رواية جديدة كما يحلو لها لبتول طه - الفصل 71 - 5 الأثنين 6/11/2023
رواية كما يحلو لها
الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه
رواية جديدة كما يحلو لها
تنشر حصريًا على المدونة قبل أي منصة أخرى
من قصص وروايات
الكاتبة بتول طه
النسخة العامية
الأثنين 6/11/2023
الفصل الحادي والسبعون
5
بادلها بالمثل لتخرج بانزعاج شديد وحُزن لكونه يتعلق به للغاية وشعرت بأن
أمامها طريقًا وعرًا من الأسئلة والأفكار، الرجل الذي يتعلق به الآن سيُسافر
وسيتركه، والآخر الذي تعلق به بالفعل سيصبح مجرد ضيف شرف في حياته وحياتها، كيف
لها أن تعوضه عن فقدان كلاهما في نفس الوقت؟ وتبًا كيف ستتمكن هي من تعويض ذلك
الاحتراق الذي بداخلها، لقد أضاعت بالفعل ست سنوات مع الأول، وسنة مع الثاني،
وربما الحل المنطقي الآن أن تجد أقرب لحد لتضع نفسها به على قيد الحياة ويُقام لها
العزاء وليُمح اسم "روان صادق" من الحياة!
-
استني!
استمعت لصوته يوقفها قبل أن تدخل سيارتها لتلتفت فوجدته يتحاشى النظر لها
وحدثها بقسوة ولافتقار لكل معاني الحُلم:
-
قبل ما تيجي جوزك يعرفني.. آخر مرة هحذرك، وصدقيني المرة الجاية اللي هيحصل
مش هايبقى حلو!
سخرت من كلماته وعقدت ذراعاها بتحفز وأخبرته بنبرة لاذعة:
-
وهو أنا عشان أشوف ابني هاخد الاذن منك؟ يحيى مش باباه، وده ابني، ويوم ما
تبقى عايز حاجة تخصه ترجعلي أنا مش هو! وبعدين أنت فاكر يحيى ده موراهوش حاجة غير علاقتي
أنا وريان مثلًا؟ ولا فاكره حابسني وبيقولي اروح فين واجي منين!
انتقى كلماته التي قصد أن تكون خالية من كل المشاعر سوى الغضب لتلك
المقارنة التي فهمها جيدًا ولكنه لم يكترث لكلماتها وقال:
-
فيه بسام، وفيه مامتك، وفيه عنود، حتى مايا نفسها.. أنا مش عايز اتعامل
معاكي ولا اشوفك تاني.. ولو مخدتيش بالك من الكلام اللي بقوله ركزي كويس اوي للمرة
التانية بكررها، لو جيتي من نفسك تاني من غير ما ترتبي ده عن طريق جوزك او عيلتك
صدقيني اللي هيحصل هيزعلك اوي!
تركها وغادر لتحترق غضبًا فوق غضبها سواء بما حدث لها مع "يحيى"
أو منه هو نفسه، أو تجاه نفسها، لم تعد تطيق حتى تلك الملابس التي ترتديها لتجد
نفسها تُطلق سُبابًا قذر لمجرد رؤيته وهي يعود لمنزله ولأول مرة تجد نفسها قد وصلت
لهذه المرحلة البشعة من الانحطاط وبالطبع كل أول مرة لها بالحياة سواء بشيء جيد أم
سيء يكون هو السبب خلفه..
اتجهت وهي تقود السيارة ثم تركتها بمرأب مركز تجاري شهير وجلست بمقهى
لتتناول قهوتها ووجدت نفسها تبكي بشدة على كل ما آلت إليه حياتها، وكأن كل ما
تُطالب به هو المستحيل، لماذا لا توجد حياة يُمكنها أن تسعد بها؟!
ما لا تستطيع الاعتراف به بعد ولا تقبله هو أن أحيانًا من أجل الحصول على
شيء لابد لها من التنازل عن شيء آخر في المُقابل.. وكل ما تصمم عليه هو عدم
التنازل على الإطلاق، فهي تريد هذا الرجل الذي يفهمها ويعشقها وتنال المراتب
الأولى في أولوياته، رجل ناجح وجذاب وجيد مع عائلته ويمتلك حياة اجتماعية جيدة..
ما الصعب في ذلك؟
هل من الكثير عليها بعدما انتظرت لسنوات وهي تُحرم على نفسها العلاقات ولم
تدع نفسها لتعشق رجل سوى بالسابعة والعشرين من عمرها أن تنال هذا؟!
ها هي بالخامسة والثلاثون من عمرها وما زالت تطارد نفس حلم الفتاة التي
كأنها لم تعرف رجل بحياتها قط! تبًا لكل رجال العالم!
توالت الساعات في مرور لم تشعر به وهي تحاول أن ترتب افكارها وشعرت وكأنها
تسرعت مع "يحيى" لا تعرف هل التسرع كان في زواجها منه أم في رغبتها بالانفصال عنه كما
أخبرت "بسام" منذ ساعات!
