رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 19 - 1 - الثلاثاء 7/11/2023
قراءة رواية ميراث الندم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ميراث الندم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الجزء الأول
تم النشر يوم الثلاثاء
7/11/2023
بوسط الدرج جلست تراقب بصمت ، متخفيه بجسدها خلف الحاجز الخشبي، تشاهد من جزء صغير، يمكنها من الرؤية ولا ينتبه إليها أحد، تحمد الله ان بناتها قد ناموا الاَن، حتى يمكنها المتابعة، دون أن يزعجها شيء،
وقد حدث ما كانت تتمناه، وجاءت اللحظة الحاسمة، بمواجهة الحبيب اليائس، ابن عمها، مع صاحبة القلب المتحجر، تلك الحمقاء التي فضلت عليه ابن العامل الأجير، من اجل ان تجعله يقترن بأسياده.
- بكرة تعرفي ان اللي عملته كان لمصلحتك يا هبلة.
غمغمت بها ساخرة من الداخل، تتبسم بانتشاء وها قد بدأ العرض
❈-❈-❈
هل هذه ارتجافة الخوف التي شعرت بها؟ أم هو الزعر من القادم؟ وذلك بتحليل مبدئي للنتائج المترتبة على ما تراه امامها، وهي التي استبشرت بقدوم الفرح، وقد ظنت انها على بعد خطوة واحدة من تحقيق ما تتمناه، بعد الصبر الطويل.
- ساكتة ليه يا روح؟ ما تردي.
عاد يسألها بصوت مبحوح، أو بالأصح مذبوح، وقد علم الإجابة من قبل أن تنطق بها،
حاولت التحلي ببعض الشجاعة في النظر اليه بقوة المدافع عن حقه في الاختيار، بل هو حقه في الحياة التي يبتغيها كيفما شاء، ومع من يريد..
- إنت جايب الصورة دي منين؟
بصدمة ارتسمت على ملامحه بوضوح، دمدم بعدم استيعاب:
- هو دا اللي هامك؟ جايبها منين؟ طب اجاوبك انا واجولك انها جاتني من رقم غريب، يعني مش انا اللي صورتكم يا روح، في ناس تانية كانت بتراجب وما صدجت لجيت الفرصة عشان يبعتوها على رقمي انا، رقمي انا يا روح، ويا عالم اتبعتت لمين تاني
- يشوفها اللي يشوفها، ان شالله حتى للبلد كلها، انا ميهمنيش حد .
صاحت بقوة تجفله برد فعلها، حتى احتدت انظاره نحوها، ولكنها واصلت ولم تأبه، لن تصمت في الدفاع عن حقها:
- أيوة يا عارف، انا كنت مستنياه، وهو رجع خلاص، واليوم ده لما جابلته كان بيطلب مني احدد ميعاد مع اخويا عشان يتفج معاه، وانا بلغت غازي وخدت موافجته جبل ما يسافر عشان يجابله، انا مش صغيرة ولا ناجصة تربية عشان اخاف واداري وشي.
- بس ناجصة حيا.
هدر بها يباغته بالقبض على ذراعها بقوة ، يكز على أسنانه بغضب متعاظم، ود لو يسحق عظامها، كما سحقت هي مشاعره، ودهست عليها بأقدامها، بهذه الكلمات السامة.
رد فعله كان مفاجئًا لها، حتى انها استغرقت لحظات تتحامل على الألم، تطالع هذا الوجه الغريب عن طبيعته المسالمة في العادة بصدمة، لقد كان عنيفًا بحق، يزيد بالضغط عليها بشراسة مردفًا:
- بتجوليها في وشي، ومش هامك جلبي اللي بتدوسي عليه، بتجوليها ومش هامك سمعتك ولا منظرك جدام اهلك، ولا اخوكي اللي مكبرك فوج راس الكل، وبسببك خسر صاحب عمره سنين، سنين وانا وهو متفرجين عن بعض بسببك، وكل ده عشان مين؟ عشان كلب سابك زي البيت الوجف، تجعدي سنين موجفة حالك وحالي عشانه.
صرخ بالاخيرة بوحشية جعلتها تستفيق لتقاوم وتعنفه:
- سيب يدي يا عارف، انت ملكش حج عليا، سيب يدي، انا مجولتلكش طلج مرتك ولا تتربط جمبي، سيب يدي بجولك،
دفعها اخيرًا لتسقط بثقلها على الكرسي خلفها، بعد ان شعر بألمها، وقد سقطت دموعها العزيزة أمامه، ولكنه لم يأبه، ليردف لها بتهديد ووعيد:
- انتي اللي جيبتيها لنفسك يا روح، وانا لو فرطت في حجي، مش هفرط في حج العيلة، ولا حج اخوكي ، اللي عايش طول عمره بهيبته، ومش واحدة زيك هي هتفرط العُجد اللي اتربط بجالوا سنين.
بصق كلماته وذهب، يتركها تستعيد ما حدث منذ قليل بعقلها، وكأنه حلم، لا بل هو الكابوس بعينه، ذلك الذي يجثم على انفاس الفرد في ذورة راحته وهناءه، بصور عديدة تنذر بقدوم الأسوء،
وضعت كفها على فمها تكتم الصوت عن بكاء مرير، كيف حدث ذلك؟ وماذا ينتظرها في الغد؟ والأهم الاَن في هذه اللحظة، من أوقعها في الفخ؟ من راقب والتقط الصورة، على مدار سنوات عمرها التي مرت بها، لم يسبق لها ان أخطأت، حتى لقاءها بالحبيب الذي احترقت صبراً لرؤيته، لم يتجاوز سوى ملامسة الأيدي، رغم لوعة الأشتياق، هي لم تخطئ، هي على وشك الزواج بمن تحب، لماذا لا يفهمها أحد؟
وفي الأعلى كانت الأخرى تتابع بتأثر لحال الفتاة، حتى غمغمت بخفوت لا يسمعه الا هي:
- يا عيني عليكي يا بت عمي، كان لازم جلم يفوجك ، عشان تعيشي الواقع، وتعرف جيمة عيلتك وناسك.، عايزة تعملي فيها حبيبة وتتمعشجي، فاكرة نفسك في فيلم عربي.
❈-❈-❈
تم توقيع عدد من الصفقات الهامة مع العميل الذي صافح يودعهما ممتنًا، لكم المميزات التي سوف يحصل عليها بفضل التعاون المشترك مع شركتهم الناشئة، متوقعًا لهم، مزيدًا من النجاح والإزدهار، قبل ان يذهب إلى مواعيده الأخرى، ويترك لهما الطاولة في الفندق الشهير، والذي تم الاجتماع به:
- عشان تعرف بس يا معلم، صاحبك مشغل الشركة في غيابك زي حضورك، بذمتك انت، كنت تتصور ان الزمن يتطور بينا ونتشتغل مع حوت زي اللي فارقنا من شوية ده.
تبسم غازي، لطرافة صديقه، والذي لا يفوت فرصة دون الثناء عن محاسنه المتعددة، و تفكيره الالمعي في اقتناس الفرص الهامة، والحق يقال، هو بالفعل كذلك، ولكن غازي دائمًا ما ينكر من اجل مشاكسته:
- ما خلاص يا عم الظريف، عرفنا واتأكدنا ان مفيش زبك في الكون كله، نعمل ايه عشان نشكرك؟ نضرب تعظيم سلام مثلآ.
انتفخ يوسف بروحه المرحة، يضع قدمًا فوق الأخرى مرددًا بزهو، وصدر منتفش:
- إنت بتقول فيها، طب والله انا فعلا استاهل، اتفضل بقى يا كبير ناسك، ادي التحية وعظملي،
- يا راجل، اتعدل ياض.
هتف بها بحزم أجفل الاخر، ليعتدل بجلسته على الفور مغمغمًا بحرج:
- صلي ع النبي يا عم الحج، وبلاش منها ياض دي، راعي سمعتي ولا منظري في قلب الفندق العريق، احنا مش ناس أي كلام برضوا
تبسم له باتساع يعقب:
- والله يا يوسف انا بحسدك بروحك الخفيفة دي، وهزارك الدايم، من غير ما تشيل للدنيا هم، ولا تعملها أي اعتبار ، دي اكبر نعم انت ممكن تحصل عليها على فكرة .
- يا سيدي ربنا يعزك، ويعني الدنيا دي هناخد منها ايه؟ سيبك انت ومتكبرش نفسك بالهم، المهم بقى، انا عازمك النهاردة على حتة سهرة صباحي،
نهض ضاحكًا من جواره يعترض:
- لاا يا عم الحج ، انا كدة زين جوي، انا بس اطول سريري، واحط راسي وانام، جسمي كله مكسر من تعب السفر، وانت البعيد مرحمتنيش من ساعة ما رجلي خطت البلد
جلجل يوسف بضحكاته، ليتناول الملفات والعقود ويضعهم في الحقيبة، قبل ان يلحق به متمتمًا:
- مشحططني معاك ولا اكني مساعد عندك حتى، طب وافق حتى نجيب سكرتيرة، تساعد العبد لله، وبرضوا تتطري الجو شوية، تعقم الدنيا بريحة البرفان بتاعها، والله ساعتها الدنيا هتبقي حلوة صدقتي.
رد غازي بضحكته :
- طموح جوي انت يا عم يوسف.
امتعضت ملامح الاخير، يرافقه الذهاب مرددًا:
- وماله لما ابقى طموح، يعني لا يبقى حقيقة ولا خيال، دا انت راجل وش فقر بجد