رواية جديدة نزيلة المصحة لريناد يوسف - الفصل 16
قراءة رواية نزيلة المصحة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية نزيلة المصحة
من روايات وقصص
الكاتبة ريناد يوسف
الفصل السادس عشر
دقائق وعاد احد رجال حسام حاملاً ثلاث اكواب من القهوه علي حامل كرتوني مخصص لأكواب القهوة السفارى ومن الواضح انه قد احضر للرجال ايضاً،
وخاصة وهو يعطي لكلٍ منا كوبه وأخذ كوباً لنفسه والقي بالحامل فى سلة القمامة وخرج واغلق الباب خلفه.
ولأول مرة في حياتي منذ اليوم الأول لتذوقي للقهوة وادمانها بهذا الشكل،
لا ارفع الكوب لأنفي كي اشمه اولاً،او استمتع برائحتها الجميلة.
بل فتحت فمي وسكبت فيه بعضاً من القهوة سريعاً كي انقذ عقلي من الانتحار، ولكني لم أستطع الا اغمض عيناي واتلذذ بمذاقها قليلاً.
وفتحت عيناي ببطئ لاجد حسام ينظر لي مبتسماً ويردف:
غريبة علاقتك بالقهوة يادكتور!
فأردفت راداً عليه في قرارة نفسى:
ان كان العشق غريباً،فنعم انا غريب.
لانني عاشق، وعشقي لن يفهمه الكثيرون،
فالقهوة هي محبوبتي الآولي، التي اخذت بكر مشاعري،ومهما اتت بعدها احبه ستظل هي الاغلي والاحب،
وحتى واعلم اني حتي وإن نقلت فؤادي ماشئت من الهوى،فمالحب الا للحبيب الأولي.
واردفت راداً عليه بصوتي:
علاقتي بالقهوة مش كتير اللي يفهمها، علاقتي بالقهوة علاقه من نوع خاص.
فوجدته ينظر بعيداً ويتنهد بمرارة وهو يردف:
فعلا، مش كل العلاقات بتتفهم، زي مثلا علاقتك بالقهوة، مهما ناس شافت انها متستحقش العشق دا كله، وانها شيئ عادي، ومشروب يحمل من المرارة اكتر من الحلاوة،
وإن ضرره قد يكون اكتر من نفعه، الا انك مبتبقاش شايف في كلامهم اي وجه من للصحه،
زي بالظبط علاقة واحد زيي بالسجاير،
قالها واخرج من جيبه سيجاراً واشعلها، واخذ نفس ثم زفره في الهواء وهو يردف:
مهما الناس شافتها مؤذيه ومدمرة، لكني هفضل اشوفها بعيوني انا، وبدرجة احتياجي ليها، وهشوف ان محدش فاهمها غيري ومقدر تضحيتها العظيمه، وانها بتتحرق عشان ترضيني وتريحني، وتضحي بوجودها عشاني، حتي وهى عارفه اني بعد مااخلسها، او قبل مااخلصها حتي هدوسها برجلي واسيبها وامسك غيرها،
❈-❈-❈
قالها وحلق بخياله لتتجسد أمامه تلك السمراء فتبسم، ثم تبدلت ابتسامته لحزن وهو يكمل:
وفيه كمان علاقة واحد بوحده حبها من كل قلبه وعقله، وبرغم ان كل الناس تفضل تحذرك منها وتبقي شايفه علاقتكم علاقه مسمومه،
الأ انك مهما سمعت مبتعملش لكلام حد اى اهميه، وتفضل تغالط في نفسك وتقول محدش فاهمها غيري،محدش عارف انها غير الصوره اللي الناس شايفاها بيها الا انا،، وتفضل تديها فثقه وتديها فحب وتديها فأمان وإحتوء وتعتبرها بنتك الصغيره، وتقول طفله وبتغلط والأطفال من طبعها الغلط بجهاله.
وتكتشف في الأخر انها اكبر مما تتخيل وانها بتاخد منك كل اللي بتقدمهولها ، وبس تبعد عنك خطوتين بترمي دا كله عالارض وتدوس عليه وتعدي،
ولأ كان الحاجات دي كلها واخداه من روح بنى آدم.
ولما تيجي تكتشف ان الناس كان عندها حق، وانك انت الوحيد اللي كنت غلطان طول الوقت وأنها لما بتحكي عنك مش بتطلعك غير الشرير في روايتها،
وانك الكومبارس الوحيد فحياتها،ودورك ثانوي فوسط كل الابطال،
تتاكد وقتها أن الأوان فات وانك خلاص هتفضل طول عمرك واخد دور الكومبارس الشرير،
وعمرك ماهتبقي البطل قدامها، وأن كل الناس ابطال لقصصها ورواياتها الا انت..
انهي حمزه كوب قهوته، وقد استكان عقله قليلاً، وتخلي عن تهديده بالإنفجار،
ونظر الي حسام وهو يعلم جيداً انه يقصد ود بحديثه الأخير ،
ويدرك ان في جعبته الكثير والكثير من المفاجآت،
والتي يبدوا انها ستكون من العيار الثقيل،
التي لا يعلم حمزه الي أي مدي سيستطيع عقله تحملها، وهل سيصمد طويلاً ام لا؟
ولكنه عموما لن يستطيع كبح جماح فضوله،حتى اشفاقاً علي عقله من الضرر اثر الصدمات يدرك انها بانتظاره.
ونظر الي حسام نظرة فهمها حسام فتبسم وهو ينهى آخر قطرات في كوب قهوته هو الآخر،
ثم اخذ نفساً عميقاً من سيجاره،، ونفخه مكوناً سحابة دخانيه امام وجهه وفوق رأسه واردف:
عارف ان كلامي فيا الغاز كتير بالنسبالك، وان عقلك عايز حلول و تفسير ليها فأسرع وقت،وانا هديك كل التفسيرات اللي تريح عقلك وترضيه.
واردف مكملاً:
احنا كنا وصلنا لغاية العلقه اللي اخدتها انا وامي،
واللي كانت اول الليفل التاني من الضرب، واللي كان عباره عن الضرب اللي بيسيب اثر يفضل معلم في الجسم والروح العمر كله، زى سنتي دي مثلا، وزي ده..
وقام بفتح ازرار قميصه الاسود الانيق، والذي لا اعلم سر حبه في ارتدائه لهذا اللون الاسود دائماً،
ولكن تظل هذه حريات، ومع ذلك فأن اللون الاسود يليق به كثيراً، واعتقد انه يعلم هذا، ولذلك يرتديه مراراً،
واثناء غرقي في تفاصيل بلهاء ليست لها اى علاقة بجوهر الموضوع، مثلما يحدث معي دائماً،
اذ بقميص حسام ينفرج، مبرزاً لعضلات صدره، الملفته للأنظار،
ونزلت بعيني للأسفل قليلاً، ماراً بعضلات معدته المقسمه الي ٦ مربعات متساويه،
ولم ادرك علي الفور مالذي يريد ان يريني اياه! ام انه يستعرض امامي جسده الرياضي الممشوق فقط؟
ولكن سرعان ماتبدلت ظنوني، فها هو يؤخر قميصه الي اليسار قليلاً لتظهر ندبة دائرية، تبدوا كأثر لحرق قديم،
وللأمانه المنظر جعل جسدي يقشعر، وانا ارى كبر الندبة بعد ان طابت تماماً،
فمابالها حين كانت لاتزال في بدايتها؟!
فرفعت عيني علي وجهه، فقام بضم جنبات قميصه، وامسك بسيجاره كان قد وضعها بفمه كى يستطيع فك قميصه كي يحرر فمه للكلام،
واردف:
كل ٣ ايام او اسبوع تقريباً كنت باخد علقه انا وامي،
عشان ترضي تروح تسحب مبلغ من الفلوس اللي بأسمها في البنك اول ما الفلوس اللي معاه تخلص،
وفكل مره امي كانت ترفض وتعمل كل اللي تقدر عليه عشان متروحش تسحب من الفلوس تاني،
لكن كل اللي كان بيحصل، انها بتاخد العلقه المتينه، وانا كمان معاها، وتروح تاني يوم تسحب غصب عنها،
ومكنتش ببقي عارف ايه لازمة انها ترفض كل مره وناخد العلقه وهي في الآخر هتروح وهتسحب برضوا؟
لكني فهمت في الآخر انها كانت بتنول شرف المحاوله، حتي لو فشلت في كل مرة،
واستمر دا لغاية مافضلوا آخر عشر تلاف في البنك وامي جات عندهم وصممت وابداً مرضتش تسحبهمله،
ومها اخدت ضرب منه برضوا مكانتش بتوافق،
وكانت دايماً تحبسني فأوضتي وتخليني اقفل علي نفسي من جوه عشان جوزها مايطولنيش ويضربني ويحاول انه يضغط عليها بيا،
لانها مكانتش حاجه بتضعفها غيري، وكتييير قالتلي روح عيش مع عمك واخلص من العذاب دا وسيبني، بس انا مكنتش برضي، مقدرتش اسيبها لوحدها مع الوحش دا وابعد عنها،
برغم اني وجودي جنبها مكانش بيعملها اي حاجه، بالعكس كان فى حد ذاته بيضعفها، وكانت بتنجبر بيا انها تعمل حاجات كتير مش عايزه تعملها.
وفيوم من الايام طلعت من اوضتي عشان اروح الحمام، وكان هو قاعد في الصاله، وبمجرد ماشافني جه جري عليا ومسكني من هدومي زي الاسد اللي بيمسك فريسته.
انا صرخت وامي على صوت صرختي جات من المطبخ تجري،
ولقتني متعلق بين اديه زي العصفور،
حاولت تحوشني منه لكنها مقدرتش، وكان ماسكنى بأدين من حديد زي ماتكون روحه متعلقه فيا ولو فلتني من اديه روحه هتروح معايا،
وبين شد وجذب بينه وبين امي دخل بيا المطبح
وبحركة سريعه مسك كنكة الشاي اللي كانت علي البوتجاز، وحدف امي بالميه اللي كانت بتغلي فيها،جات علي اديها ونزلت علي باقي جسمها،
فصرخت وبعدت عني والتهت بنفسها وهي بتبعد الهدوم عن جسمها بالسخونه اللي فيهم،
اما انا فمنسيش نصيبي من الاذيه،
قلب الكنكه ولفني وضغط علي جمبي بالقعرة بتاعتها السخنه لغاية ماغاصت في اللحم، ومبقتش شايف غير الدخان طالع منها، صرخت صرخه حسيتها طالعه من جوا قلبي، وفضلت ارفص عشان ابعد عن السخونه وكل مااعمل كده مكان الحرق يوسع عشان كان لسه ضاغط بالكنكه علي جنبتي،
ومن بعدها روحى شاغت ووقعت علي الارض مغمى عليا،
ومبقتش سامع غير صوت صراخ امي من بعيد، كأنها بعدت عني شارع طويل ، وانا واقع فأول الشارع وهي بتنادي عليا من آخره.
وشويه شويه صوتها ابتدا يختفي، والدنيا تضلم.
وفوقت معرفش بعد وقت قد ايه لقيتني نايم علي السرير،
وواحد واقف فوق مني بيعمل حاجه فجنبي اللي حاسس فيه بنار جهنم،
وامي واقفه فوق دماغي من الناحيه التانيه ماسكه ايدي وعماله تبوس فيها وتبكى بحرقه، وانتبهت علي كفايف ايديها اللي كانت مفقفقه وحمره،
ومش عارف ازاي متحمله تمسك بيهم ايدي،
وقتها بكيت وانا حاسس بظلم فظيع متظلمهوش بشر قبل كده، وبس مشي اللي كان بيلفلي الحرق بصتلها بعتب وقولتلها:
مش كنتي اديتيله الفلوس من الاول ياماما بدال كل ده!
لقيتها بكت بصوت عالي ومن وسط بكاها فضلت تتأسفلي وتبوس فيا عشان اتسببتلي فكل اللي بيحصلك.
وقالتلي انها هتسحبله كل الفلوس وترميهم في وشه وتطلب منه الطلاق وتخلص منه وتخلصني، وتصلح غلطه غلطتها بمنتهي الغباء وكفايه علينا ذل ومرمطه لحد هنا.
وفعلاً تاني يوم نزلت سحبتله الفلوس كلها ورميتهاله فوشه وطلبت منه الطلاق، وهو اخد الفلوس وقالها هفكر، بس لو طلقتك تبريني من كل حاجه، وهي وافقت، وفضلنا انا وهي مستنيين الفرج.
وعدي يوم والتاني وعمي اتصل عشان ييجي ياخدني، لكني اتحججتله بالمذاكره وقولتله اني عليا واجب كتير، وهو فرح لأني رجعت اذاكر وسابني على راحتي..
وعدوا يومين تاني، وامي بين انها بتعتني بجروحها وجرحي، وبصيت لقيت عمي بيضربلي كلكسات بعربيته من تحت البيت،
بصيت لأمي اللي قالتلي بصوت حنون وهي بتترجاني:
روح معاه ياحسام ومترجعش هنا تاني، روح يابني وانا هخلص من الحيوان اللي اتجوزته دا وابقي اجيلك،
ولو مجتش ومعرفتش اخلص خليك هناك وانساني، وانا من وقت للتاني هبقي اجيلك اطمن عليك،
وجودك مع عمك احسنلك وأحسنلي ياحسام صدقني،
بس يابني اياك توريله جرحك او تحكيله علي اللي عمله جوز امك فينا،
عمك هيتجنن ساعتها ويبلغ عنه عشان يسجنه وهو وقتها هيعند معايا ومش هيطلقني،
او هييجي عمك يقتله وساعتها هيروح فيها ويتحبس، ومش هيبقالنا حد من بعده،
وانا معتمده على الله وعليه في مستقبلك ياحبيبي.
وروحت مع عمي وانا ناوي اني اسمع كلام امي وافضل مع عمي ومرجعش تانى واستناها هى اللي تجيني.
وطول اليوم فضلت حريص علي اني مااكشفش جرحي قدام حد،
وبالذات عمي اللي كل شويه يبصلي بحيره ويسألني وهو شايفني بتألم مع كل حركه:
ياحسام ياحبيبي فيك ايه قولي؟
يابني انا من ساعة سنتك اللي اتكسرت وانت قولتلي انك وقعت عليها وانا قلبي مش مطمن وحاسس ان بيحصل معاك حاجه مش كويسه،
يابني قولي لو جوز امك بيضربك و انا اعرف مااجيبلك حقك منه واعلمه الأدب،
او لو حد من اصحابك جاي عليك برضوا قولي وانا هوقفه عند حده، لكن متفضلش ساكت كده ياحبيبي اتكلم.
وانا كل اللي عليا اني انفي و اقوله مفيش حاجه من دي بتحصل ياعمي،
لكنه مصدقنيش وفضل يبصلي بشك مستحملتهوش،
وقمت مشيت من قدامه ودخلت اوضة ود قبل ماانهار قدامه واعيط واحكيله علي كل حاجه واضيع فرصة امي في النجاه.
اتقدمت وقعدت علي السرير وبصيت لود وهي قاعده علي التسريحه وكريمه بتسرحلها فشعرها،
ومع كل ضربة مشط فشعرها تفضل كريمه تتغزل فيها وفجمال شعرها ونعومته،
وبعد ماخلصت شعرها تسريح لفتها عليها وحضنت وشها بين اديها وبصتلها بإعجاب شديد وفرحه،
قبل ماتسمي علي جمالها وتصلي وتضمها فحضنها..
بصيتلهم وشفت المحبه اللي بينهم وسألت نفسي:
طيب لو امي معرفتش تتطلق من جوزها وترجعلي،هفضل محروم من حضن زي دا وقت مااكون محتاجه؟
ومن بعد ماكنت كل يوم انام فيه، مشوفهاش ولا ادوق حضنها غير كل فين وفين؟
ومش بعيد اتحرم منه خالص!
ووقتها قررت اني مش هسيب امي ولا هبعد عنها، واللي يجرا عليها يجرا عليا،
ويأمه نخرج من هناك مع بعض يأما نفضل مع بعض.
وفعلاً يومها مقولتش لعمي اني عايز افضل معاه وقضيت باقي اليوم عادي العب مع ود،
وعلى آخر النهار لما جيت اروح،
وخلاص عمي نزل قدامي يسخن العربيه وانا المفروض اني استحمي و اغير هدوم البيت اللي لبستها من هنا، والبس هدوم الخروج وانزل وراه،
في الاثناء دي وانا قالع التيشرت كريمه فتحت الباب مره وحده ودخلت عليا،
وانا بسرعه رفعت الهدوم اللي فأيدي وغطيت الحرق بيها، ولقيت كريمه جات عليا ومره وحده شدت التيشرت من ايدي وكشفت الحرق، وابتسمت وهي بتبصله وقالتلي بنبرة كلها شر:
دي جزاة اللي يعلب بالنار، لازم النار تطوله وتحرقه،
وامك مسكت النار وكانت عايزه تلعب بيها،
لكن للأسف معرفتش والنار مسكت فيها وطالتك انت كمان معاها،
وخرجت وسابتني محتار مش عارف ولا فاهم معني كلامها دا ايه.
ونزلت وركبت العربيه مع عمي،ورجعت لأمي اللي من اول مافتحت الباب ولقتني قدامها اخدتني فحضنها وكملت بكي،
لان منظرها كان باين انها بتبكي من الصبح،
وفضلت ضاماني وتسألني ليه رجعت، لكن ضمتها ليا كانت بتقول عكس كده،
كانت واخداني قوي فحضنها وشاده اديها حواليا زي حد كانت حاجه غاليه عليه ضايعه منه ورجعتله، وهو ضمها لقلبه ومش مصدق انها بقت بين ايديه من تاني.
وزي ما انا كنت خايف انحرم من حضن امي،
الظاهر ان هي كمان كانت خايفه اكتر مني،
وعرفت يومها اني علي قد ماانا سبب ضعفها، علي قد مانا مصدر لكل سعادتها،
ورجعنا مع بعض نتحمل الاذي، واللي خف شويه من ساعة ما جوز امي خد آخر فلوس معاها،
وكل يوم يعدي كانت بتفكره انه يطلقها وتأكدله انها هتبريه من كل حاجه وهو يقولها حاضر ويأجل.
لغاية ماجه فيوم وفاجأها لما طلبت منه الطلاق وساومها بين طلاقها والشقه اللي اكتشف انها ملكها و مكتوبه بأسمها،
واللي كانت مخبيه عنه امرها ومعتبراها سر مش المفروض ان الحيوان ده يعرف عنه اي حاجه،
لكن فى الآخر السر مفضلش كتير مستخبي واتفضح، ازاي بقي وامتا عرف بموضوع الشقه ومن مين؟ الله اعلم.
المهم انه عرف، وامي استقبلت خبر معرفته بأمر الشقه بصدمه تعادل تقريباً صدمتها لما عرف انها معاها حساب في البنك،
دا إن مكانتش اشد واقوي، لأن الشقه دي كانت آخر حاجه نملكها،
واللي كانت امى ناويه بعد ماتطلق اننا نقعد فيها، وتشتغل وتصرف علينا احنا الاتنين،
ونقفل بابنا علينا ونكتفي ببعض من الدنيا.
لكن دايماً للظروف احكام تانيه.
وابتدا من يومها عذاب اشد واقوى منه لينا احنا الأتنين عشان يقدر يخلي امي توافق تبيع الشقه وتديه فلوسها او تتنازله عنها.
بس امي المرادي حطت حياتها وحتي حياتي قصاد الشقه دي، وصممت انه لو هياخدها يبقي علي جثتها وقالت الكلمه دى الف مره.
وفضل كل يوم يضرب، والجيران تيجي تحوش عننا،
واللي كان يتجرأ من الجيران مره كان ياخد نصيبه هو كمان من إهانه وقلة قيمه وبهدله من لسانه الزفر،،
ومره علي مره الناس بطلت تيجي تحوش عننا مهما سمعوا صوت صريخنا واستنجادنا، والكل بِعد عن الشر وغناله لما خاف ان الشر يطوله.
وهنا صمت حسام يلتقط انفاسه، واخذ يرفرف بأهدابه كي يجعل عيناه تمتص قطرات الدموع التي بدأت تفرزها،متمنياً أن تتوقف عيناه عن افراز المزيد.
ويبدوا انه قد توغل الي اكثر سراديب ذكرياته ظلاماً، واشدها الماً ووجعاً.
وهاهو الألم يطفوا علي عيناه، ويفيض داخل مقلتيه ويتغلغل فى حجرات قلبه، ليخرج في هيئة تنهيدة حارقه.
❈-❈-❈
فرفعت يدى افرك اعلى رأسي، راجياً
عقلى الذي بدأ يهتز بغضب معلناً انه الآن علي وشك قذف سيلاً من الشتائم والسباب.
كبركان ظل هادئاً الي ان قذف احدهم حجراً بداخله، فلفظ جميع حممه للخارج متحرراً منها،
فها هو حسام يحاول أن يثبت له كم انه ساذجاً قد خدع ببعضاً من الاعيب حواء.
ناسياً انها هي من اخرجت آدم من الجنه، ونسي ان كيدهن عظيم.
ونظر حمزه الي حوائط الغرفه التي بدت انها اخذت تضيق عليه، حتي كادت تطبق على انفاسه،
ونظر للسقف الذي هُيئ له انه سيتداعي على رأسه فى اية لحظه من اللحظات معترضاً علي مايحدث.
واخيراً نظر الي عبد الله زوج اخته، فوجده دامع العينين يرفع احدي يديه ليجفف في كمه تلك الدموع التي هربت رغماً عنه،
وهو ينظر الي حسام في شفقة.
وهذا الآخر ماإن نظر اليه ورآه يدمع علي حاله، شاركه بتحرير دموعه من سجنها لتهطل على خديه تضامناً مع دموع عبدالله.
اما انا فأغمضت عيناى وبدأت في استرجاع جميع دروسي السابقه، وهي ان لا اثق في احد قبل البحث بنفسي عن الحقيقة الكامله،،
وسأستمع الي باقي الرواية من لسان حسام،
وبعدها سابدأ رحلتي في البحث بنفسي عن الحقائق.
وهكذا سأعلم بطريقتي مدى صدق كل رواية من الروايتين،
وابدأ في جمع الادلة والقرائن،ولن اكتفي بسماع الحقائق من الافواه بعد هذا .
فكل ذي شكوة على حق، وكل شاكٍ مظلوم.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية