-->

رواية جديدة ظلمات حصونه 2 لمنة أيمن - الفصل 32 - 2 - الخميس 25/1/2024

  

قراءة رواية ظلمات حصونه الجزء الثاني 

الإنتقال من الظلمة الى النور

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية ظلمات حصونه

الجزء الثاني

الإنتقال من الظلمة الى النور

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة منة أيمن



الفصل الثاني والثلاثون

2

تم النشر يوم الخميس

25/1/2024

❈-❈-❈


تحرك ليدلف الغرفة لتلاحظ تلك اليد التي يُمسك بها، لتجد "ديانة" تسير خلفه مباشرة، لتعود لها ابتسامتها الهاكمة التي هو يعرفها جيد وأضافت بمزيد من الثقة:


- بس بردو كنت عارفة إنك مش هتيجي من غيرها.


نظر نحو "ديانة" وكأنه يترجاها بنظراته أن يرحلا من هنا، ولكنها دعمته بنظراتها وكأنها تُخبره أن الأمر سيكون على ما يرام، ليعود لينظر مرة أخرى نحو "هناء" التي صاحت مُنادية إياه بصعوبة:


- قرب.


تحرك ببطئ شديد وكأنه يصارع نفسه كي يخطو كل خطوة نحوها، لتلاحظ "هناء" ذلك وضحكت بسخرية مُتذكرة خطواته الخائفة تلك عندما كانت تُنادية لتُعاقبه على أمرًا ما، لتهتف ساخرة من نفسها بنبرة لازعة قائلة:


- تعالى أقعد جمبي ومتخفش، مش هقدر أضربك زي زمان.


أغمض عينيه وكأنها حقًا صفعته ولكن تلك المرة ليس بيدها، بل بتلك الذكريات المؤلمة، تصلب جسده رغمًا عنه غضبًا مما ذكرته به، لتربط "ديانة" على ظهره بهدوء مُطمئنة إياه إنها لاتزال بجانبه.


فتح عينيه مرة أخرى وتحرك نحو "هناء" وبالفعل جلس بجانبها دون التفوه بأي كلمة، لتفاجئه "هناء" بسؤالها مُردفة بإهتمام:


- خايف مني ولا عليا يا جواد.


لم يعلم بماذا يُجاوبها، هو نفسه لا يعلم حقيقة ما يشعر به، ليتهرب من الاجابة على سؤالها مُرتدي قناع القوة مُرددًا بحدة دون أن تتأثر ملامحه:


- بابا قالي إنك طالبه تشوفيني.


لم يُكمل هو ولكنها هي فعلت مُضيفة بحزم:


- قبل ما أموت.


أبتسمت بإقتضاب وأكملت حديثها بمزيد من الإستفسار ولا تزال تتحدث بصعوبة وصوت منخفض ومبحوح:


- بس يا ترى أنت جيت ليه! حب ولا شفقة؟


أجابها بسرعة وثبات هاتفًا:


- واجب.


أغمضت عينيها بثقل وعادت لتفتحهم مرة أخرى بصعوبة وأردفت بصدق ومشاعر لأول مرة تكون صادقة:


- تعرف، أنت أكتر شخص أنا حبيته من بعد شرف، كنت دايمًا شيفاك أبني أنا مش أبن أختي، كنت شيفاك أبني اللي هيبقى شبهي ويجبلي حقي من اللي سرقت مني سعادتي.


نظرت نحو "ديانة" بمزيج من الحقد والكراهية لها ولوالدتها لسرقتهم جميع من أحبت وهتفت بكراهية:


- بس جيت بنتها وسرقتك مني زي أمها ما سرقت شرف مني زمان.


عادت لتنظر له مرة أخرى وتبدلت ملامحها من جديد لصدق والمحبة له مُردفة بإفصاح عن ذلك:


- بس أنا بردو بحبك وعشان كده كنت عايزه أخدك معايا وأنا بقع من على سطح الفيلا، بس تهاني مرديتش.


ضيق ما بين حاجبيه بتهجب مما قالت، ولكنه تذكر أن والده قال له إنها لم تعد واعية لما تقوله، وأن عقلها قد تأذى بشدة، ولكنها بدلت تفكيره ذلك عندما أكملت بتفسير:


- أيوه وأنا بشدك عشان تقع معايا، تهاني جيت وقفت جمبك بأخر منظر شوفتها بيه قبل ما تموت، وشها أبيض وشعرها مفرود على كتافها وعيونها مطفية، مسكت دراعك اللي أنا كنت بشدك منه وسحبته من إيدي ووقتها أنا وقعت.


التمعت عينيه بالدموع ولكنه بالكاد تحكم فى نفسه حتى لا يعود لذلك الشخص الضعيف أمامها مرة أخرى، لتستمر هي فى إلقاء باقي حديثها وكأنها تشعر إنه أخر حديث لها بهذه الحياة وهتفت بسعادة غير مُبررة:


- أنت عارف تهاني كل يوم عندي هنا وبتطمن عليا، هي اللي قالتلي أخليك تيجي عشان تشوفك، بس لو أعرف إنك هتجيب ديانة معاك، كنت خلتها تجيب شرف وهي جاية.


عادت لتنظر لـ"ديانة" من جديد ولكن هذه المرة بدون كراهية، بل بحماس ولهفة، ليتأكد كلاهما إنها حقًا لم تعد واعية لكل ما تفعله، وبمجرد لحظة عادت بحزنها مرة أخرى وهي توجه خديثها نحو "ديانة" مُردفة بإستياء:


- شرف مش بيرضي يجيلي، كل ما أسأل تهاني عليه مبتردش عليا، بس أكيد هيعرف إنك هنا وهيجي.


سقطت دموع "ديانة" من تلك الحالة التي وصلت لها تلك المرأة ولم تكن تعرف حقًا ماذا عليها أن تفعل، بينما "جواد" لايزال مُحافظًا على صمته وثباته بين حصون جمودة وقسوته التي تعلمها على يد تلك المرأة، ولكن عينيه التي تحولت للحمرة تفضح ما يُحاول إخفائه.


ازدادت ضربات قلب "هناء" وقد تغير صوت جهاز ضربات القلب بجانبها، وفجأة نظرت نحو نقطة فارغة أمامها وأبتسمت بسعادة وصاحت بلهفة:


- تهاني أنتي جيتي! جواد أهو يا تهاني جبته زي ما أنتي طلبتي.


هنا رغمًا عنه خانته دموعة وأنهالت من زرقاوتيه دون إرادته، ولم يستوعب عقله حقًا ما يحدث! هل حقا هي ترى والدته؟ ماذا يحدث؟ ماذا عليه أن يفعل! صراع من الأسئلة بداخله ولكنه من الخارج لايزال ثابتًا وكأنه تمثال من الحجر.


بينما وضعت "ديانة" يدها على فمها مُحاولة منع شهقاتها  وذلك لإدراكها أن "هناء" تحتضر الأن وهذه أول مرة ترى فيها شخصًا وهو يُفارق الحياة، بينما هتفت "هناء" بإستسلامًا وسعادة:


- خلاص يا جواد أنا ماشية، تهاني قالتلي إن جيه الوقت، أنا هبقى معاها هي وشرف.


تحشرجت أنفاسها فى صدرها وظلت تشهق لعدة مرات وجسدها يهتز بطريقة غريبة رغم إنها مُصابة بالشلل الكلي إلا إنها سكرات الموت، لتهمس بصعوبة بين شهقاتها موجهة حديثها نحو "جواد" قائلة:


- أبقى أفتكرني يا جواد، أنا مليش غيرك أنت، يا أبني..


صمط لسانها وأنفاسها وصاحت أصوات الأجهزة بجانبها مُعلنة عن توقف ضربات قلبها وصعود روحِها إلي الرفيق الأعلى، وهنا سقطت جميع حصون "جواد" وأنفجر باكيًا بحرقة وهو يُطالعها بمفاجأة وهلع مُرددًا بذعر:


- ماتت؟ ماتت يا ديانة، ماتت!


أسرعت "ديانة" فى إحتضانه وجذبه بعيدًا عن "هناء"، وبنفس اللحظة دلف الطبيب بلهفة ومعه إثنان من طقم التمريض بعد أن أستمعوا إلى صوت الاجهزة، ليتفحص "هناء" ورئية إن كان يستطيع فعل شيء، ولكنه وجدها حقا فارقت الحياة لينظر نحو "ديانة" وهز رأسه بأسى مُعلنًا عن الأمر:


- الباقية فى حياتكوا.


- لا.


صاح "جواد" بكثير من الصدمة والمفاجأة الممزوجة بالألم والحسرة على المُعاناة التي كان يُعانيها على يد تلك المرأة، التي وصفته الأن بأبنها، لم يكن يتوقع إنها ستموت، والأن، وأمام عينيه، خرج أخر نفس لها فى هذه الحياة وهي تُناديه بـ"أبني"، لما تتعمد دائمًا أن تؤلمة فى كل شيء، حتى بعد موتها؟ هل حقا ماتت!


خرج الطبيب ومن معه بعد أن طلبت منهم "ديانة" ذلك، لينهار "جواد" مرة أخرى وأخذ يبكي ويبكي ولا يعلم حقا سبب بكائه، أهو حزينًا على تلك المرأة أم حزينًا على نفسه، لتحتضنه "ديانة" مُحاولة التخفيف عنه ليُضيف بنحيب:


- هناء ماتت، ماتت وهي بتقولي يا أبني! طب لو أنا أبنها فعلا ليه كانت بتعمل فيه كده! ليه كانت بتعذبني ليه؟؟


ضمته "ديانة" أكثر إلى صدرها مُحاولة تهدئته وإخرجه من نوبة البكاء تلك مُردفة بحزم:


- خلاص يا جواد هي راحت وراح معاها كل اللي عملته، أنسى يا حبيبي أنسى وسامحها وأعملها خير يمكن ينفعها فى أخرتها.


تشبث بها بشدة وأعتصر عينيه بقوة وكأنه يُحاول السيطرة على تلك النغزة التي ضربت بقلبه مُردفًا بتمني:


- المهم ربنا اللي يسامحها.



الصفحة التالية