رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 30 - 4 - الجمعة 8/12/2023
قراءة رواية حياة بعد التحديث
الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حياة بعد التحديث
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الثلاثون
4
تم النشر يوم الجمعة
8/12/2023
فتحت تسنيم عينيها ببطء محاولة رؤية ما حولها، وأصدرت أنينًا موجوعًا وهي تتقلب بألم على جانبها محاولة الاعتدال فوق الفراش، وفي ذلك الأثناء أقترب زوجها منها بسرعه ليساعدها وهتف قائلاً باهتمام
= حمد لله على سلامتك اخبارك ايه دلوقتي لسه حاسه بتعب .
هزت راسها برفض، صمت للحظات قبل أن يضيف بحذر
= هو انتٍ ايه اللي حصل لكٍ ليلى هي اللي عملت فيكي كده صح .
تعجبت من سؤاله، فقالت له دون تفكير
= لأ طبعاً مش هي السبب انا تعبت من المجهود مش أكثر وفجاه حسيت بدوخه وما دريتش بنفسي غير لما فتحت عينيا ولقيتني في المستشفى، معرفش ايه اللي حصل قبل كده .
صمت شارد الذهن في كلماتها ليعرف بأنه قد اتهم ليلى ظلم، أخذ نفس عميق ثم أجاب موضحًا بهدوء
= ليلى اتصلت بيا وانا في الشركه، وقالت لي انك تعبتي فجاه ومش عارفه تتصرف قفلت معاها وطلبت الإسعاف يجوا وانا كنت في الطريق، طلع كلامها صح وهي اللي انقذتك، الحمد لله أنك بخير وده الاهم .
أدارت رأسها نحوها متسائلة بصوت مرهق
= شكلك عملت مصيبه واتهمتها انها حاولت تاذيني وبما انك طلعت غلطان حاول تعتذر بقى ليها وتفكر تديها فرصه ثانيه، انا كنت معاها لوحدنا لو كانت فعلا عاوزه تاذيني كانت عملتها .
حاوط وجهها براحتيه، ومسح بإبهاميه بنعومة على وجنتيها واقترب منها هامساً
= ما تسيبكٍ من ليلي وتفكري فينا شويه عاجبك وضعنا ده، بذمتك موحشتكيش .
طالعته الأخري بقلب خافق ولكن عادت هاتفه بإقتضاب
= لاء
أقترب أكثر واحتضنها بذراعيه محاولة لين قلبها تجاه، ورمقتة زوجته بنظرات غيظ مستنكرة فعلته لكنه تحدث بإصرار غير عابئة برفضها
= طب مش ناويه حتى تديني فرصه تانيه عشان خاطر ابننا، فرصه اخيره يا تسنيم والوضع دلوقتي اتغير !.
نظرت نحوه بضيق، فلا حاجة بها لسماع مثل تلك العبارات الآن غير أنه غير مهتم بما خلقة من أثار نفسية سيئة عليها، فحذرته بصرامة
= مش ناويه اعيده تاني يا سالم أنا خدت قرار وانتهى و بعد حواراتك مع بنتك ما تخلص هرجع أطلب الطلاق واظن انا كده عملت اللي عليا، عشان محدش منكم يرجع يقول لي بعد كده ان انا ما عنديش دم ولا بنت اصول ومش مقدره حالتكم
أبعدت يده بحده عنها مع نظرة تحذير، تنهد هو وأجابها بصوت متهدج
= تعرفي أن تجربه ليلى اتأكدت ..ان ربنا بيحبني أوي لانك مراتي! و يمكن دي الحاجه العدله الوحيده اللي طلعت بيها من اللي شفته من كل الحكايه دي، ما تقوليش على نفسك تاني مش بنت أصول يا تسنيم انتي اجمل حاجه حصلت في حياتي .. زمان كنت فاكر ان فلوسي ومكانتي ديه أحلي واحسن نعمه في حياتي .
تأملت نظراته المتطلعة إليها بتلهف مشتاق، كم ود أن يتحول ما بينهما إلى التصالح الفعلي، و
ليعبر لها بأريحية تامة عن مشاعره العميقة نحوها، لكنه خاف من المحاولة فيفسد الأمر برمته، اكتفى بالابتسام العذب وهو يضيف بجدية
= بس أكتشفت اني كنت غلطان.. لان رغم كل اللي حصل ليكي بسببي وبسبب بنتي او عيلتي كلها ومع ذلك لسه جنبي وبتساعديني انا عمري ما هنسى المواقف دي كلها يا تسنيم بجد، ما فكرتيش في ابننا لما يجي الدنيا ويلاقي أبوه وأمه منفصلين عن بعض، طب بلاش فكرتي هتسمي ايه؟
صمتت للحظات ثم قالت بنبرة هادئة غريبة
= عايز تسميه ايه
أبتسم وهو لا يصدق أنها تركت له أسم طفله دون مجادله، واعتبر ذلك بدايه صالحه الي علاقتهما، وأجاب متحمسًا
= ممكن لو جي ولد نسميه سليم عشان يكون سليم سالم مش حلو بذمتك .
صمتت قليلاً كأنها تفكر ثم حركت عيناها وهتفت بنبرة ماكرة
= يبقي خلاص هسميه حمزه لو ولد، انا قررت الإسم ده هسميه له من اول ما حملت و عجبني.. إنما لو بنت هتبقى كارما
ضغط على شفته بضيق شديد وهتف قائلاً بنبرة مغتاظة
= بقي كده يا تسنيم، طالما فكرتي يبقي ليه بتساليني من الأول، علي العموم انتٍ حره
بس خليكي فاكره ان ده مش ابنك لوحدك .
طالعته باستمتاع مستفز له، وتحدثت بأرهاق
= ده أبني وانا اللي تعبت فيه وانت قلتها من شويه أنا حره
تنهد بأنفاس حانقه وأغمض عيناه كي يتمالك أعصابة امام الكم الهائل من استفزازها و برودها تجاهه، ثم مال عليها وهتف قائلاً بإبتسامة هادئة
= مافيش مشكله ياحبيبتي أنا وانتٍ واحد، وكمان إسم حمزه حلو و عجبني .
أبتعد قليلاً وهو يري نظراتها المصدومه من هدوئه، ثم أضاف بهدوء واثق
= بس اعملي حسابك الطفل اللي جاي ان شاء الله أبقي أسميه أنا.
أتسعت عينيها سريعًا لتجلس على طرف الفراش وهي لا تصدق كلماته، وأردفت ساخره
= ودي مين دي ان شاء الله اللي هتخلف منك تاني.
أبتسم وهو يقترب منها مجدداً وقبل وجنتيها بحنان رغم عنها، هاتفاً بتحدي وهو يغمز لها بطرف عينه
= انتٍ يا حياتي .
ارتجف بدنها من قوة كلماته العذبة، كان يروي عطش قلبها بعباراته، لكنها لوت شفتيها بامتعاض قائله بحنق
= انت لسه عندك أمل ان انا ممكن افكر اخلف منك تاني، ده في أحلامك يا سالم .
❈-❈-❈
قضت أهم ليلة في حياتها تبكي بعد اعترافها بحبها له، لكن هو كيف استقبل ذلك؟ عاتبها كأنها فعلت ذنب لم تقترفه كما اتهمها علنًا، لقد تسرب حبه إليها رويدًا رويدًا حتى تشبع قلبها به، ولم تجرؤ على الاعتراف به إلا حينما تأكدت من مشاعرها نحوه وبعد أن بدت متأكدة من حبه لها وأصبح لها مذاقه الخاص، لكن حضوره لها بمنتصف الليل بتلك الطريقه الغامضه أفسدت يومها لتتحول ذكراها الحلوة إلى ليلة تعيسة تضاف إلى قاموس حزنها، حاولت التهوين علي نفسها ربما كان في وضع صعب وليس هي السبب وعندما تراه اليوم سيشرح لها أسبابه .
هبطت مهرة الدرج بخطوات بطيئة وكان الجميع يجتمع حول السفره للافطار ماعدا رسلان، اقتربت منهم تبحث عنه بلهفة وشوق فهي تحتاج إليه بشده ويجب ان تتحدث معه وتستفسر عن ما حدث بالأمس، همست بصوت خفيض حذر منتظرة بترقب الرد عليها
= هو رسلان فين مش ظاهر من الصبح ليه؟ هو نايم فوق وما عندوش محاضرات مهمه النهارده!.
نظر سراج نحوها قليلاً بأسي ثم أجاب بتردد
= لا يا مهره رسلان سافر عند خالتو سيرين و مش هيرجع غير لما يكمل دراسته هناك و يخلصها .
أتسعت عينيها بصدمه كبيرة، و زاد ذهولها المتحسر عليها، فكان يتحدث بجدية و رحل بالفعل وتركها دون مبررات او شرح الأمر لها، أتعبها قلبها شعورها بالخذلان لتفريطه في وعده الأول لها وأنه لم يتركها أبدا، رفعت عينيها المصدومه نحوه متسائلة بعجز
= يعني رسلان مشي فعلا ومش راجع تاني؟ هو ازاي يعمل كده من غير ما يقول لي آآ قصدي مش المفروض يسلم عليا حتي هو مش احنا اخوات برده زي ما انتم بتقولوا .
تضايقت وفاء من اهتمام مهره له حتى بعد ان رحل، وحانت منها التفاتة سريعة على وجه مهرة المتشنج، فرأت عبوسًا واضحًا عليه، ورغم ذلك تجاهلت الأمر، بينما تنهد سراج بهدوء حذر بعد أن رمقها بنظرة أخيرة أسفة عليها، وحرك رأسه هاتفاً بقله حيلة
= سافر بالليل يا مهره وما كانش عنده وقت وانتٍ كنتي نايمه يا حبيبتي وما كانش هينفع يصحيكي بس لو عايزه تكلمي ممكن الـ...
نظر وفاء بازدراء إلي زوجها، ثم حركت طبق الطعام أمامها محاوله اشغالها لتقول بصوت حنون
= مهره حبيبتي يلا تعالي افطري معانا عشان هتتاخري على المدرسه، وكمان درجاتك ما بقتش عجباني.. انتٍ ما بقيتيش تهتمي بدراستك ذي الأول لما كنا في مصر.. و دلوقتي ما عندكيش اهم منها .
كان المعنى من حديثها واضح جداً، تقطعت أنفاس مهره بحسرة وهي تردد متسائلة بأمل أخير متأملة وجه سراج الهادئة
= هي فكره سفر رسلان كانت فكرته هو ولا حد اللي اقترحها عليه .
تحدثت وفاء بسرعه قائلة بإبتسامة زائفة
= اكيد يا حبيبتي هو اللي عاوز كده ومش حابب يقعد هنا، هو في حد يعني ممكن يغصب عليه حاجه و هو مش عاوزها.
نظرت مهرة إليها واكتفت بالصمت علها تهدأ وتستكين لحالها، فانسحاب رسلان من حياتها تحديداً بذلك الوقت وبتلك الطريقه الغريبه و الغير مبرر جعلها تشعر بالشك نحوه! هل كان يقترب منها بنيه سيئة طول هذه المدة بنيه التلاعب بها؟ هل كان يخدعها حتى تقع في حبه وعندما حصل على ما يريده رحل، هل يعقل بانه تلك المشاعر و الأوقات التي كانت تقضيها معه كانت مجرد وهم وسراب.. ولعبة سخيفة منه، هل كانت والدتها محقة عندما حذرتها من الإقتراب من دون أن تعرفه جيد لكنها حقا وثقت به .
نظرت إليها مهرة واكتفت بالصمت على أمل أن تهدأ وتستقر من حالتها، فانسحاب رسلان من حياتها في ذلك الوقت بالذات وبهذه الطريقة الغريبة والغير مبررة جعلها تشعر بالريبة منه! هل كان يقترب منها بسوء نية طوال هذه المدة بهدف التلاعب بها؟ هل كان يخدعها لكي تقع في حبه، وعندما حصل على ما يريد رحل؟ فهل من الممكن أن تكون تلك المشاعر والأوقات التي قضتها معه مجرد وهم و سراب.. ولعبة سخيفة منة؟ فهل كانت والدتها على حق عندما حذرتها من الاقتراب دون معرفته إنه شخص جيد، ولكنها وثقت به حقًا.
رأتها وفاء وهي تقاوم الألم الشديد وصدمتها، فشعرت بوخزات قلبها نحوها لكن حاولت ان تتجاهل ذلك الشعور، واجبرت نفسها على التفكير بأنها فعلت الصحيح فهي أليست ابنتها الوحيدة؟ و كانت وستبقى قطعة من روحها؟ أليس أصبحت بمثابة والدتها ويجب عليها أن تحميها حتي من نفسها، لكنها تلقي بها إلي التهلكة مستخدمة سلاح القسوة في التعامل مع أمورها فهي لن تسمح لها بالابتعاد عنها.