رواية جديدة كما يحلو لها لبتول طه - الفصل 74 - 3 الأحد 17/12/2023
رواية كما يحلو لها
الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه
رواية جديدة كما يحلو لها
تنشر حصريًا على المدونة قبل أي منصة أخرى
من قصص وروايات
الكاتبة بتول طه
النسخة العامية
الأحد 17/12/2023
الفصل الرابع والسبعون
3
هزت رأسها مستنكرة كلماته ولكنها صبت كل خوفها
تجاه "ريان" دُفعة واحدة عليه ولو كان أي أحد آخر أمامها كان لينال نصيب
من هذا الادرينالين المندفع بداخل عروقها:
-
ابني اشوفه قدامي وسط دمه، وواقفة قدامك
بتحايل عليك تطمني عليه، وكل اللي قولته كان كلمتين كأنك زيك زي أي دكتور غريب
معرفهوش! ده ريان اللي كان بيقولك يا بابي وبينام في حضنك، وأنا من أسبوع واحد
بالظبط كنت مراتك، أنت إيه؟ بترد عليا ببرود كأنك تلاجة، أنت عندك دم أصلًا؟!
تفقدها وهو لا ينسى أين كانت منذ قليل وبات
يُسيطر على عقله صورتها بين ذراعيه وهي تتشبث به فأخبرها متهكمًا:
-
ما أنا بقيت غريب فعلًا عنك، مستنية مني ايه،
أعاملك باحترام ولا بعد ما اتطلقنا مستنياني اخدك في حضني؟
صُدمت مما يقوله وامتنعت حتى عن التنفس بينما
تابع هو بتهكم:
-
ولا يمكن متعودة إنك بتبقي في حضن طليقك عادي
كده! روحيله هو، أنا ما دام طلقت مراتي أخري احترمها واعاملها كويس بس من غير ما
اقربلها! أنا محترم مش زيه!
لم تجد بداخلها له سوى صفعة قوية على وجهه
واندفعت به بصياحٍ شديد:
-
هو ده اللي مضايقك وخلاك تتعامل كده معايا،
إنه شافني منهارة فأخدني في حضنه قدام الناس ومفرقش معاه مين ممكن يشوفنا؟ هو ده
اللي معصبك وخلاك متقوليش كلمة واحدة تطمني بيها؟
ابتلعت وهي تُحدقه باحتقار شديد لتُكمل
والحروف تتقاذف من لسانها دون تحكم:
-
من دقيقتين تلاتة أنا سبت حضنه وجريت عليك
أنت، كنت بتحايل عليك تكلمني ولا تقولي كلمة، كام مرة أقولك إنه مكنش انسان سهل
وخبيث وشاطر أوي يلعب باللي قدامه وبيعرف كويس يستغل الناس ويدخلهم من نقط ضعفهم..
بس تعرف يا يحيي!
التقطت أنفاسها ثم تابعت وهي ترمقه باشمئزاز:
-
أنت طليقي وهو طليقي، هو شافني منهارة وأنت
شوفتني منهارة، هو خدني في حضنه ورفض يسبني، وأنت عملت نفسك غريب! حقيقي أكتر قرار
صح خدته في حياتي إننا نتطلق!
التفتت لتغادر بينما أوقفها بما صدمها وهو
يشعر بالغضب يحرقه بما رآه وبما فعلته فهو لأول مرة في حياته يتلقى لطمة كتلك من امرأة
وقال ما جعلها تود الصراخ حتى تلفظ أنفاسها:
-
أظن دلوقتي تقدري ترجعيله تاني بعد ما
اتجوزتي واتطلقتي!
توقفت والتفتت له لتخبره بصوت مبحوح لم يعكس
كل هذا الصراخ الذي كادت أن تصيح به في حالتها وهي لا ترى أمامها سوى أنها في جحيم
مقيم لا ينتهي:
-
ارجعله! أنت اتجننت! إذا كنت بنفسي قايلالك
متجبش سيرة قدامه إننا اتطلقنا عشان مش عايزاه يعرف.. أنت فاكرني عرفتك واتجوزتك
عشان ارجعله؟!
حقًا تمنت لو أنها ماتت قبل كل ما يحدث لها
ولا تدري ما الذي حدث ليتحول قلقها على طفلها الصغير لشجار حاد مع رجل ظنت أن
حياتها معه ستعوضها عن الكثير مما رأته وعايشته بالماضي لتخبره بأسف على حالها:
-
صدقني يا يحيي على قد ما أنا كنت بحترمك
لغاية آخر لحظة كنت فيها مراتك على قد ما أنا دلوقتي بقيت كرهاك زي ما أنا ما بكره
عُمر..
تفقدته باشمئزاز لتضيف قبل أن تغادر مكتبه:
-
لا يمكن أكتر، على الأقل بعد كل السنين دي هو
الوحيد اللي فاهمني ومحدش هيقدر يفهمني غيره، وبدل ما يوقف يلومني ويعاتبني ويقولي
إني السبب اخدني في حضنه، حاجة زي دي مطلعتش منك وأنا لسه ما بيني وبينك يمكن
فُرصة ولو بسيطة اوي!
❈-❈-❈
منذ أربع سنوات وثلاثة أشهر وأسبوع..
-
المرة دي فكرتني اوي بنفس الوقت لما كنا في
سلوفاكيا!
لم يُعقب سوى بهمهمة متفقًا على قولها وهي تستقر
بعناقه الدافئ مسترخية، غامضة الأعين، جـ ـسده يعانق جـ ـسدها بأكمله حيث استقرت
رأسها فوق صـ ـدره وامتدت ساقيها بين سا قيه، لا تريد لهذه اللحظات سوى البقاء
للأبد، ولوهلة ابتسمت بطفولية على تخيلها الذي يليق بخيال مراهقة وليس امرأة
بالثلاثين من عمرها، كل ما تُفكر به هو ماذا لو تركت العمل، وأُسرتها، والحياة
بأكملها، وظلت معه هكذا فوق هذا الفراش للأبد! يا لها من مختلة!
شعر بضحكاتها الخافتة فاستغرب ما الذي
يُضحكها هكذا فسألها بهدوء:
-
ايه اللي بيضحكك؟
شعرت بغباء شديد يعتريها وهي لا تصدق أنها
ستنطق هذا بصوت مسموع ولكنها اجابته:
-
لثانية كده اتخيلت نفسي ببعد عن كل حاجة،
الشغل ومامي وبسام وعلا وأفضل معاك كده في حضنك زي ما احنا دلوقتي، اللي ضحكني هو
إني فكرت اعمل search ازاي الانسان يفضل قاعد كده من
غير ما يحتاج لأكل ونوم وحمام، وبعدين حسيت نفسي غبية إني بفكر في حاجة زي دي
فضحكت!
وجدته يُمرر انامله على ذراعها بلطف وغاب في
صمته إلى أن عاد إليها بسؤال جعلها ترغب في قتله:
-
هو الموضوع كله عشان الـ sex بس؟
التفتت له بملامح مُعترضة واجابته بيقين:
-
طبعًا لأ! أنت ازاي اصلًا بتسألني سؤال زي
ده!
ود لو أن الوداع بعينيه غير متجليًا لها
وجاهد لإخفائه بينما تابعت:
-
عارف، لو حتى فكرت إن الموضوع عشان السبب ده
بس فهتلاقي فيه الإجابة على سؤالك، فكر كده في الـ sex زي ما بتقول وشوف نفسك كنت عامل ايه معايا
زمان ودلوقتي بقيت عامل ايه هتعرف إن كل اللي فرق معايا هو التغيير..
لم تفهم نظراته المُبهمة وظنت أن مزاجه
السوداوي قد عاد من جديد لينتشله منها فاتكأت لترفع كفها واراحتها فوق لحيته
وأخبرته:
-
الموضوع كله عشان حسستني إني فارقة معاك، إنك
بقيت إنسان تاني بيعمل كل اللي أنا عايزاه وشايفاه صح، إنك بتدور على كل طريقة
توصلي فيها إن أهم حاجة رضايا، كفاية عليا إنك بتفهم اللي جوايا وبتعرفه من غير ما
انطق.. الموضوع كله يا عمر عشان الحب اللي بحسه وأنا معاك، وإني حتى وأنا بعيد عنك
كنت بتعمل كل الحاجات اللي أنا عايزاها..
حاول التماسك أمامها حتى شعر بأنه لم يعد
بداخله ذرة واحدة من الرجولة لكونها تعشقه لهذا الحد بينما هو يُبيت لها نية أخرى
بداخلها ليجدها تضيف ما جعل قلبه يوشك على التوقف:
-
أنا عارفة إن ستات كتير مكاني كانوا يستحيل
ينسوا ويسامحوا، بس أنا ماليش دعوة بناس تانية عمرها ما حست باللي أنا حسيته، بيني
وبينك، بكل اللي احنا عيشناه، أنت شايف إن الحب اللي احنا حبيناه لبعض يستاهل نحاول
علشانه تاني ولا ميستاهلش؟!
كان عليه التهرب قبل أن تفضحه ملامحه فعانقها
بقوة، قد يكون العناق الأخير أو ربما قبل الأخير، لا يدري ولكنه فقط لا يدري كيف
سيفعلها وهي بين ذراعيه تسأله هل يستحق عشقهما، هي لا تدري أن الشيء الوحيد الذي
يبقيه حيًا وقد حال بينه وبين قتله لنفسه مرات هو ذلك العشق ليتحرك لسانه دون تحكم
منه:
- يستاهل نحاول عشانه تاني وتالت ورابع ومليون!