-->

رواية جديدة كما يحلو لها لبتول طه - الفصل 71 - 6 الأثنين 6/11/2023

      رواية كما يحلو لها

الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه

رواية جديدة كما يحلو لها

تنشر حصريًا على المدونة قبل أي منصة أخرى

من قصص وروايات

الكاتبة بتول طه

النسخة العامية

الأثنين 6/11/2023

الفصل الحادي والسبعون

6

ابتسم لها وتركيزه يتشتت مما تخبره به ليخبرها باقتضاب:

-       شكرًا يا بُوزبوزة

 

انقلبت ملامحها باستياء ثم اعترضت قائلة:

-       بلاش كده بقا متضايقنيش بجد..

 

عقد حاجباه واعطاها رمقة خاطفة:

-       خلاص يا حبيبتي، بلاش فصلان بقا..

 

اقترب ليُقبل عنقها بتحركاته السريعة التي لا تُعجبها بينما أخبرته هي:

-       أنت اللي فصلتني الأول بجد.. كل ده عشان قولتلك وحشتني.. ميت مرة اقولك بلاش الـ nicknames دي ألف مرة..

-       اهري يا حبيبتي كمان.. شكرًا على الفصلان!

 

نهض وتركها وهو حقًا لا يستطيع تحمل التشتت في أمور العلاقة بينما وجدته يتناول ملابسه فسألته وهي تناديه:

-       يحيى، أنت فعلًا هتسبني كده؟!

 

التفت نحوها وأخبرها مجيبًا:

-       قولتلك مليون مرة بلاش كلام ملوش لازمة في الوقت ده وبتفصل بسرعة!

 

لن يتركها بعد كل هذه الرتابة والملل وهي تجلس أسبوعان لا تفعل شيئًا سوى الاستحمام والعناية بنفسها وتبديل الملابس ومشاهدة الأفلام، الليلة ستنال منه شاء أم آبى، لن تختنق في هذا الروتين وغيابه وعدم مما رسة الجـ ـنس الذي هو حقها ولقد اشتاقت لإزاحة هذا العبء عنها لأيام بدت كأربعة عشر عام وليس أربعة عشر يوم فقط.  

 

نهضت واقتربت منه ثم قبلته وهي ترفض ابتعاده وعانقته بقوة لتهمس بين قبلاتها باحتياج شديد:

-       بلاش يا يحيى تبعد عني!

 

بادلها بعد محاولاتها الدؤوبة التي نجحت بصحبة لمـ ـساتها له ليخبرها بين قبلاتهما:

-       مبحبش ابعد عنك، وعارفة إني بحبك.. متفصلنيش تاني.

 

أومأت له بالموافقة وانغمست بهذا الجدال من قبله المتسارعة ولقد سأمت بمطالبتها إياه بالتأني ولكن اشتياقها للفعل نفسه جعلها ترغب بالمتابعة ولولا رؤية انعكاس رغبته بعينيه لكانت مقتت الأمر معه للأبد..

 

دفعته نحو المقعد واعتلـ ـته جالسة لتنال ما أرادته منذ ساعات انتظرته خلالها ليعود، واغمضت عيناها وهي تُسلط تركيز عقلها على كل ما يُشعل رغبتها، ولأول مرة بعد زواج دام لستة أشهر تستمع بأذنيها تلك الكلمات التي كان يُخبرها بها "عمر"!

 

في لحظات لا ترى خلالها سوى العتمة بفعل اغماضها لعينيها وبفعل رغبتها الفطرية الشديدة ودون أن تقصد غابت خلالها عن الوعي وانقبض جـ ـسدها رغمًا عنها لتهمس:

-       عـ

 

توقفت من تلقاء نفسها عندما أدركت أنها كادت أن تنطق باسم "عمر" ثم فتحت عيناها لتجده يُسلط أنظاره عليها فسرعان ما حاولت تدارك خطأها وتظاهرت بابتلاعها ثم قالت:

-       عايزاك تكلمني يا يحيى.. قولي اي حاجة حاسس بيها!

 

لا تدري هل تشعر بالندم والظلم على ما تذكرته واستمعت له يدوي بأذنيها، أم تشعر بالإحراج لأنها تُطالبه بهذا أثناء لقائهما الحميمي ليخبرها وهو يُمـ ـسدها بملاطفات لها:

-       بحبك..

 

أغمضت عيناها واستمرت في فعلها وهي تشعر بأنها مشتتة بين كل شيء وتمسكت بمشاعر الرغبة حتى لا تنهار تمامًا واتخذت مما بدأت به بالفعل إلهاء لعقلها على ما أدركته واقتربت منه لتعانقه وبعد تحركات عدة صعودًا وهبوطًا وصلت للنهاية لتلتقط أنفاسها ولكنها كانت تعرف أن الأمر بعيدًا كل البُعد عن نهايته هو، هذه الجولة الأولى لها فقط..

 

لطالما كان لديه مقدرة غريبة على الاستمرار لا تفهم من أين تأتي.. هو سريع في كل شيء عدا هذا، ولكن بفعل صمته وتحركاته السريعة التي تفتقر للتناغم فيما بينهما، ستمر النصف ساعة المقبلة كنصف ساعة من اختبار الموت خاصةً بعد تلك الكلمات التي تذكرتها بصوته الدافئ التي لطالما دفعتها للتحليق فوق سُحب الواقع.

هذه الليلة ستكون الأسوأ على الإطلاق ولا تدري متى وكيف ستنتهي منها، بل هي الآن تعرف ما تريده، هي تريد رجل متناغمة معه وتيقنت أنها لن تستطيع الاستمرار معه على الإطلاق!

--

منذ أربع سنوات، وثلاثة أشهر، وأسبوعان..

جلست تتصفح بريدها الالكتروني بهاتفها بينما استندت برأسها فوق قدمه وهو يقرأ واحدًا من كُتبه في صمت تام لا يُقاطعه سوى أصوات تنفسهما وعندما أوشكت على النهاية رفعت عيناها نحوه لتجده غارق في تركيزه فأنهت آخر رسالة ببريدها وقامت بإرسال رد بكلمة واحدة بالإنجليزية:

-       موافقة!

 

تركت هاتفها جانبًا ثم اعتدلت بجلستها وهي تتكأ على ركبتيها وقامت بمداعبة خصلاته المموجة وأخبرته متسائلة:

-       مش كفاية قراية بقا؟

 

أغلق الكتاب وطالعها بنظرة مُطولة وبالرغم من كل ما يُريده إلا أنه تابع إلهاء عقلها فكل ما يبتغيه هو رؤية عقد الفسخ بينهما الذي من المتوقع رؤيته بعد يومان واجابها متسائلًا:

-       نفسك في إيه يا بنوتي وأنا اعمله؟

 

قلبت شـ ـفتاها وهمهمت بتفكير لتخبره بنبرة مقترحة:

-       ممكن نتفرج على فيلم، أو نخرج نسهر برا شوية في أي مكان حلو، أو احكيلي الكتاب ده بيحكي عن إيه.

 

طالعها بنظرات حزينة في باطنها ومُرهقة في ظاهرها وأخبرها:

-       الفيلم تمام، الخروج لأ عشان مش قادر، والكتاب بيتكلم عن أصل الخيل وأنتِ بالعافية عرفتي تتعاملي مع برق وتجهزيه وتركبيه لواحدك.. تحبي احكيهولك؟

 

أومأت له بالنفي وهي ترفع يـ ـداها باستسلام أمام محتوى هذا الكتاب، لم تكن لتعرف أن هناك كُتب تتحدث عن أصل الحيوانات ولكن على كل حال هي تريد تغيير مزاجه قليلًا فقالت متسائلة:

-       طيب تعبان حاسس بإيه؟

 

زم شـ ـفتاه بحسرة وهو يحتوي جانب وجهها بكفه ليُجيبها:

-       مزاجي مش رايق وحاسس إني داخل على نوبة اكتئاب مهببة وبكرة هكلم مريم عشان تزودلي جُرعة الدوا!

 

ضيقت ما بين حاجباها باهتمام واقتربت نحوه وهي تستفسر بهدوء:

-       طيب فيه حاجة تحب اعملها؟

 

ابتسم لها برفق وهو يُسيطر على نفسه بأعجوبة لكي لا يبكي وقربها منه ليُعانقها وأجاب:

-       خليكي في حضني، مش عايز حاجة أكتر من كده.

 

اقتربت منه وعانقته بقوة فتشبث هو الآخر بها، وود لو كان ما يقوله قد يُمكنه حقًا أن يتحقق، ولكنه لا يستحق امرأة مثالية مثلها، هي تستحق حياة رائعة مع رجل أفضل منه ليه مشوه بماضي جارح مثل ماضيه، رجل يملك عائلة وأصدقاء وناجح بعمله الذي يُحبه، رجل يبدأ معها بداية منطقية من جديد دون أن يجرحها ويؤلمها، ويقوم باختطافها واغتصـ ـابها نفسيًا وجـ ـسديًا من أجل تخيل مريض برأسه!

 

تأهبت فجأة وابتعدت عنه ثم تعجبت مخبرة إياه:

-       أنا شوفت عربية داخلة من الشباك، ده مين اللي هيجي دلوقتي؟

 

قلب شـ ـفتاه كدلالة على عدم المعرفة وانتابه القلق بداخله، فهو لا يريد لأي أحد أن يراها معه وتوجه كلاهما للخارج لتتفاجأ بقدوم "يونس" و "عنود" غير المتوقع فلقد ظن الجميع أنهما يقضيان شهر عسلهما، لترسم هي ابتسامة على وجهها وهي تتجه نحوهما ولم تر ملامحه خلفها وهو يسُب بداخله، قدومهما سيُغير كل شيء!!

ولكن بعد أكثر من عشر سنوات في ممارسة القانون والتحايل عليه لديه حُجة قوية سيستطيع أن يقنع بها "عنود" بأن تتظاهر بأنها لا تعرف شيء.. وربما حان الوقت لأن تعرف تمامًا لماذا قام بلطمها يومًا ما ظلمًا وهي لم تفعل ما تستحق عليه ذلك!


تابع قراءة الفصل