآه برضى ثم التفتت الي زوجها لتجده شارد الذهن،حمحمت بصوتها الناعم محاولة جذب انتباهه وبالفعل حدث، طالعها بنظره طويله لم تفهمها ليشيح عيناه عنها، لتقول متسائلة بقلق
= في حاجه مضيقاك
هز أيمن رأسه برفض وقال بهدوء
= لا يا ليان... مفيش حاجة
وقفت قبالته تفرك يداها و توردت وجنتيها وعيناها عالقة به تسأله
= طب حلو الفستان يا أيمن عليا ده تفصيل .
رمقها أيمن وهي تقف أمام المرآه حيث كانت تنظر لملامحها الهادئه الجميله ثم ابتسم لها يفحصها بعينيه قائلاً
= أنتٍ اللي بتحلي اللبس يا ليان، ده تفصيلك قصدي انتٍ اللي مفصله مش كده .. عشان كده شكله لايق عليكي و حلو
انشرح قلبها وهي تسمع إجابته وقد ظنت انه لم يعد يُبالي لها وانه ندم على قربة منها الأيام الفائته، اتسعت ابتسامة ليان تستمع لاطراءه المحبب لقلبها...فايمن أصبح حنون معها تلك الفتره بشده لكن يا ولها ان كان ذلك هدوء ما قبل العاصفة، تعلقت عيناه بتفاصيلها وهي تجذبه من ذراعه وقالت بنعومة
= طب يلا يا أيمن الغدا هيبرد
قادته نحو طاولة الطعام وكاد ان ينطق بشئ الا انها لم تعطي مجالاً له ليجلس أعلي المقعد وهي تدس بإحدى اللقمات بين شفتيه لتسأله بإبتسامة عريضة
= ايه رأيك... لسه اكلي بيعجبك
جنون كان يعرف انه أصابه من وراء تلك النظرات والاهتمام والتصرفات الزائد علي الحد؟ هو الجنون حد ذاته، فلم يعد يتحمل رؤيتها هكذا قريبه الى ذلك الحد على غير المعتاد منه.. قلبه يُصارع تلك المشاعر التي بدأت تتغير وتميل نحوها من جديد وقلبه كأن الأمر أصبح يُعجبه.
وضعت ليان لقمة وراء أخرى كانت تدسها بجوفه حتى اخذ يسعل وهو يردد بحذر
= كفايه يا ليان... خلاص مش قادر
أبتسمت بحب تمسح له الطعام العالق على طرف شفتيه بيدها وهي تردف برجاء غريب
= عجبك الاكل
اعتلى ثغره ابتسامة عريضة وهو يقول ساخرًا
= هو لو كنتي مدياني فرصه كنتي هتسمعي رأيي، لكن انتٍ بالطريقه دي هتفطسيني من كتر الأكل ومش هتلحقي تسمعي رايي .
وضعت يدها تحت وجنتها وضحكت بدلال وهي تعبث بخصلات شعرها هاتفة برقه
= طب قول انا سكت أهو، عجبك .
كانت كل مره تتحدث بإصرار غريب، ليفهم اخيرا الى ماذا تحاول الوصول بكلماتها تلك حيث يجيب عليها بنفس إجابته المعتاده سابقآ حينما كانت تساله عن رايه بطعامها كل مره رغم انها تعرف الاجابه، لكن كانت تشعرها بزهو بنفسها لذا أرادت سماعها ، تجمدت عيناه عليها محاولًا سبر أغوار عقله دومًا يفاجئ بتهوره وبالفعل تهور واجاب الإجابة التي كانت تنتظرها بلهفة
= مش الأكل اللي عاجبني وبس، و اللي عامله كمان عجباني .
ارتجف بدنها من قوة كلماته العذبة، كان يروي عطش قلبها بعباراته تلك لتشعر بسعادة لا توصف .
❈-❈-❈
حين أفاقت فريدة هذا الصباح كانت وحيدة بالغرفة كعادتها، بالتأكيد عائلتها ليس لديهم خبر أما عن حسام لا تعرف أين هو الآن! و والدته غادرت ببساطة تاركها محطمة خلفها وكأنها كومة من قذارة ابنها ، هل حقاً هذة العائلة الذى يطمئن أبيها لزواجها معهم ؟
جازفت بحياتها مقابل سمعه عائلتها وسمعتها المتبقيه مقابل ان تتنازل عن حقها وتتزوج بذلك الشخص الدني، لتتحل المشكله كما اخبرها واكد لها الجميع! وهل هي تلك الحياه الورديه التي اخبرها بها الجميع ؟
التقطت عيناها نحوه بطنها تتذكر حديث الطبيب بأن تم استئصال الرحم لتشعر لوهلة بإهتزاز طاقتها انتهت، كان يجب ان يخبرهم احد أن لكل إنسان طاقة للتحمل ويبدو أن طاقة فريدة نفذت تماماً .
كان طول الوقت يتعمد حسام لإخضاعها، فـا قوتها له تعنى تمرد لا يقبله بحكم عقليته التى تراها أقل منه لذا اراد يكسرها و يحطمها او بمعنى اصح يقضي عليها، كانت طول الوقت تتظاهر بالصلابة لكنها كانت محطمه ، و اكتشفت اكبر خطأ بحياتها هو أن تزوجت وهي بهذا الوضع المزرى، و بهذه الروح المشوهة .
رجفات اجفلتها لتعلم أنها فى مرحلة استيعاب قوتها مجدداً لقد كان استسلامها أكبر خطأ ارتكبته فى حق نفسها ، حسنا لن تعده لكن ستصحح تبعاته وبدأ صوتها يردد داخلها
لن تسمح لإحداهن بتشويها مجدداً .
لن تسمح لإحداهن بتحطيمها مجدداً .
لن تسمح لإحداهن بفرض سيطرته عليها و منعها من حقها .
و بدأت بصمت تفكر فى حياتها القادمة فبالتاكيد تلك الحرب لم تنتهي الى هنا؟ صحيح قد ضاع الكثير، لكن روحها تستحق أن تحارب من أجلها؟ فلمن ستحارب غير لنفسها كان ضمانها الوحيد بتلك الحياة بانها ستعيش براحه مؤقته مع طفلها الذي ذهب هو الاخر ضحيه هذا الزواج! لكن هل ستكمل حياتها هكذا؟ مع اشباه الرجال .. هل ستتحمل النظر إلى ملامحه البغيضة بعد أن أغتال شرفها بطريقه غير شرعيه! ومره ثانيه تحت سقف واحد ليتحول اغتصاب بالتراضي؟ هل ستتغاضى علي اهانتها بأبشع الطرق تعرضت لها؟ هل ستتحمل العيش معه بعد ان قتل طفلها وحرمها من الأمومة !.
فهل بعد كل ذلك يحمل المستقبل فرصة لها معآ؟ بالطبع لا هي كانت لا تريده من البداية فهل ستتقبلة بعد ما هدر ما تبقى منها دون رحمه، لكن بالتاكيد أسرتها والمجتمع لهم راي آخر؟ اذا ماذا عليها أن تفعل؟ هل تظل على هذا الاستسلام حتى يأتى عليها أكثر !! أم تحارب لأجل حياتها هى فقط !! ويكفي التكفير بالآخرين كما يفعلون.
رأت مقبض الباب يتحرك لتجد إنها الممرضة والطبيب قادمون لتغيير علي جرحها، لتتساءل الممرضة هذه المرة باستفهام
= هو محدش بيجي يزورك ليه؟ حتى حماتك من ساعه ما جت معاكي وانتٍ مغمى عليكي و ما جتش ثاني من بعدها، لو حافظه نمره حد من اهلك قولي نتصل بي ياجي
أجابت و عينيها تذرف دموعاً و القلب ينزف دماء
= اهلي! معنديش أهل أو مش فاضين لي.
عقدت حاجبيها بتعجب ولم تفهم عبارتها جيد لكن لم تتسائل مرة أخرى، ثم أمسكت فريدة يد الطبيب و قالت بدون تردد أو تفكير
= انا عاوزه تقرير باللي حصل لي سامعني؟ عاوزه تقرير يثبت ان انا اتعرضت للعنف من جوزي وبسببه فقدت ابني وشلت الرحم .
هز رأسه بتفهم و أجاب بهدوء
= حاضر أهدي واللي انتٍ عاوزاه هعمله ليكي
لتميل رأسها للخلف لتتساقط دموعها بمرارة ، لترى في نفس الوقت الباب مفتوحًا وظهرت عائلتها أخيرًا خلفه ، تبكي بحزن شديد على حالتها وتجري نحوها بمزيد من الأسف ، لكنهم فوجئوا بفريدة تبعد عنهم وجهها بجفاء كبير.
❈-❈-❈
في منزل زكريا، لملمت حسناء الملابس لتضعها فوق الفراش لتجلس وتبدأ في ترتيبها وعدلت من جلستها بوجه متهجم ثم نظرت إلى أولاها بالخارج لتجد يتشاجران علي الألعاب، لتصيح فيهم بصوت غاضباً
= انا قلت لك كام مره انت واختك سيب اللي في ايدك وروح شوف اللي وراك وذاكر ما كفايه لعب بقى تعبتوني .
كان أنس جالسًا بجانبها ممسكًا بلفافة في يده وأخذ يطويها بحذر شديد وجعلها قريبة من فمه ثم مسح نهايتها حتى تلتصق ببعضها البعض ، ليتحدث دون أن ينظر لها قائلا بحنق
= ما تهدي شويه يا حسناء وبطلي تطلعي غلبك في العيال ، لسه برده موضوع مهرة معصبك قلت لك من اول بلاش تروحيلها .. مش عارف اصلا كنتي عشمانه منين انها هتساعدنا بعد اللي عملنا فيها .
نظرت إليه بإمتعاض بسبب ما تفوه به ثم قالت بغيظ شديد
= ولا كنت عشمانه ولا كنت طايقاها اصلا، بس أهو على راي المثل لو ليك حاجه عند الكلب قل له يا سيدي.. وقلت لنفسي استحمليها و روحي كلميها مش هتخسري حاجه وفي الآخر ما نابنيش حاجه، لا والبنت كمان بقلها بيت وبتطردني منه! ماشي ما ليها حق تعمل اكتر من كده مش بقت صاحبه ملك بعد ما .. ما كانتش لاقية .
نظر لها بضيق وهو يرمقها بنظرات أكثر سخطاً ، وهتف بتحذير فيها
= ما تقصري في يومك بقى وقفلي على السيره دي، ولمي نفسك شويه عشان اللي انتٍ بتتكلمي عليها دي برده اختي
نظرت له بإزدراء ولوت شفتيها في سخرية و استهزاء وهي تردف بسخط
= وما فكرتش في أختك دي ليه؟ لما كنت بتفق معاك تتهمها بشرفها عشان تكسب من وراها فلوس؟ ولا هي اختك ساعات وساعات.
اضطرب أنس و ترك ما بيدة اثر حديثها، لتضيف هي بنبرة باردة وهي تعريه بحقيقته المخزية
= ما تعملهمش عليا يا انس انت كلب فلوس زيي بالظبط واكتر كمان، و الدليل اللي انت عملته انت وابوك بعتوا البنت و اول ما صدقتوا مسكتوا قرش ولا حد فيكم اصلا بيسال عليها ولا فكر عايشه مع الراجل ازاي في سنها ده؟ على الاقل انا اسمي غريب عنها مهما عملت .. لكن الدور والباقي عليكم انتوا اللي قرايبها ، عارف الفرق بيني وبينكم ايه؟؟ ان انا واضحه مش زيكم بتعامل من تحت لتحت في المدري ورسمه وش البراءة .
تنحنح بتوتر ووضع يده على رأسه ليمسحها ، ثم هتف بإرتباك يشوبه القلق
=وايه لازمته الكلام ده بقى طيارتي الدماغ اللي كنت عاملها، ما تشتري دماغك زي وتفكري لقدام الراجل ده لو مات البنت هتورث واحنا هنبقي أصحاب عز معاها .
أطلقت قهقهه بصوت دوي في الأرجاء، ثم مالت بجذعها عليه وأخبرته بصدمة بمثابة صفعة قوية قائلة بصوت أخترق روحه قبل مسامعه
= تورث ايه يا اخويا ضحكتني وانا ما ليش نفسي اضحك، لو انت ساكت كل ده ومكبر دماغك من الموضوع عشان مفكر نفسك أختك هتورث حاجه اذا الراجل ده مات؟ يبقى احب اقول لك بقى وافرحك ان حتى لو اجله جه قريب اختك مش هتورث ولا جنيه واحد عارف ليه؟, عشان الجواز عرفي مجرد حته ورقه ولا راحت ولا جت .
جحظت عين أنس بشدة وأوشكتا على الخروج من محجريهما وإكفهر وجه بطريقة مريبة وإزداد إنعقاد ما بين حاجبيه وهو يقول بصوت مرتبك
= انتٍ بتقولي إيه يا وليه ما هي مراته والعقد اتكتب على يد محامي يبقي ما تورث ليه؟
نظرت له بإزدراء وعنفته قائله بحنق
= هو انا اقول ثور يقولوا إحلبوه ، ما قالت اللي متجوزه عرفي ما بتورث افهم انا كان ليا واحده جارتي وحصل كده معاها وكانت مراته الثانيه كمان وراحت بقلب جامد يوم العزاء بعد ما مات وكانت مفكره نفسها ناصحه زيك كده و هتروث حاجه بس طردوها طرده الكلاب، حتى لما فكرت تلجأ لمحامي قالها مهما ترفع قضايا وتعمل مش هتطول حاجه .. لازم الجواز يكون شرعي وعلى يد مأذون عشان تورث .. يعني موت يا حمار .
ضرب أنس كف علي كف بحسرة وهو يردد بإحباط
= يا خيبتك الكبيره يا انس وانا اللي كنت حاطط في بطني بطيخه صيفي ومفكر نفسي لما البنت دي تورث هعرف اتحكم فيها واخد الورث منها، يلا كفايه علينا المرتب اللي زاد
تنهدت حسناء في يأس فردة فعل زوجها الضعيف غير مشجعة على الإطلاق، تنهدت بإحباط بتعابيرها المنزعجة
= عارف مشكلتك ايه يا أنس؟ أنك دايما ضعيف الحيله ومش عاوز تتعب علي الحاجه اللي عاوزها ولا بتفكر تشغل عقلك ده شويه وتشوف حل؟ لا على طول مكبر دماغك وعاوز كل حاجه تجيلك على الجهاز من غير تعب .
نفخ بإنزعــاج وأشـار لها بعينيه الحادتين وهو يصيح فيها مزمجرة
= يعني عاوزاني اعمل ايه؟ أروح أقتل الراجل عشان تخلصي مني ومنه .. بطلي تبكيتي فيا بقى كل شويه، ما لو كان في حل ما كنت عملته وخلصت ، هو انتٍ مفكره انتٍ الوحيده اللي مش راضيه عن حالك وعاجبني أوي الفقر اللي احنا.
ابتسمت بجانب فمها بسخرية قائلة بغيظ
= وهو قتله هيعمل لي ايه؟ ما قلنا لك ما فيهاش ورث بلا خيبه .
وفي ذلك الاثناء سمعوا صوت طفلتهما الصغيره وهي تهتف بالخارج بصوت عالي
= يا أمه مهره جت بره .
ضيقت حسناء عينيها في تفاجئ ثم سألت زوجها بتهكم
= و دي جت تعمل ايه هنا؟ نكونش وحشناها وجايه تزورنا .
هز رأسه أنس بعدم معرفة ونهض للخارج حتى يراها وكانت خلفه تتابعه زوجته، وعندما لمح حقيبتها معها تساءل على الفور بقلق
= خير يا مهره جايه في الوقت ده ليه لوحدك واية الشنطه دي ؟
أخفضت مهرة رأسها للأسفل لتضع حقيبتها الصغيرة ثم فركت أصابع كفيها المتشابكة في توتر ملحوظ و عضت على شفتيها بائسه وبنظرات حزينة ونبرة خافتة أجابته بمرارة
= انا عاوزه أطلق يا أنس، خلاص ما بقتش طايقه اعيش مع الراجل ده .. ارحموني يا ناس وطلقوني منه حتى ابني اللي في بطنه كرهته بسببه .
تسمرت حسناء لوهلة في مكانها من هــول ما سمعته، و سرعان ما اعتلى فمها إبتسامة عريضة بسرور وهي تقترب منها بحماس وسعادة
= ايه ده.. هو انتٍ حامل ؟. مبروك يا حبيبتي يتربى في عزك .. ربنا يقومك بالسلامه يا رب
راقب أنس رده فعل زوجته بأعين متسعة بذهول وحدجها بنظرات مطولة متفحص سعادتها الغير متوقعة، واردف بدهشة بصوت منخفض
= الوليه اتهبلت ولا ايه؟ ما كانت من شويه بتلعن في سلسبيل اللي جايبينها..و دلوقتي فرحانه وبتبارك ليها علي حملها .
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية بدون ضمان, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية