-->

رواية جديدة نزيلة المصحة لريناد يوسف - الفصل 4

 

قراءة رواية نزيلة المصحة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


قراءة رواية نزيلة المصحة

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل الرابع

واخيرا وصلت السيدة كريمه بالحديث الى ماكان يصبوا اليه الطبيب حمزه وينتظره، بل ويتحرق شوقا لكي يسمعه.. 


فها هي تخبره انها ستقص عليه كيف بدأت معاناة ود ومالذي حدث بالفعل لتصفه السيدة كريمه بالجحيم؟ 


اردفت كريمه لتخمد نيران شغفه وتطفئ براكين فضوله :

الاستاذ قاسم يبني مسكتش ولا هديله بال غير بعد ماطلق الست أم حسام من جوزها، ومع انه اخد فلوس كتيره اوي منه، لكنه قال كل الفلوس فدا ضفر حسام ابن اخويا وتهون في سبيل راحته دا مهما كان ابن الغالي، واد ايه لام نفسه عشان وافق انه يبعده عنه وخلاه يتعرض اللي شافه دا على ايد حيوان معندهوش رحمه وهو طفل صغير،، كان حايف عليه لدرجة انه تابع بيه عند دكتور نفسي خاف يكون الضرب والعنف اللي شافهم اثروا عليه ويتسببوله فعقده مستقبلا لكن الدكتور طمنه وقاله ان الولد مفهوش اي حاجه بس حاولوا تغيروله جو اليومين دول وتفسحوه وتنسوه الفتره القاسيه  اللي عاشها،، وبالفعل الاستاذ حمزه بقي ياخده هو وود كل يوم بعد مايرجع من الشغل ويوديهم لمكان  شكل يتفسحوا ويلعبوا ويتبسطوا وميرجعش بيهم غير بالليل. 


واطلقت تنهيده قبل ان تكمل.. 

واتطلقت سعاد ورجعت تعيش فشقتها القديمه هي وحسام، ورجع من تاني الاستاذ قاسم مسئول عنهم وعن مصاريفهم وكل حاجه تخصهم،، وخصوصا ان ام حسام مكانش ليها اهل ولا حد خالص غير خاله وحده بس، هي آخر حد باقيلها من اهلها ، وملهاش غيرها وكانت ساكنه بعيد عنها في منطقه اسمها ابو الغيط، 

وكانت سعاد كل اسبوع تقريبا تسيب حسام معانا وتروح تزورها، وعشان حاكيه للأستاذ قاسم عنها وقايلاله انها اد ايه غلبانه وبتربي٣ بنات ايتام، اصغرهم عندها ٣ سنين واكبرهم ١٢ سنه، وان باباهم كان مريض بفشل فالكبد اللهم احفظنا  ومات وسابهملها وهي اللي بتشقي عليهم دلوقتي عشان تربيهم لوحدها، 

 وعشان الاستاذ قاسم قلبه مافيش اطيب منه صعبت عليه خالتها جدا،، وكانت كل  اما ام حسام تروحلها كان بيديها اللي فيه النصيب صدقه علي مساعده علي زكاه عن صحته وابنه، اهو كان بيديها اللي فيه النصيب وخلاص بأى صفه  


واستقرت الاوضاع وفضلت الدنيا ماشيه حلو لمدة ٨ شهور، 

وبعدها ابتدت تصرفات سعاد مع الاستاذ قاسم تتغير، 

وتكون بتودد اكتر واهتمام زياده واتصالات كتير تسأله عن صحته واكله وشربه واحواله.. وطبعا كأي انسان عاذب ماصدق لقي اهتمام من النوع دا ووحده تسأل عنه، واتعود علي اهتمامها بيه لدرجة انها لو يوم ماكلمتهوش كان يبقي زي المجنون..

 زياراتنا ليها كترت بأمر منه، كان ياخدني كل يوم والتاني انا وود ونروحلهم وانا افضل الاعب الولاد وهما يقعدوا مع بعض يتكلموا بالساعات، 

ونلاقيها فاليوم اللي نروحه عندها مجهزالنا اجمل اكل وكل الاصناف اللي بيحبها الاستاذ قاسم وهو كان يتبسط بدا جدا.. 

واليوم اللي مكناش نروحه كانت تجيب هي حسام وصنف اكل طابخاه للاستاذ قاسم مخصوص وتجيلنا بحجة انه عايز يقعد مع ود... وكالعاده اهتم انا بالاولاد وهما يفضلوا يتكلموا بالساعات... 

❈-❈-❈


وصمتت لتلتقط انفاسها قليلا ثم عاودت الحديث : 

لغاية مافيوم كنت فالصاله وراهم بجيب لعبة حسام اللي كانت بيدور عليها وسمعتهم بيتكلموا وهما مش منتبهين لوجودي. 

سعاد : قاسم انا مخنوقه اوي وحسه بديقه،، الناس ابتدت تتكلم عني وعنك وابتدوا يلاحظوا اللي مابينا.. 

قاسم باستغراب : وايه هو اللي بينا اللي ابتدت الناس تلاحظه ياام حسام؟ 

سعاد : معقول مش عارف ايه بجد؟ 


مش عارف ولا بتكدب نفسك؟ عموما ياقاسم  حتي لو انت بتكدب نفسك انا مش هنكر مشاعري، ومش هسكت اكتر من كده،، قاسم انا بحبك، بحبك وعارفه انك عارف اني بحبك،، 

ومتأكده ان انت كمان بتحبني بس مش عارفه انت ايه اللي مش مخليك عايز تنطقها ولا تعترف بيها؟!! 


قاسم : ايوه ياسعاد بس.. 

سعاد : بس ايه ياقاسم اتكلم. 

قاسم : سعاد انا مانكرش ان فيه مشاعر ابتدت تتولد ليكي جوايا،،

 لكني خايف من آخرة الحب دا وخايف من ارتباط رسمي، وحاسس طول الوقت وانا بفكر فيكي اني بخون ذكري المرحومه مراتي.. 

سعاد : معقول الكلام دا ياقاسم؟ هو عشان تعيش حياتك اسمك بتخون مراتك؟ انت لسه فعز شبابك وبصحتك واكيد مش هتكمل باقي عمرك وحيد،، وانا كمان زيك لسه فعز شبابى، 

وغير كده نلم حسام وود تحت سقف واحد وتحت عنينا ونكون مع بعض دايما، وكل واحد فينا يعوض التاني عن اللي شافه،، انت مشفتش حاجه من الدنيا ياقاسم ولا من مراتك اللي من اول ماتجوزتها وهي تعبانه وعمرها ماحسستك بطعم السعادة الحقيقيه،، وانا كمان اخوك سابني بدري وملحقتش اتهني معاه بشبابي. 

تعالا ياقاسم نسعد بعض ونلم شملنا وكده كده احنا عيله وحده ومش غرب علي بعض بدال ماتجيب وحده غريبه لود متعرفش ممكن تعاملها ازاي.. 

انت متتصورش انا حاسه بأيه دلوقتي وانا بعرض عليك نفسي وبرخصها بالشكل دا وان اي ست عندها كرامه متعملش كده،، لكن انا ياقاسم حطيت حبي فوق كرامتي ومفكرتش انت ممكن تقول عليا ايه،، بس دا عشان انا استنيتك كتير اوي عشان تتكلم وانت مبتتكلمش والايام بتعدي والعمر بيجري بينا وعايزين نلحق اللي فاضل منه.. هاه ياقاسم قولت ايه 

قاسم بتردد علي توتر : آاا مش عارف والله ياسعاد.. طيب سيبيني افكر فالموضوع دا واستعدله نفسيا عشان دي خطوه مش سهله.. 


سعاد : خد راحتك ياقاسم وتأكد اني هفضل مستنياك لآخر العمر.. 

هي خلصت كلامها وهو سكت، وانا اتسحبت من وراهم  ورجعت اوضة الولاد من سكات، 

وانا بفكر ياتري قاسم هيرد عليها بأيه،، وبصراحه حطيت نفسي مكانه وشفت انه اسلم حل للولاد وليهم انهم يتجوزوا، 


وكمان بصراحه عشان الاستاذ قاسم زي ماسعاد قالت انه مشافش حاجه من مراته الاولانيه غير التعب وشيل الهم، ولا اتهني معاها الا فالكام شهر اللي قبل الحمل واللي هما فبداية جوازهم، ومن حقه انه يعيش.. 

بس للأمانه انا مكنتش برتاح لأم حسام لله فلله ولا كانت ريحها خفيفه علي قلبي ابدا مش عارفه ليه مع اني مشفتش منها غير كل خير.. 

بعد مامشيوا سعاد وابنها من عندنا لقيت الاستاذ قاسم قاعد لوحده فالصالون ومولع سيجاره وبيشرب فيها بسرحان، وهو باصص لصورة فرحه هو وام ود، وشكله مهموم ومحتار..


 قربت منه وقعدت جمبه وعشان مااحسسهوش باني عارفه هو محتار ليه وبيفكر فأيه فتحت معاه الموضوع بطريقه تانيه.. 


ابو ود.. مالك كفاله الشر مهموم ليه؟ 


قاسم بتنهيده : فيه موضوع كده شاغلني وبفكر فيه وبحاول ارسي فيه علي قرار ياكريمه، وخصوصا انه موضوع مصيري وهتترتب عليه حياة ٤ اشخاص.. 

-طيب ايه رأيك تحكيلي اللي شاغلك ممكن اساعدك فى حله.

بصلي ومردش وانا كملت.. 


تعرف يابو ود الانسان فيه حاجات مينفعش ياخد فيها قرار لوحده ولازم يشرك حد معاه فقراراته دي وياخد رأيه. 


 اصلا كل انسان فالدنيا لازم يكونله شريك يبقي معاه طول الوقت وفكل حاجه.. شريك حياة يشيل مع الواحد همومه ويقسم معاه احزانه ويخفف عنه،، 


قاسم باستغراب : غريبه.. زي ماتكوني قريتي اللي فدماغي وعرفتي بفكر فأيه! 


-انا مقرتش ولا حاجه بس هي دي الحقيقه فعلا،، ولو كنت فعلا ابتديت تفكر فنفسك وفشريكه لحياتك فدا عين العقل،، واسمحلي ارشحلك وحده هي الانسب ليك وانت الانسب ليها، 

وخصوصا اني شايفه قبول منها ليك.. الست ام حسام يابو ود.. 

اولا هتلم لحم اخوك وتحافظ عليه، ثانيا هتعفها وتعف نفسك وتبقي كسبت فيها اكبر ثواب،،

 ثالثا بقي حسام هيبقي طول الوقت تحت عينك ومش هتكون مضطر للشحططه كل شويه بين هنا وهناك.. 

انهت السيدة كريمه جملتها بضعف وصمتت فطالعها الطبيب حمزه وهي تجاهد لتلتقط انفاسها، 

فقد تحدثت طويلا وارتعشت انفاسها فاغمضت عيناها قليلا والحقيقة انه قد بدأ يشفق عليها كثيرا فقد نال منها الاجهاد فقال لها مخففاً:


ايه رايك كفايه كده دلوقتي وتيجي آخدك تشوفي ود وتقعدي معاها شويه يمكن لما تشوفك تتكلم او تدي اي رد فعل ودي حاجه هتكون فصالحها وتخدمني جدا فاللي جاى. 

كريمه بفرحة غامره : بجد يابني، هروح لود بنتي واشوفها، طيب يلا بينا قوام يادكتور

تبسم الطبيب حمزه علي سعادتها وحماسها، وهم واقفاً، وتحرك معها الي داخل مبني المشفي، متوجهين الي غرفة ود، التي بمجرد ان وقفت امامها كريمه حتي تصاعدت دقات قلبها بحنين واشتياق،، وتعالت صيحاته مع فتح الطبيب حمزه للباب، وقامت بوضع يدها علي صدرها تلجم حنينها الجارف، 

حين لاحت لها ود من وراء الباب، 

وهي تجلس علي سرير صغير متقوقعة علي نفسها، 

واضعة رأسها علي ركبتيها بعد ان ضمتهم معا بعقد يديها حولهم،، 

وكامل تركيزها منصب علي تلك النافذة المقابله لها،

 ولم تُعر اهتماما للباب الذي فُتح او لمن دخل منه، وكأنها في عالم آخر بعقلها وادراكها ولم يتبقي منها في عالمنا غير هذا الجسد الهزيل.. 

❈-❈-❈


دلف الطبيب حمزه الي الغرفه اولا ثم دعا السيدة كريمه للدخول بحركة من يده، وما ان تقدمت السيدة كريمه خطوتين ونظرت لود عن كثب، 

حتي هرولت اليها في لهفة واشتياق ترجمتها دموع عينيها المتساقطه تباعا، وما ان وصلت امامها حتي وقفت في صمت متأملة حال ابنتها التي لم تنجبها من احشائها ولكن حبها ولد من رحم قلبها،، 

واعتصر قلبها ألماً وهي ترى مظاهر الحياة قد فارقتها تماما ولم يتبقي منها سوى انقاض ود.. 


اما ود فرفرفت بأهدابها حين حُجبت عنها رؤية اوراق الاشجار المتراقصه من وراء النافذه، وخيم بدلا منها سواداً، 

فرفعت عيناها لتكتشف مصدره، وما ان فعلت ذلك  حتى ضمت حاجباها وتبدلت ملامحها لملامح طفلة صغيره قد عادت اليها امها بعد ان تركتها فى رعاية احد الجيران مدة طويله وافترقت عنها لأول مرة في حياتها.. 

فترقرقت الدموع في عينى ود  لتهبط منهما دمعة لم تستطع الصمود اكثر، 

حين دفعتها دمعة اخري لتستولي على مكانها، لتدفعها اخري مما نتج عنه سيلا من قطرات الدموع المتدافعه، والتي جعلت كريمه تجلس بجوارها سريعا، فتلُمها في احضانها، 

لتشهق ود شهقات متتالية جعلت الطبيب حمزه يبتسم وهو يري علامات الحياة تعود الي جسد ود من جديد برؤيتها للسيدة كريمه.. 

ولاحظ حركة يديها وهي تتمسك بها بقوة كغريق قد مر بجواره جزع شجره.. 


رفع الطبيب حمزه الكرسي الحديدي وتحرك به خوفا من ان يصدر صريراً يزعجهم اذا قام بسحبه،، وابتعد به بعيدا وقام بوضعه في زاوية الغرفه وجلس عليه تاركاً للاثنين المجال للتنفيس عما بداخلهم من اشتياق، تُرجم في هيئة دموع تتسابق من الاثنين، وشهقات تتعالي حتي بدأت تظهر علي السيدة كريمه علامات اختناق،، 

فسارع الطبيب حمزه اليها وقام بفتح حقيبتها بدلا منها وهو يراها تحاول ذلك وكل محاولاتها تبوء بالفشل..

 فأخرج بخاخ الرزاز وقام بوضعه في يدها لتسارع هي في وضعه بفمها والضغط عليه وكل ذلك تحت انظار ود المرتعبه والتي لازالت يداها متشبثة بثوب السيدة كريمه.. 

❈-❈-❈


 اقترب الطبيب حمزه من اذن السيده كريمه واردف لها هامساً بعد ان بدأت انفاسها تهدأ :

 من فضلك ياام ود حاولي تهدي عشان هي كمان تهدى، وارجوكي حاولي تخليها تتكلم وتقول اي حاجه،، اتكلمي معاها فحاجه تكون بتحبها او حاجه كانت بتفرحها عشان تتجاوب معاكي وتتكلم.. 


ردت عليه السيدة كريمه بإيمائة خفيفه من رأسها فابتعد عنها مبتسماً وهو يراها بدأت بترتيب خصلات شعر ود المتناثرة، 


بعد ان مسحت بأطراف اصابعها قطرات الدموع التي استكانت علي وجنتيها وهمست لها بحنوا بالغ : 

ودووده.. ود يابنوتي الحلوه،، خفي ياقلبي عشان ترجعيلي، ترجعي لحضن لماما كريمه من تاني،،

خفي واوعدك هاخدك ونبعد عن كل الناس الوحشه،،

 هنسافر بعيد انا وانتي وبس وهنروح فمكان جميل بيطل على بحر،

 مش انتي طول عمرك بتحبي البحر ياود؟ احنا هنعيش جمب البحر وتفضلي تبصيله ليل نهار...

 تيما قطتك حبيبتك بتدور عليكي فكل مكان اكيد عايزاكي تكوني جمبها وهي بتولد وتختاريلها اسامي ولادها وتربيهم وتهتمي بيهم زي مابتهتمي بمامتهم،


 عصافيرك كمان مش مبطلين تنطيط وتكسير فالقفص بجناحاتهم  عايزين ياكلوا من ايديكي وتفضلي تتكلمي معاهم زي ماكنتي بتعملي..

 ورودك اللي فالجنينه اللي زرعاهم بأيدك خلاص براعمهم قربت تفتح وعايزين لما يفتحوا يفتحوا عنيهم علي صاحبتهم اللي ادتلهم الحياة باهتمامها 

كل حاجه مشتاقالك ياود ونفسها ترجعيلها،، 


لم ترد ود على ماكانت تقوله السيدة. كريمه الا بمزيد من الدموع والحسرات وشهقات تخرج عالية متتالية  كانها تنفيس لبركان من ألم يحترق داخل جوفها.. 


استمرت السيدة. كريمه فى الحديث مع ود وتكرار محاولات استدراجها للحديث، ولكن للاسف قد بائت جميع المحاولات بالفشل،، وكان الصمت حليف ود.. 

التي كانت تشعر بأن أغلالً تكبل فمها تمنعها من الحديث، وكأن لسانها قطع عهدا علي نفسه بعدم النطق اوتاهت منه الحروف فلم يعد يستطع اليهم سبيلاً. 


تنهدت كريمه وهي تنظر لود بقلة حيله قبل ان تلفلفها في احضانها مرة اخري ونظرت للطبيب حمزه بيأس، ولكنه اومأ لها برأسه يخبرها بأنه لا بأس،، 


واخذ ينظر اليهم وهو غارق في التفكير في الطريقه التي يجب ان يتبعها للدخول الي عقل تلك الصامتة العنيده، ونزع شرنقة الصمت من حولها لتخرج من صمتها ويقودها الي فضاء الامل الواسع فتنطلق مرفرفة الى سماء الحياة من جديد.. 


تنهد بقوة قبل ان يقف داعيا السيدة كريمه للخروج والاكتفاء بهذا القدر، رغم رؤيته للاثنتين وقد استكانت كل واحدة فيهم في احضان الاخري، كأسير عاد لوطنه بعد غياب،

 وخصوصا وهو يري ود قد اغمضت عيناها كطفلة صغيره نامت علي صوت تهويدات امها، ولم يشأ ان يقاطع صفوا لحظاتهم ولكنه مضطر،،

فاردف بنبرة هادئه : 

كفايه كده ياأم ود النهارده عشان وقت الزيارات انتهي، وميعاد مرواحي انا كمان جه، وبالمره عشان اوصلك فطريقي وتكمليلي اللي وقفنا عنده.. 


اومأت السيده كريمه برأسها للطبيب حمزه ايجاباً، 

وبدأت في تحريك رأس ود الغافية علي صدرها رويداً رويداً بعد ان قبلتها علي جبينها عدة قبلات متتالية، 

مودعة اياها بعيون تنطق ألماًمما آل اليه حال صغيرتها، 

ومن ثم قامت بوضع رأسها علي الوسادة برفق وحنو بالغ،، 

وما كان من ود الا ان فتحت عيناها لثانيتين تتأكد من وجود السيدة كريمه بجانبها، 

واغلقتهم مرة اخرى حين اطمأنت انها لا تزال بجوارها،، 

فمسدت كريمه علي كتف ود وذراعها عدة مرات صعوداً ونزولا، 

حتي تبعث الطمأنينه في نفس ود اكثر وتجعلها تنام ملئ عيونها نوما حين تطمئن للمساتها الحنونه..

 وما ان شعرت بانتظام انفاسها مجدداً حتي قامت بتدثيرها بالغطاء الخفيف الذي كان بجوارها،

  ورفعت يدها التي كانت لاذالت متعلقة بثوبها فقبلتها على معصمها فوق الشاش الملتف حولة قبلة حنونه وقامت بدسها تحت الغطاء، 

ثم انسحبت من جانبها بخفة، وغادرت الغرفه في هدوء مع الطبيب حمزه بعد ان القت عليها نظرة اخيره مودعة قطعه من روحها غارقة في ظلمات الصمت والقهر.. 


خرج الطبيب حمزه برفقته السيدة كريمه وتوجها الي سيارته وقام بفتح الباب لها وساعدها في الصعود في المقعد الامامي بجواره واغلق الباب، وركب هو ايضاً وتحرك بالسياره،، 

وماأن فعل ذلك حتي بدأت السيده كريمه بالحديث فوراً مستكملة حديثها السابق من حيث توقفت، وكأنها تتسابق مع مسافة الطريق لتعطي الطبيب حمزه اكبر كم من التفاصيل قبل ان تصل الى  وجهتها،، 


كريمه : وبس يابني انا قولت للاستاذ قاسم الكلمتين دول ولقيت وشه انشرح وابتسم كأنه كان مستني علامه من ربنا يحسم بيها امره وكلامي دا كانله هو العلامه.. 

معدوش كام يوم ولقيته داخل علينا الشقه وهو شايل اكياس كتير فأديه، وجايب واحد تاني معاه كان شايل علب، ودخل قاسم اداني الحاجه اللي فأيده ورجع جاب الحاجه اللي مع الراجل وقفل الباب، ونادي علي ود اللي كانت فاوضتها بتزاكر، وهي سمعت صوته وجاتله جري وبمجرد ماشافها حضنها وباسها وهو مبتسم،، 

وابتدا يفتح الاكياس بفرحة ومد ايده طلع فستان عرايس صغير ابيض علي مقاس ود ورفعهولها قدامها وهي شافته وطارت من الفرحه وخطفته من ايد باباها وحطته علي جسمها وفضلت تلف بيه بسعاده وهي بتضحك،، وباباها يضحك معاها،،

 وبعد شويه لقيته بصلي وفتح كيس تاني اتأكد من اللي جواه الاول  ومدهولي، 

اخدته منه لقيته فستان سواريه أزرق جميل اوي بطرحته بجزمته، ابتسمت وقفلت الكيس وبصيتله وسألته : 

خلاص نويت؟ 

قاسم : استخرت عقلي ياكريمه وحسبتها ولقيتها انسب خطوه لمصلحتنا كلنا 

رديت عليه بهدوء : فعلا هي انسب خطوه،، ربنا يسعد قلبك يااستاذ قاسم ويوفقك يارب.. 


قاسم بمرح :تسلميلي ياكريمه عقبالك.. 

انا سمعتها ونكست عيوني بحزن ومردتش عليه وهو فهم، 

واتدايق انه قالي حاجه فكرتني بموضوع هو عارف اد ايه بيجرحني،، 

وهو اني كنت بحب جوزي اوي وعاهدت نفسي من بعده اني مش هخلي حد يلمسني ولا يدخل قلبي وكون اني انفصلت عنه بارادتي فدا بسبب اني مرضتش ان وحده تانيه تقاسمني فيه وشفت اني مش هستحمل دا، وفنفس الوقت هو من حقه انه يكون اب، فأنسحبت من حياته لكن هو فصل فحياتي وقلبي لانه كان ونعم الزوج، وبرغم اعتراضه على طلاقه ليا  الا انه احترم رغبتي وطلقني وانتهت حياتنا بمنتهي الهدوء والموده زي مابدأت بهدوء وعلي المحبه. 

 

استاذ قاسم بنبره نادمه وبأسف حقيقي قالي :

  انا آسف ياكريمه ماقصدتش اقلب عليكي المواجع.. بس انتي بنفسك اللي قولتيلي ان الواحد محتاج لشريك للحياة وانه مينفعش يعيش وحيد! 

كريمه : انا قولتلك الواحد محتاج شريك يقاسمه همومه ويشيل معاه.. وانا الحمد لله معنديش هموم ولا حمول عشان تتشال يعني مش محتاجه شريك معايا لاني معنديش حاجه اشاركه فيها اصلا.. سيبك مني انا بس وقولي ايه اللي فباقي الاكياس ده.. 


فضحك وهو بيطلعلي من الاكياس بدله لحسام جميله وبدله له هو زيها بالظبط وفستان سواريه لونه سكري رقيق وجميل ومعاه جزمه وطرحه بلونه، وواضح طبعا انه كان لسعاد ام حسام،، 

وكمان شاورلي علي العلب وقالي ان فيهم جاتوه لكتب الكتاب اللي هيتم بكره وطلب مني اني اشيله فالتلاجه، 

وبعدها اخدني انا وود ورحنا لحسام وامه فشقتهم  واداهم حاجتهم واتفقوا ان كتب الكتاب هيكون بكره العصر عند خالتها فبيتها فابو الغيط، ودا لانها عايزه تفرح وتحس انها ليها عيله واهل ويتكتب كتابها وسطهم وطبعا الاستاذ قاسم ممانعش ابدا واحترم رغبتها ورجعنا انا وود البيت ووصلها هي وحسام عند خالتها عشان قالتله انها هتبات هناك الليلادي عشان تجهز لبكره.. 

وتاني يوم كلنا جهزنا انا والاستاذ قاسم وود واخدنا علب الجاتوه معانا ونزلنا ركبنا العربيه ورحنا علي عنوان بيت خالة سعاد لكتب الكتاب وهناك بقي سمعت وشوفت اللى زود قلقي منها وخلى الفار لعب فعبي

يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة