-->

رواية جديدة عازف بنيران قلبي لسيلا وليد - الفصل 16 - 2

 

قراءة رواية جديدة بقلم سيلا وليد

تنشر حصريًا على مدونة رواية و حكاية



رواية عازف بنيران قلبي

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سيلا وليد


الفصل السادس عشر

الجزء الثاني 


العودة للصفحة السابقة

❈-❈-❈

عند حمزة بعد خروجه 

بعد قليل وصل حمزة أمام منزل عاصم المحجوب ينتظرهما بالخارج، ترجل من سيارته عندما وجدهما يهبطان 

-آسف أتاخرت عليكم، ربت عاصم على كتفه قائلا:

-ربنا يبارك فيك يابني، استقلوا السيارة متحركين متجهين للطبيب  المعاين 

بمزرعة نوح 

استيقظ على رنين هاتفه الذي لم ينقطع لعدة مرات، نظر للتي تجواره تتوسد ذراعيه، وضعها بهدوء على الوسادة وتحرك للخارج 

-ايوة يابابا فيه حاجة على الصبح، عشر دقايق وتكون عندي يامحترم، قالها وأغلق الهاتف 

وقف ينظر للبعيد، وسحب نفسًا عميقًا يطرده، قاطع شروده دلوف سيارة راكان، تحرك متجهًا إليه، ترجل سريعًا متجها إليه كأسد مفرس يريد أن ينقض على فريسته 

-انا ياكلب تلعب عليا وتعملي كمين، اطلق نوح قهقهات مرتفعة وهو يحاول أن يبتعد عن لكماته، ولكن ثوران راكان جعله ينقض عليه حتى أوقعه ارضًا وظل يلكمه كلما تذكر ماصار 

دافع نوح على لكماته حتى سقط الأثنين يأخذون أنفاسهم بصعوبة، تسطح نوح فاردا ذراعيه يرمق راكان بتسلية

- ماهو إنت الغبي، وكل تفكيرك إزاي حبيبة القلب ماتبعدش عنك 

أطبق على جفنيه ينظر لسماء الشتاء الملبدة بالغيوم كحياته، التي أصبحت  كبئر مظلم لا نجاة منه، أطلق زفرة محملة بالأوجاع وتحدث 

-متوهمش نفسك يانوح بخيالات كاذبة، أنا وليلى مينفعش نتجمع تاني، طرقنا افترقت من يوم مااتكتبت بأسم اخويا الله يرحمه 

اعتدل نوح يستند على مرفقيه ودارت حرب الأعين بينهما فتحدث

-راكان سليم الله يرحمه، وربنا بعتلك فرصة إنك تعيش مع اللي قلبك اختارها 

اعتدل واقفًا وقام بنفض ثيابه مرتديًا نظارته

-دا كان قبل ماتكون مرات اخويا، دلوقتي زيها زي أي واحدة، وقبل ماتقول حاجة، أنا النهاردة هلبس نورسين خاتم الخطوبة، وهنتجوز بعد سنوية سليم 

جحظت أعين نوح فهب كالملدوغ 

-اكيد اتجننت!! ربنا بعتلك فرصة تعوضك على وجع قلبك، إزاي مش عايز تستغلها، راكان فوق قبل ماتندم 

اقترب يطالع نوح من تحت نظارته السوداء

-بنت خالتك ماضي اندفن من يوم مااتجوزت اخويا ومش عايز أكرر كلامي، هي هتفضل عشان إبنها مايتخدش منها، غير ابعد العيون من عليها، أنا معرفش اللي برة بيفكروا في إيه فبلاش تخليني أكرهها أكتر من كرهي ليها 

طالعه نوح بهدوء قائلا 

-بتغلط ياراكان، اللي بتعمله غلط، وبكرة تندم، وخدني تجربة قدامك، أنا قعدت شهرين متجوز كنت فيهم ميت روحي مارجعتليش غير لما أخدت اللي بحبها في حضني 

تحرك متجهًا لسيارته 

-وأنا بقولك من وقت ماشفتها وأنا مت ومش متحمل أشوفها قدامي 

قوس فمه بسخرية 

-تمام ياحضرة النايب، انت حر، تحرك مغادرا وهو يتذكر ماصار منذ أسبوع وهو لم يراها 

انسدلت الدماء من كفيه، احتضنت كفيها بكفيه المرتعش وتحدثت بصوت متقطع 

-انت مجنون، دا الطفل مبعملش كدا، سحبت كفيه حتى تقوم بتطهيره وجرحه العميق، انسدلت دموعها 

-ينفع كدا شوفت جرحت ايدك ازاي، كان يطالعها بنظراته العاشقة ودّ لو ضمها لأحضانه، كي ينعم برائحتها العبقة ولكن تذكر حديث والدته 

-بشم ريحة سليم فيها ياحبيبي،  شعر بخنجر بارد يغرز بقلبه ولم يرحمه من الأنين، كيف له يتحمل ذاك الألم الذي يدميه بقوة ، خرج من شروده عندما وصل لقصره، وجد فريال تخرج من قصرهما

-عامل ايه ياراكان، محدش بقى يشوفك، كويس واتجه للأعلى ولم يعريها إهتمام 

بغرفة سيلين كانت تغفو على فراشها تضم جسدها كالطفل الرضيع وتتذكر حديثه 

دفعها بقوة حتى اصطدم جسدها بالجدار، يضغط على خصرها: 

-قولتلك بلاش توقفي مع جنس راجل برضو مسمعتيش الكلام، عايزة توصليني لمجرم ولا إيه، وماله ياهانم اتحول لمجرم، وعربجي كمان 

تجولت انظاره عليها وهو يدنو من شفتيها 

-هكهرب اللي يقرب للي خلفوكي وحياة سيلين عندي، ضغطت بحذائها على قدمه حتى صرخ مبتعدا 

-إياك تقرب مني تاني، متخلنيش اروح احكي لراكان قذارتك يامحترم، ياريت تروح تكمل سهراتك المقرفة، ويوم ماقلبي يرجع يدق هيدق لراجل مش شبه الرجال 

قالتها وتحركت من امامه بثقة أنثى داست بكل جبروت على من حطم كبريائها 


❈-❈-❈

في المستشفى عند عاصم   

جلست سمية بجوار زوجها الذي يقوم بغسيل كليته، أما بالخارج، كانت تجلس بجواره تبكي 

اقترب يبسط يديه بمحرمة ورقية

-درة لو سمحتِ ممكن تبطلي تعيطي، والله قلبي بيوجعني عليكي كدا 

بصوت باكي ورعشة جوفها نظرت إليه

-بابا هيفضل يعاني كدا كل مرة، لازم يكون فيه حل، أنا مش هستحمل وجعه كدا 

رفع يديه وربت على كفيها 

-ان شاءالله هيكون كويس، ممكن نزرع كلى، رفعت نظرها إليه وهمست 

-زرع كلى، ودي هتكون ازاي، توقف يجذب مقعده وجلس أمامها يحتوي كفيها 

-لو عايزة أسفره برة ونعمل ذرع كلى معنديش مانع 

سحبت كفيها المرتعش سريعا، وهزت رأسها رافضة 

-لا دي شكلها غالية قوي، واحنا مستحيل نوافق عاى حاجة زي كدا 

رفع ذقنها بأناملها ينظر لمقلتيها مردفًا بمشاعره المبحوح

-هو فيه فرق بينا، انت هتكوني مراتي، وباباكي زي بابا، ليه عايزة تعتبريني غريب 

كانت ضربات قلبها تتقاذف بداخل ضلوعها بعنف من كلماته الرقيقة التي اخترقت قلبها دون حواجز 

مساء بغرفته جلس يحاكي جاسر:

-برافو جاسر كنت عارف انك هتعملها بذكاء، اسمعني كويس وأعمل اللي هقولهولك 

فيه ظابط تبعهم هو اللي بيدخل كل حاجة لأمجد عايز أمجد انفرادي وممنوع يرجع عنبره تاني، اضغط عليه عشان يوقع، ومتخافش عامله كمين حلو عشان يعرفوا بيلعبوا مع مين وحياة رحمة اخويا لأخليهم يطلبوا الرحمة  يلاقوهاش 

جلس بشرفته يحتسي قهوته تحرك ببصره للحديقة الشاسعة يتذكر طفولته مع سليم وولاد عمه نزل ببصره وجد عاليا بنت تجلس تضع رأسها على كتف سيلين وهم يشاهدون شيئا بهاتف سيلين ويضحكون، ظل لبعض الوقت ثم اتجه لمخدعه يتسطح عليه، ولكن قاطع هاتفه اتصال نوح: 

-شوفت الكلبة عملت إيه وحياة ربي لأدفنها الحيوانة دي، راكان أنا هتجنن 

اعتدل جالسا متسائلا 

-إيه اللي حصل ممكن تهدى؟! 

الكلبة منزلة صور ليا أنا وهي وعاملة حفلة للاحتفال بولي العهد، دي عايزة تقهرني أنا وأسما، وبابا حالف لأدخل عليها 

مسح راكان على خصلاته 

-اهدى وأنا هتصرف يانوح، عايز أشوف ميتها إيه البنت دي كمان، متحاولش تغلط ، بعد فترة من إغلاق هاتفه 

تسطح على الفراش وهو يضع رأسه فوق ذراعيه ينظر لسقف الغرفة، يفكر بمعذبة قلبه، لقد مر أسبوعًا كاملا، ولم يراها عاقبته بأشد العقاب، حبست نفسها بغرفتها، ظل يفكر ماذا سيفعله معها الأيام القادمة حتى غفى 

بعد فترة 

استيقظت ليلى على ألما بأسفل بطنها حاولت الاعتدال ولكنها لم تقو... آهة خرجت من جوفها تبعها انين مكتوم ،ماذا تفعل في هذا الوقت 

حاولت ثم حاولت،  إلى أن اعتدلت ووقفت متجهة للخارج، بحثت بعينها عن أحدهما ولكن لم تجد أحدا،  اتجهت لغرفته التي تجاورها ببعض المسافات، حينما فقدت الحركة للأسفل، أو لغرفة سيلين،  فتحت الباب عندما وجدت قطرات الدماء تتساقط بين ساقيها، . يكاد الألم يمزق أحشائها، انسدلت دمعاتها عندما شعرت بضعفها وكأن روحها تنسحب من جسدها 

كان يغط بنوما عميق ولم يرتدي سوى سروالا واسعا  

خطت إليه وقطرات العرق تغزو جسدها بالكامل... حاولت أن تناديه، ولكنها لم تقو وكأن حروفها سرقت من شدة الامها، أستندت على فراشه 

-" راكان "نادته بصوتها الهامس ورغم إنه منخفض إلا انه فتح عينيه ينظر بصدمة لوجودها بغرفته  لأول مرة  بهذه الطلة 

بثوبها القصير الرقيق وشعرها المنسدل على ظهرها ويتمرد بعضه على وجهها بعشوائية 

حقًا خطفت أنفاسه بطلتها حتى شعر أنه بحلمُ وليس حقيقة، كانت نبضاته الهادرة تتخبط بعنف بين ضلوعه، أخرجه من تأمله بها حينما أستمع إليها 

-" راكان" أردفت بها وهي تشعر بدوار يغزو جسدها، إلى هنا استيقظ من غفوته وصدم عندما وجدها حقيقة وليس حلما،  أعتدل ينظر إليها متسائلا بصوته المفعم بالنوم 

-ليلى، هو أنا بحلم ولا إيه، ناظرته بدموعها حتى غشت الدموع رؤيتها وعجزت عن الكلام من آلامها، ودت أن تصل نبرتها المتألمة إلى أعماق قلبه حتى يشعر بها وينقذها، 

-راكان!! آآ

-جحظت عيناه وانتفض واقفاً فيه ايه؟!  ارتعش جسدها ولم تقو على الحركة فنزلت عبراتها قائلة وهي تمسك أحشائها: 

-ألحقني ياراكان ابني، ألحق ابني هيموت، نزل ببصره على كفيها الذي تحتضن به بطنها، ووجدها  تغرق بدمائها تطالعه بعيناها المترجية 

هب مذعورا، يتلقها بين ذراعيه حينما شعر بفقدانها للوعي، ارتفعت أنفاسه وهو يضمها 

-ليلى إيه اللي حصل انت بتولدي ولا إيه، طيب إزاي؟!

رفعت نظرها إليه وهي تتألم وهمست بصوتًا يكاد يسمع 

-الحقني هموت، هموت الألم صعب مش قادرة

هز رأسه بذعر وانسدلت دموعه وهي تغمض عيناها 

-ليلى افتحي عيونك، جذب هاتفه سريعًا 

-يونس الحقني، ليلى بتنزف ومش عارف أتصرف تعالى بسرعة 

على الجانب الآخر 

-اديني نص ساعة أنا لسة خارج من عمليات وهركب العربية أهو 

ألقى الهاتف ونظر للتي بأحضانه 

ضغطت على كفيه وهمست

-ابني بيموت، انقذ ابني، لامس وجهها بحنية 

-ليلى حبيبي افتحي عيونك متعمليش فيا كدا،

فتحت جفونها ورفعت كفيه على بطنها، ولم تقو على الحديث، كانت تناظره بدموعها وشفتيها المرتجفة، وبعد لحظات أغمضت عيناها 

اختل توازنه قليلا وشعر بدوران، احتضن بطنها بكفيه

-متخافيش، هنقذه، نهض سريعًا بعدما وضعها بهدوء على فراشه، يرتدي ثيابه سريعًا، ثم أسرع إليها  رفعها لحضنه وهو يضمها بقوة 

-"آسف" حبيبي افتحي عيونك خليكِ معايا ياليلى، هاخدك  للدكتور، حملها عندما وجد البرودة تجتاح جسدها، متجهًا للخارج وهو يضمها كطفل رضيع 

قابله عدي بن عمه الذي يدلف بسيارته من باب القصر، أسرع إليه 

-آبيه راكان مالها ليلى، استقل سيارته بالخلف وصاح به 

-وديني أقرب مستشفى بسرعة ياعدي واتصل بيونس يلحقنا، هز رأسه 

-تمام اهدى، استقل السيارة سريعا، وذاك الذي يجلس بالخلف يلامس وجهها مرة ويضمها بقوة لصدره مرة 

-ليلى ماتموتنيش لو سمحتِ، افتحي عيونك، رفع كفيها الباردة يضمه بين راحتيه، يدلكه حتى يدفيه، ثم رفعه لشفتيه يطبع قبلة عميقة عليه بدمعة غائرة 

وصل للمشفى ترجل سريعا وهو يحملها ويسرع بها مطالبا دكتورة، عايزة دكتورة بسرعة

وصلت الممرضة إليه:

فيه دكتور سامح هيخرج بعد دقايق من العمليات، صاح بغضب 

-عايزة دكتورة مش دكتور، قالها بصراخ وهو يدلف بها لغرفة الكشف، وضعها على الفراش وقام بدثرها، ينظر إليها بقلب مفطور 

أمال يطبع قبلة فوق جبينها هامسًا إليها

-ليلى هستناكي برة، متتأخريش هتكوني كويسة إنتِ وأمير، لامس وجنتيها بأنامله وهمس بجوار اذنها

-"بحبك" 

، وصل يونس إليه بعد اتصال عدي به ، خرج راكان و امسكه  قبل دلوفه 

-يونس اللي جوا دي روحي، ومش عايز أخسرها، أعمل اي حاجة يايونس، سمعتني 

ربت على كتفيه قائلا:

-اهدى ياراكان، هدخل اشوف الدكتور، هز رأسه 

-انا مش واثق في حد هنا، انت هتدخل وتطمني متخليش حد يقرب منها غيرك، وأعرف دي مرات أخوك وحياتها بتساوي حياتي 

هنا ألمه فاق حدود الوصف حتى شعر بأن روحه كادت أن تفارقه، فاتجه بنظره ليونس ليتحرك  



❈-❈-❈ 

تحرك يونس وهو يطالعه بنظرات حزينة، مر بعد الوقت ولم يخرج يونس حتى شعر بإنهيار قواه بالكامل فجلس على المقعد وهو يشعر بإنسحاب أنفاسه كاملا 

بل يشعر بأنياب حادة تنهش قلبه بحوافر مشتعلة من نيران الخوف من أن يحدث لها مكروه 

أخيرا خرج يونس بجوار الطبيب ونظراته لا تبشر بالخير، انتظر لحديثهما وكأنه ينتظر نتيجة لأعدامه 

-ربت يونس عليه، هتكون كويسة، الحمدلله وقفنا النزيف، لكن وضعها غير مستقر، خليها تحت الملاحظة لحد الصبح، نطمن على الجنين ممكن نفقده في أي وقت 

اقترب منه ونظرات غاضبة 

-هي عاملة إيه يايونس، نزل يونس بنظره للأسفل ولم يجيبه ..جذبه من تلابيبه

-مراتي عاملة إيه يايونس؟! رفع يونس عيناه

-إحنا وقفنا النزيف ياراكان، والاتنين حالتهم مش مطمنة 

دفعه بقوة حتى اصطدم جسده بالجدار خلفه متأوه، ثم دلف للداخل بساقين متهاوية، سيقان كالهلام، تحرك إلى أن وصل لفراشها 

أغمض جفنيه من أثر الرجفة التي هجمت على جسده محاولا أخذ أنفاسه بصعوبة عندما وجدها بتلك الهيئة الشاحبة 

جذب مقعدًا وجلس بجوار فراشها، ثم سحب كفيها الذي يغرز به الأبر 

-معرفش ليه دايما الدنيا ظلماني، لدرجادي أنا منحوس، أول مرة قلبي يدق حبيت واحدة طلعت ذبالة وسابتني ببدلة فرحي، بعدها قولت مستحيل ادي قلبي لواحدة ست بعد كدا، وربنا يريد ويرمي بنت بريئة لذئاب بشرية حاولوا ينهشوها ولم وقفت تاخد حقها قتلوها حية، وحاولت أعرفهم ان ليها سند، ورغم ماحبتهاش بس طعنوني وقتلوها بدم بارد يوم صباحيتها 

وقعت عيناه عليها، رفع كفيه يمسد على خصلاتها واقترب يدمغها بقبلة، كأنه يشعرها إنها ملاذ الحياة إليه 

فأكمل وكأنها تسمعه، وعدت سنين كتيرة، وأنا قررت أن الستات ماهي إلا كسرة وبس 

ابتسم ينظر لملامحها وأنامله تداعب وجنتيها وتحدث بصوت مبحوح من شدة مشاعره


-لحد ماجيتي قدامي،  ووقفتي وعاندتي كقطة شرسة، معرفش وقتها حسيتك صحيت النبض اللي اندفن بقاله سنين، انزلقت دمعة عبر وجنتيه واقترب يمسد على خصلاتها 

-خلصت شغلي ومفيش غير صورتك قدامي، معرفتش اسيطر على مشاعري وقتها، مين اللي خلتني بعد سنين أمشي تايه، لأول مرة أحس بحاجة غريبة، معرفش سعادة ولا وجع ولا إيه 

سحب نفسا ومازال ينظر إليها

-تلات أيام ياليلى بس وكانت حياتك من وقت ماتولدتي لحد ماوقفتي قدامي، إزاي معرفش كان لازم أعرف كل حاجة عنك، قلبي كان بيسحبني لعندك زي المغناطيس 

قفلت عليكي كل الشركات، عملت كل حاجة تتخيليها عشان تيجي قدام عينيا، واقدر أشبع منك، سنة وتلات شهور وانا كظلك، بس مكنتش أتوقع أن قدري هيرجع يصفعني بالطريقة الظالمة دي ويقولي مش بس هخليها معاك في الشركة، لا هخليها معاك في البيت، واشوفك وانت بتتألم وهي في حضن أخوك 

نزل برأسه يضع جبينه فوق جبينها، وعبراته انسدلت بقوة على وجنتيه

-وقتها موت كتييير، موتيني لما دخلتِ عليا وايدك بأيد اخويا، موتيني لما وقفتي قدامي وقولتي هعذبك، يعني كنتي عارفة انك تهميني، موتيني يوم فرحك وانتِ بتضغطي عليا بعيونك عشان انقذك، موتيني لما عرفت إنك حامل 

احتضن وجهها بين راحتيه وأكمل 

-مش كفاية موت عليا، معدش فيا روح، أنا أعرف الواحد بيموت مرة واحدة، إنما إنت كل شوية بتموتي فيا جزء، بلاش تخلصي على آخر نفس فيا، لازم تقوي وتفوقي وترجعيلي، ووعد مني مش هقرب منك، كفاية أشوفك قدامي كويسة، رفع كفيها يقبله 

-ليلى لو سمحتِ بلاش القسوة دي، 

دنى يهمس إليها 

-مش معقول بعد الحب دا كله أسيبك تضيعي مني، أنا بحبك بجنون 

دلف يونس بعد قليل لفحصها، نهض يطالعه 

- فيه جديد، هز رأسه بإبتسامة بسيطة 

-ان شاءالله الوضع كويس لحد ما، عايز أقولك لو اتأخرنا كان أقل حاجة تفقد الجنين، الحمدلله شايف المؤشرات كويسة،  دقق النظر إلى راكان 

-النزيف دا مش عادي، يعني مش مجرد حالة نفسية، وأنا عملت تحليل، وهيظهر بكرة إن شاء 

حاول ترتاح شوية هي كدا كدا مش هتفوق غير الصبح 

هز رأسه رافضا واجابه 

-لا مش هسبها غير لما تفتح عيونها، روح إنت ولو فيه جديد هعرفك، ومتنساش الصبح تخلي سيلين تجبلها هدوم وحجاب، أنا من الصدمة مركزتش في هدومها، وياريت تبلغهم مش عايز دكتور يدخل هنا 

رفع يونس حاجبه بسخرية مردفًا 

-مش دي النقطة السودا في حياتك، وبعدين تعالى هنا، هي مين دي اللي مراتك ياحليوة 

ابتسم ينظر لليلى قائلا

-دي مراتي من وقت ماربنا جابها على وش الأرض، برضاها او غصب عنها، بعد اللي شوفته امبارح، صدقني مش هستنى دقيقة واحدة بعد شهور عدتها 

قهقه يونس عليه:

-ياواد ياراكان ياجامد، ماكنت تقول كدا من الأول، لازم يعني البت تموت عشان تفوق، دفعه للخارج 

-ياله روح واعمل زي ماقولتلك، وخلي تليفونك مفتوح وتحت ودانك، إياك ثم إياك اتصل ومتردش 

نظر اليه وتسائل :

-هو فين تليفونك صح، ضرب على جبينه

-نسيته في البيت، خلي سيلين تجيبه معاها، ولا انزل اشتري واحد وهاته، لازم يكون معايا تليفون 

أومأ يونس وتحرك وهو يغمز بعينيه

-اوعى تنفرد بمراتك ياشقي، فيه كاميرات في الأوضة خلي بالك 

اتجه إليها بعد خروج يونس، وجلس بمكانه وظل يرسم ملامحها بعينيه، ابتسم حينما تذكر كل حديث لهما 

مرت ساعتين فتحت جفونها بألما شديد، كان يحتوي كفيها بيد ويحاوط جسدها بيد آخرى وهو جالسًا بجوارها على المقعد، همست بصوتًا متألم 

-ابني، راكان ابني، ضغطت على كفيه الذي يحتضن كفها، فتح عيناه معتدلا بجلوسه

-ابني، ابني حصله إيه 

-انتِ حاسة بإيه الأول؟! قالها راكان وهو يطالع ملامحها الباهتة، همست بشفتيها

-ابني سقطه، الولد حصله حاجة، اقترب يمسد على خصلاتها ويرفعها خلف أذنها 

-ابنك كويس متخافيش، لسة الدكتورة كانت هنا وطمنتني،  طمنيني انت لسة موجوعة 

نظرت لكفيه الذي يمسد بها على خصلاتها 

-فين حجابي، إزاي جيت من غير حجاب 

دنى يهمس أمام شفتيها 

-حجاب إيه يامجنونة، دا إنتٍ موتيني من الخوف، ينفع كدا تخضيني، انتِ عارفة تمن الخضة دي ايه 

قطبت جبينها وتحدثت بصوتًا متعب

-يعني إيه؟!  داعب خديها وابتسم بجاذبيته التي خطفت قلبها من هيئته التي تراه بها لأول مرة 

- خضتك دي هتخليني عقيم الأنجاب، لازم تدفعي حقها 

أغمضت عيناها من أنفاسه التي ضربت وجنتيها تهرب من نظراته التي تفترسها، وتحدثت بصوتًا متقطع

-ابعد ياراكان مينفعش كدا، انت وشوية، قطعت كلمتها ولم تكملها...فغمز بعيناه 

-شوية وإيه ياليلي..رفعت كفيها بصعوبة على وجهه، حتى أمسك كفيها وثبته على وجنتيه 

قائلة

-انت سخن ولا حاجة؟! إنت مين، اومال فين راكان البنداري 

طبع قبلة على كفيها وطالعها بانظاره المتيمة بها عشقًا،وهو يبتسم بسعادة، ثم أمال عليها لوهلة أدرك كم المسافة بينهم أصبحت ضئيلة للغاية للحد الذي باتت أنفاسه تداعب وجنتيها حتى دبت الحمرة فيها قائلا

-قصدك راكان أنهي، راكان مجنون ليلى، ولا راكان التنين خاصتها 

لمعت عيناها من تمرده بالعشق لأول مرة أمامها

فهمست 

-راكان انت طبيعي بجد ولا شارب حاجة، نزل حتى اخترق قانون المسافات بينهما وداعب انفها بأنفه هامسًا بصوته المبحوح الذي قضى عليها وأصبح دقات قلبها كالطبول 

-خلينا في راكان مجنون ليلى، عشان ليلى جننته على الآخر، حاولت ترفع يديه لتدفعه، ولكن كأن جسدها خدر بالكامل وفقدت حركتها 

فهمست وعبراتها تنسدل 

-ابعد لو سمحت اللي بتعمله دا حرام، أنا تعبانة مش قادرة

نهض بعدما طبع قبلة سريعة على وجنتيها حينما فقد قدرته على سيطرة قلبه، فتحرك سريعا خطوة، وملامحه تبدو كأنه طالب مجتهد فاز بجائزته 

أما هي فقد بعثر كيانها بقبلته حينما لامس شفتيه الحارة وجنتيها، فبعثت قشعريرة قوية سرت بعمودها الفقري إلى سائر جسدها، فأخفضت عيناها تهرب من براثن نظراته المخترقة وهي تتمتم بخفوت 

-دي اخر مرة تقربلي بالطريقة دي، اقترب خطوته التي ابتعدها وسألها بعينان مفترستان

-هو أنا قربت، هتتبلي عليا، 

جحظت عيناها ترمقه بنظرات خرساء، فتحرك للخارج قائلا 

-هشوف الدكتورة، عشان نروح بيتنا، لسة قدامنا كتير يالولا عشان تتبلي بضمير 

حاولت لملمت مابعثرته قبلته، وضعت يديها على خديها مبتسمة فتحدثت

-مجنون، وقليل الأدب، انسدلت دمعة من عيناها ووضعت يديها على أحشائها

-ياترى الحياة هتكون بينا إزاي، أنا حقيقي مقدرش أعيش بعيد عنه، اغمضت عيناها بقوة 

وهي تهمس بسعادة تخترق قلبها 

-كل اللي أعرفه اني بحبه وبس، رغم اللي بقوله بس متمناش أبعد عنه، تنهدت بوجع وسحبت نفسا مطولا واضعة كفيها على أحشائها

-عمو هيطلع صعب قوي ياحبيبي لازم نستحمله 

عند راكان خرج متجهًا يبحث عن الطبيبة قابله يونس وسيلين 

-راكان ليلى مالها، وازاي ماتعرفناش؟!

ماما هتموت من الخوف عليها، ضم أخته يربت على ظهرها 

-اهدي حبيبتي، هي كويسة، روحي ساعديها خليها تغير هدومها وأنا هشوف الدكتور

وصل الطبيب الذي قام بالكشف عليها بالأمس ونظر إلى يونس قائلا:

-المدام اتناولت حاجة لإجهاد الجنين، الحمدلله لحقناه بس دا ميمنعش انه حياة الاتنين هتفضل  في خطر بسبب مفعول الدوا، للأسف شكلها بتاخد منه من فترة، وبتمنى ميكونش أذى الطفل، فأنا بقترح نعمل إشاعة عشان نطمن عليه 

وقف للحظات يستوعب حديث الطبيب اتجه ليونس ليؤكد حديثه، فأومأ له 

ابتلع غصة مريرة ملأت جوفه بطعم العلقم

-يعني هي كانت عايزة تموت الولد 

هزة عنيفة أصابته، بل صاعقة صفعته بقوة حتى شعر بأن أحدهم سكب بصدره بنزينًا مشتعل، تراجع للخلف خطوة وكأن الأرض تميد به، وهو يهز رأسه رافضا حديث الطبيب

-معقول حاولت تقتل الولد عشان متتجوزنيش، رفع نظره ليونس بتيه، وانزلقت عبرة غائرة 

-معقول تكون قاسية لدرجة إنها تقتل برئ عشان ماترتبطش بيا يايونس، معقول الملاك دي تعمل كدا 

اقترب منه يونس محاولا تهدئته

-راكان اهدى لازم تفكر كويس هتقولها إيه 

اتجه سريعا، امسكه يونس 

-راكان مفيش ام تتمنى موت إبنها، لازم اثباتك حضرة القاضي، دفع يونس وتحرك بخطوات تأكل الأرض كالنيران التي تلتهم القمح

  يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة سيلا وليد من رواية عازف بنيران قلبي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية