-->

رواية جديدة بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 25 - 1

 

 قراءة رواية بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية بدون ضمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد



 الفصل الخامس والعشرون

الجزء الأول

فغرت دلال والدتها شفتيها مصدومة وجحظت بعينها في عدم تصديق، ولم تعطيها فرصه للحديث و ضربتها على وجنتيها بكفها بقوة وهي تصيح بصوت مشمئزًا 


=ايه! اللي انا بسمعه منك يا قليله الربايه؟ وبتقوليها كده وانتٍ مش مكسوفه من نفسك 


نظر لها أيمن بصدمه، وتقدم خطوه بتوتر قائلا بنشيج


= آآ طـ. طنط دلال اهدي، ما ينفعش اللي انتٍ بتعمليه ده .. اهدي طب و افهمي الموضوع الأول


إبتلعت ليان ريقها بتوتر رهيب، ونظرت لها بخوف في حين نظرت دلال له بعينين حادتين وأردفت قائلة بعصبية شديدة 


= افهم ايه وزفت ايه بعد اللي سمعته؟ بقي انتٍ يطلع منك كل ده .. انا مش قادره اصدق اللي انا سمعته منك و اللي حصل لا وكمان بجحه وبتقول انها خانتك كده عادي ؟ الظاهر ان انا ما عرفتش اربيكي فعلا 


اقتربت منها مرة أخرى وهي تهددها لتغلق عينيها الأخيرة وتترك دموعها تنهمر عليها حزنًا واستسلمت لمصيرها، لكن في تلك اللحظة وقف أيمن أمامها لمنعها من ضربها مرة أخرى ، وفي نفس الوقت دمدمت دلال في وجهه بصوت حاد ومخيف وهي تضغط على أسنانها


= اوعي ابعد عني، انت بتحوشني عنها بدل ما تديها قلمين على وشها علي قله ادبها و بجاحتها، بس ماشي ملحوقه اللي ما عرفتش اعمله طول سنين حياتي هعمله دلوقتي .. هي دي آخر تربيتي فيكي انا وابوكي الله يرحمه بقى احنا عمالين نشقى سنين حياتنا كلها في الغربه عشان نوفرلك كل حاجه وانتٍ في الاخر تحطي راسنا في الرمل بعاملتك السوداء؟؟ ده 

الحمد لله ان ابوكي مات ولا سمع اللي انا سمعته ده .. 


تلاحقت أنفاسها بشدة، وبدأت تتنفس بصعوبة أشـــد وهي تستمع قسوة كلماتها وجاهدت لتلتقط أنفاسها، لتتابع أمها وبصوت غاضب  


= هي دي اخره دلعي فيكي يا زباله يا واطيه أنا حاسه هيجرى لي حاجه من اللي انا سمعته انتٍ يا بنت ما عندكيش دم ولا احساس ازاي تعملي عامله سوداء زي دي من غير ما تفكري فينا .. جالك قلب تعملي كده في امك وابوكي عملنا لك ايه عشان تعملي فينا كده كل طلباتك كانت موجبه ما كناش بنحرمك من حاجه علمناكي احسن تعليم و كنتي بتلبسي احسن لبس .. هي دي جزاتنا في الآخر راحي تعرينا 

على اخر الزمن وتفضحينا .


فتحت ليان عينيها ببطء وإبتلعت ريقها وسألتها بنبرة مرتجفة 


= دلوقتي بس عامله فيها امي بجد وجايه تحاسبيني، وسنين الغربه اللي انتٍ فرحانه أوي بيهم والفلوس اللي انتٍ عملتيهم مافادونيش في حاجه بالعكس ضرروني.. انا كنت بدفع ثمن الغربه دي كتير اوي، سنين حياتي كلها راحت وانا لوحدي و ياما كنت بقع في مشاكل وما كنتش بلاقي حد جنبي 

جايه دلوقتي تحسبيني.. وبعدين فلوس ايه ولبس ايه اللي انتٍ بتكلميني فيه، انا ما كنتش عاوزه كده! كانت في حاجات تانيه اهم كنت محتاجاها منكم وما لقيتهاش.


