رواية جديدة عازف بنيران قلبي لسيلا وليد - الفصل 46 -2 - الجمعة 22/12/2023
قراءة رواية جديدة بقلم سيلا وليد
تنشر حصريًا على مدونة رواية و حكاية
رواية عازف بنيران قلبي
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة سيلا وليد
الفصل السادس والأربعون
2
تم النشر الجمعة
22/12/2023
بعد فترة كانت تغفو بسبب الأدوية التي حقنت بها، دلفت سيلين بجوار يونس إليها
-ماما ليلى عاملة ايه دلوقتي..اتجهت إلى يونس وعيناها تسائله برجاء
أطبق على جفنيه واتجه إليها يربت على كتفها
-هي كويسة متخافيش، وانا هتابعها بنفسي، شوفت السونار وكل حاجة، زي ماالدكتورة قالت بس مية الجنين للأسف بتقل
جلست سيلين تطالع شحوب ملامحها بحزن
-ياحبيبتي ياليلى، صعبانة علي اوي ياماما، دي كانت بتعد الايام عشان يجي
ملست على وجهها وتسائلت
-يونس وشها شاحب خالص، مفيش حاجة تغذيها شوية
أشار إلى محلولها وأجابها
-حبيبتي دا فيه كل حاجة ، سبوها ترتاح، انا خصصت ممرضة على قدها بس
نهضت زينب واتجهت إليه
-يونس راكان مش في حالته،لازم تاخد بالك عليها كويس، مفيش حد يدخل عندها غير حد واثق فيه، الممرضات ياحبيبي كلمة بتوديهم وكلمة بتجبهم
-متخافيش ياماما زينب، إن شاء الله كل حاجة هتكون تمام
أشارت سيلين إلى الفراش الآخر
-دا عشان راكان ولا الممرضة
تحرك للخارج وهو يحتضن أكتافها
-راكان.. والله نفسي اضربه، ال حايشني عنه؛ أنه مش فاكر حاجة
ربتت زينب على ظهره
-هو معذور ياحبيبي المهم انت خلي بالك كويس، انا لازم ارجع البيت عشان الولاد
-طيب راكان فين يايونس..تسائلت بها سيلين
-راح لنوح، قالي تعبان ومش قادر اقعد، فعلا زي ماما زينب ماقالت
بمزرعة نوح وصل إلى المزرعة وظل بالسيارة لبعض الدقائق، بدأت ذكريات تظهر أمام عينيه ولكن بصورة غير واضحة، ترجل من السيارة متجها إلى اسطبل الأحصنة، نظر حوله بضياع توقف وكأن هذا المكان يربطه بها ..تحرك بين الزروع، يتحرك بخطوات متمهلة، تذكر حديثها
-ابعد عني وإياك تقرب مني، انت ولا حاجة، أنا دلوقتي مرات اخوك، وبعد كام يوم فرحنا ..قالتها وتحركت من أمامه
ظل يتحرك ببطئ ورغم خطواته البطيئه الا أن أنفاسه كانت كالمتسابق في سباق..وصل إلى مكان ما يحاط ببعض أشجار الفاكهة، جلس على بعض الأعشاب وسحب نفسا لينظم عملية تنفسه عندما شعر بإنسحاب الأكسجين
أطبق على جفنيه وشعر باحترق جفنيه من دموعه التي حاول منعها، ولكنه فتح عيناه فجأة ولاحت ذكرى أمام عيناه
-بحبك مولاتي..قالها وهو يقتنص ثغرها ..بدأت بعض الصور تظهر امامه بوضوح، وهي تعانقه وتتراقص معه على انغام الموسيقى.، صورة، خلف صورة، وذكريات قديمة مع ذكرياته التي بدأت تضارب عقله ، تسارعت أنفاسه ، كور قبضته يضغط بعنف حتى شعر بتمزق وريده
آه حارقة خرجت من جوفه وهو يمسك رأسه ويضغط عليها بصرخات وأنين قلبه الذي لا يعلم بما يشعر، تضارب ماضي مع حاضر واحداث غريبة وشعور مخيف سيطر عليه، حتى شعر بدوران الأرض تحته، وغمامة سوداء بدأت تداهمه بقوة، وصل إليه نوح وتوقف على بُعد مسافة يناديه، ولكنه لم يستمع إليه من أصوات دماغه التي تضاربه بقوة..وصل نوح إليه
-راكان ..ايه يابني بنادي عليك من فترة؟!
رفع عيناه التي تحولت للون الاحمر من غضبه وآلامه، فهمس عندما شعر بعدم سيطرته على الاغماء
-نوح ..قالها ثم سقط على الأرضية، ذهل نوح من حالته، جثى إليه محاولا افاقته، رفع هاتفه يحاكي يونس
-يونس الحقني راكان أغمى عليه وميفوقش
كان يونس عائدا بزينب وسيلين فتحدث بهدوء حتى لا يشعر أحدا فتحدث
-حبيبي يانوح هوصل ماما زينب وهعدي عليك حاضر، مش هتأخر، اتصل بالدكتور يشوفها
-هي أسما تعبانة يايونس..تسائلت بها سيلين، كان يونس شاردا يتذكر حديث الطبيب
-هو حالته هتكون متقلبة، يعني ممكن يكون كويس وفي لحظة يتحول ويشتكي من دماغه، وممكن يتعب ويوصل للأغماء لو حاول يضغط على نفسه عشان يتذكر
-يونس..صاحت بها سيلين، اتجه بأنظاره
-نعم حبيبتي!!
-نعم حبيبتك، بقالي ساعتين بكلمك على فكرة وانت مش هنا، بسأل اسما عيانة
قطب جبينه متسائلا
-أسما مين؟!
جحظت عيناها ترمقه غاضبة
-أسما مرات نوح كنت بتكلمه وبتقوله شوفلها دكتور
حمحم عندما شعر بالارتباك فأردف:
-اه ،بيقولي تعبانة وبيغمى عليها وبترجع
-ليكون حامل..قالتها زينب.
أفلت ضحكة وهو يشير بيديه
-قولي يارب واهو يكملوا الخامس، اصلهم مابيجبوش غير التوأم
ضحكت سيلين تلكزه
-هتنق عليهم يادكتور، قول ماشاءالله
دنى يغمز إليها:
-انا مش قصدي حاجة ياسيلي، انا قصدي انهم عندهم مزاج عالي اوي، هجيب منه الوصفة
ضحكت زينب عليه
-فعلا دكتور ستات يابني زي ما قالوا
رفع بصره بمرآة السيارة قائلا:
-والله ياماما زينب انا مظلوم مع بنتك، بصي شوفيها كدا، هتروح تصرخ وتقول، بطني وجنبي وتنام
قهقهت سيلين تضرب كفيها ببعضها
-عايزني أعمل ايه يادكتور، اطنطط ولا ايه
أشار بكفيه عليها
-شوفتي اهو ..يابنتي بنتك متعرفش عنك حاجة، لولا أمير وكوكي كان زمانها اتشردت
عقدت ذراعيها متأففة:
-مش هتكلم عشان حضرتك ناسي حملي، وعارف النوم دا غصب عني
جذب رأسها ثم لثم جبينها
-حبيبة قلبي بهزر معاكي...
وصل بعد قليل إلى مزرعة نوح، وجد الطبيب مغادرا، توقف أمامه
-ماله راكان يادكتور، وليه أغمى عليه
-دا عادي يادكتور يايونس، انا فهمتكم قبل كدا، انا غيرت العلاج وان شاءالله يتحسن عليه
بالداخل، جالسا على الأريكة يحتضن رأسه بين راحتيه، دلف يونس بجوار نوح
-راكان..قالها يونس بهدوء، رفع بصره وأوما برأسه
-أنا كويس الحمدلله، لازم أمشي، هروح لليلى عايز اطمن عليها
-مالها ليلى..تسائل بها نوح..دلفت أسما بالقهوة واستمعت إلى سؤاله
-ليلى فيها حاجة..جلس يونس بجواره، يطالعه بحزن، ثم اجابه
-تعبت واتحجزت في المستشفى، واحتمال تخسر الولد
شهقة خرجت من جوفها، فتحركت تضع الذي تحمله، أمسكت كوب العصير
-اتفضل ياحضرة المستشار..رفع نظره إليها يتناول كوبه، وذاكرة آخرى تحاوطه عندما استمع إلى صوتها
-ليلى اتجوزت سليم عشان تنقذ اختها ..أغمض عيناه متألما ثم نهض بهدوء، أنا هروح المستشفى..قالها وتحرك للخارج..نظر نوح إلى يونس
-ايه ال حصل..ربت يونس على ظهره وتحدث
-ولا حاجة ، همشي وبعدين نتكلم..وصل إليه بالخارج،
❈-❈-❈
واستقل السيارة بجواره ، وهو يتجول بأنظاره على المكان كالغريب الذي أضاع طريقه
حمحم يونس مؤنب نفسه ثم تحدث
-راكان ليه جيت هنا وانت تعبان..رجع بجسده واطبق على جفنيه
-يونس مش قادر اتكلم، وديني لليلى لو سمحت، مش قادر أسوق
وصل بعد قليل للمشفى، كانت قد استيقظت منذ فترة، بحثت عنه ظنا من أنه بجواره، ولكن ليست الأمنيات بالتمني
رفعت كفيها تزيل عبراتها التي تكورت بجفنيها، ثم وضعت كفيها تحتضن أحشائها، تذكرت ابنائها، أمسكت الهاتف وهاتفتهم،أجابها أمير سريعا
-مامي، حضرتك فين!!..سيطرت على نوبة بكائها وأردفت:
-ميرو حبيبي عامل ايه، واختك حبيبي بتعمل ايه، صحيت؟!
اتجه إلى كيان التي تجلس تمط شفتيها وتضع كفيها على وجهها بحزن ..جلس بجوارها وفتح الكاميرا الخاصة بمحموله
-مامي كلمي كوكي فيديو، فتحت هاتفها ..ظهرت أمامها صورة ابنتها العابسة
قطبت جبينها متنصنعة العبوس
-كوكي عاملة ليه كدا، شكلها نوتي اوي
هزت رأسها وبكت
-مامي أنا زعلانة، مشيتي انتِ وبابي وسافرتوا وسيبتي كوكي هنا، كوكي زعلانة من مامي وبابي، ثم أعطت الهاتف لأخيها وتحركت تصيح
-انطي داليا، انطي داليا...تنهدت بحزن ثم اتجهت لأبنها
-أمير خلي بالك من اختك حبيبي، متخلهاش تاكل تشكولت كتير، حاول ماتخلهاش تزعل...دلف راكان بتلك الأثناء، رفعت بصرها إليه وتقابلت النظرات للحظات ثم اتجهت واسترسلت
-خليها تروح لقمر، ولو حبت تبات هناك، متزعلهاش بس خلي بالك منها
-اوكيه يامامي، حضرتك هتتأخري عندك
انبثقت عبرة رغما عنها
-لا ياحبيبي، مامي تعبانة شوية، هتقعد عند الدكتور يومين عشان ارجعلك بزين، مش انت عايز البيبي
-ياااس..قالها الطفل بفرحة..اوكيه يامامي، متخافيش على كوكي، بوسيلي بابا اد البحر
رفعت نظرها للذي جلس صامتا على المقعد واجابته
-حاضر ياحبيبي..قالتها ثم أغلقت هاتفها تضعه بجوارها، وتراجعت بجسدها تغمض عيناها تنتظر حديثه
انكمشت ملامحه بألم، فنهض مقتربا منها بخطوات سلحفية، فقد كان الألم بداخله أقسى من أن يوصف ممزوجا بالخوف والحزن في آن واحد، هناك حروب بين عقله وقلبه، قلبه الذي يتمنى قربها، وعقله الذي ينفرها بكل قسوة
حاول الضغط والسيطرة على نفسه حتى يصل لمبتغاه، تحامل على نفسه، واتجه إليها
جلس بجوارها، وشعور يراوده أن يضمها لأحضانه، رائحتها التي استحوزت عليه، حالتها التي بها، قلبه الذي يئن ويدمى، كل هذا يضاربه بقوة، لم يشغل عقله كثيرا، فجذبها يحاوطها عندما غلب القلب العقل
وضع ذقنه على رأسها، وهو يحاوط جسدها بذراع، ويضع كفيه على أحشائها،..هزة عنيفة أصابت جسده، اغمض عيناه وحاول أن يسيطر على ضعفه بحوذتها..سحب نفسًا هامسا لها
-ليلى احكيلي ازاي اتجوزنا بعد ال حصل، عايز اعرف لو سمحتِ
كان همسه كزخات المطر الذي ينزل بصحراء قالحة ليحولها إلى أرض تدب بها الحياة
رفعت أناملها على وجهه وتعمقت بشمسه تشبع روحها الضائعة منذ فقدانه..تمسحت به كقطة أليفة يكفيها هذا الشعور، لا تترك شيئا يعكر نقاء حياتهم التي صفوت بعد مرورهم بالصعاب
همست له بصوتها الحنون:
-أهم حاجة لازم تعرفها، انك كنت روحي وأنا روحك ياراكان
دا المهم في ال عدى.. لمساتها له بتلك الطريقة ماذا تعني، كيف لها تعامله بتلك الطريقة بعد ماصار بينهما ،ظلت نظراته ترمقها بهدوء وعقله