رواية جديدة البريئة والوحش لأميرة عمار - الفصل 27
قراءة رواية البريئة والوحش كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية البريئة والوحش
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أميرة عمار
الفصل السابع والعشرون
يا حبيبَ الروح يا روحَ الأماني
لستَ تدري عطش الروح إليكا
وحنيني في أنين غير فاني
للرَّدى أشربه من مقلتيكا
آه من ساعة بثٍّ وشجون
ولقاء لم يكن لي في حساب
وحديثٍ لم يدر لي في الظنون
يا طويلَ الهجر يا مُرَّ الغياب
حلّ يا ساحر صفوٌ وسلام
بعد فتك البين بالقلب الغريب
❈-❈-❈
دخل إبراهيم القصر وجد سعاد العاملة تقف أمامه وهي تقول بإحترام:
-حمد الله على تلك السلامة يا بيه
-الله يسلم يا سعاد...أحمد لسه مرجعش؟
- لاء يا إبراهيم بيه...بس ست سارة هانم جت من شوية وسألت على حضرتك ولما قولتلها إن حضرتك مش موجود طلعت أوضة لين هانم
جعد ابرهيم حاجبيه بإستغراب وهو يقول مردداً ما قالته حتى يتأكد من صحة ما سمعه:
-سألت عليا
-أه يا إبراهيم بيه وطلبت فنجان قهوة طلعته ليها في أوضة لين هانم
- ماشي يا سعاد، روحي شوفي شغلك
- مش عاوز حاجه مني يا بيه
قالتها سعاد بإحترام وهي تنظر إلى الأرض
-لاء يا سعاد تسلمي
تركها وصعد درجات السلم وهو يفكر بسارة
ولِما سألت عليه
هل لو كانت علمت بوجوده بالقصر كانت غادرت ولم تخطي بقدميها إلى الداخل؟
معقول كانت تسأل عنه لهذا السبب!!!
دخل غرفته بهدوء دون أن يدلف لغرفة لين
كلفه الأمر عناء كثيراً فهو كان يريد أن يراها
فمنذ وقت طويل لم يتشبع من وجهها الضاهي
ولا صوتها العذب
أبدل ثيابه بأخرى نظيفة واستلقى على الفراش
ماسكاً هاتقه يتابع أخر أخبار البورصة
بعد مرور فترة قصيرة تعد على أصابع اليد بالدقائق سمع صوت طرقات رقيقة على باب غرفته
ارتفعت معها صوت دقات قلبه وكأنه علم هوية صاحب الطرقات
أعتدل في جلسته وقال بصوت حاول جاهداً أن يخرج ثابتاً من رغم اهتزازه من أثر الهواجس التي أتت في ذهنه الآن مضمونها أن الواقفة أمام الباب الآن تكون "سارة":
-ادخل
أدارت مقبض الباب بهدوء ودلفت الغرفة بعد تفكير دام لثواني، تقدم رجل وتؤخر الأخرى مترددة ومتوترة ولا تعلم كيف سيستقبل حديثها هذا
أصبحت داخل الغرفة أخيراً بالكامل بعدما أغلقت الباب خلفها
نظر لها إبراهيم بنظرات ثاقبة بعدما تحقق حدسه وكانت هي من تطرق الباب
لم يفلت عيناه من عليها، وأيضاً لم يخرج
كلمه من بين شفتيه فقط ناظراً إليها ينظرات
قوية كالنسور
تقدمت سارة بضع خطوات حتى جلست على الكرسي الموجود بجانب الفراش، ومن ثم رفعت أنظارها له مرة أخرى وجدته مازال مثبتاً نظره عليها مما جعل الإرتباك يزحف لها زحفاً
وقوتها الواهية التي تحلت بها منذ قليل بدأت في التراجع والاستسلام، كل هذا من نظراته فقط
فكيف سيكون تأثير حديثه الاذع عليها،حاولت أن تخترع أي حجة لتواجدها بداخل الغرفة ومن بعدها تفر هاربة من تحت عيناه
ولكن عقلها تدخل مقنعاً إياها أن تقول ما تريده وليحدث ما يحدث
فوقتها سيكفى أنها فعلت ما بوسعها حتى تتمسك بعلاقتهم
-ممكن أتكلم معاك شوية يا ابراهيم؟
خرج السؤال من بين شفتيها مهزوز وهي تفرك يدها اليمنى باليسرى
لم يرد على الفور، تمهل قليلاً وهو يحاول تخمين سبب جلوسها أمامه الآن
ولكن لم يسعفه ذهنه بالإجابة...فرد عليها بقوة استشعرتها من نبرة صوته:
-خير يا سارة...محتاجة حاجة؟
تجمعت الدموع بعيونها من طريقته، ولكن جاهدت ألا تهبط دموعها وتظهر ضعفها
له فيتمادى ويزهق روحها
- لو سمحت اتكلم معايا بطريقة أحسن من دي؟
قالت جملتها برجاء ينبع من قلبها حتى تكمل ما أتت من أجله ولا تستسلم لتلك القوة التي تدفعها من الهروب من أمامه
-سامعك يا سارة في إيه
قالها بهدوء وهو يتابع مدارتها لدموعها التي نبتت بمقلتها
لا تخرج الكلمات من بين شفتيها، تحاول جاهدة أن تدفعهم للخارج ولكن دون فائدة
حاولت تكراراً ومراراً ولكن النتيجة كانت نفسها
لم تجد نفسها سوى وهي تقوم من على الكرسي الجالسة عليه...وتفر هاربة من الغرفة بأكملها دون أن تعتطي إهتمام لنادائه عليها
نظر إبراهيم لطيفها بإستغراب ففيما أتت وفيما رحلت؟!!
إرتدى خفه وخرج من غرفته قاصداً غرفة إبنته ظنناً بأنها ذهبت هناك
أدار مقبض الباب بعدما طرقه عدة مرات وجد لين فقط الموجودة بالغرفة وتشاهد التلفاز
أردف إبراهيم بتساؤل وهو يدلف الغرفة:
-هي سارة مجتش هنا يا لين؟
قامت لين من مكانها وهي تجاوب عن سؤاله بإستغراب:
-لاء يا بابا خرجت من شوية وقالتلي إنها ريحالك أوضتك لما سعاد قالتلها إنك جيت
-طيب
جاء ليغادر مثلما أتى وجد لين تنادي عليه وهي تقول:
-هي مجتلكش يا بابا؟
-لاء جت بس خرجت فجأة فقولت جتلك
-حضرتك صدتها ليه يا بابا؟....حرام كده كفاية
جعد إبراهيم حاجبيه وهو يميل برأسه قليلاً لليسار قائلا:
-صدتها في إيه مش فاهم...إنتِ عارفة هي كانت عاوزة ايه؟
تورت لين ودرات بعيناها قليلاً وهي تقول:
-هي مقالتش لحضرتك؟
-لاء مقالتش حاجة...في إيه يا لين؟
أنهي حديثه بحدة موجهاً سؤاله للين
جاءت لترد عليه وجدت هاتف أبيها يعلن عن قدوم رسالة
أخرج إبراهيم الهاتف من جيب بنطاله وجد الرسالة القادمة منها
إحتل الإستغراب وجهه لم يأخذ ثواني وكان يفتح الرسالة الصوتية التي أرسلتها
وهو يرفع هاتفه بجانب أذنه
-أنا أسفة يا إبراهيم على كل حاجة حصلت مني، أنا عارفة إني كنت ظالمة وكنت بسببلك إحراج كبير بس كان غصب عني كان نفسي أشوف ابني مبسوط يا إبراهيم وكنت شايفة إن سبب تعاسته في الدنيا هي سارة...كنت بجرحها في الكلام كل ما أشوفها ونسيت ان في ربنا مُطلع على كل شئ ،اتصدمت إنك بعتني بالسهولة دي وطلقتني من غير ما تفكر بس بعد فترة عرفت إن ده جزاء الكلام اللي قولته لسارة والجزاء دايماً بيبقى من جنس العمل
كلامي كان نابع من أم مقهورة على ابنها ومخدتش بالي إني بقهرها هي كمان
فسامحني يا إبراهيم وقولها تسامحيني لو كنت ظلمتها
مقدرتش أقعد قدامك واقولك الكلام ده، كبريائي منعني بس أنا غلبته وبعتلك ريكورد فيه كل اللي كنت عاوزة اقوله
انتهت الرسالة الصوتية مع إرتفاع نبضات قلبه....يستطيع رؤية دموعها الآن،صوت شهقاتها كان يقسم قلبه نصفين، ما كان ينتظره طوال السنتين ها قد ناله أخيراً بعد عراك كبير مع كبريائها
إتصل برقمها وهو يضع الهاتف على أذنه منتظراً ردها بلهفة
ولكن شعر بالخيبة عندما وجد هاتفها مغلق
نظر للين قائلاً بخيبة:
-موبايلها مغلق
-أكيد قفلت تليفونها عشان متتصدمش بردك عليها...بابا انت هترجع لماما؟
لم يجاوب على سؤالها بل وضع هاتفه بجيبه مرة أخرى وغادر الغرفة على عجلة
❈-❈-❈
بعد نص ساعة تقريباً
طرقت سارة باب غرفة لين ومن ثم دلفت قائلة بتساؤل:
-أمال عمو فين يا لين
-تقريباً كده خرج وربنا يستر
جعدت سارة حاجبيها بإستغراب وهي تقول:
-في إيه مالك
سردت لها لين ما حدث بداية من مجئ أمها للقصر حتى الرسالة الصوتية التي أرسلتها لإبراهيم
ربطت سارة على كتفها وهي تقول:
-طب دي حاجه المفروض تفرحك، أنا متأكدة إن عمو ما صدق وهيرجعها ليه تاني
رفعت لين نظرها تجاهها وهي تقول:
-إنتِ مش زعلانه يا سارة؟
عاتبتها سارة بعيناها وهي تقول بنفي:
-هزعل من إيه يا عبيطة، ده أنا كان نفسي عمو هو اللي ياخد القرار ده من زمان
- بعد الكلام اللي ماما قالتهولك يا سارة؟
سؤال طرحته لين بنبرة هادئة وهي تنظر لوجهها بتمعن
إبتسمت سارة إبتسامة بسيطة حتى تخفف من حدة الموضوع وهي تقول:
-الصراحة كده لما حطيت مالك في نفس الموقف حسيت إني ههد الدنيا فالصراحة عذراتها...انا شكلي هبقى حمى صعبة أوي يا لين
أنهت حديثها بمزاح، إبتسمت لين معاها بهدوء
والله إنها لم ترى بطيبة قلب إبنة عمها، لا تعلم كيف قلب فارس لم يهواها...ألو كان زواجهم في ظروف أخرى لكانوا سعداء الآن؟
هي متيقنة أن هذا الموضوع هو الذي سبب لهم كل هذه المشاكل...لأن فارس بالأصل كان لا يفرق معه الحب وكان موضوع الزواج في ذهنه هو تكوين أسرة فقط
ولكن هذا الموضوع تحديداً يكون نصيب والحُب رزق زرعه الله بقلب فارس تجاه نغم
مثلما زرعه بقلب سارة تجاه مازن
خرجت لين من شرودها على صوت سارة وهي تقول:
-المهم لما عمو يجي قوليلوا إني خرجت لاني رنيت عليه مردش برضو
جعدت لين حاجبيها وهي تقول بتساؤل بعدما لاحظت شياكة وأناقة سارة المبالغ بها:
-خارجة راحة فين ،أنا لسه واخدة بالي من لبسك
نظرت سارة خلفها تحسباً لدخول أحد ومن ثم عادت نظرها مرة أخرى على لين وهي تقول بصوت منخفض:
- هقابل مازن أصالحه
- بتهزري...أنتِ كلمتيه؟
أماءت لها سارة وهي تقول:
-كلمته من ساعة تقريباً واتفقت معاه اننا نتقابل
سألت لين بإستنكار:
-وهو وافق
ردت عليها سارة بغرور مصطنع قائلة:
-طبعاً هو يقدر يرفض
ضحكت لين وهي تقول:
-طب والله ما عنده كرامه، بعد كل اللي عملتيه فيه ده ووافق يقابلك
-لاء ما هو عمل فيها مقموص الأول وانا الصراحة اتحايلت عليه
رفعت لها لين حاجبها الايمن وهي تقول بإبتسامة مترقبة:
-قولتيلي...اتحيلتي عليه، أمال كنتي عملالي فيها ولا فرقلك ليه
رفعت سارة يدها لترى كم وصلت الساعة ومن ثم قالت:
-أنا كده هتأخر عن معادنا... أما أجي نبقى نكمل كلامنا باي يا لولو
خرجت سارة من الغرفة وهي تسمع للين
وهي تقول بصوت عالي ضاحك حتى يصل إليها:
-اهربي اهربي
❈-❈-❈
-بس أنا كان نفسي أعمل كتب كتاب لوحده يا أحمد زي ما كل صحابي بيعملوا
قالتها رقية بحزن وهي تعيد عليه نفس الحديث للمرة التي لا تعلم عددها
أردف أحمد بهدوء وهو يحاول إقناعها:
-يا حبيبتي إفهميني هعمل إزاي كتب كتاب وافرح وأخويا مش موجود جنبي...إنتِ عارفة يا رقية فارس إيه بالنسبالي أنا نفسي يكون موجود معايا وفي ضهري في وقت زي ده
صمتت رقية لا تجد حديث مناسب حتى تعبر عما بداخلها
يعلم أنها حزينة وأن الموضوع لم ينتهي لهنا، ولكن ليس بيده شئ أن يفعله، لا يقدر على فعل حفلة لعقد قرءانه بدون أخاه وأبيه الثاني وصديقة الغالي
ومن إتجاه آخر يشعر بأنه أناني...يربط فرحته بفرحتها،فهي ليس لها ذنب بسفر فارس ولا عدم وجوده بكتب الكتاب
هي كل ما تريده أن تفعل حفلة كبيرة وتعزم أصدقائها لتفرح بينهم
أغمض عيناه وهو يرفع رأسه لأعلى داعياً ربه أن يحلها فهو لم يعد قادر على التصرف
ثواني وكان صوت رنين هاتفه يصدح بالمكان
نظر للمتصل وجده فارس، أخذ أحمد الهاتف من على الطاولة وهو يقوم من مكانه قائلاً لرقية:
-هرد على الموبايل وأجيلك يا رقية
- ماشي
بعد أحمد قليلاً عن الطاولة وفتح الإتصال على أخيه
-إيه يا أحمد عامل إيه
قالها فارس عقب فتح أحمد الإتصال
رد عليه أحمد وهو يقول بابتسامة:
-بخير يا حبيبي إنتَ عامل إيه
-زي الفل...أخبار الشغل عندك إيه، أوعى تكون مقصر في حاجه يا أحمد
-الشغل تمام والله والحمدلله مفيش أي مشاكل
-كويس، كنت رانن عليك أقولك لو حابين تعملوا كتب كتاب أنا هاجي كمان يومين بإذن الله
رد عليه أحمد بإستغراب وهو يقول بهدوء عكس دقات قلبه الفرحه:
-ازاي مش إنتَ لسه عندك شغل لحد أسبوع كمان
-خلصت الشغل بدري
-ماشي يا حبيبي خلاص نعمل كتب الكتاب يوم الخميس بعد ما تيجي بيوم بإذن الله
-إن شاء الله...صحيح متجيبش بدلة لكتب الكتاب أنا هجبلك من هنا
إبتسم أحمد وهو يقول :
-ربنا يخليك ليا يا أبو مالك يا قمر...يلا أسيبك تشوف وراك إيه
-طلما قولت كده يبقى إنتَ اللي وراك حاجه، بتعمل إيه قولي
قالها فارس بثقة وهو يبتسم
وضع أحمد يده خلف رأسه وهو يقول بمزاح:
-دايماً كاشفني كده...انا قاعد مع رقية في كافية يا سيدي
-يسهلوا يا عم ده أنا اللي هقفل بقى عشان معطلكش
ضحك احمد قائلاً:
-كلك زوق والله يا أبو الفوارس
انهى أحمد معه الإتصال وهو يبتسم، يُحب أخيه لدرجة لا يستوعبها عقل...يُحب حديثه وحنانه وكل شئ فيه هو متيم به
يشعر بشئ ينقصه عندما لا يراه أو يسمع صوته، يدعي الله من كل قلبه أن يدوم عليهم هذا الحب ويزيده
وضع الهاتف بجيب بنطاله وعاد للطاولة مرة اخرى
-مين اللي كان بيكلمك
سؤال طرحته رقية وهي تراه يعود للجلوس على كرسيه مرة أخرى
-كنت بكلم واحدة صاروخ
قالها أحمد بمزاح حتى يستفزها وبالفعل ثواني وكانت علبة المناديل الورقية الموضوعة على الطاولة تصطدم بوجهه
ضحك بصوت عالي قائلاً:
-بهزر يا سيد إيه مبتهزرش؟!...ده فارس أخويا
-طب متقول فارس من الأول ايه لازمتها حرقة الدم
-سلامة دمك من الحرق يا عمري
نظرت رقية له بضيق مصطنع وهي تقول:
- بارد
-بس بحبك
قالها احمد وهو يرفع له حاجبيه وينزلهم في حركة رتيبة
إبتسمت رقية وهي تقول:
-وانا كمان
-طب عشان خاطر وأنا كمان دي...حضري نفسك كتب كتابنا يوم الخميس
-إيه !!
- ايه
❈-❈-❈
أوقف إبراهيم سيارته أمام بوابة الڤيلا الخارجية الخاصة بعلي المنشاوي...فتح باب سيارته وخرج منها بسرعة ومن ثم أغلقه مرة أخرى
وقف أمامه أحد افراد أمن الڤيلا وهو يقول:
-مُنير بين مش هنا
-سارة جوة
قالها إبراهيم بحدة سائلاً الواقف امامه
-اه يا إبراهيم بيه
أبعده إبراهيم عن طريقة ودخل الفيلا بخطوات سريعة وكأنه يسارع الزمن
ولم يعطي إهتمام لنداء الأمن عليه
وجد الباب الداخلي للڤيلا مفتوح مما سهل عليه الدخول
وقف بالبهو ونادي بأعلى صوته قائلاً:
-سارة
تقف بشرفة غرفتها تتابع دخوله للفيلا منذ نزوله من سيارته
ارتعش جسدها عندما استمعت لندائه عليها
حتى الآن لا تعلم موقفه مما قالته له بالهاتف
هي أغلقت الهاتف بعد أن أرسلت الرسالة على الفور حتى لا تسير وراء عقلها وتلغي إرسالها
وسبب أخر جعلها تغلقه وهو خوفها من ردة فعله الغير متوقعة
بعدت عن الشرفة وتجمد جسدها أكثر عندما سمعت صوته يقترب من الغرفة الموجودة بها وهو يصيح بإسمها
وثواني معدودة وكان يفتح باب الغرفة بعنف
وجدها أخيراً تقف وجهها له وعيناها ترتجف من فزعها من أثر دفعة الباب العنيفة
-مبترديش عليا ليه ؟
سأله بهدوء منافي تماماً لتلك العاصفة التي دخل بها إلى الڤيلا ومن ثم العرفة
لم ترد عليه بل بقيت تنظر إليه وهي صامتة تماماً لا تقوى على الرد
تفكر هل وجوده أمامها الآن معناه أنه سامحها
أم أتي ليرى ضعفها وانكسار كبريائها
اقترب بضع خطوات حتى أصبح ما يفصل بينهم مسافة صغيرة
ومن ثم أردف بنفس الهدوء قائلاً:
-بقولك مش بتردي عليا ليه
-مسمعتكش
كلمه خرجت بحشرجة من بين شفتيها بعد مدة من الصمت
إرتفعت زاوية فمه لليسار وهو متيقن أنها كاذبة وسمعت ندائه منذ دلوفه للڤيلا
اقترب خطوة أخرى قائلاً بتساؤل وهو يخرج هاتفه من جيب بنطاله رافعاً إياه أمام وجهها قائلاً:
-إيه الريكورد اللي إنتِ بعتهولي ده؟
إبتلعب ما بجوفها بصعوبة والإحراج بدأ يظهر على وجهها جلياً فيبدو أنه أتى كي يلقنها درساً قاسياً ويرى إنكسار كبريائها كما ظنت
-مبترديش ليه؟
خرجوا منه الكلمتين بصوت عالي يحمل بين طياته قوة
خطت خطوة للخلف بتردد قائلة بصوت منخفض:
-لو سمحت يا إبراهيم إمشي
ثم إستكملت حديثها وهي تنظر بعينه قائلة:
-انا قولتلك اللي عندي في الريكورد مفيش كلام تاني أقوله
-عاوز اسمعه منك وإنتِ عينك في عيني
-عشان إيه؟...عشان تشفي غليلك وبعدين تديني ضهرك وتمشي،صح مش هو ده هدفك
قالتها سارة بصوت عالي غاضب
-مش من حقي يا سارة أشفي غليلي؟...بعد سنتين عدو واحنا بعاد بسبب عنادك وكبريائك
بعد سنتين عشتهم لوحدي من غيرك مش قادره تعترفي بغلطك قدامي وتريحيني
صمتت سارة وتشتت عقلها فهل حديثه هذا معناه أنه يريدها مرة أخرى أم يريد أن يسمع إعتذارها حتى يرضى ومن ثم يلتفت ويغادر؟!
-كفاية يا سارة بالله عليكي كفاية، المفروض إني جاي أسمعها منك برضاكي بعد ما سمعت الريكورد بس دلوقتي أنا اللي بطلب منك تقوليها
-أنا أسفة على كل حاجة عملتها
لا تعلم متى وكيف خرجت الكلمات من بين شفتيها
عندما شعرت بنبرة الرجاء بصوته خرجت الكلمات من فمها بدون تفكير ولا تردد
أغمض عينه براحة فهذا كان وعد قطعه على نفسه عندما رمى عليها اليمين أنها إن لم تعتذر له عما بدر منها من إساءة له ولإبنة أخيه لم يُعيدها على ذمته مرة أخرى
وها هي نطقت بالإعتذار أخيراً وانفك الوعد الذي وضعه كحاجز بينهم
في ثواني كان يخترق المسافة الموجودة بينهم
ويأخذها بين أحضانه بقوة لدرجة أن أرجلها لم تعد ملامسة للأرض
همس في أذنها بصوت شجن:
-وحشتيني يا سارة، وإن كان حضنك بقى ذنب عليا دلوقتي فيا أهلاً بالذنوب
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أميرة عمار من رواية البريئة والوحش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية