رواية جديدة كما يحلو لها لبتول طه - الفصل 68 - 4 الأحد 22/10/2023
رواية كما يحلو لها
الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه
رواية جديدة كما يحلو لها
تنشر حصريًا على المدونة قبل أي منصة أخرى
من قصص وروايات
الكاتبة بتول طه
النسخة العامية
الأحد 22/10/2023
الفصل الثامن والستون
الجزء الرابع والأخير
منذ أربعة سنوات وأربع أشهر..
سيطرت الرغبة عليها بالكامل وهي تنظر له حيث
كانت تجلس على مقعد و"عمر" أمامها يجثو أرضًا وهو مازال مقيدًا يمرر
أنفاسه بصحبة شـ ـفتيه فوق سا قيها ليستقر بالأعلى بين ملتقاهما لتتشتت هي، من
ينقذها الآن مما تريده؟ هل تناست بهذه السهولة كل ما فعله بها بعدما لمـ ـست به كل
تغيير ممكن؟ تبًا، عليه أن يتوقف عن النظر لها بهذه الطريقة، لماذا يجعلها تشعر
دائمًا خلال نظراته بأنها المرأة الأفضل في الحياة بأكملها؟!
-
من يوم ما صحيت ولقيت نفسي جانبك وأنا متأكد
إن ده هيحصل لو قعدنا لوحدنا تاني بعيد عن الكل..
رطبت شفـ ـتاها وهي تصارع تلك الأنفاس
اللاهثة منها وترددت فيما يفعلاه بل أحـ ـست أنها بالغت للغاية وبمجدر أن غاب وتركها
تغرق فيما يُسببه لها فـ ـمه اللعين ارتمت رأسها للخلف وهي تتفقد السقف فوقها وتلك
النافذة التي أعلنت عن انتشار ضوء الصباح بالكامل، لا تدري هل عليها التوقف وهي
الآن تُفكر بقسوته معها بذاك الشهر اللعين أم تُكمل ما يحرضها جـ ـسدها على نوله
لتتأوه رغمًا عنها وهي تغمض عيناها ونادته وهي تضم سا قاها:
-
عمر!
نظر نحوها لاهثًا ليجدها شبه غائبة عن الوعي
وما أكد له أنها تريده أن يستمر هو فعلتها بدفع رأسه بيـ ـدها حيث ما كان منذ أقل
من ثانية واحدة ليبتسم بمكر، يعرف أنها لن تستطيع أن تصده للنهاية، مقيدًا أم لا،
ما زال يملك سطوته عليها بهذا!!
عاد مرة أخرى ليستكمل فعلته لتتثاقل أنفاسها
وارتفعت قليلًا للأعلى وكفها الآخر يتشبث بمسند المقعد ولم تمر سوى لحظات ليستغرب كلاهما
لرنين جرس الباب الذي استمعا له فارتبكت بجلستها ودفعته بعيدًا برفق ونظرت له
باستفهام ليجيب عينيها بخفوت:
-
مش مهم، سيبي اللي يخبط يخبط..
كاد أن يعود لما يفعله ولكنها نبهته:
-
أكيد محدش هيخبط في وقت زي ده إلا لو فيه
حاجة مهمة!
زفر بإحباط بينما توجهت هي وازالت تلك
السلسلة التي كان مقيد بها وأغلق قميصه سريعًا بينما عدلت هي من ثوبها المنزلي
الذي كانت ترتديه ليتحدث بانزعاج:
-
لو طلع سبب تافه مش هعديهالك بالساهل!
نظرت له بتلاعب وهي تبتسم له بدلال وتوجست
نوعًا ما من السبب خلف تواجد أحد باكرًا للغاية هكذا وبمجرد أن فتح الباب اتجهت
خلفه لترى ماذا هناك لتستمع لصوت سائقه الذي أبلغه بما لا تعرف أهو إشارة لها أن
تتوقف أم إشارة أن هذا الرجل سيظل يُفسد وقتهما معًا دائمًا وأبدًا:
-
سواق والدك كلمني من شوية ومش عارف يوصلك.
سأله بتأهب ونبرة خائفة:
-
فيه إيه يا محمود؟
ابتلع الرجل وهو ينظر له بحسرة:
-
البقية في حياتك!
❈-❈-❈
عودة للوقت الحالي..
أخلى الطريق لكلاهما واعتدل والتفت مغادرًا
وهو يحترق بداخله ليـ ـد هذا المُهرج التي لا بد من بترها بالكامل بينما اقترب
"ريان" ليعانقها فقامت بحمله وتوجه ثلاثتهم نحو المائدة فجلس
"يحيى" و "روان" بجانبه ثم جلس "ريان" على مقعد
بجانبها وضيقت عيناها نحو "عنود" و "مايا" وهما تهمسان بأمر
ما من على مسافة فتوجهت واشتركت في الحديث بتساؤل:
-
بتنموا على إيه؟
اجابتها "مايا" سائلة وهي تتفحصها:
-
أنتِ قولتي لعمر إيه امبارح خلاه يتشقلب كده
وعمال يرغي مع ريان من الصبح؟
عقدت ذراعيها بثقة واجابتهما:
-
مفيش، كلمته بالعقل وضغطت عليه شوية لغاية ما
وافق!
ضيقت "عنود" ما بين حاجبيها
وتبادلت بعض النظرات مع "مايا" بينما قام "يونس" بالمناداة:
-
مش كفاية رغي ونفطر ولا إيه؟ يالا عشان
منتأخرش بقا.
توجهت ثلاثتهن وجلست "عنود" على
يسار "يونس" الذي ترأس المائدة بينما على يسارها جلس كلًا من طفليها
وبجانبهما "مايا" فلم يجد "عمر" سوى أن يجلس في مقابلة
"يونس" أو بجانب "ريان" فاختار أن يجلس على رأس المائدة من
الجهة الأخرى لتصبح "مايا" على يمينه ولم يتوقف عن اختلاس النظرات كلما واتته
الفُرصة نحوها وكل ما بداخله يحقد على ما يراه وهذا المُهرج يجلس بجانبها!
وللأسف بددت كل ظنونه ولم يجدها غاضبة مثلما
توقع منذ قليل!
لم يكترث بتواجد الجميع حوله بعدما مرت
الدقائق وهو يتناول بعض القهوة الخالية من الكافيين ولانت ملامحه لكيف تتعامل معه
وتساعده في تناول الطعام بالرغم ما أنه يتناول أغلب الطعام بمفرده وظل يتابعهما
وكأنهما الوحيدان حوله، كانت هذه لتكون حياته، هي وهو أمام عيناه بكل صباح، ولكنه
كان غبي بشدة لكي يترك كلاهما بعيدًا عنه، أو ربما كلاهما يستحقان حياة أفضل لا
يتواجد بها مريض مثله.
اقتربت "مايا" منه لتُنبهه:
-
عمر.. خد بالك أنت قاعد قدام جوزها.. لو عايز
تقرب من ريان روح أكله بس متبصلهاش اوي كده.. هتاكلها ولا إيه؟
همهم ناظرًا لها بتساؤل بنفس الملامح اللينة التي
كان يشرد بها تجاههما منذ قليل ولكنه سرعان ما فهم ما تُرمي إليه فاعتدل بجلسته
وبمجرد اختلاسه للنظر نحوهما انتبه على سعال "ريان" الذي لم يتوقف و
"روان" تُساعده بدفعات على ظهره مستمرة والقلق يتضح على وجهها.
نهض بقلق شديد وهو يرى ملامحه تتحول للزرقة
وبدأ الجميع في النهوض من مقاعدهم وكأنه لا يستمع لما يُقال وكاد أن يقترب منه
ولكن كان "يحيى" أقرب له فقام بحمله وبالكاد "ريان" يحاول أن
يتنفس بينما لم يستطع وتحول الأمر لاختناق تام بفعل سد مجرى تنفسه بقطعة من الطعام.
-
ابعدوا شوية بس ووسعوا الطريق قدامه.
وجه ظهر "ريان" لصـ ـدره وهو يقوم
بلف ذراعيه حوله بإحكام وأخذ يضغط بكفيه بنهاية قفصه الصـ ـدري وشاهد
"عمر" ما يحدث شاعرًا بتجمد الدماء بعروقه إلى أن سعل بشده وبصق تلك
القطعة من الطعام وبكت "روان" بعدما شعرت باحتراق اعصابها ليخبره "يحيى"
في النهاية بمزاح:
-
كده يا عم تخوفهم عليك، يالا بقا خد نفس كبير
كده عشان تطمنهم إنك زي الفل..
هدأ سعاله وهو يحاول امرار الهواء لصـ ـدره وأشار
نحو "يونس" أن يحضر له بعض المياه ففعل واقتربت منه "روان"
لتعانقه وهي لا تستطيع النطق بحرف واحد بعد أن بدأ وجهه يعدو طبيعيًا وما قتل
"عمر" أكثر هذا العناق المازح الذي بادر به "يحيى" لكلاهما
وهو يخبرهما:
-
سلامة الحلوين، متعيطيش يا نكودة يا روح قلبي
خلاص مفيش حاجة وبقا زي الفل اهو!
ابتعد ليجفف دموعها وناول القليل من المياه
إلى "ريان" بينما تراجع "عمر" وتملك منه الإحباط، يبدو أنها
حصلت لها على حياة كاملة لم يعد هُناك له دور بها، أفضل حل أن يبتعد للأبد عما
يراه وإلا سيموت حزنًا كلما رأتهما عيناه!
❈-❈-❈
بعد حوالي ثلاث ساعات..
ودعت "مايا" التي كان عليها العودة
لمنزلها وانتظرت عودة "ريان" لتأخذها خطواتها بعيدًا لتتمشى أسفل تلك الأشجار
التي تظلها ورغمًا عنها انتعشت بعض الذكريات برأسها، تتذكر كام كانت مشتتة يومًا
ما، هذا الشتات كان يُمثل لها كارثة حياتها وقد كان كل ما يشغلها، أمّا اليوم؛
وبمقارنة ماضيها بحاضرها، لم يعد يشغلها سوى طفلها الرائع الذي لو ابتعد عنها عدة
ساعات لا تتحمل هذا!
فاجئها قدومه وهو يجري نحوها لتدنو وهي تفتح
ذراعيها نحوه وهي تعانقه بقوة وتضمه إليها وأخبرته:
-
روني روح مامي..
تفقدها وهو يسألها باهتمام:
-
أنتِ لسه زعلانة وبتعيطي؟
أومأت له بالنفي وأخبرته:
-
لا أنا مش زعلانة، أنا عيطت عشان كنت خايفة
عليك.. المرة الجاية متبلعش الاكل غير لما تمضغه كويس.
-
أوك، متعيطيش تاني بقا.
هل يمكنه أن يحظى بعناق مثل هذا المهرج لهما
هما الاثنان؟ الإجابة ستكون لا بالتأكيد، ولكن يُمكنه الاستمتاع بالنظر ولو على
مسافة.
اقترب منهما لتستغرب لماذا يضع يـ ـداه خلف
ظهره ويبدو أن يحمل حقيبة ما ووجدته يوجه كلماته نحو "ريان" متسائلًا:
-
يالا بينا؟
تفقدتهما "روان" وهي تتعجب:
-
يالا على فين؟
-
عايز العب مع برق شوية..
نظرت له بانزعاج وسألته قائلة:
-
مش احنا قولنا بلاش لعب مع برق في الشمس دي
عشان متتعبش؟
ابتسم لها بشماتة ثم أخبرها:
-
ما احنا جبنا دي عشان الشمس.
رفع قبعة وهي ما كان يخفيها خلف ظهره بداخل
تلك الحقيبة ثم اقترب "ريان" لكي يُقبلها وحدثها بدلال:
-
معلش يا مامي please سبيني العب معاه واركبه شوية قبل ما نروح.
تفقدته بحزم تعرف أنها لن تستطيع الاستمرار
به كثيرًا وأخبرته بجدية:
-
مش هتركب الحصان في الشمس دي، عايز تركبه
يبقى بعد الساعة خمسة، وأنت أصلًا تعبت الصبح.
اقترب ليتناول "ريان" من بين
ذراعيها وأخبره:
-
ادخل غير هدومك الأول وبعدين نبقى نشوف هتركب
الحصان امتى.
-
أوك.
تناول منه الحقيبة وتوجه لمنزل
"عنود" مهرولًا لتتفقده "روان" بغضب وبمجرد ابتعاده سألته
بنبرة حادة:
-
هو إيه اللي هنبقى نشوف، بالنسبة لكلامي
واللي أنا معوداه عليه يعني تكسره كده قدامه في ثواني؟
ابتسم
لها واجابها بهدوء:
-
متقلقيش، أكيد مش هخليه ياخد ضربة شمس يعني،
أنا جبتله لبس عشان الحصان وحاجات على مقاسه، هعلمه بس ازاي يعملها وهقعد أتكلم معاه
وبعدين نتغدا، وبعدها بشوية هقوله احنا لسه آكلين فمش هينفع نركب الحصان دلوقتي..
لما الجو يبقى احسن والشمس تهدى هبقا أخليه يركبه!
تفقدته وهي لا تثق بكلماته وعقدت ذراعيها
بتحفز وأخبرته بجدية:
-
أنا هامشي وهسيب الولد هنا وهرجع اخده بليل،
الناني بتاعته هتيجي تقعد معاه.. لو عملت أي حاجة هتعرفني على فكرة!
تفحصها وانخفضت انظاره حيث عقدت ذراعيها
لتبعدهما فورًا بعد أن وجدت كيف يتابعها بنظرات اشتهاءٍ خالصة تعرفها جيدًا وحدثها
بنظرة ذات مغزى تسللها الغزل الخفي بنبرته:
-
هو امبارح عايزاني اتعامل معاه والنهاردة مش
عايزاني اجي جانبه، انتِ عايزة إيه يا قطة؟
اتسعت عيناها باندهاش من قوله وزجرته بإصرار:
-
اسمع، تكلمني باحترام لو سمحت وتبطل بصاتك
دي، قطة وقطتي والكلام الاهبل ده مسمعوش منك تاني وحاول تحافظ على علاقتنا تكون
رسمية ومفيش كلام بيني وبينك غير عن ريان وبس!
اتسعت ابتسامته لها أكثر وأخبرها:
-
ماشي، احافظ على علاقتنا تكون رسمية..
حاولت التخلص من الانزعاج الذي ينتابها كلما
تحدثت له لتجده يتابع متسائلًا:
-
بس هو فيه علاقة رسمية الست فيها بتيجي تصحي
الراجل الساعة تلاتة الفجر وتوقف قدام بابه وتدخل تقعد معاه في بيته؟!
نظرت له متفاجئة وسيطر عليها الغضب أكثر وودت
لو قامت بتلقينه لطمة قاسية حتى يستيقظ من تلك النظرات الماكرة بعينيه ولكنه تابع
بما ألمها حقًا:
-
ولا عشان هو مردش عليكي جيتي تدوري عليا!
انعقد لسانها وهي لا تدري كيف نما هذا إلى
علمه وقبل أن تخبره بشيء بين نظراتها المغتاظة ونظراته التي ظنت أنها مستمتعة بما
يراه حدثها بمصداقية:
-
اسمعي يا روان، أنا مش عارف أنا وريان هنبقى
ازاي مع بعض بس أنا بحاول أكون كويس معاه ومش هارجع في كلامي بتاع امبارح، أنا
عارف إني ظلمتك وكنت قاسي عليكي كتير بس اديكي شايفة حياتك، اتجوزتي انسان كويس
ومحترم وابنك بيحبك، كفاية خناق بقا وزعل بيني وبينك..
تفقدته بترقب ليُكمل كلماته لها بصعوبة:
-
لو احتاجتيني في أي حاجة هتلاقيني، سواء رغي
ولا تعيطيلي ولا تتخانقي معايا، ولو عايزانا منتكلمش بس غير عشان ريان أنا موافق
برضو.. بس كفاية خناق، مبقتش قادر ومش عايز ابوظ اللي وصلتله، يمكن من يومين بس
كان عشان نفسي، بس دلوقتي عشان ريان وعشان شكلك قدام جوزك ميبقاش طليقك مجنون
وبيعملك مشاكل.. حاولي تنسي اللي فات ومتوقفيش على الواحدة أرجوكِ!
❈-❈-❈
في مساء نفس الليلة..
-
دي هدية بمناسبة إيه دي؟
أومأ لها بالنفي وأخبرها:
-
مش هدية اوي يعني، افتحي الظرف وانتي تعرفي.
حاولت أن تقوم بفتح الظرف الورقي دون أن
تمزقه بالكامل وتعجبت من وزنه الخفيف للغاية ونظرت بتلك الورقتان لتجد قيامه
بالحجز لسفر داخلي لها وله لـ "ريان" فابتسمت ليقول:
-
أنا عارف إنها مش حاجة كبيرة، بس نسافر بكرة
الفجر ونرجع يوم الاتنين الصبح.. أنا أجلت كل الحجوزات وهاخدها في أيام تانية.. صدقيني
معرفتش أخد إجازة غير يومين.. وشوفي لو حابة ريان يجي معانا أنا كده كده حجزتله،
لو حابة نكون لوحدنا ممكن يقعد مع مامتك أو عند عنود وبالمرة يتعود على عمر شوية..
أنا معنديش أي مانع سواء لده أو ده.
نظرت له بامتنان وابتسمت له برضاء وعقبت
قائلة:
-
شكرًا يا يحيى.
لاطف وجنتها بأصابعه لتنزعج قليلًا خوفًا من
أن يُفسد زينتها وهو يقول:
-
كله إلا نكودة روح قلبي! واوعدك هحاول اظبط
لاجازة أطول ونسافر مكان ما تحبي.
ضيقت ما بين حاجباها بحنق وأخبرته باعتراض:
-
كفاية بقا نكودة دي وأرجوك بطل تلعب في وشي
وخصوصًا وأنا حاطة make – up
تفقدها بعدم اكتراث وعقب بمنطقية وجدتها
لاذعة:
-
ملوش لازمة اصلًا وقلتلك مليون مرة إن شكلك
من غيره أحلى!
تأففت مما سمعته، وبات في نفسها حُزنًا وكأنه
لا يُعجبه ما يراها به لتحزن قليلًا ونبهها نوعًا ما النادل الذي وضع الطعام
وبمجرد بدأه في تناوله لم يجد أمر كي يتحدث عنه سوى الطعام:
-
حلو اوي ده، دوقي كده؟
ناولها قطعة من اللحم بشوكته لتهمهم له وهي
تهز رأسها بالموافقة:
-
حلو اوي فعلًا، أنت أصلًا عرفت المكان هنا منين؟
اجابها بمصداقية دون اكتراث لما ستتحور هذه
الجملة وتصبح عليه في عقلها:
-
عارفة سامر خلف، هو اللي قالي عليه، كان بيتعشى
فيه هو ومراته من أسبوعين تقريبًا، الأكل هنا حلو وتحسيه مختلف فعلًا وعامل زي
اللي في تركيا بالظبط!
انقلبت ملامحها لتغمغم بخفوت:
-
ده فيه ناس اهي بتخرج مع مراتتها وبتشتغل في
مستشفيات زيك!
ترك شوكته وألقاها وحدق بها بغيظ وسألها:
-
معرفش بصراحة إن سامر عنده عيادة زيي، حصل
امتى ده؟ ويمكن بقا عنده مستشفى برضو وهو مديرها زيي، وكمان بيخرج مراته؟ الله
يكون في عونه بصراحة! مجهود يُحترم!
تفقدته بغضب وتناولت المزيد من الطعام دون
التحدث ليتصاعد الغضب به هو الآخر حيث افسدت مزاجه وشعرت هي الأخرى أنها ستصاب
بالغثيان إن تناولت المزيد فألقت ما بفمها بمنديل ورقي وتناولت بعض المياه لشعورها
بالغثيان حقًا لتسمعه يتكلم من جديد:
-
أنا غلطان إني فكرت اعملك حاجة بتحبيها.
همهمت له بالموافقة بينما لم تتنازل عن
الجدال وأخبرته:
-
لا ازاي أنا اللي غلطانة، ازاي أفكر واتكلم
معاك عن اللي حاسة بيه، بدل ما نتخانق لو كنت قولتلي معلش غصب عني وآسف وحقك عليا،
لا حضرتك بتديني درس وبتفهمني للمرة المليون إنك أكتر دكتور مشغول في الدُنيا. فيها
إيه لما تعديهالي وتحتويني وتطبطب عليا! الدكتور صاحب اكتر عقل ذكي مش عارف
يستحملني ويهديني بكلمة!
قلب عيناه وبدأت نبرته في الارتفاع:
-
أنتِ اللي ابتديتي، صعب عليكي اننا كويسين
وخارجين سوا فلازم بقا الكلام اللي يقرف ده!
تفقدت الجميع حولها ونبرته بدأت في الارتفاع
لتنهض وهي تشعر بغثيان شديد لا تدري هذا بسبب ألم ما أم بسبب ما حدث وأخبرته بعناد:
-
أنا خلاص نفسي اتسدت، حاسب لو سمحت ومستنياك
في العربية عشان نروح ناخد ريان ونروح!
❈-❈-❈
بعد مرور أكثر من نصف ساعة بقليل..
وصلت أمام منزل "عنود" بعد طريق
طويل لم يتبادل به أحدهما كلمة فتوجهت سريعًا للداخل لترن الجرس فقام
"يونس" برؤيتها واستشعر غضبها فسألها باهتمام:
-
ايه يا روري مالك فيه ايه؟
لم تتوقف واجهت للداخل وهي تسأله:
-
ريان نايم في أي اوضة مع الولاد ولا تحت؟
اجابها ليوقفها مناديًا:
-
اهدي بس وبالراحة، ريان نام عند عمر!
التفتت وغادرت بخطوات مسرعة وهي ترفع ثوبها
الطويل لكي لا تتعثر به ولم تكترث بوجود "يحيى" بطريقها الذي رمقها بحزن
اختلط بغيظه من عنادها الذي لا يتوقف واتجهت نحو منزله لتجده يجلس بالخارج يقرأ
كتابًا ما وحوله غيمة من أدخنة غليونه وسألته:
-
ريان نايم من قد ايه؟
لفتت انتباهه ليرى كم كانت تبدو رائعة للغاية
لينعقد لسانه ولكنه في أقل من ثانيتين استطاع قراءة غضبها الشديد على ملامحها
وسألها باهتمام:
-
ايه اللي مضايقك اوي كده؟
شعرت بداخلها يغلي وكأنها أوشكت على الانفجار
من شدة العصبية ولم تكترث بالإجابة عليه وتوجهت للداخل فتبعها وهو لا يفهم ما الذي
يحدث لها وبمجرد اقترابها من فراشه حيث نام "ريان" شعرت بأن هناك شيئًا
ما يتحرك بداخلها ومعدتها تؤلمها بشدة فسرعان ما ذهبت للحمام الذي تعرف مكانه
جيدًا وأفرغت كل ما بمعدتها ولم تستطع التوقف عن التقيؤ.
تبعها وقام برفع شعرها من الجوانب حتى لا
يسقط بالمرحاض وهدأ تمامًا إلى أن انتهت واخبرته:
-
ابعد يا عمر، مش ناقصة قرف يعني واحراج اكتر
من كده..
قام بإفراغ المياه من الصندوق الذي يعتلي
المرحاض ليسألها:
-
احراج وقرف إيه بس أنتِ كويسة؟ إيه اللي
حصلك؟
اجابته وهي تحاول التقاط أنفاسها:
-
أنا كويسة، اخرج وانا هنضف الحمام..
حاول أن يوقفها بعدما كانت جالسة على ركبتيها
ويُساعدها ممسكًا بيـ ـدها وأخبرها:
-
سيبيه وأنا هاعمله..
انزعجت من صلابة رأسه هو الآخر وكأن كل من
حولها اليوم يود الاعتراض فقط وعدم موافقتها على أي شيء والتفتت وهي على وشك إعطائه
نصيبه هو الآخر من الشجار ولكنها وجدت "يحيى" يتابعهما في صمت، هي حتى
لم تلحظ متى أتى إلى هُنا وتبعهما.
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بتول طه لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية