-->

رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 19 - 2 - الثلاثاء 7/11/2023

  

  قراءة رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى





رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل التاسع عشر

الجزء الثاني

تم النشر يوم الثلاثاء

7/11/2023

عودة للصفحة السابقة

❈-❈-❈


خرجت من غرفتها على صوت الطرقات الخافتة على باب الاستراحة الخارجي، لتهتف سائلة بتوجس، ناظرة في ساعة الهاتف، وقد تعدت الساعة الواحدة ليلًا:

- مين؟..... مين اللي بيخبط دلوك؟


- أنا اللي ع الباب، افتحيلي يا نادية. 

ميزت صوتها رغم غرابة النبرة، لتعدو سريعًا تفتح لها بقلق تزايد فور أن وقعت عينيها عليها، تقف امامها بهيئة مزرية، ووجه متنفخ من كثرة البكاء.


- ايه اللي جرا؟ مالك ؟

لم تكد تكمل السؤال، حتى وجدتها ارنمت بحضنها،  تنطلق بموجة أخرى من بكاء لم ينقطع في هذه الليلة السوداء.


شددت عليها لتسحبها معها للداخل وصوت صدر من الداخل بنعاس:.

- مين اللي ع الباب يا نادية؟

أجابتها على عجالة:

- نامي ياما، متجلجيش، دي روح جاية تبات معايا. 


❈-❈-❈


أتت اليها بالمشروب الساخن،  بعد أن هدأت قليلًا ، وتوقفت عن البكاء،  وضعته فوف الكمود،  قبل ان تنضم جوارها على الفراش، تمسح بكفها على ساعدها بمؤازرة، ثم تناولته لوضعه بيدها، بحنو:


- اشربي الحاجة السخنة دي، هتهديكي.

بصوت منكسر عقبت ساخرة:

- وافرضي هديت، يا ترى كمان الامور هتهدي معايا ؟ انا شكلي ضيعت خلاص يا نادية،  وكلاب السكك هتجطع في جتني،  وحتى مش هلاجي حد يدافع عني . 


اغمضمت عينيها، عن دمعة ساخنة سالت تحرق جلدها، كقلبها من الداخل،  الذي يتلظى بلهيب العادات البالية،  والتي قد تؤدي لخسارتها لكل شي،.


علقت نادية بتفكير متوزان رغم ارتعابها هي الأخرى من القادم:

- انا رأيي ان الموضوع مش هيكون أكتر من كدة، اصل يعني كدة بالعجل، اللي باعت الصورة، لو نيته يشهر ، فدي بسيطة جوي، يجدر ينزلها ع التليفونات،  بلمسة ع الشاشة، هو اللي عمل كدة ابن حرام دي مفيش منها شك، بس بصراحة كدة جاصد المهمين في العيلة عندكم .


- ودي هينة يا روح؟

خرجت منها تتنهد بوجع سكن بروحها:

- اللي عمل كدة جصده يكسرني، ويضيع حب عمري مني، طب ليه؟ دا انا دفعت التمن سنين من عمري في الصبر، انا جلبي مجبوض، وحاسة ان اللي جاي مش خير واصل...... والنهارده كانت البشاير بعارف، اللي مد يده عليا ولاول مرة اشوفه شديد كدة، انا عارفة اني جرحته، واجبرته انه يتعصب عليا كدة، بس انا كان في ايدي ايه؟.......


التفت نحو نادية تستطرد برجاء:

- طب كنت هرد اجولوا ايه؟ ساعتها مجدرتش اكدب عليه، يمكن كانت جسوة مني عشان كنت عايزه اعرفه باللي جوايا، لعلّه ساعتها يحل بجى عني، ويشوف حياته، بدال ما هو جاعد كدة ومحملني حمل فوج حملي..... يعلم ربنا اني ياما اتمنيت يرتبط باللي يحبها وتحبه،  يلاجي السعادة اللي بيحلم بيها، اعمل ايه تاني أكتر من كدة؟ 


عادت نادية تضمها اليها وتشدد من احتضانها، تبثها الدعم الأخوي، حتى وان لم تكن شقيقتها، فما تحمله لها من محبة، تجعلها في هذه الصفة وأكثر.


فعلها العفوي،كان له اكبر التأثير بقلب الأخرى، والتي اردفت لها:

-  عارفة يا نادية، انا وجت ما حسيت الأوضة ضاجت عليا ونفسي انحاش من كتر البكا، خصوصًا، بعد اللي سمعته كمان من وجدان اختي، من كلام واعر في حجي بعد ما شافت الصور..... مكنتش جادرة اللوم عليها،  عشان ده تفكيرها،  وليها حج انها تخاف لو الموضوع وسع، بس انا في اللحظة دي كنت هموت من الرعب، كان نفسي حد يجف جمبي ويطمني، حد ياخدني في حضنه زيك كدة يا نادية...... انا جيتلك وانا متأكدة انك هتسمعي ومش هتلومي، هتطبطبي وتهديني، حتى لو في نفسك اعتراض عليا.... انا كنت محتجالك جوي يا روح .


اخفت الأخيرة تاثرها لتردف بصوت جعلته يميل الى المرح:

- يا ستي واحنا لينا مين غير بعض، شكل كدة مفيش غير الظروف الزفت هي اللي بتجمع الصحبة الحلوة مع بعض.


استجابت للمزاح تردد خلفها:

- اه والله هي فعلًا زفت، ربنا يسترها معانا. 

- اللهم آمين 

اممم خلفها بجدية:

- انتي هتنامي النهاردة معايا، نحط راسنا دلوك وبكرة يحلها الحلال،  جادر يجيب الحل من العجدة نفسها،  جولي امين .

- أمين يارب 


❈-❈-❈


دوي الهاتف المزعج باستمرار ، جعله يستقيظ مجبرًا من نومه، ليتناوله على مضص ، كي يجيب المتصل والذي زاد من ضيقه، فور ان رأى الأسم وعلم بهويته:

- الوو .... ايوة يا عمي صباح الخير.

اجفل على الصيحة الغاضبة التي كادت ان تشق اذنه من  قوتها، ليرد على صاحب الصوت بانزعاج:


- وه وه، في ايه طيب؟ كلمني براحة عشان افهم، انا صاحي من نومي اصلًا على مكالمتك، ايه اللي حصل عشان تزعج وتطلبيني اجي البلد بسرعة، حصلت نصيبة لا سمح الله 


انصت دقيقة استمع فيها تقرير موجز، جعله يعتدل فجأة نافضًا عنه النعاس بلا رجعة، ليزأر بخشونة:

- ايه الكلام اللي انت بتجوله ده يا عمي؟ خلي بالك دي حاجة تطير فيها رجاب


❈-❈-❈


عودة الى البلدة 

حيث خرج الحاح يامن من منزله، محركًا أقدامه نحو الشقة المجاورة،  والخاصة بابنه الاَخير، الشقة المهجورة من ساكنيها، بسبب تركه لها ، منذ طلاقه من زواج لم يصمد لأكثر من شهور قليلة.

ولكنها اليوم وعلى غير العادة، مفتوحة وقد علم منذ زوجته انه قد بات بها.


- عارف .

هتف مناديًا باسمه فور ان دلف داخلها،  قبل ان يجلس على اقرب مقعد قابله أمامه، لم ينتظر كثيرا حتى خرج له الاَخر من غرفة جانبية، يلقي التحية بروتينيه، قبل ان يشاركه الجلسة، 


- صباح الخير يا بوي، 

- صباح الخير يا حبيبي .


قالها يامن متمعنًا النظر به، وكأنه يقرأه، حتى اضطر عارف ان يتهرب بالمزاح قائلًا:

- ايه يا عم الشيخ، عرفت مكاني وجاي تجعد جصادي تتأمل فيا، يكونش عجبك حتة الدجن اللي مربيها اليومين دول.


- لا يا عارف انا لا عاجبني الدجن ولا عاجبني انت نفسك. 

- وه، ليه الصدمة دي بس يا عم الشيخ؟ كدة في وشي، طب حتى جاملني بالكدب.

لم يستجب يامن للإبتسام او الرد على مزاحه، بل قام بمبادرته الحديث مباشرةً:


- عاااارف، ما تضغطتش على نفسك يا ولدي بهزار مالوش عازة، الصورة اللي جات على تليفوني، جاتلي انا كمان.


ضاقت حدقتيه بتسأل بتوجس، يشوبه غضب مكتوم؛

- تجصد ايه يا بوي؟ اي صورة دي اللي جاتلك على تليفونك. 


زفر يامن، يجيبه بحنق:

- الصورة اللي جومتك منبوط امبارح من جمب واد عمك ناجي، واللي جاتله هو من بعدك وفهم لوحده.


- ناجي كمان؟

نهض واقفًا بملامح مكفهرة غاضبة ، وقد فلت زمام تماسكه:


- أكيد الحاجات دي مركبة، انا متأكد ان دي حركة واطيه من عيل ابن كلب نصاب من بتوع الايام دي،  لكن وحياة غلاوتك يا بوي ، انا بسعى من امبارح مع واحد خبير، وأكيد هنعرف بهوية صاحب النمرة اللي بعتتلي وبعتتلكم، ، انا هجول لغازي يعلم العيال دي الأدب......


- غازي عرف .

هتف يامن مقاطعًا له، حتى طالعه الاخر باستفهام، جعله يكرر له بتأكيد:

، عمك سعيد اتصل بيه النهاردة من الفجرية وبلغه،  وهو زمانه دلوك على وصول، دا ان ماكنش لسة وصل اصلا 


سقط بثقله على مقعده بصدمة متمتمًا:

- غازي عرف! ومن عمي سعيد كمان، دا اكيد كبر الموضوع وادالوا أكبر من حجمه 


رد يامن بقلة حيلة:

- انا عن نفسي مكنتش عايز اجوله، وكان في غرضي مدام الأمر ما تعداش غير نمر معدودة مننا، 

لاننا نجدر نؤد الفتنة من اولها، لما نمسح الصور، وكأن مفيش حاجة وصلت، بس عمك بقى انت عارفة، ما بيصدق.


- هو فعلا ما ببصدج، ربنا يستر . 

غمغم بها، يزفر انفاسه المضطربة بقلق بالغ، امام انظار والده المتابع لحاله بإشفاق، يعلم أن كل ما يشغله الاَن، هو الخوف عليها.

تابع قراءة الفصل