-->

رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 20 السبت 11/11/2023

      قراءة رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى





رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل العشرون

تم النشر يوم السبت

11/11/2023


2 


رددت هي الأخرى بارتياب:

- وه، دا حتى انا كمان مبتردش عليا، رغم اني اتصلت بيها خمس مرات ، هنروحلهم كيف دلوك من غير ما نعرفوا منها الميعاد المناسب للزيارة؟

 

- إنتي كمان؟!

تمتم بها ليتناول الهاتف، يحاول مرة أخرى مخاطبًا نفسه بانزعاج داخله:

- هيكون ايه اللي عطلها بس؟ دي معملتهاس وانا في الغربة بعيد عنيها، تعملها في يوم زي ده؟

 

--

 

بداخل الغرفة التي ضمت الثلاث الرجال معها، بسيوني خلف الباب وكأنه يمنع بجسده الضخم خروج الصوت للخارج ،  عارف بجهة قريبة، وهي في الوسط، تقف أمامه،  بجسد يرتجف، فسهم جمرات عينيه المتقدة نحوها، وهذه الهيبة التي لالطالما عرفتها عنه، من مجرد مواقف شهدت حضوره بها، ورأت حزمه وصرامته في إصدار الأحكام التي تسري على رجال اكبر منه عمرًا ومقامًا، ومع ذلك يفرض سيطرته، وكلمته تنفذ على رؤوس الجميع، فما بالها هي الاَن في حضرته، وذبذبات الخطر تنتشر في الأجواء حولها، مع نظراته المسلطة عليها بوجه مظلم، يُرعب الجنين ببطن امه، وصمت مريب قطعته هي بالسؤال الذي عادت تكرره للمرة الثانية:

 

- انا كنت بسألك يا غازي بيه، هو انت بعتلي ليه؟ بسيوني سحبني على هنا من غير ما يبلغني بالسبب،  وانت بجالك لحضة طويلة من ساعة ما جيت بتبصلي......

 

- اصنطي.....

قاطعها بحدة جففت الدماء قي عروقها، لتبتلع في ريقها بارتياع متعاظم، حتى اقترب بخطوتين رافعًا سبابته نحوها بتهديد مباشر:

 

- هي كلمة ومش هاعيدها، هتجاوبي ع السؤال اللي أوجهولك من سكات، لإما يا نفيسة عقابك هيبقى اضعاف وساعتها متلوميش الا نفسك.

 

- سؤال ايه يا بيه انا معرفش حاجة

هتفت بها بدفاعية مسبقة، قبل ان يقطع عليها عارف ليٌضحض حُجتها:

- اسمعي الكلام يا بت، انتي النصيبة لابساكي لابساكي، ولا مفكرانا هينين ومش هنعرف بصاحب الرقم اللي بعت الصور على تليفوتنا،

 

جحظت عينيها برعب حتى انسحبت الدماء من بشرتها تماثل شحوب الموتى ترتد اقدامها للخلف برغبة يائسة في الهروب من حصار الثلاثة لها، ليزيد عليها غازي بفحيح مفزع:

- وبرضك ما تحاوليش تنكري ولا تلفي وتدوري بالالاعيب عشان انا عارف ان خط المرحوم جوزك معاكي، وان انتي اللي بعتي الصور، زي ما انا عارف بالظبط بجيتك هنا في اليوم نفسه اللي نفذتي فيه عشان شوفتك بعيني، وانت طالعة تتسحبي زي الحرامية من باب البيت الوراني......

 

توقف ليصدر الأمر بهيمنة ساحقة:

- دلوك هتجاوبي على كل الأسئلة، وأولها سبب دخلتك البيت هنا، كنتي بتعملي ايه في بيتي يا بت؟

 

خرج صوتها بفزع:

- الست فتنة يا بيه....  هي اللي سلطتني اعمل كدة .

 

اجفل الثلاثة بقولها، حتى سقطت العصا التي يحملها في العادة من قبضته أرضًا،  ليهدر بها، انتي واعية للي بتخترفي بيه دا يا بت؟

 

رددت بفزع الباحث عن النجاة:

- والله ما بكذب في كلمة، انا هعترفلك بكل حاجة من طج طج لسلام عليكم، وانتي هتميز بنفسك ان كان كلامي صح ولا بألف .

 

تجمد عن الرد مباشرة، وكأن المفاجأة قد شلت تفكيره، ليتوقف لحظات قبل ان ينقل بنظره نحو ابن عمه ورجله الأقرب بسيوني، بحرج اصابه خوفا من تبين صدقًا يستشعره بغريزته،. لكن سرعان ما استعاد بأسه، ليحسم تردده:

 

- جيبي كل اللي عندك

 

--

 

بعيدًا عن الجميع، ذهبت للركن الوحيد الذي أصبحت تجد راحتها به، وقد توطدت الصداقة بينهما بعد ان افضت لها بكل ما يعتمل بصدرها، وهذا السر الذي اخفته عن الجميع، قبل ان يحدث ما حدث.

 

- شايفة يا نادية، بيرن تاني.

نظرت الاخيرة نحو ما تقصده على شاشة الهاتف،  لتعقب بإشفاق:

- طب ما تردي عليه، وجوليلوا انك تعبانة حتى ومش جادرة تتكلمي.

 

تحركت رأسها لاعتراض قائلة:

- مش هيصدج انا عارفاه، خصوصي وانا عارفة كويس جوي دلوك، انه جاعد على نار ، مستني اخبره بميعاد لزيارة اخته ووالدته.

 

توقفت تغطي بكفهيا على وجهها، تخرج زفرات متتالية

بتعب، لتتسائل بقنوط:

- يعني يا ربي اجعد السنين دي كلها كاتمة سري في بطني، واصبر واتحمل، ودلوك تاجي على اخر لحظة.... وتتعجد؟

 

- استغفري ربك.

تمتمت بها تربت على ذراعها تبثها الدعم:

- أكيد ربنا كاتب الخير، ارمي تكالك عليه وهو يعدلها من عنده.

 

تمتمت بقنوط:

- ونعم بالله، بس يعني.... طول السنين اللي فاتت دي وانا بدعي يرجعلي بالسلامة، ودلوك لما رجع........ استغفر الله العظيم، انا مش بعترض، بس انا تعبت، كنت متوقعة افرح، بس فجأة لجيت الدنيا انهدت فوج راسي، حتى لو غلطت، انا برضك بشر.....

 

توقفت لبرهة، ثم اتجهت بسؤالها نحو الأخرى:

- تفتكري هيعملوا معايا ايه يا نادية ؟  وموضوعي انا وعمر..... تتوقعي ان فيه أمل تاني.

 

- ما توقعش.

كادت ان تنطق بها، نظرا لما رأته من شواهد غير مبشرة، وعلمها بعادات البلدة التي لا تقبل التهاون في هذه الأمور، ولكن نظرة الأستجداء في عينيها أجبرتها على التراجع:.

 

- اجولك يا روح، انتي بدل ما تتوقعي وتضربي أخماس في اسداس، سبيها على ربنا وادعي، انه يوفقك للي فيه الخير ويرضيكي بيه.

 

أومأت توافقها الرأي:

- يارب يا نادية، سبيتها عليه بجى يدبرها من عنده.

- يبجى ام شاء الله خير.

 

غمغمت بها الأخيرة بابتسامة مطمئنة، قبل ان ينتبها الاثنان على ولوج الصغيرة اية ، أكبر ابناء غازي، والتي جاءت تخاطب عمتها:

 

- ابويا طالبك تيجي حالا ع البيت دلوكت يا عمة

 

--

 

دلفت وجدان تسحب نادرة الشقيقة الأخرى لغازي،  والذي بعث اليهم ليأتوا على الفور من منازلهن، وكذلك كل من وصله الصور على هاتفه.

 

- انا عايز اعرف دلوك، المحروس مجمعنا كدة بربطة المعلم، رجالة وحريم  وعمال يحشرنا كلنا في المندرة، خبر ايه؟ مالناش مصالح اخنا نشوفها

هتف بها سعيد يستهجن بضجر، فجاءه الرد من عارف:

 

- معلش يا عمي لو عطالنك عن المرواح ومصالحك،  بس بصراحة دي رغبة غازي،  هو اللي أمرني اتصل بالناس، وواجفك انت وابوي عن المشايان، اصله عازوكم تشهدوا على موضوع مهم.

 

- موضوع ايه؟

سأله والده مستفسرًا، ولكن الاَخر لم ينتبه، فقد تعلقت عينيه بها وهي تدلف لتتخذ مقعدها بجوار شيقيقاتها على أحد الارائك، تتجنب التطلع نحو البقية ، وقد تركزت ابصارهم نحوها، بنظرات متسائلة،  وأخرى متشفية فرحة، يعرف اصحابها جيدًا:

تهكم سعيد بسخرية تعقيبا عليه:

 

- يا عيني عليك يا واد اخوي، رابط نفسك ومضيع عمرك على مفيش، ياريتك كنت كملت في جوازك ولا اتجوزت اربعة حتى، ع الأجل عشان كرامتك.

 

- كرامتي محفوظة يا عم، وبلاش كلامك الواعر ده، ميغركش هدوئي.

خرجت منه كرد قوي، اضاف على قوله والده:

- ياريت تمسك لسانك شوية يا سعيد، اعملي انا حساب حتى، خبر ايه يا واد ابوي؟.

 

رد سعيد يعدم تقبل:

- هو دا اللي على لسانك وبس، انا كنت عايز اكسر راسها البت جليلة الحيا دي، يمكن اخوها اللي عامل نفسه كبير ساعتها يحس، لكن انت اللي منعتني يا يامن.


تابع قراءة الفصل