بعد قليل انتبهت للساعة التي عبرت السابعة بقليل فقامت بدفع حساب مشروباتها
واتجهت لكي تعود لمنزل والدتها كما اتفقت مع أخيها لتصل بالسيارة وعبرت البوابة
الرئيسية وصفتها بالمرأب وبمجرد ترجلها للخارج والاتجاه لبوابة المنزل وجدت
"يحيى" ينتظرها وهو يحمل باقة من الورود وبدأ في التحدث لها:
-
عارف إني اتعصبت، وعارف إني مبعرفش أتكلم وأقول كلام كتير.. بس المفروض
مكونتش اعمل كده.. متزعليش مني!
تفقدته مطولًا وامتلأت عيناها بالدموع لتخبره بحزن:
-
أنا كل اللي طلباه شوية وقت وإنك تسمعني وتكلمني..
اقترب نحوها وهو يخبرها:
-
حاضر.. هسمعك وهكلمك وبوزو هتاخد أكبر وقت من وقتي..
اختفت الدموع من عينيها لاستغرابها ما يقوله وقالت مُتعجبة:
-
بوزو؟!
اقترب منها ثم قبل جبهتها وناولها الورود وشرح لها مقصده:
-
نكد، تضربي بوز، فتبقي بوزو..
لا تدري هل عليه أن تقتله وهو يبتسم لها بخبث ومزاح لتجد نفسها تضـ ـربه
برفق على كتفه وهي تحمل تلك الورود التي لم تشتم لرائحتها بعد ليضحك بخفوت وهو
يمنعها وقربها له وهو يخبرها:
-
نكودة وبوزو وقموصة بس بموت فيكي..
رفعت عيناها نحوه وأخبرته:
-
انا عايزة وقت وتكلمني وتسمعني وتبطل nicknames لو سمحت!
❈-❈-❈
بعد مرور ثلاثة شهور..
أنهت وضع مستحضر الترطيب على كفيها وتفقدت ملامحها بالمرآة لتجد نفسها تبدو
فاتنة ورائعة الجمال كعادتها ووضعت بعض العطر بجانب عنقها ومعصميها ثم اتجهت
للخارج وهي تتفقد الساعة لتجدها قبل الحادية عشرة بقليل ليقتلها الملل الشديد..
يبدو وأن "ريان" كل أيامه باتت أفضل بصحبة "عمر" فهو
منذ بداية إجازة منتصف العام وهو لا يُريد تركه على الإطلاق وحتى
"جومانا" تقضي إجازة منتصف العام بصحبة والدتها، أمّا عن
"يحيى" الذي بات يعود الآن بالحادية عشر بدلًا من الواحدة صباحًا فهي لا
تدري ما الذي تقوله عنه.. لقد باتت الحياة رتيبة للغاية، ليتها لم تتوقف عن
العمل.. ستُلغي اجازتها وستعود قبل أن تفقد عقلها..
لقد حاولت العمل بجدية شديدة خلال الثلاثة أشهر الماضية بكل مجهودها إلى أن
حصلت على براءة اختراع في نظام كامل يعمل بالذكاء الاصطناعي سيوفر ثروات طائلة
لمالكي الشركات.. بم عليها أن تشغل نفسها بأكثر من هذا؟
هي تعرف أنه بات الآن يعود مبكرًا قليلًا عما عهدته عليه بأول زواجهما
وقلما يتأخر للواحدة صباحًا ولكن هي لا تستطيع أن تجزم بأنها تشعر بالسعادة معه.
نهضت بمجرد سماعها للمفتاح يدور بباب المنزل واتجهت لترسم على وجهها
ابتسامة وأخبرته:
-
وحشتني على فكرة..
دخل ثم أغلق الباب وعقب قائلًا:
-
وأنت كمان يا بوزو وحشتيني.
اقتربت نحوه وهي تحاوط عُنقه بيـ ــديها ثم سألته:
-
بكرة الجمعة واجازة.. يعني مش لازم تصحى بدري، وهنصحى متأخر، وهنروح عيد
ميلاد أوس، مش كده يا حبيبي؟
همهم بالموافقة وهو يتفحصها فلم تجعل الأمر شاق عليه فهي باتت تعرف أنه
يستحيل أن يفهم ما يدور بعقلها سوى بكلمات مباشرة أو بفعل أمر مباشر واقتربت
لتقبله قُبلة تعني أكثر من مجرد اشتياق ولكنه بالطبع لم يكن ليتفهم الأمر بهذه
السهولة!
أخبرته باشتياقٍ شديد وهي تطالعه برغبة:
-
وحشتني اوي يا يحيى، اخر أسبوعين أنت مشغول اوي وبقالي كتير نفسي اقرب منك..
ابتسم لها وقبلها عدة قبل متتالية لم تدم أي منهما لثانية واحدة ثم أخبرها:
-
وأنتِ كمان يا بوزبوزة وحشتيني جدًا.
انزعجت من تلك المُسميات التي لا يتوقف عن اطلاقها عليها وفي غضون لحظة
واحدة كان بالفعل استجاب لطلبها الواضح لتساعده في خلع سترته الرسمية ودفعها هو
نحو الأريكة وفي أقل من دقيقة كان كلاهما قد تجردان من ملابسهما وكعادته كان
صامتًا أكثر من اللازم فأخبرته:
-
يحيى، وحشتني.. أنا نفسي في حاجات كتيرة اوي النهاردة.. فضلت صاحية مستنياك
وعايزة نقض الليلة كلها مع بعض.