-->

رواية جديدة بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 19 - 2

 

 قراءة رواية بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية بدون ضمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


 الفصل التاسع عشر

الجزء الثاني


العودة للصفحة السابقة

❈-❈-❈



فى الصباح تسللت فريدة من منزلها كعادتها بمفردها دون أن يشعر أحد و صحبتها تسنيم إلي القسم وانتهى التحقيق بقرار النيابة إستدعاء حسام لأخذ أقواله فى اتهام زوجته ضده وإستدعاء من ذكر اسماء الجيران حيث كانوا معها شهودا لضربه إياها.. والذي تواصلت معهم تسنيم وفريدة واخبارتهم باحتياجها اليهم وبعضهم قد موافق ! وبعدها غادرت بصحبة تسنيم بعد أن أخبرتها بان الأمور ستكون الى صالحها هذه المره لكن يجب أن لا تتنازل هذه المره مهما حدث ؟ 


لان بالطبع سوف ستحدث مساومه كما حدث بالسابق، و أن الطلاق سيكون مقابل تنازلها عن البلاغ لكن فريدة اخبرتها برفضها التام عن ذلك الإقتراح .


وحيث أخبرتها تسنيم أيضا سوف ترفع قضيه الطلاق فيما بعد لكن عليها تتماسك هذه المرة جيد ، وهذا وحده سيكون كافي مادامت لا ترجو سوى إنهاء مهزلة حياتها تلك .


وبعد يومين تم إحضار حسام بالقوة من منزل والدته السابق! لتشعر فريدة براحه كبيرة و لأول مرة بعد فتره طويله تهلل وجهها فرحا لكن مازلت لم تحصل على ما تريدة منه.. وهو حقها . 


❈-❈-❈


على الجانب الأخر في شركه المحاماه بداخل الكافتيريا، حيث كانت تجلس تسنيم أمام سالم وتتحدث حول موضوع فريدة و قضيتها، رغم اعتراضه علي ذلك الحديث إلا أنه اضطر أن يرضخ مجبرًا لرغبتها مستمع لحديثها بعدم رضي، لكن هذا لم يمنعه عن التفكير في شيء أخر ! حتي تكون فرصة جيدة له هذه المرة؟  لعله هذه المرة ينجح في اعترافه لها .


تنهدت تسنيم بقوة وهي تقول بنبرة حزينة للغاية


= فريده صعبانه عليا أوي، الحمد لله انها فاقت ومش هتكمل في الجوازه دي! صحيح بعد خساره كبيره بس اهو البني ادم مننا كده لازم تحصل له حاجه عشان يبدا يتغير ويوقف استغلال غيره لي .. بس انا برده لسه مقلقه من اهلها وهم في النهايه عيلتها اللي ما لهاش غيرهم وخايفه تسمع لهم المره دي كمان وتتنازل ودي برده هتتحسبلها خساره ثالثه 


كأن سالم يجلس أمامها وهو يستمع إليها علي امتعاض، ثم مسح بلسانه على أسنانه ، ونفخ في ضيق فأردف بحنق


= تسنيم مش ملاحظه من ساعه ما قعدنا وانتٍ ما لكيش موضوع غير فريده والقضيه بتاعتها هنضيع كل القعده عليها ولا ايه؟ خلاص بقى هي مش عيله صغيره وعارفه مصلحتها فين  


نظرت له تسنيم بإستغراب ، وردت بجدية


=ايوه فيها ايه، مش فاهمه امال احنا قاعدين هنا ليه؟ مش عشان نتكلم عن الشغل


لوى فمه في ضيق ، وأردف متبرماً


= انا ما قلتش ان انا عاوزك عشان اتكلم في شغل انتٍ اللي فكرتي وقلتي كده وانا ابتسمت وسكت وانتٍ اعتقدت كده لكن انا جايبك هنا مش عشان نتكلم على شغل انا عاوزك في موضوع ثاني 


مطت فمها للأمـام وهي تقول بنبرة رسمية


= آه، لا انا اللي الظاهر الأمور اختلطت عندي و فكرتك عاوزني عشان نتكلم في الشغل، بس هو احنا في بينا كلام ثاني 


راقبتها أعين سالم ثواني ومع كل كلمه تخرج من ثغرها الناعم بقربه، وكانت أنفاسه تتسارع، وحماسه يزداد، ثم هز رأسه موافق وهو يردف بخفوت


= ان شاء الله هيبقى، آآ قصدي فاكره المره اللي فاتت لما قعدنا نتكلم علي موضوع الجواز وكل واحد وتفكيره ساعتها انا شرحتلك وجهه نظري بس مش كلها و انتٍ كنتي مستعجله وقمتي وسبتيني 


عقدت حاجبيها بتعجب من فتح ذلك الحديث مجدداً بينما أضاف بصوت متحمس وهو يشير بيده بتوتر فهو لم يشعر بمثل هذا الاضطراب المنفعل من قبل داخله


= تسنيم انا ما كانتش دي وجهه نظري اكيد اللي فهمتيها كلها اني انا عاوز اتجوز واحده تخلي بالها من بنتي وتخدمها وتكرس حياتها ليها كلها وبس .. اكيد طبعا عاوزها زوجه ليا كمان تلبي لي احتياجاتي وانا كمان اراعيها واخلي بالي منها .. وعلى رايك انا لو حبيتها واديتها اهتمامي هي كمان هتراعي بنتي من غير ما اطلب منها ، وكمان انا عندي بنت وحيده اكيد مش هظلم اللي هتجوزها معايا عشان ربنا يردهالي .


توهجت عيناي تسنيم بلمعان قوي وهنا بدأت تتوتر أكثر، وهي تسمع حديثه الدائر حول  موضوع واحد فقط وهي تخشية، تنهدت بعمق مقاومة تأثير ذلك عليها وبجدية هادئة استطرد حديثه قائلًا


= الفكره بس ان عشان هي بنتي الوحيده كانت مسيطرة عليا اكتر فكره ان حد يهتم بيها اكتر مني لكن انا في النهايه اكيد راجل وعاوز اهتمام انا كمان 


مطت شفتيها في إهتمام زائفة وهي تغمغم بإيجاز 


= طب تمام كويس انت بتحكيلي كل ده ليه؟ دلوقتي.. ايه لقيت العروسه و عاوزني اكلمها لك مثلا


رسم سالم إبتسامة رقيقة على ثغره وهو يتمتم بهدوء 


= بالظبط كده انا فعلا لقيتها وحاسس كمان اني مشاعري ابتديت تتحرك ليها انا كانت فكره الجواز مش في دماغي لحد ما شفتها وابتديت افكر في الموضوع من تاني بسببها 


حدجته بنظرات غير عابئة زائفة، بوجهها الشبه متجهم وهي تجيبه بغلظة


= طب مبروك ما تروح تفتحها وان شاء الله توافق وربنا يوفقك جي تقولي انا ليه ؟. 


تلاشت إبتسامته وهو يرد عليها بإحباط


= ايه يا تسنيم ما فهمتش؟ وكنتي بتقولي عليا ان انا اللي غبي ومتسرع طب ما انا قاعد بفتحها دلوقتي اهو ومستني رايها .. تسنيم تتجوزيني !. 


إتسعت مقلتي تسنيم في صدمة ، وفغرت فمها بذهول وهي تنطق 


= هــــاه.


كـادت دقات قلبها تصم أذنيها من فرط التوتر والخجل.. والصدمة! وعندما طـال صمتها وزاد قلقه أوشك صبره على النفاذ من سكوتها المريب بقرارات عجيبة تصدمه و للحظة ظن  ربما سترفض وستتعمد إحراجة لذا لم يشعر بجسده وهو يهب واقفًا بتلهف كبير وهمس بنبرة شبه متلعثمة 


= أكيد طبعاً مش هتردي على طول الامور دي محتاجه وقت تفكري فيه براحتك، و مهما كان ردك ايه؟ انا هسمعك وهفهمك وهتقبل قرارك .


❈-❈-❈


جاء زاهر إلي منزل زكريا ليأخذ مهرة بالطبع! وضعت مهرة كلتا يديها على رأسها في حيرة ، وضغطت عليها بشدة محاولاً الوصول لحل عاجل في تلك الكارثة.. بالتأكيد سيسمح لها والدها بالذهاب معه دون اعتراض ، وبعد ذلك ستعود معه إلى عذابها المستمر ، وهذه المرة ستتضاعف عقوبتها.


لتنهض فجاه و أقتربت من الباب بحذر و أسترقت السمع فوجدت أنس و والدها بالصالون يتجادلان مع زاهر في ما حدث و رحيلها من منزله، وحسناء بداخل المطبخ تصنع شئ للضيافة.. لتستغل تلك الفرصة و

وضعت حجابها أعلي رأسها لتسير ببطئ شديد حتي خرجت من المنزل هاربة .


أخذت تتلفت من حولها لا تعرف أين سوف تتجه أو ماذا تفعل، كانت كالشريدة و الضائعة، لكن جحيم الضياع بالنسبة إليها أكثر رحمة من جنة هذا الشيطان زاهر... وفي ثواني اخذت تركض تارة و تسير تارة أخري حتي وجدت نفسها في طريق خالي من المارة لا يوجد به سوي سيارات، وقفت علي الجانب تشير إلي كل سيارة بلهفه شديد تمر بالقرب منها لكن لم تتوقف ولا واحدة لها مع الأسف...


بينما في المنزل، إبتلع زكريا ريقه، و قال بصوت خائف محاوله الهروب من أمامه


= نورتنا يا زاهر باشا البيت نور بوجودك ده انت كثرتنا والله بزيارتك دي.. هعمل لك حالا القهوه المظبوطه بتاعتك عشان تعدل دماغك 


إحتقنت عيني زاهر أكثر ، وقـال بتذمــر وهو يتلفت حوله باحث عنها 


= انا مش جاي أضيف فين الهانم بنتك اللي سابت البيت من غير أذني؟ انا ما رضيتش اجي هنا اخدها علي طول رغم أني عرفت انها عندك وقلت اسيبها تتربى شويه، عشان مش انا اللي اجري ورا حرمه وادادي فيها .. ولو مش عارف تربيها كويس قول لي وانا 

اربيها لك 


كان أنس يجلس جانبهما وشعر بالقلق من ردوده المقتضبة وخاصة إن تعبيرات وجهه توحي بالإنزعاج فحاول رسم إبتسامة مجاملة

في حين هتف زكريا بتبرير بسرعه 


= والله يا باشا انا اتصدمت انها جت هنا وما كنتش اعرف ولما عرفت كنت هكسر عظمها لولا عرفت انها حامل و أنس حاشني عنها بالعافيه ، وحقك يا باشا تعمل ما بدلك فيها وتكسر رقبتها طالما قله ادبها وما بتسمعش كلامك 


ضيق عينيه بعنف ورمقه بنظرات متحدية وهو ينطق بصرامة


= طب طالما كده ما رجعتهاش ليه لما عرفت انها اللي غلطانه ولا مش قادر عليها؟ شكلك كبرت وخرفت يا زكريا، بس ملحوقه من اللحظه دي بنتك هتشوف مني أسوأ معامله ومش هيهمني انها حامل مني .. عشان مش علي اخر الزمن هتيجي بنتك وتكسر راسي قدام الخلق .


قطع حديثهم المشحــون صوت صراخ حسناء وهي تلجأ للغرفة بسرعه، ولطمت هي على صدرها وهي تصرخ بخوف 


= الحق يا انس اختك هربت وسابت البيت .


إنتظرت هي أن يتحرك أحد منهم ويحلق بها بعد كلماتها، لكن الصدمه جعلتهما ينظرون إليها في صمت وعدم استيعاب .. لتنظر إليهم بنظرات أكثر سخطاً وهي تضغط بقسوة على أسنانها قائلة بصوتها الصـارم 


= انتم هتقفوا تتفرجوا عليا انتوا الثلاثه اجروا بسرعه الحقوها زمانها ما بعدتش لسه خارجه دلوقتي من البيت، بسرعه وراها .


على الجانب الأخر بداخل سيارة أيمن كان هو ممسكاً بالمقود بيد واحدة ومسنداً يده الأخرى على طرف النافذة وينظر للطريق وللسيارات من حوله بنظرات غير مكترثة من خلف نظارته القاتمة..ثم نفخ بإنزعــاج من زحـام السيارات

وأدار المقود للجانب فجاه وضغط على دواسة البنزين وإنطلق بسرعة متخطياً السيارات المرورية في إتجـاه شارع جانبه أخري و الذي كان يبعد مسافة قريبة عن مكانه الحالي ...


لتظهر فجاءه أمامه تلك الفتاة وهي تركض بسرعه رهيبه وكأنها تتسابق مع أحدهم ، ليقود

أيمن السيارة على مهل محاولاً إعطاء الفرصة لتلك الفتاة لكي تسبقه.. ولكنها لم تستطع أن تضبط خطواتها فتعثرت وهي تحاول الركض وإلتفت ساقيها حول الأخرى وسقطت على الأرضية الترابية أمام سيارته وجبهتها انصدمت بطرف سيارته، وتغبرت عباءتها السوداء .. فصاحت بكلمات لم يفهمها جيداً لكنها كانت تطلب منه المساعدة وهي تشير بيدها و نظرت مهرة إليه بإرهـاق .... وفي الخلف كأن يركض خلفها أنس و زاهر في محاولة اللحاق بها .


ليهتف أيمن بنبرة هلعة وهو ينظر نحوها بقلق


= يادي النيله كملت! كنت ناقص أنا كمان اخبط حد بالعربيه .


❈-❈-❈


في المساء، بمنزل عابد كان يجلس فوق السفره وعلى يمينه زوجته وامامه ابنته فريدة التي كانت تتناول الطعام ببطء شديد وهي تفكر بما فعلته قبل أيام هل كانت خطوه جيده لها أم ستضرها فما بعد؟ لكن بما يفيد التفكير الآن فهي قد فعلتها وانتهى الأمر .. لكن تشعر بالقلق الشديد من رده فعل أسرتها عندما يعرفون ذلك .


إنتفضت بذعر فجاه وهي تسمع صوت طرقات فوق الباب شديده ، لتنهض خيرية بقلق وعندما فتحت وجدت ابنتها ريهام أمامها، 

نفخت بإنزعـاج وهي تتسائل بضيق


= في ايه يا بنت مالك بتخبطي كده ليه؟  بالراحه هتكسري الباب 


أزاحت والدتها من امامها وهي تدلف الى الداخل و بصوت هــادر وعينيها تلمعان من حمرة الغضب


= هي فين الهانم بنتك فين اللي فضحتنا وسط الخلق وخليت سيرتنا على كل لسان .. بقي انا عماله احاول اداري علي الموضوع عن جوزي انها رجعت وقاعده عندك عشان ما يعرفش حاجه واخرب عليا تيجي هي تخرب عليا وتنشر قصتها في الجرايد والاعلام وكمان حاطه اسمها بالكامل عشان اللي ما يعرفش يعرف ؟؟؟. 


انصدمت والدتها ثم نظرت لفريدة بنظرات ترغب تكذيبها إلي ما قالته أختها ريهام لكن لم تتحدث وتفعل ما تتمناه .. 


إنقبض قلب فريدة سريعاً وشاحبة وجهها ، وجسدها أصبح بارد للغاية.. بينما جحظ عيني عابد في صدمة ، وخفق قلبه بشدة وهو يردف بهتاف عالي


= الكلام ده صح يا فريدة ؟


إبتعلت ريقها ، وأجابته بصوت متقطع 


= ايوه تسنيم قالتلي القضيه اللي انا رفعتها على حسام محتاجه زقه من الصحافه عشان تتحكم فيها اسرع و انا اللي رحت للصحافه بنفسي وقلت لهم على كل اللي حصل !  


شهقت ريهام في صدمه،وصرخت بسخط قائلة


= قضيه ايه ومحكمه ايه هو انتٍ رفعتي قضية من ورانا كمان ؟. ما تتكلم يا بابا عاجبك اللي بنتك عملته ده؟ احنا عمالين نلم الفضيحه بالعافيه تروح هي تنشرها في الجرايد عشان كل الناس تعرف  


لوهلة عجز عن التفكير فيما سمعه، وكان على وشك الإنفجـار من الغضب بابنته فلم يتوقع فعلتها هذه مطلقاً، ليردف بعصبية معاتب اياها 


= واضح إني دلعتك زيادة لدرجة أنك عصتني لأول مرة اتكسف إنك بنتي ، مخك كان فين ها؟ مخك كان فين يا عاقلة يا راسية لما فكرتي تعملي عمله ذي دي .. رايحه تنشري قصتك في الجرايد وحطه اسمك بالكامل ، وكمان رفعتي القضيه من غير ما تبلغيني


رغم قسوة الكلمات لكنها أجابته بثبات ظاهر تخفي خلفه الكثير من الحسرة و الانكسار


= انا ما عملتش حاجه غلط عشان اتكسف منها وايه يعني لما الناس تعرف قد ايه اتظلمت من القريب قبل الغريب، انتوا ليه دايما مصرين تحاسبوني على غلطه انا ما ليش ذنب فيها، انا ما قلتش ان انا موافقه ان انا ارجعله وقلت لك ان انا المره دي مش هتنازل عن حقي تاني 


ركل السفرة بقدمه ليهتز الطعام فوقها وهو يصرخ بإهتياج


= شوف البنت برده مصممه انها ما غلطتش انتٍ عاوزه تجننيني، انتٍ مش مستوعبه اللي عملتيه .. بقي انا عمال احاول الم المصيبه عشانك وعشان الفضايح اللي هتطولك يبقى ده جزاتي في الاخر راحه تفضحي نفسك وتفضحينا معاكي


= انت مش عملت اللي عملته فيا عشان تسترني زي ما طول الوقت بتقول؟ انت عملت كل ده عشان انت جبان! وخفت تواجه الناس 


قالت ذلك دون ذرة من التفكير ، وحتى في أكثر الأوقات خطأ ، في وقت أشد نوباته عنفًا ، أن تعلن بكل قوتها أنه قرع طبول الحرب

بينهم بدأت. بين عائلتها التي من المفترض ان تساندها وليست تقف ضدها .


وهو لم يتردد لحظة واحدة في أن يصفعها وكأنت عينيه تطلق شرار، وهو يهوى بكفه على وجهها بعنف شديد وكأنت أول مرة يفعلها ويرفع يده علي واحدة من بناته، لتركض خيرية بفزع وخوف تحاول تخليص ابنتها الصغيرة من بين يديه ولكنه دفعها


= سبيني اعلمها الأدب قليله الربايه، مش كنتي عماله تقولي لي هي الناس هتعرف منين اللي حصل وهي عندنا ؟ اهي الهانم فضحتنا بنفسها عشان تبقي فضيحه على العلني بعد كده والكل يعرف 

  

تلقت صفعته بصدر رحب ولم يظهر عليها

علامات التألم، و نظرت إلي الجميع حولها  بتشوش وعقلها يتساءل؟ أين هي؟ من هم ؟ لماذا لا تشعر بألم ؟ وعلى ذکر الألم قد هوى جسدها أرضاً ومازلت ملامحها متحجرة لا تعلم ما بها وكيف أصبحت هكذا ؟ غير عابئة بأوجاع جسدها ولا بهم .. كل ما تفهمه أن احساسها بأبيها تغير تماماً خذلانه كان أشد قسوة من تعدى حسام عليها قولا وفعلا .

كان أشد ألما من كدمات بدنها وفي اكتر لحظات كم هى بحاجته !! تحتاج أن تلقى بكل ألمها بين ذراعيه حيث الأمان ينبعث لها فقط .


أطرقت خيرية رأسها في حزن وأكملت نحيبها وهي تهز رأسها بحركة خفيفة ثم إنتفضت مذعورة من مكانها حينما سمعت صوت عابد الهـادر وهو يصرخ عالياً 


= ولو خايفة على نفسك فعلا دلوقتي، امشي اطلعي برة .. برة البيت خالص! 


تنهدت في آسى وهي تتمتم قائلة بنشيج


= أنت بتطردني يا بابا؟


نظر إليها عابد بسخريه وقال بجمود


= دلوقتی بقیت بابا؟ وما كنتش ابوكي ولا فكرتي فيا وفي مستقبلي ولا مستقبل اختك وامك الغلبانه لما الناس كلها تعرف اللي حصل والفضايح دي.. بقي أنا عمال اداري على الموضوع من هنا وهنا وجوزتك عشان مستقبلك ومصلحتك والناس ما تفضلش فاكره ليكي حاجه زي كده وتعايرك فيها في يوم من الأيام تقومي انتٍ تفضحي نفسك بنفسك .. دلوقتي بقيت ابوكي وما فكرتيش فيا لما رحتي تتصرفي من ورايا ومن غير ما تشوريني ..؟!


لم تعد تتحمل المزيد، لتقول بعنف أشــد وهي تصرخ


= لانك مش حاسس بيا لا انت ولا ماما ولا اختي ولا اي حد ، مش حاسس باللي عيشته ولو قولتلك مليون مرة انا تعبت قد ايه وخلاص مش قادرة اكمل برضه مش عاوز تقتنع ، حتي لمی رجعت وانا مكسورة لتاني مرة؟ بدل ما تجيب لي حقي؟ وتكون عايز تاخد حقي من إللى اذاني لقيتك بتقول لي ربي زي ما انتٍ عاوزه هنا وخدي عليه ضمانات!!. انه مش هيعمل كده تاني ، بس ارجعيلي وما تطلقيش؟؟ ودخلتني في دوامه الطلاق والناس من تاني؟؟ هو انا ليه مكتوب عليا ان لازم افضل افكر في الناس اكثر ما بفكر في مستقبلي ونفسي !!. 


أقتربت منه تنظر داخل عينيه وقالت بدموع 


= ألاب المفروض يبقى سند لي اولاده و یحميهم وياخد حقهم من اللي بياذيوهم بدل المرة أتنين و تلاته صح ولا لاء يا.. يا بابا .. و فی الآخر تقولي اتنزلي عن حقوقك للمرة التانية وهو ده الصح؟ وانا ابوكي و عارف مصلحتك فين؟ ولمی طلبت مني اتنازل عن القضيه كانت هي دي مصلحتي.! انا اغتصبت وجوزتني لي! ضربني واهاني وسكت عشان لقيت نفسي ما ليش ضهر ولا سند! موت ابني و حرمني من الامومه وبرده بتقول لي ارجعيله..؟ هو انتوا ازاي اهلي وانت ابويا بجد .


نظر عابد لها شزراً وقال بجموح


= تمام مش انا بعد كل اللي عملته اب جاحد،  يبقى اسمعيني يا بنت انتٍ لو فضلتي مكمله في الطريق ده اعرفي انك هتخسرينا


احتدت نظراتها وهي تصر على رأيها مؤكدة

بقسوة شديدة اكتسبتها منهما


= لو كل الخساير زي خسارتكم فأنا متقبلها عادي، وأنتم أكثر خسارة أنا سعيدة بيها يا... يا استاذ عابد


ظل يحدق في ابنته وهو لا يدرك أنها ناديته باسمه الحقيقي وليس أبي؟ كأنها أرادت أن تصل إليه رسالة بذلك، وفي النهاية تغلب علي جموده وسطوة نفسه وهو يقول بجحود


= يبقى تطلعى برة و مالکیش مكان في البيت ده من النهارده طالما هتكسري كلامي و بتمشي بدماغك و عاوزه تفضحنا .. اتحركي يا ريهام وهاتيلها شنطه هدومها واديها لها طالما هي اللي اختارت 


تحركت ريهام ونفذت ما طلبه والدها منها دون اعتراض.. و أبتعدت فريدة عنه وهي ترمقه بنظرة بئس لم تتوقع هذا منه، ليس هذا الرجل والدها الذي أحبته تلك السنوات الماضية .. لكن هو خطاها دوماً لأنها تعتقد كل مرة أنه سيحميها ! لماذا صدقته هكذا؟ حتى تتعرض لتلك الصدمه الجديدة منهم كعادتها ؟ هؤلاء بالتأكد ليست عائلتها .. 


بعد دقائق .. وقفت وهي تنظر للباب الذي أغلق في وجهها بشدة و حقيبه ملابسها التي بجانبها ملقاة على الأرض بأهمال شديد تشبهها.. كانت لحظه إختيار حولتها من نجمه العائله.. ولحظه ثانيه حولتها إلي عار عائلتها .


لم تتوقع أبدا أنه يفعل بها هذا أو يطردها من منزلها؟ المنزل التي نشأت و تربت به منذ أن

كانت طفله صغيره عمرها يوم واحد، كان

هذا بيتها وهم عائلتها الحبيبه .. لكن اليوم  طردها والدها ومن أين؟ من منزله هو ولم يعد

منزلها بعد الان! ولا هم عائلتها !!. 


نزلت دموعها بكثرة وهي تونب نفسها ليتها لم تأتى وتعود إلى هنا منذ البدايه، ليتها لم تصدق حديثهم و أنه بتلك الطريقة سيحميها.


بينما في الداخل حاولت خيريه ان تلحق بها لكن أوقفها عابد الذي أقترب منها وهو يقول بغضب وبصوت حاد


= عندك يا خيرية، انتٍ راحه فين؟


أبعدت يديه وهي تقول بعنف 


= راحه اشوف بنتي إللى طردتها في نصاص

الليالي لوحدها لكلاب السكك تنهش فيها .. ازاي جالك قلب تعمل فيها كده وانت عارف انها ما لهاش مكان غيرنا 


جز على أسنانه بغضب ثم أمسك بها من ذراعيها ، وهزها بقوة وهو يقول بصراخ وتوعيد 


= اقسم بالله العظيم يا خيريه لو خرجتي من هنا ولا عرفت انك قابلتيها من غير اذني هتبقي طالق.. 


انصدمت خيريه من حلفانه بالطلاق عليها، لتقف أمامه عاجزه عن التصرف وهو تابع حديثه بحدة


= ما تقلقيش على بنتك لازم نبقى قاسيين عليها عشان ترجع عن اللي بتعمله، عمها تحت هيستقبلها في بيته، ما تقلقيش عليها زمانه سمع صوتنا اصلا ومش هيسيبها تمشي اكيد وانا هدخل أكلمه بنفسي أتأكد.. وانا عشان كده صممت انها تمشي و كلها كام يوم وهتلاقيها راجعه بعد ما تعرف ان الطريق اللي هي مشيت فيه غلط و خليها تتعاقب على الفضيحه اللي عملتها لينا في الصحافة .


