رواية جديدة وهام بها عشقًا لرانيا الخولي - الفصل 3 - 2 - الثلاثاء 28/11/2023
قراءة رواية وهام بها عشقًا
الجزء الثاني من رواية ومجبل عالصعيد كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية وهام بها عشقًا
الجزء الثاني من رواية ومجبل عالصعيد
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة رانيا الخولي
الفصل الثالث
1
تم النشر بتاريخ الثلاثاء
28/11/2023
انتهى كل شئ
وها هو يجلس وحيداً في منزله الذي اصبح بين ليلة وضحاها لا يملك سواه
وكأن الزمان يعيد أحداثه، تمامًا كما حدث من قبل
لكنه لم يجد الابن الذي يقف بجواره كما فعل جمال مع والدهم
تخلى عنه الجميع، لا زوجة ولا أولاد
فقط الوحدة هي التي لازمته
كان يجلس على المقعد في الردهة مستندًا بمرفقيه على قدميه ينظر إلى ما بينهما بشرود
دق قلب جمال بحزن على حال أخيه وهو يدلف منزله الذي أصبح خاويًا تمامًا سواه هو
ألقى السلام كي لا يفزعه بظهوره لكن ظل على حاله دون أن يرده
تقدم منه ليجلس بجواره قائلاً بثبوت
_ السلام لله ياولد ابوي
.
شعر بنفسه ضعيفًا لا يقوى على الرد أو رفع بصره إليه لكن عناده تحدث بإيباء
_ جاي تشتم؟
اوجعه اتهامه لكنه تحدث بنفي
_ لأ أني مش جاي أشمت في أخويا أني چاي اقف جاره لجل ما يقف على رچليه من تاني
ويفتح شركته.
رفع منصور رأسه بعدم استيعاب وكأنه لم يستمع جيدًا فأكد جمال بإيماءه من رأسه ثم ناوله الملف الذي أخذه ليفتح وهو مازال لا يصدق ما أخبره به
لكن عقد حاجبيه مندهشًا مما يرى
فكلها وثائق تحمل اسم جمال عمران
نظر إلى أخيه وسأله بحدة
_ أيه ده؟
تنهد جمال بعتب ثم تحدث بجدية
_ الشركة أنا اشتريتها وكتبتها باسمي، بس انت اللي هتديرها زي ما كنت بتعمل، الفرق بس في الامضاء
والفلوس هتتقسم ما بينا.
تحولت الانانية بداخله إلى بغض وحقد وهو يرى أخيه يأخذ كل شئ من بين يديه، أولاده وميراثه وحتى شركته
أراد في تلك اللحظة تمزيق تلك الأوراق لكن هو مجبر على الموافقة
وماذا بيده الآن سوى الاستسلام لحكمهم
وعليه الرضوخ لهم إذا أراد استرداد حقه منهم.
لن يهزم وسيظل يعافر حتى يقف على أقدامه كما كان من قبل.
فتحدث بهدوء رغم ما بداخله من نيران
_ حاجة تاني؟
يعلم جمال ما يدور بخلده الآن مما جعله يشعر بالمرارة تجاهه
هو لا يريد تلك الشركة لكن أيضًا سيلتزم بأتفاقه مع والده حتى يخرج ما بجبعته
ربت على ساقه وتحدث بقوة
_ أنت ولد عمران المنياوي يعني محدش هيقدر يكسرك واصل طول ماأنا عايش، خليك عارف إكده زين.
نهض جمال من مقعده وتابع
_ أني ماشي دلوقت والصبح قبل ما أرچع البلد هنروح الشركة ونخلصوا كل حاچة.
رحل جمال وظل هو على حاله ينظر إلى الأوراق بضيق
باك
عاد منصور من شروده على صوت مديرة مكتب المحامي وهي تقول
_ مستر منصور المنياوي.
ازدرد لعابه بصعوبة وتحدثت باقتضاب
_ ايوة انا.
اشارت له بالولوج
_ اتفضل فؤاد بيه مستنيك جوة.
أومأ لها وسارت بخطوات مترددة نحو غرفة المكتب وشئ بداخله يمنعه من الولوج لكن عقله يجبره على السعي خلف ما يريد
وضع يده على مقبض الباب ومازال التردد سيد الموقف حتى لاحظت المديرة ذلك فسألته بحيرة
_ في حاجة حضرتك؟
زم فمه باستياء ثم وافق عقله ودلف إلى الداخل دون ذرة ضمير.
❈-❈-❈
عادت تلك الأصوات تقتحم مخيلتها والرؤية رغم انها استطاعت فتح عينيها إلا إنها مشوشة لا تبين الوجوة التي تحاوطها، عادت لتغمضها وتساءلت بخوف
هل عادت إلى الجحيم مرةً إخرى؟
هل فشلت في الهرب من براثينهم؟
وإذا كان ذلك، ماذا سيفعلوا بها؟
استطاعت أخيرًا تميز أحد الوجوة عندما تقدمت منها وسألتها
_ انتي كويسة؟
ازدردت جفاف حلقها لتجيب بإيماءه من عينيها
لتتابع بأسئلة كثيرة لم تستطيع الإجابة على أيًا منها
كانت تجهاد كي تجيبها وتعلم منها أين هي لكن لا فائدة
تشعر بألم شديد يجتاح كامل جسدها لتخرج منها اهه خافته عندما حركت يدها فيعاود ذلك الصوت يمنعها
الظمأ الذي تشعر به يجعلها تحاول إخراج صوتها
لكن انتهى ظمؤها عندما سمعت ذلك الصوت القاسي
الذي جعلها ترتعد بخوف وتلوذ بالفرار إلى ظلامها الدامس.
نظر مهران إلى الممرضة عاقدًا حاجبيه فأجابت بتافهم
_ عادي متقلقش، مادام فاقت وحركت ايديها تبقى كويسة.
اومأ لها بتفاهم ثم خرج من الغرفة ليجد الرجل الذي يتحرى عن أمرها منتظره بالخارج
تقدم منه يسأله بجدية
_ وصلت لحاچة؟
أومأ الرجل مؤكدًا
_ أيوة يابيه عرفت كل حاچة عنيها.
توجه لغرفة مكتبه واتبعه الرجل مغلقًا الباب خلفه ثم تحدث قائلًا
_ البنت تبقى بنت كامل النعماني وهربت منهم لأنهم عايزين يزوچوها لابن النچايمي عشان يفضوا بيه التار
تقدم مهران من النافذة المطلة على حديقة منزله وشرد في أمرها
تمامًا كما حدث مع حلم لاذت بالفرار كي ترفض تلك الزيجة
لكن حلم لاذت للموت بدلًا من الفرار
تحدث ومازال ينظر من النافذة
_ ومين اللي ضرب عليها نار؟
_ مخبرش، بس كل اللي وصلت ليه إنهم لسه بيدوروا عليها وميعرفوش أنها انضربت
هز راسه مفكرًا
_ يعني اللي ضربها مقالش أنه عملها معنى كدة انه أكيد حد من رچالته.
قطب الرجل جبينه متسائلًا
_ وايه اللي هيخليه يخبي وهو قاله تچبوها حية او ميتة.
هز مهران رأسه برفض وتوجه إلى المقعد ليجلس عليه
_بس الكلام ده لو قدر يرچعها معاه.
_ تفتكر يكون حد من النچايمة؟
هز مهران رأسه بنفي
_ محدش أصلًا يعرف إن كامل معاه بنت، انا نفسي معرفش غير دلوقت رغم إني مراقب كل حركاته، بس البنت دي وراها حكاية كبيرة أوي ولازم تعرفها لي بالتفصيل، في ست شغالة عندهم من سنين وأكيد عارفة كل أخبارهم، اديها الفلوس اللي محتجاها وأكتر واعرف منها كل حاجة، لإن الخطوة الأولى هتبقى مع البنت دي.
لم يفهم الرجل ما يدور في خلد سيده، ومن باستطاعته معرفة ما يدور بخلد مهران الهواري
واهم من ادعى المعرفة
وهذا ما لاحظه مهران مما جعله يعود بظهره للوراء قائلًا
_ روح يلا زي ما قلتلك وإن معرفتش توصل للست دي خليك مع البنت عنديهم دي اديها فلوس بزيادة، طمعها اكتر عشان تنقل كل حاچة أول بأول.
ثم أشار له بالانصراف.
بعد خروجه ابتسم مهران بشر وهو يقول بتوعد
_ يظهر إن نهايتك قربت على يدي يا كامل وقربت اوي كمان.
خرج من مكتبه وتوجه صاعدًا إلى غرفته لينزع عنه قناع القوة الذي يرتديه خارجها ويظهر أمام نفسه ومرآته بضعفه الذي لن يراه سوى صورة حلم
تلك الصورة التي احتفظ بها على جدار غرفته كي يرى نفسه فيها
بضعفها وانكسارها والظلم الذي فرض عليهما عنوة
لم يجد من هو أضعف منه، ولم يجد أيضًا من هو أشد منه بطشًا وتجبرًا
ظلم أقرب الناس إليه وسعى في تدميرها
نغزه قلبه بألم وعينيه التي اشتد سوادها قتامة وهو يتذكر قسوته عليها
توجه إلى صورة والدتها بجوارها لتجوب عينيه على ملامحها الهادئة التي تشبه ملامح تلك الفتاة التي تركها القدر في شباكه كي يستطيع الانتقام ممن سعى في تدميرها
اشتد انعقاد حاجبيه بحدة وهو يتذكر فعلته وذلك اليوم الذي سيظل بداخله مدى الحياة
سينتقم منه بالشر، فانتقام الشر بشر هو خراب على من وراءهم
لبس لها ذنب في ذلك، لكن هذه فرصته التي سعى خلفها ولن يرفضها.
شئٌ بداخله يخبره بأنه يخطئ خطأً فاضحًا وسيعود منه خاسرًا
لكن عقله يخبره بأنه مهما كانت خسارته فلن توازي ما خسره
عادت شياطينه تحوم حوله كي تشعلل نار الانتقام بداخله
فهل ستهب رياح تشعلل تلك النيران
أم ستكون نسمات حبٍ تطفئ ذلك اللهيب وتنشر عطر الورود في صحراء قلبه القاحلة.
❈-❈-❈
عاد مصطفى إلى منزله وهو يحمل ابنه بيد واليد الأخرى يسند بها زوجته
_ حمد لله على السلامة ياقلبي.
ابتسمت حلم بوهن
_ الله يسلمك ياحبيبي.
دلفوا غرفتهم وقام بوضع ابنه في فراشه ثم عاد إليها ليساعدها على الاستلقاء وهو يقول بحب
_ حاولي تنامي شوية لحد ما اعملك الأكل.
إزاد شعورها بالغربة وهي ترى زوجها يقوم بكل الادوار حتى انه لم تغفل عينيه سوى دقائق معدودة فتمتمت بحزن
_ شكلنا غلطان لما اجلنا السفر لمصر، مكنيش ينفع أبدًا أولد هنا.
شعر مصطفى بمدى حاجتها لوالدتها فجلس بجوارها على الفراش محتضنًا يدها ليقول بمزاح يخفف به استياءها
_ دلوقت سفرك معايا بقا غلطة! أومال أيه مستعدة اتخلى عن الدنيا كلها عشانك، و جودك عوضني عن كل شئ ولا انتي كنتي بتثبتيني وخلاص
_ انت عارف كويس إن كل كلمة قلتها كانت من قلبي وواثق أكتر إني مقدرش اتخيل حياتي من غيرك.
مال عليها يقبل جبينها بعشق وقال بحب
_ عارف ياقلبي، مكنش ينفع ننزل قبل ما نعرف النتيجة وناخد الأوراق معانا ، في مصر دكتور خالد قدر يساعدنا إنما هنا مفيش حد ومفيش وسطات لازم نمشي قانوني
قرب يدها من فمه ليطبع عليه قبله مرحه
_ وبعدين انتي كدة بتشككي في قدراتي ولا ايه، انتي عارفة كويس أوي ان محدش يعرف يعمل الشربة زيي.
ابتسمت مؤكدة
_ اه طبعاً دي الحاجة الوحيدة اللي واثقة منها
ربت على يدها ثم نهض متمتمًا
_ هروح اعملك الأكل قبل الباشا مايقوم.
نهض من جوارها دالفًا للمطبخ ليبدأ بإعداد الطعام لها
في صمت، يفتقد بلده وأهله
يفتقد البلدة الصغيرة التي كان يعيش بداخلها اسعد لحظاته
عرف فيها العائلة والؤلفة والحب الذي جمعه بزوجته
لا يريد العيش في ذلك السقيع
السقيع في كل شئ
حتى في العائلة
سيعود ويكتفي بذلك العام الذي لولا وجودها معه لأصابه الجنون من تلك الغربة.