رواية جديدة بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 16 - 2
قراءة رواية بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بدون ضمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل السادس عشر
الجزء الثاني
❈-❈-❈
تنفست مهرة بعمق لتحافظ على جمودها الزائف وهي تقف أمامه، ثم توجهت أنظارها نحو زاهر الذي كان يشمر يده وهو جالس فوق السفره ليبدأ يتذوق الطعم الذي احضرته إليه.. وكانت خائفة مما هي مقبلة عليه من اي غلطه تفتعلها بقصد او بدون قصد! حـتي لا تـنـال عقاب عسير منه، فهو بات يهددها دوماً بالضرب إن خالفت أوامره، ولا جدوى من الجدال معه إذا حاولت مهرة توضيح الأمور له من منظورها الشخصي، فهو ينفعل عليها دون تفكير ويطرحها ضرب مبرح .
كانت تراقب إياه بنظرات شمولية متوترة و رسمت تلك الابتسامة المصطنعة على ثغرها لتخفي ارتباكها الكبير، ثم انتفض جسدها قليلاً حينما رأت ملاح وجهه تهجمت فلم يكن على تلك الحالة قبل لحظات .
نفخ من الضيق وهو يبعد من أمامه الطعام بعنف شديد قائلاً بسخط
= ايه القرف ده! هو ده الاكل اللي طلبته منك الصبح قبل ما اروح الشغل، ده نصه محروق والباقي مملح .
وقفت مهرة في مكانها حـائرة وعينيها تفيضان من الدمع حسرة وإنكسـار من إهانته المستمرة لها كل يوم بحياتها معه، لتردف بخوف
= ما انا مش بعرف اطبخ الاكل اللي انت طلبته مني وانت ما اديتنيش فرصه اقول لك ومشيت على طول وسبتني .
صاح بغضب وهي يلكمها بصدرها بقوة، مهين إياها، و محدقة فيها بنظرات جافة
= وانا ذنبي إيه اني متجوز واحده فاشله زيك في كل حاجه؟ حتى حته اكله مش عارفه تعملهالي.. انا راجع من الشغل تعبان ومش قادر طول اليوم وعمال اشتغل بالساعات وبدل ما تريحيني .
جاهدت مهرة لتكتم أنين وجعها وقبل أن تتحدث مـال على أذنها ليهمس قائلاً بنبرة تشبه الفحيح وهو ينظر مباشرة في عينيها
بتحذير
= عارفه يا بنت الكلب لو قلتي كلمتين بتوع كل مره مش عارفه ولا فاهمه هعمل فيكي ايه؟؟ انا خلاص فاض بيا تعبت منك ومن عمايلك .. لما اطلبك مش عارفه ترضيني ازاي؟؟ و لما طلبت منك لقمه تعملهلي عشان اتقود بيها برده طلعتي مش عارفه حاجه؟؟ طب اتصرف انا معاكي ازاي؟ يا بنت ده انا تعبت من الضرب فيكي هو انتٍ جبله ما بتحسيش
هزت راسها عدة مرات وهي تجهش بالبكاء المرير بإنكســار وتابع حديثه ورمقها بتلك النظرات النارية هاتف بصوت خشن يحمل التهكم
= بطلب انا منك ايه صعب عشان تطلعي روحي كده، ما كل الستات بتعمل اللي انتٍ بتعمليه واكتر و إللي انا بطلبه منك كنتي بتعملي في بيت ابوكي .. ولا كنتي مفكره نفسك هتعيشي في عز وهجيبلك شغاله تخدمنا احنا الاتنين .. لا فوقي يا الـ** مش هتاجي تعملي عليا هانم
مسحت بأناملها الضعيفة عبراتها وهي تبكي بحسرة على حالها فما افتريته في حقها ليفعل شخص مثله أقل ما يوصف به أنه حيوان وليس بشر طبيعي هكذا معها، همست قائلة بإنكســار
= انا مش بعمل هانم ولا كنت عاوزه العيشه دي، ولسه مش عاوزاها؟؟ ابوس ايدك طلقني ورجعني بيت ابويا احسن انت معاك حق انا مش نافعه في حاجه ولا فاهمه المسؤوليه اللي عليا ولسه مفكره نفسي عيله صغيره ومش هنفعك في حاجه.. بس رجعني بيت أبويا .
أمسك زاهر بمعصمها وضغط عليه بقسوة جعلها تتأوه من الآلم وصاح بعصبية واضحة
= اكتمي يا بنت ما فيش مروح بيت ابوكي! عاوزه الناس تقول عليا ايه لما اطلقك بعد شهر ونص جواز ما قدرتش عليكي ولا ما عرفتش معاكي !!.
إحتقن جسدها غضباً من كلماته المستفزة ، و لكنها أثرت الصمت، وأغمضت عينيها بيأس وحسرة ثم قربها وقبل ثغرها بطريقة اشمئزت هي منها ثم أبتعد و نظر لها بحدة وهو يضيف بنبرة تحمل التهديد
= انسي حكايه طلاقك دي خالص الا لما يجيلي مزاج وازهق منك! غير كده انتٍ مصيرك خلاص بقى معايا انا وبس .
أطلقت لنفسها العنان لتخرج ما في صدرها خلال بكائها المريرة... ثم جرجرت ساقيها المرهقتين وســارت مبتعدة عنه .
❈-❈-❈
فتح أيمن باب المنزل متوجهًا نحو الصالة متجنبًا حتى النظر إليها، أحزنها ذلك كثيرًا لتغلق الباب خلفها واقتربت منه وتساءلت بأعين تحبس العبرات بداخلها بصعوبة هاتفه
= احضرلك العشا يا أيمن؟! إنت مكالتش حاجة في الخروجه، مش معقول هتنام جعان ثواني ويكون العشا عندك
قال بعصبية ألجمتها وهو يرمقها بنظراته القوية
= مش عاوز!
زفـرت في إنزعــاج ومطت شفتيها وهي تجيبه بضيق
= طب.. انت هتعمل فيها زعلان ومقموص على ايه وانت اصلا اللي غلطان المره دي وانا ولله ما شفت الراجل ده !
تحفزت حواس أيمن بضيق ملحوظ لمجرد ذكرها لذلك الموقف، ولم يستطع إخفاء انزعاجه من الحديث عنه فقال بلهجة أمر
= قفلي على السيرة دي خالص، سامعة
أشاح بوجهه للجانب متشنج مجدداً وظلت تلك الرجفة القوية تعتريها من ذلك الخصام الذي يطال طول الوقت بينهما، وردت بحذر وهي تبتلع ريقها
= زي ما تحب، انا هروح اجهز الاكل
نظر لها أيمن شزراً وصرخ بصرامة جادة
=يووه، ما قولتلك مش عاوز! يعني أسيب البيت وأمشي عشان ترتاحي!
سـارت من أمامه وهي عابسة الوجه ، وأردفت بتجهم
= خلاص انت حر انا استاهل اني قلبي عليك ومش عاوزك تنام من غير عشا .. براحتك!
لتقف قبالته بوهن وهزت رأسها بضيق منه والانفعال الغير مبرر، مجرد موقف ميؤوس منه مسيطر عليه جعله رافضًا الاستماع إليها، انسابت عبراتها أمامه بعد صده لها وعدم تصدقها، هي حزنت كثيرًا لطريقته الجافة معها و شكه بها دوماً حتي ولو كأن دون دليل، وأصابها جفاؤه المؤلم بإحباط قوي، أولته ظهرها لتتحرك بخطوات متخاذلة نحو غرفتها تغير ثيابها ثم سارت للمطبخ.
بينما ظل مكانه شاعر بالضيق لحدته معها رغم اجتهاده لضبط أعصابه، لكنه بحاجة لبعض الوقت ليتجاوز فقط المسألة، اعتصر قلبه ألمًا لرؤيتها تبكي، وما زاد من تأنيب ضميره أنه المتسبب في ذلك هذه المرة لان كما راى نظرات الآخر لها بإعجاب وقح! راى ايضا تجاهلها وهي بالفعل لم تفعل اي شيء تثير الشكوك نحوها.. لكن لا يعرف ماذا يفعل بذلك الإحساس الذي يتروضه دائما ويجعله يتغلب على عقله دون التفكير بالامر للحظة ويتهور باعصابة وتنفلت بسبب ذلك الشعور وهو .. الـشـك .
وفي خلال ريع ساعة استمعت ليان الى صوت بداخل غرفتهم، لتتحرك تجاه الغرفة وعندما دخلت بقلق تفاجات بـ أيمن يقف بمنتصف الغرفة و يقطع فستانها الذي كانت ترتديه في خروجها معه، شهقت مصدومة وتوترت أنفاسها، نظرت إليه بأعين قلقة للغاية، حاولت أن تظهر له رفضها لما ينتوي فعله لكنه ملامحه القاتمه جعلتها تصمت أفضل .
بينما كان يشعر هو بإنتشـاء عجيب وهو يرى الفستان أصبح غير صالح للارتداء وكأنه إنتصاره قد تحقق وشعر بأن الغضب داخله تحول الى رماد بسبب فعلته تلك، فلم يراها أحد بذلك الفستان بعد ذلك وبالاخص ذلك الشخص الوقح! نصب عينيه عليها بشراسة قائلا بإنفعال
= اياكي تحاولي تجيبي واحد زيه ثاني و عارفه لو شفتك لابسه الفستان ده تاني؟ هقطعهلك برضه.. عشان ابن الـ** كانت عينه هتطلع علي جسمك اللي مجسم بسبب الفستان ده، انا مش عارف ازاي فضلت ماسك نفسي وما قمتش وضربته قدام الناس كلها و خليته عبره لاي واحد زيه .. بس يا ويلو بس لو لمحته في حته تاني
نظرت له بعدم تصديق وهي تعض على شفتها السفلى بعبث بصمت، نفخ بإنزعــاج وهو يأمرها
= بأقولك ايه، بلاش البصات دي انا مش مجنون قدامك .. واقول لك يلا روحي جهزي العشا انا جعت .
نفخت ليان بضيق واضح وهي تعقد ساعديها أمام صدرها
= لا، لا سمح الله انا اللي مجنونه، خلاص مش طلعت غيظك في الفستان اتفضل عشان تاكل انا جهزتلك العشا برة أصلا !
مسح بلسانه على أسنانه ونفخ في ضيق فأردف بحنق
= مش ناويه تبطلي برده تنفذي اللي في دماغك حتى لو قلت لك لأ؟ هو انتٍ مش سالتيني مرتين! وقلتلك مش عاوز اكل بتجهزي الأكل من نفسك ليه دلوقتي؟
نظرت اليه عدة ثواني معدودة قبل أن
تطلق العنان لتخرج ما في صدرها وصاحت بحرقــة وهي تصرخ بإنفعال
= لا حول ولا قوه الا بالله، هو انت عاوز ايه دلوقتي؟ عشان انا خلاص جبت اخري منك لويت بوزك ومش عاوز تروح معايا المشوار وقلت ماشي وفضلت اتحايل عليك ولما وربنا هداك و وافقت! نكدت عليا واحنا رايحين بكلامك! وحاولت طول الطريق اسكت وما افتحش بقٍ تاني معاك ..وفاجاه خليتنا نمشي من غير ما اعرف في ايه ولما سالتك واحنا مروحين بالعربيه قلتلي ان في واحد كان عمال يعاكسك بنظراته واتهمتني ان انا السبب في كده؟ وفضلت تلقح عليا بالكلام وتتعصب عليا اكتر من غير سبب ..
كان ينظر لها بوجـه خالي من التعبيرات، و تنهدت في إنهـاك ثم تابعت بإهتياج
= وحتى لما جيت هنا ودلوقتي مش ساكت.. وكل ده وانا عماله احاول أكلمك و اتفادى عصبيتك واطنش كلامك الجارح.. لحد ما خلاص انا كمان جبت اخري منك وتعبت ! انت عاوز ايه عشان ترتاح وتريحني قول لي وفــهـمـني عـــاوز ايـــــه ؟
انتهت من الصياح بعد أن أخرجت ما بداخلها حاليا، ولم يعطها الفرصة للاكمال او الرد عليها بل طوق خصرها بذراعيه وهو ينحني عليها ليقبلها بشغف !! لم يظهر أي مقاومة معه، بل تجاوبت مع كل ما يقدمه لها بتلك اللحظة من أحاسيس فياضة جعلت جسدها يندمج أكثر مع حبه الجارف، لم تفارق شفتيه بشفتيها ..
و تحرك يدة نازعًا قميصه عنه، ثم طالعها بنظرات مليئة بالرغبة ألهبت حواسه بقوة .
فأثارت رغبته فيها، وبالطبع لم تمر الثانية التالية إلا وكان في أحضانها يدفعها و بخبرها بماذا يريد حقا؟ وهو ليس إلا و الأمان و إخماد غيرته! و الضمان لتلك العلاقة .. و خلال لحظات إلا وتبخرت أعصابه الغاضبة قبل أن تفلت منه وتنهار حصونه أمام عشقها المهلك .
❈-❈-❈
بعد مرور يومين .
في شركه المحاماة، كانت تسنيم تقف أمام المصعد في انتظار هبوطه وفي نفس الوقت دلف سالم من باب الشركه وعندما راها اقترب منها، و وجه أنظاره نحوها مرددًا
= مساء الخير يا تسنيم اخبارك ايه، عملتي ايه في المحكمه .
نظرت له بهدوء وهي تجيب بارهاق
= مساء النور، كان يوم مرهق أوي وبعض القضايا اتاجلت
هز رأسه بصمت ثم ساد صمت حذر بينهما، لم تحاول فيه تسنيم كسره، واكتفت بالتحديق في أي شيء إلا هو، لكنها استشعرت بنظراته المسلطة عليها لتنظر إليه ببطء ليشعر بالحرج فاستطرد حديثه هاتفًا بصوت متردد
= تسنيم هو مين أيمن ده؟ ويقربلك ايه ؟ انا مش قصدي حاجه بس خدت بالي من الإسم ده ذكرتي كتير .
استغربت من سؤالة الغريب، و لم تتمكن من رفض الرد فابتسمت قائلة
= أيمن ده يبقى أخويا .
شعر بالارتياح دون فهم ذلك الشعور، ثم
تنحنح سالم بصوت خافت قبل أن يتسائل باندفاع
= وهو نفسه اللي شالك يوم ما كانت رجلك مكسوره من قدام بيتك
عقدت حاجبيها بتعجب ثم عاودت التحديق في وجهه بأعين متسعة، لاحظ اندهاشها لكنه أصر علي توضيح ذلك الأمر ايضا، و بابتسامة مهذبة إجابته
= صح هو نفسه، بس انت عرفت ازاي الموضوع ده ؟
أدار رأسه في عكس إتجاهها ليجيبها بتوتر قليل
= هاه ، اصل انا اليوم ده كنت جايه لك عشان اتكلم معاكي واصلح الموقف بتاع سرقه الملف بس لما شفتك خارجه مشيت .. بس شكلكم قريبين من بعض أوي
ردت عليه تسنيم موضحة
= ايوه ده أخويا التوأم وما ليش غيره اصل بابا وماما اتوفوا بدري وما ليش اخوات غيره
عشان كده تلاقينا قريبين مع بعض أوي .. انت لو كنت دققت في الشبه ما بينا كنت هتعرف على طول أن إحنا أخوات
حدق في عينيها مباشرة، وهو يتنهد بتنهيدة عميقة وبدأ سالم مهتمًا بمعرفة المزيد عنها لذا تحدث عن نفسه بنبرة ذات مغزى
= مممم أنا كمان أبويا وأمي اتوفوا بدري و مراتي كمان ماتت وهي بتولد، ومليش الا بنتي ليلي، ولا هي كمان ليها اخوات عشان كده احنا كمان الاثنين قريبين من بعض جدآ، وانا من ناحيه تانيه حبيت اعوضها عن كل حاجه بالقرب ده
تفاجأت بموت زوجته، فلم يسبق لها أن سألته عن أي شيء يخصه واليوم هي اكتشفت عنه القليل، و ردت بخبث وابتسامتها لم تفارق شفتيها
= شكلك بتحبها اوي ربنا يخليها لك، وبعدين متهيالي مش بينك دي برده اللي بسببها خليتني اطلع اودي الملف عشان تروح تشوفها
نظر لها بابتسامة متسعة وهو يمازحها قائلاً
بمرح أذاب أي حواجز بينهما
= ايوه هي يا لمضه، ده انتٍ قلبك اسود أوي وبعدين ما انتٍ اخذتي حقك مني تالت ومتلت وعملتلك كل اللي انتٍ عاوزاه .
التفتت برأسها حيث يقف وردت ضاحكة
= والله ما قصدي بهزر انا خلاص نسيت الموضوع والدليل على كده ان رجعت أشتغل هنا تاني.. لو كنت لسه ما اتخطيتش الموضوع كنت هتلاقيني قدمت استقلتي زي ما قلت لك المره اللي فاتت.. بس حاولت ابص للموضوع من منظور تاني؟ و ان اي حد مكانك كان هيشك فيا طبيعي انا اول واحده
فرك سالم رأسه متسائلاً باهتمام
= شكلك مش بتسامحي بسهوله في اللي بيغلط فيكي، بس نوعيه الناس اللي زيك بتتعب في الدنيا كتير عشان ما حدش فينا ملاك وكلنا بنغلط .
تجمدت أنظاره على أعين تسنيم حينما أجابت هي هامسة
= صح كلنا بنغلط بس غلط عن غلط بيفرق! و بالذات لما يكون حد قريب منك وبتحبه يغلط فيك؟ ساعتها زعلك منه مش بيكون على غلطه! لا بيكون على قد محبتك لي !
لم يتحدث واكتفى بالإيماء برأسه متفهمًا، و هي أدارت راسها بالنظر أمامها و شرد بالنظر لها دون وعي! عمدت هي قدر المستطاع على عدم الالتفات نحوه مرة أخرى، فاستغل سالم الفرصة لتأملها على راحته، حيث كانت أكثر حيوية عن وجودها سابقة فمن الواضح اتهامه بالسرقه لها أصابها بحاله نفسيه سيئه وهو المتسبب في ذلك بالتأكيد، لكن أحدث ظهورها في حياته فارقًا ملحوظًا معه وهو لا يستطيع إنكار ذلك رغم انه يجهل السبب، فلم يتوقع ان يكون مهتم الى شخص بذلك الإهتمام التي حصلت عليه واصر ان يتأسف لها ويصلح الموقف وبذل كل جهده حتي تقبل اعتذرة ، رغم شروطها التي كانت لم تعجبه في البدايه.. لكن مع ذلك لم يستطيع الإعتراض !!.
هبط المصعد أخيرا و تحرك بعض الموظفين الذي كانوا بالخلف ينتظرون إياه، بينما هو لم ينتبه إليه حيث طال النظر لها، فإنتبهت هي له و بدأت تشعر بتلك النظرات المهتمه منه، فتشنجت تعبيرات وجهها، وقالت موضحًا بحرج
= عن اذنك انا هطلع بقي الاسانسير مع زمايلي .
لم تنتظر رده ثم تركته بمفرده وإنصرفت داخل المصعد تحت أنظارة المتراقبة لها .
❈-❈-❈
في منزل زاهر مر يوم مهرة في رتيبا بين أعمال المنزل التي لا تنتهى، و الطعام الذي يصر زاهر علي أن تتعلمه ويرفض أن يأتي بسيدة تساعدها بأعمال المنزل كعقاب لها علي رفضها لعلاقتهما التي مازالت لم يستوعبها عقلها.. وقفت بالمطبخ تتم تنظيفه هو الآخر وبدأت تشعر بالتعب الشديد و الإجهاد لكن تحملت علي نفسها حتي تتفادى غضب زوجها المتهور حين يعود ويراها لم تنتهي بعد .
وبعد ساعتين قد انتهت من تحضير الطعام له والتي حرصت هذه المرة أن تصنعة بجهد أكثر دون اخطاء حتي لا تنال عقاب عسير منه كعادتها .. ثم خرجت لترتاح فوق الأريكة بالصالة و غفت مهرة في مكانها واستسلمت لبوادر النـوم من شدة الإرهـاق والإجهاد المتواصـل ، وقلة الطعـام بسبب نفسيتها السيئة ومن سبب أخر ليست على علم به بعد .. !!؟.
لكن خلال دقائق إنتفضت من مكانها أثر صوت جرس الباب، لتنهض مهرة بخمول لتري من وعندما فتحت ! حل الوجوم على وجهها وتبدلت تعابيرها للانزعاج، ونظرت لها مرددًا بتجهم
= حسناء !
لوت حسناء ثغرها ببسمة ساخراً وهي تتساءل باهتمام
= ايه يا اخت جوزي مش هتدخليني و تضيفيني في بيتك ولا خلاص من لقى أحبابه نسى أصحابه
عبست قليلاً بوجهها وهي تبتعد بمسافة عن الباب تسمح لها بالدخول بينما دلفت حسناء علي الفور وأغلقت خلفها وهي متأملاً أولا ملامح مهرة المنهمكة والشاحبة لكن لم تهتم لذلك كثيرة ثم مررت إنظارها فيما ترتديه ببطء على ثوبها الكريمي بنظرات لامعة بالحقد ثم بدأت بالنظر باهتمام بالغ في أرجاء المنزل الواسع بصدمه كبيرة، لتهتف بنبرة حاقدة
=ايش ايش، كل دي شقه عايشه فيها لوحدك انتٍ وجوزك، شكلها كده من وسعها دول شقتين في بعض مش كده .. دي الاوضه منها تيجي قد بيتنا
كزت مهرة على أسنانها بغضب كاتمة في صدرها ضيقها منها لكن عكست تعبيرات وجهها و حل الاستنكار والغضب الذي تناثر بداخل حسناء وهي تتسائل بضيق
= مالك ساكته يا اختي وبتبصيلي كده ليه؟ مش هحسدك عيني مش وحشه ما تخافيش.. بس شكلها بتاخد معاكي ترويق كثير ولا صحيح هو زاهر باشا هيسيبك تروقي تلاقيه بيجيبلك واحدة تساعدك .. حسره عليا.
حدقت مهرة أمامها مردده بجمود
= نعم خير عاوزه ايه؟ خشي في الموضوع على طول يا حسناء وما تعمليش فيها قلبك عليا وجايه تطمني على احوالي لانك اخر واحده ممكن اصدق ان قلبها يحن عليا في يوم هو انتٍ
ردت حسناء بابتسامة عريضة قائله
= ناصحه وبتفهميها وهي طايره، طب بصي يا حبيبتي كده على الدغري وبدون لف ودوران
عاوزاكٍ تكلمي جوزك يشوفلنا شقه من العماير اللي عنده نسكن فيها بدل الثلاث اوض اللي عايشين فيها انا واخوكي وابوكي واخواتك و ولادي الخمسة .. انا عارفه انك اصيله يا مهره واكيد مش هتنسينا .. مش كده؟
أغمضت عينيها لتضبط انفعالاتها وتحافظ على هدوئها الزائف طوال حديثها المزعج لكن وجهها تشنج أكثر عندما هتفت
= اه انا دلوقتي بدأت افهم !!. يعني انتم بيعتوني انتٍ واخويا وابويا أللي يعتبر كمان شريك معاكم عشان تجوزوني وانتم تأخذوا فلوس وشقه وشغل وانا مش مهم ولا حد فكر فيا .. بس تعرفي مش مصدومه فيكم اللي زيكم يعمل اكتر من كده وبالذات انتٍ!!
نظرت حسناء لها بغرابة متعجبًا من تبدل حالها، وقبل أن تحرك شفتيها وتلوع بالحديث معها وتنفي ما قالته لكن تابعت مهرة هاتفة بصياح و قلبها خفق بقوة، وبدأت العبرات محبوسة في مقلتيها تسقط بمرارة
= بس عارفة ايه الحاجه اللي مش قادره استوعبها لحد دلوقتي ولا فاهمها ان ازاي اخويا يطوعك ويتهمني بشرفي واني كنت على علاقه بواحد عشان بس يدخل في دماغ ابويا ناحيتي إني مش كويسه، عشان يوافق يجوزني .. حسبي الله ونعم الوكيل فيكم فوت امري لله منكم .. وبلاش تاخدي بالمظاهر انتٍ مش عارفه انا بشوف ايه هنا؟ و لو حصل لك مش هتستحملي ربعة ..
تابعتها حسناء بأعين متوهجة للغاية متعجبة مما حل بها من عصيبه غير مبررة.. ثم نظرت لها مطولاً بحنق، و استشعرت من نظرات مهرة عصبية جمة رغم أن تصرفاتها معها كانت حذرة لكن مهرة لم تتحمل أنانية الجميع! فالكل يبحث عن راحته ومصلحته، دون ان يفكر بها أحد للحظه واحده؟ الجميع يتعاملون معها وكانها قطعه جماد للبيع والربح من خلفها وكسب المال.. وليس بشر مثلهم ولديها مشاعر واحساس ولم يتساءل احد منهم عن ماذا تريد بيوم؟ دائما التفكير بنفسهم فقط؟ اذا كانت حسناء ..ام اخيها ..ام والدها ..ام زاهر !.
كفكفت مهرة عبراتها بظهر كفها هاتفًة بإنفعال شديد
= يلا يا حسناء اطلعي بره ومش عاوزه اشوف وشك مش بعتوني خلاص وما بقتش فارقه معاكوا انتم كمان مش فارقين معايا .. ومش هساعد حد منكم في اي حاجه ولا عاوزه منكوا حاجه! غير انكم تسيبوني في حالي وتبعدوا عني .. ارحموني بقى وسيبوني في حالي .. يـــــلا بــــرة !!.
لم تنتظر ردها بل اقتربت مهرة وبدأت تدفع جسد حسناء بغضب شديد وقوه من قهرتها من الجميع لترحل، بينما الأخرى لم تجد اي فائده للحديث معها وخصوصا وهي بتلك الحاله...!! أبعدت حسناء يديها بحدة عنها و أطلقت سبة خافتة باسمها قبل أن تتركها وتنصرف مبتعدة وهي داخلها يغلي من الغيظ والحقد عليها، ومن فشل خطتها للمرة الثانية فكانت تعتقد بان تلك الطفلة ما زالت ساذجه وعندما تتحدث معها وتطلب منها مساعدتها سوف توافق على الفور وتقنع زوجها بطلبها .
❈-❈-❈
وجه حسام نظره بالمنزل بأكمله و هو يبحث عن فريده فكان بالخارج وعندما عاد تفاجا بالمنزل فارغ وهي غير موجوده، تعب من البحث عنها بالشقة وعندما فكر ان يحادثها عن طريق الهاتف تذكر بأنه نمره هاتفها ليس معه.. وعندما لم يجد شيئا يفعلة جلس على الأريكة في انتظار عودة زوجته المصونه التي خرجت دون اذنه!!.
الوقت طال وأصبح وجه كتلة نارية مشتعلة.. كان بركانه الثائر يتأجج بداخله وهو يفكر إين ستكون ذهبت؟ وكيف تستهين به ولا تخبره بمكانها؟ تنهد بغضب شديد فالى متى ستظل تعاملة هذه الفتاه بتلك الطريقه المهينة و تتجاهل صفته لديها بانه زوجها ولديه حقوق عليها.. ويجب ان تستمع اليه رغم عنها.
ظل مكانه بانتظارها حتى أخيرا عادت، إستدار نحوها بسرعه مبدية تحفزه لسؤاله الغامض وهو يقول بصرامة
= كنتي فين يا بنت انتٍ؟ انا جاي من بره بقيلي ساعه وقاعد لوحدي وما لقيتكيش في البيت وفضلت مستنيكي
انزعجت من أسلوب شبيه الرجال هذا معها، فيكفي أنه دائما يذاقها العذاب والذل وتجرعت على يده ألوانًا مختلفة من المهانة والإذلال حتى قسى قلبها وأصابه الحقد والغل تجاة، أفاقت من شرودها المؤقت مرددة بامتعاض عابس
= وانت ليه قاعد لوحدك ما تروح تشتغل زي اي راجل ومسؤول عن بيته ..
لتضيف بنبرة حادة مقصودة إهانته مثل ما يفعل فهو لم يعبأ يومًا بمشاعرها ولا برغباتها، فقتل فيها كل شيء وتحولت إلى ما هي عليه، وما عزز من ذلك جحود عائلتها وشراسه المجتمع معها
= انا ملاحظه صحيح من ساعه ما اتجوزنا ولا شفتك بتنزل شغل ولا حاجه هي مش والدتك برده لما جت تطلبني قالت ان انت بتشتغل وعندك محل بقاله فين ده .. ولا دي كانت اشتغاله منها؟ وناوي بقى تفضل معتمد على فلوس امك كده كتير
صدم مما قالته و أسود وجه بتشنج ونظراته النـارية كانت توشك على الفتك بها، فصاح بقوة
= وانتٍ مال اهلك مش اللي عاوزه بيجيلك دخلك ايه اشتغل ولا ما اشتغلش، وبعدين ما تغيريش الموضوع كنتي فين كل ده بره وازاي تخرجي من ورايا ومن غير ما تستاذني مني؟ هو انا مش نبهت عليكي ما تنزليش من البيت
لم تدرك هي حجم الغضب المستعر بداخله ، فاقتربت منه قائلة بعدم مبالاة
= بطل صداع في علاج كانت كاتبهلي الدكتوره و خلص والست والدتك عقبال ما بتصل بيها وتفضي بتاخد وقت.. وانت وجودك زي قلته ولا بستفيد منك بحاجه ولو كنت قلت لك كنت هتكبر دماغك مني .. عشان كده نزلت اشتريته أنا .
صـرخ فيها بصوت صـارم وهو جاحظ العينين
= والمفروض انا بقى اصدق الاسطوانه الحمضانه بتاعتك دي؟ عشان لو كلامك صح ما في اتنين صيدليه تحت البيت وكنت وانا طالع هاخد بالي منك ولا حتى انتٍ هترجعي على طول قبل مني
نظرت له ببرود وهي تجيبه بنبرة فاترة
= ما كانش عندهم العلاج ده عشان كده رحت لي صيدليه تانيه، عاوز تصدق مش تصدق مش مشكلتي، و اتفضل وسع بقي من قدامي أنا مش فايقه ليك
ضرب بيده المتكورة بعصبية على كتفها وصرخ من بين شفتيه بغل محتد
= ليه يا روح امك قوليلك عليا مركب قرون انتٍ كنتي فين يا بنت؟ شكلك كنتي بتقابلي خطيبك القديم من ورايا ولا في واحد ثاني اصلا؟ انا اساسا شاكك فيكي من الاول أنك كنتي مدوراها قبل ما تعرفيني ومش بعيد اما صدقتي واحد زيي لبسك بدل خطيبك اللي سابك بعد ما شاف حاجه انا لسه ما اعرفهاش .
ليكمل بطريقته الهمجية صارخاً بهياج أكبر
= طبعاً ، انتٍ تخططي مع أهلك وتنفذوا وأنا ألبس في مصايبكم و أتلط معاكي وكل ده عشان خاطرك، عاوزة تعملي نمرة وانك كنتي شريفه يبقى بعيد عني مش تكسبي بونط على حسي !
اشتدت قسمات وجهها حدة وكزت على أسنانها قائلة بهياج بائن في نبرتها وحركاتها
= انت بتقول ايه يا زباله يا واطي انا شريفه غصب عنك وعن اللي جابوك، عارف فين المشكله في حياتي اني دايما بقع ما اشباه مفكرين نفسهم رجاله وجايين يشوفوا نفسهم عليا انت بتحاسبني على ايه؟ وشاكك فيا كمان وانت أصلا السبب في كل اللي حصل لي
بس العيب مش عليك العيب على اهلي وامك اللي ما عرفتش تربيك وتعرفك يعني ايه مسؤوليه؟ اذا هي اللي بتصرف عليك لسه وأنت شحط كبير كده و عامل فيها راجل وبتتشطر عليا
لم تدرك فريدة أنها بعبارتها تلك قد نزعت الفتيل عن قنبلة غضبه الموقوتة لتنفجر في وجهها، صرخ بها بعنف شديد وقد برزت عروقه
= ماتستهبليش على اللي جابوني !! انتٍ كنتي فين يا بنت؟ كنت بتقابلي خطيبك ولا واحد ثاني يا فاجرة يا.. .
توقف عن إتمـام جملته بسبب صفعتها التي سقطت علي وجنتيه بقوة شديدة، لم يبدي عليه أي رد فعل وإكتفى بالإشــارة بعينيه الشرسه، ثم انفجرت فيه بصوت شبه محتد وهي تشير بيدها بعصبية شديدة فلم تعد تتحمل إهانته المستمرة
= انت احقر و اوطي شخص قابلته في حياتي، ودايما الزباله اللي زيك مفكر الناس كلها ذيه عشان كده بيشك فيهم .. هو انت مفكر انا معتبرك راجل في حياتي و جوزي فعلا؟ طب اعملك على أساس ايه؟ طب اديني اماره تخليني احترمك ولا اشوفك راجل بحق وحقيقي ، احترمك عشان خدتني بالغصب مرتين مره قبل الجواز ومره بعد! احترمك عشان مش بتشتغل ولا بتصرف على البيت من حر مالك ومستني امك هي اللي تديك المصروف! عارف انت ساعات بتصعب عليا وبشفق عليك عشان ما لقيتش اللي يعرفك يعني ايه رجوله بجد .. انت جبان يا حسام وكل اللي انت بتعمله ده بس عشان تحاول تبين قد ايه انك قوي مع انك جبان، عشان لما بتفكر تضرب الضربه بتختار نقطه ضعف اللي قدامك ومش بتواجهة وهو وشه في وشك !.
احتقنت عيناه بحمرة شيطانية مخيفة ، ودنا منها مهدداً بنبرة عدوانية
= متخلقش لسه اللي أخاف منه يا روح امك !
وأنا هاعرفك معنى القلم دي كويس ! وان انا مش راجل! انتٍ كان لازم من الاول تاخدي مني العلقة التمام عشان تعرفي مقامك وما تكررهاش تاني.. بس ملحوقه احنا فيها اهو وانا هربيكي من اول وجديد .
انقض عليها فجأة قابضاً على شعرها الذي لفه حول قبضته بقسوة لتصرخ متآلمة، و جذب إياها بكل قوته وصفعها عدة مرات بعنف شديد دون ان يعطيها فرصه للدفاع عن نفسها، ظل ينهـال عليها بصفعات قاسية على وجهها آلمتها بشدة، و تأوهت صارخة وهي تجاهد لحماية وجنتيها من بطشه لكن كأن وكأنه خرج عن شعوره الواعي ليتحول إلى شخص أخـر غير طبيعي يدمر بإهتياج ما تطاله يده.
عجزت عن التنفس وجاهدت لإلتقاط أنفاسها وشعرت بسائل دماء يخرج من شفتيها بسبب ضربه المستمر علي وجنتيها، و أرخى أصابعه عن شعرها وتوقف عن صفعها ليمسك بها من رأسها بقسوة .. سعلت بشدة في تلك اللحظة،
وشعرت هنا بحجم الجحيم القادم عليها من ضربة ونظراته الغير مطمئنة على الإطلاق فتراجعت للخلف بندم شديد .
لكنه لم يمهلها الفرصة للهروب من عقابه الحيواني حيث جذبها بعنف من ذراعها ولواه خلف ظهرها بقسوة شديدة الخطورة لتسمع صوت تكسير عظامها وروحها المنتهكة،صرخت بصوت مقهور بحرقة من الوجع، لتصيح بصوت باكي محاولة استجدائه عل قلبة يرق
= آآآآه ، سيبني .. دراعي اتكسر ! انا حامل ، حرام عليك خلاص !
وكانه لم يسمعها، عجزت عن التنفس بسهولة وجاهدت لنزع يده الحديدي عن ذراعيها المكسور قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة.. ومع ذلك لم يرفق بها، بل استمر في ضربها حتى خبت قوتها وتخدل ذراعها نوعًا ما، تجمدت أنظار فريدة المرتعدة وتحركت رأسها بصورة هيسترية محاولة البحث عن شيء ما لتستخدمه كوسيلة لحمايتها من ذلك الوحش لكنها لم تجد وهو مستمر في ضربها و اهانتها بطريقه وحشية، رأته قادم نحوها مجدداً خفق قلبها بذعر علي طفلها فهي أرادت التخلص منه، وليس من طفلها فصرخت مذعورة
= آآآآه بس كفايه حرام عليك انا حامل آآآآه
تابع بتهور و أسقطها أرضاً واقترب ليكمل ما بدأ، ثم بكل شراسة ضربها في ساقيها مسببًا لها ألمًا مبرحًا انتاب جسدها ألم رهيبة خاصة في منطقة معدتها بسبب سقوطها، فهي لم تعدْ تشعر بأي شيء بعد و لم تتوقف عن البكاء المرير.. توقف هو دقيقه يلتقط انفاسه من المجهود .
لتستغل هي الفرصة و زحفت على مرفقيها رغم ألمها، لتصل إلى باب المنزل تريد الهروب من غضبة الجحيمة و الذي تحول مثل الثور الهائج وبالفعل وصلت الى باب المنزل وفتحته لكن قبل ان تصل بالخارج ..
قام حسام بسحلها على الأرض الخشنة حتى تمزقت ثيابها وتقطعت جلودها من سحبها بالأرض وضربة العنيف، تركها أمامه و ركلها بقسوة في أجزاء متفرقة من جسدها مسبباً لها آلاماً رهيبة،شعرت بنغزات حادة تعتصر معدتها من قوة الضربات الشرسة فوضعت يدها أسفل بطنها تحميها وهي تتوسل له من بين شفتيها الملطختين بالدماء بصوت ضعيف
= ابـني لأ لأ، آآآآه آآ هـ هـيموت، مــش عــاوزه يــمـوت ارحــمنــي هـتمـوتـنـي .
ركلها مرة أخرى لكن هذه المرة في أسفل معدتها بعنف أشد فصرخت بكل ما لديها من قوه و ببكاء متوسل وهي تقاوم ضرباته المتلاحقة
= آآه كفاية آآآه، حــد يــلحــقــني آآآآآآآه .
استغرق الأمر للحظات لتشعر بأن روحها تنسحب منها بالبطيء ولم تعد تقاوم أي شئ بالحياة.. فربما تلك هي النهايه حقا هذه المرة، كان جسدها يعاني من آلام رهيبة خاصة في منطقة بطنها ولم تستطع تحمل تلك الوخزات العنيفة، فالتفتت على نفسها وارتعش جسدها بشدة... في حين تدفق خيط رفيع من الدم من بين ساقيها ، مما ينذر بشيء غير مقبول على الإطلاق !!!!!...
إزداد نحيبها، وعويلها وظلت تهز رأسها رافضة واقعها وإمتزجت دموعها بدمائها .
لم تكن تعتقد أنها ستتعرض لمثل هذه الإهانة والإذلال طوال حياتها على يد شخص حقير مثله. لم تحلم قط بالزواج من شخص مثله! لم تتخيل أبدًا أن عائلتها ستتخلى عنها مقابل صمت المجتمع!
رمشت بعينيها بصعوبة بالغة وانفاسها اصبحت غير منتظمة، وبدأت تستمع إلى عدة أصوات حولها لا تعرف من أين قادمه .. لكن ربما تلك الأصوات لنداء استغاستها لكن قد تأخرت كثيراً.. كثيراً جدا . مما يظنون .
بدأوا الجيران حولها الذي اقتحموا المنزل لمساعدتها وابعاد زوجها عنها، فهي من ساهمت بفتح باب المنزل إليهم .. لم تكن بوعيها لما يحدث حولها حالياً غير أنها ارادت ان كتبت لها الحياه فرصة تانيه وعاشت؟ ستكون لاجل طفلها فقط. وليس لاي غرض آخر؟ فتلك الحياه أصبحت لا ترادها لانها لم تقدم اليها شيء جيد .
❈-❈-❈
نفث زاهر دخـان الشيشة المحبوس بصدره ثم إرتشف بضع رشفات من فنجان القهوة الموضوعه فوق طاولة مكتبه بالمحل وعندما رفع عينه عقد حاجبيه باستغراب وهو يجد طه أمامه !!. لوي فمه قائلا بتهكم
= ابو نسب عندي؟ ده المحل نور اجري ياض هات حاجه ساقعه لابو نسب اخوه مراتي الأولى .
اختقن وجه طه، ثم أرجع زاهر ظهره للخلف ، ووضع ساقه فوق الأخرى وتابع بنفس التباهي و التهكم في نبرة صوته قاصد استفزازة
= خير يا طه تاعب نفسك وجاي لحد هنا عشان عاوز ايه؟ ما انت بقيلك سنين مش بتوريني وشك اكيد محتاج حاجه من ورا جيتك دي؟ ايه محتاج فلوس رقبتي سداده يا أخويا هو انت غريب عني قول ما تتكسفش
نظر له طه بإستهزاء وهو يجيبه ببرود
= فلوسك ما تلزمنيش حاولت تشتريني زمان عشان اميل دماغ أختي واخليها ترجعلك وما عرفتش ومش هتعرف دلوقتي كمان، حد الله بيني وبين فلوسك، القرش طالما مش بجيبه بعرق جبيني ما يلزمنيش .
ثم تابع حديثه بجدية وهو يشدد على كلماته بصرامة
= انا جايلك عشان سبب تاني اتفضل قدامي عشان تطلق اختي مش هتفضل على ذمه واحد زيك كثير .. كفايه انت عمال تتجوز وتطلق وتعيش حياتك وهي سايبها زي البيت الواقف مش عارفه تعمل حاجه طول ما هي على ذمتك .
وضع إصبعيه أعلى طرف أنفه، وأردف بصوته المتصلب
= ممم افهم من كلامك انك عاوز تطلقها مني عشان تجوزها حد ثاني ولا اصلا كان في حد ثاني واتعرفت عليه وهي على ذمتي
صاح طه بعصبية شديدة
=خلي بالك من كلامك يا خسيس انت هي اختي زيك خاينه، وبعدين هي اللي تعاشرك تفكر تتجوز تاني .. بس انا مش هسيبها على ذمتك حتى لو مش هتتجوز
ضغط الاخر علي قبضة يده وتعجب من جرأته وقائلا بصوت جـاد وهو ينظر حوله بريبة
زائف
= مالك يا طه جاي قلبك جامد وفارد صدرك اوي كده ليه؟ هي في رجاله جايه وراك اصل انا اعرفك كويس من زمان انت عيل بق ولا تقدر تعمل حاجه هو انت نسيت اللي عملته فيك زمان .. اصل لو كنت نسيت قول لي عشان افكرك دلوقتي .
هز رأسه بجدية وهو يمرر يده في شعر رأسه متحدث بنبرة باردة مقصودة
= لا مش ناسي مش لما بعتلي واحد يخبطني بعربيه في انصاص الليالي وفضلت راقد في المستشفى ومتجبس اكثر من شهرين وثلاثه .. يا ريت انت كمان ما تنساش انك بق ولا تقدر تعمل حاجه في الوش وبتضرب في الضهر وبتبعت غيرك هو اللي يعمل مش انت ! اصلك انت كمان عيل واخرك كلمتين بتطلعهم في الهواء انما تقف تواجه رجل لراجل مش طبعك عشان انت مش راجل أصلا .
تحول وجه زاهر لكتلة ملتهبة من الحمرة الغاضبة حينما هدر بصوته المتشنج
= هو مين ده اللي مش راجل يا ابن الـ** كتبت نهايتك النهارده بايدك يا طه والله ما هخرجك من هنا سليم .
صاح طه بحقد وهو مستمتع بغضبه وتحولت نظراته إلي أعينه شرسة
= وانا مش هسيبك الا لما تطلق اختي يا حيوان حتى لو فيها موتي .
انتصب زاهر واقفًا وأمسك بقبضتيه الغليظتين برأس عصاه جانبه ورفعها عاليًا في الهواء، ثم هوى بكل غضبه المكتوم بداخله تجاه طه ليحدث بها انبعاجًا قويًا.
لكن طه كان حذر لتسقط العصا في الهواء، واندفع كالثور الأهوج نحوه ليشتبك معه بالأيدي تعالت الصيحات المهللة والمفزوعة في المحل من الزبائن و العمال، الذي ترددوا بالاقتراب فالمشاجرة حاليًا بين فردين من عائلة واحدة ، بينما هرولت الزبائن للخارج بخوف وقلق ...
في حين سدد طه لكمات عنيفة متتالية في فك الآخر ليطرحه أرضًا، فارتطم رأس الأخير بقوة بالأرضية الصلبة بالمحل، وجثى فوقه منتويًا خنقه، لكن دفعه الأخير بركبته بضربة عنيفة ومباغتة أردته للخلف مترنحًا. استغل الفرصة لينهض من مكانه ثم انقض عليه كانقضاض الأسود ليلكمه أسفل معدته بشراسة .. وتعالت صوت ضحكاته تشير إلى استمتاعه بالأمر.
تأوه طه بصوت مكتوم، وتحامل على نفسه ليرد له الضربة، لكنه لم ينتبه لتلك العصا الذي قُذفها له أنس من الخلف! فعندما جاء علي أثر الصوت ولم يعرف ماذا يفعل غير أن يقفز بالعصا له في الهواء ليمسك بها زاهر وأفسد علي طه النال منه و بكل ما أوتي من قوة ضربه و...
ارتطمت الضربة برأس طه بعنف قوي ولم يصمد كثيرًا بل تهاوى جسده من عنف الضربه و بدا شبه مغيب عن الوعي، وترنح جسده بقوة أرضًا، والدماء بدأت تسيل منه بغزارة .
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية بدون ضمان, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية