-->

رواية جديدة وهام بها عشقًا لرانيا الخولي - الفصل 8 - 2 - السبت 9/12/2023

  

  قراءة رواية وهام بها عشقًا

 الجزء الثاني من رواية ومجبل عالصعيد كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية وهام بها عشقًا 

الجزء الثاني من رواية ومجبل عالصعيد

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة رانيا الخولي


الفصل الثامن

2

تم النشر بتاريخ الخميس

9/12/2023



كان جالسًا في مكتبه عندما هاتفه مصطفى يخبره بوفات جده الذي نزل عليه الخبر كالصاعقة

سقط الهاتف من يده وقد أخذ قلبه ينبض بعنف وكأنه يعاتبه على فعلته

اغمض عينيه بعذاب وقد شعر لأول مرة بحقارة أفعاله

بكى لأول مرة بحياته بكاء الخاسر، نعم خسر كل شئ حتى نفسه

والخسارة الكبرى والاعظم هي خسارة أبيه

بكى في وقت لن ينفع فيه البكاء 

ماتت الأنفس الرحيمة التي لم تبخل عليه يومًا 

وبدلها هو بكل قسوة وجحود

استقل سيارته وانطلق بها وظل طوال الطريق يبكي عليه.

لم يستطيع قلب ابيه ان يتحمل تلك الصدمة وهو بكل قسوة وثق شهادة وفاته.

مات ابيه وقضي الأمر 

وياليته استطاع الوصول قبل دفنه والاعتذار منه

لكن تم الدفن 

ذهب إليه ووقف أمام قبره يطلب العفو منه، لكن أزفت الأزفة

ولم يعد للندم مكانًا

كان يحتضن القبر وكأنه يحتضن جسد والده 

ظل قابعًا بجواره لا يكف عن البكاء وكأنه طفلٍ صغير فقد أباه ومنبع حنانه 

شعر بأشد الحاجة إليه، فقط فليعود ويعتذر آلاف المرات عمّ بدر منه بحقه

سيعتذر ويعتذر حتى يعفو عنه

فقط يعود

حاول النطق فإذا بالكلمات تتحجر في حلقه فلم يجد سوى البكاء 

_ چاي بتبكي بعد أيه؟ جيت متأخر ياولد أبوي

تطلع إليه منصور بخزي وانكسار ثم أخفضها عندما وجد في عين أخيه عتابٍ قاسٍ لن يتحمله

وواصل بكاءه

لأول مرة يشعر جمال ناحية أخيه بالنفور وكأنه لا يطيق التواجد معه

ولم يرق قلبه لأجله وهو يراه بتلك الحالة

_ عاود يامنصور مطرح ما چيت معدش ليك مكان اهنه

بعد ما العزا يفض هعملك تنازل عن الشركة اللي كنت ناوي اكتبها باسمك بس لما ولدك يرچع عشان يكون معاك فيها.

أبوك خلاص راح للي خلقه ومفيش حاجة هترچعه

لا عياطك ولا ندمك هيرچعوه

استطاع منصور التحدث تلك المرة ليقول من بين شهقاته

_ بس انا مش عايز حاجة، أنا عايزه يرجع وأشبع من حضنه اللي حرمت نفسي منه 

ياخد كل حاجة بس يرجع


هز رأسه بأسف وقال بعتاب

_ كان عايش يحلم باللحظة دي وكان مستنيها منك بس انت بقسوتك وجبروتك قضيت عليه

ودلوقت بقى تحت التراب وانت قاعد بتبكي وتقول ياريت

خلاص فات وقت الندم والبكا مش هيرچع اللي راح

للأسف مقدرش اقولك اتفضل معاي لإن لو ولادي شافوك مش هيرحموك، دا إن سمحوا بدخولك

عاود مطرح ما چيت وربنا يسهلك طريقك.

لم يستطيع منصور التحرك من مكانه لن يستطيع ترك أبيه في اول ليلة له في قبره 

_ انت بتحدت مين يا……

توقف جاسر عن الحديث عندما وجد منصور قابعًا بجوار قبر جده فصاح به وهو يتقدم منه

_ انت ليك عين تاچي بعدم اللي عملته

منعه جمال من الوصول إليه وقال بأمر

_ أهدي ياجاسر، ده لا وقته ولا مكانه هو چاي يعزي زيه زي أي غريب وهيعاود تاني، فين أخواتك؟

نظر إلى منصور بسخط ثم أجاب

_ بيركنوا العربية وچايبين المصاحف وچايين

جاء مصطفى برفقتهم لكنه صدم عندما وجد أبيه وفي حالته تلك

لم يرق قلبه له ففضل تجاهل وجوده اعتبارًا لوجود أمجد الذي لم يتركهم لحظة واحدة 

ووزع المصاحف عليهم ليبدأوا في التلاوة كي تكون شفيعةً له في ليلته الأولى حتى أشرق الصباح


❈-❈-❈


انصرفوا بعد الانتهاء تاركين منصور مكانه لكن مصطفى لم يستطيع الذهاب دون أن يسأله

_ ليه؟

أغمض منصور عينيه لا يريد الأجابة عن هذا السؤال فهو حقًا لا يعرف لما، فعاد يسأله

_ رد عليا وقولي ليه عملت كدة؟ قصروا معاك في أيه؟

أخدت الفلوس وقلت حقي وعادي 

سافرت واتخليت عنهم في عز محنتهم وعادي

جتلهم وقلت خسرت ورجعولك شركتك ووقفوك على رجليك من تاني، كنت مستني أيه اكتر من كدة؟

استظلمت حقك وانت عارف كويس إن عمي مظلمش حد وفلوسه دي شقى عمر بحاله 

واللي انت متعرفوش انه كلمني وعرفني كل حاجة وهو اللي اجبرني أرجع عشان اقف جانبك واساندك في محنتك زي ما عمل هو مع جدي

والاخر حجرت عليه.

تقدم منه ليسأله بحدة

_ قولي إزاي عملت كدة عشان اتعلم منك واعملها معاك

ازداد بكاءه لكن مصطفى لم يرحمه وتابع جلده

_ أكبر عقاب ليك إنك تعيش وحيد من غير سند وانا هشوف شقة وانقل فيها انا ومراتي لإني مبقتش أمن على نفسي معاك

تركه وغادر ليشعر حقًا بوحدة قا.تلة 

شعر بحنين جارف إلى والدته وأراد أن يذهب إليها كي يلتمس منها العزاء لكن لم يستطيع

عليه أن يبتعد عنهم بشره وقسوته كي تلتأم جروحهم الغائرة 

نهض من جلسته وودع والده ثم سار على غير هدى..


❈-❈-❈


عاد الجميع إلى المنزل الذي خيم عليه الحزن ولأول مرة يشعروا بمدى وحشيته بغياب كبيره

كان التعب والانهاك قد أخذ منهم مبلغه 

قابلتهم وسيلة التي اشفقت عليهم وهم بتلك الحالة

فقالت بتعاطف

_ تعالوا أعملكم لقمة تكلوها، انتو من امبارح ماكلتوش حاچة

رفض أمجد قائلاً وعينيه تجوب المكان بحثًا عنها 

_ لا انا هروح البيت ارتاح شوية وهرجع تاني


تحدث جمال بحزم

_ البيت بيتك ياأمجد ولو مش هتاخد راحتك هنا اتفضل في المضيفة 

اومأ له أمجد كي لا يجادله وهو بحالته تلك

فذهب معه معتز وانسحب جاسر بهدوء إلى غرفته القديمة 

وصعد جمال إلى غرفته وصعدت معه وسيلة لعلمها بمدى حاجته إليها 


دلفت الغرفة لتجده جالسًا على الأريكة مسندًا بمرفقه على ساقه خافضًا وجهه وقد انتهى ثباته في تلك اللحظة

بكى وازداد نحيبه لينفطر قلبها عليه

تقدمت منه لتحتوية داخل أحضانها دون التفوة بكلمة

هو الآن لا يريد سوى حضنها كي يخرج فيه آهاته 

تركته يبكي في حضنها لأول مرة

لم تتذكر يومًا أن وجدته يبكي 

لكن حزنه الآن أشد من أي حزن مر عليه، فقد خسر والده وبسبب أخيه، ذلك الغادر الذي جعل والده يموت بحسرته 

لأول مرة تقف عاجزة أمامه لا تجد كلمات تهون بها عليه

استسلمت ليأسها ولم تفعل شئ سوى أن تبكي معه وتشاركه حزنه

فقد كان نعم الأب لها وكان يتخذها ابنه له 

ستبكي عمرها الباقي عليه لكن لن تظهر أمام حبيبها عليها ان تظهر بالقوة التي يحتاجها منها

دعت ربها ان يلهمها الصبر كي تهون عليه مصابه

_ ادعيله بالرحمة ياجمال هو ده اللي محتاجه منك دلوفت.

مسح بيده على وجهه وغمغم بألم

_ بدعيله في كل ثانية بس فراقه صعب أوي.

ضغطت على شفتيها تحاول الثبات ولا تجهش هي أيضًا في البكاء أمامه وتحدثت بتعاطف

_ صعب علينا كلنا بس لازم نكون اقوى من كدة عشان خاطر أمك اللي هتموت من حزنها عليه.

رفع وجهه عن صدرها وغمغم بألم

_ ربنا يعينها هي كمان لأن الصدمة كبيرة أوي عليها.

 _ ربنا يصبرها هي كمان، قوم ارتاح شوية قبل الفجر ما يأذن.

نهض ليستلقي على فراشه لكن النوم لم يطاوعه وظل طوال الوقت يفكر في أمر أخيه.


❈-❈-❈


دلفت آسيا الغرفة وهي تحمل الثوب الأبيض بين يديها لتجد مرح جالسة امام مرآة الزينة وهي تضع رأسها بين يديها

تقدمت منها لتقول بحدة

_ قلتلك قولي على مكانها وارحمي حالك من چوازة الشوم دي.

زفرت وجد بضيق ثم نظرت إلى زوجة عمها وقالت بملل

_ هو انتي مبتزهقيش من الحديت ده يامرات عمي؟

قلتلك معرفش مكانها، ولو عرفت مش هخبرك واصل

نظرت إليها آسيا بسخط وألقت الثوب على الفراش وهي تقول بحدة

_والله وطلعلك صوت يابنت نجيبة 

وقفت مرح لتتقدم منها وتقول بثقة

_ عشان خرجت من بين مخالبكم حتى لو اترميت بمخالب الديابة هتكون ارحم منيكم.

سخرت  آسيا وتقدمت منها اكثر وهي تقول بشماته

_ متهيئلك، الناس دي مخالبهم مبترحمش، والرحمة متعرفش لقلوبهم طريق 

ومتنسيش إن أخوكي بين مخالبنا

بادلتها سخريتها وهي تنظر إليها بتحدي

_ ومين قالك إني هسيبه ليكم؟ أخوي هيكون معايا مطرح ما أروح وبكرة هفكرك


الصفحة التالية