-->

رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 27 - 5 - الثلاثاء 28/11/2023

  

قراءة رواية حياة بعد التحديث

الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حياة بعد التحديث

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل السابع والعشرون

الجزء الخامس


تم النشر يوم الثلاثاء

28/11/2023

❈-❈-❈

حدقت فريدة في سقفية الحجرة وهي تتذكر زيارتها إلي أسرتها، فمنذ عودتها وهي ترد على تساؤلات زوجها بإجابات مقتضبة، وهو لم يريد ان يضغط عليها وتركها وذهب حتى ينيم الصغار هو اليوم، ومن حينها وهي بدأت تعيد حساباتها و ذكرياتها في كل شيء، تذكرت أيضا سابقا قد قرأت عبارات تشجيع لمرور هذه الأزمة، وما علق ذهنها هي تلك العبارة التي أشارت فيها أحد بأن ما يسمى الشرف ماهو إلا شيئاً معنوياً وليس مادياً ملموساً كما يظن الكثير، أي إنه لاوجود له في عالم المحسوسات، ألقت نظرها على الغرفة ثم إلي أخذت نفساً عميقاً ونهضت.


وبعد نصف ساعه كان بدر يقف أمام باب الغرفه وعندما دخل وجد السكون يُحاوط المكان فظن بأنها نائمه وصار نحو الداخل ليسمع صوت شهقات تأتي ليُصيبه الفزع و اتجه اليها بخوف وكاد أن ينطق بأسمها الا انه وجدها تجلس فوق سجادة الصلاه وبين يديها مُصحفها تقرأ بصوت مسموع وتبكي وهي تردد تلك الآيات القرآنية.


زفر الآخر انفاسه وشعر بالراحه قليلا واقترب منها وجثي علي ركبتيه ليهمس بأسمها،طالعته بعد أن صدقت وتأملته بوجه يغلب عليه الحزن فتناول منها المصحف ليضعه علي المنضده القريبه منهما، وتساءل بنبرة مهتمه


= من ساعه ما جينا وانا حاسس أنك فيكي حاجه عرفيني مالك، مش مبسوطه انك بداتي تتعايشي مع أهلك وتديهم فرصه جديده ولا إيه


أخفضت عيناها وهي صامته فشعر أن هناك خطب ما بها، فسألها بإلحاح أكبر وحاصرها حتى اضطرت أن تحكي ما تشعر به، فأرتجف جسدها وبدأت تبكي قائله بضياع


= مش موضوع ندمانه أن اديتهم فرصه بس لسه ما نسيتش يا بدر هو انا كده وحشه؟ انا والله نفسي انسى.. نفسي اعيش عادي وابطل افتكر اللي حصل بس مش بنسى ولا بنسى   اللي عملوه.. وهم برده اذوني بطريقه وحشه ومش قادرة أنساها  


ضغط بدر على شفتيه متمتماً بضيق


= ومش هتنسي يا فريده بس ممكن تعودي نفسك انك لما تفكري في الموضوع ده تقفي  قدام نفسك وتقولي انا سامحت وهتجاهل، و أنا مش هفكر مره تانيه في اللي بيضايقني! عشان نفسك قبل عشانهم صدقيني انتٍ لما تسامحي و تديهم فرصه بتدي لنفسك انتٍ كمان فرصه.. النسيان ممكن يكون صعب عليكي بس أنك تسامحي مش صعب يا فريدة .


ارتفع حاجباها بتوجس، وسمع صوتها يخرج من ثغرها بثقل 


= انا خايفه! حاسه السعاده اللي انا فيها دي مش هتدوم هتظهر حاجه تعكر كل حياتي من تاني، انا خايفه اخسرك يا بدر واخسر البنات والحياه اللي اديتها لي من تاني  


نظر الي ملامحها الشاحبه بحزن وقلبه يؤلمه بقوه علي حيرتها التي بسببها لا تعرف تاخذ القرار الصحيح ولا تعيش القادم براحه، وعندما نطقت بتلك الكلمات ضمها بذراعيه بقوه وأخذ يُحرك يده علي ظهرها بحنو مرددًا


= استغفري ربنا يا فريده دي وسوسه شيطان بيحاول يخليكي تفقدي ايمانك في ربنا وثقتك فيه، انتٍ ياما عدت عليكي ابتلاءات وكان ربنا بيختبرك وانتٍ نجحتي وصبرتي وعديتي بالاصعب فجايه عند السهل وتخافي، سواء خسرتي او انا ما بقتش في حياتك انتٍ قويه وقادره تعدي كل اختبارات ربنا لوحدك  وتكسبي من تاني .  

    

توردت وجنتيها بحرج وهي تهتف بخوف


= بس انا مش عاوزاك تروح من حياتي يا بدر انا اتعودت عليك واتعودت على البنات وحبيت حياتي الجديده معاك ومش عاوزه اخسرك.. انا بحبك بجد .


أبعدها عنه ليري ملامح وجهها التي اغرقتها الدموع وتنفس بعمق ومدّ بكلتا كفيه نحو وجهها ليزيل دموعها بحنان، منحها نظرة ساهمة قبل أن يجيبها 


= وانا كمان يا فريده عاوزك في حياتي ومش هسيبك، ولا كمان البنات يقدروا يستغنوا عنك وعشان الخوف والقلق ده عاوزك تسامحي عشان تعرفي تنسي.


ردت عليه متسائلة بصوتٍ باكي 


= مش هتندم في يوم اني مراتك  


وضع يده على كتفها ليجذبها نحوه مجدداً، وضمها إلى صدره قائلاً بنبرة جديه للغاية 


= انا لو هندم! فهندم ان انا ما عرفتكيش من الأول وسبتك لغيري يؤذيكي، فريده انا ساعات بعاتب نفسي اصلا على اللي حصل لك وان انا ما ساعدتكيش رغم ان احنا متقابلناش وقتها فمتوقعي ان انا ممكن اسيبك بعد ما دخلتي حياتي واتعودت عليكي .. 


أبتسمت براحه نوعاً ما بعد حديثه، وظل يحتضنها يبث لها الدعم والقوه، واضاف عليها بدر بثقة


= عمري ما هاخد الإختيار ده وهو اصلا مش موجود في حياتي.. انا حياتي خلاص ابتدت تاني من ساعه ما انتٍ دخلتيها فلو ما اخترتكيش هبقى بنهيها. 


تنهد يزفر أنفاسه وهو يدرك أسباب خوفها ولكنه أقسم أنه لن يجعلها تحزن أبدا وسيكون لها سنداً وسيعطيها من عمره فحياته دونها أصبحت لا شئ وشعر بيدها الصغيره علي ظهره تلفها حوله خصره ليجدها تُتمتم بنبرة مختنقة 


= بحاول والله اني اسامح. 


أبتسم بدر لها وهو يمسح على وجهها برفق واردف بصوت عذب


= انا عارف ومتاكد ان انتٍ بداتي تاخدي القرار ده ولو ما عرفتيش النهارده! هتعرفي بعدين.. كلنا نستحق فرصه تانيه يا فريده ولو عايزه تحسمي المساله هنا شوفي إذا كانوا أهلك فعلا يستحقوا الفرصه دي ولا لاء.


❈-❈-❈


كانت تسنيم تسير بالمنزل بفقدان أعصاب فزوجها ذهب الى قسم الشرطه حتى يبلغ عن ذلك الشاب الذي يهدده بصور ابنته فالخيرا قد اقتنع بذلك، لكن تأخر كثيراً بالعوده وخشيت ان يغير رايه بعد كل ذلك! لم تجد شئ غير أن تتصل به، ألتقطت هاتفها كي تدق عليه فسمعت صوت الباب يفتح وهو يدلف فتحركت نحوه بقلق وهي تتسائل بلهفه


= اتأخرت اوي.. طمني يا سالم عملت ايه؟ بلغت البوليس عن الولد ده صح اوعى تكون رجعت في كلامك عند اخر لحظه بعد ما اتفقنا خلاص.


بدأ يزيل عنه عنقه رابطته التي تخنقه، واجاب بصوت مخنوق


= تسنيم انا عايز استريح ومش عايز اتكلم في حاجه ممكن.. و ما تخافيش عملت اللي اتفقنا عليه.


هزت رأسها دون اعتراض وقادته نحو غرفته التي لا تشاركه فيها.. و ساعدته بأن يتسطح فوق الفراش، ثم عاونته في تبديل ملابسه.. وكان هو يتطلع فيها بشرود فكانت كل يوم تثبت له انها معدن أصيل وأنها امرأه مثلها خلق الحب من أجلها تحملت كل سلبياته معه ورغم كل ذلك مازالت تقف بجانبه وتحاول مساعدته وحاولت أيضا أن تتخطى معه مشاكل عائلته التي اكبر منها بل وحاولت ان تتخطى ظلم الحياه بقلب بريء حامد راضي.


آفاق من شروده علي صوتها وهي تقول بخفوت


= انا جهزت الأكل بره... و ما تحاولش ترفض عشان انا ملاحظه انك ما بقتش تهتم بأكلك، و كده غلط


قبض على يدها يمنعها من تركه، وهمس بتوسل لأول مره يظهره في حياته 


= مش عاوز حاجه يا تسنيم خليكي جنبي بس، تعرفي انا بحمد ربنا انك مراتي 


توقفت مكانها بقلب يخفق بشدة وعاود نظراته لها يراقبها، وهمس بعشق حقيقي


= أنا بحبك يا تسنيم، حياتي من غيرك ملهاش معنى وبعدك علمني قيمتك واد ايه انا كنت معمي ومش بسمع غير قوانيني اللي حاططها ومصدقها وقافل عيني على الحقيقه..انا اللي ضيعتك! افتكرتك جبل وهتفضلي تتحملي، ضيعتك بغبائي


لم تريد أن تتحامل عليه اكثر، لذلك ابتسمت له بهدوء وهي تجيب


= ممكن ما تفكرش في اي حاجه دلوقتي..اكيد جعان وانا ما اكلتش حاجه وكنت مستنياك.. هروح اسخن الأكل بسرعه و مش عاوزه اعتراض ماشي 


رمق مائدة الطعام بالخارج المعده ثم نظر لها فأشفاق علي ما صنعته من اجله.. وأقترب منها يمسح على خدها برفق وهو يردف قائلاً


= ما تتعبيش نفسك وتسخنيه ثاني هاكل زي ما هو، وبعد كده ما تعتمديش عليا في الاكل عشان انتٍ حامل دلوقتي ولازم تاكلي وتتغذي


جلس سالم فوق مقعد السفره غير منتبه الى تلك التي تحوم حولهم وتريد الإقتراب لكنها مترددة من رده فعله العنيفه، لاحظت تسنيم وجودها وقد شعرت بالعطف عليها ولذلك قالت باقتراح بصوت مرتبك


= ايه رايك لو رحت ناديت ليلي تاكل معانا مش كده احسن بدل ما هي لوحدها طول اليوم في الاوضه


رد عليها سالم بشراسة وقد ضاقت نظراته 


= لو ناديتيها هقوم من على الأكل يا تسنيم ومش هاكل مش ناقص سده نفس، كفايه اللي شفته بسببها النهارده وانا في القسم، مش قادر انسي منظري وانا باصص في الأرض مكسوف وعمال احكي اللي حصل هناك ليهم .


اجفلتها صيحته لتتجمد عيناها نحو عيناه التي علقت بها بحزن عميق، ثم هزت رأسها بيأس وهي تقول بانصياع 


= زي ما تحب ماشي .


بدأت تسكب الطعام له، بينما تجمدت ليلي في وقفتها تغمض عينيها بقوه تذرف دموعها

من بعيداً بحسره ولكنها ظلت واقفه بمكانها لا تقوى على إكمال خطواتها ولا تقوى على الالتفاف نحوه، فالي متي ستظل معامله والدها لها كذلك.. تحركت أخيرا الى غرفتها التي مضت فيها الكثير وهي تجلس حبيسة تبكي على حالها.


بعد تناول الطعام كادت أن ترحل تسنيم بعيد عنه فهي تبات في غرفه الضيوف، لكنه اقترب منها يجذبها اليه يرفع كفه يُداعب وجنتيها قائلاً باحتياج 


= مش كفايه تجاهل بقى... و لو حتى عايزه مساحه لحريتك ولسه زعلانه مني انا مش همانع خدي وقتك، لكن مش للدرجه دي


تعلقت عيناها نحو يده القابضه فوق ذراعها

فبدأ يقترب أكثر وهي كانت تبعد، رمقته ببطء وفي عينيها كل معاني الماضي الذي مات، ثم هتفت بنبرة مزعوجة مما يحدث 


= التجاهل ده ياما أنت عايشتني في يا سالم

جرب مراره بقى و نتيجه افعالك زمان... عند أذنك .


ياه كم ذلك عنيف، الحيره و الإختيار و الاشتياق كل تلك الأحاسيس وأكثر، يشعر بها كل منهم! لكن يظل دائما هناك سد مانع!. 


هتفت عبارتها تحرقها لكنها حقيقه، زواجها منه لم يكن إلا التعاسة لحياتها! رغم أنها تجاهلتها قديماً إلا أن تجاهلها لم يكن إلا صمت يتبعه صمت حتى أتت القشه التي أودت كل شئ داخلها وماذا ستنتظر أكثر من أن تعيش ذليله في بيت زوجها الذي كان يعقبها بصمته أيضا، منذ زواجهما لأجل طفلته.



الصفحة السابقة                        الصفحة التالية