صرت على أسنانها قائلة بعدم تصديق وهي تبتلع غصة مريرة في حلقها 


= تقومي تخوني جوزك ! هو ده اللي كنتي محتاجاه؟؟. يا ريتك كنتي أطلقتي منه ولا انك تعملي كده


اعتصـر الآلم قلبها وهي تذكرها بمساوئها وفعلتها المشينة فهي قد أصابتها في مقتل، ورغم الوجــع الرهيب إلا أنها لم تصمت وواصلت حوار العتاب بينهما، ضربت على قلبها بكفها وهي تصيح بصوت هــادر مقهور بحرقة


= ساعه واحده!! كنت محتاجه منك مش اكتر من ساعه تسمعني فيها وتنصحيني زي اي ام

وتقولي لي فين الصح والغلط؟ تطبطبي عليا وتساعديني لما اقعي في مشكله؟ كان نفسي لما الجا لحد فيكم الاقيكم، لكن انتم كنتم طول الوقت ما بتفكروش في حاجه غير الفلوس والغربه وما فكرتيش انا محتاجه ايه ولا عاوزه ايه ؟؟. 


رمقتها أمها بنظرات ساخطة قبل أن تتحدث ببرود قاسي 


= قلبتي الايه دلوقتي وطلعتي نفسك انتٍ الضحيه، بقينا احنا اللي غلطانين وانتٍ الصح مش كده.. انتٍ امتى احتجتيني يا بنت انتٍ وقلتلك لا؟ والفلوس دي كنتي فرحانه زمان بيها وبتصرفي فيها وخليتك قدامي بني ادمه وليكي قيمه، دلوقتي بقت وحشه .. هو انتٍ فاكره الغربه اللي اتغربناها عشانك كنا فرحانين فيها انا وابوكي، تعرفي عننا ايه ولا اللي شفناه هناك؟ ولا متوقعه اول ما رحنا هناك خدونا بالحضن.. و ما شقيناش وتعبنا وكنا بنحرم نفسنا من كل حاجه حتى منك انتٍ شخصيا عشان نوفرلك اللي انتٍ فيه دلوقتي 


تجمدت تعابير وجه أيمن وتصلبت عروقه وهو يستمع إلى المحادثة التي تدور بين الاثنين ، لكنه كان أكثر انتباهاً لزوجته وشعر لأول مرة أنه يعرف أشياء جديدة عنها! لم يكن يعرفها من قبل، حتى تفاجأ أيضًا بقسوة والدتها تجاهها حيث كانت تلك المرة الأولى التي يراها بهذه الطريقة، لكن رغم ذلك أعطاها عذرها ، لأنها قد تلقت للتو صدمة كبيرة! بينما ليان لم يكن يعرف أنها كانت تعاني من غربة عائلتها مثل هذا.


أجابتها ابنتها ليان بصوت مختنق وعينيها مغرورقتان بالعبرات 


= اديكٍ قلتيها بنفسك اتحرمتوا حتى مني؟؟ انا ما كنتش عاوزه الحياه دي ما كنتش اعرف انها بسببها هدفع ثمنها واتحرم من حنانكو واهتمامكم؟ ما كنتش اعرف لما اقع في مشكله هبقى مش عارفه اعمل ايه و هلجا لحد يحلها لي؟؟ ما كنتش اعرف أن هتفضل الدنيا تخبط فيا لحد ما احل انا مشاكلي بنفسي وزي ما تيجي معايا تيجي و لا احلها لاقع فيها اكثر واتلط 


أضافت قائلة بمرارة بصوتها المبحوح وهي تمسح عبراتها 


= و المشكله اللي انتٍ عرفتيها عني دلوقتي دي ما كانتش اول مشكله واجهتها في حياتي.. والحياه اللي انتٍ فاكره وفرتي لي فيها كل  حاجه كنت محتاجاها؟ كان ناقصني فيها كتير

كان ناقصني فيها انتم كان نفسي لما احتاج مشوره الاقيكم مش كل ما اتصل بحد فيكم تقولي لي هنرد عليكي كمان ساعه اصل احنا مشغولين دلوقتي.. الساعه دي كانت بتفرق معايا يا ريتك ما سافرتي ولا اتغربتي و خليتيني الجا لواحد حقير ذي طارق استغل عدم خبرتي في الحياه وان لوحدي و مش هلاقي حد جنبي يفهمني إذا اللي بعمله ده صح ولا غلط .


أخفضت نبرة صوتها وتشنج وبدى مبحوحاً وهي تضيف بنبرة منكسرة 


= انا ما كنتش بكلم طارق واخون جوزي معاه عشان بحبه، بالعكس لما مشيت في الطريق ده معاه كنت طول الوقت بحاول انبه نفسي وابعد لكن وحدتي كانت هي اللي بترجعني  تاني عشان اكمل واغلط، حد ما فوقت متاخر!! انا عمري ما حبيت حد غير أيمن ولما اتجوزته كنت فاكره انه هيعوضني وهشوف الاهتمام اللي انا ما شفتوش في حياتي معاكم لكن اتفاجئت ان هو كمان بيعمل نفس اللي انتم بتعملوا ده؟ تحت مسمى العمل والشغل هو الاهم من شويه كلمتين فارغين هنقولهم مع بعض مش مهمين!! بس كانوا مهمين بالنسبه لي .. انا كرهت اهمالكم ليا ما حدش كان حاسس بيا .. طول الوقت كنتم بتفكروا في مصلحتكم وبس .


احتل أيمن مكانه بصمود مدهش وظلت عيناه مركزة على ليان الذي كانت تبكي بحزن وألم حقيقيين ولأول مرة رأى في عينيها تلك النظرات التي تؤلمه بشدة وتوغلت في روحها المعذبة، و الحرمان وفقدان الاهتمام من الجميع.. هي من أحبها وتمنى أن تكون جزءًا منه! لكنها ببساطة ذهبت للبحث عن الاهتمام في مكان آخر ... لكن هنا! هل سيعترف بالخطأ الذي ارتكبه منذ البداية أم سيلومها على كل ذلك؟


إعتقدت والدتها أنها تحاول التلاعب بالكلمات  وتشويش مشاعرها وترقيق قلبها نحوها، حتى لا تحاسبها على فعلتها وهي تبرير أفعالها المشينة، فإستدارت نحوها وهتفت بغضب وهي تشير بإصبعها


= عندك لسه مبررات تانيه ولا خلصتي؟ وفري على نفسك الكلام عشان انتٍ عملتي عامله سوداء وتستاهلي فيها كسر رقبتك .. وكان احسن ليكٍ تطلقي من واحد بيهملك احسن ما تخوني !..


واضافت دلال بتهكم وهي ترفع حاجبها للأعلى بجمود فمن الواضح مبررتها تلك لم تخمد نارها منها ولم تعترف بأنها أخطأت أيضًا


= انتٍ خاينه فاهمه يعني ايه و ما فيش مبرر لحاجه زي كده وحتى لو احنا وحشين، ده ما يديكيش الحق تعملي كده


لوت هي فمها بسخرية مريرة ونظرت لها دون خجل وهي تبكي أمام أيمن بأسف علي حالها بتلك الحالة، تركت لعبراتها العالقة في مقلتيها العنان لتنهمر و إختنق صوتها وهي تتحدث بحرقة


= طب ما هو كمان خاني يلا حسبيه؟؟ و عتبي و قولي لي عملت في بنتي كده ليه! و ليه ماصنتش الامانه اللي انا اديتها لك وابوها وصاك عليها ليله الفرح؟ و اسالي ليه وجعني

واسالي ليه كمان عشمني بحاجات كتير وما عملهاش زي انه هيفضل جنبي ويهتم بيا وما يسيبنيش في اكتر وقت بحتاجله.. يلا حسبي ولا هو الغلط دايما عندي انا وبس وانتم اللي ملايكه ؟ ولا هو عشان راجل ينفع يخون وتسامحيه وانا عشان ست ما ينفعش حد يسامحني !؟.


إستشـاطت دلال غضباً من ردودها فمــدت يدها نحوها وقبضت على رسغها وقالت بصوت هـادر وهي ترمقها بنظراتها النارية 


= راجل وست ايه؟ هو انتٍ بجد عاقله بقول لك خنتي جوزك؟؟ تقولي لي عشان اهملني وما بيهتمش بيا .. ما أن شاء الله عنه ما اهتم هو انتٍ فاكره الجواز كلام حلو وبس 


رفعت ليان رأسها للأعلى وأغمضت عينيها بتنهيدة حارقة، لا أحد يفهمها، هي لا تريد أن تلعب دور الضحية كما تعتقد. فدائما تعترف بأخطائها وتطلب المغفرة من ربها قبل الجميع !! بينما هم يستمرون في إنكار أخطائهم ولا يريدون الاعتراف.


نظرت إليها بنظرات تحمل الآسى وهي تصيح ببكاء


= طب ليه؟ ليه ما استاهلش كلمه حلوه؟ ليه ما استاهلش حد يسمعني؟ ويطبطب عليا و يطميني، ليه ما استاهلش حد يهتم بيا ويفضل جنبي ويسمعني كلام حلو؟ ليه ما ينفعش اغلط وانتم بس اللي مسموح تغلطوا؟ هو انا مش بني ادمة زيكم وبحس.. ليه انا طول الوقت اللي افضل شايله كل ذنب فوق دماغي وما ينفعش حتي اطلب السماح في حاجه زي دي، هو انا مش من حقي جوزي يقول لي كلام حلو ويهتم بيا ويعرف ايه اللي مضايقني انا مش بعمل حاجه في حياتي غير أني بطلب الاهتمام من كل اللي حواليا! من اهلي وجوزي! رغم انه من حقي .


ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة بتعب، وهي تضيف بصوت ضعيف


= حتي لما فكر يخوني زي ما خنته الموضوع عدى كانه عادي وانا الدنيا اتهدت فوق دماغي! ليه ما ينفعش حتى أعتابة في دي؟ هو انا مش عندي مشاعر وبحس زيه 


نظر أيمن لها بعمق بتأثير و عجز عن الرد عليها، فالموقف برمته أكبر من قدرته على الاستيعاب، لذا فضل الانسحاب ورحل .


لوت والدتها فمها بقسوة و رمقتها بنظرات إحتقار وصاحت بإنفعال


= انا بعاتبك عشان انتٍ بنتي لكن هو حر في عمايله و اهله يعاتبوه بعيد عني، لكن انا ليا في بنتي اللي ضيعت سنين عمري كلها عليها عشان ترفع راسي.. ووطتها في الاخر !؟. 


❈-❈-❈


منذ أن غادر أيمن و أصبحت مهرة وحيدة بين تلك الجدران و الفراش وطفلتها كانت جانبها، حيث تركها أيمن دون حديث أو اعتذار منها حتي وركض وراء زوجته يلحق بها وهي لم يهتم اليها؟؟ ومن حينها لم يحاول الوصول اليها مرة أخرى.. 


حدقت أمامها مصدومة من رحيل أيمن بتلك الحاله فهو قد عرض عليها الزواج ولم ينتظر ردها ولم ياتي مره اخرى يسألها ؟ أدركت في تلك اللحظة أنها بالفعل خسرت أخر أحلامها وأصبحت لا شيء.. شعرت بخفقة قوية تضرب قلبها من طريقته القاسية، هي ظنت ببساطة أنها مازالت لديها فرصة لتملك الراحه وتجد من يساعدها و يدعمها بالحياة وتتحامى بأحضانه .


و أدركت أيضا أنه كان قاسي معها إلى حد كبير، و استطع أيمن أن يخدعها، و يتلاعب بمشاعرها عندما عرض عليها الزواج وبعدها اختفى! هو بالأساس لا يشعر نحوها بأي شيء، اعتقدت لاحقًا أنه كان صادق معها وأن الحياه أخيرا ستعطيها نصيبها من الفرح والسعاده، لكن مُحالأ مثل طليقها السابق، فكل الرجال التي تقابلهم في حياتها؟ يتلاعبن بقلوب الفتيات ويستغلوها .


بنظرات خاوية تحركت وهي تشعر أنها لم يعد لها أي قيمة، بعد ما اعتقدت أنها ملكت الدنيا ! خدعها بسذاجة وبسهولة بعرض الزواج وهي صدقت، هربت من عينيها عبرات خائنة فمسحتها سريعًا قبل أن يراها أحد ويكتشف الأمر. فلا تريد أحد ان يستهزئ بها ولا يشعرها بالإهانة يكفي حقا ما تشعر به الآن؟ وهي لا تعرف هذه المره اكانت تستحق ذلك لانها فكرت بالارتباط من رجل متزوج بامراه أخرى .


وضعت الكثير من القبلات على رأس ابنتها بعد أن حملتها بين ذراعيها، وظلت مهرة جالسة وحيدة مشتتة تفكر في تلاعب أيمن بها! غطى الحزن تعابيرها ، وبدت بائسة للغاية بعد أن تذكرت تلك الأحداث في عقلها ، ثم نظرت إلى ابنتها باشفاق، ولم يستطع قلبها أن يراها. روحها ضعيفة لدرجة أن الرجال يتلاعبون بها ، لذلك صممت على تسهيل الطرق من أجل ابنتها فقط وعدم التفكير في أي شخص آخر.


جاء اليوم التالي وكانت تتحرك بمزاج سئ منذ الصباح لقد غضبت كثيراً من أيمن ذلك.


= هو اخره اللي انا فيه ده ايه؟ امتى المحكمه هتحكملي وهعرف اطلع اوراق لبنتي واكتبها على إسم أبوها.. ازاي أصلا هيحكموا لي و زاهر كل مرة يتهرب وما يجيش الجلسه، انا خلاص تعبت وعاوزه حل لي اللي انا فيه وانتٍ مش عاوزه تبقي صريحه معايا وتقولي لي كلام زاهر صح وانا فعلا هقعد سنين في المحكمه لحد ما اثبت نسب بنتي طول ما هو بيتهرب من الحضور .


قالتها هذه الكلمات مهرة بنفاذ صبر إلي تسنيم التي جاءت لتراها بعد أن أنهكها كثرة التفكير في تلك المسألة، هي تخشى من الفشل الذريع من تكرار تجربة العذاب و بالنهاية تعود الى زاهر مذلوله كما يخطط بالضبط لتتذوق حينها العذاب أضعاف معه. 


أخفضت تسنيم نظراتها لتحدق في وجه مهرة قائلة برقة طفيفة


= اهدي يا مهره مالك في ايه عصبيه ليه النهارده كده، ما ينفعش تنهاري دلوقتي وتستسلمي بدري هو ده اللي عاوز يوصل له أصلا .. وانا والله بعمل كل اللي عليا  


ردت عليها بسخط بارز على تعابيرها ونبرتها


= طب فهميني موضوع المحكمه ده والكلام اللي قالة ساعه ما ولدت ده صح؟ المحكمه هتحكم لي بعد كام سنه طول ما هو مش عاوز يحضر، فهميني أبوس ايدك .


ضغطت على شفتيها مترددة ثم قالت بتوجس


= طيب بصي ممكن القضية تدخل في سنتين  والمفروض الزوج يحضر ويروح الطب الشرعي يحلل بس لازم شهود طبعاً وعقد الجواز العرفي.. والموضوع هنا صعب لينا لاننا مش عارفين نجيب شهود ولا هو راضي يحضر .. بس مع ذلك ادينا بنحاول، واللي هيحصل بعد كده ان المحكمة بتاجل كتير

وفي الاخر بتحكم بالنسب و بيتبني للقاضي قناعة انه مش عاوز يجي عشان هي بنته .


هزت مهرة رأسها باستياء، وهمست بيأس


= لعبها صح عشان كده وافق يطلقني بسرعه انا كان لازم اشك في الموضوع من الاول، ما هو مش معقول بسهوله كده هيتنازل عني من غير ما يذلني ويعاقبني وياخد حقه مني عشان سبته ورفعت عليه قضيه خلع .. تعرفي انه اتصل بيا من كام يوم وقال لي مستعد ينسى كل اللي عملته ويعترف ان البنت بنته، قصاد اني اروحله واطلب السماح منه .


اتسعت عيناها بدهشة وقالت محذرًا بصرامة


= اوعي تقولي لي انك صدقتي وبتفكري تروحيله ده كذاب طبعاً وبيعمل كده قاصد يرميلك الطعم عشان تروحيله ويعرف ينتقم منك كويس على اللي عملتيه، مهرة لازم تكوني متاكده أن بنتك ولا فارقه معاه بدليل ان ما سالش عنها ولا اهتم يعرف عنها حاجه ورميها ورميكي ومش راضي يعترف بنسبها دي مش عمايل واحد هينسى كل اللي عملتيه بسهوله ويسامح 


هتفت بنبرة حزينة للغاية وهي مقطبة الجبين


= عارفه وده كان رأي أيمن برده .


قطبت جبينها متعجبة من جملتها، وردت باهتمام


= انا ملاحظه ان الفتره الاخيره أيمن بيجي هنا كتير صح، بس كويس اهو يطمن عليكي وهو زي أخوكي الكبير طبعاً عشان كده بيسال عليك ويهمه مصلحتك  


توترت أكثر وزدات رجفتها وهي تجيبها بصوت متلعثم وخافت 


= هاه آه صح هو اخويا الكبير وما ينفعش يكون غير كده.. بس هو الفتره اللي فاتت بطل يسال عني ومش بشوفه ولا حتى بيرد على اتصالاتي من التليفون اللي اشتريهلي .. هو كويس  . 


نظرت لها باستنكار و أردفت قائلة بصوت جاد


= هو اشتريلك تليفون كمان؟ لا واضح العلاقه ما بينكم تطورت الفتره الاخيره فعلا .. بدليل انك حتى بتناديه وتقوليله يا أيمن بس .


❈-❈-❈


جابت وفاء قاعة منزلها ذهابًا وإيابًا ، وهي تزفر بصورة متوترة فاصبحت تفكر في الفترات الأخيرة طوال الوقت ثم رفعت رأسها لترى هاتفها موضوعًا على المنضدة، و نظرت إلى ساعة الحائط مترددة في الاتصال بأخيها الآن والاستفسار عما يدور في ذهنها ، أم تنتظر بضع ساعات أخرى؟ لأن الوقت مزال مبكراً.


وفي النهاية، لم تتمكن من الانتظار أكثر من ذلك لقد اتخذت قرارها واتصلت به. انتظرت بضع ثواني حتى أجاب بقلق بالغ


= الو يا وفاه في حاجه انتٍ كويسه اصل مش عوايدك تتصلي بيا على الصبح كده لو في حاجه حصلت قولي لي هاجيلك على طول


إزداد إنعقاد ما بين حاجبي وفاء، و ردت بإهتمام 


= ما فيش حاجه يا طه انا كويسه انت مالك قلقت ليه، انا بخير يا حبيبي اطمن بس قلقانه من الصبح ومش جايلي نوم فقلت اتصل بك واطمن عليكم انتم كويسين 


زفــر طه من القلق الذي شعر بة للتو ، ونظر في ساعته بتوتر وأردف قائلاً بإنزعـاج


=كلنا بخير ما تقلقيش، وايه بقي إللي قلقك يا ستي على الصبح كده ومطير النوم من عينك انا عارفك لما بتقعدي صاحيه طول الليله كده ومش بتنامي يبقى في قرار عاوزه تاخديه وبتفكري فيه بس مترددة 


هزت كتفيها في عدم تأكد وأردفت قائلة وهي تجوب بعينيها المكان بارتباك ملحوظ


= آآ لا الموضوع مش كده، بقول لك ايه يا طه كنت عاوزه اسالك على حاجه ما تعرفش اي اخبار عن البنت اللي اتجوزها زاهر انت اخر حاجه قلتهالي انها رفعت عليه قضيه يعني اكيد في تجديدات حصلت المده دي كلها ولا ما سمعتش اخبار تاني عنها .


عقد حاجبيه طه بإستغراب ، في حين تسائل بحيرة


= وانتٍ مالك ومالها، شغله نفسك بيها ليه؟  وعايزه تعرفي اخبارها .


أومـــأت برأسها متشدقة


= عادي يعني جت في دماغي فقلت اسالك البنت اصلي صعبانة عليا أوي يا طه ومن ساعه اول مره شفتها وهي تعبانه وانا مش قادره انسى منظرها عشان كده يعني قلت اسالك عادي  


نظر أمامه بأعينه اللامعة واجاب بنبرة حائرة 


= مع اني مش مقتنع بكلامك بس ماشي، انا كل اللي اعرفه أن زاهر طلقها قبل ما المحكمه تحكم ليها بالطلاق غير كده ما اعرفش لأني مش مهتم بالموضوع زيك بصراحه .


تنهدت براحه كبيرة عندما اخبارها بطلاق تلك الفتاه، فحكت رأسها بضيق ، وزمت ثغرها قائلة 


= طب خلاص يا طه هو الواحد ما يعرفش ياخد منك كلمتين، المهم يعني لو عرفت اي اخبار عنها بالصدفه يا ريت تبلغني وقبل ما تسال ليه؟ هقول لك عشان بطمن عليها وصعبانه عليا مش اكثر .. يعني هيكون الموضوع ايه غير كده حساها وحيده زيي في الدنيا ومش لاقيه سند ليها وربنا وقعها مع نفس الراجل اللي انا شفت علي أيده عذاب وظلم ما قدرتش اتحمله ما بالك هي بقى و اهلها بنفسهم اللي جوزوها لي.


هز رأسه طه بتعجب وهو يسمح علي وجهه بعدم فهم ثم قال بجدية


= خلاص يا وفاء مالك طلعتي فيا كده ليه، ماشي يا ستي ما انا عارفك طول عمرك طيبه وقلبك كبير مع ان اللي يشوفك قلقانه عليها كده ما يصدقش ماهي في النهايه كانت ضرتك بس انا عشان عارف بتكرهي اللي اسمه زاهر ده قد ايه .. يلا سلام بقى عشان الحق اروح شغلي و لو خلصت شغلي بدري هعدي عليكي بالليل خلي بالك من نفسك .

تابع قراءة الفصل