-->

رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 20 السبت 11/11/2023

      قراءة رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى





رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل العشرون

تم النشر يوم السبت

11/11/2023


1


في الجلسة التي جمعتهم حول الجدة الكبيرة، ولديها بجوارها، تتحدث معهما بسجيتها، غير عالمة بما يحدث حولها، والاثنان يتجاوبان معها في حديث يبدوا عادي، حتى لا ينتابها الشك في شيء، نظرا لزيارتهما المفاجأة لمنزل العائلة اليوم.

 

اتخذ غازي جلسته في الطرف بعيدًا، لينفرد بالحديث الخافت مع صديقه:

 

- شوفت عمك يا عارف؟ كانه الموضوع جاله على هواه ، وما صدج يلاجي جنازة عشان يشبع فيها لطم.

 

رد يجيبه برزانة كعادته، رغم ثقل ما يحمله بداخله من مشاعر قاتلة، وأبصاره موجهه نحوها، تلك التي جلست بزاوية وحدها بوجه منطفئ، ذهب عنه الاشراق المعتاد، لا تقوى على رفع نظرها نحو أحد منهم، ولكنها مرغمة على مشاركتهم الجلسة، حتى لا تثير بقلب جدتها الشك:

 

- عمك من يومه هوال يا غازي وانت عارفه، بس اطمن مش هينطج بحرف، عشان ابويا مشدد عليه، جدتي مش حمل أي زعل.

 

تحمحم غازي شاعرًا بالغصة التي جرحت حلقه، باستدراك جلي لتلميح ابن عمه، رغم علمه بحسن نيته، حتى عقب له ينكر بكذب مكشوف:

 

- تركيب وغش يا عارف، انا بس اعرف اللي عملها، وربنا لاكون معرفه مجامه زين؟

 

- بس انا عرفت اللي عملها؟

انتفض غازي، يردد سائلًا له بتحفز:

- مين يا عارف ابن الكلب ده؟ وجولي إنت عرفته ازاي؟

خرج صوته عاليًا بانفعال لم يقوى على كبته، حتى لفت انظار الرجلين ووالدتهما اليه، حتى مال نحوه عارف هامسًا بخفوت وحذر:

- وطي صوتك يا عم الحج، بنجولك المرة تعبانة، ولو على اجابة السؤال، انا عرفت باسلوبي اسم صاحب الرقم،

 

التف اليه بأعين نارية، يسأله باستهجان:

- وجاعد جمبي ساكت يا عارف!

زم شفتيه الأخير نحوه باستياء، ثم رفع شاشة الهاتف امام عينيه يرد

- يا عم افهم انا عارف جبل ما اجي هنا على طول، وبرضك صراحة مش عارفة اتصرف ازاي مع صاحبة الرقم ؟ اصله كمان مش بأسمها ، دا بإسم جوزها الميت 

 

ضيق غازي عينيه ليغمغم بقراءة الأسم المدون على الشاشة بتفكير عميق:

عبادي السناري...... وه،

ارتفعت رأسه متسائلًا باستدراك فوري:

- دا المرحوم عبادي جوز البت نفيسة الحفافة...... يا بت ال......

 

توقف فجأة يستعيد بذهنه مشهدها، وهي تهرول من باب المنزل الخلفي بخطواتها المسرعة، وكأنها تهرب من جرم فعلته......

 

نهض فجأة وبدون استئذان يجفل الجالسين بندائه:.

- بسيوني، انت يا واد يا بسيوني، تعالي عايزك حالا يا واد.

 

القت فاطمة بالسؤال نحو حفيدها عارف:

- واد عمك ماله النهاردة، ؟ شكله مش طبيعي،

أومأ يجيبها على عجالة وهو ينهض ليلحق به:

- مفيش يا جدة، حاجة بسيطة كدة، انت عارفة غازي جلبه حامي في أي حاجة.

 

صمتت المرأة لتتفحص وجهي ابنيها اللذان كانا يتبادلان النظرات الغامضة، بوجوم يعتلي تعابيرهم، قبل أن تلتف نحو فتنة التي أتت تحمل أصغر بناتها:

 

- امال غازي راح فين؟ مضروبة الدم مش عايزة تنام غير في باطه.

عقبت فاطمة ضاحكة،  تفتح ذراعيها للصغيرة:

- هاتيها انيمها انا المشجلبة دي، ولا تاخديها انتي يا روح، هي أكيد هتسكت معاكي.

 

وقبل ان يخرج رد الأخيرة، تهكمت فتنة، والشماتة تتراقص في عينبها نحو تلك التي تدعي التماسك وهي في موقف لا تحسد عليه:

 

- لاه يا جدة، سيبي روح في حالها، لتكون مصدعة ولا حاجة،  انا مش عايزة احمل عليها، وهي شكلها مضابج كدة.

 

اكتفت روح بنظرة حارقة تحدجها بها، فهي لن تسمح بأن تجرها لمشاجرة في هذا الوقت الحساس، يكفيها إجهاد التفكير المتواصل بالهواجس والمخاوف التي تضج بها رأسها، وهي لا ينقصها.

 

--

 

تأفف بضجر ليغلق الهاتف نهائيًا، عن هذه الاتصالات الملحة، والتي مل واصابه القرف منها، ثم ما لبث ان يستقيم واقفًا عن جلسته أعلى المصطبة الرخامية خارج المنزل فور أن رمق بعينيه شقيقته تلج امامه من مدخل الشارع الضيق، في طريقها إليه، حاملة على يدها بنتها، ساحبة معها هذه الفتاة السمراء الغريبة، تحمل هي الأخرى حقيبة يد بلاستيكية من خلفها، تبدوا أنها ثقيلة،

 

- مساء الخير

القت التحية بعد أن اقتربت تنهج من ثقل السير بابنتها والتي تلقفها الاَخر ليحملها عنها مرددًا خلفها تحيتها:

 

- مساء الفل، انت برضك جايا شيلاها البنت دي، مش تعوديها تمشي على رجليها احسن، امشي على رجلك يابت وخففي عن امك.

 

جلجلت الصغيرة بضحكاتها المرحة، تأثرًا بالدغدغات المتواصلة من خالها، والذي انشغل بها، حتى انتبه على قول الأخرى:

 

- عامل ايه يا استاذ عمر؟

رفع رأسه عن الصغيرة ليجيبها بروتينية، يحاول تذكر اسمها:

- اهلاا يااا يا هدير.

تدخلت جميلة مخاطبة الفتاة بامتنان:

- دخلي السلة جوا يا هدير، ربنا بعدلهالك يا بتي، دايمًا مساعداني

 

همت ان تنفذ مطلبها، وما ان همت لتتحرك خطوتين حتى التفت برأسها تخاطبه بوجه واجم، قبل ان تكمل طريقها نحو المنزل:

- الف مبروك يا استاذ عمر، ربنا يتمملك بخير.

قالتها ولم تنتظر الرد منه، لتجفله بارقًا عينيه من خلفها متفاجئًا لقولها، حتى نقل بنظره نحو شقيقته التي التوى ثغرها بحرح منه، وقد أجفلها فعل هذه المتهورة، ليخاطبها باستياء معاتبًا:

 

- كدة برضوا يا جميلة؟ لحجتي تنشري الخبر؟ دا انا لسة حتى مدخلتش البيت.

بررت تدافع عن موقفها:

- يا حبيبي والله ما جولت لحد غير امها، ودي صاحبتي وجارتي، كنت فرحانة ومعرفتش اخبي عليها، هي بجى سمعتنا بالصدفة.

 

- واهي مسكت في الكلمة، ومش بعيد تنشرها في البلد كلها. طب استني حتى لما ناخد خطوة رسمية.

همت لترد ولكن بخروج الفتاة، اغلقت فمها تنتظر مرورها اولا، والتي سألتها وهي لا ترفع بصرها عنه:

- طب انا ماشية بجى، مش عايزة مني حاجة تاني؟

 

نفت جميلة على الفور، تربت على كتفها باضطراب حتى تتحرك:

- لا يا حبيبتي متشكرين، روحي انتي كملي خبيز مع امك، روحي ربنا يعدهالك.

 

كالعادة كانت خطواتها متباطئة، وهذه النظرات المكشوفة نحوه، رغم تغيرها هذه المرة لأخرى متشبعة باللوم وكأنه اخلف بوعده معها!

 

حينما غادرت اخيرًا تختفي من الشارع امامه، التف  نحو شقيقته يردف باستدراك متأخر:

- جميلة، انت جصدتي تجولي جدام البت دي خبر الخطوبة، ومهياش سمعت بالصدفة ولا حاجة، صح ولا لاه؟

 

اومأت تحرك رأسها باستسلام تجيبه:

- بصراحة أيوة ومتزعلش مني، البت زي ما انت شايف كدة، عجلها خفيف، وانا جولت اخليها تعرف، عشان متعشمش نفسها، ما هي البنتة في السن ده بيبجى خيالهم واسع، وو.... وكدة احسن يعني.

 

زفر بحنق، ولم يعلم ماذا يفعل معها،  أيوافقها على وجهة نظرها، أم يغضب لأفشاءها الأمر قبل حدوثه؟ في الاخير حينما يأس منها، علق بتهكم متأثرًا بقلق بدأ يزحف داخله من بكرة الصباح:

 

- ناصحة يا اختي، طب اهي بركات الست هدير نشعت علينا كانها، وروح من الصبح جافلة معايا، من وجت الرسالة اليتيمة اللي بعتتها ليلة امبارح، تجول انها هنام بدري ومصدعه.


تابع قراءة الفصل