تركها ورحل الى الداخل، بينما وقفت خيريه متردده هل تلحق ابنتها وتكسر حلفان زوجها ام تترك ابنتها بلا مأوى بالخارج و لا تعرف مصيرها؟ وعندما حاولت ان تفتح الباب مجدداً أوقفتها تلك المره ابنتها ريهام، عبست  بملامحها وضيقت عينيها وهي تقول بصوت ممتعض 


= ماما رايحه فين، بابا حلف بالطلاق انتٍ كمان هتخربي بيتك عشانها المرة دي مصيبتها اكبر بقول لك فضحتنا في الصحافة، والاعلام بكره هينشر قصتها كمان واذا كانت حطت اسمها بالكامل النهارده بكره صورتها كمان هتتحط .


بينما في الخارج .. 


شعرت بغصة في حلقها وهي تري نفسها ساكنة تماماً ، لا يصدر منها أي صوت سوى أنفاسها المتقطعة،و شعوره بالضعف و شعوره بالعجز يمتلكها ! لم تشعر بنفسها وهي تنهــار دامعاً لكن بماذا يفيد هذا الآن .. 


خطت بقدمها لـ تتهادى فجاه بجسدها لكن تمسكت بآخر لحظة ، لأن جسدها كان يعرف أنها في حروب دائمة بين قلبها وعقلها، ولأن قلبها جميل فكان نصيبه من الألم كبير، كانت تعتقد الناس جميعًا بقدر جمالها يسعدون و يمتلكون قلب طبية ، لكن وحدها كانت تشقی و كانت تجيد إخفاء الحزن ببراعة، وتجيد إخفاء ألم القلب الضعيف ببسالة، حتی عقلها لم يرحمها، وفي كل ليلة كانت ذكرياتها هي شريكها وصديقها الوفي، هي فتاة تعرف الحب بصدق، والحزن بصدق، والوفاء للذكريات بحُب، هي امرأة نقيه ولعل ذلك هو سبب تعاستها الأبدية.


اخذت حقيبتها وبدأت تتحرك بخطوات ثابتة! 

لكن من أين تأتي بهذا الثبات؟


لم يكن الأمر هين، لقد أتى بعد تحمل آلاف من طعنات الكلمات، ومئات من بشاعة التصرفات ، وعدد لا بأس به من الصدمات.. وبحر غرقتُ فيه من الدموع والآهات .. لقد صارت علي ما هي علية الآن كنتاج طبيعي لكل الضغط الذي مارسته عليها الحياة ، لقد نضجت فوصلت لحقيقة حتمية التخلص من كل الأحمال التي تهلكها لكي تنعم باتزانها .. لقد كانت في رحلة بحث عن نسخة منها تكون أكثر سعادة وإقبالا على الحياة ، ووجدتها حين نظرتُ في المرآة وتساءلت أهذا ما تستحقه ؟ فانتفضت بداخلها امرأة أخرى ترغب في أن تحيا بحق لا أن تتظاهر بالحياة ..


وقفت تتلفت حولها بقلق ، هى فعليا لا تملك مكان تلجأ إليه! أبيها ورفض ما قامت به وغضب عليها بقوة لدرجه انه طردها، ولم ينظر لحالتها التى تشابه حالتها حاليا.. وإن توجهت لأى من أقاربها ستكون نفس النتيجة بل أسوأ بالمزيد من الشماتة والتقريع .. وماذا عن أختها التي لم تدافع عنها بالداخل ؟؟ فإن كان هذا حال الأهل هكذا فكيف ستكون رده فعل أختها..و والدتها أيضا التي لم تلحق بها لتطمئن على وضعها ولم تفكر بأين ستذهب بعد أن طردها زوجها ؟ 


ضاق صدرها كمدا .. الأبواب تغلق بوجهها وهى لم تبدأ طريقها الوعر بعد .


يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية بدون ضمان, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة