-->

رواية جديدة عازف بنيران قلبي لسيلا وليد - الفصل 21 - 2

قراءة رواية جديدة بقلم سيلا وليد

تنشر حصريًا على مدونة رواية و حكاية



رواية عازف بنيران قلبي

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سيلا وليد


الفصل الواحد والعشرون

الجزء الثاني


العودة للصفحة السابقة



بمزرعة نوح


تجلس أمام بعض أشجار الفراولة وتدون بعض الملاحظات وبجوارها أسيا، قاطعت أسيا إهتمامها بفحص النبات قائلة

-أسما المهرة مريضة ولازم نوح يعرف، توقفت تقطب جبينها

-هو إنتِ مش عرفتيه.. تنهدت أسيا قائلة:

-هو أنا بقيت أشوفه، بيرجع متأخر..ربتت على كتفها قائلة

-قوليله ياأسما، أنا عالجتها بس برضو لازم يعرف عشان فيه فيرس منتشر في الحيوانات الأيام دي

هزت رأسها واجابتها

-حاضر ياأسيا، لما يجي هقوله...دققت أسيا بملامحها الباهتة

-هتفضلي لحد إمتى وانتِ كدا ..اتجهت بنظرها لصديقتها وشعور قاس يفترس روحها المغدورة، فانبثقت عبرة على وجنتيها

- لو قولتلك حاسة  إني مش عايشة أصلا هتصدقي

ربتت أسيا على ظهرها وتحدثت

-نوح بيحبك قوي ياأسما اقعدي معاه، وافهمي منه ليه عمل كدا...قاطعهم صوت سيارة راكان

اتجهت أسما إليه حينما ترجل متجها لحظيرة الأحصنة ...حضرة المستشار!!

قالتها أسما حينما وجدته تخطها دون حديث، توقف ينظر إليها

-فيه حاجة...؟!استغربت طريقته وصوته الذي يحتوي على نبرة الألم

اقتربت وتحدثت :

-نوح مش موجود..تحرك وهو يجيبها

-عارف..بعد قليل خرج وهو يتمطى جواده

 

لم يشعر بالوقت الذي يتمطى به حصانه، ظل يسير دون هدى بين الحقول حتى أرهق حصانه، وقف يلتقط أنفاسه بصعوبة، ثم نزل وجلس على الأرض الصلبة، يضغط على قلبه المحترق الذي شعر بنبضه يتوقف، ذهب بذاكرته لضعفه الذي لم يستطع السيطرة على نفسه من قلبه الضعيف حيث تذكر منذ عدة ساعات وهما بالبيت اللذان قضا بهما ليلتهما الأولى ..تنهد وذاكرة خروجها وبحثه عنها بين الأشجار، حينها شعر بتوقف نبضه

عندما وجدها تتألم، انتفض ذعرًا  إليها حتى هوت بين يديه

ضرب على وجهها يضمها لصدره قائلًا

- أنا هنا حبيبي افتحي عينيكي، رُعب مظهره وتثلجت اوصاله من شحوب وجهها الذي أصبح محاكيا للموتى، وشفتيها التي تخضبت بزرقة باهتة" هز رأسه رافضا مما حدث لها، وحرارته المرتفعة

شدد من عناقها وضمها بقوة وهو يزأر بصوته كأسد جريح

بأسمها "ليلى"وكأن سماء الشتاء تبكي لبكائه فتساقطت الأمطار بغزارة عليهما مما جعله ينهض ليضمها لصدره يخفيها بداخله بعيدا عن مياه المطر،  نظر إليها بقلبه الحزين بعدما مسح  وجهه الغارق بالدموع التي اختلطت بمياه الأمطار لينحني على ثغرها يقبلها بكل ماأوتي به من قوة ...خرج من ذكرياته على صوت صهيل الحصان

جلس مستندًا على أحد الأشجار شعر بنسمة هواء ورغم إنها باردة إلا أنه ابتسم عندما تذكر قبلاته لها سواء المحمومة او القاسية، فكانت  مثلجة للروح مرت على قلبه وتركت أثرها الفاتن بين ثنايا الروح ، وضع كفيه على شفتيه يتلمسها وكأن أثرها مازال بها

أطبق على جفنيه وتمنى لو هي بجواره آلان، لأذاقها من عشقه مالم يرويه أحدًا، ولكنه فتح عيناه متألما لما صار بينهما

حالة غريبة سيطرت عليه حالة متناقضة غريبة يعيشها معها في خضم أحاسيس أرهقته واثقلت سيطرته وشعوره بالخروج من سيطرتها، شعر وكأنه في منتصف متاهة لا يعلم كيف يخرج منها

ظل جالسًا مكانه متحدثًا لنفسه

-آه ليلى، خلتيني أشعر بالعجز، لا عارف ابعد ولاعارف أقرب كل اللي اعرفه انك مرض ومش عارف اشفى منه

عند ليلى بعد خروج زينب اتجهت لغرفة طفلها   اقتربت من فراش صغيرها، جذب مقعد وجلست بجواره تمسد على خصلاته،ثم ملست على وجنتيه ابتسمت على ملامحه فهو مزيج من زوجها المتوفي وعاشق روحها، أخذت تمرر كفيها على خصلاته الناعمة وهي تتذكر ماصار منذ عدة ساعات التي بدأت تظهر بوضوح أمام عيناها، وحديثه الذي يتردد بأذنيها من إعترافه من عشقها الضاري لقلبه

تنهيدة حارقة خرجت من جوفها وهي تتذكر لمساته وهمسه لها بعشقه الذي تغلغل بوريده، اختلط وجهها بدموعها ونيران قلبها من الغيرة الذي حطمهما، كيف له أن يعشقها ويرتبط بأخرى، كيف له أن يعشقها كما شعرت وهو يؤلم روحها بتلك الطريقة..فتح طفلها عينيه وهو يبتسم ويدفع اقدامه بالهواء حتى تحمله، اعتدل الطفل جالسا، وحاول أن يستند على فراشه..كانت تراقب حركاته وتبتسم لقد انتشلها من أحزان قلبها

رفعته تضمه لصدرها وطبعت قبلة على وجنتيه -صباح الخير أميري، جذب خصلاتها وقهقاته بالأرتفاع ضمته وهي تدور به حتى دلفت مربيته وهي تحمل طعامه

-صباح الخير مدام ليلى

-صباح الخير ياهدى..خدي أمير غيريله وفطريه عشان هننزل انا وهو مشوار

اومأت العاملة تحمل الطفل بينما ذهبت ليلى لغرفتها عندما استمعت لرنين هاتفها

-أسما عاملة إيه؟!

تنهدت أسما وأجابتها

-الحمد لله..صمتت لبعض اللحظات ثم تسائلت

-إيه اللي حصل ياليلى؟!

ضيقت ليلى عيناها متسائلة:

مش فاهمة قصدك

تحركت أسما وهي تراقب بنظراتها راكان الذي عاد بجواده ووجهه عبارة عن لوحة من الألم والوجع، فتسائلت

-إيه اللي حصل وصل راكان للحالة دي

شعرت بألم يتسرب لخلاياها فعلمت بوجوده بمزرعة نوح..فتحدثت قائلة:

-مفيش حاجة مهمة كالعادة خناقتنا اللي بتخلص..صمتت للحظة ثم تحدثت

-هو عندك من زمان، تحركت أسما متجهة لمنزلها مردفة

-بقاله تلات ساعات تقريبا بيلف بالحصان، بس متكلمش معايا في حاجة حتى نوح مش موجود

اتجهت ليلى لخزانة ملابسها واردفت

-طلبت منه الطلاق..صاعقة نزلت على أسما من كلمات ليلى

-اكيد اتجننتي مش كدا، قالتها أسما بغضب

مسحت ليلى على جبينها ترجع خصلاتها للخلف تود لو تصرخ من أعماق قلبها بسبب عذابها من حبه فتنهدت قائلة

-أسما انا تعبت من الحب دا، وقبل اي حاجة هعمل ايه بحبه وأنا مشفتش منه غير الوجع والخيانة، افتكري من اول يوم حبيته لحد امبارح وانا ماحصدش غير الألم والوجع

ابتلعت غصة متألمة شقت جوفها وتحدثت

-انتِ عارفة يعني إيه شعور الست لما تشوف الراجل الي بتتنفس عشقه يكون مع واحدة تانية، واحدة تانية بتشاركك فيه، واحدة تانية بتقوله بحبك وتلمسه زيك، واحدة هو بيشوفها بعيونه زي مابيشوفك، واحدة ممكن ياخدها في حضنه مكانك ويشم ريحتها بدل منك

شهقات ببكاء خرجت من جوفها بخناجر مؤلمة ودموعها تشق وجنتيها تحرقها وهي تتخيله قريبا من فتاة غيرها

جلست بروح متمزقة على فراشها عندما شعرت بفقدانها للوعي وبمخيلتها ان يفعل مع غريمتها مثلما فعل معها..انشطر قلبها وبكت بنزيفه وهي تتحدث بصوتها الباكي

-كتير عليا ياأسما المرادي، والله كتير عليا مش قادرة أتحمل واحدة تقرب منه، كفاية وجع قلبي بعد جوازي من سليم

نزلت دموع أسما من حديثها فهمست قائلة

-لا حاسة ودايقة الوجع ياليلى، أنا شوفت وحسيت وتعبت قوي ياليلى

صاحت ليلى بقهر قلب دُمر واغتالت برائته

-نوح مش زي راكان، نوح مجبور إنما راكان بيوجعني، عايز ياخد حقه مني في وجع قلبه لما اتجوزت سليم، هو قالي كدا ياأسما، قالي انتِ كنتي بتتمتعي بحب سليم وانا وراكي بتعذب

لقد أصاب قلبها المًا فوق الألم فتحدثت

-يمكن لما نبعد نقدر نتجاوز وجعنا

زفره محملة بالوجع من جوف أسما قائلة

-مش هتقدري، صدقيني مش هتقدري، اتكتب علينا نتوجع من اللي بنحبهم

-لا هقدر ياأسما، استنى بس بابا يعمل العملية ووقتها هبعد عنه وعن كل حاجة بتربطني وبتفكرني بيه

هزت أسما رأسها وتحدثت:

-معتقدش ياليلى، ولكن اتمنى..

 

--

.بعد أكثر من اسبوع هبطت للأسفل فاستمعت لصراخ توفيق إلى زينب

-ابعدي ابنك لو خايفة عليه يازينب، راكان مش هيسكت الا لما يلحق أخوه

جلست زينب أمامه ورغم خوفها ورعشة قلبها من حديث توفيق إلا انها أحابته

-خليه ينتقم منكم وأولهم انت ياتوفيق باشا، اوعى تفكر أني هقوله ابعد، نهضت ونظرت لمقلتيها بجبروت إمرأة

-لازم ياخد حقي وحق ولادي اللي دفنتهم من قبل حتى ماأفرح بيهم

جذبها توفيق بعنف يعقد ذراعها خلف ظهرها وتحدث بصوت كفحيح أفعى:

-لو راكان حصله حاجة هدفنك حية يازينب سمعتيني، دا اللي طلعت منه من ولاد اسعد، اوعي تفكري اني عبيط ومعرفش إنك بتخططي عشان يتمم جوازه من البنت الحقيرة اللي سليم الغبي ابتلانا بيها، دا على جثتي يازينب والبنت دي همشيها من البيت دا وبفضيحة كمان بعد ماحصركوا على أمير

قالها ثم دفعها حتى هوت على المقعد وأشار بسبابته قائلا

-راكان مش ابنك متدخليش في حياته وجوازه من بنت النمساوي هيتم غصب عن الكل، حتى غصب عنه كمان، قالها ثم صاح بغضب للعاملة

-اعملي قهوتي وهاتيها في مكتب راكان..قالها توفيق متحركا للداخل

ظلت ليلى واقفة متصنمة مما استمعت إليه، وتسائلت بداخلها

-يقصد إيه من مش هيسيبوه، وهم مين دول..تحركت متجه إلى زينب التي جلست بجسد مرتعش فتحدثت :

-ماما زينب .. رفعت زينب عيناها المترقرقة بالدموع، وقامت بمسح وجنتيها بكفيها المرتعش قائلة بصوتًا متقطع

-ايوة يابنتي..جلست ليلى بجوارها وتسائلت بأعين ذائغة

-انا سمعت كلامكم والله صدفة، هو جدو توفيق يقصد إيه

انسدلت عبرات زينب قائلة

-مضحكش عليكي بس حياة راكان في خطر، انت تعرفي في الحادثة اللي مات فيها سليم كانت مدبرة، مسحت دموعها وهي تنظر لليلى

-كانوا قاصدين راكان، بعد ماضربوه بالنار ونفد رجعوا يحاولوا يخلصوا منه، بكت بصوت مرتفع

-قوليلي ياليلى تفتكري ربنا بيعاقبني على حاجة عشان كدا حرمني من ولادي كلهم، ودلوقتي الدور على راكان

بللت حلقها وابتلعت ريقها ، بعدما توقف مجرى الدم بعروقها، تحاول أن تستوعب ماوصل إليها من حديث زينب قائلة

-قصدك سليم مات بحادثة مدبرة القصد كان راكان..نهضت وهي تنظر حولها بضياع

-يعني كلامه ليا كان حقيقة، انهم كانوا عايزين يتخلصوا منه، توقفت فجأة ونظرت إلى زينب

-تعرفي مين دول ياماما زينب؟! قالتها بعدما شعرت ان ساقيها كالهلام ظنا منها انه أمجد

رجعت زينب برأسها على الأريكة وأجابتها

-قضية شغال عليها بقاله سنة وفيها ناس كتير ليهم مراكز وأولهم جده زفت دا،

قصت زينب لها كل شيئا منذ زواجها من أسعد حتى إنجابها سليم ووصول سيلين إليها

جلست وشعرت بعدم القدرة على الحديث أو الحركة

-يعني سليم بس ابنك، وراكان وسيلين مش ولادك، أنا سمعت حاجة زي كدا بس متوقعتش أنها حقيقة عشان بشوف علاقتك براكان وسيلين قوية جدا

سحبت زينب كفيها ونظرت إلى مقلتيها

-ومين قالك ان راكان مش ابني، راكان دا روحي ياليلى، دا عوضني على حزن ووجع محدش يتحمله، لما يوصل بيكي الحال إنك في بير كله ضلمة وفجأة تشوفي شعاع من النور، دا راكان في وسط حياتي اللي انهارت وخسرت كل حاجة، وموت ابويا وفجأة اشوفه بيمسك ايدي ويضحك في عز حزني وألمي،

ضمت زينب وجهه ليلى بين راحتيها

-انا كنت زي الميتة، ابني اللي كنت بستنى انه يكبر اشوفه فجأة تحت التراب، ابويا اللي كنت بتحامى فيه فجأة أدفنه هو كمان

حياتي كلها كانت ضايعة وهو جالي وانقذني من الحزن والوجع، إحنا الاتنين كنا محتاجين لبعض وقعدت بعدها خمس سنين لحد ماربنا كرمني بسليم، خلاص هو بقى حياتي كلها

ابتسمت من بين وجعها وتحدثت

-تعرفي مكنش يعرف إلا قريب، ورغم كدا مزعلش بالعكس خدني في حضنه وقالي

-الأم اللي بتربي مش اللي بتولد، ليه مقولتيش انهم كانوا بيهددوكي بيا

انزلقت دموعها قائلة:

- كان بيهددني يااما أعمل كل الي عاوزه يااما يروح يقوله اني مش امه ووقتها هيكرهني ويبعد عني

بكت بنشيج وأكملت

-كنت بين نارين ياليلى، يااما اتنازل عن شقى عمري، ياإما اتحرم من راكان..راكان وسليم دول النفس اللي بتنفسه يابنتي، واهو سليم ياحبيبي سابني بدري قوي، مالحقتش افرح بيه واشوفه وهو بيحضن ابنه، ودلوقتي جاي يهددني بآخر نفس ليا ياليلى

دفنت ليلى نفسها بأحضانها وانسدلت عبراتها على وجنتيها وهي تهز رأسها رافضة فقدانه فتحدثت بصوتا متقطع

-مش هيقدروا يؤذوه ياماما، ان شاءالله ربنا هيحميه، قالتها بعدما أغرق وجهها بدموعها

اخرجتها زينب تنظر إلى مقلتيها

-ليلى حافظي على جوزك، أنا عارفة انه صعب شوية، بس لازم تتحملي عصبيته عشان مش يحرموكي من ابنك، صدقيني توفيق الشيطان بيتعلم منه، وانتِ سمعتي لما قال هيخرجك بفضيحة، اوعي تضعفي قدامه، خليكي دايما القوية، متعمليش زي يابنتي

رفعت ليلى كفيها وطبعت قبلة وتحدثت مبتسمة

-اوعدك ياماما زينب احافظ على جوزي وابني، ومش بس كدا، هخليهم يعرفوا يعني إيه ياخدوا حاجة مش بتاعتهم

مرت قرابة الساعتين وتوفيق مازال بمكتبه، هبطت للأسفل تبحث عن زينب، دلفت عايدة بجوار فريال، صاحت فريال على العاملة

-اعمليلي قهوة يانعيمة، واعملي لعايدة العصير الفريش..طالعتهم ليلى بذهول وكأنها لم تكن موجودة

-استني يانعيمة، فين ماما زينب ..تسائلت بها ليلى

أجابتها العاملة:

-راحت مع الباشمهندسة سيلين تعمل الفحص السنوي ياهانم، قالتلي ابلغك لما تصحي

-طيب يانعيمة اعملي اكل لأمير عشان موعد اكله قرب..وبالنسبة للهوانم فيهم يدخلوا يخدموا نفسهم بما ان مفيش غيرك النهاردة

جحظت أعين عايدة فهبت واقفة وتحدثت بتهكم

-ايوة باني ياختي على حقيقتك، هي مين دي يابت اللي تخدم نفسها

جلست ليلى تضع ساقًا فوق الأخرى وأشارت لنفسها

-متعرفيش انا مين..رفعت كفيها ترجع خصلاتها للخلف قائلة

-انا ياستي ليلى البنداري، الكنة الوحيدة لعيلة البنداري، أو ممكن تقولي صاحبة العز دا كله

شهقة قوية خرجت من جوف فريال ثم تحدثت

-عز مين ياختي، إنتِ صدقتي نفسك ولا إيه

نهضت ليلى ودارت حولهم بهدوء وأردفت

-ليه ياطنط هو حد قالك قبل كدا إني مكذبة نفسي ولا إيه...هزت رأسها وأكملت بمغذى

-قصدك يعني عشان جوازي من راكان انه جه غصب وكدا

جلست أمامها ووزعت نظراتها بينهما قائلة

-مش راكان ابدا والله، لا دا امير سليم البنداري اللي حاولتوا تقتلوه

انتفضت عايدة ذعرا وهي تجذبها بعنف

-بقولك يابت إنت اوعي تخليني احطك في دماغي، كفاية بسببك مات سليم وبنتي اللي انطردت من عز ابوها، قسما عظما لو حطيتك في دماغي لأخليكي تكرهي اليوم اللي اتولدتي فيه

انكمشت ملامح ليلى بتعبير ساخر مع نظراتها المتهكمة بينهما

-لا شكل حضرتك متعرفيش مين هي ليلى المحجوب، أنا كنت صابرة المدة دي كلها عشان عذراكم، إنما بعد اللعبة اللي عايزين تستغلو أمير فيها لا هنا واستوب، ابني خط أحمر ابعدي عنه يامدام عايدة عشان مقلبش عليك

بغضب لون ملامحها اقتربت من فريال

-دخلتي عليا زي الحية، وسمتيني بكلماتك وصور لراكان في حضن دي ودي عشان تكرهيني فيه..أطلقت ضحكة خافته واشارت لنفسها وأكملت بصوت مختنق

-متعرفيش ان أكتر شخص في حياتي مكرهتش غيره هو حضرة النايب، يعني مكنش له لازم تعبك وسمك ليا

استدارت إلى عايدة واقتربت منها

-ابني اللي حاولتي تقتليه قبل مايوصل على وش الدنيا دا مفكرة مش هتتعاقبي عليه، لا يامدام فيه اللي اكبر مني ومنك، وأن كان حضرة المستشار عمل حساب للقرابة، فأنا معرفكيش

نصبت قامتها بتكبر وأشارت إلى باب المنزل

-ودلوقتي بدل مفيش غيري في القصر مش مرحب بيكم وقت لما ماما زينب ترجع فيكم تيجوا

امتقع لونهما وتوسعت نظرات كلا منهما، احرقتها عايدة بنظراتها، فاقتربت منها تشير

ونبرة قوية يشوبها قسوة جعلت ليلى تنتفض بمكانها

-وعد من عايدة المرشدي قريب لأطردك من البيت دا، وهتشوفي إزاي توقفي قدام اسيادك

عقدت ذراعيها وتهكمت قائلة

-قولي ان شاءالله

قالتها وهي تشير بكفيها للخارج ... جلست تضع كفيها على صدرها تلتقط أنفاسها بعدما خرجوا

-لازم كل واحد يعرف حدوده بعد كدا، حاضر ياراكان مش عايز هدنة، والله لاخلي عيلة الندامة دي تلف حوالين نفسها ويبقى تخبي عليا حلو

--

باليوم التالي

دلفت إلى غرفته ووقفت أمامه بكبريائها، رفع نظره إليها وتحدث

-إيه يابت اتجننتي ولا إيه، اهلك مش علموكي تخبطي قبل ماتدخلي ولا إيه.. اقتربت منه بملامح ثابتة على عكس ماتشعر من رهبته فأردفت

-مفيش حد بيستأذن في بيته ياباشا، وحضرتك قاعد في بيتي، اعتدلت وأشارت بكفيها على المنزل كله وصاحت بغضب

-القصر دا كله ملكي، مالت بجسدها ولم يرف لها جفن قائلة:

-شكلك ناسي اللي واقفة قدامك دي بتكون ليلى راكان البنداري اللي هو صاحب الكرسي اللي حضرتك قاعد عليه..ضربت على جبينها قائلة

-اوبس نسيت أقولك فلوسك بعتهالك، هتحاول تقرب مني هفترسك، خد بالك وأعرف اللي واقفة قدامك دي بتكون مالكة لامبراطورية البنداري ومستعدة اتنازل عنها كلها ولا إني ابعد يوم واحد عن جوزي، والبت الذبالة اللي حضرتك فرحان بيها دي متساويش الشوز بتاعي ...اعتدلت ونظرت لصورة راكان الموضوعة على المكتب ثم اتجهت بنظرها إلى توفيق

-ومستعدة اضحي بحياتي كلها مش فلوسي، فياريت تبعدني عن مؤمراتك القذرة، وصدقني البت دي لو قربت من جوزي تاني هتحول لأكلة لحوم البشر، ودلوقتي دا مكتب جوزي، والمفروض انا بس اللي ادخله وهو مش موجود، يعني حضرتك هنا ضيف، اخرك الصالون..قالتها واستدرات متحركة وكأنها لم تفعل كتلة النيران التي القتها عليه فصاحت على العاملة

-وصلي توفيق باشا الصالون عشان ياخد الضيافة شكله تاه من مساحة القصر..هب فزع

-استني عندك يابت، نهض ناصبا عوده وتحدث بفظاظة ونظرات محتقرة

-نسيتي نفسك يابنت الشوارع ولا إيه، ولا عشان لعبتي على حفيدي ووقعتيه هتعملي نفسك قيمة..لا فوقي دا انا ادعسك زي الحشرة

بعينان قويتان عليها اقترب منها

-لا دا انتِ كتبتي نهايتك بنفسك يابت انتِ، مش باقي اللي حتة بنت مارضاش اشغلها خدامة عندي توقف قدامي وتقولي اطلع برة

لا فوقي.. قالها بصراخ اهتزت جدران القصر

-اخرص اهلي دول اشرف من واحد كل همه يبيع اهله عشان شوية فلوس، ابويا شقي وتعب علينا مسرقش فلوس حرام  

اقترب منها واطلت من عينيه نظرة جوفاء قاسية اتبعها بكلمات هازئة

-ودلوقتي هتطلعي تلمي شوية الهلاهيل اللي دخلتي بيهم البيت دا، اللي اهلك اصلا كانوا يحلموا يوقفوا قدام البوابة حتى لو بوابين

بدل مااخلي حفيدي يجي يسحبك من شعرك زي العاهرة ويرميكي برة

سحب نفسا طويلا من تبغه الغالي وهو يطالع سكونها وانكماش جسدها حينما ابتعدت عنه بجسد واهن وصاح قائلا بفظاظة

- دلوقتي هتمشي بكرامتك ولا لما يجي يطردك زي الكلبة...أشار بإذدراء عليها قائلا

- اومال لو مش هيتجوز عليكي بعد شهر كنتي عملتي ايه، نهض من مكانه مقتربا منها

-راكان مش سليم الأهبل اللي هتضحكي عليه،  دا ناصح وفاهم امثالك

رمقته بإحتقار خفي فكلمات زينب تتردد بآذانها تملك منها الرعب حينما تحدث قائلا

-هخليه يطردك وياخد ابنك واكيد سمعتي عن عيلة البنداري ان لحمهم مُر

اختلج صدرها ضربات عنيفة وشعرت بألما يجتاز جسدها ورغم ذلك ألتوت زاوية فمها بإبتسامة باهتة، تحاول الثبات أمامه واقتربت منه قائلة

- دا حضرتك بتحلم أحلام خيالية عظيمة، ضحكت ضحكة مستهزئة بحديثه قائلة

-احلم ياباشا الحلم للجميع، بس متنساش انها هتكون اضغاث أحلام، ولو فعلا زي مابتقول ان راكان هيطردني وياخد ابني يبقى فعلا يستاهل تبقى إنت جده..قالتها وتحركت مهرولة، ورغم تحركها السريع إلا أن خطواتها مبعثرة، ودقات عنيفة من شدة رهبتها..توقفت على أول درج عندما صدح صوته

-وعد من توفيق البنداري لتكوني برة البيت دا هشفوه انه يستاهل اكون جده ولا لا يابنت حضرة المحاسب المريض

احتدت نظراتها من ذكر اسم والدها ومعايرته بمرضه، انبثقت عبرة غادرة تحرق وجنتيها قائلة

-هستنى من واحد مريض ذيك إيه، واحد قتل احفاده وابنه ومراته..تحرك كالثور الهائج وضغط على ساعديها بقوة نظرة نارية لو خرجت لأحرقتها قائلا

-طيب الحمد لله إنك عارفة اني قتلت احفادي، وابني، تخيلي ممكن أعمل إيه في واحدة نكرة

صاح على العاملة بغضب قائلا

-عايز عشا على شرف خطيبة كبير العيلة النهاردة، عشا يليق بمرات راكان البنداري

نظرت العاملة لليلى المنكمشة وذراعيها التي يضغط عليها توفيق بقوة

-عايزة اجهزلك إيه يامدام

دفع ليلى حتى سقطت على الأرضية أمام العاملة

-إنت بتسألي مين ياحيوانة؟! إنت مفكرة قصدي على النكرة دي

جثى يجذب ليلى من حجابها وألقاه أرضا وهي تصرخ

-دي هنا خدامة لحفيدي وبس، ووقت مادورها ينتهي، وناخد الولد هنرميها في أقرب مذبلة

فغرت العاملة شفتيها مصدومة من أفعاله بليلى، توقفت ليلى:

-اعرف قبل ماتعمل كدا اموتك واشرب من دمك، الي يقرب من ابني وجوزي اخليه طعام للكلاب

قالتها واتجهت ثم فتحت باب المصعد سريعًا  وجسدها ينتفض رعبًا من نظراته القاسية وما فعله وشهقاتها بالأرتفاع

جلست لعدة ساعات بجوار طفلها ولم تتحرك من جواره فكلما تذكرت حديثه تضم إبنها وتبكي ..لا إيه العيلة دي يارب ساعدني

تسطحت تحاول  السيطرة على نفسها بألا تفعل شيئا تندم علي، حاولت أن تغمض جفونها، ولكن كيف لها ذلك بعدما وجدت الجحيم على يديه

-راكان أنت فين، بقالك اسبوعين مختفي ليه ياترى روحت فين..ارجعت خصلاتها بعنف، 

-يارب ماتخذلنيش ياراكان، المرادي هتكون قتلتني فعلًا

بعد فترة وصل راكان..كان متجها لغرفتها لقد أشتاق لها حد الجنون اسبوعين  مر عليهما منذ تلك الليلة وكلاهما يبتعدان عن بعضهما

توقف عندما صاح توفيق الذي وقف متجهًا إليه

-لسة بدري ياحضرة المستشار، إيه رجعت تسهر برة البيت وتبات كمان

زفر راكان واستدار إليه محاولا السيطرة فأخذ نفسًا مطولا وطرده بهدوء:

-خير ياتوفيق باشا، أنا راجع من برة ودماغي مش فيا، وتعبان وعايز ارتاح

خطى إليه وهو يرمقه بملامح غاضبة وتحدث بصوتًا مرتفعة

-فيه ان الخدامة اللي قاعدة مع حفيدي طردتني النهاردة، إيه ياكبير العيلة حتة بت من الشارع تطرد توفيق البنداري، إيه رأيك في الكلام دا

اخذ يتنفس الصعداء مقتربًا منه، وثورة حارقةبجوفه اردات ان تلتهمه قائلا :

-قبل كدا قولتلك دي اخت راكان البنداري والي يقرب منها هدفنه مكانه، أنا معنديش ذرة عقل دلوقتي عايز ارتاح عشان لو اتكلمنا هزعلك

قهقهات ساخرة خرجت من توفيق قائلا

- لا ماهو انتوا مابتجبوش غير ولاد الشوارع، مش قصدي دي

تنهد بصوت عالي، وأخذ يقترب حتى جلس بمقابلة جده متسائلا وهو يمسح على وجهه بغضب

-بقولك ياتوفيق باشا، أنا جاي من سفر ومش فاضي لكلامك الفاضي دا..قالها راكان ثم نصب عوده متجها للأعلى، ولكنه توقف حينما صاح توفيق بغضب:

-قصدي البت اللي كان متجوزها سليم..تجمد راكان في مكانه محاولا استيعاب ماقاله فتسائل:

-قول قصدك مين..

قصده علي ليلى ياراكان..قالتها سيلين التي دلفت إلى الغرفة..بعدما حكت لها العاملة عقدت ذراعيها أمام صدرها وتحدثت

-جدو ضرب ليلى النهاردة

هب فزعا كالملدوغ وتسائل

-عمل ايه،، ضرب مين؟! يعني إيه..وزع نظراته لجده وسيلين التي أومأت برأسها

توسعت عيناه وباتت الأرض من تحت قدميه كفوهة بركان أوشك على الانفجار

ابتلع ريقه الذي جف، واستدار سريعًا إلى سيلين :

-قصدك ليلى مين..جلس توفيق يضع ساقًا فوق الأخرى ينفث تبغه وأشار عليها عندما وصلت ووقفت خلف راكان ، فتحدث قائلا وهو يرمقها بإحتقار

-البت الي وراك دي، قال ايه ياسيدي بتقولي اطلع برة، والمكتب دا محدش يدخله غيرها وغير قال ايه جوزها

قهقه توفيق بعدما توقف متجهًا إليه:

-دي صدقت إنها مراتك، شوف ياسيدي لملمت اخوك عملت إيه

استدار راكان ينظر إلى وقوفها، وعيناها المرتجفة، محاولا إستيعاب مدى القسوة والإهانة التي وجهها لها توفيق بحضرته

تحرك إلى أن وصل ووقف بجوارها..طالعها بنظرات تفحصية يبحث عن شيئا أصابها فتحدث بصوتًا حاول أن يخرج متزنا

-هو قصده عليكي

تضرجت ملامحها بجمرة الغضب، حينما وقعت في براثن حيرتها من ملامحه التي لم تصل لردة فعله فقالت

-ابني الي يقرب منه هاكله بسناني سمعتني، محدش يقرب مني ومن ابني

تهكم توفيق فتحدث :

-ماتكملي ياختي الي قولتيه، قولتي ابني وجوزي..ضحك بسخرية

-المدام عشان رقصت معها رقصة يبقى خلاص بقيت جوزها متعرفش أننا اتحملنها الفترة دي كلها عشان الولد بس

لحظات بل دقائق مرت عليها كدهر وهي ترى صمته..اقترب من توفيق بخطى سلحفية قائلا

-يعني هي قالتلك اللي يقرب من جوزي وابني هاكله وبرضو حضرتك اهنتها بعد مانسبت نفسها ليا مش كدا

رمقها توفيق بسخرية :

-ايوة صدقت انك جوزها حق وحقيقي..قولتلك نخلص منها قاطع حديثه عندما صرخ راكان

وهويطيح بكل مايقابله بيديه

- انت عايز توصلني لأيه قولي، اموتك وارتاح منك ولا اعمل ايه ...وصل أسعد من الخارج للتو على صراخ ابنه

-راكان فيه إيه اتجننت ؟!

اقترب من والده مزمجر:

-فيه أن الراجل دا لازم يمشي من بيتي فورا..معنتش قادر اتحمله

-ولد اتجننت.قالها أسعد...توسعت أعين توفيق بذهول قائلا:

-اتجننت ..بتطردني عشان حتة بنت، مين البنت دي عشان توقف وتطرد جدك يامحترم

جذب ليلى وحاوطها بذراعه يوزع نظراته إليهم جميعا

-دي بتكون مراتي..قالها بصوت شق جدران القصر. ثم توقف وأشار إليها

-عايز تعرف مين دي

-دي ام أمير اللي هو ابن سليم الله يرحمه، تكون مالكة لأملاك سليم كلها

اقترب من جده اصلي نسيت أقولك ياتوفيق باشا

-إن سليم قبل موته بأسبوعين كتب كل حاجة باسمها، يعني دي ليها أكتر منك شخصيا

استدار وطالعها بنظرات ذات مغذى وتحدث بهدوء

-دي بتكون ليلى البنداري، ام أمير عيلة البنداري اللي يفكر يقرب منها همسحه من على وش الدنيا

ابتسمت زينب قائلة:

-ومتنساش ياحبيبي بتكون ليلى راكان البنداري

هوى توفيق على المقعد قائلا

-سليم كتبلها كل حاجة. دنى راكان يحاوط المقعد الذي يجلس عليه توفيق قائلا:

-ووصية كمان أنها هي المسؤلة عن امير، ومش بس كدا محدش له الحق في أمير غيرها وبعدها أنا، يعني عشان توصل لأهدافك لازم تموتني الأول..ماانت عملتها قبل كدا

هب توفيق واقفا وهو يزمجر غاضبا

-اكيد هي زورت الوصية دي، لا اكيد لعبت عليه، مستحيل سليم يعمل كدا

قاطعهم وصول نورسين ووالدها

مساء الخير..استدار راكان ينظر للتي دخلت

قطب راكان جبينه ينظر إلى نورسين قائلا

-نورسين ..خير فيه حاجة، تركت ذراع والدها، واقتربت ثم طبعت قبلة على خديه

-حبيبي وحشتني..اتجه بنظره لليلى، فابتعد قليلا متسائلا:

-خير فيه حاجة ولا إيه؟!

اتجهت بنظرها إلى توفيق وابتسمت

-جدو توفيق عازمنا على العشا

قوس فمه بسخرية

-طيب يانور بما أن  جدو توفيق الي عازمكم فأنا تعبان لسة راجع..نظر إلى النمساوي

-آسف يانمساوي باشا بس بجد لسة واصل وتعبان

اجابه النمساوي وهو يرمق توفيق

-ولا يهمك ياحضرة المستشار، ربنا يعينك

اقترب من جده وتحدث:

-لعبتها صح ياتوفيق باشا، لسة حسابنا بعدين

قالها بخفوت وتحرك..يبحث بعينيه على ليلى ولكنه لم يجدها

نظر لوالدته واومأ لها، ثم تحرك للأعلى

بغرفتها قبل قليل

كانت تقف تنظر بألم شطر جسدها بالكامل واحترق عندما اقتربت منه تلك الحية الرقطاء وقبلته على خديه ...استدارت سريعا متجهة لغرفتها .جلست على فراشها تنتحب بنشيج على قلبها الضعيف الذي يعشق الإنسان الغلط

دفع الباب ودلف للداخل..نهضت تمسح دموعها وصاحت به بغضب ونيران تحرق قلبها

-بعد كدا خبط قبل ماتدخل..

ابتسم إليها وهو يرمق وجهها الذي مازالت به آثار الدموع..اقترب منها قائلا

-دا بيتي وادخل اي مكان وقت ماأحب حتى مراتي متقدرش تمنعني

صدرت منها شهقة بكاء مريرة خرجت من اعماقها المحترقة حينما ظنت قصده على الآخرى

-أمشي من هنا لو سمحت..اقترب منها وتمنى ان يضمها لأحضانه قائلا:

- إيه اللي حصل بينك وبين توفيق..أزال حجابها من على خصلاتها، الذي انسدل كالشلال

على ظهرها..ورفع ذقنها بأنامله

-مد ايده عليكي..هزت رأسها رافضة

-لا معملش حاجة..قالتها بصوت مفعم بالبكاء

ودمعة غادرة انسدلت عبر وجنتيها، أزالها بحنو 

ألقت نفسها بأحضانه وهمست بأسمه جعل قلبه ينزف ألمًا..كم آلامه دموعها التي نزلت بصمت

ربت على ظهرها بعدما تعالت شهقاتها بالأرتفاع

-إشش اهدي أنا هنا..محدش يقدر ياذيكي

 

جففت دموعها وهي تجهش بالبكاء وتأخذ أنفاسها بصعوبة..

-كنت فين بقالك أسبوعين..سحبها وجلس وأجلسها بأحضانه

-أنا مش عايز اتكلم ونتعاتب على اللي حصل في المزرعة، أنا همسح اللي حصل، وياريت انتِ كمان تمسحيه

تنهد بحزن ينظر لمقلتيها قائلا:

-ليلى لازم ناخد هدنة ونفكر إحنا الاتنين كويس ونشوف هنقدر نواجه مع بعض ولا لا..هسيبك براحتك، وموضوع الطلاق دا مش عايز اسمعه حاليا، لكن وعد مني لو فضلت الأمور متأزمة كدا بينا هطلقك وأريحك

رفعت رأسها سريعا له

-أنا عايزة أرتاح بس ياراكان، عايز احس بالأمان

-ليلى حبيبي ممكن تهدي وتحكيلي إيه اللي حصل..هزت رأسها رافضة

-مش عايزة أتكلم ياراكان لو سمحت..ضمها بقوة وتسطح على الأريكة ثم جذبها لأحضانه

-طيب نامي دلوقتي وبعدين نتكلم، أنا جاي تعبان وعايز ارتاح

اغمضت عيناها مستمتعة بأنفاسه وأحضانه..مرت دقائق وبعدها ذهبت بسبات عميق

استدارت بوجهها إليه:

تلمس وجهه بحب، ثم دنت وطبعت قبلة على شفتيه قائلة

-النهاردة بس عرفت انك اماني وحمايتي، ربنا يخليك ليا ياحبيبي يارب

ظلت بأحضانه تملس على وجنتيه مرة وعلى خصلاته أخرى إلى أن ذهبت بنومها          

مرت عدة أيام وهدوء بين راكان وليلى إلا من بعض المناوشات

دفع الباب ودلف كعادته كانت تجلس تداعب طفلها وقهقهاتهم مرتفعة بالغرفة ولكنها صمتت عندما دلف إليهما، لقد مر ثلاث ايام ولا تعلم عنه شيئا، لم يأت للمنزل سوى دقائق قليلة ويخرج دون حديثها

نهضت ورغم إشتياقها له صاحت غاضبة

-نفسي تتعلم الإحترام وتهين ايدك شوية وتخبط قبل ماتدخل

انكمشت ملامحه بألم ورغم ذلك تبدل غضبه الحارق إلى سكون خارجي، رغم نيران الإشتياق بعد تذوقه لجمالها الفاتن الذي حرمه على نفسه

استدار وحمل الطفل يستنشق رائحتها به ولم يرد عليها وتحدث بمغذى إلى الطفل:

-عامل ايه حبيبي وحشت عمو قوي قوي، ضمه لأحضانه وكأنه يضمها هي

رجفة سرت بعمودها الفقري عندما استمعت لصوته الدافئ ورائحته التي فاح عبيرها بالغرفة، تمنت لو يسحقها بأحضانه كما سحق طفلها..داعب الطفل لحيته وهو يتمتم

-با.با ..ضمه وتسطح على فراشها وهو يرفعه ويقهقه عليه عندما داعبه الطفل يضرب وجنتيه وضحكاته ارتفعت بالمكان

-هتقولي بابا دايما ياأمير ولا هتيجي في وقت وتقولي ياعمو، ياترى هتعرف اني مش بابا ولا لأ..قالها بصوتًا متألم حزين

جلست ليلى بجواره وعندها رغبة عارمة في ضمهما  بعد حديثه الذي قطع نياط قلبها، انبثقت دمعة غادرة تحرق وجنتيها فهمست

-وياترى هتفضل تهتم بيه كدا، ولا هيجي الوقت وتنساه وتهتم بغيره

أطبق على جفنيه، وحاول السيطرة على دقات قلبه التي تدق كالطبول، قبل أن يستدير برأسه يطالعها بصمت وعيناه تحوي الكثير من الإشتياق إليها، أسبوع آخر مر عليه كدهرا من الألم والحزن ولكن كيف أن يسامحها بعدما سحقت كبريائه..قاطع تحديقه بها عندما تحدثت

-كنت فين الأسبوع دا؟!

أعتدل جالسًا ثم وضع الطفل على الفراش بعدما وضع له ألعابه

-ياترى دا سؤال ولا عتاب

لم تفكر كثيرًا فأردفت

-الأتنين ياراكان، من حقي تقولي كنت فين، هو أنا مش مراتك، من يوم ماجدك كان هنا وانت مختفي، غير طبعا الناس اللي عايزين يؤذوك

--

نصب عوده وتوقف بعدما ضعف بالكامل أمامها حينما استنشق عبير انفاسها، تحرك للشرفة سريعًا وهو يكاد ياخذ أنفاسه التي سلبتها منه معذبة روحه

حملت الطفل واتجهت إليه وتحدثت بمغذى

-مش تقول لعمو ياأميري أننا هنسافر مع جدو ألمانيا الأسبوع الجاي

أخرج تبغه وقام بإشعاله وهو مواليها ظهره ثم تحدث:

- مفيش سفر دلوقتي، استدار يطالعها بنظراته الحانية متناسيًا كل ماصار بينهما

-باباكي قدامه شهرين ويمكن أكتر هناك، مينفعش تروحي قبل ميعاد العملية الوقت دا كله

انزلت الطفل ونظرت إليه بغضب

-أنا مستحيل أسيب ابويا لوحده، كريم لسة صغير مينفعش يكون معاه لوحده

نفث تبغه واجابها:

-كريم مش صغير، دا رايح تانية جامعة، غير الدكاترة هيهتموا بيه، وحمزة هيكون هناك كل كام يوم، وأنا مش هسيبه، إنما انتِ هتروحي إزاي وتسيبي ابنك

دنت منه ونظرت لعينيه

-هاخده معايا ياراكان، لوسمحت..رجائها ونبرتها الدافئة جعلته يحتضن كفيها وأشار للمقعد جواره

-اقعدي ياليلى لازم نتكلم مع بعض

جلست وعلى وجهها إبتسامة حالمة من حنيته التي ظهرت بلمسة كفيه وصوته الحاني

استدار إليها ثم اتجه للجانب الآخر وأخذ نفسا من تبغه ونفثه بهدوء ونظراته على مساحة القصر الشاسعة ثم تحدث:

-دلوقتي الولد لسة صغير ومحتاج إهتمام غير انا مقدرش أضحي بيكوا، أنا ليا أعداء كتيرة في كل مكان، ومعرفش بيخططوا لأيه

-خايف علي ياراكان..جاء سؤالها المباغت ليخترق نبض قلبه..جذبها ثم حاوطها بذراع ورفع أمير بذراعه الآخر

-ليلى قبل ماتكوني مراتي فإنتِ وصية اخويا، مقدرش افرط فيكم؛ لو سمحتِ مش عايزك تزعلي ووعد مني هلاقي وقت ويبقى نسافرلهم يومين ونرجع تاني

ابتعدت عن احضانه ورفعت إبنها وتحركت للداخل دون حديث آخر.؛ ظنت انه يقول اكثر من ذلك ..ظل لبعض الدقائق وهو جالس، نهض بعد فترة يبحث عنها بالغرفة ..استمع لصوت المياه بالمرحاض، وعدم وجود أمير بالغرفة، حاوط الغرفة بأنظاره، تصنم جسده وهو يرى صورة سليم الموضوعة بجانب الكومود..تحرك إلى أن وصل إليها وامسكها

انبثقت دمعة غادرة من عينيه

-وحشتني قوي ياحبيبي ياريتني أنا اللي كنت موت، ولا اتعذبت العذاب دا كله، راكان بقى هش من غيرك ياسليم مكنتش أعرف قوتي فيك إنت

جلس يتلمس الفراش يطبق على جفنيه بقوة آلامته وأكمل

- كنت مستعد أضحي بحياتي عشانك زي ماضحيت بقلبي، ياريتني مخليتك تمشي اليوم دا، ياريت ايدي اتكسرت ولا قهرتك ياسليم، وخليت ابنك يتيم، وعد مني لازم أخد حقك وحياة كل دمعة بكيتها عليك ماهرحمهم حتى لو كانت حياتي التمن، و لو كان جدك نفسه

كانت تقف في الردهة واستمعت لحديثه الذي شق قلبها إلى نصفين، خطت إلى أن وصلت إليه

-راكان..همست بها بصوتًا مرتجف..أزال دموعه ونهض متحركا إلى إتجاه باب الغرفة، توقفت أمامه متناسية ماترتديه

-مين الناس اللي عايزين يؤذك دول ..هرب بأنظاره بكل مكان حتى لا يضعف بسبب رائحتها التي اخترقت رئتيه وانهارت دوافعه أمام جسدها الذي انكشف معظمه أمامها

لفظ الهواء بقوة من رئتيه قبل أن يترك يديها التي احتضنت يديه وتحدثت بفظاظة

-دا شغلي متدخليش فيه، وزي مااتفقنا انتِ هنا عشان الولد وبس، عشان انتِ ترتاحي وأنا أرتاح

-إنت كدا هتكون مرتاح ياراكان

-ايوة.. قالها بقوة،فلقد بدا صوته بتصميم جلي في نظرته ولهجة فظة وهو ينظر لمقلتيها وأشار لصورة أخيه

-بدليل الصورة دي، عشان كل ليلة قبل ماتنامي تشوفيها وتفتكري ايامك الحلوة معاه

قالها بعدما نزع يديه وخرج سريعًا من الغرفة  

بعد فترة جلس على فراشه يعمل على حاسوبه، قام بمهاتفة بعض الأشخاص وكأن من بينهم مدير اعماله بألمانيا

-أستاذ راكان الوضع هنا مأسوي، لازم تيجي في أقرب وقت

اعتدل يستمع إليه بإهتمام متسائلا:

-هو مش سليم خلص كل الأوراق فيه إيه تاني

تحدث الرجل على الجانب الآخر

-شركة مدام هيلينا موضوعة تحت الإجبار القانوني بزعم إنها غير قانونية

مسح على وجهه فاجابه:

- بعد بكرة هكون عندك جهزلي كل حاجة، واعمل إجتماع طارئ للكل المساهمين

بعد إنهاء اتصالاته أمسك هاتفه ينظر لصورها الذي التقطها لها بتلك الليلة، ووضعها بالسيكرت فون، حتى لا يعثر عليها احدًا

كانت جميلة حد الفتنة، لمسها بأنامله، وآه حارقة خرجت من جوفه وهو يتذكر ليلته الوحيدة معها

-ياترى هنفضل لحد إمتى نعذب بعض، مش قادر ياليلى، بيني وبينك جدار واحد بس زي اللي بينهم محيطات وابحار، ظل ينظر لصورتها وهي بأحضانه بتلك الليلة التي أمتلك العالم بها

شعر بثقل أنفاسه وتمنى لو تأتي إليه لينعم بليلة آخرى

جلست بجواره تلمس وجنتيه ونظرت لمقلتيه

-راكان هو أنا وأمير إيه بالنسبالك

احتضن كفيها وهو يطالعها 

-مش عارف هتصدقيني ولا لا، بس أنتوا أحسن حاجة حصلتلي في حياتي، استدار ينظر لعيناها الساحرة

- ليلى مش معنى أننا بنتخانق يبقى بتمنى لك حاجة وحشة..دنت تضع رأسها بأحضانه وهمست له

-عارفة ياراكان، طوقها حتى أصبحت بأحضانه كاملا وتحدث :

-لا إنتِ متعرفيش حاجة، لو تعرفي مكنتيش بعدتي عني وعاملتيني كأني عدوك

رفعت رأسها لوجهه ولمست وجهه

-أثبتلي دا ياراكان، اثبتلي إنك بتحبني فعلا

رفعها من خصرها حتى جلست على ساقيه

- فيه حاجات مجبروين نخبيها عشان نحافظ على اللي بنحبهم

نهنهات متقطعة خرجت من جوفها وهي تتمسح بصدره كقطة أليفة

-نفسي أحس بكدا، نفسي أنام في حضنك وأكون مطمنة إنك مبتلعبش بمشاعري

لف خصرها بذراعيه مطبق الجفنين وصدره يعلو ويهبط قائلا بأنفاس تتثاقل شيئا شيئا

فهمس بصوته المبحوح بكثرة مايشعر به من مشاعر

-عايزك تتأكدي عمري ماحبيت قدك، ولا اتمنيت قرب حد قدك..احتضن وجهها وتقابلت شمسه مع ليلها الدامس مقتربًا من ثغرها الذي يشبه حبة الكرز

 

-اتأكدي إن راكان بيعشقك إنتِ وبس، داعب وجهها بأنفه يسحب عطر أنفاسها هامسا لها

-بحبك مولاتي، ومهما تعملي فيا مش هبعد عنك ولا أبعدك عني، لأنك قدري اللي ربنا راضني بيه بعد الوجع دا كله

أمسك كفيها الموضوع على وجنتيه وقبله ثم وضعه موضع نبضه

-حسي واسمعي كويس واعرفي ان دا ملكك إنتِ وبس

أغمضت عيناها منتشية  تستمتع بقربه وروحه ورائحته الرجولية التي عبأت رئتيها وكأن كل عشق الدنيا تزاحم داخل قلبها لها

تلاقت ملاحم النظرات العاشقة بينهما فدنى يلتقط ثغرها بقبلة جامحة يبث بها كل أشواقه وعشقه، سحب بها أنفاسه وأنفاسها، رفعت ذراعيها تحاوط عنقه..بخفة حملها عاقد النية أن يعزف بلهيب عشقه ..تحرك ومازال ثغره يعقد علاقة منفردة على ثغرها حتى وصل بها إلى الفراش ..ولكن أيقظه من وصلة أحلامه رنين هاتفه الذي صدح بالأرجاء

فتح عيناه يبحث حوله عن حوريته التي سلبت أنفاسه ولكن خيب آماله بعدما تأكد ماهي إلا اضغاث أحلام

فتح هاتفه واجاب

-أيوة ياحمزة..على الجانب الآخر

-راكان الليلة كتب كتابي إياك متحرضش، وبعدين ليلى هتكون موجودة أكيد

رجع خصلاته للخلف وهو يتنهد بلهيب الإشتياق من مجرد ذكر إسمها فأجابه:

-حاضر هكون موجود قبل الميعاد

-راكان إنت كويس ...تسائل بها حمزة

أجابه على الطرف الآخر

-أيوة كويس، كنت نايم بس..

مساءً دلف غرفتها كانت تقف أمام المرآة تنهي زينتها، دلف يقف خلفها وأخرج من جيبه سلسالا عبارة عين واسعة وبها حجر من الزمرد ويُكتب عليها ليالي

رفع خصلاتها وهو يهمس بجوار اذنيها

- بما أننا في هدنة، فحبيت أهديكي هدية،  لو بتحبيني اوعي تخلعيها مهما حصل..اغلقها ولم يستطع السيطرة، نزل برأسه وطبع قبلة على جيدها..ارتجف قلبها وشعرت بماس كهربائي بعمودها  الفقري..فأطبقت على جفنيها

رفع رأسه ينظر لأنعكاس صورتها بالمرآة..أدار وجهها إليه، فتحت ليلها الدامس بأهدابها الكثيفة..ارتجفت شفتيها من نظراته إليها، بلعت ريقها وتحدثت بتقطع

-ر..ا..كان..أغمض عيناه ورعشة أصابت جسده من نطقها لأسمه

-كملي لبس هنتأخر..قالها وهو يبعد عنها

أمسكت كفيه، رفع عيناه فتلاقت بعيناها

-نعم فيه حاجة..ضمت كفه وتحدثت

-عايزة أنقل جناحنا الجديد، خلاص السرير دا بشوف فيه كوابيس، معنتش عايزة أنام عليه، وبعدين ببرد بالليل ولازم تدفيني

هزة عنيفة أصابت جسده، وشعور مبهج اجتاح بجسده ، ابتسم بخفوت وهو يلمس وجنتيه بأنامله

-طيب ينفع حد يستأذن وهو رايح لحضن حبيبه..قالها بصوته الهادي المبحوح

رفعت نظرها وابتسمت تتلاعب بزر قميصه

-لا دا مش إذن ياحبيبي دا عشان متتفجأش ويغمى عليك

قهقه عليها وهو يضمها بقوة لأحضانه

-حبيبتي قطة شرسة ولسانها أطول منها..خرجت وأكملت:

وكمان عشان عرفت حاجة تانية

ضيق عيناه متسائلا :

-إيه اللي مولاتي عرفته..رفعت رأسها وطبعت قبلة على شفتيه قائلة

-عشان عرفت إني بحبك قوي قوي، وكمان عرفت إن خطوبتك من نورسين لعبة

قهقه عليها بصوته الرجولي ورفعها من خصرها يدور بها بالغرفة

-مجنونة بس بعشقك..حاوطت عنقه تضع جبينها فوق خاصته وأنا بحبك

أنزلها بهدوء ومازال محاوطها فغمز بعينيه

-هو لازم نحضر كتب الكتاب دا..لكزته بصدره

-ياله عشان اتاخرنا..تحركت خطوة فجذبها بقوة حتى اصطدمت بصدره وضم ثغرها في قبلة شغوفة حتى انقطعت أنفاسهما

فصل قبلته وهي تدفعه بقوة تحاول أخذ انفاسها، صدرها يعلو ويهبط بطريقة جعلته يقترب منها ويحاوطها

-حد قالك تبعدي عني شهر كامل، لا هو مش شهر، خمسة وتلاتين يوم وست ساعات نظر في ساعته وتسع ثواني

طالعته بنظرات عاشقة

-ياه دا انت حاسبهم بالثانية..حاوطها وهو ينظر إليها بذات مغذى

-دي اوقات تتنسي برضو ..نزلت بنظرها بخجل ووجنتيها التي توردت من مغذى حديثه

سحبها للخارج وهو يردف

-دقيقة واحدة واقفل  الباب دا بالمفتاح وارمي المفتاح برة الأوضة ومش عايز أعرف مكانه

وضعت رأسها بصدره تلكمه

-بس احترم نفسك ياراكان..قهقه وهو يجذبها

-لا انتِ كدا بتشتميني على فكرة

بعد قليل وصلوا لمنزل والدها..خرجت درة بطلتها التي جعلت حمزة يقف مسحوبا بجمالها الآخذ ..جلس الجميع بالخارج وتم عقد القران واخيرا أصبحت درة زوجته

دلفت الفتيات للداخل

كانت تجلس على المقعد تتذكر لحظاتهما منذ قليل ابتسمت بخفوت وهي تلمس السلسال ثم قبلته..جلست أسما بجوارها تلكزها

-الكلام على إيه ياباشمهندسة

ابتسمت لها وتحدثت

-الكلام على الحب، أنا وراكان اتصالحنا

ضمتها أسما بسعادة

-حسيت من ضحكات راكان برة، ربنا يسعدكم يارب، متخليش حد يدخل بينكم، والحمد لله عرفتي تتصرفي صح

-البركة في نوح هو اللي قالي كل حاجة..وكمان اكدلي انه مش هيتجوزها هو عايز يوصل لقاتل سليم

اومات أسما متفهمة قاطعتهم سمية

-انتوا قاعدين كدا ليه، قوموا احتفلوا بالبت..نهضت أسما وقامت بتشغيل الموسيقى..جذبت ليلى

-قومي بقى ارقصي فيه حد قدك الليلة، لازم تفرجيها علينا

شعرت بألمًا يغزو معدتها فهزت رأسها رافضة

-لا مش قادرة ..نهضت درة

-والله لترقصي ياليلى، إيه مش عايزة تفرحي اختك مش كفاية مفيش فرح

ضمت اختها والسعادة تشق ثغرها رغم آلام معدتها وبدأت تتحرك ببطئ في بداية الأمر حتى انسجمت مع الموسيقى وبدأت تتحرك بحركات آغوائية

بالخارج

كان يجلس بجوار نوح همس له

-هربيك ياابو لسانين، روحت كشفتنا الله يفضحك يااخي..غمز نوح قائلا

-شكل الغزالة رايقة على الآخر، الضحك من الودان للودان..  نهض يونس متحدثا

-انا لازم امشي عندي عملية ومبروك يازومي، عقبال لما اشوفك في الكوشة يلا

بعد قليل صدح صوت الطفل بالبكاء..توقفت سميه

-هاته ادخله لمامته..هز رأسه رافضًا

-لا لازم نمشي، عندي سفر الصبح بدري ممكن تبعتي ليلى عشان نتحرك

أومأت متحركة ولكن اوقفها عاصم

-دخليني ياسمية، الولاد مش غرب..نهض راكان ونوح معًا

-خدي أمير وأحنا نساعده..أخذت الطفل وقاموا بإسناد عاصم للداخل

تسطح عاصم بمساعدة نوح وراكان..أمسك عاصم كف راكان

-اقعد يابني عايز اتكلم معاك شوية

بعد قليل خرج وهو يبحث عنها فلقد غلبه الشوق..وقف متصنم حينما وجد باب الغرفة مفتوحًا وجسدها الأنثوي الذي يتحرك أمامه بطريقة مثيرة...وخصلاتها التي تغطي وجهها

بلع ريقه بصعوبة متجهًا لباب الغرفة وقام بإغلاقه، كور قبضته بعنف، تكاد تخرج مقلتيه من محجريها كلما تخيل أن نوح قد رآها بتلك الهيئة..فتح اول زر لقميصه عندما شعر بإنسحاب أنفاسه وهو يتخيلها تتراقص أمامه بتلك الهيئة مع إختلاف بسيط، بمنامتها التي جلبها إليها من إحدى الماركات الشهيرة بعدما أعلنت سيطرتها على قلبه وقرارها بإقترابه والتنعم بأحضانه

وصل للخارج وهو يكاد يتحرك بهدوء رغم حربه الداخليه فتحدث بعدما اخذ الطفل

بصوتا جاهد ان يخرج متزنا

-ممكن تنادي لليلى يادوب نمشي..تحركت للداخل، خرجت ليلى بعد قليل..طالعها بنظرات صامتة، ود لو قام بإختطافها في التو، فلم يعد له القدرة على التريث

وقفت تفرك كفيها فدفعتها درة

-بعد اذنك ياأستاذ راكان، ليلى مش هتروح معاك الليلة..هب كالملسوع يبلع ريقه بصعوبة

-نعم ليه إن شاءالله..لكزه نوح بجنبه فتحدث بدلا عنه

-راكان يقصد ليلى مينفعش تبات برة البيت يادرة

رمق حمزة نوح فتحدث من بين أسنانه

-اسمها الباشمهندسة درة يلاَ

اقترب راكان هاربا من حرب حمزة ونوح مقتربا من ليلى

-عايزة تباتي هنا..فركت يديها وابتلعت ريقها تحاول الحديث..فقاطعتهما درة

-وحياتي ياليلى باتي معايا، فيه حاجات عايزين نرتبها مع بعض

اتجه راكان بأنظاره إلى درة قائلا:

-هتجيلك بكرة..أجابته درة

-عندي تستات كتيرة مش هكون فاضية..

خلاص ياراكان سيب ليلى يومين هنا، انت كدا كدا هتسافر ...قالها حمزة

جز على أسنانه يريد أن يحطم فم حمزة الذي نطق بتلك الكلمات بعدما تحدث الجميع يحثه على ذلك

حاوطها بنظراته المترجية بأن تتحرك معه، ولكن قطعه كريم وهو يضم أخته من اكتافها

-خلاص ياأستاذ راكان ليلى من يوم مااتجوزت وهي ماببتتش معانا ولا ليلة

أطبق على جفنيه واومأ برأسه بالموافقة، دنت منه وتسائلت

-هتسافر إمتى؟!

اجابها دون النظر إليها

-الساعة خمسة ان شاء الله لازم اوصل بدري عندي اجتماع مهم ...تحرك للخارج، خرجت خلفه، توقف لدى الباب ثم ضمها وطبع قبلة مطولةعلى جبينها يبث بها أشواقه إليها

-خلي بالك من نفسك ومن أمير

ترقرق الدمع بعيناها وهمست

-متتأخرش علينا، وضع جبينه فوق خاصتها هامسًا

-هكلمك كل وقت اكون فاضي فيه، متخرجيش من غير الحراسة، ومالكيش دعوة بتوفيق خالص

رفعت كفيها على وجنتيه

-خلي بالك من نفسك، لا إله إلا الله

تحرك وهو يقول

-"محمد رسول الله "

عند يونس يجلس أمام فراشها وهو يتناول مشروبه، فتحت عينيها تشعر بألما يفتك رأسها

تنظر حولها، اعتدلت وهي تصرخ عندما وجدت نفسها عارية تماما وعلى فراش لم يكن فراشها

رفعت نظرها بعدما استمعت لصوته وهو يرتشف مشروبه

-صح النوم ياعروسة، صباحية مباركة

ياسيلين يونس البنداري..نظرت حولها بضياع، بعدما وجدت علامة طهارتها على الفراش أمامها..، نهض بخطى سلحفيه إلى أن جلس بجوارها، ورفع كفيه يلمس ذراعها العاري ثم اقترب منها..

-دلوقتي عايز اعرف هتهربي مني وتتجوزي غيري إزاي بعد ليلة نارية وانت في حضني وكمان شوفي، رفع عيناه للكاميرا التي أمامها ..هزت رأسها بطريقة جنونية وصرخت حتى انقطعت أنفاسها وسقطت بين يديها فاقدة الوعي.   


  يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة سيلا وليد من رواية عازف بنيران قلبي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية